لا تنسى ذكر الله

لاتنس ذكر الله



يتفق العقلاء جميعا أن القلوب تصدأ كما يصدأ الحديد وأنها تظمأ كما يظمأ الزرع وتجف

كما يجف الضرع ، لذا فهي تحتاج إلى تجلية وري ، يزيلان عنها الصدء والظمأ ، والمرء

في هذه الحياة محاط بالأعداء من كل جانب ؛ نفسه الأمارة بالسوء تورده موارد الهلكة

وكذا هواه وشيطانه ، فهو بحاجة ماسة إلى ما يحرزه ويؤمنه ويسكن مخاوفه ويطمئن

قلبه .

وإن من أكثر ما يزيل تلك الأدواء والأمراض ويحرز من الأعداء : ذكر الله والإكثار منه ،

فهو جلاء القلوب وصفاؤها وطبها ودواؤها ..

ومن الحقائق المسلمة عند العلماء أن الله تعالى خلق الإنسان مكونا من مادة وروح ،

وحتى تستقيم حياة هذا الإنسان لابد من حصول التوازن بين الأمرين ، بمعنى أنه لابد

من تغذية الروح والمادة على حد سواء ، فإذا طغى الجانب المادي على الجانب الروحي

لم يعد هناك فرق بين الإنسان والحيوان ، حيث تراه يعيش كما تعيش البهائم بلا دين

ولا قيم ولا أخلاق ، لاهم له سوى شهواته ، وهكذا يظل طول حياته يعيش في تعاسة

وشقاء يعاني الخواء الروحي والفراغ الإيماني مما يسبب له عدم الاطمئنان، وما أكثر

هذا الصنف من الناس في زمننا هذا . وأما إذا طغى الجانب الروحي على الجانب

المادي فإنك تجد هذا الإنسان ـ على عكس ما سبق تماما ـ يعيش في أوهام غير

متناهية ، وخرافات لا يقبلها دين صحيح ، ولا يستسيغها عقل سليم . والإسلام ما

جاء إلا ليصلح من شأن هذا المخلوق الضعيف الذي هو الإنسان ويرفع من قيمته

ويعلي من قدره ومكانته حتى يبلغ به منتهى الكمال الممكن ، وجعل أمامه طرقا

كثيرة ووسائل متعددة لبلوغ ذلك الهدف ، ومن أهم هذه الطرق وأفضلها : ذكر الله ،

ويكفي أن نعلم في هذه المسألة أن الله يذكر المتصفين بهذه الصفة عنده في الملأ

الأعلى ، وهذاـ لعمر الله ـ فوز عظيم وشرف كبير ، قال تعالى : "فاذكروني أذكركم "





وقال في الحديث القدسي : (( أنا عند ظن عبدي بي ، وأنا معه إذا ذكرني فإن ذكرني

في نفسه ذكرته في نفسي وإذا ذكرني في ملء ذكرته في ملء خير من ملئه ))

بالإضافة إلى أن الله عز وجل جعل أهل الذكر ممن أعد لهم مغفرة وأجرا عظيما ،

وليس ذلك إلا لأهل الجنان ــ جعلنا الله منهم ـ قال جل جلاله في سورة الأحزاب :

"إن المسلمين والمسلمات و المؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين

والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات



والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات

أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما "

وأنواع الذكر كثيرة وعديدة ، منها : قراءة القرآن ، والصلاة وهي من أفضل أنواع الذكر ،

والتسبيح ، والتحميد ، والتهليل ، والتكبير ، وغير ذلك من الأدعية الواردة في أدب اليوم

والليلة ، كي يبقى هذا الإنسان متصلا بالله في كل وقت وحين ، ومع الله في سبحات

الفكر ولمحات البصر.

إن حيرة الناس اليوم وشقوتهم وتعاستهم تعود إلى عدولهم عن هذا الأصل الواضح ،

وصدق ربي إذ يقول : " ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم

القيامة أعمى "





فداوم أخي الكريم أختي الكريمة على ذكر الله في كل وقت وعلى كل حال

"ألا بذكر الله تطمئن القلوب "واعلم ان من كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله

دخل الجنة .