|
إسلاميات يهتم بكل ما يتعلق بالشريعة الاسلامية والفقه و المفاهيم الإسلامية الصحيحة |
|
خيارات الموضوع | ابحث بهذا الموضوع | طريقة العرض |
#1
|
||||
|
||||
دَهَـنَـتْـنِي بالطِّـيب !
دَهَـنَـتْـنِي بالطِّـيب !
النفس البشرية تُحب الجمال ، وتتعلّق به ولذا حُبب إلى النبي صلى الله عليه وسلم النساء والطِّيب . فليس من نفس إلا وهي تُحب الجمال ، وتكره الابتذال . وما مِن نفس طَيّبة إلا وهي تُحبّ الطِّيب . قال ابن القيم رحمه الله : فإن الطَّـيِّب لا يُناسبه إلا الطِّيب ، ولا يَرضى إلا به ، ولا يَسكن إلا إليه ، ولا يطمئن قلبه إلاَّ به ... وكذلك لا يَخْتَار من المناكح إلا أطيبها وأزكاها ، ومن الرائحة إلا أطيبها وأزكاها ، ومن الأصحاب والعُشراء إلا الطيبين منهم ؛ فَرُوحُـه طيب ، وبَدَنه طيب ، وخُلُقه طيب ، وعمله طيب ، وكلامه طيب ، ومطعمه طيب ، ومشربه طيب ، وملبسه طيب ، ومنكحه طيب ، ومدخله طيب ، ومخرجه طيب ، ومُنْقَلبه طيب ، ومثواه كله طيب .. . اهـ . والنساء شقائق الرجال ، فإنهن يُرِدْن ما يُريده الرِّجال .. وليس تجمّل الرَّجُل للمرأة عيباً أو بِدعاً من الأفعال . فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل بيته بدأ بالسِّواك – كما في صحيح مسلم – ليكون صلى الله عليه وسلم طـيّب الفـمّ ، زَكيّ الرائحة . وكان عليه الصلاة والسلام يتطيّب لنسائه . قالت عائشة رضي الله عنها : كنت أُطـيّب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيطوف على نسائه ، ثم يصبح مَحْرِماً ينضخ طِيباً . رواه البخاري ومسلم . قال ابن القيم : وكان صلى الله عليه وسلم يُكثِر التطيب ويُحِبّ الطيب . وقال : وكان يُكثِر التطيب ، وتشتدّ عليه الرائحة الكريهة ، وتشقّ عليه ، والطيب غذاء الروح التي هي مطية القوى تتضاعف وتزيد بالطِّـيب ، كما تزيد بالغذاء والشراب والدَّعَـة والسرور ومُعاشرة الأحبة وحدوث الأمور المحبوبة ... والمقصود أن الطِّـيب كان من أحب الأشياء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وله تأثير في حفظ الصِّحة ، ودَفْع كثير من الآلام وأسبابها ، بسبب قوة الطبيعة به . اهـ . قال ابن عباس : إني لأتزين لامرأتي كما تتزيّن لي ، وما أحب أن أستَنَظِف كل حقي الذي لي عليها ، فتستوجب حقها الذي لها عليّ ، لأن الله تعالى قال : (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) . والشاهد وله : " وما أحب أن أستَنَظِف كل حقي الذي لي عليها " فهو ينظر للمسألة نَظْرَة موازنة ، فإنه إذا أخَذَ الحقّ كاملا لزِمه أداء الواجب كاملاً . ومعنى " أستنظِف " أي آخذ حقي كاملاً . قال يحيى بن عبد الرحمن الحنظلي : أتيتُ محمد بن الحنفية ، فَخَرَجَ إليّ في ملحفة حمراء ، ولحيته تَقْطُر من الغَالِيَة ، فقلت : ما هذا ؟! قال : إن هذه الملحفة ألْقَتْها عليّ امرأتي ، ودَهَنَتْنِي بالطيب ، وإنهن يَشْتَهين منّا ما نَشْتَهيه مِنْهُنّ . قال القرطبي في التفسير : " قال العلماء : أما زينة الرجال فعلى تفاوت أحوالهم ، فإنهم يَعْمَلون ذلك على اللَّبَق والوفاق ، فربما كانت زينة تَلِيق في وقت ولا تَلِيق في وقت ، وزينة تَلِيق بالشباب ، وزينة تَلِيق بالشيوخ ولا تَلِيق بالشباب ، ألا ترى أن الشيخ والكهل إذا حفّ شاربه ليق به ذلك وَزَانَه ، والشاب إذا فعل ذلك سَمج ومُقِت ، لأن اللحية لم توفر بعد ، فإذا حفّ شاربه في أول ما خَرَجَ وجهه سمج ، وإذا وفرت لحيته وحفّ شاربه زانَه ذلك ، وكذلك في شأن الكسوة ، ففي هذا كله ابتغاء الحقوق فإنما يُعْمَل على اللبق والوفاق ، ليكون عند امرأته في زينة تَسُرّها ، ويُعِفُّها عن غيره من الرجال ، وكذلك الكحل من الرجال ، منهم من يَلِيق به ، ومنهم من لا يليق بهم ، فأما الطيب والسِّواك والخلال والرَّمي بالدَّرن وفُضُول الشَّعر والتطهير وقَلْم الأظفار ، فهو بَيِّنٌ مُوافق للجميع ، والخضاب للشيوخ ، والخاتم للجميع من الشباب والشيوخ زِينة ، وهو حُليّ الرجال ... ثم عليه أن يَتَوخَّى أوقات حاجتها إلى الرجل فيُعفها ويُغنيها عن التطلّع إلى غيره " . و " الخِلال " هو إخراج ما بين الأسنان من بقايا الطعام ، وفي الحديث : حبذا المتخلِّلُون من أمتي . رواه الطبراني في الأوسط ، وهو في صحيح الترغيب . فالنّفس لا شك تُحب الجمال ، وترغب في الروائح الزكيّة ، فالزوج يَسُرّه أن تكون زوجته عَطِرَة ، وهو يَبِيت بروائح تتقزز منها النفوس ، وتَنْفُر منها الطِّباع ، بل وتأباها السباع !! أو يكون ممن لا يَعتَنِي بأسنانه فتَفُوح منها روائح تُسبب في نُفُور زوجته منه . فينبغي للأزواج العناية بمظاهرهم ، والتّجمّل لنسائهم ، فكما يُريد الرجل من زوجته أن تتجمّل له فليتجمّل لها ليكون ذلك أدعى لغضّ بصرها ، وإعفاف نفسها . وقد بلغتني شكوى غير واحدة من النساء أن أزواجهن يتجمّلون ويتطيّبون عند خروجهم فحسب . حتى قالت إحداهن : اشتريت طيبا وأهديته لزوجي ، وقلت له : تطـيّب منه لي ! والأمر كما قال محمد بن الحنفية رحمه الله : وإنهن يَشْتَهين منّا ما نَشْتَهيه مِنْهُنّ . فتجمّل لزوجتك .. لتكسب قلبها .. وأحبّها .. تُبادِلك الشّعور .. وأغنِها عن النّظر إلى غيرك .. فإن الحياة الزوجية بمثابة الرّصيد البنكي ! إن أَخَذْتَ منه ، ثم أَخَذْتَ منه .. فإن مآله إلى الـنّفاد .. ومصيره إلى الانتهاء .. حينها تَطلب المال فلا تحصل عليه .. وتبحث عن عَصَب الحياة فلا تجده . وهكذا الحياة الزوجية إذا أخَذّتَ فأعْـطِ وإذا أُعطِيتَ فقابِل وهذا من شُكر المعروف ، ومُكافأة الْمُحسِن . وفي الحديث : من صنع إليكم معروفا فكافئوه ، فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تُروا أنكم قد كافأتموه . رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي . |
|