تفسير ابن كثر - سورة الكهف - الآية 18

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ ۚ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ ۖ وَكَلْبُهُم بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ ۚ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا (18) (الكهف) mp3
ذَكَرَ بَعْض أَهْل الْعِلْم أَنَّهُمْ لَمَّا ضَرَبَ اللَّه عَلَى آذَانهمْ بِالنَّوْمِ لَمْ تَنْطَبِق أَعْيُنهمْ لِئَلَّا يُسْرِع إِلَيْهَا الْبِلَى فَإِذَا بَقِيَتْ ظَاهِرَة لِلْهَوَاءِ كَانَ أَبْقَى لَهَا وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى " وَتَحْسَبهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُود " وَقَدْ ذُكِرَ عَنْ الذِّئْب أَنَّهُ يَنَام فَيُطْبِق عَيْنًا وَيَفْتَح عَيْنًا ثُمَّ يَفْتَح هَذِهِ وَيُطْبِق هَذِهِ وَهُوَ رَاقِد كَمَا قَالَ الشَّاعِر : يَنَام بِإِحْدَى مُقْلَتَيْهِ وَيَتَّقِي بِأُخْرَى الرَّزَايَا فَهُوَ يَقْظَان نَائِم وَقَوْله تَعَالَى " وَنُقَلِّبُهُمْ ذَات الْيَمِين وَذَات الشِّمَال " قَالَ بَعْض السَّلَف : يُقْلَبُونَ فِي الْعَام مَرَّتَيْنِ قَالَ اِبْن عَبَّاس : لَوْ لَمْ يُقْلَبُوا لَأَكَلَتْهُمْ الْأَرْض وَقَوْله " وَكَلْبهمْ بَاسِط ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ " قَالَ اِبْن عَبَّاس وَمُجَاهِد وَسَعِيد بْن جُبَيْر وَقَتَادَة الْوَصِيد الْفِنَاء وَقَالَ اِبْن عَبَّاس بِالْبَابِ وَقِيلَ بِالصَّعِيدِ وَهُوَ التُّرَاب وَالصَّحِيح أَنَّهُ بِالْفِنَاءِ وَهُوَ الْبَاب وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى " إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَة " أَيْ مُطْبَقَة مُغْلَقَة وَيُقَال وَصِيد وَأَصِيد رَبْض كَلْبهمْ عَلَى الْبَاب كَمَا جَرَتْ بِهِ عَادَة الْكِلَاب قَالَ اِبْن جُرَيْج : يَحْرُس عَلَيْهِمْ الْبَاب وَهَذَا مِنْ سَجِيَّته وَطَبِيعَته حَيْثُ يَرْبِض بِبَابِهِمْ كَأَنَّهُ يَحْرُسهُمْ وَكَانَ جُلُوسه خَارِج الْبَاب لِأَنَّ الْمَلَائِكَة لَا تَدْخُل بَيْتًا فِيهِ كَلْب كَمَا وَرَدَ فِي الصَّحِيح وَلَا صُورَة وَلَا جُنُب وَلَا كَافِر كَمَا وَرَدَ بِهِ الْحَدِيث الْحَسَن . وَشَمِلَتْ كَلْبهمْ فَأَصَابَهُ مَا أَصَابَهُمْ مِنْ النَّوْم عَلَى تِلْكَ الْحَال وَهَذَا فَائِدَة صُحْبَة الْأَخْيَار فَإِنَّهُ صَارَ لِهَذَا الْكَلْب ذِكْر وَخَبَر وَشَأْن وَقَدْ قِيلَ إِنَّهُ كَانَ كَلْب صَيْد لِأَحَدِهِمْ وَهُوَ الْأَشْبَه وَقِيلَ كَلْب طَبَّاخ الْمَلِك وَقَدْ كَانَ وَافَقَهُمْ عَلَى الدِّين وَصَحِبَهُ كَلْبه فَاَللَّه أَعْلَم . وَقَدْ رَوَى الْحَافِظ اِبْن عَسَاكِر فِي تَرْجَمَة هَمَّام بْن الْوَلِيد الدِّمَشْقِيّ : حَدَّثَنَا صَدَقَة بْن عُمَر الْغَسَّانِيّ حَدَّثَنَا عَبَّاد الْمِنْقَرِيّ سَمِعْت الْحَسَن الْبَصْرِيّ يَقُول : كَانَ اِسْم كَبْش إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام جَرِير وَاسْم هُدْهُد سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام عنفز وَاسْم كَلْب أَصْحَاب الْكَهْف قِطْمِير وَاسْم عِجْل بَنِي إِسْرَائِيل الَّذِي عَبَدُوهُ بهموت . وَهَبَطَ آدَم عَلَيْهِ السَّلَام بِالْهِنْدِ وَحَوَّاء بِجُدَّة وَإِبْلِيس بدست بيسان وَالْحَيَّة بِأَصْفَهَان وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْ شُعَيْب الْجُبَّائِيّ أَنَّهُ سَمَّاهُ حمران وَاخْتَلَفُوا فِي لَوْنه عَلَى أَقْوَال لَا حَاصِل لَهَا وَلَا طَائِل تَحْتهَا وَلَا دَلِيل عَلَيْهَا وَلَا حَاجَة إِلَيْهَا بَلْ هِيَ مِمَّا يُنْهَى عَنْهُ فَإِنَّ مُسْتَنَدهَا رَجْم بِالْغَيْبِ وَقَوْله تَعَالَى " لَوْ اِطَّلَعْت عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْت مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْت مِنْهُمْ رُعْبًا " أَيْ أَنَّهُ تَعَالَى أَلْقَى عَلَيْهِمْ الْمَهَابَة بِحَيْثُ لَا يَقَع نَظَر أَحَد عَلَيْهِمْ إِلَّا هَابَهُمْ لِمَا أُلْبِسُوا مِنْ الْمَهَابَة وَالذُّعْر لِئَلَّا يَدْنُو مِنْهُمْ أَحَد وَلَا تَمَسّهُمْ يَد لَامِس حَتَّى يَبْلُغ الْكِتَاب أَجَله وَتَنْقَضِي رَقْدَتهمْ الَّتِي شَاءَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَهُمْ لِمَا لَهُ فِي ذَلِكَ مِنْ الْحِكْمَة وَالْحُجَّة الْبَالِغَة وَالرَّحْمَة الْوَاسِعَة .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب بين المعارضين والمنصفين والمؤيدين

    دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب بين المعارضين والمنصفين والمؤيدين : رسالة لطيفة بين فيها الشيخ - حفظه الله - الصحيح من الأقوال حول هذه الدعوة، وان المسلم العاقل إذا أراد أن يعرف حقيقتها وجب عليه الرجوع إلى كتبها لا إلى أقوال أعدائها؛ ليكون عادلاً في حكمه.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/71247

    التحميل:

  • كيف نساعد أطفالنا على صيام رمضان؟

    كيف نساعد أطفالنا على صيام رمضان؟: إن الصوم مسؤولية جسمية لما يتطلَّبه من جهد ومشقة وصبر وقوة إرادة، وهو فريضة يُثاب فاعلها، ويُعاقب تاركها، ولا ينبغي أن ندَع أطفالنا حتى يُباغتهم الصوم دون أن يستعِدُّوا له؛ بل الواجب إعدادهم حتى يترقَّبوه بشوقٍ وشغَف، فكيف نجعل من لحظاتِ الصيام سعادة في قلوب أولادنا؟ وكيف نُصيِّر رمضان عُرسًا ينتظره أبناؤنا؟! وقد أعددنا في هذا الكتيب دليلاً علميًّا عمليًّا للتعامل التربوي الناجح مع هذه القضية المهمة في حياتنا، جمعناه من أقوال العلماء والأطباء والمهتمين بالتربية آمِلين أن يكون سبيلاً مباركًا لتربية أبنائنا على هذه العبادة العظيمة، وصولاً بهم إلى الصلاح المأمول والأمل المنشود.

    الناشر: دار طويق للنشر والتوزيع www.dartwaiq.com - موقع الكتيبات الإسلامية http://www.ktibat.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/344714

    التحميل:

  • جلاء الأفهام في فضل الصلاة والسلام على خير الأنام صلى الله عليه وسلم

    جلاء الأفهام في فضل الصلاة والسلام على خير الأنام صلى الله عليه وسلم : هذا كتاب فرد في معناه، لم يسبق الإمام ابن القيم إلى مثله في كثرة فوائده وغزارتها؛ بَيَّن فيه الأحاديث الواردة في الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم، وصحيحها من حسنها ومعلولها، وبين ما في معلولها من العلل بياناً شافياً ، ثم أسرار هذا الدعاء وشرفه، وما اشتمل عليه من الحكم والفوائد، ثم في مواطن الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم، ومحالها، ثم الكلام في مقدار الواجب منها، واختلاف أهل العلم فيه، وترجيح الراجح وتزييف المزيف.

    المدقق/المراجع: زائد بن أحمد النشيري

    الناشر: دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/265604

    التحميل:

  • أحكام الداخل في الإسلام

    أحكام الداخل في الإسلام : دراسة فقهية مقارنة، فيما عدا أحكام الأسرة، وهو بحث مقدم لنيل درجة الدكتوراة في الفقه الإسلامي من جامعة أم القرى بمكة المكرمة.

    الناشر: جامعة أم القرى بمكة المكرمة http://uqu.edu.sa

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/320710

    التحميل:

  • ضحايا الحب

    ضحايا الحب: يظن بعض الناس أن أصحاب الشريعة وأبناء الملة لا يعرفون الحب، ولا يقدرونه حق قدره، ولا يدرون ما هو، والحقيقة أن هذا وهم وجهل؛ بل الحب العامر أنشودة عذبة في أفواه الصادقين، وقصيدة جميلة في ديوان المحبين، ولكنه حب شريف عفيف، كتبه الصالحون بدموعهم، وسطره الأبرار بدمائهم، فأصبحت أسماؤهم في سجل الخلود معالم للفداء والتضحية والبسالة. وقصدتُ من هذه الرسالة الوقف مع القارئ على جوانب مشرقة، وأطلال موحشة في مسيرة الحب الطويلة، التي بدأها الإنسان في حياة الكبد والنكد، ليسمو إلى حياة الجمال والجلال والكمال، وسوف يمر بك ذكر لضحايا الحب وقتلاه، وستعرف المقصود مما أردت إذا قرأت، وتعلم ما نويت إذا طالعت.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/324352

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة