الأفكار كانت تشوش عقلي بماذا أفكر الآن ؟ أفكار تتضارب في رأسي ، لا أعلم بماذا أفكر أحاول ألا أفكر بشيء سيء فأبدلها بأفكار أقل سوءاً ، وأنا أركض كالمجنون لا أعرف اي وجهة اتجه ،بعد برهة قادتني قدماي الى الزقاق بين المنازل فشاهدت ما لم اكن اريد رؤيته ، رجال بزي جنود! ولكنها ليست زي جنود بلادي ... والابتسامة ترتسم على وجوههم الغريبة واسمع صوت الضحكات الصاخبة وكأنها ضحكة النصر ، خفت كثيراً ، تسللت من بين الزقاق حتى اجد طريقاً للوصول الى محطة القطار، وخوفي على اخوتي يأسر قلبي ، اتجهت مسرعاً
ألى المحطة وفي طريقي اليها ، ذهلت بأعداد من الأهالي الغرباء أنا لا أذكر بأني رأيت مثل هذه الأوجه ، حاولت الاختباء في أي مكان حتى لا يراني أي منهم ، ولكن للأسف شاهدني عدد كبير منهم وحاولوا الامساك بي ، اتجه الي أحد منهم وهو يحمل سلاحا وحاول تصويبه
نحوي إلا أن شخصاً آخر أمسك بيده وكان يقول له كلمات لم افهمها ، وكان يلوح بيده الي كي أذهب وهو يضحك بصوتٍ عالٍ، يا للأسى .... عرفت حينها ان اخوتي بين يديهم ، بين يدي وحوش بشرية انقضوا على أرض غيرهم ، عرفت حينها أن بلدي أصبحت محتلة ، مغتصبة ، ماذا أقول يا ترى .. هل أبكي على ما جرى أم اعود كي أدافع عن ما بقي من أرضي ،،، لكني تذكرت ابي وامي لابد وأنهما ينتظرانني ، اسرعت الى المحطة فوجدت ان القطار قد رحل ، التفت الى الوراء فوجدت
والداي الحبيبان ركضت نحوهما والدموع تنهمر وتتطاير ركضت الى حضن أمي ابكي وأشتكي ، لكن من ماذا ، سردت لهما ما جرى ، وقررت العودة الى الوطن ، المستقبل لا شيء إذا ما قورنت بالأرض، الأرض هي كل شيء نملكه ، لكن ابيوقف بوجهي و اصر على مغادرتي من دونه فواجبه يحتم عليه العودة ، لم أكن موافق على هذا فأنا أصبحت بالغاًً وأستطيع الدفاع عن وطني وشعبي ، فهذا الامر ليس له عمر محدد على كل فرد أن يفعل ذلك ، بعد جدال طويل لم يجدي نفعا ركبت في القطار مع أمي ، وذهب أبي الى الوطن لاستردادها والعودة باخوتي ، تركت أرضي وفي خاطري الم شديد ويقين بأني سأعود لها يوما ،،، وها أنا أمامك الآن اصبحت شيخا ً لا حول له ولا قوة فهل سأعود لها ؟ هل سيأتي هذا اليوم ؟ نظرت إليه وقلبي يعتصر ألماً و حزناً وشفقة وخيبة أمل وفوق هذا كنت أشعر بالندم الشديد، لم أعلم ما أقول ، قمت من مكاني وتركت العجوز يجلس مكانه ، وغادرت بصمت ... وأقول في نفسي ، هل سيأتي هذا اليوم ؟
فهل سيأتي هذا اليوم في نظركم ؟