عمانيات عمانيات
عودة   عمانيات > منتديات عامة > موضوعات عامة
مواضيع اليوم
موضوعات عامة المواضيع التي لاتشملها أقسام المنتدى

عمانيات   عمانيات
 
 
خيارات الموضوع ابحث بهذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 13/02/2008, 02:22 PM
الفارس الاخير
مُخلــص
 
كيف تصبح الأخلاق ديناً كبيراً على (المثقف) لا يقوى على سداده؟!




كيف تصبح الأخلاق ديناً كبيراً على المثقف لا يقوى على سداده؟!

سؤال قد يثير الغرابة،
ولكنه في نفس الوقت قد لا يكون غريباً في ظل ما نراه من تحول الثقافة لدى البعض إلى ستار فاشل يستر خلفها الكثير من المشاهد المؤلمة للانتهاكات المتتالية للشعارات والمبادئ التي يرفعونها
وتهريب الكثير من السلوكيات التي قد تساهم في مضاعفة سلبيات هذا المجتمع
وتأزم قضاياه وعدم أدائهم لدور ينسجم مع رسالتهم الحقيقية ويعكس مدى توافق خطاباتهم مع الواقع الذي يعيشونه والسلوك الفردي الذي يمارسونه

ثقافة الأخلاق،
هي ثقافة ضرورية تختلف من مجتمع لآخر باختلاف المقاييس التي يسنها كل مجتمع لنفسه .
والتي تتوافق مع خصوصية أفراده وموروثاتهم الدينية والاجتماعية والتي تكون كفيلة بتمييز كل مجتمع عن نظيره وكذلك بتحصينه من الكثير من المشكلات التي تقوده إلى التدني والهبوط وفق معايير الأفضل التي يضعها لنفسه والتي قد يستعصي على الآخرين فهمها أو التعاطي معها وقد تجعلهم في حرج ومأزق معه،

ولكن هذا الاستعصاء على الفهم لا ينفي حقيقة تشابه الأخلاقيات الإنسانية في معظم الحضارات،
كما أن معظم أهل الملل وجميع أصحاب الديانات السماوية يتشاركون القيم الأخلاقية ذاتها من رفض للظلم وطلب العدل ومساواة ورفض للفوضى الأخلاقية أو الانحلال والرذيلة، والإساءة إلى الإنسانية بارتكاب جرائم ضدها،
لذا فإننا نجدها كلها تتشابه في الأصول الأخلاقية وإن اختلفت في الفروع .

إن المعايير الأخلاقية للمثقف لا يمكن فصلها عن معايير مجتمعه الذي يعيش فيه والتي يمكنها أن تتحول إلى مقياس مباشر يقاس فيه مدى تأثير المثقف على مجتمعه وعندها سوف يتم تجاوز ما ينتجه إلى كيفية تحقيقه لهذا الإنتاج عبر سلوكياته،

لذا فبداية وقبل أن نتحدث عن علاقة المثقف بالأخلاق يجب أولاً أن نتطرق لتشخيص كلمة مثقف،
فهل كل من كتب مقالاً أو شارك في منتدى حواري كان مثقفاً،
هل هو المتعلم المطلع أم المثقف الأيديولوجي!!

المثقف هذا المصطلح المطاطي الذي يضم تحت عباءته نماذج وتصنيفات عديدة تختلف باختلاف المفاهيم والأفكار التي يحملها كل نموذج وأيضاً باختلاف الدور الذي يلعبه،
مما يدفعنا للتعامل مع المثقفين ليس كمجموعة واحدة بل وفقاً لمثل تلك التصنيفات، فما بين تصنيف عام :
لمثقف أكاديمي ومثقف غير أكاديمي، مثقف الشعب ومثقف المنطقة،
إلى تصنيفات أكثر تخصصاً كمستبد أو شوروي، نخبوي أو جمهوري، متدين أو علماني ،


مثقفين لهم مكانتهم الفعلية في ميدان الثقافة، ولهم شخصيتهم الثقافية، ويؤثرون، فعلاً في الساحة الثقافية، ويعملون على إنتاج القيم التي تنفذ إلى بناء المسلكية الفردية، والجماعية،


والمثقفين الذين لا يدرون من الثقافة إلا التشكل الفردي والجماعي وفق نمط معين، ومن أجل إنتاج ممارسة معينة، سعياً إلى تحقيق أهداف معينة ،

وغير ذلك من التصنيفات الطائفية والفكرية التي تحدد مشاريع المثقف وأدواته ومسلماته الأولية وتخلق له منهجية واضحة للعمل،
ووفقاً لهذه المنهجيات والتي هي مزيج أخلاقي، اجتماعي، تواصلي سلوكي
يمكن إنتاج ثقافة بآليات تستند على الموروث الفكري للمثقف،
فالثقافة في النهاية ليست مجموعة معلومات تحشى في الرؤوس، أو ألفاظ وعبارات نخبوية أو ألفاظ وعبارات نخبوية أو مصطلحات مصدرة تحرق في الصالونات الأدبية أو التجمعات الحوارية، بل هي إنتاج فكري يبدأ بالنفس وينطلق للآخر إن الفترة الأخيرة ممثلة في نصف القرن الماضي قد أحدثت تغييراً أساسياً في تركيبة المثقف وفي اتجاهه،
وبالتالي في دوره الاجتماعي، فقد تحولت الطبقة المثقفة لدى مجتمعاتنا من مجرد عدد متواضع من الكُتَّاب الأفذاذ أو الشعراء أو المؤلفين والتي كانت توجهاتهم مبنية على خلفيات نهضوية أيديولوجية إلى جمهور وقوة فاعلة على المجتمع ،
لذا فإننا نجد أن دوره لم يعد مقصوراً على التأثير الأدبي الثقافي بل تجاوزه إلى التأثير الاجتماعي الثقافي

لذا فإن الكيفية التي يتعامل بها المجتمع مع المثقف والتي تحتم عليه عدم الوقوف عند حد التنظيرات والانتقادات والنزول إلى أرض الواقع ومستوى العمل الحقيقي والتركيبة الخاصة التي ينظر من خلالها المجتمع لمثقفيه،
هي من تجعلنا نتطرق لمسألة محاكمة سلوك المثقف وأخلاقياته وكيف يمكن أن تلعب هذه الأخلاق دوراً مهماً في قياس مصداقيته،
فالثقافة الحقيقية هي كما قلنا سابقاً مزيج شخصي أخلاقي واجتماعي وسلوكي من الدرجة الأولى وليست مقصورة فقط على النتاج الأدبي الذي ربما لا يكشف كثيراً عن حقيقة ذات كاتبه،
كما أن العلاقة الوثيقة ما بين أي مجتمع ومثقفيه والدور الهام الذي يلعبه المثقف في تغيير كثير من المفاهيم والسلوكيات والأفكار لدى أفراد المجتمع هي من تجعلنا نطرح سؤالاً شائكاً يتعلق بإشكالية مدى التزام المثقف بالمبادئ التي يدعو لها أو الأفكار التي يحملها والحضارة الذاتية التي يمارسها على نفسه ومحاولة بلورتها بحيث لا تتعارض مع ما يدعو له ولا تتعارض مع المبادئ الأخلاقية المستندة على مفاهيم دينية واجتماعية للمنظومة التي يتواجد بها إن الصراع الذي تعيشه كثير من الفئات المثقفة مع مجتمعاتها

لا يمكن أن يكون مبرراً كافياً لأن يمارس المثقف ازدواجية هشة تجعله في مأزق من اللامصداقية والدوران في فلك التخبط،

فالمثقفون هم المعنيون بالدرجة الأولى بخلق فكر إيجابي لدى أفراد المجتمع بحيث لا يعاد إنتاج التخلف للأجيال القادمة،
ولكن هذه القدرة على التأثير في الآخر متوقفة على مدى مصداقية المثقف مع ما يطلقه من أفكار ومدى شفاهيته في المقاربة بين ممارسته الإنسانية وتنظيره الفكري، ففقدانه لهذه المصداقية سوف يضائل من حجم الدور الذي يلعبه، بل إنه سيكون كفيلاً بنقله من الجانب الإيجابي إلى الجانب السلبي، والذي قد لا يؤثر فقط عليه كفرد إنساني بل سيتجاوزه إلى مدى جدية الفكر الذي يحمله ومدى جدواه في تغيير المجتمع للأفضل،

بل إن ممارساته الخاطئة ستكون وسيلة لخدمة الأطراف المناوئة له انحراف المثقف عن مساره الفكري لا يمكن حصره في جانب واحد،
فما بين استغلال البعض لمكانتهم الفكرية والثقافية في المجتمع لتحقيق نزوات عابرة أو استغلال تلك المكانة لنيل مصلحة شخصية، مروراً بفوبياء الخوف من السلطة، إلى هاجس التصنيفات الثقافية والنخبوية المختلفة، انتهاءً بأبراج عاجية يشيدها أنصاف المثقفين بفكرهم الهزيل،
والعديد من السلوكيات التي لا تتوافق وماهية المنهج الفكري الذي يدعو له،
هذه الانحرافات هي ما خلفت لدينا أزمة بنيوية فكرية اجتماعية، وأزمة ثقة حقيقية فيما يطرحونه من أفكار أو يقدمونه من مشاريع،
فحتى نثق بماهية المنتج يجب أن نثق أولاً بالمنتج إن مصداقية المثقف وارتباطها بإرادة الفضيلة
هو ما يمنحه القوة في التغلغل بمرونة داخل المجتمع ويعزز الثقة بينه وبين أفراده، تعامله مع الفضيلة كإرادة حرة وقيمة موجودة لا تجير لمصلحة فردية بل كقيمة خالدة تشمل كل فئاته هو من يمنحه تلك الثقة الكفيلة بمساعدته على اتخاذ المواقف الإيجابية وكسر القطيعة بينه وبين مجتمعه،

فقدانه لهذه الثقة سيجعل منه صورة مشوهة للمثقف ويؤدي إلى تدني مستويات النتاجات الفكرية والتي تفتقر بدورها إلى أبسط مقومات الحقائق،
بل ربما تتحول إلى متاجرة على حساب الذوق العام وعلى حساب مشكلات المجتمع ومصادر أفراده،
وبالتالي فرض واقع مليء بالأمراض الاجتماعية دون وجود من يمتلك الإمكانات والقدرة على تشخيصها والتعبير عنها، لذا فإننا نجد أنه من الصعب أن نمارس الفصل ما بين التنظير الذي يمارسه المثقف وبين الواقع الذي يتعاطى معه، فالمثقف يظل نسيج نفسه ومجتمعه وأن امتلك مساحة شاسعة من الفعل الإنساني فإنه يجب أن لا يفشل في ترويض أفعاله بحيث لا يقع ضحية الازدواجية والتناقض وبحيث يكون منتجاً لثقافة أصيلة تخدم فكره الإنساني


منقول للفائده




من مواضيعي :
 

مشاركة الموضوع:


إنتقل إلى

عناوين مشابهه
الموضوع الكاتب القسم ردود آخر مشاركة
باقة زهور ستحتاج أن تهديها لمن تحبه كثيراً دفء الأيام حواء و أسرتها 2 20/01/2010 02:04 PM
اشتقنا إلى أنوثتنا كثيراً زهرة الخزامى شعر و أدب 13 14/01/2007 06:51 PM
حوار مع سجاده بحر السلام ألحان التقوى 6 24/01/2006 07:08 AM


الساعة الآن: 02:46 AM

vBulletin ©2000 - 2024
 
 
عمانيات  مراسلة الإدارة  تصفح سريع منتديات