تفسير ابن كثر - سورة الحج - الآية 59

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
لَيُدْخِلَنَّهُم مُّدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ ۗ وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ (59) (الحج) mp3
" لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ " أَيْ الْجَنَّة كَمَا قَالَ تَعَالَى " فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْح وَرَيْحَان وَجَنَّة نَعِيم " فَأَخْبَرَ أَنَّهُ يَحْصُل لَهُ الرَّاحَة وَالرِّزْق وَجَنَّة النَّعِيم كَمَا قَالَ هَهُنَا " لَيَرْزُقَنَّهُمْ اللَّه رِزْقًا حَسَنًا " ثُمَّ قَالَ " لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ اللَّه لَعَلِيم " أَيْ بِمَنْ يُهَاجِر وَيُجَاهِد فِي سَبِيله وَبِمَنْ يَسْتَحِقّ ذَلِكَ " حَلِيم " أَيْ يَحْلُم وَيَصْفَح وَيَغْفِر لَهُمْ الذُّنُوب وَيُكَفِّرهَا عَنْهُمْ بِهِجْرَتِهِمْ إِلَيْهِ وَتَوَكُّلهمْ عَلَيْهِ فَأَمَّا مَنْ قُتِلَ فِي سَبِيل اللَّه مِنْ مُهَاجِر أَوْ غَيْر مُهَاجِر فَإِنَّهُ حَيّ عِنْد رَبّه يُرْزَق كَمَا قَالَ تَعَالَى " وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيل اللَّه أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِنْد رَبّهمْ يُرْزَقُونَ " وَالْأَحَادِيث فِي هَذَا كَثِيرَة كَمَا تَقَدَّمَ وَأَمَّا مَنْ تُوُفِّيَ فِي سَبِيل اللَّه مِنْ مُهَاجِر أَوْ غَيْر مُهَاجِر فَقَدْ تَضَمَّنَتْ هَذِهِ الْآيَة الْكَرِيمَة مَعَ الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة إِجْرَاء الرِّزْق عَلَيْهِ وَعَظِيم إِحْسَان اللَّه إِلَيْهِ قَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الْمُسَيِّب بْن وَاضِح حَدَّثَنَا اِبْن الْمُبَارَك عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن شُرَيْح عَنْ اِبْن الْحَارِث - يَعْنِي عَبْد الْكَرِيم - عَنْ اِبْن عُقْبَة يَعْنِي أَبَا عُبَيْدَة بْن عُقْبَة قَالَ : قَالَ شُرَحْبِيل بْن السِّمْط : طَالَ رِبَاطنَا وَإِقَامَتنَا عَلَى حِصْن بِأَرْضِ الرُّوم فَمَرَّ بِي سَلْمَان يَعْنِي الْفَارِسِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ فَقَالَ : إِنِّي سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول " مَنْ مَاتَ مُرَابِطًا أَجْرَى اللَّه عَلَيْهِ مِثْل ذَلِكَ الْأَجْر وَأُجْرِيَ عَلَيْهِ الرِّزْق وَأَمِنَ مِنْ الْفَتَّانَيْنِ وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ" وَاَلَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيل اللَّه ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمْ اللَّه رِزْقًا حَسَنًا وَإِنَّ اللَّه لَهُوَ خَيْر الرَّازِقِينَ لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ اللَّه لَعَلِيم حَلِيم " وَقَالَ أَيْضًا حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَة حَدَّثَنَا زَيْد بْن بِشْر أَخْبَرَنِي هَمَّام أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا قَبِيل وَرَبِيعَة بْن سَيْف الْمَعَافِرِيّ يَقُولَانِ كُنَّا بِرُودِس وَمَعَنَا فَضَالَة بْن عُبَيْد الْأَنْصَارِيّ صَاحِب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَرَّ بِجِنَازَتَيْنِ إِحْدَاهُمَا قَتِيل وَالْأُخْرَى مُتَوَفًّى فَمَالَ النَّاس عَلَى الْقَتِيل فَقَالَ فَضَالَة مَا لِي أَرَى النَّاس مَالُوا مَعَ هَذَا وَتَرَكُوا هَذَا ؟ فَقَالُوا هَذَا الْقَتِيل فِي سَبِيل اللَّه فَقَالَ وَاَللَّه مَا أُبَالِي مِنْ أَيّ حُفْرَتَيْهِمَا بُعِثْت اِسْمَعُوا كِتَاب اللَّه " وَاَلَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيل اللَّه ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا " حَتَّى بَلَغَ آخِر الْآيَة وَقَالَ أَيْضًا حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا عَبْدَة بْن سُلَيْمَان أَنْبَأَنَا اِبْن الْمُبَارَك أَنْبَأَنَا اِبْن لَهِيعَة حَدَّثَنَا سَلَامَان بْن عَامِر الشَّيْبَانِيّ أَنَّ عَبْد الرَّحْمَن بْن جَحْدَم الْخَوْلَانِيّ حَدَّثَهُ أَنَّهُ حَضَرَ فَضَالَة بْن عُبَيْد فِي الْبَحْر مَعَ جِنَازَتَيْنِ أَحَدهمَا أُصِيبَ بِمَنْجَنِيقٍ وَالْآخَر تُوُفِّيَ فَجَلَسَ فَضَالَة بْن عُبَيْد عِنْد قَبْر الْمُتَوَفَّى فَقِيلَ لَهُ تَرَكْت الشَّهِيد فَلَمْ تَجْلِس عِنْده فَقَالَ مَا أُبَالِي مِنْ أَيّ حُفْرَتَيْهِمَا بُعِثْت إِنَّ اللَّه يَقُول " وَاَلَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيل اللَّه ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمْ اللَّه رِزْقًا حَسَنًا " الْآيَتَيْنِ فَمَا تَبْتَغِي أَيّهَا الْعَبْد إِذَا أُدْخِلْت مُدْخَلًا تَرْضَاهُ وَرُزِقْت رِزْقًا حَسَنًا وَاَللَّه مَا أُبَالِي مِنْ أَيّ حُفْرَتَيْهِمَا بُعِثْت . وَرَوَاهُ اِبْن جَرِير عَنْ يُونُس بْن عَبْد الْأَعْلَى عَنْ اِبْن وَهْب أَخْبَرَنِي عَبْد الرَّحْمَن بْن شُرَيْح عَنْ سَلَامَان بْن عَامِر قَالَ كَانَ فَضَالَة بِرُودِس أَمِيرًا عَلَى الْأَرْبَاع فَخَرَجَ بِجِنَازَتَيْ رَجُلَيْنِ أَحَدهمَا قَتِيل وَالْآخَر مُتَوَفًّى فَذَكَرَ نَحْو مَا تَقَدَّمَ . وَقَوْله " ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ " الْآيَة ذَكَرَ مُقَاتِل بْن حَيَّان وَابْن جَرِير أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي سَرِيَّة مِنْ الصَّحَابَة لَقَوْا جَمْعًا مِنْ الْمُشْرِكِينَ فِي شَهْر مُحَرَّم فَنَاشَدَهُمْ الْمُسْلِمُونَ لِئَلَّا يُقَاتِلُوهُمْ فِي الشَّهْر الْحَرَام فَأَبَى الْمُشْرِكُونَ إِلَّا قِتَالهمْ وَبَغَوْا عَلَيْهِمْ فَقَاتَلَهُمْ الْمُسْلِمُونَ فَنَصَرَهُمْ اللَّه عَلَيْهِمْ" إِنَّ اللَّه لَعَفُوّ غَفُور " .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • معالم في طلب العلم

    معالم في طلب العلم: ذكر المؤلف في هذا الكتاب بعض المعالم المهمة لكل طالب علمٍ ليهتدي بها في طريقه في طلبه للعلم؛ من ناحية إخلاصه، وهمته في الطلب، وما ينبغي أن يكون عليه خُلُق طالب العلم مع نفسه، وأهله، ومشايخه، وأقرانه، وما يجب عليه من الصبر في تحمل المشاق والصعاب في تعلُّم العلم وحمل هذه الأمانة، وعرَّج على وجوب الدعوة بهذا العلم تأسيًا بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، وختم رسالته بتذكير طلبة العلم ببعض المواقف والأقوال للسلف الصالح - رحمهم الله - لتكون مناراتٍ تُضِيء الطريق لديهم.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/287914

    التحميل:

  • وسائل الدعوة إلى الله تعالى في شبكة المعلومات الدولية [ الإنترنت ] وكيفية استخداماتها الدعوية

    وسائل الدعوة إلى الله تعالى في شبكة المعلومات الدولية [ الإنترنت ] وكيفية استخداماتها الدعوية: هذا الكتاب هو الباب الأول من الرسالة التي حصل بها الباحث على درجة الدكتوراه في الدعوة والاحتساب من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/117055

    التحميل:

  • العالم العابد الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن قاسم [ حياته وسيرته ومؤلفاته ]

    العالم العابد الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن قاسم [ حياته وسيرته ومؤلفاته ] : رتبت هذه الرسالة على النحو الآتي: أولاً: عرض لمولده ونشأته. وثانيًا: رحلته في طلب العلم. وثالثًا: حياته العلمية. ورابعًا: حياته العملية وعرض لمؤلفاته مع مقتطفات للتعريف بها. وخامسًا: سجاياه وصفاته وعبادته. وسادسًا: محبة العلماء له. وسابعًا: فوائد من أقواله وكتبه. وثامنًا: وفاته ووصيته. وتاسعًا: ما قيل فيه شعرًا ونثرًا.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/229632

    التحميل:

  • شؤم المعصية وأثره في حياة الأمة من الكتاب والسنة

    كتاب يتحدث عن آثار المعاصي على الكون والأحياء، وذلك في عدة فصول منها: منشأ المعاصي وأسبابها، أثر المعصية في الأمم السابقة، أثر المعصية في أمة محمد - صلى الله عليه وسلم -، أمور خطيرة لايفطن لها العبد شؤمها شنيع ووقوعها سريع، أثر المعصية على العبد وأثار تركها، كيف تتوب وتحمي نفسك من المعاصي؟ المخرج من شؤم المعصية.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/57989

    التحميل:

  • التذكرة في أحكام المقبرة العقدية والفقهية

    التذكرة في أحكام المقبرة العقدية والفقهية: قال المؤلف: «فإن أحكام المقبرة وما يجب لأهلها، وما يُشرع وما لا يُشرع لزائرها قد خفِيَ على كثير من المسلمين، فحصل من بعضهم الغلو في بعض المقبورين حتى جعَلوهم شركاء مع الله في عبادته، وحصل من آخرين التفريط والتساهل فيما للمقبورين من حقوق، فامتهنوا قبورهم، وانتهكوا حُرماتهم. فجمعتُ رسالةً مختصرةً مما كتبه أهل العلم قديمًا وحديثًا، لعلها تكون سببًا مباركًا لمعرفة كثير من الأحكام العقدية والفقهية المتعلِّقة بالمقبرة والمقبورين، وسمَّيتها: «التذكرة في أحكام المقبرة العقدية والفقهية»، رتَّبتُ مسائلها حسب الواقع المُشاهَد; فابتدأتُ بتعريف المقبرة، وبعض المسائل المتعلِّقة بذكر الموت، والاستعداد له، وبالوصية بالدفن، ثم بأرض المقبرة وما يتبعها، ثم مسائل تشييع الجنازة، والدفن وما بعده، وآداب زيارة القبور، ثم ما يقع من الشرك والبدع ... وأفردتُ مسائل خاصة بقبر النبي - صلى الله عليه وسلم - وما يحدث حوله، وختمتها بمسائل متعلِّقة بالكفَّار ودفنهم». - قدَّم للكتاب: فضيلة الشيخ العلامة عبد الرحمن بن ناصر البراك - حفظه الله -.

    الناشر: الجمعية العلمية السعودية لعلوم العقيدة والأديان والفرق والمذاهب www.aqeeda.org

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/333186

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة