عمانيات عمانيات
عودة   عمانيات > إيمانيات > إسلاميات
مواضيع اليوم
إسلاميات يهتم بكل ما يتعلق بالشريعة الاسلامية والفقه و المفاهيم الإسلامية الصحيحة

عمانيات   عمانيات
 
 
خيارات الموضوع ابحث بهذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 17/02/2012, 04:00 PM
صورة لـ fatenfouad
fatenfouad
ودود
 
رب أوزعني أن أشكر نعمتك




رب أوزعني أن أشكر نعمتك


يكرر الله علينا في القرآن الكريم أخبار الأنبياء والأصفياء وقصصهم للذكرى

والاعتبار﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ﴾ ﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ﴾ ﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى﴾

﴿ اذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ﴾ ﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ﴾ ، ذكر هؤلاء الأنبياء المصطفين

الذين اختارهم الله قدوة للعالمين في القرآن، واستحضارهم في الدعاء مرارا وتكرارا،

هو بداية الصعود إلى شجرتهم المباركة، لقطف ثمارها الناضجة، ثم غرسها في قلبك

لتنبت إيمانا وتقوى ومحبة، وتنمو شجرة صالحة أخرى، فيأكل من بعدك كما أكلت،

ويغرسوا كما غرست.

ومن القصص المعتبرة التي يحدثنا عنها الله عز وجل في القرآن الكريم قصة سيدنا سليمان

الذي آتاه الله علما فقال مع أبيه سيدنا داود عليهما السلام ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى

كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ. وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ

الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ﴾ ، ولما مر على واد النمل

وكان من خبرها ما قصه الله في سورة سماها باسمها، قال نبينا سليمان عليه السلام

﴿ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ

صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ﴾ .

النعمة ابتلاء

فضل الله ونعمه على سيدنا سليمان كان لا حد ولا عد لها، فقد أوتي ملكا عظيما

لا ينبغي لأحد من بعده، وكان عليه السلام يقابلها بالحمد والشكر، ويستعين على ذلك

بالدعاء لأنه عرف أن تلك النعم ابتلاء من الله فقد قال عليه السلام حين رأى عرش

بلقيس مستقرا عنده أحضره له في أقل من رمشة عين من آتاه الله علما، قال:

﴿ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ﴾ .

الناس في دار الدنيا، في دار الحياة والموت، في دار بالبلاء محفوفة، وبالفناء معروفة،

وبالغدر موصوفة، وكل ما فيها إلى زوال، وأهلها فيها في سجال، بين شر وفقر ومرض

وسقم وعجز وشح وهرج وقتل، وبين خير وسعة وصحة وأمن واطمئنان، هم فيها

أغراض مستهدفة ترميهم بسهامها، وتقصمهم بحمامها، ولكل حتفه فيها مقدور وحظه

فيها موفور، كل ذلك ابتلاء﴿ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً، وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ﴾ ،
4
المؤمن بين حال تصيبه الآفة فيصبر، وبين حال تصيبه النعمة فيشكر،

فيعجب الله لحال كله خير بين صبر وشكر.

تقول الملائكة: يا رب عبدك المؤمن تزوي عنه الدنيا وتعرضه للبلاء؟ قال:

فيقول للملائكة: اكشفوا لهم عن ثوابه فإذا رأوا ثوابه قالوا: يا رب لا يضره ما

أصابه في الدنيا. قال: ويقولون: عبدك الكافر تزوي عنه البلاء وتبسط له الدنيا؟ قال:

فيقول للملائكة: اكشفوا لهم عن عقابه: قال: فإذا رأوا عقابه قالوا: يا رب

لا ينفعه ما أصابه من الدنيا.

"النعمة من الله

عرف سيدنا سليمان أن النعمة ابتلاء، وعرف قبل ذلك أنها من الله، يختبره بها

ويتحبب بها إليه، وينظر ما هو فاعل شاكر أم كافر، فما كان منه عليه السلام

إلا اللهج بحمد الله تعالى﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا﴾ ، ونسبة الفضل إلى صاحبه

﴿ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي﴾ ، وهو بذلك اعترف لله بالشكر، وعرف أنه وجب عليه

من معرفة الشكر شكر، وبمعرفة الشكرين شكر لا ينقضي أبدا، فقال:

﴿ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ﴾ عرف عجزه وقدرة

مولاه، فلجأ بذله إلى العزيز، وبفقره إلى الغني، وبضعفه إلى القوي، وبحاجته

إلى الكريم، وبعبوديته إلى ربوبية رب الملوك والأرباب.

اعملوا آل داود شكرا

مر الحسن البصري رحمه الله برجل فسأله ما شغلك عن الناس؟ قال:

إني أمسي وأصبح بين ذنب ونعمة فرأيت أن أشغل نفسي عن الناس

بالاستغفار للذنب والشكر لله على النعمة.

ولعل هذا الرجل الصالح، فاته ما أدركه كمال النبوة المحمدية، الذي كان يحمد الله

على نعمه ويشكره كلما أصبح وكلما أمسى، وكان يقول أن من فعل ذلك تكون له

صدقة، لكنه بين ذلك كان يحمل الكل، ويعين على نوائب الحق،

فكان يستعمل نعم الله في طاعة الله.

وهكذا كان حال سيدنا سليمان عليه السلام، فكان يسير جيوشه من الجن والإنس

والطير في الدعوة والجهاد في سبيل الله، فإذا فقد الطير جاءه بنبإ سبإ تملكهم امرأة

يعبدون الشمس من دون الله وزين له الشيطان أعمالهم، وإذا جاءته سبأ بهدية

أنذرهم بجنود لا قبل لهم بها، وإذا أمر الملء ليؤتوه بعرش بلقيس قال العفريت أنا

آتيك به قبل أن تقوم من مقامك، وقال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن

يرتد إليك طرفك، وإذا دخلت ملكة سبإ الصرح كشفت عن ساقيها وحسبته لجة

وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين.

ولم يتوقف النبي الكريم عند العمل، بل سأل الله أن يكون عمله صالحا

﴿ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ﴾ ، فقبول الله تعالى للعمل مرهون برضاه وبصلاح العمل،

فالعمل المرضي هو العمل الخالص لوجه الله تعالى، فكل ما لا يبتغى به وجه الله يضمحل،

ومن أراد بعمله وجه الله عز وجل أقبل الله عليه بوجهه وأقبل بقلوب العباد عليه

ومن عمل لغير الله عز وجل أقبل الله عنه وجهه وصرف قلوب العباد عنه.

وإذا أراد بعمله وجه الله عز وجل هابه كل شيء وإذا مال به إلى الدنيا

وعدت عيناه إلى متاعها هاب من كل شيء.

وصلاح العمل أيضا موافقته للشرعة والمنهاج ﴿ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا﴾ ،

فمن خالف بعمله الهدي النبوي والسنة الشريفة رد عليه عمله.

وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين

كانت في السحر إحدى الصالحات تنادي بصوت لها محزون: إليك قطع العابدون دجى

الليالي بتبكير الدلج إلى ظلم الأسحار، يستبقون إلى رحمتك وفضل مغفرتك،

فبك إلهي لا بغيرك، أسالك أن تجعلني في أول زمرة السابقين إليك،

وأن ترفعني إليك في درجة المقربين، وأن تلحقني بعبادك الصالحين،

فأنت أكرم الكرماء وأرحم الرحماء وأعظم العظماء يا كريم.


اللُحوق بالصالحين في الآخرة وفي الدنيا همٌّ سكن العارفين والأولياء، فالقسيسون

والرهبان الذين يؤمنون بالنبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل،

وتفيض أعينهم مما يعرفون من الحق يقولون: ﴿ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ﴾ ،



ويقول سيدنا يوسف بعد أن صدق الله رؤياه:

﴿ رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ

وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾ ، وبعد أن تبرأ من الأوثان

واكتفى برب الأكوان قال سيدنا إبراهيم:﴿ رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾ .

وهذا سيدنا سليمان اقتدى بمن قبله وقال: ﴿ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ﴾ .

إن تحشر في الآخرة مع الصديقين والشهداء والصالحين حسنت رفقتك وحسن جزاؤك

ونلت البشرى والزيادة، الزيادة النظر إلى وجه الله العزيز،

﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ، إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ .

وأن تكون مع الذين أنعم الله عليهم في الدنيا، وأن تكون على صراطهم ومنهاجهم،

وأن تصبر نفسك معهم هذا عنوان السعادة في الدارين.

أمرنا الله بالكينونة مع الصادقين

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾ ، وأمرنا بما أمر به

رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم ﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ

يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ .

لنتعلم ونتفقه ونطمئن إلى أن صحبة جماعة حية بحياة الحب في الله شرط من شرائط

السير إلى الله، والقرب من الله. ولنبحث عن جماعة المؤمنين يجمعهم حب الله وحب

رسول الله، يجمعهم رابطة القلب كما يجمعهم رابطة الفكر.

يجمعهم رابطة العمل الجهادي كما يجمعهم رابطة العلم الجهادي.

فالحمد والشكر لله إلى انقطاع النفَس على نعمه، في الدنيا والآخرة،

على العباد، التي لا عد لها ولا حصر. ونسأله أن ينعم علينا بالنعمة العظمى

نعمة معية المؤمنين، ونعمة معرفة الله معهم، فمن فاته ذلك فلا نهاية لحسرته.








من مواضيعي :
الرد باقتباس
 

مشاركة الموضوع:


إنتقل إلى


الساعة الآن: 01:19 PM

vBulletin ©2000 - 2024
 
 
عمانيات  مراسلة الإدارة  تصفح سريع منتديات