|
إسلاميات يهتم بكل ما يتعلق بالشريعة الاسلامية والفقه و المفاهيم الإسلامية الصحيحة |
|
خيارات الموضوع | ابحث بهذا الموضوع | طريقة العرض |
#1
|
||||
|
||||
الأمر بالدعاء والحث عليه
الأمر بالدعاء والحث عليه
أمر الله سبحانه بالدعاء ووعد بالإجابة ، فقال جلّ شأنه : ( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ) [ غافر : 60 ] فسمى اللهُ عز وجل الدعاء : عبادة ، كما في الآية السابقة ، وكذلك سـمّاه رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كما في حديث النعمان بن بشير قال : قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : إن الدعاء هو العبادة » ثم قرأ : ( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ) [ غافر : 60 ] 14 . قال شيخُ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – : الدعـاءُ من أعظـم الدِّيـن 15 . وقال ابن منظور – رحمه الله – : في أسماء الله : المجيب ، وهو الذي يُقابل الدعاء والسؤال بالعطاء والقبول سبحانه وتعالى 16 . وأمَـر الله – عز وجل – بالدعاء والإخلاص فيه ، فقال سبحانه : ( قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ ) [ الأعراف :29 ] إذ الدعاء حال الإخلاص أبلغُ في حصول المقصود ، وأقرب إلى انكسـار القلب ، وصدقِ اللجؤ إلى الله سبحانه وتعالى . لذا كانت دعـوة المضطر مستجابَـة : ( أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ ) [ النمل :62 ] . وفي المسند وغيره عن أبي هريرة قـال : قال رسـول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : دعوة المظلوم مستجابة ، وإن كان فاجرا ، ففجوره على نفسه 17 . ألم تر حال المشركين في الجاهلية الأولى كيف يتخلّون عن آلهتهم ويَدْعُون الله مخلصين له الدين وذلك إذا ركبوا في الفلك ، واضطربت بـهم الأمواج ، كما في قوله تعالى : ( حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُواْ بِهَا جَاءتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءهُمُ الْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُاْ اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ) [يونس : 22 ] . والمشركون ما كانوا يفزعون لآلهتهم عند الشدائد ، بل كانوا يلجئون إلى الله ، إذ النفوس جُبلت على الالتجاء لله وحده عند حصول المكروه ؛ إلا ما يكون من بعض مشركي زماننا ! فإن ملجأهم ومفزعهم (السيّد) أو (القطب) ، فأبو جهل أفقهُ من هؤلاء !! تأمّل قول الله تبارك وتعالى : ( وَإِذَا غَشِيَهُم مَّوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ) [ لقمان : 32 ] . قال ابن القيم – رحمه الله – : التوحيد مَفْزَعُ أعدائه وأوليائه ؛ فأما أعداؤه فينجيهم من كُرب الدنيا وشدائدها فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ ) [العنكبوت : 65 ] ، وأما أولياؤه فينجيهم به من كربات الدنيا والآخرة وشدائدها ، ولذلك فزع إليه يونس فنجّـاه الله من تلك الظلمات ، وفزع إليه أتباع الرسل فَنَجَوا بِهِ 18 مما عُذِّبَ به المشركون في الدنيا ، وما أُعِدّ لهم في الآخرة ، ولما فزع إليه فرعون عند معاينة الهلاك وإدراك الغرق له لم ينفعـه ؛ لأن الإيمان عند المعاينة لا يُقبل . هذه سنة الله في عباده . فما دُفِعَتْ شدائد الدنيا بمثل التوحيد 19 . ولما ذُكِرَ الصيامَ وأحكامه في التنـزيل العزيز ناسب المقـام أن يُذكر بعده شأن الدعاء ، إذ الصيام يقترن بالقيام فهما صنوان ، والقيام يتضمن الدعاء ، قال ربنا سبحانه : ( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ) [ البقرة : 186] . وجاء في سبب نـزول هذه الآية أن الصحابة رضي الله عنهم قالوا : يا رسول الله أقريب ربنا فنناجيه ، أم بعيد فنناديه ؟ فأنـزل الله هذه الآية 20 . وتمعّن في هذه الآية حيث لم تُجعل الإجابة فيها للرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، فقد ورد قبلها آيـات وبعدها آيات سُئل فيها الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم أسئلة جاءته الإجابة مُصدّرة ـ ( قل ) : ( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ ) [ البقرة :189] (سْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ ) الآية [ البقرة : 215] ( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاس وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ ِ) الآية [ البقرة : 219] ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ ) الآية [ البقرة : 220 ] وغيرها من الآيات ، أما هذه الآية فصُدِّرت بـ ( فَإِنِّي قَرِيبٌ ) 21 . وما ذلك إلا لأن الدعاءَ عبادةٌ محضة لا يجـوز صرفها لغير الله ، وحتى لا يُتوهّم أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم واسطة بين الخلق والخالق في ذات العبادة ، فجاء الجواب بالتأكيد ( فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ) ولم يقل سبحانه وتعالى : فقل ، أي يا محمد . والله أعلم . -------------------------------------------------------------------------------- 14 - حديث صحيح : رواه أحمد (4/267) وأبو داود (2/76) والترمذي (5/211) وابن ماجه (4/262) والنسائي في الكبرى (6/450) وابن أبي شيبة (6/21) والحاكم (1/667) وقال :صحيح الإسناد ، وابن حبان (3/172) والبخاري في الأدب المفرد ( ص 265 صحيح الأدب ) وصححه الألباني في الموضع السابق من صحيح الأدب المفرد . أما الحديث المشهور : " الدعاء مخ العبادة " فهو حديث ضعيفٌ لا تقوم به حجة ، ومدار إسناده على ( ابن لهيعة ) وقد اختلط بعد احتراق كتبـه ، وتُنظر ترجمته في تهذيب التهذيب لابن حجر ( 3/227-230 ) . 15 - مجموع الفتاوى ( 22/475 ) . 16 - لسان العرب (1/283) . 17 - ( 2/367 ) ورواه ابن أبي شيبة ( 6/48 ) وقال المنذري في الترغيب ( 3/130 ) : رواه أحمد بإسناد حسن . وقال الهيثمي في المجمع ( 10/151) : رواه أحمد والبزار بنحوه وإسناده حسن . وقال الحافظ في الفتح ( 3/422 ) : وإسناده حسن . قال عبد الرحمن – عفا الله عنه – : في إسناده أبو معشر ، وهو نجيح بن عبد الرحمن السندي ، وهو ضعيف . = = وله شاهد من حديث أنس مرفوعاً : اتقوا دعوة المظلوم وإن كان كافراً ؛ فإنه ليس دونـها حجاب . رواه أحمد (3/153) وابن معين في تاريخه (4/458) وفي إسناده عبد الرحمن بن عيسى أبو عبد الله الأسدي ، وهو مجهول . والحديث أورده الألباني في صحيح الجامع ( برقم 2682) . 18 - أي بالتوحيد . 19 - الفوائد (ص 79 ) . 20 - يُنظر لذلك جامع البيان لابن جرير الطبري ( 2/158 ) . 21 - وبعد كتابة هذه الأسطر رأيت كلاماً لشيخ الإسلام ابن تيمية حول هذا المعنى ، فحمدتُ الله على ما أولى من مِنن . قال رحمه الله : وقد كان الصحابة رضوان الله عليهم إذا سألوا النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن الأحكام أُمـِرَ رسول الله صلى الله عليه على وسلم بإجابتهم …فلما سألوه عنه سبحانه وتعالى قال : ( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ) فلم يقل سبحانه ( فقل ) بل قال تعالى فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ) .مجموع الفتاوى (1/336) 22 - رواه أحمد (5/280) وابن ماجه (1/35 ، 4/369) والحاكم (1/670) وصححه ، وابن حبان (3/153إحسان ) كلهم من حديث ثوبان . وحسنه العراقي كما في مصباح الزجاجة وهو كما قال . وله شاهد من حديث سلمان رواه الترمذي (4/448) . |
مشاركة الموضوع: |
خيارات الموضوع | ابحث بهذا الموضوع |
طريقة العرض | |
|
عناوين مشابهه | ||||
الموضوع | الكاتب | القسم | ردود | آخر مشاركة |
أولو الأمر | السعيد شويل | إسلاميات | 0 | 18/12/2013 12:55 AM |
أسرار الشفاء بالدعاء النبوي | pcac | دعاء ومناجاة | 3 | 24/09/2011 04:31 PM |
كونوا مع غزة ولو بالدعاء | zorro | منبر السياسة | 1 | 10/07/2010 02:06 AM |
ابدأ يومك بالدعاء | بحر الغضب | إسلاميات | 2 | 30/10/2008 01:04 PM |
*^* إلى من يهمه الأمر *^* | نبع العسل | إبداع مصمم | 13 | 28/03/2008 06:29 PM |
|