|
إسلاميات يهتم بكل ما يتعلق بالشريعة الاسلامية والفقه و المفاهيم الإسلامية الصحيحة |
|
خيارات الموضوع | ابحث بهذا الموضوع | طريقة العرض |
#1
|
||||
|
||||
مَـنْ هـو الذي يُستر عليه ؟
بسم الله الرحمن الرحيم
لـو سترته بثوبك يتشوّف الإسلام إلى الستر ، ويتطلّع إلى إخفاء الزلات ، وكتمان العيوب . إذ أن إفشاء ذلك يعيب صاحبه بالدّرجة الأولى وهو سبب لفشوّ الفاحشة ، وانتشار الفساد . ولذلك لما جاء هَـزَّال بن يزيد الأسلمي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ورفع له شأن ماعز والله يا هزال لو كنت سترته بثوبك كان خيرا مما صنعت به . رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي في الكبرى . ومِن هُنا جاء الحث على ستر المسلمين والمسلمات . فقال عليه الصلاة والسلام : من ستر مسلما ستره الله يوم القيامة . رواه البخاري ومسلم . وفي الحديث الآخر : من ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة . وهذا الستر مُتعلّق بالمعاصي والآثام لا أن يستره بالكسوة ونحوها . قال الحافظ ابن حجر رحمه الله : قوله " ومن ستر مسلما " أي رآه على قبيح فلم يظهره ، أي للناس ، وليس في هذا ما يقتضي ترك الإنكار عليه فيما بينه وبينه . وقال الإمام النووي رحمه الله : في هذا فضل إعانة المسلم وتفريج الكرب عنه ، وستر زلاته . وقال حافظ المغرب ابن عبد البر رحمه الله : فإذا كان المرء يؤجر في الستر على غيره ، فستره على نفسه كذلك أو أفضل ، والذي يلزمه في ذلك التوبة والإنابة والندم على ما صنع ، فإن ذلك محو للذنب إن شاء الله . وروى في التمهيد بإسناده أن عمار بن ياسر رضي الله عنه أخذ سارقا ، فقال : ألا أستره لعل الله يسترني . ولكن مَـنْ هـو الذي يُستر عليه ؟ قال الإمام النووي رحمه الله : المراد به الستر على ذوي الهيئات ونحوهم ، ممن ليس معروفا بالأذى والفساد . قال الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله : واعلم أن الناس على ضربين : أحدهما : من كان مستوراً لا يُعرف بشيء من المعاصي ، فإذا وقعت منه هفوة أو زلة ، فإنه لا يجوز هتكها ولا كشفها ولا التحدث بها ؛ لأن ذلك غيبة محرمة ، وهذا هو الذي وردت فيه النصوص ، وفي ذلك قال الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ) والمراد إشاعة الفاحشة على المؤمن فيما وقع منه واتُّهم به مما بريء منه ، كما في قضية الإفك . قال بعض الوزراء الصالحين لبعض من يأمر بالمعروف : اجتهد أن تستر العصاة ، فإن ظهور معاصيهم عيب في أهل الإسلام ، وأولى الأمور ستر العيوب . ومثل هذا لو جاء تائبا نادماً وأقرّ بحده لم يفسره ولم يستفسر ، بل يؤمر بأن يرجع ويستر نفسه ، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم ماعزاً والغامدية ، وكما لم يستفسر الذي قال : أصبت حداً فأقمه عليّ ، ومثل هذا لو أخذ بجريمته ولم يَبلغ الإمام ، فإنه يُشفع له حتى لا يبلغ الإمام ، وفي مثله جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم : أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم . خرجه أبو داود والنسائى من حديث عائشة . والثاني : من كان مشتهراً بالمعاصي ، مُعلناً بها ولا يبالي بما ارتكب منها ، ولا بما قيل له هذا هو الفاجر المعلن ، وليس له غيبة كما نصّ على ذلك الحسن البصري وغيره ، ومثل هذا لا بأس بالبحث عن أمره ، لتُقام عليه الحدود ، وصرح بذلك بعض أصحابنا ، واستدل بقول النبي صلى الله عليه وسلم : واغد يا أنيس على امرأة هذا ، فإن اعترفت فارجمها . ومثل هذا لا يُشفع له إذا أُخِذَ ولو لم يبلغ السلطان ، بل يُترك حتى يُقام عليه الحدّ لينكّف شـرّه ، ويرتدع به أمثاله . قال مالك : من لم يُعرف منه أذى للناس ، وإنما كانت منه زلة ، فلا بأس أن يُشفع له ما لم يبلغ الإمام ، وأما من عُرف بشرّ أو فساد ، فلا أحب أن يَشفع له أحد، ولكن يُترك حتى يُقام عليه الحدّ . انتهى . وقد صحّ عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : إن الله ستّـير يُحب الستر . والعجب من أُناس يسترهم الله فيأبون إلا هتك الأستار ! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كل أمتي معافى إلا المجاهرين ، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملا ، ثم يصبح وقد ستره الله ، فيقول : يا فلان عملت البارحة كذا وكذا ، وقد بات يستره ربه ، ويصبح يكشف ستر الله عنه . رواه البخاري ومسلم . ومن هذا الباب أن يقع المسلم الفاحشة ، أو يُسافر في لهوه الفتّان ، ثم يرجع يُحدّث أصحابه بما فعل ، فهذا يحمل الوزر مُضاعَفاً ، فيجمع على خطيئته خطايا : فيحمل الوزر من حيث أنه ارتكب ما حرّم الله عز وجل ، ومن حيث جُرأته على محارم الله جل جلاله . ويحمل الوزر من حيث أنه هتك ستر الله عليه ، وجاهر بمعصيته . ويحمل الوزر من حيث أنه زيّن الفاحشة لغيره ، وجرّاه عليها ، وربما تكفّل له بالدلالة على الشرّ ! وأسوأ من هذا أن يُفاخر بالجريمة ، ويفتخر بالفاحشة . وأسوأ منه أن يُفاخر في جرائم آثام لم يفعلها ! ليظهر بين أقرانه بصورة البطل المغوار ، صاحب المغامرات ، والليالي الملاح ! ومن هتك الأستار أن تضع المرأة ثيابها في غير بيت زوجها . ولذا لما دخل نسوة من أهل الشام على عائشة رضي الله عنها فقالت : أنتن اللاتي تدخلن الحمامات ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما من امرأة تضع ثيابها في غير بيتها إلا هتكت الستر فيما بينها وبين الله عز وجل . رواه الإمام أحمد وغيره . ونحن لم نؤمر أن نتتبع عورات عباد الله ، ونهتك ما ستر الله عنا منهم ولذا قال عليه الصلاة والسلام : إني لم أومر أن أنقب قلوب الناس ، ولا أشق بطونهم . رواه البخاري ومسلم . وهذا على جميع المستويات فعلى مستوى الجماعة قال معاوية رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إنك إن اتّبعت عورات الناس أفسدتهم ، أو كدت أن تفسدهم . فقال أبو الدرداء : كلمة سمعها معاوية من رسول الله صلى الله عليه وسلم نفعه الله تعالى بها . رواه أبو داود بإسناد صحيح . وعلى مستوى الأفراد قال عليه الصلاة والسلام : يا معشر من أعطى الإسلام بلسانه ، ولم يدخل الإيمان قلبه ، لاتؤذوا المؤمنين ، ولا تتبعوا عوراتـهم ، فإنه من تتبع عورات المؤمنين تتبع الله عورته ، ومن تتبع الله عورته يفضحه في بيته . وفي رواية : يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم [ – وفي رواية – : لاتؤذوا المسلمين ولا تُعيّروهم ، ولا تتّبعوا عوراتـهم - ] فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم يتتبع الله عورته ، ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف بيته . رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي ، وهو حديث صحيح . فليحذر الذين يخوضون في أعراض عباد الله ويتتبّعون عوراتهم ، ولو زيّن لهم الشيطان أعمالهم أنهم لا يقصدون من وراء ذلك إلا النُّصح لعباد الله ، وتحذير الأمة ! فاجتهدوا – عباد الله - في ستر الآثام . " من أصاب من هذه القاذورات شيئا ، فليستتر بستر الله " رواه الإمام مالك . فمن ابتُلي بشيء من هذه القاذورات – وهي ما يوجب الحدّ – فليستتر بستر الله . نسأل الله أن يسترنا فوق الأرض ، وتحت الأرض ، ويوم العرض . كتبه عبد الرحمن بن عبد الله السحيم |
مشاركة الموضوع: |
|
عناوين مشابهه | ||||
الموضوع | الكاتب | القسم | ردود | آخر مشاركة |
صور نادره جداً للبئر الذي أُلقي فيه نبي الله يوسف عليه السلام >>! | موسى الشكيلي | كنز المعرفة والبحوث | 1 | 15/08/2013 06:11 PM |
الذى شرب دم الرسول صلى الله عليه وسلم | alanfal | إسلاميات | 12 | 02/03/2011 01:48 PM |
تابع باقي الحوار الذي دار بين الرسول عليه الصلاة والسلام وابليس اللعين | مضاوي | الحديث والسيرة النبوية | 4 | 02/06/2006 01:11 PM |
ماذا حدث في الفيلم الذي تجهزه أمريكا عن حياة النبي صلى الله عليه وسلم | الحبوبه | إسلاميات | 21 | 22/07/2005 02:42 AM |
&&قصة الاعرابي الذي أبكى الرسول صلى الله عليه وسلم&& | oman_boy | الحديث والسيرة النبوية | 2 | 07/02/2005 01:07 PM |
|