[]تتأجج العواطف وتعصف المشاعر عند سببين: عند الفرحة الغامرة والمصيبة الداهمة وفي الحديث: ( إني نهيت عن صوتين احمقين فاجرين: صوت عند نعمة وصوت عند مصيبة) ( لكيلاا تأسو على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم) ولذلك قال صلى الله عليه وسلم : ( إنما الصبر عند الصدمة الاولى) فمن ملك مشاعره عند الحدث الجاسم وعند الفرح الغامر استحق مرتبة الثبات ومنزلة الرسوخ ونال سعادة الراحة ولذة الانتصار على النفس والله جل في علاه وصف الانسان بأنه فرح فخور واذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا إلا المصلين فهم على وسطية في الفرح والجزع يشكرون في الرخاء ويصبرون في البلاء.
إن العواطف الهائجة تتعب صاحبها أيما تعب وتعنيه وتؤلمه وتؤرقه فإذا غضب احتد وأزبد وأرعد وتوعد وثارت مكامن نفسه والتهبت حشاشته فيتجاوز العدل وان فرح طرب وطاش ونسي نفسه في غمرة السرور وتعدى قدره وإذا هجر أحدا ذمه ونسي محاسنه وطمس فضائله واذا احب آخر خلع عليه اوسمة التبجيل وأوصله الى ذروة الكمال وفي الاثر: (احبب حبيبك هونا ما فعسى أن يكون بغيضك يوما ما وأبغض بغيضك هونا ما فعسى ان يكون حبيبك يوما ما). وفي الحديث: واسألك العدل في الغضب والرضاء
فمن ملك عاطفته وحكّم عقله ووزن الأشياء وجعل لكل شيء قدرا أبصر الحق وعرف الرشد ووقع على الحقيقة ( لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط) ان الاسلام جاء بميزان القيم والاخلاق والسلوك مثلما جاء بالمنهج السوي والشرع الضي والملة المقدسة ( وكذلك جعلناكم امتة وسطا ) فالعدل مطلب ملح في المثل مثلما هو مطلوب في الاحكام فان الدين بني على الصدق والعدل في الاخبار والعدل في الاحكام والاقوال والاخلاق, ( وتمت كلمت ربك صدقا وعدلا