عمانيات عمانيات
عودة   عمانيات > منتديات عامة > منبر السياسة
مواضيع اليوم
منبر السياسة منـبر للنقـاش والحوار الهـادف، أخبار الرأي والرأي الأخر، تحليلات، وعمق في الطرح والتحليل

عمانيات   عمانيات
 
 
خيارات الموضوع ابحث بهذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 29/10/2007, 01:38 PM
الفارس الاخير
مُخلــص
 
في مفهوم الوطن، ماذا يعني أن تكون مواطناً؟

في مفهوم الوطن، ماذا يعني أن تكون مواطناً؟

الكاتب ناصر الحجاج

على عجل تتسارع الأحداث العسكرية والإعلامية على ساحة المنطقة، وعلى عجالةٍ وتسرّعٍ كبيرين تطّرد التوقعات المذهولة بأحلام وتصورات العراقيين خاصةً، حول يوم منتظر كانتظار "غودو" لا يبدو أنه سيتأخر هذه المرة.

لكن سؤالاً أخال أنه ذو الرقم واحد في قائمة الأسئلة التي ينبغي الإجابة عنها، بمعنى أن مرحلة زمانية سندخلها تطرح مجموعة عقبات ومصاعب ستقف في طريق الحلم العراقي المنتظر قد تُحيل ذلك الحلم كابوساً آخر لا مهرب منه إلا بالصحوة التي قد لا تأتي بسهولة أو قد لا تأتي أبداً.

هل فكرنا؟، بل لنفكر الآن بما ينبغي علينا فعله إذّاك، وقت أن نكون في وطن اسمه "العراق" ونكون نحن مواطنين فيه يدعونا الآخرون بـ "العراقيين".


ماذا يعني ثمة أن نكون عراقيين، مواطنين؟


وماذا ستعني لنا مفردة الوطن، إذا ما كتبت في صحفنا، أو رددت في إعلامنا القادم، أو ذكرت في نشيد(نا)الوطني المقبل - الضمير( نا ) سيكون له حديث آخر مستقل-. ماذا يقصد العراقي إذا ما قال "وطني". أو إذا ما قال "العراق"؟. وهل سيختصر الوطن أو العراق بشخص الرئيس أو الملك! أو البرلمان أو الحزب؟. هل سنردد ما يشابه أو يستبطن (إذا قال صدام قال العراق).


لعل من البديهي القول إن مفردة" الوطن" مرت بمرحلة جديدة اكتسبت فيها معنى جديداً كغيرها من مفردات كل لغة حية، حيث يدرك الألسنيّون وفقهاء اللغة أن المفردة الواحدة قد تعني أكثر من معنى بحسب السياق الكلامي من جانب أو بحسب البيئة اللسانية التي قد تتوافق على معنى جديد للكلمة قد لا يرتبط مباشرة بمعناها القديم كمفردة "الحداثة": التي تعني فترة الصبا وبداية الشباب، والتي صار لها معنى معرفي وفلسفي جديد لا مجال للخوض فيه. أو كما يضرب اللغويون مثلاً مفردة "الصلاة" التي كانت بمعنى "الدعاء" فانتقل المعنى بعد مجيء الرسول محمد عليه السلام إلى المعنى الجديد المتداول لدى المسلمين في الوقت الحاضر.




"الوطن" كمفهوم أيضا مر بعد رسم ملامح الدول التي تحددت ملامحها بعد انسحاب بريطانيا العظمى وفرنسا من تركة العثمانيين، اتخذت مفردته معنى جديد بعيد كثيراً عن المعنى القديم الذي يردده المتنبي مثلاً:


"بِمَ التّعللُ لا أهلٌ ولا وطنُ


ولا نديمٌ ولا كأسٌ ولا سَكَنُ"


فالوطن وقتذاك لم يكن غير ما يستوطنه الواحد منا ويكون مكاناً لسكناه. أما اليوم فالوطن يعني، من مجموع ما يعني، تلك الحدود المرسومة على الخريطة بحيث إذا ما تجاوزتها دخلت وطنا آخر ليس بوطنك وإن سكنه أخوك وجدك وابن عمك. وصار وطنك يربطك بمن لا يمت لك بصِلةٍ في العرق مثلاً، ولا في الثقافة بل وقد يكون مواطنك من يتحدث بلغة غير لغتك. وقد لا يقرك في دينك ولا يعترف بثقافتك ولا بنبيك إن كنت أنت تؤمن بالأنبياء.


الوطن بعد سايكس _ بيكو صار يجمعُ ويوحّد بين اليهودي الذي يرى لعيسى دجالاً، وبين المسيحي الذي يرى أن محمدا جمع أوراق "قرآنه" من "بحيرا الراهب" ومن إشارات "ورقة بن نوفل"، ويوحّد الوطن بين المسلم السني الذي يُقرُّ بخلافة يزيد بن معاوية للمسلمين ويرى قتله للحسين بن علي وأهل بيته اجتهاداً، وبين الشيعي الذي يرى أن عمر بن الخطاب أخذ خلافة المسلمين بالقوة وإن أقر علي بذلك حرصاً على المصلحة!


هذا هو الوطن"الذي مدّ على الأفق جناحا" هذا هو العراق بعد 1921 وهذا هو الوطن الذي يجب أن نعرفه، ونقرّ بِهِ وبتناقضاته ومفارقاته الحادة، هذا هو العراق بكل دياناته وأعراقه. فما الذي نحن فاعلوه لنحيا تلكم التناقضات؟


هل سنختصر الوطن بقرار رئاسي أو مرسوم ملكي، "ليقول صدام فيقول العراق"؟ ومن ثَمَّ هل نحن مستعدون لنحيا مواطنين، يتفهّم المسلم أن "النصارى" يمكن أن يكون لهم سبيل على "الذين آمنوا"، ويتفهم أن اليهود قد لا يكونون "أشدَّ النّاسِ عداوةً للّذينَ آمنوا"، وهل سيقر المسيحي بأن عليه ضمن شروط المواطنة الدفاع عن مواطنه المسلم إذا ما واجه وطنه بلداً آخر قد يكون بلداً مسيحيّاً.


العراق بلد التناقضات! لنعترف بذلك، ولنعترف أن تلكم المتناقضات ما كانت لتلتئم في وعاء واحد هو العراق إلاّ بالقوة العسكرية والأمنية للحكومات المتعاقبة، بمعنى أن ما يجمع سكان العراق لم يكن أبدا مواطنيّتهم أو قلْ عراقيّتهم بل كان العراقيون مجتمعون ضمن حدود الخريطة بقوة حرس الحدود، ومجتمعون حول حزب واحد حيث لا يوجد حزب آخر، ومجتمعون في المعركة بفعل قرارات الإعدام.... تماماً كما يجتمع السجناء في قاووش واحد.


فهل سيتفكك العراقيون بعد كسر الحواجز التي كانت تحول دون تحركهم، وهل ستطالب كل ملة بحكم نفسها بنفسها، أم سيلجأ العراقيون إلى استبداد آخر يجمعهم سوية في الوطن، العراق!


مرحلة إدراك الذّات:


المرحلة المقبلة قد لا تكون مرحلة سياسية ولا مرحلة عسكرية ولا حتى حزبية أيديولوجية، بل ستكون بحق مرحلة نفسية معرفية أقرب إلى المراجعة النفسية والوجودية منها إلى السلطوية. مرحلة ما بعد الحكم البعثي تستلزم من كل من يدعي المواطنة العراقية أن يعرف هويته الأساسية أولاً ويراجعها. الهوية العقائدية أو الدينية بشكل أساس( والمعرفية كالعلمانية واللبرالية وبقية الاتجاهات والأطروحات الفلسفية التي يؤمن بها العراقيون)، ولنسمِّها مرحلة إدراك الذات، وهي أولى الخطوات نحو المواطنة الأكيدة. وبدونها لا يتجاوز الوطن كونه مجموعة مجاهيل ترتطم ببعضها أو تتصل ببعضها دون علامة استفهام، وهذا أهون الشرور (أعني انعدام الأسئلة وانعدام الإحساس بما يدعو للتساؤل).


لا مناص إذاً لكل عراقي من أن يدرك من هو(هويته) ليتقدم نحو العراقي الآخر ليتواصل معه عن دراية وإدراك لمعتقداته، عن احترام أو تقدير لخلفيته الفلسفية والدينية.


العلاج بالمواجهة:


مرض الجهل أو التجاهل لاختلاف الآخر (المواطن) سيبدو أكثر استفحالاً وأكثر استعصاءً على العلاج لو أهمل وتغافل أصحابه عنه. لنقرّ أيضا بأننا مختلفون نعيش في خارطة رسمها مجهول تفرض علينا أن نفهم بعضنا، ولنبدأ بالمواجهة، أعني نواجه (وجهاً لوجه) مشكلة المختلف، ولا يحاولنَّ كل واحد منا أن يكيد للآخَر مستعينا (بآخَرٍ آخَر) لفرض وجوده.


منطق الأقلية والأكثرية منطق ما بعد مواجهة المشكلة، فهل سينطلق المسلمون في الوطن بفرض منطق أكثريتهم وفرض هيمنتهم على مقدرات البلاد، وهل ستفكر الأقليات بالاستقواء بمن يعادل الكفة أو يرجحها لصالحهم. بل هل سيستعين المتدينون بالدول الدينية لتكفير مواطنيهم، أو أن يتكئ العلمانيون على الدول العلمانية لفرض وجودهم داخل الوطن العراقي أو لنشر ثقافتهم أو كسب أنصار جدد لعلمانيتهم.... أسئلة أعمق من أن نتغافل عنها نحن العراقيين، وأهم من أن نهملها، لأن في حلها رخاؤنا كمواطنين ندرك معنى الوطنية، ومعنى أن يقول أحدنا: أنا مواطن عراقي.


أدرك أن كلماتي لا تحد الموضوع، لكنها إشارات وليست نبوءات. فلنفكر مليّاً في معنى أن يكون الواحد منا مواطناً. طريقا كي تجمع سكان العراق مواطنيّتهم لا قوة حكوماتهم واستبدادها.


ملاحظة هامة:

المقال منشور بتاريخ 13 - 1 - 2003




من مواضيعي :
الرد باقتباس
 

مشاركة الموضوع:


إنتقل إلى

عناوين مشابهه
الموضوع الكاتب القسم ردود آخر مشاركة
ان تكون مشرفا .. لا يعني انك مسيطر ... عمرم موضوعات عامة 0 18/10/2010 01:20 PM
ماذا يكون حيث تكون؟ zorro شعر و أدب 4 28/06/2010 07:03 PM
ماذا يعني تربع اعوان مقتدى على كراسي البرلمان ؟؟ استاذ محمد منبر السياسة 0 21/04/2010 01:31 PM
ماذا يعني أسم سيارتك؟ حلاوه ترويح القلوب 6 26/09/2007 10:53 PM
ماذا يعني لك أن تفقد أحدا ؟؟؟ نور القمر موضوعات عامة 12 20/04/2006 04:26 AM


الساعة الآن: 06:26 AM

vBulletin ©2000 - 2024
 
 
عمانيات  مراسلة الإدارة  تصفح سريع منتديات