من سن سنه حسنه أو سيئه

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
الحمد لله الذى بنعمته تتم الصالحات , واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له ,
واشهد ان محمداً عبده ورسوله وصفيه وخليله ,
ادي الرساله وبلغ الأمانه ونصح الامه وتركها علي المحجه البيضاء ليلها كنهارها ,
صلي الله عليه وعلي آله وصحبه أجمعين , ورضي الله عن كل من تبع سنته وعمل بها الي يوم الدين ,
وعنا معهم بعفوك ورضاك يا ارحم الرحمين.
أما بعد

اخوتي في الله
من سن سنه حسنه أو سيئه
ذكر الامام النووي هذا الباب في كتابه رياض الصالحين للتحذير من البدع,
وليبين أن من ما يكون اصله ثابتاً , فاذا فعله الانسان وكان اول من يفعله كان كمن سنه وصار له اجره واجر من عمل به الي يوم القيامه.
والامه كلها تعلم ان الدين الاسلامي ولله الحمد كامل , ولا يحتاج الي تكميل ولا الي بدع,
لان الله تعالي قال : < اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام ديناً >
المائدة :23 >
< عن أبي عمرو جرير بن عبد الله رضي الله عنه , قال:
كنا في صدر النهار عند رسول الله صلي الله عليه وسلم
فجاءه قوم عراة مجتابي النمار او العباء . متقلدي السيوف عامتهم , بل كلهم من مضر , فتمعر وجه رسول الله
صلي الله عليه وسلم , لما رأي من الفاقه , فدخل ثم خرج , فامر بلال فأذن وأقام , فصلي ثم خطب , فقال
< يا ايها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحده > الي آخر الاية < ان الله كان عليكم رقيباً >,
والايه الاخري التي في اخر الحشر :< يا ايها الذين امنوا اتقوا الله واتنظر نفس ما قدمت لغد >
<تصدق رجل من ديناره من درهمه من ثوبه من صاع من بره من صاع من تمره >
حتي قال :< ولو بشق تمرة > فجاء رجل من الانصار بصرة كادت كفه تعجز عنها , بل عجزت , ثم تتابع الناس حتي رايت كومين من طعام وثياب ,’ حتي رأيت وجه رسول الله صلي الله عليه وسلم, يتهلل كأنه مذهبه , فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم : < من سن في الاسلام سنه حسنه فله اجرها , واجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء , ومن سن في الاسلام سنةً سيئه كان عليه وزرها ووزر من عمل يها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء >
رواه مسلم صحيح مسلم < ح 1017 >
الشرح
هذا الحديث حديث عظيم يتبين منه حرص النبي صلي الله عليه وسلم وشفقته علي أمته صلوات الله وسلامه عليه , فبينما هم مع رسول الله صلي الله عليه وسلم في اول النهار اذا جاء قوم عامتهم من مضر أو كلهم من مضر ,
مجتابي النمار , متقلدي السيوف رضي الله عنهم, ويعني ان الانسان ليس عليه الا ثوبه قد اجتابه يستر عورته , وقد ربطه علي رقبته , ومعهم السيوف استعداداً لما يؤمرون به من الجهاد رضي الله عنهم .
فتمعر وجه النبي صلي الله عليه وسلم , يعني تغير وتلون لما رأي فيهم من الحاجه , وهم من مضر ,
من اشراف قبا ئل العرب , وقد بلغت بهم الحاجه الي هذا الحال , ثم دخل بيته ثم خرج ثم امر بلالاً فأذن ثم صلي ثم خطب الناس عليه الصلاه والسلام , فحمد الله صلي الله عليه وسلم كما هي عادته , ثم قرا قول الله تعالي :
< يا ايها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحده وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيراً ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والارحام ان الله كان عليكم رقيبا > < النساء 1 >
وقوله تعالي :< يا ايها الذين آ منوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله ان الله خبير بما تعملون >
< الحشر : 18 >
ثم حث علي الصدقه , فقال < تصدق رجل بديناره , تصدق بدرهمه , تصدق بثوبه , تصدق بصاع بره ,
تصدق بصاع تمره , حتي ذكر ولو بشق تمره > وكان الصحابه رضي الله عنهم أحرص الناس علي الخير , واسرعهم اليه , واشدهم مسابقه, فخرجوا الي بيوتهم فجاءوا بالصدقات , حتي جاء رجل بصره معه


في يده كادت تعجز يده عن حملها , بل قد عجزت من فضه ثم وضعها بين يدي الرسول عليه الصلاه والسلام . ثم رأي_ أي جرير راوي الحيث _ كومين من الطعام والثياب وغيرهما قد جمع في المسجد فصار وجه النبي عليه الصلاه والسلام بعد أن تمعر , صار يتهلهل كأنه مذهبه , ويعني من شده بريقه ولمعانه وسروره عليه الصلاه والسلام لما حصل من هذه المسابقه التي فيها سد حاجه هؤلاء الفقراء , ثم قال صلي الله عليه وسلم :
< من سن في الاسلام سنه حسنه فله أجرها , واجر من عمل بها من بعده , من غير ان ينقص من أجورهم
شيء , ومن سن في الاسلام سنه سيئه كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير ان ينقص من أوزارهم شيء >.
والمراد بالسنه في قوله صلي الله عليه وسلم :...< من سن في الاسلام سنه حسنه > ابتدأ العمل بسنه
, وليس من أحدث لأن من أحدث من الاسلام ما ليس منه فهو رد وليس بحسن , لكن المراد بمن سنها أي :
صار أول من عمل بها , كهذا الرجل الذي جاء بالصدقه رضي اللع عنه فدل هذا علي أن الانسان اذا وفق لسن سنه حسنه في الاسلام , سواء بادر اليها أو أحياها بعد أن أميتت.
وذلك لان السنه في الاسلام ثلاثه اقسام :
سنة سيئه : وهي البدعه , فهي سيئه , وان استحسنها من سنها , لقول النبي صلي الله عليه وسلم
< كل بدعة ضلالة > صحيح مسلم < 867> من حديث جابر . رضي الله عنه
وسنة حسنه : وهي نوعين:
النوع الاول
أن تكون السنة مشروعه ثم يترك العمل بها ثم يجددها من يجددها أي يحياها يذ كر بها ويدل عليها
مثل قيام رمضان بامام , فان النبي صلي الله عليه وسلم شرع لامته في اول الامر الصلاه بامام في قيام رمضان
, ثم تخلف خشيه أن تفرض علي الامه , ثم ترك الامر في اخر حياه النبي صلي الله عليه وسلم , وفي عهد أبي بكر رضي الله عنه وفي اول خلافه عمر , ثم راي عمر رضي الله عنه أن يجمع الناس علي امام واحد
ففعل , فهو رضي الله عنه قد سن في الاسلام سنه حسنه , لانه أحيا سنه كانت قد تركت .
النوع الثاني:
من السنن الحسنه أن يكون الانسان أول من يبادر اليها , مثل حال الرجل الذي بادر باصدقه حتي تتابع الناس , ووافقوه علي ما فعل.
فالحاصل أن من سن في الاسلام سنه حسنه , وليس هناك سنه حسنه الا ما جاء به الشرع فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده.
وقد أخذ هذا الحديث اؤلئك القوم الذين يبتدعون في دين الله ما ليس منه , فيبتدعون أذكاراً
ويبتدعون صلوات ما انزل الله بها من سلطان , ثم يقول هذه سنه حسنه . نقول : لا , كل بدعه ضلاله وكلها سيئه , وليس في البدع من حسن , ولكن المراد في الحديث من سابق اليها وأسرع , كما هو ظاهر السبب في الحديث .او احياها بعد ان اميتت , فهذا له أجر من عمل بها .
وفي هذا الحديث الترغيب في فعل السنن التي أميتت وتركت وهجرت ,فانه يكتب لمن أحياها أجرها وأجر من عمل بها . وفيه التحذير من السنن السيئة , وأن من سن سنه سيية فعليه وزرها , ووزر من عمل بها الي يوم القيامه حتي لو كانت في اول الامر سهله ثم توسعت . فان عليه الوزر ووزر من عمل بها الي يوم القيامه ,
نعم لو كان الشيء مباحا ولا يخشي منه ان يكون ذريعه الي محرم , فلا باس للانسان أن يبينه للناس , كما لو كان الناس يظنون أن هذا الشيء محرم وليس محرم , ثم بينه للناس من أجل أن يتبين الحق , ولكن يخشي عاقبته فهذا لا باس به , أما شيء تخشي عاقبته , فانه يكون عليه وزره ووزر من عمل به.
انتهي
المصدر شرح رياض الصالحين من كلام سيد المرسلين
للامام العلامه أبي زكريا يحيي بن شرف النووي
بشرح العلامه الشيخ محمد بن صالح العثيمين
حقوق النشر لكل مسلم
اخوتي في الله انتهي الكلام عن هذا الحديث الجميل ولي عندكم طلب ارجوا ان نتعاون في نشر السنه
واحياها ومحو البدع مثل < الذكر الجماعي >
وان نتعاون في هذا الموضوع و ان تكون المشاركات والردود عبارة عن عرض لسنه منيسه او مهجوره
حسب ما ترغبوان ان تكون موجزه او مطوله علي حسب رغبتكم وكلنا نتعاون
والاجر والثواب عند الله الكريم

وما كان من خطاء او نسيان فمن نفسي ومن الشيطان وما كان من خير فهو من عند الله
لا تنسوني من صالح دعاكم
والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته