من أبرز العادات الاجتماعية في موريتانيا عادة: “الترواغ” (من الروغان) وهي إخفاء صاحبات العروس للعروس عن عريسها وأصحابه كلما سنحت لهن الفرصة بذلك طوال أيام الأسبوع الأول من الزفاف.. إذ يعتبر ذلك واجباً اجتماعياً.
وتبدأ الفترة التي يحق فيها للفتيات إخفاء صاحبتهن (العروس) فوراً بعد تسلم العريس لزوجته من أهلها ليلة الزفاف من طرف أختها أو قريبتها أو مقربة إليها، فالأب لا يحضر بتاتاً إلى حفل زفاف ابنته، إذ ينتهي دوره عند الموافقة على عقد القران، أما الأم فإنها إن حضرت لا تقترب من منصة الزفاف بسبب استحيائها من العريس.. وفي هذه الحال توكل مهمة تسليم العروس لزوجها الجديد إلى أقرب المقربات منها.
وعندما يتسلم العريس وأصحابه العروس، وهي العملية المسماة محلياً “الترواغ” فإنهم يبذلون أقصى جهد في حمايتها من صويحباتها، لأنهن إن خلون بها هربنها وأخفينها في مكان لا يهتدي إليه أحد، وكلما طالت مدة الإخفاء كان نجاح صاحبات العروس أكبر، وكانت خيبة العريس وأصحابه أشد، وعادة ما تقوم النساء بتهريب العروس بإبدال ثوبها الأسود المميز بثوب صديقة لها تكون بحجمها أو بأي طريقة أخرى، ولأن العروس تحتجب تماماً ولا يرى أحد وجهها، كما هي العادة، فإن ذلك يسهل إمكانية عدم التعرف إلى “العروس البديلة” حتى يفوت الأوان وتبلغ “الهاربة” مأمنها.
وبعد تحقق العريس وأصحابه من نجاح عملية التهريب تبدأ عملية عقاب جماعي تنال منها السيدة أو الآنسة التي تطوعت بتمثيل دور العروس وغيرها ممن شارك في عملية “الترواغ” حصة الأسد.. فقد تتعرض للضرب أو الاحتجاز ويستمر تهديدها ما لم تكشف عن مكان العروس أو الطريقة والاتجاه الذي هربت إليه.
وعادة ما ينشب عراك تخلص فيه البنات صديقتهن المتطوعة ويختفين، بينما ينطلق العريس وأصحابه في بحث محموم عن العروس التي تكون معها واحدة أو أكثر من زميلاتها، ولما كانت الحياة في البادية غير كثيرة في التجمع كان اللجوء إلى أحياء أو قرى للاختباء بها هو الخيار المتاح، وربما تخفت العروس بين الدواب لبعض الوقت حتى تجد فرصة أكبر للاختباء في مكان أكثر أماناً خارج حيها أو قريتها.
حينما يكتشف أصحاب العريس مكان الزوجة ينشب عراك بالأكف بينهم وبين الموجودات من النساء وفي عين المكان كبيرات وصغيرات، وعلى الرجال (أصحاب العريس) أن يخلصوا عروسهم، وإلا عدت فضيحة لا يغسلهم منها البحر الأخضر كما يقولون، وإن نجحوا أتوا إلى مكان العريس وهم ينشدون ويفخرون بنجاحهم.