زوجات زوجي الثلاث وأنا نعيش في منزل واحد، المحبة والكلمة الطيبة والاهتمام هم أسياد الموقف فلا واحدة منا تغار من الأخرى أو تكن لها أي مشاعر سلبية.. ستستغربون منا لكن الذي جمعنا كانت مأساتنا مع هذا الزوج الذي نعيش معه،فهو رجل قاس ظالم جحود لئيم لا يعلم شيئا عن الأخلاق والأصول، سكير لا يعرف الصلاة ولا يقرب منها، متفلسف، جاهل، غبي الى أقصى درجة، مغرور، متعال، قاس، لا مشاعر عنده ولا أحاسيس، لا يعيش سوى لنزواته وسعادته فهو وبعده الطوفان بخيل معنا بكل شيء من أمواله الى عواطفه مع انه يملك من المال ما يكفي قبيلة كاملة لكنه هارب من كتاب الجاحظ فهو أهم أبطاله، أما لماذا أتكلم عنه هكذا باسمي واسمهن وما الذي يبقينا معه وعلى ذمته فهو الآتي..
كنت أنا الأولى ابنة عمه وحيدة أهلي وطبعاً عاداتنا تحتم علينا أن نتزوج حتى نحافظ على ثروة العائلة فلا يأتي احد غريب طامع ليأخذها، ثم إن ابن عمي سوف يحافظ علي ويهتم بي وبأهلي ومشاعري، كان والدي يحبه جداً فهو الولد الذي طالما حلم بالحصول عليه. في بداية زواجنا حاولت أن اخبر والدي عن قسوة زوجي معي فكان لا يدعني أكمل فيصرخ بوجهي قائلاً المرأة الصالحة لا تتكلم عن زوجها فكنت أقول أنا لا أتكلم أمام احد لكنك والدي وهو يعاملني بقسوة وجفاف كأنه مرغم على الزواج بي، فكان يقول عودي إلى المنزل وأنا اكلمه، وبما أن زوجي دبلوماسي من الدرجة الأولى كنت أنا بنظرهم مدللة ولا يعجبني شيء فكنت لا أتلقى منهم سوى التأنيب، كان والدي يقول أنت لا تحمدين الله على النعمة فزوجك رجل والرجال قليل ماذا تريدين منه، أن يترك أعماله ويجلس بجانبك؟ ما هذا الدلع ويا ويلك لو سمعتك تتذمرين منه بعد اليوم فسأكون لك بالمرصاد، حتى عندما ضربني كان رد والدي بأن الرجل إذا أراد تأديب زوجته من بعد أن ينصحها ولم تتبدل يضربها فلا بأس، وكانت والدتي مثلي لا حول لها ولا قوة، لذلك توقفت عن الشكوى أمام أهلي وأصبحت أشكو أمري الى الله سبحانه وتعالى فقط، بقيت في المنزل كقطعة أثاث أربي أولادي وأزرع فيهم الأخلاق الحميدة وأحاول ألا يروا والدهم كثيرا حتى لا يتأثروا به وبتصرفاته المشينة وإهاناته المستمرة لي حتى لا يتصرفوا بالمستقبل مع زوجاتهم مثلما يتصرف معي، في الفترة الأخيرة لم اعد أراه إلا فيما ندر، كان يمضي معظم وقته في الخارج، وبعد فترة لم يعد ينام في المنزل وشعرت بوجود أخرى في حياته، صدقوني لم احزن بل فرحت لأنني سوف ارتاح منه وتتحمل أخرى طباعه البشعة، فذهبت إلى والدي وقلت له هل تستقبلني الآن أو لا، فقال لماذا؟ قلت زوجي يريد الزواج بأخرى وأنا لا أوافق أن أعيش مع “ضرة” فقال ولما لا فالشرع حلل للرجل أن يتزوج ما شاء من النساء طالما هو قادر ماديا ويعدل فيما بينهن، لا اكذب إن قلت انني شعرت بالغربة شعرت انني لا انتمي لأحد أين السند وأين العائلة؟ شعرت بأنها معركتي وحدي وأنا من أقرر لكن أين اذهب مع أولادي في حال طلبت الطلاق؟ فانا لم أكمل تعليمي وأين اذهب بهم فوالدي لن يوافق أن اتركه فقط لأنه سوف يتزوج، وبعد تفكير قررت أن أدوس على كرامتي وأعض على جرحي وأنسى المس بأنوثتي وكياني وأكمل حياتي التي كتبت علي وهكذا صار، فقد احضر في المساء زوجته الجديدة إلى المنزل ونادى علينا لاستقبالها وعندما رفضت تحملت من الضرب والإهانة ما لا يتحمله احد، ولكني كنت أتوقع ابتسامة شامتة منها أو نظرة لؤم وتحد في عينيها لكنني فوجئت بنظراتها الخائفة وبالخوف علي، كانت من بلد آسيوي صغيرة نحيفة كانت طفلة لم تتجاوز الخامسة عشرة من عمرها وأصبحت ضحيته الثانية، كنت اشعر بها ترتجف عندما تسمع صوت سيارته في المرآب كانت تجلس بقربي وكأنها تحتمي بي وأنا كنت أشفق عليها وأطوقها بذراعي وأربت على كتفها قائلة لا تخافي أنا معك، كنت بحاجة لمن يحميني منه فإذا بي أخاف عليها تلك الصغيرة القادمة من بلدها البعيد وآتية إلينا فقط لتملأ معدتها الفارغة وسد جوعها في بلدها الفقير وترسل لأهلها ما تيسر لها حيث قالت لي مرة إنها تتمنى لو أنها عملت كخادمة على أن تكون زوجة وتتلقى معاملة خادمة! أما الثالثة فكانت من بلد عربي شقيق أيضا صغيرة في السن ادخلها علينا وهو يجرها من يدها كالشاة إلى النحر وعندما رأتنا نظرت إلينا وكأنها تقول لنا أنقذاني لتنضم لاحقاً إلى حزبنا وتتركه يفعل ما يشاء مثلما سبق وفعلنا معه خوفاً من بطشه، كان يشعر بأنه يعيش في عصر الحريم، كان يتخيل أنه هارون الرشيد ونحن الجواري اللواتي يتمنين رضاه أو نظرة منه لكننا همشناه وأكملنا حياتنا التعيسة معه بانتظار الفرج الذي كنا نأمل أن يكون قريباً، لكنه فاجأنا بعد فترة من الزمن بدخوله علينا كالعادة وبيده يسحب خلفه الضحية الرابعة من ضحاياه نظرنا إليها وضحكنا فبكت، غضب فخافت صرخ بها فارتجفت، أمرها أن تسبقه إلى الغرفة بحثت بعينيها الرائعتين عن باب سجنها فلم تعلم أي واحد منها سيأسرها بها فابتعدت إلى الخلف تتعثر بفستانها الأبيض الطويل ووقفت بزاوية من زوايا المنزل تبحلق بنا كالمفجوعة وتسمعه يلقي علينا الشتائم لأننا تجرأنا وضحكنا، ترحمنا على “سي السيد” وحسدنا نساء الحج متولي على سعادتهن ثم انصرفت كل واحدة منا الى غرفتها مع أولادها ونحن ننتظر انضمام ضحيته الأخيرة إلينا، كنا نجتمع كلنا في باحة البيت الكبير الذي لا خادمات فيه نجهز الطعام لسيد المنزل حيث تحضر كل واحدة منا وجبة من بلدها نمسك زجاجات الخمر لنضعها له مع المكسرات وننصرف لأننا لا نريد رؤيته وهو يترنح ويغني، يغازل المذيعات عندما يتصل بهن على الهواء مباشرة ليقول لهن يا قشطة يا حلوة يا ملكة المذيعات يا شيخة البنات أريد أن اسمع أغنية الدلوعة الجميلة فلانة لأن نسائي الأربعة لا يساوين شعرة في رأسها.
هذه حياتي أو حياتنا مع هذا الرجل الذي حاولنا إصلاحه بشتى الطرق حتى إننا كلمنا أئمة عدة ليحاولوا معه لكن تعبنا راح هدراً وهو لا يزال يسكر ويعاملنا بقسوة، لا يحسب حساباً للآخرة، يعيش كأنه لن يموت أبداً، لمن نلجأ لمساعدتنا على إصلاحه؟ فبالنهاية هو والد أبنائنا وبناتنا، نطلب من الله سبحانه وتعالى أن يهديه حتى نكمل حياتنا بهدوء وسعادة لم نذق طعميهما معه.
مقووووووووووووووووووووووووووووووول