تفسير ابن كثر - سورة آل عمران - الآية 146

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146) (آل عمران) mp3
قَالَ تَعَالَى مُسَلِّيًا لِلْمُؤْمِنِينَ عَمَّا كَانَ وَقَعَ فِي نُفُوسهمْ يَوْم أُحُد " وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِير " قِيلَ : مَعْنَاهُ كَمْ مِنْ نَبِيّ قُتِلَ وَقُتِلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ مِنْ أَصْحَابه كَثِير وَهَذَا الْقَوْل هُوَ اِخْتِيَار اِبْن جَرِير فَإِنَّهُ قَالَ : وَأَمَّا الَّذِينَ قَرَءُوا " قَتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِير " فَإِنَّهُمْ قَالُوا : إِنَّمَا عَنَى بِالْقَتْلِ النَّبِيّ وَبَعْض مَنْ مَعَهُ مِنْ الرِّبِّيِّينَ دُون جَمِيعهمْ وَإِنَّمَا نَفَى الْوَهَن وَالضَّعْف عَمَّنْ بَقِيَ مِنْ الرِّبِّيِّينَ مِمَّنْ لَمْ يَقْتُل قَالَ : وَمَنْ قَرَأَ " قَاتَلَ " فَإِنَّهُ اِخْتَارَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ قَالَ : لَوْ قُتِلُوا لَمْ يَكُنْ لِقَوْلِ اللَّه " فَمَا وَهَنُوا " وَجْه مَعْرُوف لِأَنَّهُ يَسْتَحِيل أَنْ يُوصَفُوا بِأَنَّهُمْ لَمْ يَهِنُوا وَلَمْ يَضْعُفُوا بَعْد مَا قُتِلُوا ثُمَّ اِخْتَارَ قِرَاءَة مَنْ قَرَأَ " قَتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِير " لِأَنَّ اللَّه عَاتَبَ بِهَذِهِ الْآيَات وَاَلَّتِي قَبْلهَا مَنْ اِنْهَزَمَ يَوْم أُحُد وَتَرَكُوا الْقِتَال لَمَّا سَمِعُوا الصَّائِح يَصِيح بِأَنَّ مُحَمَّدًا قَدْ قُتِلَ فَعَذَلَهُمْ اللَّه عَلَى فِرَارهمْ وَتَرْكِهِمْ الْقِتَال فَقَالَ لَهُمْ " أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ" أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ اِرْتَدَدْتُمْ عَنْ دِينكُمْ وَ " اِنْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابكُمْ " وَقِيلَ : وَكَمْ مِنْ نَبِيّ قُتِلَ بَيْن يَدَيْهِ مِنْ أَصْحَابه رِبِّيُّونَ كَثِير . وَكَلَام اِبْن إِسْحَق فِي السِّيرَة يَقْتَضِي قَوْلًا آخَر فَإِنَّهُ قَالَ وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيّ أَصَابَهُ الْقَتْل وَمَعَهُ رِبِّيُّونَ أَيْ جَمَاعَات فَمَا وَهَنُوا بَعْد نَبِيّهمْ وَمَا ضَعُفُوا عَنْ عَدُوّهُمْ وَمَا اِسْتَكَانُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي الْجِهَاد عَنْ اللَّه وَعَنْ دِينهمْ وَذَلِكَ الصَّبْر " وَاَللَّه يُحِبّ الصَّابِرِينَ " فَجَعَلَ قَوْله " مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِير " حَالًا وَقَدْ نَصَرَ هَذَا الْقَوْل السُّهَيْلِيّ وَبَالَغَ فِيهِ وَلَهُ اِتِّجَاه لِقَوْلِهِ " فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ " الْآيَة وَكَذَا حَكَاهُ الْأُمَوِيّ فِي مَغَازِيه عَنْ كِتَاب مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم وَلَمْ يَحْكِ غَيْره وَقَرَأَ بَعْضهمْ " قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِير " أَيْ أُلُوف وَقَالَ اِبْن عَبَّاس وَمُجَاهِد وَسَعِيد بْن جُبَيْر وَعِكْرِمَة وَالْحَسَن وَقَتَادَة وَالسُّدِّيّ وَالرَّبِيع وَعَطَاء الْخُرَاسَانِيّ : الرِّبِّيُّونَ الْجُمُوع الْكَثِيرَة وَقَالَ عَبْد الرَّزَّاق عَنْ مَعْمَر عَنْ الْحَسَن " رِبِّيُّونَ كَثِير " أَيْ عُلَمَاء كَثِير وَعَنْهُ أَيْضًا : عُلَمَاء صُبُر أَيْ أَبْرَار أَتْقِيَاء. وَحَكَى اِبْن جَرِير عَنْ بَعْض نُحَاة الْبَصْرَة أَنَّ الرِّبِّيِّينَ هُمْ الَّذِينَ يَعْبُدُونَ الرَّبّ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ وَرَدَّ بَعْضهمْ عَلَيْهِ فَقَالَ : لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَقِيلَ الرَّبِّيُّونَ بِفَتْحِ الرَّاء وَقَالَ اِبْن زَيْد : الرِّبِّيُّونَ الْأَتْبَاع وَالرَّعِيَّة وَالرَّبَّانِيُّونَ الْوُلَاة " فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيل اللَّه وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اِسْتَكَانُوا " قَالَ قَتَادَةُ وَالرَّبِيع بْن أَنَس : " وَمَا ضَعُفُوا " بِقَتْلِ نَبِيّهمْ " وَمَا اِسْتَكَانُوا " يَقُول : فَمَا اِرْتَدُّوا عَنْ نُصْرَتِهِمْ وَلَا عَنْ دِينهمْ أَنْ قَاتَلُوا عَلَى مَا قَاتَلَ عَلَيْهِ نَبِيّ اللَّه حَتَّى لَحِقُوا بِاَللَّهِ وَقَالَ اِبْن عَبَّاس " وَمَا اِسْتَكَانُوا " تَخَشَّعُوا وَقَالَ اِبْن زَيْد : وَمَا ذَلُّوا لِعَدُوِّهِمْ وَقَالَ مُحَمَّد بْن إِسْحَق وَالسُّدِّيّ وَقَتَادَة : أَيْ مَا أَصَابَهُمْ ذَلِكَ حِين قُتِلَ نَبِيّهمْ .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • مجمل أصول أهل السنة والجماعة في العقيدة

    مجمل أصول أهل السنة والجماعة في العقيدة: هذا الكتاب يعرض عقيدة السلف وقواعدها، بعبارة موجزة وأسلوب واضح، مع التزام الألفاظ الشرعية المأثورة عن الأئمة قدر الإمكان.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/205065

    التحميل:

  • شرح منهج الحق [ منظومة في العقيدة والأخلاق ]

    شرح منهج الحق [ منظومة في العقيدة والأخلاق ]: قال المُصنِّف - حفظه الله -: «فهذه أبياتٌ عظيمةٌ ومنظومةٌ نافعةٌ للإمام العلامة الفقيه المُفسِّر المُحقِّق عبد الله بن ناصر بن عبد الله بن ناصر ابن سعدي - رحمه الله تعالى وغفر له -، حَوَت خيرًا كثيرًا، وفوائدَ عظيمةً في بيان «المنهج الحق» الذي ينبغي أن يلزَمَه المُسلمُ عقيدةً وعبادةً وخُلُقًا، وقد نظَمَها - رحمه الله - في وقتٍ مُبكِّر من حياته .. وقرَّرَ فيها من المعاني العَظيمة والحقائق الجليلة، والتفاصيل النافعة التي لا غِنَى للمُسلم عنها، ولم يرِد تسميةٌ لها من ناظِمها - رحمه الله -، وإنما أُخِذ هذا الاسمُ من قوله في مُستهلِّها: «فيا سائلاً عن مهجِ الحقِّ»، وقد بدأها - رحمه الله بحثِّ من يرجُو لنفسه السعادةَ وينشُدُ لها الفوزَ في الدنيا والآخرة أن يُحسِنَ التأمُّلَ في مضامينها وما حوَتْه من خيرٍ عظيمٍ».

    الناشر: موقع الشيخ عبد الرزاق البدر http://www.al-badr.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/381123

    التحميل:

  • الفتوحات الإسلامية بين الآل والأصحاب [ حقائق وشبهات ]

    الفتوحات الإسلامية بين الآل والأصحاب [ حقائق وشبهات ]: في هذه الرسالة أورد المؤلِّف ما نصَّ عليه المُؤرِّخون وأصحاب السير على مشاركة الآل مع الصحابة في الفتوحات والمعارك؛ مما يدل على العلاقة الطيبة بين الآل والأصحاب - رضي الله عنهم -.

    الناشر: مركز البحوث في مبرة الآل والأصحاب http://www.almabarrah.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/380430

    التحميل:

  • مفسدات القلوب [ النفاق ]

    وصف النبي المنافق بالغدر والخيانة والكذب والفجور; لأن صاحبه يظهر خلاف ما يبطن; فهو يدعي الصدق وهو يعلم أنه كاذب; ويدعي الأمانة وهو يعلم أنه خائن; ويدعي المحافظة على العهد وهو غادر به; ويرمي خصومه بالافتراءات وهو يعلم أنه فاجر فيها; فأخلاقه كلها مبنية على التدليس والخداع; ويخشى على من كانت هذه حاله أن يبتلى بالنفاق الأكبر.

    الناشر: موقع الشيخ محمد صالح المنجد www.almunajjid.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/340010

    التحميل:

  • التنصير تعريفه أهدافه وسائله حسرات المنصرين

    في هذا الكتاب تعريف التنصير وبيان أهدافه ووسائله مع ذكر حسرات المنصرين.

    الناشر: موقع الإسلام http://www.al-islam.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/117117

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة