لأول مرة .. رصد هلال ذي الحجة محليا

بســـم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته //

الخروصي : يؤخذ في الاعتبار التقارير الفلكية أثناء صناعة قرار رؤية الهلال
الكندي : لكل بلد رؤيتهم .
البوسعيدي : علم الفلك حقق تقدما في دقة الحسابات تصل لأجزاء من الثانية

تحقيق ــ أحمد بن ناصر الحارثي
يتهيأ العالم الإسلامي لاستقبال شهر ذي الحجة حيث يفد الناس من كل بقاع الأرض إلى أداء شعائر الحج ويحتفل المسلمون بعيد الأضحى الذي يمثل بالنسبة لهم ذكرى غالية ومناسبة عظيمة يتقربون فيها إلى الله بالهدايا والأضاحي، وتستعد السلطنة ممثلة في وزارة الأوقاف والشؤون الدينية لاستطلاع هلال هذا الشهر الحرام وفي هذا التحقيق سنسلط الضوء على بعض الجوانب المهمة في هذا الشأن من الناحية الإدارية والشرعية والفلكية لنستوضح كيفية صناعة قرار رؤية الهلال وكيف يتم التأكد من مصداقية المبلغ، كما سنتطرق إلى المنهج الفقهي المتبع لدى اللجنة الرئيسية لإثبات دخول الشهر من عدمه وسنعرض إلى مسألة الاختلاف بين المسلمين في إعلان الأهلة، أما الجانب الفلكي فسنتعرض فيه إلى دقة الحسابات الفلكية بالإضافة إلى التنسيق القائم بين الفلكيين واللجنة الرئيسية .




الأخذ بمعطيات علم الفلك
في البداية التقينا بالدكتور سالم بن هلال الخروصي المدير العام للوعظ والإرشاد حيث سألناه عن الكيفية التي تتم من خلالها صناعة قرار رؤية الهلال فقال : تتم صناعة رؤية الهلال وفق معطيات عدة من أهمها تشكيل اللجان لاستطلاع الهلال فكما هو معتاد تجتمع اللجنة الرئيسية برئاسة وزير الأوقاف والشؤون الدينية الموقر وعضوية كل من سماحة المفتي العام للسلطنة والسيد وكيل الوزارة واثنين من أصحاب الفضيلة قضاة المحكمة العليا، كما تشكل لجان فرعية في كل محافظات وولايات السلطنة برئاسة الولاة وحضور أصحاب الفضيلة القضاة حيث تقوم هذه اللجان بتلقي بلاغات المواطنين وتتحقق منها ثم ترفعها إلى اللجنة الرئيسية ومن خلال هذه المعطيات يكون قرار اللجنة الرئيسية حول رؤية الهلال من عدمه، كما تعتمد التقارير الفلكية الخاصة برؤية الهلال قرينة للاستئناس بها في بيان اللجنة الرئيسية.


الشهادة أمانة
وفي سؤال آخر حول كيف يتم التأكد من مصداقية المبلغ يقول الدكتور: الشهادات أمانة ينبغي على الإنسان أن يؤديها بكل صدق والمبلغ عندما يتصل ليبلغ عن رؤية الهلال فإنه لابد أن يتحلى بالمصداقية وأن يكون أهلا لتحمل الأمانة، وأن اللجان الفرعية المشكلة تتحرى البلاغ وتعتمدها اللجنة الرئيسية وفق الضوابط الشرعية التي ترسم هذا الإطار.


لكل بلد رؤيتهم
ويشاركنا في هذا التحقيق ماجد بن محمد الكندي الباحث الإسلامي بمكتب المفتي العام للسلطنة ليحدثنا عن القول الوارد في الأثر (لكل قوم هلالهم) كذلك اختلاف مواقيت الصلاة من بلد لآخر ألا يتيح هذا مساحة للاختلاف بين المسلمين في إعلان الأهلة ؟ نعم يتيح ذلك، فالعالم الإسلامي واقع في مساحات متباعدة لا يمكن معها واقعا جمعهم على ميعاد واحد، فحين يكون بلد في وسط النهار يكون في بلد آخر الليل، وهذا الأمر كان متقررا منذ عهود الصحابة رضي الله عنهم- فقد كان أهل الشام يصومون في يوم ويصوم أهل المدينة في يوم آخر مع أن المسافة لم تكن بذلك البعد كما في حديث كريب الذي أخرجه الإمام مسلم وفيه أن كريبا أخبر ابن عباس ( أنهم رأوا الهلال في الشام ليلة الجمعة فصاموا به والصحابة في المدينة رأوا الهلال ليلة السبت فصاموا بما رأوا ولم يصوموا برؤية أهل الشام وترجم الإمام مسلم لهذا الحديث عند إخراجه بقوله: باب: بيان أن لكل بلد رؤيتهم وأنهم إذا رأوا الهلال ببلد لا يثبت حكمه لما بعد عنهم.


الأخذ بمقتضى النصوص الشرعية
وسألناه كذلك عن المنهج الفقهي المتبع لدى اللجنة الرئيسية في إثبات دخول الأشهر القمرية فيقول : المنهج المتبع لدى اللجنة هو الأخذ بمقتضى النصوص الشرعية التي فيها إثبات دخول الشهر الهجري بالهلال لقوله تعالى: "ويسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج" أو إكمال ثلاثين يوما الشهر الذي قبله لقوله صلى الله عليه وسلم "فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوما"، مؤكدا أن الشهادة على رؤية الهلال يشترط فيها ما يشترط في الشهادة عموما وهو مطابقتها للواقع كما هو إجماع المسلمين، لهذا يستعان بمعطيات علم الفلك الحديث لإثبات مطابقة شهادة الشهود على رؤية الهلال للواقع، فإن تقرر جواز الرؤية فلكا فهناك تقبل الشهادة من هذه الناحية، وإن تقرر استحالة الرؤية فلكا فعندها ترد الشهادة.


دقة الحسابات الفلكية
وإذا ما انتقلنا إلى الجانب الفلكي فإننا نلحظ أن علم الفلك حقق تقدما في دقة الحسابات الفلكية، حيث يؤكد المهندس الفلكي / سليمان بن هلال البوسعيدي أن الحسابات الفلكية تصل إلى أجزاء من الثانية، وتصف الحركات الطبيعية للأجرام السماوية، مدللا على ذلك بدقة تحديد أوقات وأماكن الأحداث الفلكية مثل الكسوف والخسوف والاقتران وعبور كوكبي الزهرة وعطارد أمام قرص الشمس والاحتجابات الفلكية و مواعيد شروق و غروب الشمس والقمر في كل يوم ونحوها وحساب أوجه القمر المختلفة وحساباتها لمئات السنين، مضيفا أن مواقيت الصلوات التي نؤديها كل يوم قائمة على الحساب الفلكي حيث أن جميع الحسابات تعتمد على قوانين نيوتن الفيزيائية وحساب المثلثات الكروية والميكانيكا السماوية والتي تدرس في مراحل التعليم المختلفة. مشيرا إلى أن إطلاق الأقمار الصناعية وسفن الفضاء إلى الأجرام السماوية المختلفة، وحساب موعد وصولها بدقة متناهية، لدليل واضح على دقة الحسابات الفلكية. فعلى سبيل المثال سيكون هناك خسوف جزئي للقمر بتاريخ 31 ديسمبر 2009م (يمكن رؤيته من سلطنة عمان) يبدأ في تمام الساعة 22:51 مساء وينتهي في تمام الساعة 23:54 قبل منتصف الليل بالتوقيت المحلي للسلطنة.

م.ق