تفسير ابن كثر - سورة البقرة - الآية 232

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ ۗ ذَٰلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۗ ذَٰلِكُمْ أَزْكَىٰ لَكُمْ وَأَطْهَرُ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (232) (البقرة) mp3
قَالَ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة عَنْ اِبْن عَبَّاس نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِي الرَّجُل يُطَلِّق اِمْرَأَته طَلْقَة أَوْ طَلْقَتَيْنِ فَتَنْقَضِي عِدَّتهَا ثُمَّ يَبْدُو لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجهَا وَأَنَّ يُرَاجِعهَا وَتُرِيد الْمَرْأَة ذَلِكَ فَيَمْنَعهَا أَوْلِيَاؤُهَا مِنْ ذَلِكَ فَنَهَى اللَّه أَنْ يَمْنَعُوهَا . وَكَذَا رَوَى الْعَوْفِيّ عَنْهُ عَنْ اِبْن عَبَّاس أَيْضًا وَكَذَا قَالَ مَسْرُوق وَإِبْرَاهِيم النَّخَعِيّ وَالزُّهْرِيّ وَالضَّحَّاك : إِنَّهَا أُنْزِلَتْ فِي ذَلِكَ وَهَذَا الَّذِي قَالُوهُ ظَاهِرٌ مِنْ الْآيَة . وَفِيهَا دَلَالَة عَلَى أَنَّ الْمَرْأَة لَا تَمْلِكُ أَنْ تُزَوِّجَ نَفْسهَا وَأَنَّهُ لَا بُدَّ فِي النِّكَاح مِنْ وَلِيّ كَمَا قَالَهُ التِّرْمِذِيّ وَابْن جَرِير عِنْد هَذِهِ الْآيَة . كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيث " لَا تُزَوِّجُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ وَلَا تُزَوِّجُ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا فَإِنَّ الزَّانِيَةَ هِيَ الَّتِي تُزَوِّجُ نَفْسَهَا " وَفِي الْأَثَر الْآخَر" لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ مُرْشِد وَشَاهِدَيْ عَدْل " وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَة نِزَاع بَيْن الْعُلَمَاء مُحَرَّر فِي مَوْضِعه مِنْ كُتُب الْفُرُوع وَقَدْ قَرَّرْنَا ذَلِكَ فِي كِتَاب الْأَحْكَام وَلِلَّهِ الْحَمْد وَالْمِنَّة . وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ فِي مَعْقِل بْن يَسَار الْمُزَنِيّ وَأُخْته فَقَالَ الْبُخَارِيّ رَحِمَهُ اللَّه فِي كِتَابه الصَّحِيح عِنْد تَفْسِير هَذِهِ الْآيَة : حَدَّثَنَا عُبَيْد اللَّه بْن سَعِيد حَدَّثَنَا أَبُو عَامِر الْعَقَدِيّ حَدَّثَنَا عَبَّاد بْن رَاشِد حَدَّثَنَا الْحَسَن قَالَ حَدَّثَنِي مَعْقِل بْن يَسَار قَالَ : كَانَتْ لِي أُخْت تُخْطَب إِلَيَّ قَالَ الْبُخَارِيّ وَقَالَ إِبْرَاهِيم عَنْ يُونُس عَنْ الْحَسَن حَدَّثَنِي مَعْقِل بْن يَسَار وَحَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَر وَحَدَّثَنَا عَبْد الْوَارِث حَدَّثَنَا يُونُس عَنْ الْحَسَن أَنَّ أُخْت مَعْقِل بْن يَسَار طَلَّقَهَا زَوْجهَا فَتَرَكَهَا حَتَّى اِنْقَضَتْ عِدَّتهَا فَخَطَبَهَا فَأَبَى مَعْقِل فَنَزَلَتْ " فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجهنَّ " . وَهَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَهْ وَابْن أَبِي حَاتِم وَابْن جَرِير وَابْن مَرْدَوَيْهِ مِنْ طُرُق مُتَعَدِّدَة عَنْ الْحَسَن عَنْ مَعْقِل بْن يَسَار بِهِ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيّ أَيْضًا وَلَفْظه عَنْ مَعْقِل بْن يَسَار أَنَّهُ زَوَّجَ أُخْته رَجُلًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَلَى عَهْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَتْ عِنْده مَا كَانَتْ ثُمَّ طَلَّقَهَا تَطْلِيقَة لَمْ يُرَاجِعهَا حَتَّى اِنْقَضَتْ عِدَّتهَا فَهَوِيَهَا وَهَوِيَتْهُ ثُمَّ خَطَبَهَا مَعَ الْخُطَّاب فَقَالَ لَهُ يَا لُكَع بْن لُكَع أَكْرَمْتُك بِهَا وَزَوَّجْتُكهَا فَطَلَّقْتهَا وَاَللَّه لَا تَرْجِع إِلَيْك أَبَدًا آخِر مَا عَلَيْك قَالَ فَعَلِمَ اللَّه حَاجَته إِلَيْهَا وَحَاجَتهَا إِلَى بَعْلهَا فَأَنْزَلَ اللَّه " وَإِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ " إِلَى قَوْله " وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ " فَلَمَّا سَمِعَهَا مَعْقِل قَالَ : سَمْعًا لِرَبِّي وَطَاعَة ثُمَّ دَعَاهُ فَقَالَ أُزَوِّجك وَأُكْرِمك زَادَ اِبْن مَرْدَوَيْهِ : وَكَفَّرْت عَنْ يَمِينِي . وَرَوَى اِبْن جَرِير عَنْ اِبْن جُرَيْج قَالَ : هِيَ جَمِيلَة بِنْت يَسَار كَانَتْ تَحْت أَبِي البَّدَّاح . وَقَالَ سُفْيَان الثَّوْرِيّ : عَنْ أَبِي إِسْحَاق السَّبِيعِيّ قَالَ هِيَ فَاطِمَة بِنْت يَسَار وَهَكَذَا ذَكَرَ غَيْر وَاحِد مِنْ السَّلَف أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ فِي مَعْقِل بْن يَسَار وَأُخْته . وَقَالَ السُّدِّيّ : نَزَلَتْ فِي جَابِر بْن عَبْد اللَّه وَابْنَة عَمّ لَهُ وَالصَّحِيح الْأَوَّل وَاَللَّه أَعْلَم . وَقَوْله " ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ " أَيْ هَذَا الَّذِي نَهَيْنَاكُمْ عَنْهُ مِنْ مَنْع الْوَلَايَا أَنْ يَتَزَوَّجْنَ أَزْوَاجهنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنهمْ بِالْمَعْرُوفِ يَأْتَمِر بِهِ وَيَتَّعِظ بِهِ وَيَنْفَعِل لَهُ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ أَيّهَا النَّاس يُؤْمِن بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر أَيْ يُؤْمِن بِشَرْعِ اللَّه وَيَخَاف وَعِيد اللَّه وَعَذَابه فِي الدَّار الْآخِرَة وَمَا فِيهَا مِنْ الْجَزَاء ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَر أَيْ اِتِّبَاعكُمْ شَرْع اللَّه فِي رَدّ الْمُولِيَات إِلَى أَزْوَاجهنَّ وَتَرْك الْحَمِيَّة فِي ذَلِكَ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَر لِقُلُوبِكُمْ وَاَللَّه يَعْلَم أَيْ الْمَصَالِح فِيمَا يَأْمُر بِهِ وَيَنْهَى عَنْهُ " وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ " فِي أَيّ الْخِيَرَة فِيمَا تَأْتُونَ وَلَا فِيمَا تَذَرُونَ .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • كتاب التوحيد

    كتاب التوحيد: مما لا شك فيه أن علم العقيدة الإسلامية هو العلم الأساسي الذي تجدر العناية به تعلما وتعليما وعملا - بموجبه لتكون الأعمال صحيحة مقبولة عند الله نافعة للعاملين، خصوصا وأننا في زمان كثرت فيه التيارات المنحرفة: تيار الإلحاد، وتيار التصوف والرهبنة، وتيار القبورية الوثنية، وتيار البدع المخالفة للهدي النبوي. وكلها تيارات خطيرة ما لم يكن المسلم مسلحا بسلاح العقيدة الصحيحة المرتكزة على الكتاب والسنة وما عليه سلف الأمة؛ فإنه حري أن تجرفه تلك التيارات المضلة، وهذا مما يستدعي العناية التامة بتعليم العقيدة الصحيحة لأبناء المسلم أن من مصادرها الأصيلة؛ لذا فهذا كتاب في علم التوحيد، راعى فيه المصنف - حفظه الله - الاختصار مع سهولة العبارة، وقد اقتبسه من مصادر كثيرة من كتب أئمتنا الأعلام - ولا سيما كتب شيخ الإسلام ابن تيمية، وكتب العلامة ابن القيم، وكتب شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب وتلاميذه من أئمة الدعوة المباركة - رحمهم الله -.

    الناشر: موقع الإسلام http://www.al-islam.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/75915

    التحميل:

  • التفسير الفقهي في القيروان حتى القرن الخامس الهجري

    التفسير الفقهي في القيروان حتى القرن الخامس الهجري: رسالة مختصرة عن نوعٍ من أنواع التفسير في القيروان حتى القرن الخامس الهجري، وقد عرضَ المؤلف - حفظه الله - لوقت نشأة التفسير ومدارسه، وذكر أهم المؤلفات في هذا النوع من التفسير.

    الناشر: مكتبة التوبة للنشر والتوزيع

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/364165

    التحميل:

  • شرح الفتوى الحموية الكبرى [ صالح آل الشيخ ]

    الفتوى الحموية الكبرى لشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى : رسالة عظيمة في تقرير مذهب السلف في صفات الله - جل وعلا - كتبها سنة (698هـ) جواباً لسؤال ورد عليه من حماة هو: « ما قول السادة الفقهاء أئمة الدين في آيات الصفات كقوله تعالى: ﴿ الرحمن على العرش استوى ﴾ وقوله ( ثم استوى على العرش ) وقوله تعالى: ﴿ ثم استوى إلى السماء وهي دخان ﴾ إلى غير ذلك من الآيات، وأحاديث الصفات كقوله - صلى الله عليه وسلم - { إن قلوب بني آدم بين أصبعين من أصابع الرحمن } وقوله - صلى الله عليه وسلم - { يضع الجبار قدمه في النار } إلى غير ذلك، وما قالت العلماء فيه، وابسطوا القول في ذلك مأجورين إن شاء الله تعالى ».

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/322206

    التحميل:

  • خطب مختارة

    خطب مختارة : اختيار وكالة شؤون المطبوعات والنشر بوزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد. قدم لها معالي الشيخ عبد الله بن عبد المحسن التركي - حفظه الله - وزير الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد سابقاً.

    الناشر: وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد - موقع الإسلام http://www.al-islam.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/142667

    التحميل:

  • المنظار في بيان كثير من الأخطاء الشائعة

    المنظار في بيان كثير من الأخطاء الشائعة : هذه الرسالة تحتوي على نصائح وتنبيهات على مخالفات للشريعة، شاع غشيانها، وكثر الجهل بحكمها.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/167482

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة