تفسير ابن كثر - سورة آل عمران - الآية 180

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَّهُم ۖ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ ۖ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۗ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (180) (آل عمران) mp3
قَوْله تَعَالَى " وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمْ اللَّه مِنْ فَضْله هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرّ لَهُمْ " أَيْ لَا يَحْسَبَنَّ الْبَخِيل أَنَّ جَمْعه الْمَال يَنْفَعهُ بَلْ هُوَ مَضَرَّة عَلَيْهِ فِي دِينه وَرُبَّمَا كَانَ فِي دُنْيَاهُ. ثُمَّ أَخْبَرَ بِمَآلِ أَمْر مَاله يَوْم الْقِيَامَة فَقَالَ " سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْم الْقِيَامَة " قَالَ الْبُخَارِيّ : حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن مُنِير سَمِعَ أَبَا النَّضْر حَدَّثَنَا عَبْد الرَّحْمَن هُوَ اِبْن عَبْد اللَّه بْن دِينَار عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي صَالِح عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " مَنْ آتَاهُ اللَّه مَالًا فَلَمْ يُؤَدِّ زَكَاته مُثِّلَ لَهُ شُجَاعًا أَقْرَع لَهُ زَبِيبَتَانِ يُطَوَّقهُ يَوْم الْقِيَامَة يَأْخُذ بِلِهْزِمَتَيْهِ - يَعْنِي بِشِدْقَيْهِ - يَقُول : أَنَا مَالُك أَنَا كَنْزك " ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَة " وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمْ اللَّه مِنْ فَضْله هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرّ لَهُمْ " إِلَى آخِر الْآيَة . تَفَرَّدَ بِهِ الْبُخَارِيّ دُون مُسْلِم مِنْ هَذَا الْوَجْه وَقَدْ رَوَاهُ اِبْن حِبَّان فِي صَحِيحه مِنْ طَرِيق اللَّيْث بْن سَعْد عَنْ مُحَمَّد بْن عَجْلَان عَنْ الْقَعْقَاع بْن حَكِيم عَنْ أَبِي صَالِح بِهِ . " حَدِيث آخَر " قَالَ الْإِمَام أَحْمَد : حَدَّثَنَا حُجَيْن بْن الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْد الْعَزِيز بْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي سَلَمَة عَنْ عَبْد اللَّه بْن دِينَار عَنْ اِبْن عُمَر عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " إِنَّ الَّذِي لَا يُؤَدِّي زَكَاة مَاله يُمَثَّل لَهُ مَاله يَوْم الْقِيَامَة شُجَاعًا أَقْرَع لَهُ زَبِيبَتَانِ ثُمَّ يَلْزَمهُ يُطَوَّقهُ يَقُول : أَنَا مَالُك أَنَا كَنْزك " وَهَكَذَا رَوَاهُ النَّسَائِيّ عَنْ الْفَضْل بْن سَهْل عَنْ أَبِي النَّضْر هَاشِم بْن الْقَاسِم عَنْ عَبْد الْعَزِيز بْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي سَلَمَة بِهِ ثُمَّ قَالَ النَّسَائِيّ : وَرِوَايَة عَبْد الْعَزِيز عَنْ عَبْد اللَّه بْن دِينَار عَنْ اِبْن عُمَر أَثْبَت مِنْ رِوَايَة عَبْد الرَّحْمَن عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْد اللَّه بْن دِينَار عَنْ أَبِي صَالِح عَنْ أَبَى هُرَيْرَة " قُلْت " وَلَا مُنَافَاة بَيْن الرِّوَايَتَيْنِ فَقَدْ يَكُون عِنْد عَبْد اللَّه بْن دِينَار مِنْ الْوَجْهَيْنِ وَاَللَّه أَعْلَم وَقَدْ سَاقَهُ الْحَافِظ أَبُو بَكْر بْن مَرْدُوَيه مِنْ غَيْر وَجْه عَنْ أَبِي صَالِح عَنْ أَبِي هُرَيْرَة . وَمِنْ حَدِيث مُحَمَّد بْن حُمَيْد عَنْ زِيَاد الْخَطْمِيّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة بِهِ . " حَدِيث آخَر " قَالَ الْإِمَام أَحْمَد : حَدَّثَنَا سُفْيَان عَنْ جَامِع عَنْ أَبِي وَائِل عَنْ عَبْد اللَّه عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " مَا مِنْ عَبْد لَا يُؤَدِّي زَكَاة مَاله إِلَّا جُعِلَ لَهُ شُجَاع أَقْرَع يَتْبَعهُ يَفِرّ مِنْهُ فَيَتْبَعهُ فَيَقُول أَنَا كَنْزك " ثُمَّ قَرَأَ عَبْد اللَّه مِصْدَاقه مِنْ كِتَاب اللَّه " سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْم الْقِيَامَة " . وَهَكَذَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَهْ مِنْ حَدِيث سُفْيَان بْن عُيَيْنَةَ عَنْ جَامِع بْن أَبِي رَاشِد زَادَ التِّرْمِذِيّ : وَعَبْد الْمَلِك بْن أَعْيَن كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي وَائِل شَقِيق بْن سَلَمَة عَنْ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود بِهِ وَقَالَ التِّرْمِذِيّ : حَسَن صَحِيح . وَقَدْ رَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْرَكه مِنْ حَدِيث أَبِي بَكْر بْن عَيَّاش وَسُفْيَان الثَّوْرِيّ كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي إِسْحَق السَّبِيعِيّ عَنْ أَبِي وَائِل عَنْ اِبْن مَسْعُود بِهِ وَرَوَاهُ اِبْن جَرِير مِنْ غَيْر وَجْه عَنْ اِبْن مَسْعُود مَوْقُوفًا . " حَدِيث آخَر " قَالَ الْحَافِظ أَبُو يَعْلَى : حَدَّثَنَا أُمَيَّة بْن بِسْطَام حَدَّثَنَا يَزِيد بْن زُرَيْع حَدَّثَنَا سَعِيد عَنْ قَتَادَة عَنْ سَالِم بْن أَبِي الْجَعْد عَنْ مَعْدَان بْن أَبِي طَلْحَة عَنْ ثَوْبَان عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " مَنْ تَرَكَ بَعْده كَنْزًا مُثِّلَ لَهُ شُجَاعًا أَقْرَع لَهُ زَبِيبَتَانِ يَتْبَعهُ فَيَقُول : مَنْ أَنْتَ وَيْلَكَ فَيَقُول : أَنَا كَنْزك الَّذِي خَلَّفْت بَعْدك فَلَا يَزَال يَتْبَعهُ حَتَّى يُلْقِمهُ يَده فَيَقْضِمهَا ثُمَّ يَتْبَع سَائِر جَسَده " إِسْنَاده جَيِّد قَوِيّ وَلَمْ يُخَرِّجُوهُ . وَقَدْ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ عَنْ جَرِير بْن عَبْد اللَّه الْبَجَلِيّ وَرَوَاهُ اِبْن جَرِير وَابْن مَرْدُوَيه مِنْ حَدِيث بَهْزِ بْن حَكِيم عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّه عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " لَا يَأْتِي الرَّجُل مَوْلَاهُ فَيَسْأَلهُ مِنْ فَضْل مَاله عِنْده فَيَمْنَعهُ إِيَّاهُ إِلَّا دَعَا لَهُ يَوْم الْقِيَامَة شُجَاعًا يَتَلَمَّظ فَضْله الَّذِي مَنَعَ " لَفْظ اِبْن جَرِير وَقَالَ اِبْن جَرِير حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْد الْأَعْلَى حَدَّثَنَا دَاوُدَ عَنْ أَبِي قَزَعَة عَنْ رَجُل عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " مَا مِنْ ذِي رَحِم يَأْتِي ذَا رَحِمَهُ فَيَسْأَلهُ مِنْ فَضْل جَعَلَهُ اللَّه عِنْده فَيَبْخَل بِهِ عَلَيْهِ إِلَّا خَرَجَ لَهُ مِنْ جَهَنَّم شُجَاع يَتَلَمَّظ حَتَّى يُطَوَّقهُ " . ثُمَّ رَوَاهُ مِنْ طَرِيق أُخْرَى عَنْ أَبِي قَزَعَة وَاسْمه حُجْر بْن بَيَان عَنْ أَبِي مَالِك الْعَبْدِيّ مَوْقُوفًا وَرَوَاهُ مِنْ وَجْه آخَر عَنْ أَبِي قَزَعَة مُرْسَلًا . وَقَالَ الْعَوْفِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس : نَزَلَتْ فِي أَهْل الْكِتَاب الَّذِينَ بَخِلُوا بِمَا فِي أَيْدِيهمْ مِنْ الْكُتُب الْمُنَزَّلَة أَنْ يُبَيِّنُوهَا رَوَاهُ اِبْن جَرِير وَالصَّحِيح الْأَوَّل وَإِنْ دَخَلَ هَذَا فِي مَعْنَاهُ وَقَدْ يُقَال : إِنَّ هَذَا أَوْلَى بِالدُّخُولِ وَاَللَّه سُبْحَانه وَتَعَالَى أَعْلَم. وَقَوْله تَعَالَى " وَلِلَّهِ مِيرَاث السَّمَوَات وَالْأَرْض " أَيْ فَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَإِنَّ الْأُمُور كُلّهَا مَرْجِعهَا إِلَى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : فَقَدِّمُوا مِنْ أَمْوَالكُمْ مَا يَنْفَعكُمْ يَوْم مَعَادكُمْ " وَاَللَّه بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِير " أَيْ بِنِيَّاتِكُمْ وَضَمَائِركُمْ .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • فضائل الكلمات الأربع

    فضائل الكلمات الأربع: رسالةٌ في فضل الكلمات الأربع: (سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر)، مُستلَّةٌ من كتاب المؤلف - حفظه الله -: «فقه الأدعية والأذكار».

    الناشر: موقع الشيخ عبد الرزاق البدر http://www.al-badr.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/316776

    التحميل:

  • معالم في طريق طلب العلم

    معالم في طريق طلب العلم : رسالة قيمة تحتوي على بعض الآداب التي ينبغي أن يتحلى بها طالب العلم، مع بعض ما يستعين به على التحصيل ويتحلى به في حياته، وبعض السبل والوسائل التي تمكنه من نيل المطلوب، وما يتجنبه من الأخلاق الدنيئة والسمات الرذيلة، وغير ذلك.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/307785

    التحميل:

  • معين الملهوف لمعرفة أحكام صلاة الكسوف

    معين الملهوف لمعرفة أحكام صلاة الكسوف : شرع الله - سبحانه وتعالى - صلاة الكسوف التجاء إليه - سبحانه - عند حدوث الكسوف للشمس أو للقمر، وقد حث على الدعاء والصدقة فيها على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وهذه الصلاة فيها من الأحكام ما ينبغي على المسلم معرفتها إذا أداها، ولتكون على هدي النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفي هذه الرسالة بيان بعض أحكامها. قدم لها : الشيخ خالد بن علي المشيقح، و الشيخ عبد الله بن مانع العتيبي - حفظهما الله -.

    الناشر: شبكة الألوكة http://www.alukah.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/166791

    التحميل:

  • الخوف من الله وأحوال أهله

    الخوف من الله وأحوال أهله : الخوف من الله تعالى سمة المؤمنين، وآية المتقين، وديدن العارفين، خوف الله تعالى في الدنيا طريقٌ للأمن في الآخرة، وسببٌ للسعادة في الدارين، فالخائف من الله تعالى عاقبته الأمن والسلام، وثوابه أن يظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، ذكر - صلى الله عليه وآله وسلم – السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم القيامة فذكر منهم:{ رجلا دعته امرأة ذات حسن وجمال فقال: إني أخاف الله رب العالمين }، وذكر منهم:{ رجلا ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه}. وفي هذا الكتاب بيان لبعض أدلة الترغيب في الخوف من القرآن والسنة، مع ذكر أقوال السلف في ذلك، وبيان بعض احوالهم، ثم بيان بعض علامات وأسباب وثمرات الخوف من الله - عز وجل -.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/67387

    التحميل:

  • قواعد الرقية الشرعية

    قواعد الرقية الشرعية: كتاب يتحدث عن القواعد الأساسية للعلاج بالرقية الشرعية المستمدة من القرآن الكريم والسنة النبوية مع أمثلة واقعية عن تأثيرها.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/233611

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة