عمانيات عمانيات
عودة   عمانيات > منتديات عامة > منبر السياسة
مواضيع اليوم
منبر السياسة منـبر للنقـاش والحوار الهـادف، أخبار الرأي والرأي الأخر، تحليلات، وعمق في الطرح والتحليل

عمانيات   عمانيات
الرد على الموضوع
 
خيارات الموضوع ابحث بهذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 24/02/2011, 01:12 PM
pcac
هــادف
 
إنذار الدم في ليبيا – فهمي هويدي

صحيفة الشرق القطريه الأربعاء 20 ربيع الأول 1432 – 23 فبراير 2011
إنذار الدم في ليبيا – فهمي هويدي

هذا الذي يحدث في ليبيا لا يمكن أن يصدقه عقل. إذ فاض الكيل بالجماهير فخرجت مسلحة بكرامتها العارية معلنة عن رفضها للنظام الجاثم على صدورها منذ أكثر من أربعين عاما، فإذا بزعيم «الجماهيرية» يعلن الحرب عليهم، ويقرر إبادتهم جميعا. في حين يعلن ابنه أنه ــ وقبيلة القذاذفة التي ينتمون إليها ــ سيقاتلون حتى آخر رجل وآخر امرأة وآخر رصاصة!
المدهش في الأمر أنه في حين لا تزال الدماء تسيل أنهارا في ليبيا، ويستمر القصف الوحشي للجماهير الغاضبة الذي لم يستثن حتى الجنازات. وفي حين تتواصل الانتقادات والتحذيرات من العواصم الغربية، فإن العالم العربي يقف متفرجا وصامتا.
وباستثناء بيان الأمين العام لجامعة الدول العربية الذي أدان استخدام العنف ضد المتظاهرين، لم يصدر تصريح واحد من أي حكومة عربية يعبر عن التعاطف مع الشعب الليبي المعرض للإبادة.
إن الأخ العقيد الذي ما انفك يزهو بأنه عميد الحكام العرب وملك ملوك إفريقيا اعتبر أن معارضيه يهددون أمن ليبيا ويسعون إلى تخريبها، بعدما اختزل الوطن في شخصه، وأقنعه المنافقون بأنه من «ثوابت» المجتمع الليبي التي لا غنى عنها إلى أبد الآبدين.



ومن المفارقات أنه في حين ادعى إعلامه الرسمي بأن الثائرين ليسوا سوى مجموعات من الأجانب الذين اندسوا في أوساط الشعب وأرادوا ضرب استقرار البلاد، فإن طائراته لم ترحم الجموع الليبية الحاشدة التي خرجت في بنغازي وطبرق والبيضا ودرنة، وظلت تلاحقها بوابل نيرانها المجنونة.
السيناريو نعرفه جيدا. في الخلفية يستمر قمع الجماهير وتكميمها لسنوات طويلة، الأمر الذي يشيع بين الناس درجات عالية من الشعور بالمهانة والغضب. وإذ تستمر الضغوط ويتراكم الغضب، يصبح الانفجار هو الحل.

وحين يحدث ذلك تطلق الدعاوى التي تتهم الغاضبين بكل نقيصة، ويبدأ الحديث عن المندسين والتآمر الذي تعده الجهات الأجنبية، ويتخذ القمع أشكالا عدة تتراوح بين الاعتقال والإبادة. وفي الوقت ذاته يعزل المجتمع عن العالم الخارجي، وتقطع الاتصالات حتى بين المواطنين بعضهم وبعض، ويجري التشويش على الفضائيات التي تتابع ما يجري (خصوصا قناة الجزيرة). غير أنه كلما سال الدم ارتفعت وتيرة الغضب واتسعت رقعة الثورة، الأمر الذي يعني أن النظام فقد أعصابه وشرعيته، وصار على وشك السقوط.
علامات النهاية تلوح في الأفق فإصرار الجماهير على مواجهة التحدي واضح، وانحياز بعض وحدات القوات المسلحة إلى جانب الغاضبين، وكذلك استقالة بعض المسؤولين في الحكومة سواء كانوا وزراء أو سفراء، ذلك يعني أن النظام بدأ في التفكك الذي يسبق الانهيار.

لكن من الواضح أن الأخ العقيد لم تتناه إلى سمعه أصوات الغاضبين، ولم يقرأ واقع بلاده، بالتالي فإنه بدوره «لم يفهم» ما يجري. ولم يستوعب شيئا مما جرى حوله في تونس ومصر، وكانت النتيجة أنه لم يتردد في إحراق البلد كله تعلقا بأمل استمراره في المنصب الذي يحتكره منذ أكثر من أربعة عقود.
إن مشكلة العقيد، وأمثاله في العالم العربي، أنهم يرفضون فهم الواقع أو الإنصات لصوت الجماهير أو صوت التاريخ. إنهم يرفضون إدراك حقيقة أن الدنيا تغيرت، وأن المجتمعات التي يحكمونها منذ عدة عقود لم تعد كما كانت. فثمة أجيال تعلمت ووعت وتمكنت من الاتصال بالعالم وإدراك ما يجري فيه. وهذه الأجيال لها تطلعاتها وأشواقها التي ترفض التنازل عنها. لا فرق في ذلك بين دول نفطية وغير نفطية، أو دول غنية وأخرى فقيرة.
لقد كان يقال في الماضي إن الثورة مستبعدة في ليبيا، لأنها دولة نفطية يسهل على حاكمها أن يرشو شعبها صغير العدد. وترددت هذه الفكرة بعد الثورة التونسية، حيث كان يقال إن ثورة الفقراء في تونس لا شبيه لها في ليبيا. ونسي هؤلاء أن الشعوب لها كرامة تريد أن تحس بها وأن تمارسها. وأن الرخاء حتى إذا توافر فإنه لا يمكن أن يدفعها إلى التنازل عن كرامتها.

وما يجري في ليبيا ينسحب على بقية الدول النفطية بطبيعة الحال. ولذلك لن نستغرب إذا شجعت الأجواء الراهنة شعوبا أخرى في العالم العربي لكي تنتفض وتطالب بحقها في إدارة شؤونها وتقرير مصيرها.
إن الحاصل في ليبيا يبعث بإنذار إلى الجميع منبها إلى أنه ما لم تشهد الأقطار العربية بما فيها الخليجية والنفطية إصلاحا سياسيا حقيقيا يرد إلى المجتمعات اعتبارها، فإن انفجار الجماهير قادم لا ريب.
كما أن أساليب القمع لم تعد تجدي، وإذا كانت قد صلحت لبعض الوقت فإنها يقينا لا تصلح لكل الوقت.

صحيح أن ما يحدث في ليبيا جريمة كبرى لكن ما يحدث في أقطار عربية أخرى ليس مطمئنا ولا هو مبرأ من الاتهام،

وإذا قيل إنه من قبيل الجرائم الصغرى، فإن ذلك يعني أنه يختلف عنه في الدرجة فقط وليس في النوع.
..........................




من مواضيعي :
الرد باقتباس
الرد على الموضوع

مشاركة الموضوع:


إنتقل إلى


الساعة الآن: 03:21 AM

vBulletin ©2000 - 2024
 
 
عمانيات  مراسلة الإدارة  تصفح سريع منتديات