تفسير ابن كثر - سورة التوبة - الآية 81

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَن يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لَا تَنفِرُوا فِي الْحَرِّ ۗ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا ۚ لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ (81) (التوبة) mp3
يَقُول تَعَالَى ذَامًّا لِلْمُنَافِقِينَ الْمُتَخَلِّفِينَ عَنْ صَحَابَة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَة تَبُوك وَفَرِحُوا بِقُعُودِهِمْ بَعْد خُرُوجه " وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا " مَعَهُ " بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسهمْ فِي سَبِيل اللَّه وَقَالُوا " أَيْ بَعْضهمْ لِبَعْضٍ " لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرّ " وَذَلِكَ أَنَّ الْخُرُوج فِي غَزْوَة تَبُوك كَانَ فِي شِدَّة الْحَرّ عِنْد طِيب الظِّلَال وَالثِّمَار فَلِهَذَا قَالُوا " لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرّ " قَالَ اللَّه تَعَالَى لِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " قُلْ " لَهُمْ " نَار جَهَنَّم " الَّتِي تَصِيرُونَ إِلَيْهَا بِمُخَالَفَتِكُمْ " أَشَدّ حَرًّا " مِمَّا فَرَرْتُمْ مِنْهُ مِنْ الْحَرّ بَلْ أَشَدّ حَرًّا مِنْ النَّار كَمَا قَالَ الْإِمَام مَالِك عَنْ أَبِي الزِّنَاد عَنْ الْأَعْرَج عَنْ أَبِي هُرَيْرَة أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ . " نَار بَنِي آدَم الَّتِي تُوقِدُونَهَا جُزْء مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنْ نَار جَهَنَّم " فَقَالُوا يَا رَسُول اللَّه إِنْ كَانَتْ لَكَافِيَة فَقَالَ " فُضِّلَتْ عَلَيْهَا بِتِسْعَةٍ وَسِتِّينَ جُزْءًا " أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيث مَالِك بِهِ وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا سُفْيَان عَنْ أَبِي الزِّنَاد عَنْ الْأَعْرَج عَنْ أَبِي هُرَيْرَة عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " إِنَّ نَاركُمْ هَذِهِ جُزْء مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنْ نَار جَهَنَّم وَضُرِبَتْ فِي الْبَحْر مَرَّتَيْنِ وَلَوْلَا ذَلِكَ مَا جَعَلَ اللَّه فِيهَا مَنْفَعَة لِأَحَدٍ " . وَهَذَا أَيْضًا إِسْنَاده صَحِيح وَقَدْ رَوَى الْإِمَام أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَهْ عَنْ اِبْن عَبَّاس الدَّوْرِيّ وَعَنْ يَحْيَى بْن أَبِي بُكَيْر عَنْ شَرِيك عَنْ عَاصِم عَنْ أَبِي صَالِح عَنْ أَبِي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أَوْقَدَ اللَّه عَلَى النَّار أَلْف سَنَة حَتَّى اِحْمَرَّتْ ثُمَّ أَوْقَدَ عَلَيْهَا أَلْف سَنَة حَتَّى اِبْيَضَّتْ ثُمَّ أَوْقَدَ عَلَيْهَا أَلْف سَنَة حَتَّى اِسْوَدَّتْ فَهِيَ سَوْدَاء كَاللَّيْلِ الْمُظْلِم " ثُمَّ قَالَ التِّرْمِذِيّ لَا أَعْلَم أَحَدًا رَفَعَهُ غَيْر يَحْيَى . كَذَا قَالَ وَقَدْ رَوَاهُ الْحَافِظ أَبُو بَكْر بْن مَرْدَوَيْهِ عَنْ إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد عَنْ مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن مُكْرِم عَنْ عُبَيْد اللَّه بْن سَعِيد عَنْ عَمّه عَنْ شَرِيك وَهُوَ اِبْن عَبْد اللَّه النَّخَعِيّ بِهِ وَرَوَى أَيْضًا اِبْن مَرْدَوَيْهِ مِنْ رِوَايَة مُبَارَك بْن فَضَالَة عَنْ ثَابِت عَنْ أَنَس قَالَ تَلَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " نَارًا وُقُودهَا النَّاس وَالْحِجَارَة " قَالَ " أُوقِد عَلَيْهَا أَلْف عَام حَتَّى اِبْيَضَّتْ وَأَلْف عَام حَتَّى اِحْمَرَّتْ وَأَلْف عَام حَتَّى اِسْوَدَّتْ فَهِيَ سَوْدَاء كَاللَّيْلِ لَا يُضِيء لَهِيبهَا " . وَرَوَى الْحَافِظ أَبُو الْقَاسِم الطَّبَرَانِيّ مِنْ حَدِيث تَمَّام بْن نَجِيح وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ عَنْ الْحَسَن عَنْ أَنَس رَفَعَهُ " لَوْ أَنَّ شَرَارَة بِالْمَشْرِقِ - أَيْ مِنْ نَار جَهَنَّم - لَوَجَدَ حَرّهَا مَنْ بِالْمَغْرِبِ " . وَرَوَى الْحَافِظ أَبُو يَعْلَى عَنْ إِسْحَاق بْن أَبِي إِسْرَائِيل عَنْ أَبِي عُبَيْدَة الْحَدَّاد عَنْ هِشَام بْن حَسَّان عَنْ مُحَمَّد بْن شَبِيب عَنْ جَعْفَر بْن أَبِي وَحْشِيَّة عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لَوْ كَانَ فِي هَذَا الْمَسْجِد مِائَة أَلْف أَوْ يَزِيدُونَ وَفِيهِمْ رَجُل مِنْ أَهْل النَّار فَتَنَفَّسَ فَأَصَابَهُمْ نَفَسه لَاحْتَرَقَ الْمَسْجِد وَمَنْ فِيهِ " غَرِيب . وَقَالَ الْأَعْمَش عَنْ أَبِي إِسْحَاق عَنْ النُّعْمَان بْن بَشِير قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِنَّ أَهْوَن أَهْل النَّار عَذَابًا يَوْم الْقِيَامَة لَمَنْ لَهُ نَعْلَانِ وَشِرَاكَانِ مِنْ نَار جَهَنَّم يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغه كَمَا يَغْلِي الْمِرْجَل لَا يَرَى أَنَّ أَحَدًا مِنْ أَهْل النَّار أَشَدّ عَذَابًا مِنْهُ وَإِنَّهُ أَهْوَنهمْ عَذَابًا " . أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيث الْأَعْمَش وَقَالَ مُسْلِم أَيْضًا حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر بْن أَبِي شَيْبَة حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن أَبِي كَثِير حَدَّثَنَا زُهَيْر بْن مُحَمَّد عَنْ سُهَيْل بْن أَبِي صَالِح عَنْ النُّعْمَان بْن أَبِي عَيَّاش عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " إِنَّ أَدْنَى أَهْل النَّار عَذَابًا يَوْم الْقِيَامَة يَنْتَعِل بِنَعْلَيْنِ مِنْ نَار يَغْلِي دِمَاغه مِنْ حَرَارَة نَعْلَيْهِ " وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ اِبْن عَجْلَان سَمِعْت أَبِي عَنْ أَبِي هُرَيْرَة عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " إِنَّ أَدْنَى أَهْل النَّار عَذَابًا رَجُل يُجْعَل لَهُ نَعْلَانِ يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغه " وَهَذَا إِسْنَاد جَيِّد قَوِيّ رِجَاله عَلَى شَرْط مُسْلِم وَاَللَّه أَعْلَم وَالْأَحَادِيث وَالْآثَار النَّبَوِيَّة فِي هَذَا كَثِيرَة وَقَالَ اللَّه تَعَالَى فِي كِتَابه الْعَزِيز " كَلَّا إِنَّهَا لَظَى نَزَّاعَة لِلشَّوَى " وَقَالَ تَعَالَى " يُصَبّ مِنْ فَوْق رُءُوسهمْ الْحَمِيم يُصْهَر بِهِ مَا فِي بُطُونهمْ وَالْجُلُود وَلَهُمْ مَقَامِع مِنْ حَدِيد كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَاب الْحَرِيق " وَقَالَ تَعَالَى " إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودهمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَاب " وَقَالَ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَة الْكَرِيمَة " قُلْ نَار جَهَنَّم أَشَدّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ " أَيْ لَوْ أَنَّهُمْ يَفْقَهُونَ وَيَفْهَمُونَ لَنَفَرُوا مَعَ الرَّسُول فِي سَبِيل اللَّه فِي الْحَرّ لِيَتَّقُوا بِهِ مِنْ حَرّ جَهَنَّم الَّذِي هُوَ أَضْعَاف هَذَا وَلَكِنَّهُمْ كَمَا قَالَ الْآخَر : كَالْمُسْتَجِيرِ مِنْ الرَّمْضَاء بِالنَّارِ وَقَالَ الْآخَر : عُمْرك بِالْحِمْيَةِ أَفْنَيْته خَوْفًا مِنْ الْبَارِد وَالْحَارّ وَكَانَ أَوْلَى لَك أَنْ تَتَّقِي مِنْ الْمَعَاصِي حَذَر النَّار
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • العالم العابد الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن قاسم [ حياته وسيرته ومؤلفاته ]

    العالم العابد الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن قاسم [ حياته وسيرته ومؤلفاته ] : رتبت هذه الرسالة على النحو الآتي: أولاً: عرض لمولده ونشأته. وثانيًا: رحلته في طلب العلم. وثالثًا: حياته العلمية. ورابعًا: حياته العملية وعرض لمؤلفاته مع مقتطفات للتعريف بها. وخامسًا: سجاياه وصفاته وعبادته. وسادسًا: محبة العلماء له. وسابعًا: فوائد من أقواله وكتبه. وثامنًا: وفاته ووصيته. وتاسعًا: ما قيل فيه شعرًا ونثرًا.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/229632

    التحميل:

  • المساجد في ضوء الكتاب والسنة

    المساجد في ضوء الكتاب والسنة: قال المصنف - حفظه الله -: «فهذه رسالة مختصرة في المساجد بيّنت فيها: مفهوم المساجد، وفضلها، وفضل بنائها وعمارتها: الحسيّة والمعنويّة، وفضل المشي إليها، وآدابه، وأحكام المساجد، وأهمية حلقات العلم في المساجد، وكل مسألة قرنتها بدليلها».

    الناشر: المكتب التعاوني للدعوة وتوعية الجاليات بالربوة http://www.IslamHouse.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/58441

    التحميل:

  • ليس عليك وحشة

    ليس عليك وحشة: قال المصنف - حفظه الله -: «فإن الدعوة إلى الله من أوجب الواجبات وأهم المهمات وأعظم القربات. وتبرئة للذمة. ولما في هذه العبادة من الثواب العظيم والأجر الجزيل قام بها خيار الأمة، حتى أشرقت الأرض بنور ربها، فذلت لهم الرقاب ودانت لهم البلاد. وتذكيرًا لنفسي - وللأحبة الكرام - بهذا الأمر العظيم، وخاصة في فترة أهمل فيها هذا الجانب أو ضعف، جمعت بعض وسائل ومداخل - هي أقرب إلى الخواطر - تعين على طرق سبل الدعوة فيستأنس بها ويؤخذ منها، وجعلت لها علامات وعليها منارات؛ لكي نسير على الخطى ونقتفي الأثر في طريق غير موحشة؛ لأن أقدام الأنبياء والصالحين وطأته وتغبرت في طرقه. ولم أذكر إلا ما كان في نطاق دعوة الفرد الواحد فحسب؛ لأهميته، وإلا فالمجتمع بعامته له أساليب ووسائل أخر».

    الناشر: دار القاسم - موقع الكتيبات الإسلامية http://www.ktibat.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/208981

    التحميل:

  • سمات المؤمنين في الفتن وتقلب الأحوال

    يحتوي - هذا الكتاب - على بيان بعض سمات المؤمنين في الفتن وتقلب الأحوال، وهي: الابتعاد عن الغضب والاستعجال، والتأني في الفتيا ودفعها إلى أهلها، والرفق والأناة والحلم، واجتماع الكلمة عند الفتن، والسمع والطاعة لولاة الأمر، وتوقير العلماء ومعرفة مكانتهم في الدين، والاعتبار والعظة بتاريخ الأمم السابقة، وعدم الركون إلى الإعلام المغرض، والالتزام بأمر الإمام في الدعوة إلى الجهاد، وسلامة ألسنتنا من الطعن في الصحابة - رضي الله عنهم -.

    الناشر: موقع الإسلام http://www.al-islam.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/60363

    التحميل:

  • مصحف المدينة برواية قالون

    تحتوي هذه الصفحة على نسخة مصورة pdf من مصحف المدينة النبوية برواية قالون.

    الناشر: مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف www.qurancomplex.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/5268

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة