عمانيات عمانيات
عودة   عمانيات > إيمانيات > إسلاميات
مواضيع اليوم
إسلاميات يهتم بكل ما يتعلق بالشريعة الاسلامية والفقه و المفاهيم الإسلامية الصحيحة

عمانيات   عمانيات
 
 
خيارات الموضوع ابحث بهذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 05/10/2010, 12:13 AM
صورة لـ عمرم
عمرم
مسافر
مسافر
 
روائع الشافعى رحمه الله


روائع الشافعى رحمه الله
رحلة العمر مع عبقرى الأمة

د.إسلام المازنى




الإمام الشافعى ...
محبوب الأمة كلها
رجل وقور
شاعر أديب ..علامة أريب ..
قمة فى الصبر
رجل مثالى ..
نشعر بدفء قلبه و توقد عقله , على بعد السنين بيننا ...
اسمه محمد
كنيته أبو عبد الله
اسم والده : إدريس
نسبه شريف
يمتد ليلتقى مع الحبيب
صلى الله عليه و سلم

فانظر البركة :
اسمه اسم نبى , بل هو اسم نبينا صلى الله عليه و سلم .. سيد ولد ءادم .. و أغناهم عن التعريف بالفضل .

و اسم والده اسم نبى , هو إدريس عليه الصلاة و السلام , و إدريس هو من قيل فيه
( و رفعناه مكانا عليا ) ....
فأى مكان الذى
يصفه الله العلى بأنه على !
و أى شخص من يستحق تلك النعمة ...
صلى الله و سلم على إدريس ..

فالشافعى هو :
محمد بن ادريس بن العباس ابن عثمان بن شافع بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن عبد المطلب بن عبد مناف .

ألقابه : فقيه الملة ..... ناصر الحديث ...
نال تلك الأوصاف لأنه رد على الأغبياء المبتدعة , ممن يدعون التعامل مع القرءان فقط دون الحديث !, و بين لهم أن كلامهم باطل , و أنه نقض للقرءان و نقض للإيمان و امتهان لعقل الإنسان ...


و لك أن تتخيل الفضل , أن يلقب شخص بأنه فقيه الملة !

و أنه ناصر السنة ....ناصر سنة الرسول صلى الله عليه و سلم !
فكيف يجزيه ربه !
و كيف يتلقاه الرسول صلى الله عليه و سلم يوم القيامة عند الحوض !
نسأل الله أن يكون تقبل منه صالح العمل و أن يرحمه رحمة واسعة

ولد الشافعى بعد وفاة النبى صلى الله عليه وسلم بحوالى مائة و أربعين سنة فقط
فقد ولد سنة مائة و خمسين للهجرة الميمونة ...

ولد مجاورا لأرض مباركة ...
أرض وضح القرءان بركتها مرات ...
( الأرض التى باركنا فيها للعالمين )


ولد فى فلسطين الحبيبة السليبة

ليضيف لها فضلا على فضلها

و تضيف له فضلا على فضله ....

ولد فى غزة الأسيرة الكسيرة ...
شرفا و عزاءا لأهلها

و عارا لا يمحى لمن بعدهم أن يفرطوا فيها ..

و سبب ولادته خارج مكة هو أن والده رحمه الله سافر من مكة إلى غزة قبل مولده , لطلب الرزق
و الله أعلم

و لكن توفاه الله تعالى
فنشأ الشافعى يتيما ..... شبها جديدا بالحبيب صلى الله عليه و سلم ...

يتميما فقيرا ......
ربما ليكون قدوة و عبرة ...
فليس لأحد حجة , فها هو اليتيم الفقير

يجتهد و يصبح كالبدر المنير ....
و لننظر للمرأة القدوة , التى أثبتت كيف تكون المسلمة المتميزة الأسوة ....
إنها أمه ..
شريكته فى الفضل ...فلها فضل بعد الله تعالى على الأمة كلها ...جزاها الله خيرا .

فهى من أسس و ربى و وجه وصبر ...
• أمه لم تكن امرأة سلبية و لا تافهة لاهية

و لم تكن تحيا حسب الحال ..

و لا تهمها الراحة و الإباحة !

و لم تكن طائشة كنساء القوم ...
و فهمت الإسلام كرسالة ,
و وهبت نفسها و ابنها للحق كقضية و أمانة ...
• سيدة بحق !

• شابة ناضجة ... قراراتها صائبة

عرفت أين تضع قدمها ...
ترملت باكرا ...
و وعيت ما هنالك ...فنظرت بعين صدق
• مؤمنة نقية الثوب , و لتنظر معى ...
لتحدثك فعالها عنها ..
فلها مواقف عظيمة جدا , كانت سببا مساندا فى ما وصل له الشافعى من خير ....

و فى كل فضل جاد به على الأمة حتى اللحظة بفضل الله عليه ...

* عادت أمه به من فلسطين إلى مكة , و هو ابن سنتين , بعد وفاة والده رحمه الله ، و أرسلته للكتاب (حلقة التحفيظ ) .... فلم تتركه للهو الصبية فى شوارع مكة , و لم ترسله ليتعلم حرفة و يتكسب مع فقرهما ...
و بارك الله فى نيتها , و أظهر نبوغ صبيها الرائع ...

حيث حفظ القرآن وهو ابن سبع سنين !
فأى فرحة لأم ترى صغيرها يمهد لها تاجا فى الفردوس !

و له موقف مؤثر , و هو طفل فى الكتاب

حيث كان فقيرا جدا , لدرجة عدم توفر مال لدفع أجرة الشيخ المحفظ له !!!!

وكان الشافعى من فرط نباهته يقلد المدرس فى غيابه , و يقف ممثلا أنه مشرف على الأطفال !
فيقول التنبيهات و يحفظهم الأيات ..!

فرءاه الشيخ المدرس , و أعجب به , و رضى بأن يجلس مكانه وقت الحاجة , كثمن لبقائه طالبا
(فهو عمل بلا أجر مادى ) بدلا من دفع مصاريف الكتاب التى لا يملكها ....!!

فكان الشافعى يحفظ الأولاد , و يريح الشيخ ..

... و لك أن تتخيل نفسك فقيرا و يتيما , لا تملك المصروفات ....و تعمل مع الشيخ ليتركك تحضر الدرس ... يا الله ..كم أنت عزيز أيها الشرف ..

*** سافرت به أمه الفاضلة للمدينة , ليتلقى العلم عند الإمام مالك , لعلمها أنه أعلم أهل الأرض ...
انظر للقرارات الصادرة من امرأة ! امرأة فى قمة الحرية !

لم تتعبين نفسك , و تسافرين مئات الأميال فى الصحارى و القفار !

لم تضع أمامها هدفا أن يتكسب لها رزقا ,
أو توظفه خبازا أو كاتبا , ليتكسب و يريحها من الجوع والتعب و السفر و قلة النفقة ...

بل كانت تريد له و للأمة الخير , و تتحمل معه كل أمر ...

رحمها الله .... تلك هى السيدة الأولى فى عصرها بحق ..الأم المثالية بصدق ...
* و تمهيدا للقاء الإمام مالك
حفظ الشافعى و هو صبى كتاب الموطأ كله !! وهو ابن عشر سنين ، لأنه خشى أن يرفضه الإمام مالك لصغر سنه ..
فأحب أن يتميز بشئ , ليجعل الإمام يقبله طالبا و يعتنى به !

و إليكم القصة

طلبت له أمّه النابغة طلبا من والي مكة , ليس وظيفة لابنها الفقير النابه سليل الحسب ...
بل سألته أن يرسل رسالة توصية ليهتم به مالك رحمه الله , و يتبناه علميا ، لله درك يا أم محمد !

فأرسل والى مكة مع الشافعى ( وهو غلام صغير )

رسالة إلى والي المدينة.

فلما وصلت الرسالة إلى والي المدينة وقرأها قال:

يا فتى : إنَّ مشيي من جوف مكة إلى جوف المدينة حافياً راحلاً أهوَن عليّ من المشي إلى باب مالك !! فلستُ أرى الذل حتى أقف على بابه !. (( يعنى الإمام مالك ليس عنده محاباة و لا يهمه أنى والى المدينة أو غيره , فهو عزيز النفس و صارم جدا ))

فقال الشافعي : أصلح الله الأمير، إن رأى الأمير يوجه إليه ليحضر (( يعنى أرسل له يأتيك هو لدار الإمارة )).

فقال الأمير: هيهات ..... ، ليت أني لو ركبت ُ أنا ومن معي , و أصابنا من تراب العتيق (يعنى تعفرنا من تراب الحي , حيث يسكن مالك رحمه الله )
نلنا بعض حاجتنا.....!! ( يعنى ليس هو من النوع المهرول ... و يا ليته لو رحت إليه لبى طلبى !!! فكيف تظنه يأتينى هنا )

و فى النهاية واعده على الذهاب إلى مالك في وقت العصر.

ويروي الشافعي فيقول :

وركبنا جميعا ً،
فوالله لكان كما قال ،

لقد أصابنا من تراب العتيق ( تعفرنا ) , فتقدم رجل منا
فقرع الباب , فخرجت إلينا جارية سوداء , فقال لها

الأمير: قولي لمولاكِ أني بالباب.
فدخلت ثم

خرجت فقالت: إنَّ مولاي يقرئكَ السلام و يقول

إن كان لديك مسألة فارفقها في رقعة يخرج إليك

الجواب (( يعنى اكتب ورقة و سأدخلها و أخرج لك الجواب !! ... يعنى لا تأخر عن فتوى و لا كتمان لعلم ))

و إن كان للحديث فقد عرفتَ يوم المجلس

(موعد الدرس ) فانصرِف...

(( و الشرع لا يمانع من رد الزيارة لأى سبب خاص ((و إن قيل لكم ارجعوا فارجعوا )) وخاصة رفض الخلطة بالكبراء منعا للشبهة ... ))

و كان مالك رحمه الله حازما مهيبا , و لا يقبل إزعاجا و لا تضييعا للوقت ..... )

فقال لها الأمير : قولي له إنَّ معي كتاب والي مكة إليه في حاجة.

فدخلت وخرجت , و إذا بمالك قد خرج , و عليه المهابة والوقار و هو شيخ طويل ،

فأعطاه الوالي الكتاب المحتوى على التوصية , فطفق يقرأه
فلما بلغ إلى هذا: " إنَّ هذا رجل يهمني أمره وحاله فتحدثه ...وتفعل ... وتصنع ... ".

فرمى مالك الكتاب من يده ثم قال :
سبحان الله
أوَصار علم رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤخّذ بالرسائل ؟!!!
( بالواسطة و بالتعليمات )

قال الشافعي : فرأيتُ الوالي قد تهيَّب أن يكلِّمه فتقدمتُ و قلت:

" أصلحك الله ... إني رجل مطلبيّ من بني المطَّلِب , وحدَّثتُه عن حالتي و قضيتي , فلما سمع كلامي نظر إليَ ...( و كان لمالك رحمه الله فراسة فهو مالك بن أنس !)

فقال: ما اسمك ؟

قلت: محمد،

فقال: " يا محمد إنه سيكون لك شأن من الشأن ,
إنَّ الله تعالى قد ألقى على قلبك نوراً فلا تطفئه
بالمعصية.
إذا جاء الغد تجيء مصطحباً معك ما
تقرأ به ".

وطلب منه أن يأتي بمن يقرأ له كتاب الموطأ لصغر سنه , و لكن الشافعي جاءه في اليوم الثاني , و بدأ يقرأ عن ظهر قلب والكتاب معه .
وكلما قرأ قليلاً شعر بالهيبة من الإمام مالك , وأراد أن يقطع القراءة , ولكن الإمام مالك أعجبته قراءته المتقنة ...
فقال: زد يا فتى ،
حتى قرأ عليه الموطأ في أيام يسيرة.
و هى فرصة العمر أن يكون مجازا ضابطا لكتاب السنة الأعظم بعد كتاب الله فى وقته ( الموطأ ) على يد من جمعه و كتبه بيده فى عشرات السنين ...! بل أفضل من أى دكتوراة فى زمان الشهادات ..

قال مالك رحمه الله عنه:
ما يأتيني قرشي أفهم من هذا الغلام ،
وقال :
إن يك يفلح فهذا الغلام !
يا الله ..
كيف فهمتها يا إمام ...أمحدث انت ..أملهم أنت ..أكشفت الأستار !
مالك يسمع الكلمات , و يرى بريق عين الغلام ..
إنه مالك كأنه يرى بنور الله ...
و صدقت فراسة المؤمن ..
مالك رحمه الله ..

ولازم الشافعي مالكاً تسعة أعوام ...
رحمهما الله

نور مع نور ...
نعم النشأة يا ابن ادريس

هنيئا لك بأمك

هنيئا لك بنفسك , ما أقعدك يتمك باكيا بائسا

هنيئا لك بمعلم لم تر الأرض مثله فى زمانه ...
إنه مالك يا أحباب

هو من قيل فيه

ارو الحديث المنتقى عن أهله

سيما ذوي الأحلام والأسنان


كابن المسيب والعلاء ومالك
والليث والزهري أو سفيان


فطوبى لمن كان وصفه أنه :
من أهل حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم !
فى زمن يتفاخر فيه الدون بكلام المجون...


• و لم يكتف الشافعى بتلك البعثة تسع سنوات مع علامة المدينة , بل عاد الشافعى لمكة و تعلم على يد علامتها سفيان بن عيينة , بعد وفاة الإمام مالك !

وكما تعلمنا فى الأثر :

(( منهومان لا يشبعان .. طالب علم و طالب مال ...))
فنعم النهم لو كنت طالب علم .. و بئسه لو كنت تطلب المال لتنفقه فى الدنيا ....
فكما نعلم من الأثر المضىء :
الدنيا دار من لا دار له
و مال من لا مال له
و لها يجمع من لا عقل له ..

**و فى سنين الدراسة كان الورق غالي الثمن , والشافعي وأمه فقراء ....


فيُروى أنه كان يلتقط العظام العريضة , فيكتب عليها , أو يذهب إلى الديوان فيجمع الأوراق المهملة , التي يلقى بها فيكتب على ظهرها....!!

و لا تعليق ...
فلننظر فقط لما نحن فيه , لنتعلم كيف تكون الرجولة و الجدية ...

* فهم الشافعى أن اللغة أصل فى فهم القرءان , و فهم أن أصح لغة لم تحرف هى لغة قبيلة من القبائل هى هذيل , فابتعث نفسه فى بعثة إليهم ...

فى الصحراء !!
( بعثة بلا راتب و لا بدلات , و ليست فى مدينة بخدمات عالمية )

و مكث بينهم ... صابرا مرابطا مؤدبا
ليسمع من نطقهم و بلاغتهم و سليقتهم ...
و يتعلم كيف يكون فصيحا ..

مضحيا بوقته و ماله و جهده ...

و لا وظيفة تنتظره !

بل غربة فى الله و لله ...
و نعم الغربة ...

فما بالنا نستوحش وسط الزحام و العرق ...

مكث الشافعى عشرة أعوام مع القبيلة الأصيلة , عكف خلالها على دراسة اللغة وآدابها , و حفظ الشعر (حفظ أكثر من عشرة آلاف بيت) كما تعلَّم الرماية و الفروسية وبرع فيهما.

وروى الشافعي عن نفسه فقال :
كانت همَّتي في شيئين، في الرمي والعلم , فصرتُ في الرمي بحيث أصيب عشرة من عشرة ". وسكتَ عن موضوع العلم تواضعاً , و هو من هو .... !

فأين من يتكبرون !

ـ و لم يكتف الشافعى !
بل رحل إلى بغداد ليتلقى عن مدرسة الرأي !!!

فلننظر للهمة
و لنبك على أنفسنا !
ما بالنا حبستنا الوظائف و العلائق و العوائق ....

* صوته فى قراءة القرءان و خشوعه :
لم يكن الشافعى فقط حافظا متقنا , و لا دارسا فاهما ...

بل كان له قلب كبير , يشعر بالقرءان كرسالة روحية أيضا ,
و تهتز أضلعه و تغرق دموعه وجهه و لحيته ...

و من الله سبحانه عليه بصوت مؤثر ,

و بخشوع لا يوصف ..

فنعم العلم مع الخشية ..

أين البكاء بجوف الليل يا أمة حق لها أن تبكى لكل سبب و حال !

قال بن نصر رحمه الله :
كنا إذا أردنا أن نبكي قال بعضنا لبعض :
قوموا إلى هذا الفتى المطلبي ( الشافعى ) يقرأ القرآن ، فإذا أتيناه ( يصلي في الحرم ) استفتح القرآن حتى يتساقط الناس !!, و يكثر عجيجهم بالبكاء من حُسن صوته , فإذا رأى ذلك أمسك من القراءة......
( يعنى كان يستحيى و يخشى الرياء , و يخشى حب الظهور على نفسه ) .

و يحضرنى قول الشاعر
طُوبى لعبدٍ لِمولاهُ إنابتهُ قد فاز عبدٌ مُنيبُ القلبِ أواهُ
كم من فتىً قد دنت للموت رِحلتُهُ وخيرُ زاد الفتى للموت تقواهُ

وكلُ ذِي أجلٍ يوماً سيبلغهُ وكُلُّ ذِي عملٍ يوماً سيلقاهُ

* عبقريته
إليكم أقوال من رأوه من معاصريه , و هم من هم من عباقرة الدنيا يمدحونه , فكيف يكون هو !! :
ما رأيت أحدا أعقل من الشافعى

لو جمعت أمة لوسعهم عقله.

كرمه :
لم يكن علمه و خشوعه بلا جود و فضل و سخاء !

* قال ابن عبد الحكم رحمه الله :

كان الشافعى أسخى الناس بما يجد.

و قال الربيع رحمه الله :

تزوجت فسألنى الشافعى كم أصدقتها؟ قلت: ثلاثين دينارا عجلت منها ستة , فأعطانى أربعة وعشرين دينارا...

تأليفه لكتابه " الرسالة " وأهميته:

أصبح من عادة الشافعي أن يجلس في الحرم عند بئر زمزم , حيث كان يجلس الصحابي الجليل شيخ المفسرين عبد الله بن عباس رضي الله عنهما.

فلم يكن له دار فخمة و لا قصر منيف ...

و لا قاعة محاضرات , بل بركة الموضع و تواضع العالم ...
يجلس أمام الناس يكتب و يقرأ ...
وبدأ الشافعى يؤلف في مكة رائعته التى كرمه الله بها و هى كتابه " الرسالة "،

وكان قد اشتهر في هذا الوقت في مختلف أنحاء البلاد... فيأتيه طلاب العلم

وكان منهم العلامة الباحث عن الحق : أحمد بن حنبل
الذي كان تلميذاً للإمام ابن عيينة إمام الحديث في عصره في المسجد الحرام.

و لكن الإمام أحمد اهتم بالسمع من فقه الشافعى
و ترك مجلس ابن عيينة !!

فلما سئل عن ذلك قال:

إنك إن فاتك الحديث بعلوّ تجده بنزول , و لا يضرك ذلك ( يعنى كونى راويا لن يؤثر فى كثيرا أن يموت ابن عيينة , فأروى الرواية ممن سمعها منه لاحقا , فالنصوص باقية معهم )

أما إن فاتك عقل هذا الفتى - يقصد الشافعي- فإني أخاف أن لا تجده إلى يوم القيامة ، ما رأيتُ أحداً أفقه بكتاب الله تعالى من هذا الفتى القرشي...

و كان أحمد بن حنبل رحمه الله يقول :

كان الفقه مقفلاً على أهله , حتى فتحه الله للإمام
الشافعي !

*و من عبقريته

قال الحسن بن محمد :
كنا نحضر مجلس بشر المريسي( رجل مبتدع معتزلي قدري , و لكنه بارع فى المناظرة , فيشد الناس و يفتنهم بلسانه ) وكنا لا نقدر على مناظرته ,

فسألنا أحمد بن حنبل , فدلَّنا على الشافعي ،
فسألنا الشافعى شيئاً من كتبه , فأعطانا الشافعى كتاب ( بحث فقه ) اليمين مع
الشاهد , فدرسته في ليلتين , ثم غدوتً على بشر المريسي , وتخطَّيتُ إليه فلما رآني قال : ما جاء بك يا صاحب الحديث؟

قال الحسن : ذرني من هذا،
ما هو الدليل على إبطال اليمين مع الشاهد؟

فناظرته فقطعته ...
فقال: ليس هذا من كيسكم ، هذا

من كلام رجل رأيتُه بمكة معه نصف عقل أهل الدنيا.!!!!

وكان بشر المريسي لما رأى الشافعي المفتي في

مكة يحدِّث قال لأصحابه المعتزلة : إني لا أخاف

عليكم من أحد , و لكني أخاف عليكم من هذا الفتى

فإنَّ معه نصف عقل أهل الدنيا.!!!
( و الفضل ما شهدت به الأعداء ! )

قال أحمد بن حنبل عن نفسه :
هذا الذي ترون كله أو عامته من الشافعي ( يعنى معظم فقهى و علمى جعله الله سببا فيهما ) ،
ما بتُّ مدة أربعين سنة إلا و أدعو الله للشافعي !

يا الله .. لله درك يا أحمد

نعم الوفاء و نعم التواضع و نعم الأدب ...

تنسب جل ما أنت فيه للشافعى !
المتحدث هو أحمد بن حنبل !!!
العقل !و القلب ! و النفس !

لا يأحد يرفع أنفه حين تقول ابن حنبل ...

قمة من قمم التاريخ ..

يقول عن الشافعى تلك المقولات ...

فلله درهما

* و في يوم نزل الشافعي ضيفاً عند أحمد بن حنبل , وكان الإمام أحمد يتهجد , و يطيل فى صلاة القيام , و أخذت ابنة الإمام أحمد تتطلع لغرفة الشافعي رحمه الله متشوقة لترى



كيف تكون عبادته ! و هو أشهر الفقهاء
و تقارنه بوالدها العلامة الشهير ..
. فرأت غرفة الشافعي بقيت مظلمة , و لم تشعر بأى حركة !
و لم تسمع تلاوة طيل الليل كما توقعت !

فقالت لأبيها: أهذا هو الشافعي ؟

فلم يجبها , ولما دخل على الإمام الشافعي قال :
كيف كانت ليلتك يا أبا عبد الله ؟
فقال له: لقد تفكرتُ الليلة في بضع آيات من كتاب الله تعالى , و روايةٍ في حديث النبي صلى الله عليه وسلم ، فاستخرجتُ منها فوق الستين حكماً ....!!!

فقال الإمام أحمد لابنته:

لضجعة واحدة من الإمام الشافعي خير من صلاة أبيكِ الليل كله!!

و لم تكن تلك هى القاعدة طبعا , بل كان يتبتل و يتهجد بشكل جعل المعاصرين ييأسون من اللحاق به فى عبادته و تنسكه !
لو لم يكن هناك ما يشغله من تفكر فى العلم , و التفكر عبادة كما نعلم ...


فمن نوافله التى وردت فى ترجمته و مناقبه :

أنه كان يقسم ليله إلى ثلاثة أقسام :
ثلث ينام فيه , و ثلث يكتب فيه , و ثلث يصلي فيه التهجد !

فمتى تنام يا أبا عبد الله ؟

يا نورا من أنوار الأمة ؟ ( قليلا من الليل ما يهجعون )

• وكان الشافعى رحمه الله يقدر علم أحمد بن حنبل بالحديث و صحته , و يقول له : إذا صح عندك الحديث فأخبرني عنه ....
• فنعم الصداقة و نعم الصديق ..
• و نعم الجو العلمى الربانى ..



• وسافر الشافعى لمصر , و فيها كان مؤلفه الكبير " كتاب الأم "

و كان يدرس فيها في مسجد تاج الجوامع

• فيدرس كل العلوم للطلاب !

كأنه موسوعة شاملة
• مجموعة من العلماء جمعت فى شخص واحد ...

يدرس
• علوم القرءان
• ثم علوم الحديث
• ثم علوم اللغة وآدابها ..!!!!

طيلة النهار ....
سبحان الله ....
ما أروع العلم , و ما أشد جلدك و صبرك بلا راتب و لا أجر مادى !

إن المـــكارم أخــلاق مطــهــرة
الديــن أولـهــا و العــقــل ثانيـــها
و العـــلم ثـــالثـــها و الحلم رابعها ..... و الجود خامسها و الفــضل سادســــها
و البــر سـابـعهـا و الشـكـر ثامنها ..... و الصبر تاسعــهـا والليــن باقيــها

و فى مصر كتب كتابه (الرسالة ) ثانيا منقحا .

و أعاد النظر فى اجتهاداته
فمن هنا نسمع كلمة :
قاله الشافعى فى القديم ...
يعنى فتوى قالها فى اجتهاده الاول في كتابه " الحجة " حيث ألفه فى العراق

وإذا قيل :
مذهب الشافعي الجديد , فيراد به أقواله في مصر , المجموعة في كتابه " الأم "
** كان الشافعي من العاملين بعلمهم كما قلنا ,

فجند نفسه فى سبيل الله للحراسة على الحدود
حيث رابط فترة في الثغور بمصر

لكى يكون فى طليعة من يصدون أى هجوم غادر للعدو , و ينال شرف الرباط ..فلا يكون هناك باب من أبواب الخير إلا و له فيه سهم و نصيب !
رغم أنه لو قال أنا عالم و لا يوجد من يسد مكانى لو خرجت , لما لامه أحد ..

لكن هيهات ..
تريد الشافعى أن يتكاسل !
لقد نور الله بالعلم صدورا
فأبت أن ترضى بالدنا مقيلا ....

• وفي آخر عمره رحمه الله مرض و اشتد به الإمتحان , ربما ليكون قدوة للمرضى و للأصحاء ...
• و يقطع الحجج على أهل زماننا و من تلاهم .
• و لترتفع درجته فى السماء , نحسبه على خير و الله حسيبه ..
• و لا نزكيه على الله ...
• حيث أصيب بالبواسير , و كان النزيف شديدا , حتى قيل إنه ربما ركب الدابة فسال الدم من عقبيه....

• وكان يضع طستا تحته , و فيه قماشة لتمتص الدم ... و هو يكتب و يقرأ و يشرح ..! هو وصف من عاصروه و تشرفوا برؤية مناضل من الزمن الجميل بأهله ...

و رغم تلك المكابدة و الصبر الجميل و القدوة فى الرضا ..
فقد كتب فى سنين مرضه جملة عظيمة من رسائل فقهه و اجتهاده الجديد ...بل واصل الدروس والمطالعات ....
و ترك ثروة علمية فى تلك السنوات الاخيرة ,لا تقدر و لا يثمنها سوى العقلاء !!

...فلم ينم و لم يخلد للراحة , و معه الحجة و السبب ..

فلو قال : أنا مريض , لقالوا له : فلتتقاعد مشكورا , قد أديت ما عليك !

فما بالنا نقعد بلا مرض و لا سبب !

فحق أن يقال فى فضله كعالم عابد قدوة :

• قول الامام أحمد بن حنبل :

• كان الشافعى كالشمس للدنيا ، و كالعافية للناس ، فهل لهذين من خلف! أوعنهما عوض !.

ووضح أحمد بن حنبل أن الشافعى هو العالم القدوة , للمائة عام الثانية بعد النبى صلى الله عليه وسلم .. فقال :
• إن الله يقيض للناس فى رأس كل مائة سنة من يعلمهم السنن وينفى عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الكذب،
فنظرنا فاذا فى رأس المائة عمر بن عبد العزيز، وفى رأس المائتين الشافعى ،
• وقال :
• لولا الشافعى ما عرفنا فقه الحديث


: ما مس أحد محبرة ولا قلما الا للشافعى فى عنقه منة !

( يعنى له فضل على كل من تعلم العلم بما له من قواعد أصولية صارت مرجعا و أساسا للفقه )

قال أبو زرعة الرازى :
ما عند الشافعى حديث فيه غلط....!
( الله أكبر كبيرا ... فضل الله يؤتيه من يشاء )

درر من أقواله:
• قال الشافعى رحمه الله:

- ما تُقُرِّب إلى الله عز وجل بعد أداء الفرائض بأفضل من طلب العلم.
- طلب العلم أفضل من صلاة النافلة.
- من ضُحِكَ منه في مسألة لم ينسها أبداً.
- من حضر مجلس العلم بلا محبرة و ورق كان كمن حضر الطاحون بغير قمح.

* قراءة الحديث خير من صلاة التطوع.
* العلم ما نفع ، ليس العلم ما حفظ.

و قال :
الانقباض عن الناس مكسبة للعداوة،
والانبساط اليهم مجلبة لقرناء السوء،
فكن بين المنقبض والمنبسط.

*• كل حديث عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فهو قولى ، وان لم تسمعوه منى.....(( يعنى ما لم يصلنى من حديث , و ثبتت صحته لديكم , فاعتبرونى أفتيت به و تراجعت عن قولى ...))

*و قال الشافعى رحمه الله أيضا :

إذا وجدتم فى كتابى خلاف سنة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقولوا بها ودعوا ما قلته.


فضل كتبه :
قال الإمام أحمد :
صاحب حديث لا يشبع من كتب الشافعى.

• قال الجاحظ :
نظرت فى كتب هؤلاء النبغة الذين نبغوا فى العلم , فلم أر أحسن تأليفا من الشافعى , كأن كلامه در الى در
( يعنى لؤلؤ متجاور .... فسبحان الله ).
..................................

لعل الله تعالى يوقظ همة أحد قرائنا , فيبحث و يلتقط تلك الدرر , ليعيد تقديمها للأمة
العطشى ...


لحظة وفاته:
قال المزنى ( و هو صاحب الشافعى رحمه الله ):
دخلت على الشافعى فى مرضه الذى مات فيه،

فقلت: يا أبا عبد الله كيف أصبحت ؟ فرفع رأسه،

وقال :
أصبحت من الدنيا راحلا
ولإخوانى مفارقا

ولسوء عملى ملاقيا

وعلى الله واردا
ما أدرى !

روحى تصير الى جنة فأهنيها , أو الى نار فأعزيها...

ثم بكى , و أنشأ يقول :
و لما قسى قلبى وضاقت مذاهبى *** جعلت رجائى دون عفوك سلما
تعاظمنى ذنبى فلما قرنـته *** بعفـوك ربى كان عفوك أعظما
فما زلت ذا عفو عن الذنب لم *** تزل تجود وتعـفـو منة وتكرما

....

اللهم ارحمه رحمة واسعة
صلى الإله على النبي محمد
ما ناح قمري على الأغصان

وعلى جميع بناته ونسائه
وعلى جميع الصحب والإخوان


من المراجع الكثيرة التى تلألأت بسيرته

سير أعلام النبلاء للذهبى
تذكرة الحفاظ للذهبى
صفة الصفوة لابن الجوزى
جامع بيان العلم و فضله لابن عبد البر
الانتقاء لابن عبد البر
حلية الأولياء لأبى نعيم




من مواضيعي :
الرد باقتباس
 

مشاركة الموضوع:


إنتقل إلى

عناوين مشابهه
الموضوع الكاتب القسم ردود آخر مشاركة
من روائع الامام الشافعى fatenfouad شعر و أدب 5 16/09/2011 03:26 PM
من أخبار الشافعي رحمه الله !!!!!! alanfal شعر و أدب 6 18/04/2011 08:01 PM
شرح قصيدة الرضا بقضاء الله وقدره للشاعر الإمام الشافعي زهرة النرجس شعر و أدب 5 08/03/2011 11:24 AM
صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم كاملة ( الشيخ بن عثيمين رحمه الله ) عمرم الحديث والسيرة النبوية 7 22/12/2010 11:00 PM
الشيخ زايد رحمه الله الصمت ميزتي ألحان التقوى 8 18/01/2010 02:02 AM


الساعة الآن: 06:34 AM

vBulletin ©2000 - 2024
 
 
عمانيات  مراسلة الإدارة  تصفح سريع منتديات