|
إسلاميات يهتم بكل ما يتعلق بالشريعة الاسلامية والفقه و المفاهيم الإسلامية الصحيحة |
|
خيارات الموضوع | ابحث بهذا الموضوع | طريقة العرض |
#1
|
||||
|
||||
ستر عورات المسلمين
قال الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ) [النور: من الآية19
قال المؤلف ـ رحمه الله ـ : باب ستر عورات المسلمين والنهي عن إشاعتها . العورة هنا هي العورة المعنوية ؛ لأن العورة نوعان : عورة حسية ، وعورة معنوية . فالعورة الحسية : هي ما يحرم النظر إليه ؛ كالقبل والدبر وما أشبه ذلك مما هو معروف في الفقه . والعورة المعنوية : وهي العيب والسوء الخلقي أو العملي . ولا شك أن الإنسان كما وصفه الله عز وجل في قوله : ( إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً ) [الأحزاب:72] . فالإنسان موصوف بهذين الوصفين : الظلم والجهل ؛ فإما أن يرتكب الخطأ عن عمد ؛ فيكون ظالما ، وإما أن يرتكب الخطأ عن جهل ؛ فيكون جهولاً ، هذه حال الإنسان إلا من عصم الله عزَ وجلَ ووفقه للعلم والعدل ، فإنه يمشي بالحق ويهدي إلى الحق . وإذا كان الإنسان من طبيعته التقصير والنقص والعيب ؛ فإن الواجب على المسلم نحو أخيه أن يستر عورته ولا يشيعها إلا من ضرورة . فإذا دعت الضرورة إلى ذلك فلابد منه ، لكن بدون ضرورة فالأولى والأفضل أن يستر عورة أخيه ؛ لأن الإنسان بشر ربما يخطئ عن شهوة ـ يعني عن إرادة سيئة ـ أو عن شبهة ، حيث يشتبه عليه الحق فيقول بالباطل أو يعمل به ، والمؤمن مأمور بأن يستر عورة أخيه . هب أنك رأيت رجلاً على كذب وغش في البيع والشراء ؛ فلا تفش ذلك بين الناس ؛ بل أنصحه واستر عليه ، فإن توفق واهتدى وترك ما هو عليه ؛ كان ذلك هو المراد ، وإلا وجب عليك أن تبين أمره للناس ؛ لئلا يغتروا به . هب أنك وجدت إنساناً مبتلى بالنظر إلى النساء ، ولا يغض بصره ، فاستر عليه ، وانصحه وبين له أن هذا سهم من سهام إبليس ؛ لأن النظر - والعياذ بالله - سهم من سهام إبليس يصيب به قلب العبد ، فإن كان عنده مناعة ، اعتصم بالله من هذا السهم الذي ألقاه الشيطان في قلبه ، وإن لم يكن عنده مناعة ؛ أصابه السهم ، وتدرج به إلى أن يصل إلى الفحشاء والمنكر والعياذ بالله يكون أشد عذاباً . فما دام الستر ممكنا ، ولم يكن في الكشف عن عورة أخيك مصلحة راجحة أو ضرورة ملحة ، فاستر عليه ولا تفضحه . ثم أستدل المؤلف ـ رحمه الله ـ بقول الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ) [النور: من الآية19] . ولمحبة شيوع الفاحشة في الذين آمنوا معنيان : المعنى الأول : أن يحب شيوع الفاحشة في المجتمع المسلم ، ومن ذلك من يبثون الأفلام الخليعة ، والصحف الخبيثة الداعرة ، فإن هؤلاء ـ لا شك ـ يحبون أن تشيع الفاحشة في المجتمع المسلم ، ويريدون أن يفتتن المسلم في دينه بسبب ما يشاع من هذه المجلات ، والأفلام الخليعة الفاسدة ، أو ما أشبه ذلك . وكذلك تمكين هؤلاء مع القدرة على منعهم ، داخل في محبة ( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا ) [النور: 19] ، فالذي يقدر على منع هذه المجلات وهذه الأفلام الخليعة ، ويمكن من شيوعها في المجتمع المسلم ، فهو ممن يحب أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا ( لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ) أي عذاب مؤلم في الدنيا والآخرة . ونقول : إنه يحب على كل مسلم أن يحذر من هذه الصحف وأن يتجنبها ، وألا يدخلها في البيت ، لما فيها من الفساد : فساد الخلق ويتبعه فساد الدين ؛ لأن الأخلاق إذا فسدت ؛ فسدت الأديان ، نسأل الله العافية . المعنى الثاني : أن يحب أن تشيع الفاحشة في شخص معين ، وليس في المجتمع الإسلامي كله ، فهذا أيضا له عذاب أليم في الدنيا والآخرة ، مثل أن يحب أن تشيع الفاحشة في زيد من الناس لسبب ما ، فهذا أيضا له عذاب أليم في الدنيا الآخرة ، لاسيما فيمن نزلت الآية في سياق الدفع عنه ، وهي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ؛ لأن هذه الآية في سياق آيات الإفك ، والإفك هو الكذب الذي افتراه من يكرهون النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ، ومن يحبون أن يتدنس فراشه ، ومن يحبون أن يعير بأهله من المنافقين وأمثالهم . وقضية الإفك مشهورة (1) ، وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( لا يستر عبد عبداً في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة )) رواه مسلم (2) . الـشـرح قال المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ فيما نقله عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (( لا يستر عبد عبداً في الدنيا إلا ستره الله تعالى يوم القيامة )) . الستر يعني الإخفاء ، وقد سبق لنا أن الستر ليس محموداً على كل حال ، وليس مذموماً على كل حال ، فهو نوعان : النوع الأول : ستر الإنسان الستير ، الذي لم تجر منه فاحشة ، ولا ينبغي منه عدوان إلا نادراً ، فهذا ينبغي أن يستر وينصح ويبين له أنه على خطأ ، وهذا الستر محمود . والنوع الثاني : ستر شخص مستهتر متهاون في الأمور معتدٍ على عباد الله شرير ، فهذا لا يستر ؛ بل المشروع أن يبين أمره لولاة الأمر حتى يردعوه عما هو عليه ، وحتى يكون نكالاً لغيره . فالستر يتبع المصالح ؛ فإذا كانت المصلحة في الستر ؛ فهو أولى ، وإن كانت المصلحة في الكشف فهو أولى ، وإن تردد الإنسان بين هذا وهذا ؛ فالستر أولى ، والله الموفق . * * * 2/241 ـ وعنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( كل أمتي معافى إلا المجاهرين وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً ، ثم يصبح وقد ستره الله عليه فيقول : يا فلان عملت البارحة كذا كذا ، وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه )) متفق عليه عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( إذا زنت الأمة فتبين زناها فليجلدها الحد ولا يثرب عليها ، ثم إن زنت الثانية فليجلدها الحد ولا يثرب عليها ، ثم إن زنت الثالثة فليبعها ولو بحبل من شعر )) متفق عليه (5) . التثريب : التوبيخ . يتولى إقامة الحد الإمام لأنه إذا تغيرت بها الأحوال ؛ فربما تتغير حالها ، وأيضا إذا باعها ؛ فسوف يخبر المشتري بأنها أمة تزني . وسوف يكون المشتري شديداً عليها حتى يمنعها من ذلك . : أتي النبي صلى الله عليه وسلم برجل قد شرب خمراً قال : (( اضربوه )) قال أبو هريرة فمنا الضارب بيده ، والضارب بنعله ، والضارب بثوبه ، فلما انصرف قال بعض القوم : أخزاك الله قال : (( لا تقولوا هكذا لا تعينوا عليه الشيطان )) رواه البخاري (6) . قال أبو هريرة : فمنا الضارب بيده ، ومنا الضارب بسوطه ، ومنا الضارب بنعله ، ولم يحدد لهم النبي صلى الله عليه وسلم عددا معيناً ، فلما انصرف بعضهم قال له رجل : أخزاك الله ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( لا تعينوا عليه الشيطان )) ؛ لأن الخزي معناه العار والذل ، فأنت إذا قلت لرجل : أخزاك الله ؛ فإنك قد دعوت الله عليه بما يذله ويفضحه ، فتعين عليه الشيطان . وفي هذا الحديث دليل على أن عقوبة الخمر ليس لها حد معين ، ولهذا لم يحد لهم النبي صلى الله عليه وسلم حداً ، ولم يعدها عداً ، كل يضرب بما تيسر ، من يضرب بيده ، ومن يضرب بطرف ثوبه ، ومن يضرب بعصاه ، ومن يضرب بنعله ، لم يحد فيها حداً ، وبقي الأمر كذلك . في عهد أبي بكر صارت تقدر بنحو أربعين ، وفي عهد عمر كثر الناس الذين دخلوا في الإسلام ، ومنهم من دخل عن غير رغبة ، فكثر شرب الخمر في عهد عمر رضي الله عنه ، فلما رأى الناس قد أكثروا منها استشار الصحابة فقال عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه : أخف الحدود ثمانون وهو حد القذف ، فرفع عمر رضي الله عنه عقوبة شارب الخمر إلى ثمانين جلدة . ففي هذا دليل على أن الإنسان إذا فعل ذنباً وعوقب عليه في الدنيا ؛ فإنه لا ينبغي لنا أن ندعو عليه بالخزي والعار ؛ بل نسأل الله له الهداية ، ونسأل الله له المغفرة ، والله الموفق . |
مشاركة الموضوع: |
خيارات الموضوع | ابحث بهذا الموضوع |
طريقة العرض | |
|
عناوين مشابهه | ||||
الموضوع | الكاتب | القسم | ردود | آخر مشاركة |
هذه هي أخلاق المسلمين !! | جميلة فوق السحاب | قصص حقيقية | 1 | 22/07/2013 10:20 PM |
عيد المسلمين الاسبوعي | alanfal | إسلاميات | 8 | 28/10/2011 05:58 PM |
هجموا المسلمين......... | جميلة فوق السحاب | ألحان التقوى | 5 | 31/05/2011 12:15 PM |
إخوتي المسلمين | maram | منبر السياسة | 2 | 13/03/2008 06:08 AM |
خطر يهدد المسلمين | maram | إسلاميات | 2 | 05/06/2006 01:10 PM |
|