عمانيات عمانيات
عودة   عمانيات > إيمانيات > إسلاميات
مواضيع اليوم
إسلاميات يهتم بكل ما يتعلق بالشريعة الاسلامية والفقه و المفاهيم الإسلامية الصحيحة

عمانيات   عمانيات
الرد على الموضوع
 
خيارات الموضوع ابحث بهذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 03/11/2012, 10:41 PM
صورة لـ alanfal
alanfal
المحبة لله ورسوله
السياحة وموضوعات عامة
 
شروق مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين

ثم ينزل القلب منزل التذكر وهو قرين الإنابة ، قال الله تعالى وما يتذكر إلا من ينيب وقال تبصرة وذكرى لكل عبد منيب وهو من خواص أولي الألباب ، [ ص: 440 ] كما قال تعالى إنما يتذكر أولو الألباب وقال تعالى وما يذكر إلا أولو الألباب .

والتذكر والتفكر منزلان يثمران أنواع المعارف ، وحقائق الإيمان والإحسان ، والعارف لا يزال يعود بتفكره على تذكره ، وبتذكره على تفكره ، حتى يفتح قفل قلبه بإذن الفتاح العليم ، قال الحسن البصري : ما زال أهل العلم يعودون بالتذكر على التفكر ، وبالتفكر على التذكر ، ويناطقون القلوب حتى نطقت .

قال صاحب المنازل : التذكر فوق التفكر ، لأن التفكر طلب ، والتذكر وجود .

يريد أن التفكر التماس الغايات من مباديها ، كما قال : التفكر تلمس البصيرة لاستدراك البغية .

وأما قوله : التذكر وجود ، فلأنه يكون فيما قد حصل بالتفكر ، ثم غاب عنه بالنسيان ، فإذا تذكره وجده فظفر به .

والتذكر تفعل من الذكر ، وهو ضد النسيان ، وهو حضور صورة المذكور العلمية في القلب ، واختير له بناء التفعل لحصوله بعد مهلة وتدرج ، كالتبصر والتفهم والتعلم .

فمنزلة التذكر من التفكر منزلة حصول الشيء المطلوب بعد التفتيش عليه ، ولهذا كانت آيات الله المتلوة والمشهودة ذكرى ، كما قال في المتلوة ولقد آتينا موسى الهدى وأورثنا بني إسرائيل الكتاب هدى وذكرى لأولي الألباب وقال عن القرآن وإنه لتذكرة للمتقين وقال في آياته المشهودة أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها وما لها من فروج والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل زوج بهيج تبصرة وذكرى لكل عبد منيب .

[ ص: 441 ] فالتبصرة آلة البصر ، والتذكرة آلة الذكر ، وقرن بينهما وجعلهما لأهل الإنابة ، لأن العبد إذا أناب إلى الله أبصر مواقع الآيات والعبر ، فاستدل بها على ما هي آيات له ، فزال عنه الإعراض بالإنابة ، والعمى بالتبصرة ، والغفلة بالتذكرة ، لأن التبصرة توجب له حصول صورة المدلول في القلب بعد غفلته عنها ، فترتيب المنازل الثلاثة أحسن ترتيب ، ثم إن كلا منها يمد صاحبه ويقويه ويثمره .

وقال تعالى في آياته المشهودة وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أشد منهم بطشا فنقبوا في البلاد هل من محيص إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد .

والناس ثلاثة : رجل قلبه ميت ، فذلك الذي لا قلب له ، فهذا ليست هذه الآية ذكرى في حقه .

الثاني : رجل له قلب حي مستعد ، لكنه غير مستمع للآيات المتلوة التي يخبر بها الله عن الآيات المشهودة إما لعدم ورودها ، أو لوصولها إليه ولكن قلبه مشغول عنها بغيرها ، فهو غائب القلب ، ليس حاضرا ، فهذا أيضا لا تحصل له الذكرى مع استعداده ووجود قلبه .

الثالث : رجل حي القلب مستعد ، تليت عليه الآيات ، فأصغى بسمعه ، وألقى السمع وأحضر قلبه ، ولم يشغله بغير فهم ما يسمعه ، فهو شاهد القلب ، ملق السمع ، فهذا القسم هو الذي ينتفع بالآيات المتلوة والمشهودة .

فالأول : بمنزلة الأعمى الذي لا يبصر .

والثاني : بمنزلة البصير الطامح ببصره إلى غير جهة المنظور إليه ، فكلاهما لا يراه .

والثالث : بمنزلة البصير الذي قد حدق إلى جهة المنظور ، وأتبعه بصره ، وقابله على توسط من البعد والقرب ، فهذا هو الذي يراه .

فسبحان من جعل كلامه شفاء لما في الصدور .

فإن قيل : فما موقع " أو " من هذا النظم على ما قررت ؟

قيل : فيها سر لطيف ، ولسنا نقول : إنها بمعنى الواو ، كما يقوله ظاهرية النحاة .

[ ص: 442 ] فاعلم أن الرجل قد يكون له قلب وقاد ، مليء باستخراج العبر ، واستنباط الحكم ، فهذا قلبه يوقعه على التذكر والاعتبار ، فإذا سمع الآيات كانت له نورا على نور ، وهؤلاء أكمل خلق الله ، وأعظمهم إيمانا وبصيرة ، حتى كأن الذي أخبرهم به الرسول مشاهد لهم ، لكن لم يشعروا بتفاصيله وأنواعه ، حتى قيل : إن مثل حال الصديق مع النبي صلى الله عليه وسلم ، كمثل رجلين دخلا دارا ، فرأى أحدهما تفاصيل ما فيها وجزئياته ، والآخر وقعت يده على ما في الدار ولم ير تفاصيله ولا جزئياته ، لكن علم أن فيها أمورا عظيمة ، لم يدرك بصره تفاصيلها ، ثم خرجا ، فسأله عما رأى في الدار ؟ فجعل كلما أخبره بشيء صدقه ، لما عنده من شواهده ، وهذه أعلى درجات الصديقية ، ولا تستبعد أن يمن الله المنان على عبد بمثل هذا الإيمان ، فإن فضل الله لا يدخل تحت حصر ولا حسبان .

فصاحب هذا القلب إذا سمع الآيات وفي قلبه نور من البصيرة ازداد بها نورا إلى نوره ، فإن لم يكن للعبد مثل هذا القلب فألقى السمع وشهد قلبه ولم يغب حصل له التذكر أيضا فإن لم يصبها وابل فطل والوابل والطل في جميع الأعمال وآثارها وموجباتها . وأهل الجنة سابقون مقربون ، وأصحاب يمين ، وبينهما في درجات التفضيل ما بينهما ، حتى إن شراب أحد النوعين الصرف يطيب به شراب النوع الآخر ويمزج به مزجا ، قال الله تعالى ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق ويهدي إلى صراط العزيز الحميد فكل مؤمن يرى هذا ، ولكن رؤية أهل العلم له لون ، ورؤية غيرهم له لون آخر .

قال صاحب المنازل : أبنية التذكر ثلاثة : الانتفاع بالعظة ، والاستبصار بالعبرة ، والظفر بثمرة الفكرة .

الانتفاع بالعظة : هو أن يقدح في القلب قادح الخوف والرجاء ، فيتحرك للعمل ، طلبا للخلاص من الخوف ، ورغبة في حصول المرجو .

والعظة هي الأمر والنهي ، المقرون بالترغيب والترهيب .

[ ص: 443 ] والعظة نوعان : عظة بالمسموع ، وعظة بالمشهود ، فالعظة بالمسموع الانتفاع بما يسمعه من الهدى والرشد ، والنصائح التي جاءت على لسان الرسل وما أوحي إليهم ، وكذلك الانتفاع بالعظة من كل ناصح ومرشد في مصالح الدين والدنيا .

والعظة بالمشهود الانتفاع بما يراه ويشهده في العالم من مواقع العبر ، وأحكام القدر ، ومجاريه ، وما يشاهده من آيات الله الدالة على صدق رسله .

وأما استبصار العبرة فهو زيادة البصيرة عما كانت عليه في منزل التفكر بقوة الاستحضار ، لأن التذكر يعتقل المعاني التي حصلت بالتفكر في مواقع الآيات والعبر ، فهو يظفر بها بالتفكر ، وتنصقل له وتنجلي بالتذكر ، فيقوى العزم على السير بحسب قوة الاستبصار ، لأنه يوجب تحديد النظر فيما يحرك المطلب إذ الطلب فرع الشعور ، فكلما قوي الشعور بالمحبوب اشتد سفر القلب إليه ، وكلما اشتغل الفكر به ازداد الشعور به والبصيرة فيه ، والتذكر له .

وأما الظفر بثمرة الفكرة فهذا موضع لطيف .

وللفكرة ثمرتان : حصول المطلوب تاما بحسب الإمكان ، والعمل بموجبه رعاية لحقه ، فإن القلب حال التفكر كان قد كل بأعماله في تحصيل المطلوب ، فلما حصلت له المعاني وتخمرت في القلب ، واستراح العقل عاد فتذكر ما كان حصله وطالعه ، فابتهج به وفرح به ، وصحح في هذا المنزل ما كان فاته في منزل التفكر ، لأنه قد أشرف عليه في مقام التذكر ، الذي هو أعلى منه ، فأخذ حينئذ في الثمرة المقصودة ، وهي العمل بموجبه مراعاة لحقه ، فإن العمل الصالح هو ثمرة العلم النافع ، الذي هو ثمرة التفكر .

وإذا أردت فهم هذا بمثال حسي . فطالب المال ما دام جادا في طلبه ، فهو في كلال وتعب ، حتى إذا ظفر به استراح من كد الطلب ، وقدم من سفر التجارة ، فطالع ما حصله وأبصره ، وصحح في هذا الحال ما عساه غلط فيه في حال اشتغاله بالطلب ، فإذا صح له وبردت غنيمته له أخذ في صرف المال في وجوه الانتفاع المطلوبة منه ، والله أعلم .


فصل قال : وإنما ينتفع بالعظة بعد حصول ثلاثة أشياء : شدة الافتقار إليها ، والعمى عن عيب الواعظ ، وتذكر الوعد والوعيد .

[ ص: 444 ] إنما يشتد افتقار العبد إلى العظة وهي الترغيب والترهيب إذا ضعفت إنابته وتذكره ، وإلا فمتى قويت إنابته وتذكره لم تشتد حاجته إلى التذكير والترغيب والترهيب ، ولكن تكون الحاجة منه شديدة إلى معرفة الأمر والنهي .

والعظة يراد بها أمران : الأمر والنهي المقرونان بالرغبة والرهبة ، ونفس الرغبة والرهبة . فالمنيب المتذكر شديد الحاجة إلى الأمر والنهي ، والمعرض الغافل شديد الحاجة إلى الترغيب والترهيب ، والمعارض المتكبر شديد الحاجة إلى المجادلة

فجاءت هذه الثلاثة في حق هؤلاء الثلاثة في قوله : ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن أطلق الحكمة ولم يقيدها بوصف الحسنة ، إذ كلها حسنة ، ووصف الحسن لها ذاتي .

وأما الموعظة فقيدها بوصف الإحسان ، إذ ليس كل موعظة حسنة .

وكذلك الجدل قد يكون بالتي هي أحسن ، وقد يكون بغير ذلك ، وهذا يحتمل أن يرجع إلى حال المجادل وغلظته ، ولينه وحدته ورفقه ، فيكون مأمورا بمجادلتهم بالحال التي هي أحسن .

ويحتمل أن يكون صفة لما يجادل به من الحجج والبراهين ، والكلمات التي هي أحسن شيء وأبينه ، وأدله على المقصود ، وأوصله إلى المطلوب . والتحقيق : أن الآية تتناول النوعين .

وأما ما ذكره بعض المتأخرين أن هذا إشارة إلى أنواع القياسات فالحكمة [ ص: 445 ] هي طريقة البرهان ، والموعظة الحسنة هي طريقة الخطابة ، والمجادلة بالتي هي أحسن طريقة الجدل ، فالأول : بذكر المقدمات البرهانية لمن لا يرضى إلا بالبرهان ، ولا ينقاد إلا له ، وهم خواص الناس ، والثاني : بذكر المقدمات الخطابية التي تثير رغبة ورهبة لمن يقنع بالخطابة وهم الجمهور ، والثالث : بذكر المقدمات الجدلية للمعارض الذي يندفع بالجدل ، وهم المخالفون فتنزيل القرآن على قوانين أهل المنطق اليوناني واصطلاحهم ، وذلك باطل قطعا من وجوه عديدة ليس هذا موضع ذكرها ، وإنما ذكر هذا استطرادا لذكر العظة ، وأن المنيب المتذكر لا تشتد حاجته إليها كحاجة الغافل المعرض ، فإنه شديد الحاجة جدا إلى العظة ليتذكر ما قد نسيه ، فينتفع بالتذكر .

وأما العمى عن عيب الواعظ فإنه إذا اشتغل به حرم الانتفاع بموعظته ، لأن النفوس مجبولة على عدم الانتفاع بكلام من لا يعمل بعمله ولا ينتفع به ، وهذا بمنزلة من يصف له الطبيب دواء لمرض به مثله ، والطبيب معرض عنه غير ملتفت إليه ، بل الطبيب المذكور عندهم أحسن حالا من هذا الواعظ المخالف لما يعظ به ، لأنه قد يقوم دواء آخر عنده مقام هذا الدواء ، وقد يرى أن به قوة على ترك التداوي ، وقد يقنع بعمل الطبيعة وغير ذلك بخلاف هذا الواعظ ، فإن ما يعظ به طريق معين للنجاة لا يقوم غيرها مقامها ، ولا بد منها ، ولأجل هذه النفرة قال شعيب عليه السلام لقومه وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه وقال بعض السلف : إذا أردت أن يقبل منك الأمر والنهي فإذا أمرت بشيء فكن أول الفاعلين له ، المؤتمرين به ، وإذا نهيت عن شيء ، فكن أول المنتهين عنه ، وقد قيل :


يا أيها الرجل المعلم غيره هلا لنفسك كان ذا التعليم ؟ تصف الدواء لذي السقام من الضنى
ومن الضنى تمسي وأنت سقيم لا تنه عن خلق وتأتي مثله
عار عليك إذا فعلت ذميم ابدأ بنفسك فانهها عن غيها
فإذا انتهت عنه فأنت حكيم هناك يقبل ما تقول ويقتدى
بالقول منك وينفع التعليم
[ ص: 446 ] فالعمى عن عيب الواعظ من شروط تمام الانتفاع بموعظته .

وأما تذكر الوعد والوعيد فإن ذلك يوجب خشيته والحذر منه ، ولا تنفع الموعظة إلا لمن آمن به ، وخافه ورجاه ، قال الله تعالى إن في ذلك لآية لمن خاف عذاب الآخرة وقال سيذكر من يخشى وقال إنما أنت منذر من يخشاها وأصرح من ذلك قوله تعالى فذكر بالقرآن من يخاف وعيد فالإيمان بالوعد والوعيد ، وذكره : شرط في الانتفاع بالعظات والآيات والعبر ، يستحيل حصوله بدونه .

قال : وإنما تستبصر العبرة بثلاثة أشياء : بحياة العقل ، ومعرفة الأيام ، والسلامة من الأغراض .

إنما تتميز العبرة وترى وتتحقق بحياة العقل ، والعبرة هي الاعتبار ، وحقيقتها العبور من حكم الشيء إلى حكم مثله ، فإذا رأى من قد أصابته محنة وبلاء لسبب ارتكبه ، علم أن حكم من ارتكب ذلك السبب كحكمه .

وحياة العقل هي صحة الإدراك ، وقوة الفهم وجودته ، وتحقق الانتفاع بالشيء والتضرر به ، وهو نور يخص الله به من يشاء من خلقه ، وبحسب تفاوت الناس في قوة ذلك النور وضعفه ووجوده وعدمه يقع تفاوت أذهانهم وأفهامهم وإدراكاتهم . ونسبته إلى القلب كنسبة النور الباصر إلى العين .

ومن تجريبات السالكين التي جربوها فألفوها صحيحة أن من أدمن يا حي يا قيوم لا إله إلا أنت أورثه ذلك حياة القلب والعقل .

وكان شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه شديد اللهج بها جدا ، وقال لي يوما : لهذين الاسمين وهما الحي القيوم تأثير عظيم في حياة القلب ، وكان يشير إلى أنهما الاسم الأعظم ، وسمعته يقول : من واظب على أربعين مرة كل يوم بين سنة الفجر وصلاة الفجر يا حي يا قيوم ، لا إله إلا أنت ، برحمتك أستغيث حصلت له حياة القلب ، ولم يمت قلبه .

[ ص: 447 ] ومن علم عبوديات الأسماء الحسنى والدعاء بها ، وسر ارتباطها بالخلق والأمر ، وبمطالب العبد وحاجاته عرف ذلك وتحققه ، فإن كل مطلوب يسأل بالمناسب له ، فتأمل أدعية القرآن والأحاديث النبوية تجدها كذلك .

وأما معرفة الأيام فيحتمل أن يريد به أيامه التي تخصه ، وما يلحقه فيها من الزيادة والنقصان ، ويعلم قصرها ، وأنها أنفاس معدودة منصرمة ، كل نفس منها يقابله آلاف آلاف من السنين في دار البقاء ، فليس لهذه الأيام الخالية قط نسبة إلى أيام البقاء ، والعبد منساق زمنه ، وفي مدة العمر إلى النعيم أو إلى الجحيم ، وهي كمدة المنام لمن له عقل حي وقلب واع ، فما أولاه أن لا يصرف منها نفسا إلا في أحب الأمور إلى الله ، فلو صرفه فيما يحبه وترك الأحب لكان مفرطا ، فكيف إذا صرفه فيما لا ينفعه ؟ فكيف إذا صرفه فيما يمقته عليه ربه ؟ فالله المستعان ولا قوة إلا به .



ويحتمل أن يريد بالأيام أيام الله التي أمر رسله بتذكير أممهم بها ، كما قال تعالى ولقد أرسلنا موسى بآياتنا أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور وذكرهم بأيام الله وقد فسرت أيام الله بنعمه ، وفسرت بنقمه من أهل الكفر والمعاصي ، فالأول تفسير ابن عباس و أبي بن كعب و مجاهد ، والثاني تفسير مقاتل .

والصواب أن أيامه تعم النوعين ، وهي وقائعه التي أوقعها بأعدائه ، ونعمه التي ساقها إلى أوليائه ، وسميت هذه النعم والنقم الكبار المتحدث بها أياما لأنها ظرف لها ، تقول العرب : فلان عالم بأيام العرب وأيام الناس ، أي بالوقائع التي كانت في تلك الأيام ، فمعرفة هذه الأيام توجب للعبد استبصار العبر ، وبحسب معرفته بها تكون عبرته وعظمته ، قال الله تعالى لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب .

ولا يتم ذلك إلا بالسلامة من الأغراض ، وهي متابعة الهوى والانقياد لداعي النفس الأمارة بالسوء ، فإن اتباع الهوى يطمس نور العقل ، ويعمي بصيرة القلب ، ويصد عن اتباع الحق ، ويضل عن الطريق المستقيم ، فلا تحصل بصيرة العبرة معه البتة ، والعبد إذا اتبع هواه فسد رأيه ونظره ، فأرته نفسه الحسن في صورة القبيح ، والقبيح في [ ص: 448 ] صورة الحسن ، فالتبس عليه الحق بالباطل ، فأنى له الانتفاع بالتذكر ، أو بالتفكر ، أو بالعظة ؟ .




من مواضيعي :
الرد باقتباس
الرد على الموضوع

مشاركة الموضوع:


إنتقل إلى

عناوين مشابهه
الموضوع الكاتب القسم ردود آخر مشاركة
إياك و الفراغ semo موضوعات عامة 1 10/07/2010 05:57 PM
ألبوم أغلى حبيب لأحمد خالد وعبد الكريم مهيوب أسيــر ألحان التقوى 3 14/04/2007 06:34 AM


الساعة الآن: 10:17 AM

vBulletin ©2000 - 2024
 
 
عمانيات  مراسلة الإدارة  تصفح سريع منتديات