عمانيات عمانيات
عودة   عمانيات > منتديات عامة > موضوعات عامة
مواضيع اليوم
موضوعات عامة المواضيع التي لاتشملها أقسام المنتدى

عمانيات   عمانيات
موضوع مغلق
 
خيارات الموضوع ابحث بهذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 29/05/2008, 08:42 AM
الفارس الاخير
مُخلــص
 
تهذيب النفس ومعرفة الحق

تهذيب النفس ومعرفة الحق

لو جاهد الانسان نفسه لاصبح صالحاً,وأدرك الحق تبارك وتعالى ,وأذعن لوجوده.
حسن الانسان الصالح ,في نفسه معنى كبير,فهو يعني الابتعاد عن المساوىء,
يعني أن لايافك,ولايسلب,ولايهضم الآخرين حقوقهم.
لو كان هناك مثل هذا الانسان فإنكم جميعاً تقبلون يده,فلتكونوا أنتم كذلك,
وإن لم تستطيعوا ذلك,فلا أقل أن تكونوا صالحين على قدر أنفسكم.


فالناس تقبل يد ذلك الذي لايصدر منه شر ولا أذى,وان خلى من معاني الخير
والخدمة العامة ,ففي هذه الحالة يكون الانسان بعيداً عن الشيطان.
والخلاصة,فإن جميع الفروض والتكاليف الالهية تهدف الى تهذيب وبناء الانسان ,
فلو اصلح الانسان نفسه,لعانق الثريا وارتفعت منزلته,ولكن ما العمل؟!
فالأعم الأغلب يكتفي بهذه المظاهر الزائفة,
ويعيش على الخداع.
وهذا دليل على الانحطاط الفكري للبشر,لو كانت الأمور تستقيم بالخداع والمواربة والحيلة.
لاتظن أن الله ينتظر معرفتنا ,فالله في علو عرشه متعال,حصلت لنا معرفة أم لا.
لو عرفت الله فنع ذلك يعود لك,
وان عبدت الله وارتقبت عينك ولسانك وقلبك,ولم تطلق العنان لأعضائك وجوارحك.
فجوارح المؤمن ليست حرة تفعل ماتشاء,
نسأل الله ان يرزقنا الايمان الثابت المستقر,الايمان الذي إن حصلناه لايستطيع احد ان يقف بوجهنا خلال مسيرتنا في الحياة الدنيا.




من مواضيعي :
  #2  
قديم 29/05/2008, 10:11 AM
صورة لـ بحر الغضب
بحر الغضب
مُتميــز
 
: تهذيب النفس ومعرفة الحق

مقال رائع مشرفنا الفارس الاخير دمت في حفظ الرحمن



من مواضيعي :
  #4  
قديم 31/05/2008, 01:09 PM
صورة لـ اللحظه الأخيره
اللحظه الأخيره
مُشــارك
 
: تهذيب النفس ومعرفة الحق

دائما التحكم بالنفس وتسيرها وتقويمها لطريق السليم والصواب يجلب الخير لصاحبها
كلمات راقيه



من مواضيعي :
  #5  
قديم 31/05/2008, 01:27 PM
صورة لـ الملتاعه
الملتاعه
مُجتهـد
 
: تهذيب النفس ومعرفة الحق

تهذيب النفس وسيلة الكمال

الدكتور ميثم السلمان - 05/05/2004م


ما هي الأخلاق :

الأخلاق جمع خلق، والخلق هو صفة راسخة في النفس تدعوها إلى فعل الخير أو فعل الشر كالشجاعة والجبن والظلم والعدل والكرم والبخل...الخ، وبهذه الصفة يمتاز الانسان عن سائر المخلوقات إذ أن ما سوى الانسان لا يدرك قيمة هذه الصفة ولا يهتم بها بل لم يؤهله الله تعالى للتحلي بها، من هنا صح القول أن الأخلاق قيمة إنسانية.

الأخلاق هدف الأنبياء :

قال رسول الله : «عليكم بمكارم الأخلاق، فإن الله عزَّ وجلّ بعثني بها».

وقال أيضاً : « إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق ».

وهذا إن دلَّ على شي‏ء فإنما يدل على أن الأخلاق الكريمة هي الهدف الأسمى لبعث الأنبياء ، وقد جاء السابقون منهم ببعض هذه الأخلاق وجاء رسول الله ليتمم ما نقص منها ويبيّن ما لم يبيّنه من سبقه من الأنبياء.

وإذا كانت مكارم الأخلاق هدف الأنبياء فمعنى ذلك أن تكامل الإنسان هو الهدف الأسمى من خلقه لا يكون إلاَّ بواسطة التحلّي بهذه الأخلاق، ولهذا بعثهم الله تعالى ليبيّنوها للناس وليطبقوها أمامهم ليكونوا مُثُلاً عليا ونماذج حيَّة يقتدى بها، وقد بلغ رسول الله أعلى رتبة من رتبة التكامل الإنساني بأخلاقه السامية حتى استحقَ مدح الله تعالى بقوله: ﴿ وإنَّك لعلى خلق عظيم ﴾ .


الأخلاق أساس الأسلام :

هدف الإسلام كدين من الأديان السماوية أن يبني الإنسان من جميع نواحيه، فشرَّع لأجل ذلك أحكاماً ووضع قوانين وتوعَّد من خالفها بالعقوبة ووعد من وافقها بالأجر والثواب، كل ذلك من أجل أن يحمله على التحلي بالقيم السامية والأخلاق الفاضلة، فالعمل بالأحكام الشرعيَّة يشكّل الحد الأدنى من هذه الأخلاق، هذا الحدّ الذي لا يمكن التهاون به والتسامح في تركه، وبلوغ هذا الحد يؤسس لقيام عملية البناء الإنساني والتكامل البشري من خلال التحلّي بالأخلاق الكريمة التي تركت دون رتبة الإلزام الشرعي لكي يطلبها الإنسان من تلقاء نفسه رغبة في الوصول إلى مقام العبودية الحقيقيَّة لله تعالى وخلافته في الأرض، ونيل الأجر الجزيل والثواب العظيم على تطوعه هذا، وفي هذا الميدان يتفاضل البشر شرفاً وخسَّة وسمواً وضِعةً، فمن بلغ أعلى مراتبها بلغ درجة الكمال كالنبي واله ثم الأدنى فالأدنى.

تهذيب النفس وسيلة الكمال :

قرر علماء الأخلاق أن عملية التكامل لا يمكن لها أن تنطلق في طريقها الصحيح إلاَّ من خلال تهذيب النفس وتصفيتها من شوائبها أولاً ثم تزيينها بمكارم الأخلاق ومحاسن الطباع،وهذا ما يستلزم المرور بمرحلتين:

• المرحلة الأولى: مرحلة التخلي

حيث يترك فيها المرء ما علق فيه من خبائث الطباع ورذائل الأخلاق، وذلك ضمن عملية ترويض للنفس وقهرها وتطهيرها من الأدران والأوساخ المسماة بالصفات المهلكة.

• المرحلة الثانية: مرحلة التحلي

وهي عملية إعادة بنائها من جديد على ضوء ما جاء به الأنبياء والأئمة المعصومون من الدعوة إلى التطبّع بطباع فاضلة وتزيينها بمكارم الأخلاق المسمَّاة بالصفات المنجية.

تهذيب النفس جهاد أكبر :

وتهذيب النفس عملية صعبة في حد ذاتها لأنها تتطلب بذل جهد كبير لمخالفة الرغبات والشهوات وقسرها على تحمل المشقَّات والتضحيات، وهو خلاف ما تميل إليه النفس البشرية بطبعها، فكان السالك العامل على ترويض نفسه أشبه شي‏ء بمن يجدف مركبه بعكس التيار، ولهذا كان بذل هذا الجهد جهاداً، بل هو جهاد أكبر كما عبَّر عنه رسول الله حينما خاطب جماعة من أصحابه كانوا في سريَّة وعادوا منتصرين: مرحباً بقوم قضوا الجهاد الأصغر وبقي عليهم الجهاد الأكبر.

فقيل له: يا رسول الله، وما الجهاد الأكبر؟ فقال :« جهاد النفس ».

قال أمير المؤمنين في نهج البلاغة: « وأيم الله يميناً استثني فيها بمشيئة الله لأروضنّ نفسي رياضة تهشّ معها إلى القرص إذا قدرت عليه مطعوماً، وتقنع بالملح مأدوماً ولأدعنّ‏َ مقلتي كعين ماء نضب معينها مستفرغة دموعها ».


الأخلاق قيمة الحياة :

قال رسول الله :« إن لله في أيام دهركم نفحات، ألا فتعرضوا لها ولا تعرضوا عنها ».

علم الأخلاق :

إن علم الأخلاق الذي هو فرع الحكمة العملية ينظر إلى البعد الآخر في وجود الإنسان، ويلفته إلى قضية المصير في أبهى صورة قرآنية بقوله عزّ من قائل : ﴿ ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها وقد خاب من دسّاها ﴾ (سورة الشمس : 7)

والنفس هي الهوية الحقيقية للإنسان الآدمي، ومحتواها الحقيقي هو الذي يحدد وجهة الإنسان نحو السعادة والكمال ويبيّن مصيره المستقبلي قي الشقاء والخيبة أم الفلاح والنعمة. فهذه النفس في نظر أهل السير والسلوك، يمكن أن تتكامل من خلال برنامج التزكية والرياضة فترتفع إلى أعلى عليين وتصبح مظهر "أحسن تقويم"، ويمكن أن تتسافل فتنحط إلى " أسفل سافلين " بعد الإهمال والتضييع من خلال دسها تحت تراب العالم المادي الذي نعيش فيه، سواء في رابطة الحرام والغفلة أم في الإنشغال و العلقة.

وما دام الإنسان المادي يقصر النظر على عالم الطبيعة والتعلقات المادية أو يغلب النظر إليها ، فإن نفسه تكون مصداق قوله تعالى: ﴿ قد خاب من دساها ﴾

فالنفس الإنسانية قابلة للتغيير ، مهما علتها طبقات الذنوب أسدلت عليها حجب التربية الفاسدة، وبدون هذا النظر فإن علم الأخلاق وسماع الموعظة والإختلاف إلى مجالس العلماء لا يعد له أية أهمية ويصبح هباءً منثوراً. فقد تبين أن موضوع الأخلاق هو نفس الإنسان التي تتقبل التغيير وترفض الثبات والجمود.

إنّ أول خطوة ينبغي أن يخطوها السالك بعد إدراكه لحقيقة وجوده المرتبط بالوجود المجرد عن المادة ، هي فهم قابلية التغيير ، وإدراك حقيقة دعوة الأنبياء التي ختمت بقوله الأعظم : «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق »

وإتباعها إنطلاقاً من تعاليم الأولياء العظام والأئمة الأطهار سلام الله عليهم، التي تمكنه من إعتلاق عوالم الغيب والوصول إلى مجاورة الملكوتيين واللحاق بركب الكمّل من الصالحين الذين وصلوا إلى سعادة "ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر".

وهذه الغاية العظيمة، التي يحددها علم السير والسلوك إلى الله، لا بد من الإحاطة بها وفهمها فهماً تاماً، لأن لهذا الأمر مدخلية عظيمة في تحقق السفر وخروج النفس من سجن الطبيعة أو سجن النفس والأنانية. ولذلك لا بد من الإشارة إلى النقاط التالية:

أولاً :
إن موضوع الغاية يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالرؤية الكونية الشاملة ( والعقيدة الصحيحة ) للوجود. وبدون فهم أصل العقيدة الذي هو التوحيد يبقى الأمر الأول متعذراً.

ثانياً :
إن غاية الله من خلقنا هي غير الغاية التي خلقنا لأجل الوصول إليها. فالله عزّ وجلّ غني مطلق لا يعقل أن يكون فعله لفائدة أو مصلحة تعود إليه. بينما نحن خلقنا على ضوء حكمة الله في الفعل والخلق للوصول إلى كمالنا الذاتي وسعادتنا الحقيقية.

ثالثا:
إن التهاون في تحديد الغاية والغفلة عن الإحاطة بأبعادها من شأنه أن يضر السالك ويوقعه في مآزق هي أصعب وأشد عليه مما هرب منه عند البدء في السير والسلوك. فغاية دعوة الأنبياء عليهم السلام هي إيصال الإنسان إلى كماله الحقيقي.

ولأجل أن يتمكن الإنسان من بلوغ غاية الحق والوصول إلى السعادة الحقيقية يطرح علم الأخلاق برنامجاً سلوكياً، عنوانه الأول الرياضة القلبية من خلال سلسلة الأعمال والعبادات الشريفة، لأن هذه النفس قد تربت في أحضان الطبيعة ورضعت من حليبها فاستأنست بمشتهياتها حتى صار النهوض صعباً والسير مستحيلاً وتحقق اليقظة معجزة. هذا البرنامج هو يعبر عنه أهل الله بالسير والسلوك لبلوغ المقصد.


الخلاصة:

• الغفلة تسجن الإنسان في عالم المادة وعلائقها وتجعله يعيش صراع الروح مع عالم الشهوات والأماني والموهومات.
• الإحساس بالحيرة والضياع طريق لإنبعاث النور الداخلي الذي يهدي إلى الهدف .
• النجاة من العلائق المادية تتحقق بالسفر إلى الله بقدم المجاهدة والإخلاص وبراق العجز والفقر.
• علم الأخلاق الذي هو فرع الحكمة العملية ينظر إلى البعد الروحي في وجود الإنسان ويلفته إلى حقيقة المصير.
• موضوع علم الأخلاق هو نفس الإنسان التي تتقبَّل التغيير وترفض الثبات والجمود.

شروط السفر :

• أن يدرك الإنسان حقيقة وجوده المرتبط بالوجود المجرد عن المادة.
• أن يفهم قابلية النفس للتغيير.
• أن يمتلك الرؤية الكونية الشاملة للوجود: فهم التوحيد.
• أن يدرك حقيقة دعوة الأنبياء التي ختمت بقول الرسول الأعظم : « إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ».
• أن يتَّبع تعاليم الأولياء والأئمة عليهم السلام في تحقيق الوصول إلى تمام هذه الأخلاق.
• أن يحيط بحقيقة هذه الغاية ويفهمها فهماً تاماً.


الرياضة ومجاهدة النفس :

قال اللَّه تعالى: ﴿ وأمّا من خاف مقام ربّه ونهى النفس عن الهوى * فإنّ الجنة هي المأوى ﴾. وقال عزّ من قائل:﴿ والذين جاهدوا فينا لنهدينّهم سبلنا وإنّ اللَّه لمع المحسنين ﴾.

لاشكَّ في أنّ النفس أمّارة بالسوء، وميّالة للكسل، والدِّعة، ومحبّة للتحرّر من قيود الدين بل يريد الإنسان ليفجر أمامه إذن لا يمكن حبسها على سبيل الخير والإصلاح إلا بترويضها ومجاهدتها. وأيضاً من خواصّ النفس أنّها تخادع نفسها، وتغطّي الحقيقة، وتجعل الإنسان غافلاً عن معايبه، فلابدّ من رياضة النفس ومجاهدتها في كشف المعايب، كما لابدّ من الرياضة في رفعها وتصفية النفس منها.

وقد ذكر بعض أنّ هناك طرقاً أربعة لكشف معايب النفس ينبغي سلوك بعضها؛ لكشف تلك العيوب لغير من كملت بصيرته، فإنّ اللَّه - تعالى - إذا أراد بعبد خيراً بصّره بعيوب نفسه، فمن كملت بصيرته لم تخْفَ عليه عيوبه، وإذا عرف العيوب أمكنه العلاج، ولكنّ أكثر الخلق جاهلون بعيوب أنفسهم، يرى أحدهم القذى في عين أخيه، ولا يرى الجذع في عين نفسه، فمن أراد أن يقف على عيوب نفسه فله أربع طرق:

الأوّل :
أن يجلس بين يدي بصير بعيوب النفس، مطّلع على خفايا الآفات، فارغ عن تهذيب نفسه، فيحكّمه على نفسه، ويتّبع إشاراته في مجاهدته، ومَنْ وجد ذلك فقد وجد الطبيب، فليلازمه ، فهو الذي يخلّصه من مرضه، وينجيه من الهلاك، إلّا أنّ هذا قد عزّ في هذا الزمان وجوده.

الثاني :
أن يطلب صديقاً صدوقاً بصيراً متديناً، فينصبه رقيباً على نفسه؛ ليراقب أحواله وأفعاله، فما يكرهه من أخلاقه وأفعاله وعيوبه الباطنة والظاهرة ينبّهه عليه حيث قد تغفل النفس عن عيوب نفسه ولكن تلتفت إلى عيوب غيره، فإن كنتُ أغفل أنا عن عيوب نفسي كان بإمكاني أن أستعين في كشفها بغيري من صديق صدوق متديّن بصير، فهكذا كان يفعل الأكابر، وكان بعضهم يقول: رحم اللَّه من أهدى إليَّ عيوبي، وكلّ مَنْ كان أوفر عقلاً، وأعلى منصباً كان أقلّ إعجاباً، وأعظم اتّهاماً لنفسه.

إلا أنّ هذا - أيضاً - قد قلّ وعزّ، فإنّ الصديق قد يكون حسوداً، أو صاحب غرض، أو يكون صديقاً حقّاً، ولكنّه يداهنك بإخفاء عيبكَ عليك، وقلّ الصديق الذي يترك المداهنة فيخبر بالعيب.

وقد كانت شهوة ذوي الدين أنّ ينبَّهوا على عيوبهم بنصيحة غيرهم. وإذا بِنا يكون أبغض الخلق إلينا من ينصحنا، ويعرّفنا عيوبنا، ويكاد يكون هذا مفصحاً عن ضعف الإيمان.

الثالث :
أن يستفيد معرفة عيوب نفسه من لسان أعدائه، فإنّ عين السخط تبدي المساوي، ولعلّ انتفاع الإنسان بعدوّ مشاحن يذكر عيوبه أكثر من انتفاعه بصديق مداهن يثني عليه، ويمدحه، ويخفي عنه عيوبه، إلّا أنّ الطبع مجبول على تكذيب العدوّ، وحمل ما يقوله على الحسد، ولكنّ البصير لا يخلو من الانتفاع بقول اعدائه، فإن مساويه لابدّ وأنّ تنتشر على ألسنتهم.

الرابع :
أن يخالط الناس، فكلّ ما يراه مذموماً فيما بين الخلق يطالب نفسه بتركه، وما يراه محموداً يطالب نفسه به؛ لأنّ الإنسان يعمى عن رؤية عيوب نفسه، ولكنّه يرى عيوب غيره، إذن فبإمكانه أن يعرف أولاً عيوب الآخرين، ثُمّ يسري الأمر إلى نفسه عن طريق المقايسة، فيتفقّد نفسه، ويطهّرها من كلّ ما يذّمه من غيره، كما ويحاول ارتداء ما يراه محموداً من غيره، وناهيك بهذا تأديباً، فلو ترك الناس كلُّهم ما يكرهونه من غيرهم لاستغنوا عن المؤدِّب. انتهى ملخصاً وبشي‏ء من التصرف في الألفاظ.

وأمّا روايات مجاهدة النفس فنقتصر على ذكر بعضها، نرويها عن كتاب الوسائل:

1- إن النبيّ‏ بعث سريّة، فلمّا رجعوا قال: مرحباً بقوم قضوا الجهاد الأصغر، وبقي عليهم الجهاد الأكبر، فقيل: يا رسول اللَّه ما الجهاد الأكبر؟ قال:« جهاد النفس ».

2 ـ عن الصادق ‏عليه السلام : « احمل نفسك لنفسك، فإن لم تفعل لم يحملك غيرك ».

3 ـ عن الصادق‏ عليه السلام قال لرجل: « إنّك قد جُعِلت طبيب نفسك، وبُيّن لك الداء، وعرفت آية الصحة، ودللت على الدواء، فانظر كيف قيامك على نفسك ».

4 ـ عن الصادق‏ عليه السلام قال لرجل: « اجعل قلبك قريناً برّاً وولداً واصلاً، واجعل علمك والداً تتّبعه، واجعل نفسك عدوّاً تجاهده، واجعل مالك عارية تردّها ».



5 ـ عن الصادق‏ عليه السلام : « مَنْ لم يكن له واعظ من قلبه وزاجر من نفسه ولم يكن له قرين مرشد استمكن عدوّه من عنقه ».

6 ـ عن الصادق ‏عليه السلام : « مَنْ ملك نفسه إذا رغب، وإذا رهب، وإذا اشتهى، وإذا غضب، وإذا رضي، حرّم اللَّه جسده على النار».


الصلاة أساس التهذيب السلوكي :

فقد قال اللَّه سبحانه وتعالى: ﴿ اقم الصلاة ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر اللَّه اكبر واللَّه يعلم ما تصنعون ﴾.

وقد يبدو للخاطر:
انّه ما معنى اخباره سبحانه وتعالى عن نهي الصلاة عن الفحشاء والمنكر في حين انّ اكثر الناس الاعتياديين لا تنهاهم صلاتهم عن الفحشاء والمنكر، بدليل انّهم يصلّون وفي نفس الوقت -ايضا- يصدر منهم بعض الفسوق.

ولكن الواقع :
انّه في الغالب بل الدائم لا تنفك الصلاة عن النهي عن الفحشاء والمنكر، الا انّ هذا النهي يتقدّر بقدر حضور المصلي لدى المليك المقتدر في صلاته. وكيف يتعقَّل - عادة - ان يحضر العبد بمحض اختياره ورغبته لدى سلطان دنيويّ في اليوم خمس مرّات، ويحسّ بعظمته وجلاله ثمَّ لايؤثِّر ذلك في ترك مخالفته لذلك السلطان، او تقليل المخالفة ولو جزئيا؟! فاذا كان هذا حال الحضور لدى سلطان دنيويّ عاجز مسكين مستكين فكيف بالحضور لدى المليك المقتدر؟ وان كانت سَعة رحمته قد تُجرّئ العبد على المعصية.

فلو اطّلع اليوم على ذنبي غيرك ما فعلته، ولو خفت تعجيل العقوبة لاجتنبته، لا لأنّك اهون الناظرين اليَّ، واخفّ المطّلعين عليّ، بل لأنّك ياربّ خير الساترين، واحكم الحاكمين، واكرم الاكرمين.

نعم، يتقدَّر النهي عن الفحشاء والمنكر بقدر ما يكون للإنسان من حضور القلب، فمن يضعف ويقلُّ حضوره يقلّ نهي الصلاة ايّاه عن الفسوق، ولكن لو كان يترك الصلاة لكان يتوغل في هاوية الفسوق اكثر، ومن يتمُّ حضوره في الصلاة امام الربّ بتمام ما للكلمة من معنى يكون ذلك في نهيه ايّاه من الفحشاء والمنكر بمرتبة ما يوازي العصمة او يقاربها.

وقد روي عن ابن عباس: انّه اهدي الى رسول اللَّه ناقتان عظيمتان، فجعل احديهما لمن يصلّي ركعتين لا يهمّ فيهما بشي‏ء من امر الدنيا. ولم يجبه احد سوى عليّ‏ عليه السلام ، فاعطاه كلتيهما.

وقد ورد - ايضا - انّ عليّا كان في صلاته يستغرق في اللَّه الى حدّ استخرج السهم من رجله في حال الصلاة فلم يلتفت. وقد روى الفيض الكاشاني؛ في المحجة: انّ مولانا امير المؤمنين وقع في رجله نصل، فلم يمكّن من اخراجه، فقالت فاطمة عليها السلام : اخرجوه في حال صلاته، فانه لا يحسّ بما يجري عليه، فاخرج وهو في صلاته.

ومن هنا قيل:
انّه اعترض على بعض الخطباء - وقيل: انّه ابن الجوزي - بانّ عليّا مع استغراقه الكامل في ذات اللَّه لدى الصلاة كيف التفت الى السائل واعطاه خاتمه؟!

فاجاب الخطيب بالبداهة بقراءة هذين البيتين :

يسقي ويشربُ لا تُلْهِيهِ سكرتُه عن النديمِ ولا يلهو عن الكاسِ

اطاعه سُكرُهُ حتى تمكَّنَ مــن فعلِ الصُحاة فهذا افضلُ الناسِ

وكان المقصود : انّ عمل الالتفات الى السائل والتصدِّق عليه كان عبادة. فالالتفات الى ذلك في اثناء الصلاة كان - ايضا - التفاتا الى اللَّه؛ ولهذا لم يصبح استغراقه في ذات اللَّه مانعا عن ذلك، ولم يكن هذا الالتفات التفاتا الى النفس كما في فرض الالتفات الى اخراج السهم - مثلاً - حتى يكون نسيانه لذاته في الصلاة مانعا عن ذلك.

وقد ورد في وصايا رسول اللَّه لأبي ذرّ : « يا ابا ذرّ رَكْعتان مقتصدتان في تفكّر خيرٌ من قيام ليلة والقلبُ ساهٍ ».

وروي عن رسول اللَّه : انّه راى رجلاً يعبث بلحيته في صلاته فقال: « اما انه لو خشع قلبهُ لخشعت جوارحُه ».

وعن النبيّ : « اذا قام العبد الى صلاته وكان هواه وقلبه الى اللَّه انصرف كيوم ولدته امّه ».

وايضا روي عن رسول اللَّه : « مَنْ صلّى رَكْعتين لم يُحدّث فيهما نفسه بشي‏ء من الدنيا غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه ».

وايضا روي عن النبي : « انّ العبد ليصلّي الصلاة لا يُكتب له سدسُها ولا عشُرها، وانّما يكتب للعبد من صلاته ما عقل منها ».

وايضا روي عن بعض ازواج النبي قالت : كان رسول اللَّه يحدّثنا ونحدّثه، فاذا حضرت الصلاة فكانّه لم يعرفنا ولم نعرفه شغلاً باللَّه عن كلِّ شي‏ء. وكان عليّ اذا حضر وقت الصلاة يتململ ويتزلزل، فيقال له: مالك يا امير المؤمنين؟! فيقول: « جاء وقت امانة عرضها اللَّه على السماوات والارض والجبال فابين ان يحملنها واشفقن منها». وكان عليّ بن الحسين اذا حضر الوضوء اصفرّ لونه.
وايضا ورد عن الرسول : « لا صلاة لمن لم يطع الصلاة، وطاعة الصلاة ان ينتهي عن الفحشاء والمنكر ».

وعن الصادق : « من احبّ ان يعلم اقُبلت صلاته ام لم تقبل فلينظر هل منعت صلاته عن الفحشاء والمنكر، فبقدر ما منعته قبلت منه ».

وبمعرفة معنى نهي الصلاة عن المنكر، وانّ النهي يقوى ويتمّ اذا قوي حضور قلب المصلّي لدى اللَّه وتمَّ، قد يتضح معنى غسل الصلاة لدرن الروح باليوم خمس مرات كمن يغسل بدنه بنهر جارٍ باليوم خمس مرّات، فلا يبقى درن في بدنه، كما ورد عن الباقر عن رسول اللَّه :« لو كان على باب دار احدكم نهرٌ، فاغتسل في كلِّ يوم منه خمس مرّات اكان يبقى في جسده من الدرن شي‏ء؟ قلنا: لا، قال: فانّ مثل الصلاة كمثل النهر الجاري كلّما صلّى صلاة كفّرت ما بينهما من الذنوب » .

وورد في رواية اخرى عن ابي حمزة الثمالي قال: سمعت احدهما يقول: انّ عليّا اقبل على الناس فقال: ايّة اية في كتاب اللَّه ارجى عندكم؟

فقال بعضهم: انّ اللَّه لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء.... قال: حسنة وليست ايّاها. وقال بعضهم: ﴿ ومن يعمل سوءا او يظلم نفسه ثم يستغفر اللَّه يجد اللَّه غفورا رحيما ﴾. قال: حسنة وليست ايّاها. فقال بعضهم: ﴿ يا عبادي الذين اسرفوا على انفسهم لا تقنطوا من رحمة اللَّه ان اللَّه يغفر الذنوب جميعا انه هو الغفور الرحيم ﴾. قال: حسنة وليست ايّاها. وقال بعضهم: ﴿ والذين اذا فعلوا فاحشة او ظلموا انفسهم ذكروا اللَّه فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب الا اللَّه ولم يصرّوا على ما فعلوا وهم يعلمون اولئك جزاءهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها ونعم اجر العاملين ﴾. قال: حسنة وليست ايّاها. قال ثمَّ احجم الناس فقال: مالكم يا معاشر المسلمين؟ قالوا: لا واللَّه ما عندنا شي‏ء. قال: « سمعت رسول اللَّه يقول: ارجى اية في كتاب اللَّه: ﴿ واقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل ان الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين ﴾. وقال: ياعلي والذي بعثني بالحقّ بشيرا ونذيرا انّ احدكم ليقوم الى وضوئه فتساقط عن جوارحه الذنوب، فاذا استقبل اللَّه بوجهه وقلبه لم ينفتل عن صلاته وعليه من ذنوبه شي‏ء كما ولدته امّه، فان اصاب شيئا بين الصلاتين كان له مثل ذلك حتى عدّ الصلوات الخمس، ثم قال: يا عليّ انّما منزلة الصلوات الخمس لأُمتي كنهر جارٍ على باب احدكم، فما ظنّ احدكم لو كان في جسده درن ثمَّ اغتسل في ذلك النهر خمس مرّات في اليوم اكان يبقى في جسده درن؟! فكذلك واللَّه الصلوات الخمس لاُمتي ».

وفي اكبر الظن انّ المقصود هو : امكانية غسل الدرن بالصلوات الخمس لازوال الدرن قهرا، فانّ الصلاة شُبِّهت بنهر الماء ولو انّ احدا دخل فيه عشرات المرّات، وخرج من دون ان يغتسل وينظف بدنه بفرك ونحوه، لم يخلص من درنه، وكذلك الصلاة انّما تغسل الدرن وتزيل الذنوب لمن يغسل بها روحه.

ويشهد لذلك قوله :« فاذا استقبل اللَّه بوجهه وقلبه..» اذن فلو لم يستقبل اللَّه الا بتوجيه الوجه نحو الكعبة، ومن دون التوجه بالقلب نحو اللَّه، لم تكن فيه هذه الفائدة بكاملها، وان كانت لا تخلو صلاته عن شي‏ء من هذه الفائدة. وكذلك يشهد للمقصود تمسكه عليه السلام بقوله تعالى: ان الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين فاكبر الظن: انّ المقصود بهذه الاية ليس هو مجرد ان الحسنة تقتضي عفو اللَّه عن ذنب العبد بمعنى ترك عقابه عليه وان كانت الحسنة لا تخلو من تاثير في ذلك، فانّ هذا ليس اذهابا للسيئات؛ لأنّ عفو اللَّه بترك العقاب عليها لا يعني زوالها واضمحلالها، فهي موجودة، الا انّ اللَّه - تعالى - برحمته ربّما لا يؤاخذ العبد عليها ويعفو عنه. امّا الاذهاب الحقيقي للسيئات فهو عبارة عن غَسل الدرن الذي اتّجه الى الروح، وازالة الظلمة التي سيطرت على القلب بسبب الذنوب، ومحو الاثار التي خلّفت الذنوب على النفس. وهذا هو الذي يكون ذكرى للذاكرين، فقد يتخيّل المؤمن الذي ابتلى بالذنب - نتيجةً لعدم العصمة ولاستيلاء الشهوات عليه المودعة فيه من قبل اللَّه تعالى - انّه لا علاج للخلاص عن السقوط الذي وقع فيه، فيذكِّره اللَّه - تبارك وتعالى - بانّك تستطيع علاج مرض الذنوب بدواء الحسنات.

ولعلّه اتَّضح بهذا - ايضا - معنى ما ورد عن ابي جعفر من كون « الصلاة عمود الدين مثلها كمثل عمود الفسطاط اذا ثبت العمود ثبتت الاوتاد والاطناب، واذا مال العمود وانكسر لم يثبت وتد ولا طنب ». وليعلم انّ الصلاة صُمِّمت بشكل يساعد على حضور القلب، وتلهم بكل خطواتها ذكر اللَّه سبحانه وتعالى، وتساعد الى حدّ كبير في النهي عن الفحشاء والمنكر.

اعذرني اخي احببت ان اظيف الى موضوعك هذه المقاله وشكرا لطرحك الجميل...



من مواضيعي :
  #7  
قديم 01/06/2008, 09:34 AM
صورة لـ أحزان البنفسج
أحزان البنفسج
خليــل
 
: تهذيب النفس ومعرفة الحق

يسلموا اخي الفارس الاخير ع المقال المنطقي ..فهلا لو هذب الانسان نفسه لعانق الثريا..وارتفعت منزلته..

ويسلموا اختي الملتاعه ..عاضافتك و المقال ..


دمتم بود..



من مواضيعي :
موضوع مغلق

مشاركة الموضوع:


إنتقل إلى

عناوين مشابهه
الموضوع الكاتب القسم ردود آخر مشاركة
برنامج المحلل الشخصي لتحليل شخصيتك ومعرفة كيف تبدو أسيــر تطوير ذاتي 10 21/09/2011 12:10 AM
قتل النفس m-aboalitex إسلاميات 6 11/02/2011 05:05 PM
سياسة حرق النفس خالد_سالم ترويح القلوب 1 31/01/2011 11:52 PM
العدل مع النفس fatenfouad إسلاميات 6 29/01/2011 02:10 AM
حكم لها وقع كبير على النفس.. الفارس الاخير موضوعات عامة 9 13/03/2008 07:52 PM


الساعة الآن: 10:26 PM

vBulletin ©2000 - 2024
 
 
عمانيات  مراسلة الإدارة  تصفح سريع منتديات