|
إسلاميات يهتم بكل ما يتعلق بالشريعة الاسلامية والفقه و المفاهيم الإسلامية الصحيحة |
|
خيارات الموضوع | ابحث بهذا الموضوع | طريقة العرض |
|
#1
|
||||
|
||||
اسماء الله الحسني
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين
قال الله تعالى: "وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ "(الذاريات: 56)، وفي التفسير عن ابن عباس في معنى قوله "إلا ليعبدون" أي إلا ليعرفون، وكان يمكن أن يعرفنا الله كما تعرَف للجبل عندما تجلى له فجعله دكا، لكن الله اللطيف لم يظهر لسيدنا موسى عليه الصلاة والسلام لئلا يُمحق وتُزهق روحه من رؤية الله تعالى كما دمر الجبل، بل تعرَف إليه بالجبل، ففهم سيدنا موسى أن الجماد يحس بالله ويعرفه، وقد ذكر هذا ربنا في قرآننا فقال عن الحجارة "...وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ۗ ..." (البقرة: 74) أي من معرفته، فإن الخشية نتيجة مترتبة على المعرفة فتعرف الله على الجبال بسقوط حجارتها ودكها. أما الإنسان فتلطف معه مولاه بأن جعل المخلوقات موطنا لتعرفات الله لنبي الإنسان لطفا منه بنا ولنا، فأول شيء لطف الله فيه بنا، خفاءه عن أعيننا مع ظهوره، فهو الظاهر الباطن، فلا تراه، وإن رأيته ما عصيته، وما نمت وما تمددت وما غمض لك جفن، ولو رأيته وظهر لك لما التفت عنه لحظة، لو ظهر لك ما أكلت وما دخلت الحمام، وما جامعت زوجك، وما تكلمت مع صديقك، وكيف تفعل هذا وأنت تراه، وأنت في حضرته مشغول برؤياه، هذا هو معنى اللطف: أن يكون الله معنا أينما يكون في خفاء، ودون أن يترتب على معيته هذه عناء.. تخيل أن صاحبا لك يقوم على مصالحك وشؤون حياتك، لكنه لا يفارقك في يقظة أو منام، في عمل أو راحة، عند دخولك الحمام أو خلوك بزوجتك، وهكذا عدد من هذه الصور ما شئت. لقد أصبح ظهور هذا المساعد لك في حياتك ثقيلا مع أنه يخدمك في كل ما تريد وتحتاج، لكنه يدخل معي الحمام عند قضاء حاجتي، وعند نومي وراحتي،.. لقد ضقت به ذرعا، وستقول له :إليك عني..كف عن ملاحقتي، سيقول لك: أنا لا ألاحقك، ولكني أساعدك، ستقول له: أنا أستحي أن أتعرى أمامك أو أنام، سيسألك: ماذا أفعل؟ لكن الله القدير اللطيف بعباده، يعطيهم كل ما سبق وغيره بدون إزعاج أو تقييد لخصوصياتهم أو راحتهم، يقدم لهم احتياجاتهم في لطف ورقي، لا يضطرهم إلى الخجل منه، أو الاختفاء عنه.. حقا "الله لطيف بعباده"، ولأنه يعلم حاجتنا وطبائعنا، تعامل معنا بصفاته التي تلائمنا، إنه اللطيف القائل " ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير" فالله لطيف بصفاته، يكون معنا وكأنه ليس معنا، لأنه يعلم طبيعة خلقنا، وأننا نستحي ونضّجر من انتهاك الخصوصية، وكذلك هو لطيف في تعليمنا وتعريفنا عليه، فلا يواجهنا ولا يحرجنا، بل يرسل رسله ويبعث لنا كتبه، تماما كما نفعل نحن مع من نستحي من مواجهته، نرسل له صديقا أو رسالة sms أو نكلمه بالتليفون، ولو طلب لقاءنا مواجهة لامتنعنا لحياءنا من الموقف، وهذا ما فعله الله معنا، لطيف في ظهوره لنا، ظهر لنا بأفعال صفاته في مخلوقاته لنتعرف عليه، فعندما أراد أن يقول لك أنا جميل خلق لك الزهرة والوردة وبدائع الألوان التي تكسوها، أرأيت الورد لا يؤكل وإنما يرى أو يشم، أراد أن يقول لك أنا جميل، ثم هو سبحانه لطيف عندما يرزقك بنعمة الماء، ولطفه هنا متعلق بإخفاء مكونات الماء عن ناظرك بالعين المجردة، ولو أظهر ما يحتوي عليه كوب الماء من العوالق والشوائب التي لا تُرى بالعين المجردة، لما شربت منه شربة واحدة، كيف تشربه وكل هذه المكونات فيه، أرأيت اللطيف، حجبك عن رؤية دقائق في الماء ليصلح لك شرب الماء، وكذلك الله اللطيف، حجبنا عن رؤيته لطفا منه ليستمر بقاءنا الزمن الذي أراده لبقاءنا، ولو رأيناه لدكت أجسادنا دكا، لذلك الله لطيف خفي، فهو سبحانه لطيف في ذاته من أن يدركها أو يراها أحد، ولطيف في غيره بأن أخفى عنهم ما ينغص عليهم حياتهم، وهو سبحانه مع لطفه مع عموم خلقه عندما يخفى عليهم كثيرا مما يحول بينهم وبين شرب الماء، تجده سبحانه يهيئ من بيننا من يطلعهم في معامل الاختبار على خفايا الأمور في الماء، ومع ذلك يعطيهم القدرة على شربه دون أنفة منه، ومثل هذا لو أن أحدنا رأى الدم وقطع لحم الإنسان ونشر عظامه فإن الإنسان لو رأى هذا لم يستلذ بماء ولا طعام من بشاعة منظر ما رأى، لكن الله هيأ بعض خلقه بلطفه الخفي من الأطباء الجراحين الذين يرون يوميا مع مرضاهم الدماء، وهيأهم لهذه المهنة، فتراهم يأكلون ويشربون دون أن يتقززوا أو يتأففوا، فاللطيف هو الذي خفى تدبيره في خلقه، واللطيف هو الخفي الذي لا يُرى، واللطيف هو الذي يوصل إليك دون أن يمن عليك أو يحرجك. كل يوم يوصل إليك رزقك من مأكل أو مشرب وملبس ومسكن وصحة دون أن يذكرك بنفسه قائلا لك، أنا الذي فعلت ذلك، هذا لطف منه سبحانه لأنه اللطيف، واللطيف أيضا هو العالم بدقائق الأمور وخفاياها، فهو يعلم الأسرار للطفه وخفائه عن الأعين، وهو أيضا يعلم غوامض وبواطن وخلفيات الأشياء وحقائقها ومكوناتها، هذا من معاني اللطيف، فهو عالم بالبواطن لأنه يعلم السر وأخفى، ومع ذلك هو لطيف بعباده محسن إليهم، ومهيئ لمصالحهم من حيث لا يحتسبون. فاليوم حر شديد مثلا، فربنا عز وجل يهيّء لأهل هذه البلدة إنضاج فاكهتهم، وهم لا يعرفون، وبعد شهر ترى هذه الفاكهة معروضة في الأسواق بوضع جيد وجميل وطعم طيب ولذيذ، فمن أنضج هذه الفاكهة طَوَال هذه المدة ؟ الله عز وجل، إنه لطيف بعباده، فساعة حر، وساعة برد، وساعة ماء غزير، وساعة ماء قليل، وأنت لا تدري فاللطيف بعباده هو البَرُّ بهم والذي يلطف بهم من حيث لا يعلمون، ويهيّء مصالحهم من حيث لا يحتسبون، ومن قول الله عز وجل : " اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ العَزِيزُ " (الشورى: 19) واللطيف سبحانه لما كان عالما ببواطن الأمور ودقائق الأشياء، وحقائق الكائنات، رتب لها ترتيبا عجيبا بنقلها من حال إلى حال، يتناسب معها في أطوارها ونموها: الطفل الصغير يجب أن يُغيّر أسنانه، لأنه لو نبتت له أسنان نهائية ثابتة وفمه صغير جداً، فمنظره بشع، فأسنانه كبيرة والفم صغير، ولو نبتت له الأسنان وهو يلتقم ثدي أمه فيمكن أن يؤذيها أذى مؤلماً لا تحتمله، فهذا الطفل يكون في السنة الأولى بدون أسنان ثم أسنان لبنية، ومن بعد، ربنا عز وجل يُبدّل لهذا الطفل أسنانه، فالله لطيف، ولا يوجد طبيب في الأرض يستطيع أن ينزع سناً لطفل من دون أن يبكي، حتى أن حقنة المخدر مؤلمة جداً، فيبكي منها و لكن ربنا عز وجل يذيب هذا السن شيئاً فشيئاً ثم يأكله الطفل مع اللقمة ولا يشعر بشيء، فمعنى لطيف كما قال الإمام الغزالي : " هو من يعلم حقائق المصالح وغوامضها ثم يسلك في إيصالها إلى مستحقها سبيل الرفق دون العنف". وأحياناً قد يُكرِهُك الله على شيء ما، ليس فجأةً بل بالتدريج خلال خمس سنوات مثلاً، وتأتيك منه بعض المتاعب، أزاح منك بالمائة خمساً من محبته وبعد أسبوعين تأتي متاعب جديدة فيزاح بالمائة عشر، و بعد أسبوعين متاعب جديدة بالمائة خمس عشرة وبعد شهرين أو ثلاثة تقول زهقت روحي ولم أعد أطيق ذلك، فهناك شيء غير صحيح قد تعلقت به، فربنا عز وجل نزعه منك شيئاً فشيئاً بلطف. على هذا النحو تم تحريم الخمرة؛ إذ كان العرب متعلقين بها تعلقاً شديداً، فلو أمرهم أن يتركوا الخمرة بآية واحدة فربما ارتدَّ بعضهم، أو نصفهم عن الإسلام، لكن الله لطيف، قال: "وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ" (النحل: 67) فقط .. ألطف إشارة إلى أن الخمر هي رزق ولكنه ليس حسناً، فقال: تتخذون منه سَكَراً، مادة مُسكِرة، ورِزقاً حسناً: تظنون أنه حسن وهو مسكر فليس بحَسَن، هذه أول إشارة. وبعد ذلك قال: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىٰ تَغْتَسِلُوا ۚ ..."(النساء: 43) يعني إن شربْتَ فلا عليك ولكن دعه عند الصلاة، وبعد ذلك قال: "يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ۖ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا ۗ وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (البقرة: 219)" المنافع للذين يتاجرون بها ويعيشون على دخلها، ثم يقول الله عز وجل: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" (المائدة: 90) مثلاً: إن الوالد إذا ارتكب ابنه مخالفة للشرع أو للأخلاق، فيمكن أن يعاقبه بعنفٍ وقسوة، ولكن الأجدى أن يتابعه ويراقبه ويشجعه ويكافئه ويعاقبه ويعرض عنه ويراوح في كل ذلك، وبعد شهرين أو ثلاثة يستقيم طواعية وقناعة، فأنت نقلته من حال التلّبُس بهذه المخالفة إلى حال التوبة منها بطريقة لطيفة من دون أن تُحطِمُهُ، أو تجرحه، أو تَسحَقَهُ، أو ترضَّه رضاً ودون ألم وعنف، والمربي المؤمن لطيف، ينقل من يعالجه ويربيه من درجة إلى درجة بالرفق واللطف. دخل رجل إلى المسجد فأحدث جلبة وضجيجاً وَشَوّشَ على المصلين يريد أن يلحق مع الرسول ركعة، فلما انتهى قال عليه الصلاة والسلام لهذا الذي أحدث جلبة وضجيجاً، زادك الله حِرصاً ولا تعد ! لقد ترفق به، ولذلك فإن الله رفيق يحب كل رفيق. وإن الله يعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وعلموا ولا تعنفوا فإن المعلم خير من المعنف. الله لطيف بأوامره، لطيف بخلقه، فلو كانت هذه التفاحة تحتاج إلى منشار ومجموعة أدوات عند النجار لَشَق الأمر على الناس جميعاً، فأنت بسكين تأكلها، ولو كانت البيضة تحتاج إلى مفتاح ولم تجد المفتاح لقست الحياة وأتعبت أهلها، لنك على طرف الصحن تكسرها. دخل أحدهم على ملك وقال له سأعِظُكَ بِغِلْظَة، قال له ولِمَ الغِلْظَة يا أخي لقد أرسل الله من هو خير منك إلى من هو شر مني أرسل موسى وهارون إلى فرعون فقال لهما فقولا له قولاً ليناً. الإنسان لطيف في بيته: فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم رفيق لطيف بأهله، وعند البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: في قولِ أَصحاب الإفْكِ ولا أشْعُرُ، وهو يريبُني في وجَعي: أَنِّي لا أرى من النبي صلى الله عليه وسلم اللُّطْفَ الذي كنت أرى منه حين أشتكي. فكان النبي عليه الصلاة والسلام رقيق بالسيدة عائشة لطيف. (( خيرُكُم خيرُكُم لأهْلِهِ، وأنا خيرُكُم لأهْلِي. )) [رواه البزار ] كانت تسأله كيف حبك لي؟ يقول لها كعقدة الحبل، عقدة لا تفك فأصبحت هذه الكلمة العقدة مصطلحاً بينها وبينه، تسأله من حين لآخر كيف العقدة؟ يقول على حالها. يعني ماذا يمنع أن تكون مع أهلك لطيفاً؟ ماذا يمنع أن تكون مع أهلك رفيقاً رحيماً ودوداً مبتسماً؟ السلام عليكم، الزوج اللطيف المؤنس، كان إذا دخل بيته بساماً ضحاكاً، كان يقول: (( أكرموا النساء، فو الله ما أكرمهن إلا كريم، ولا أهانهن إلا لئيم، يغلبن كل كريم، ويغلبهن لئيم، وأنا أحب أن أكون كريماً مغلوباً من أن أكون لئيماً غالباً )). [ ورد في الأثر ]. مرة السيدة عائشة حدثته عن قصة طويلة، عن قصة أبي زرع وأم زرع، أشادت بأبي زرع لشجاعته، لكرمه، لبطولته، لرجولته، لكنها تأسفت في نهاية القصة فقالت غير أنه طلقها طلق أم زرع فكان تعقيب النبي عليه الصلاة والسلام أنا لك كأبي زرع لأم زرع غير أني لا أطلقك. طمأنها، من أقواله صلى الله عليه وسلم: (( الحمد لله الذي رزقني حب عائشة)) [ ورد في الأثر ] |
#2
|
|||
|
|||
: اسماء الله الحسني
جزاك الله خير
|
مشاركة الموضوع: |
خيارات الموضوع | ابحث بهذا الموضوع |
طريقة العرض | |
|
عناوين مشابهه | ||||
الموضوع | الكاتب | القسم | ردود | آخر مشاركة |
اسماء الله الحسنى | جميلة فوق السحاب | إسلاميات | 9 | 04/04/2012 01:33 PM |
أسماء الله الحسنى ومعانيها | جروح الوله | إسلاميات | 39 | 26/07/2011 10:14 PM |
أسماء الله الحسنى | جميلة فوق السحاب | ألحان التقوى | 4 | 30/05/2011 09:19 AM |
أسماء الله الحسنى | عصفور الشرق | شعر و أدب | 2 | 28/12/2010 02:21 PM |
فيديو كليب سامي يوسف نشيد اسماء الله الحسنى | بنت الجزائر | ألحان التقوى | 5 | 18/06/2010 04:56 PM |
|