تفسير ابن كثر - سورة المائدة - الآية 55

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55) (المائدة) mp3
قَوْله تَعَالَى " إِنَّمَا وَلِيّكُمْ اللَّه وَرَسُوله وَاَلَّذِينَ آمَنُوا" أَيْ لَيْسَ الْيَهُود بِأَوْلِيَائِكُمْ بَلْ وِلَايَتكُمْ رَاجِعَة إِلَى اللَّه وَرَسُوله وَالْمُؤْمِنِينَ وَقَوْله " الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاة وَيُؤْتُونَ الزَّكَاة " أَيْ الْمُؤْمِنُونَ الْمُتَّصِفُونَ بِهَذِهِ الصِّفَات مِنْ إِقَام الصَّلَاة الَّتِي هِيَ أَكْبَر أَرْكَان الْإِسْلَام وَهِيَ عِبَادَة اللَّه وَحْده لَا شَرِيك لَهُ وَإِيتَاء الزَّكَاة الَّتِي هِيَ حَقّ الْمَخْلُوقِينَ وَمُسَاعَدَة لِلْمُحْتَاجِينَ مِنْ الضُّعَفَاء وَالْمَسَاكِين وَأَمَّا قَوْله " وَهُمْ رَاكِعُونَ" فَقَدْ تَوَهَّمَ بَعْض النَّاس أَنَّ هَذِهِ الْجُمْلَة فِي مَوْضِع الْحَال مِنْ قَوْله " وَيُؤْتُونَ الزَّكَاة " أَيْ فِي حَال رُكُوعهمْ وَلَوْ كَانَ هَذَا كَذَلِكَ لَكَانَ دَفْع الزَّكَاة فِي حَال الرُّكُوع أَفْضَلَ مِنْ غَيْره لِأَنَّهُ مَمْدُوح وَلَيْسَ الْأَمْر كَذَلِكَ عِنْد أَحَد مِنْ الْعُلَمَاء مِمَّنْ نَعْلَمهُ مِنْ أَئِمَّة الْفَتْوَى وَحَتَّى إِنَّ بَعْضهمْ ذَكَرَ فِي هَذَا أَثَرًا عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ فِيهِ وَذَلِكَ أَنَّهُ مَرَّ بِهِ سَائِل فِي حَال رُكُوعه فَأَعْطَاهُ خَاتَمه وَقَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا الرَّبِيع بْن سُلَيْمَان الْمُرَادِيّ حَدَّثَنَا أَيُّوب بْن سُوَيْد عَنْ عُتْبَة بْن أَبِي حَكِيم فِي قَوْله " إِنَّمَا وَلِيّكُمْ اللَّه وَرَسُوله وَاَلَّذِينَ آمَنُوا " قَالَ هُمْ الْمُؤْمِنُونَ وَعَلِيّ بْن أَبِي طَالِب . وَحَدَّثَنَا أَبُو سَعِيد الْأَشَجّ حَدَّثَنَا الْفَضْل بْن دُكَيْن أَبُو نُعَيْم الْأَحْوَل حَدَّثَنَا مُوسَى بْن قَيْس الْحَضْرَمِيّ عَنْ سَلَمَة بْن كُهَيْل قَالَ تَصَدَّقَ عَلِيّ بِخَاتَمِهِ وَهُوَ رَاكِع فَنَزَلَتْ " إِنَّمَا وَلِيّكُمْ اللَّه وَرَسُوله وَاَلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاة وَيُؤْتُونَ الزَّكَاة وَهُمْ رَاكِعُونَ " وَقَالَ اِبْن جَرِير حَدَّثَنِي الْحَارِث حَدَّثَنَا عَبْد الْعَزِيز حَدَّثَنَا غَالِب بْن عَبْد اللَّه سَمِعْت مُجَاهِدًا يَقُول فِي قَوْله " إِنَّمَا وَلِيّكُمْ اللَّه وَرَسُوله" الْآيَة نَزَلَتْ فِي عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب تَصَدَّقَ وَهُوَ رَاكِع. وَقَالَ عَبْد الرَّزَّاق حَدَّثَنَا عَبْد الْوَهَّاب بْن مُجَاهِد عَنْ أَبِيهِ عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله " إِنَّمَا وَلِيّكُمْ اللَّه وَرَسُوله " الْآيَة نَزَلَتْ فِي عَلِيّ بْن أَبِي طَالِبٍ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُجَاهِدٍ لَا يُحْتَجّ بِهِ . وَرَوَاهُ اِبْن مَرْدُوَيْهِ عَنْ طَرِيق سُفْيَان الثَّوْرِيّ عَنْ أَبِي سِنَان عَنْ الضَّحَّاك عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ كَانَ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب قَائِمًا يُصَلِّي فَمَرَّ سَائِل وَهُوَ رَاكِع فَأَعْطَاهُ خَاتَمه فَنَزَلَتْ " إِنَّمَا وَلِيّكُمْ اللَّه وَرَسُوله " الْآيَة . الضَّحَّاك لَمْ يَلْقَ اِبْن عَبَّاس وَرَوَى اِبْن مَرْدُوَيْهِ أَيْضًا عَنْ طَرِيق مُحَمَّد بْن السَّائِب الْكَلْبِيّ وَهُوَ مَتْرُوك عَنْ أَبِي صَالِح عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ خَرَجَ رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الْمَسْجِد وَالنَّاس يُصَلُّونَ بَيْن رَاكِع وَسَاجِد وَقَائِم وَقَاعِد وَإِذَا مِسْكِين يَسْأَل فَدَخَلَ رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ أَعْطَاك أَحَد شَيْئًا ؟ قَالَ نَعَمْ قَالَ مَنْ ؟ قَالَ ذَلِكَ الرَّجُل الْقَائِم قَالَ " عَلَى " أَيِّ حَالٍ أَعْطَاك ؟ قَالَ وَهُوَ رَاكِعٌ قَالَ وَذَلِكَ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب قَالَ فَكَبَّرَ رَسُول اللَّه عِنْد ذَلِكَ وَهُوَ يَقُول مَنْ " يَتَوَلَّ اللَّه وَرَسُوله وَاَلَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْب اللَّه هُمْ الْغَالِبُونَ " وَهَذَا إِسْنَاد لَا يُقْدَح بِهِ ثُمَّ رَوَاهُ اِبْن مَرْدُوَيْهِ مِنْ حَدِيث عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ نَفْسه وَعَمَّار بْن يَاسِر وَأَبِي رَافِع وَلَيْسَ يَصِحّ شَيْء مِنْهَا بِالْكُلِّيَّةِ لِضَعْفِ أَسَانِيدهَا وَجَهَالَة رِجَالهَا ثُمَّ رَوَى بِإِسْنَادِهِ عَنْ مَيْمُون بْن مِهْرَان عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله " إِنَّمَا وَلِيّكُمْ اللَّه وَرَسُوله " نَزَلَتْ فِي الْمُؤْمِنِينَ وَعَلِيّ بْن أَبِي طَالِب أَوَّلهمْ وَقَالَ اِبْن جَرِير حَدَّثَنَا هَنَّاد حَدَّثَنَا عَبْدَة عَنْ عَبْد الْمَلِك عَنْ أَبِي جَعْفَر قَالَ سَأَلْته عَنْ هَذِهِ الْآيَة " إِنَّمَا وَلِيّكُمْ اللَّه وَرَسُوله وَاَلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاة وَيُؤْتُونَ الزَّكَاة وَهُمْ رَاكِعُونَ" قُلْنَا مَنْ الَّذِينَ آمَنُوا ؟ قَالَ الَّذِينَ آمَنُوا قُلْنَا بَلَغَنَا أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب قَالَ عَلِيّ مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا وَقَالَ أَسْبَاط عَنْ السُّدِّيّ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِي جَمِيع الْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب مَرَّ بِهِ سَائِل وَهُوَ رَاكِع فِي الْمَسْجِد فَأَعْطَاهُ خَاتَمه وَقَالَ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة الْوَالِبِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس عَنْ أَسْلَمَ فَقَدْ تَوَلَّى اللَّه وَرَسُوله وَاَلَّذِينَ آمَنُوا رَوَاهُ اِبْن جَرِير وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْأَحَادِيث الَّتِي أَوْرَدْنَاهَا أَنَّ هَذِهِ الْآيَات كُلّهَا نَزَلَتْ فِي عُبَادَة بْن الصَّامِت - رَضِيَ اللَّه عَنْهُ - حِين تَبَرَّأَ مِنْ حِلْف الْيَهُود وَرَضِيَ بِوِلَايَةِ اللَّه وَرَسُوله وَالْمُؤْمِنِينَ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى بَعْد هَذَا كُلّه " وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّه وَرَسُوله وَاَلَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْب اللَّه هُمْ الْغَالِبُونَ " كَمَا قَالَ تَعَالَى" كَتَبَ اللَّه لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّه قَوِيّ عَزِيز لَا تَجِد قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّه وَرَسُوله وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانهمْ أَوْ عَشِيرَتهمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبهمْ الْإِيمَان وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلهُمْ جَنَّات تَجْرِي مِنْ تَحْتهَا الْأَنْهَار خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْب اللَّه أَلَا إِنَّ حِزْب اللَّه هُمْ الْمُفْلِحُونَ " .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • مجموعة رسائل رمضانية

    مجموعة رسائل رمضانية : يحتوي هذا الكتاب على عدة رسائل مستقلة تختص ببيان أحكام شهر رمضان المبارك، وهي: - كيف نستقبل شهر رمضان المبارك؟ - رسالة رمضان. - إتحاف أهل الإسلام بأحكام الصيام. - خلاصة الكلام في أحكام الصيام. - أحكام الزكاة. - مسائل وفتاوى في زكاة الحلي.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/231254

    التحميل:

  • التحفة العراقية في الأعمال القلبية

    التحفة العراقية في الأعمال القلبية: كلمات مختصرات في أعمال القلوب وأنها من أصول الإيمان وقواعد الدين؛ مثل محبة الله ورسوله، والتوكل على الله، وإخلاص الدين له، والشكر له، والصبر على حكمه، والخوف منه، والرجاء له، وما يتبع ذلك.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/1905

    التحميل:

  • الربا أضراره وآثاره في ضوء الكتاب والسنة

    الربا أضراره وآثاره في ضوء الكتاب والسنة: قال المصنف - حفظه الله -: «لا شك أن موضوع الربا، وأضراره، وآثاره الخطيرة جدير بالعناية، ومما يجب على كل مسلم أن يعلم أحكامه وأنواعه؛ ليبتعد عنه؛ لأن من تعامل بالربا فهو محارب لله وللرسول - صلى الله عليه وسلم -. ولأهمية هذا الموضوع جمعت لنفسي، ولمن أراد من القاصرين مثلي الأدلة من الكتاب والسنة في أحكام الربا، وبيّنت أضراره، وآثاره على الفرد والمجتمع».

    الناشر: المكتب التعاوني للدعوة وتوعية الجاليات بالربوة http://www.IslamHouse.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/2050

    التحميل:

  • عقائد الشيعة الاثني عشرية [ سؤال وجواب ]

    عقائد الشيعة الاثني عشرية: هذا الكتاب يُعدُّ معتصرًا للمختصر; حيث كتب المؤلف كتابًا سماه: «مختصر سؤال وجواب في أهم المهمات العقدية لدى الشيعة الإمامية»، ولكن خرج في حجمٍ كبير، فبدا له اختصار هذا الكتاب واستخراج العُصارة النافعة منه، فألَّف هذه الرسالة التي تحتوي على مئة واثنين وستين سؤالاً وجوابًا في بيان عقيدة الشيعة الإمامية الاثنيْ عشرية. - قدَّم للكتاب جماعةٌ من أهل العلم.

    الناشر: الجمعية العلمية السعودية لعلوم العقيدة والأديان والفرق والمذاهب www.aqeeda.org

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/333189

    التحميل:

  • بعض صور الانحرافات في المجتمعات الإسلامية والحكم عليها على ضوء الكتاب والسنة

    بعض صور الانحرافات في المجتمعات الإسلامية : كتيب مختصر قال عنه مصنفه في مقدمته « ... ومما لا يخفى، أن جانب العقيدة الإسلامية هو الأساس الذي إذا صلح؛ صلح عمل العبد، وإذا فسد؛ فسد ما انبنى عليه، وبإلقاء نظرة على واقع المسلمين اليوم؛ نجد أن المخالفات العقائدية منتشرة فيهم انتشار النار في الهشيم، مما دعاني إلى التفكير جدياً في اختيار هذا الموضوع، وبعد التفكير الطويل، استقر رأيي على ذلك، مما لاحظته في بعض البلاد الإسلامية، من الانحرافات الكثيرة في العقيدة، فاخترت بعضاً منها، مستعيناً بالله ثم بمن يمكن أن يقدم إلي نصحاً، و عنوان البحث (بعض صور الانحرافات في المجتمعات الإسلامية والحكم عليها على ضوء الكتاب والسنة) ..».

    الناشر: المكتب التعاوني للدعوة وتوعية الجاليات بالربوة http://www.IslamHouse.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/63381

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة