في كتاب تشريح الحب «Anatomy of love» للمؤلفة «هيلين فيشر» عالمة السلالات البشرية جاءت هذه التحليلات الهامة لكيمياء العواطف حيث ترى هيلين ان هناك مواد كيميائية يفرزها الجسم, فالتقاء النظرات او لمسة الأيدي او نفحة العطر تفجر سيلا ينبع من المخ مندفعاً من خلال الاعصاب ومجرى الدم. والنتائج معروفة جيدا: تورد البشرة فجأة وعرق الكفين وثقل التنفس واذا كان الحب يبدو شبيهاً بالاجهاد الى هذا الحد المريب، فسبب ذلك بسيط جداً وهو ان المواد الكيماوية تسلك نفس الممرات في كلتا الحالتين. وهذه الكيماويات التي تسبب شعوراً بالخفة والبهجة عند المتيم الجديد هي من قبيل المنبهات المعروفة طبياً ، وتشمل «الدوبامين» و« النوريبنفرين» وعلى الأخص «الفينيليثامين». على ان نشوة «الفينيليثامين» لاتدوم الى الابد، وهذا يعزز البرهان على ان الحب المشبوب العاطفة حالة قصيرة الأمد ، فمثلما يتعامل مع سائر المواد المشابهة يكتسب الجسم بالتدريج قدرة على المقاومة، وبالتالي يحتاج الى كميات اكبر فأكبر من هذه المادة لاحداث بهجة الحب المعتادة، وبعد سنتين او ثلاث يعجز الجسم تماماً عن انتاج الكمية اللازمة، ولا يعوض عن ذلك اكل الحلوى رغم الاعتقاد الشائع!
مادة «الاندورفين» في الدماغ مسؤوله أحياناً عن الألفه والحنان واستمرارية الحب
ومع هذا فمن الواضح ان الكثير من قصص الحب تبقى مفعمة بالدفء والود الى ما بعد السنوات الأولى. فما تفسير ذلك ياترى ؟ انها طاقة اخرى من الكيماويات طبعاً! فالحضور المستمر لشريك الحياة يحفز على زيادة افراز مواد «الاندورفين» في الدماغ، وهذه على خلاف المنبهات الجياشة تحدث مفعول العقاقير المهدئة، فهي مسكنات طبيعية تشعر المحبين بالأمان والدعة والهدوء، وهكذا تتحول العواطف المتقدة في بواكير الحب الى احساس هادئ بالألفة والحنان، وترى «هيلين فيشر» ان فقد مصدر هذا الشعور هو احد اسباب التعاسة البالغة التي تعتري المحب عند الهجر او موت الحبيب.
مادة «الأوكسيتوسين» في الدماغ تغري الأمهات بإحتضان أطفالهن وتقارب الزوجين
و«الأوكسيتوسين» مادة كيماوية اخرى اقحمت في قضية الحب مؤخراً ينتجها المخ وتثير حساسية الأعصاب وانقباض العضلات وهي عند النساء ، تساعد في انقباضات الرحم اثناء الوضع، وفي افراز اللبن من ثدي الأم، كما يبدو انها تغري الأمهات باحتضان اطفالهن، ويتكهن العلماء بأن« الاوكسيتوسين» ربما يكون له نفس المفعول كدافع الى تقارب الزوجين. وهذه المادة الكيماوية المتعددة المواهب قد تكون ايضاً من العوامل المساعدة على بلوغ منتهى السعادة في العلاقة بين الزوجين، فقد لوحظ من دراسة اجريت على عدد من الرجال ان نسبة « الاوكسيتوسين» ارتفعت الى ثلاثة او خمسة اضعاف مستواها المعتاد وربما تصعد الى اعلى من ذلك لدى النساء.