تفسير ابن كثر - سورة الطور - الآية 48

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا ۖ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ (48) (الطور) mp3
وَقَوْله تَعَالَى " وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبّك فَإِنَّك بِأَعْيُنِنَا " أَيْ اِصْبِرْ عَلَى أَذَاهُمْ وَلَا تُبَالِهِمْ فَإِنَّك بِمَرْأًى مِنَّا وَتَحْت كِلَاءَتنَا وَاَللَّه يَعْصِمك مِنْ النَّاس. وَقَوْله تَعَالَى " وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبّك حِين تَقُوم " قَالَ الضَّحَّاك أَيْ إِلَى الصَّلَاة : سُبْحَانَك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك وَتَبَارَكَ اِسْمك وَتَعَالَى جَدُّك وَلَا إِلَه غَيْرك . وَقَدْ رُوِيَ مِثْله عَنْ الرَّبِيع بْن أَنَس وَعَبْد الرَّحْمَن بْن زَيْد بْن أَسْلَمَ وَغَيْرهمَا وَرَوَى مُسْلِم فِي صَحِيحه عَنْ عُمَر أَنَّهُ كَانَ يَقُول هَذَا فِي اِبْتِدَاء الصَّلَاة وَرَوَاهُ أَحْمَد وَأَهْل السُّنَن عَنْ أَبِي سَعِيد وَغَيْره عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُول ذَلِكَ . وَقَالَ أَبُو الْجَوْزَاء " وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبّك حِين تَقُوم " أَيْ مِنْ نَوْمك مِنْ فِرَاشك وَاخْتَارَهُ اِبْن جَرِير وَيَتَأَيَّد هَذَا الْقَوْل بِمَا رَوَاهُ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا الْوَلِيد بْن مُسْلِم حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيّ حَدَّثَنِي عُمَيْر بْن هَانِئ حَدَّثَنِي جُنَادَة بْن أَبِي أُمَيَّة حَدَّثَنَا عُبَادَة بْن الصَّامِت عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " مَنْ تَعَارَّ مِنْ اللَّيْل فَقَالَ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه وَحْده لَا شَرِيك لَهُ لَهُ الْمُلْك وَلَهُ الْحَمْد وَهُوَ عَلَى كُلّ شَيْء قَدِير سُبْحَان اللَّه وَالْحَمْد لِلَّهِ وَلَا إِلَه إِلَّا اللَّه وَاَللَّه أَكْبَر وَلَا حَوْل وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاَللَّهِ ثُمَّ قَالَ رَبّ اِغْفِرْ لِي - أَوْ قَالَ ثُمَّ دَعَا - اُسْتُجِيبَ لَهُ فَإِنْ عَزَمَ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ صَلَّى قُبِلَتْ صَلَاته " وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ فِي صَحِيحه وَأَهْل السُّنَن مِنْ حَدِيث الْوَلِيد بْن مُسْلِم بِهِ وَقَالَ اِبْن أَبِي نَجِيح عَنْ مُجَاهِد " وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبّك حِين تَقُوم " قَالَ مِنْ كُلّ مَجْلِس وَقَالَ الثَّوْرِيّ عَنْ أَبِي إِسْحَاق عَنْ أَبِي الْأَحْوَص " وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبّك حِين تَقُوم " قَالَ إِذَا أَرَادَ الرَّجُل أَنْ يَقُوم مِنْ مَجْلِسه قَالَ سُبْحَانَك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك . وَقَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْر إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم الدِّمَشْقِيّ حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن شُعَيْب أَخْبَرَنِي طَلْحَة اِبْن عَمْرو الْحَضْرَمِيّ عَنْ عَطَاء بْن أَبِي رَبَاح أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَنْ قَوْل اللَّه تَعَالَى " وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبّك حِين تَقُوم" يَقُول حِين تَقُوم مِنْ كُلّ مَجْلِس إِنْ كُنْت أَحْسَنْت اِزْدَدْت خَيْرًا وَإِنْ كُنْت غَيْر ذَلِكَ كَانَ هَذَا كَفَّارَة لَهُ وَقَدْ قَالَ عَبْد الرَّزَّاق فِي جَامِعه أَخْبَرَنَا مَعْمَر عَنْ عَبْد الْكَرِيم الْجَزَرِيّ عَنْ أَبِي عُثْمَان الْفَقِير أَنَّ جِبْرِيل عَلَّمَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ مِنْ مَجْلِسه أَنْ يَقُول : سُبْحَانَك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك أَشْهَد أَنْ لَا إِلَه إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرك وَأَتُوب إِلَيْك . قَالَ مَعْمَر وَسَمِعْت غَيْره يَقُول هَذَا الْقَوْل كَفَّارَة الْمَجَالِس وَهَذَا مُرْسَل وَقَدْ وَرَدَتْ أَحَادِيث مُسْنَدَة مِنْ طُرُق يُقَوِّي بَعْضهَا بَعْضًا بِذَلِكَ فَمِنْ ذَلِكَ حَدِيث اِبْن جُرَيْج عَنْ سُهَيْل بْن أَبِي صَالِح عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ " مَنْ جَلَسَ فِي مَجْلِس فَكَثُرَ فِيهِ لَغَطُهُ فَقَالَ قَبْلَ أَنْ يَقُوم مِنْ مَجْلِسه سُبْحَانَك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك أَشْهَد أَنْ لَا إِلَه إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرك وَأَتُوب إِلَيْك إِلَّا غُفِرَ لَهُ مَا كَانَ فِي مَجْلِسه ذَلِكَ" رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَهَذَا لَفْظه وَالنَّسَائِيّ فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة مِنْ حَدِيث اِبْن جُرَيْج وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حَسَن صَحِيح وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْرَكه وَقَالَ إِسْنَاده عَلَى شَرْط مُسْلِم إِلَّا أَنَّ الْبُخَارِيّ عَلَّلَهُ قُلْت عَلَّلَهُ الْإِمَام أَحْمَد وَالْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَأَبُو حَاتِم وَأَبُو زُرْعَة وَالدَّارَقُطْنِيّ وَغَيْرهمْ وَنَسَبُوا الْوَهْم فِيهِ إِلَى اِبْن جُرَيْج عَلَى أَنَّ أَبَا دَاوُد قَدْ رَوَاهُ فِي سُنَنه مِنْ طَرِيق غَيْر اِبْن جُرَيْج إِلَى أَبِي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِهِ وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَاللَّفْظ لَهُ وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرَك مِنْ طَرِيق الْحَجَّاج بْن دِينَار عَنْ هَاشِم عَنْ أَبِي الْعَالِيَة عَنْ أَبِي بَرْزَة الْأَسْلَمِيّ قَالَ كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول بِآخِرِ عُمُرِهِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَقُوم مِنْ الْمَجْلِس " سُبْحَانك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك أَشْهَد أَنْ لَا إِلَه إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرك وَأَتُوب إِلَيْك " فَقَالَ رَجُل يَا رَسُول اللَّه إِنَّك لَتَقُول قَوْلًا مَا كُنْت تَقُولهُ فِيمَا مَضَى قَالَ " كَفَّارَة لِمَا يَكُون فِي الْمَجْلِس " وَقَدْ رُوِيَ مُرْسَلًا عَنْ أَبَى الْعَالِيَة فَاَللَّه أَعْلَم وَهَكَذَا رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَالْحَاكِم مِنْ حَدِيث الرَّبِيع بْن أَنَس عَنْ أَبِي الْعَالِيَة عَنْ رَافِع بْن خَدِيج عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْله سَوَاء وَرُوِيَ مُرْسَلًا أَيْضًا فَاَللَّه أَعْلَم . وَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو أَنَّهُ قَالَ : كَلِمَات لَا يَتَكَلَّم بِهِنَّ أَحَد فِي مَجْلِسه عِنْد قِيَامه ثَلَاث مَرَّات إِلَّا كُفِّرَ بِهِنَّ عَنْهُ وَلَا يَقُولُهُنَّ فِي مَجْلِس خَيْر وَمَجْلِس ذِكْر إِلَّا خُتِمَ لَهُ بِهِنَّ كَمَا يُخْتَم بِالْخَاتَمِ : سُبْحَانك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك لَا إِلَه إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرك وَأَتُوب إِلَيْك . وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِم مِنْ حَدِيث أُمّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَة وَصَحَّحَهُ وَمِنْ رِوَايَة جُبَيْر بْن مُطْعِم وَرَوَاهُ أَبُو بَكْر الْإِسْمَاعِيلِيّ عَنْ أَمِير الْمُؤْمِنِينَ عُمَر بْن الْخَطَّاب كُلّهمْ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ أَفْرَدْت لِذَلِكَ جُزْءًا عَلَى حِدَة بِذِكْرِ طُرُقه وَأَلْفَاظه وَعِلَلِهِ وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا وَلِلَّهِ الْحَمْد وَالْمِنَّة .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • أعمال القلوب [ الرجاء ]

    الرجاء حاد يحدو بالراجي في سيره إلى الله; ويطيّب له المسير; ويحثه عليه; ويبعثه على ملازمته; فلولا الرجاء لما سار أحد: فإن الخوف وحده لا يحرك العبد; وإنما يحركه الحب; ويزعجه الخوف; ويحدوه الرجاء.

    الناشر: موقع الشيخ محمد صالح المنجد www.almunajjid.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/340021

    التحميل:

  • بغية المتطوع في صلاة التطوع

    بغية المتطوع في صلاة التطوع : قال الكاتب - أثابه الله -: فإنه لما كانت صلوات التطوع من هدي الرسول - صلى الله عليه وسلم - الذي قال الله تبارك وتعالى فيه: { لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر}، ولما كان تطلب أحكامها وصفاتها من كتب الحديث وشروحه يحتاج إلى جهد ووقت؛ رأيت أن أجمع في ذلك جملة مما صح، مرتباً له، مع تعليق وجيز حول فقه الحديث فيما أورده من أجله؛ رغبة في تقريب هدي الرسول - صلى الله عليه وسلم - في صلوات التطوع لي ولعموم المسلمين، وتسهيل وتيسير الوقوف عليه في محل واحد. وقد راعيت الاختصار غير المخل، وابتعدت عن الإكثار؛ مكتفياً غالباً بالإشارة عن طول العبارة، وسميته: " بغية المتطوع في صلاة التطوع ".

    الناشر: موقع الدرر السنية http://www.dorar.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/263403

    التحميل:

  • الكشاف التحليلي لمسائل الأربعين النووية

    في هذا الملف كشاف تحليلي لمسائل الأربعين النووية مع زيادات ابن رجب؛ الغرض منه أن يفيد منه المعلم ويستفيد منه الطالب الحاذق حتى يتقن دراسة هذه المتون القيمة دراسة المستبصر الذي يرجى نفعه للأمة بالدعوة إلى الله. • تم إعداد الكشاف من تحليل عبارات المتن، وكتاب جامع العلوم والحكم، وقواعد فوائد من الأربعين النووية للشيخ ناظم بن سلطان المسباح المريخي، والمنن الربانية للشيخ سعد الحجري، وشرح معالي الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ. • تم تقسيم الكشاف إلى دروس، كل درس يحتوي على عناصر وأسئلة. • والأربعون النووية هو متن مشهور، اشتمل على اثنين وأربعين حديثاً محذوفة الإسناد في فنون مختلفة من العلم، كل حديث منها قاعدة عظيمة من قواعد الدين، وينبغي لكل راغب في الآخرة أن يعرف هذه الأحاديث؛ لما اشتملت عليه من المهمات، واحتوت عليه من التنبيه على جميع الطاعات؛ وقد سميت بالأربعين في مباني الإسلام وقواعد الأحكام.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/344748

    التحميل:

  • الإرشاد شرح لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد

    لمعة الاعتقاد : رسالة مختصرة للعلامة ابن قدامة المقدسي - رحمه الله - بين فيها عقيدة أهل السنة والجماعة في الأسماء والصفات، والقدر، واليوم الآخر، وما يجب تجاه الصحابة، والموقف من أهل البدع، وقد قام عدد من أهل العلم بشرحها وبيان معانيها، ومن هؤلاء فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين - رحمه الله - في كتابه الإرشاد شرح لمعة الاعتقاد.

    الناشر: دار طيبة للنشر والتوزيع

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/313420

    التحميل:

  • المحرر في علوم القرآن

    المحرر في علوم القرآن : جاءت خطة الكتاب على النحو الآتي: - الباب الأول: مدخل إلى علوم القرآن. ويشتمل على ثلاثة فصول: - الفصل الأول: مفهوم علوم القرآن. - الفصل الثاني: نشأة علوم القرآن. - الفصل الثالث: الرق بين علوم القرآن وأصول التفسير. - الباب الثاني: نزول القرآن وجمعه. ويشتمل على خمسة فصول: - الفصل الأول: الوحي. - الفصل الثاني: نزول القرآن. - الفصل الثالث: المكي والمدني. - الفصل الرابع: أسباب النزول. - الفصل الخامس جمع القرآن. - الباب الثالث: علوم السور. ويشتمل على خمسة فصول: - الفصل الأول: أسماء السور. - الفصل الثاني: عدد آي السور. - الفصل الثالث: فضائل السور. - الفصل الرابع: ترتيب السور. - الفصل الخامس: موضوعات السور ومقاصدها. - الباب الرابع: المصحف .. عناية الأمة به. ويشتمل على فصلين: - الفصل الأول: عناية العلماء بالمصحف. - الفصل الثاني: مثال معاصر لعناية العلماء بضبط المصحف

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/291769

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة