للطفل عوالمه و ذائقته المتناسقة مع ميله للمرح و البساطة و قابليته للفرح بأبسط ما يقدم له و للطفل إيقاعه المختلف في سلوكه و قناعاته و ألعابه و مسلياته و حتى أغانيه و إذا كان الكهل يحتاج إلى صوت برخامة صوت أم كلثوم و ألحان عبد الوهاب حتى يبلغ مرحلة الإمتلاء و الطرب فإن (ذهب الليل طلع الفجر ) أو (بابا فين ) قد تفعل فعلها في ابن الخامسة و السادسة يفوق تخيل الكبار و إن كنت لست من أنصار الفن (الهيفاوي) بجميع مقاييسه فإني لا أبالغ إذا قلت إن أغنية (الواوا بح) هي في نظري أغنية أطفال جميلة و بسيطة و مسلية حتى إنني أغبط الأطفال و هم يتقافزون كلما سمعوها على أنغام (الدح و البح و التح و المح) بل إن طفولتي تستيقظ داخلي و أود لو أشاركهم انفعالهم المرح .
و الأغنية طفولية بإمتياز سواء كان ذلك مقصودا أو لا في كلامها و تعبيراتها و إيقاع نغماتها و حتى في تواضع القدرات الصوتية لصاحبتها حتى أن الأغنية لا تحتاج إلى صوت أقل تواضعا و لا أكثر لطفا من صوت الجميلة هيفاء وهبي لكن ربما تكمن المفارقة في أن هذه الأغنية قد تمردت على طفولة تعبيراتها و صورها و براءة إيقاعها و خرجت من جلدها حين قدمت في قالب (فيديو كليب) أثرت هيفاء بنبرات صوتية توحي بالجنس و الإثارة المتعمدة و أغنته بمفاتن جسدها المعروض بسخاء حتى وصل الأمر إلى الملابس الداخلية .
لعل هيفاء المهووسة بإثارة غرائز العالم العربي تريد أن تؤمن لها رصيدا من المفتونين و المعجبين لدى الأجيال المقبلة التي ربما لن تلحق شبابها و جمالها الذي سيؤول إلى تقدم حتمي في العمر خصوصا و أنها بدأت مشوار انتشارها و شهرتها في سن متقدمة نوعا ما قياسا بغيرها فأرادت أن تقدم لأطفال اليوم و رجال الغد صورة عنها يحملونها في ذاكرتهم تستطيع بها أن تباري و تنافس من سيجود بهن عالم الفن المثير من مثيلاتها المستقبليات لا سيما و انها أصبحت تمثل مدرسة و تيارا مستقلا قوامه الجمال الصارخ و الصوت الناشز .
و لسائل أن يتسائل حين تصبح أغاني الأطفال و ذائقتهم قناة من قنوات تكريس الإباحية و الشبقية و الترويج لثقافة الجسد و الجنس أو حين يصبح الأطفال أحد جمهور هذا النمط المستهلك من الفن الهابط الذي يسرب إليهم كالسم في وجبة حلويات شهية ..
ألا يعد هذا اعتداء على عالم الطفل بنقائه و برائته و قيمه خاصة أنه لا رقابة في عالمنا العربي تحمي هذا النوع من الحقوق ؟
أولا يحق لمنظمات حقوق الطفل أن تتقدم بشكوى ضد فظاعات هذا الفن اللامسؤول و ما تقترفه تكنلوجيا العرض و الإثارة ضد براءة الطفل العربي الذي أصبح لزاما عليه أن يشهد مرهقة قبل بلوغها و ان تستخدم مصطلحات و تنتهك عوالمه البكر بهذه الصورة الفاضحة ؟؟!
و إذا كان خبراء التربية يرون أن تربية الطفل تبدأ قبل ولادته بعشرين عاما فأي مستقبل نعده لأطفالنا في ظل ثقافة فنية مماثلة و مفاهيم غنائية راهنة ؟؟!.