الصفحة 1الصفحة 2الصفحة 3الصفحة 4الصفحة 5الصفحة 6الصفحة 7الصفحة 8الصفحة 9الصفحة 10
سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُم مِّنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَن يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِسورة البقرة الآية رقم 211
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { سَلْ بَنِي إسْرَائِيل كَمْ آتَيْنَاهُمْ مِنْ آيَة بَيِّنَة } يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : سَلْ يَا مُحَمَّد بَنِي إسْرَائِيل - الَّذِينَ لَا يَنْتَظِرُونَ بِالْإِنَابَةِ إلَى طَاعَتِي , وَالتَّوْبَة إلَيَّ بِالْإِقْرَارِ بِنُبُوَّتِك وَتَصْدِيقك فِيمَا جِئْتهمْ بِهِ مِنْ عِنْدِي , إلَّا أَنْ آتِيهِمْ فِي ظُلَل مِنْ الْغَمَام وَمَلَائِكَتِي , فَأَفْصِل الْقَضَاء بَيْنك وَبَيْن مَنْ آمَنَ بِك وَصَدَّقَك بِمَا أَنْزَلْت إلَيْك مِنْ كُتُبِي , وَفَرَضْت عَلَيْك وَعَلَيْهِمْ مِنْ شَرَائِع دِينِي وَبَيْنهمْ - كَمْ جِئْتهمْ بِهِ مِنْ قَبْلك مِنْ آيَة وَعَلَامَة , عَلَى مَا فَرَضْت عَلَيْهِمْ مِنْ فَرَائِضِي , فَأَمَرْتهمْ بِهِ مِنْ طَاعَتِي , وَتَابَعْت عَلَيْهِمْ مِنْ حُجَجِي عَلَى أَيْدِي أَنْبِيَائِي وَرُسُلِي مِنْ قَبْلك مَرِيدَة لَهُمْ عَلَى صَدْقهمْ بَيِّنَة أَنَّهَا مِنْ عِنْدِي , وَاضِحَة أَنَّهَا مِنْ أَدِلَّتِي عَلَى صِدْق نَذْرِي وَرُسُلِي فِيمَا افْتَرَضْت عَلَيْهِمْ مِنْ تَصْدِيقهمْ وَتَصْدِيقك

, فَكَفَرُوا حُجَجِي , وَكَذَّبُوا رُسُلِي , وَغَيَّرُوا نِعَمِي قَبْلهمْ , وَبَدَّلُوا عَهْدِي وَوَصِيَّتِي إلَيْهِمْ . وَأَمَّا الْآيَة فَقَدْ بَيَّنْت تَأْوِيلهَا فِيمَا مَضَى مِنْ كِتَابنَا بِمَا فِيهِ الْكِفَايَة وَهِيَ هَا هُنَا . مَا : 3212 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : { سَلْ بَنِي إسْرَائِيل كَمْ آتَيْنَاهُمْ مِنْ آيَة بَيِّنَة } مَا ذَكَرَ اللَّه فِي الْقُرْآن وَمَا لَمْ يَذْكُر , وَهُمْ الْيَهُود . 3213 - حُدِّثْت عَنْ عَمَّار , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع قَوْله : { سَلْ بَنِي إسْرَائِيل كَمْ آتَيْنَاهُمْ مِنْ آيَة بَيِّنَة } يَقُول : آتَاهُمْ اللَّه آيَات بَيِّنَات : عَصَا مُوسَى وَيَده , وَأَقْطَعَهُمْ الْبَحْر , وَأَغْرَقَ عَدُوّهُمْ وَهُمْ يَنْظُرُونَ , وَظَلَّلَ عَلَيْهِمْ الْغَمَام , وَأَنْزَلَ عَلَيْهِمْ الْمَنّ وَالسَّلْوَى . وَذَلِكَ مِنْ آيَات اللَّه الَّتِي آتَاهَا بَنِي إسْرَائِيل فِي آيَات كَثِيرَة غَيْرهَا , خَالَفُوا مَعَهَا أَمَرَ اللَّه , فَقَتَلُوا أَنْبِيَاء اللَّه وَرُسُله , وَبَدَّلُوا عَهْده وَوَصِيَّته إلَيْهِمْ , قَالَ اللَّه : { وَمِنْ يُبَدِّل نِعْمَة اللَّه مِنْ بَعْد مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّه شَدِيد الْعِقَاب } وَإِنَّمَا أَنْبَأَ اللَّه نَبِيّه بِهَذِهِ الْآيَات , فَأَمَرَهُ بِالصَّبْرِ عَلَى مَنْ كَذَّبَهُ , وَاسْتَكْبَرَ عَلَى رَبّه , وَأَخْبَرَهُ أَنَّ ذَلِكَ فِعْل مَنْ قَبْله مِنْ أَسْلَاف الْأُمَم قَبْلهمْ بِأَنْبِيَائِهِمْ , مَعَ مُظَاهَرَته عَلَيْهِمْ الْحُجَج , وَأَنَّ مَنْ هُوَ بَيْن أَظُهْرهمْ مِنْ الْيَهُود إنَّمَا هُمْ مِنْ بَقَايَا مَنْ جَرَتْ عَادَتهمْ مِمَّنْ قَصَّ عَلَيْهِ قَصَصهمْ مِنْ بَنِي إسْرَائِيل .

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمِنْ يُبَدِّل نِعْمَة اللَّه مِنْ بَعْد مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّه شَدِيد الْعِقَاب } يَعْنِي بِالنِّعَمِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ الْإِسْلَام وَمَا فَرَضَ مِنْ شَرَائِع دِينه . وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ : { وَمِنْ يُبَدِّل نِعْمَة اللَّه } وَمِنْ يُغَيِّر مَا عَاهَدَ اللَّه فِي نِعْمَته الَّتِي هِيَ الْإِسْلَام مِنْ الْعَمَل وَالدُّخُول فِيهِ فَيَكْفُر بِهِ , فَإِنَّهُ مُعَاقَبَة بِمَا أَوْعَدَ عَلَى الْكُفْر بِهِ مِنْ الْعُقُوبَة , وَاَللَّه شَدِيد عِقَابه , أَلِيم عَذَابه . فَتَأْوِيل الْآيَة إذًا يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا بِالتَّوْرَاةِ فَصَدَّقُوا بِهَا , اُدْخُلُوا فِي الْإِسْلَام جَمِيعًا , وَدَعُوا الْكُفْر , وَمَا دَعَاكُمْ إلَيْهِ الشَّيْطَان مِنْ ضَلَالَته , وَقَدْ جَاءَتْكُمْ الْبَيِّنَات مِنْ عِنْدِي بِمُحَمَّدٍ , وَمَا أَظَهَرْت عَلَى يَدَيْهِ لَكُمْ مِنْ الْحُجَج وَالْعِبَر , فَلَا تُبَدِّلُوا عَهْدِي إلَيْكُمْ فِيهِ وَفِيمَا جَاءَكُمْ بِهِ مِنْ عِنْدِي فِي كِتَابكُمْ بِأَنَّهُ نَبِيّ وَرَسُولِي , فَإِنَّهُ مَنْ يُبَدِّل ذَلِكَ مِنْكُمْ فَيُغَيِّرهُ فَإِنِّي لَهُ مُعَاقِب بِالْأَلِيمِ مِنْ الْعُقُوبَة . وَبِمِثْلِ الَّذِي قُلْنَا فِي قَوْله : { وَمِنْ يُبَدِّل نِعْمَة اللَّه مِنْ بَعْد مَا جَاءَتْهُ } قَالَ جَمَاعَة مِنْ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ

: 3214 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : { وَمِنْ يُبَدِّل نِعْمَة اللَّه مِنْ بَعْد مَا جَاءَتْهُ } قَالَ : يَكْفُر بِهَا . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ ابْن جُرَيْجٍ , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 3215 - حَدَّثَنِي مُوسَى بْن هَارُونَ , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن حَمَّاد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { وَمِنْ يُبَدِّل نِعْمَة اللَّه } قَالَ : يَقُول : مَنْ يُبَدِّلهَا كُفْرًا . 3216 - حُدِّثْت عَنْ عَمَّار , عَنْ ابْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع { وَمِنْ يُبَدِّل نِعْمَة اللَّه مِنْ بَعْد مَا جَاءَتْهُ } يَقُول : وَمِنْ يَكْفُر نِعْمَته مِنْ بَعْد مَا جَاءَتْهُ .
زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ اتَّقَواْ فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍسورة البقرة الآية رقم 212
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاة الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا وَاَلَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقهمْ يَوْم الْقِيَامَة } يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِذَلِكَ : زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا حُبّ الْحَيَاة الدُّنْيَا

الْعَاجِلَة اللَّذَّات , فَهُمْ يَبْتَغُونَ فِيهَا الْمُكَاثَرَة وَالْمُفَاخَرَة , وَيَطْلُبُونَ فِيهَا الرِّيَاسَات وَالْمُبَاهَاة , وَيَسْتَكْبِرُونَ عَنْ اتِّبَاعك يَا مُحَمَّد , وَالْإِقْرَار بِمَا جِئْت بِهِ مِنْ عِنْدِي تَعَظُّمًا مِنْهُمْ عَلَى مَنْ صَدَّقَك وَاتَّبَعَك , وَيَسْخَرُونَ بِمَنْ تَبِعَك مِنْ أَهْل الْإِيمَان , وَالتَّصْدِيق بِك , فِي تَرْكهمْ الْمُكَاثَرَة , وَالْمُفَاخَرَة بِالدُّنْيَا وَزِينَتهَا مِنْ الرِّيَاش وَالْأَمْوَال , بِطَلَبِ الرِّيَاسَات وَإِقْبَالهمْ عَلَى طَلَبهمْ مَا عِنْدِي بِرِفْضِ الدُّنْيَا وَتَرْك زِينَتهَا , وَاَلَّذِينَ عَمِلُوا لِي وَأَقْبَلُوا عَلَى طَاعَتِي وَرَفَضُوا لَذَّات الدُّنْيَا وَشَهَوَاتهَا , اتِّبَاعًا لَك , وَطَلَبًا لِمَا عِنْدِي , وَاتِّقَاء مِنْهُمْ بِأَدَاءِ فَرَائِضِي , وَتَجَنُّب مَعَاصِيَّ فَوْق الَّذِينَ كَفَرُوا يَوْم الْقِيَامَة بِإِدْخَالِ الْمُتَّقِينَ الْجَنَّة , وَإِدْخَال الَّذِينَ كَفَرُوا النَّار . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ مِنْ التَّأْوِيل قَالَ جَمَاعَة مِنْهُمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3217 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ ابْن جُرَيْجٍ قَوْله : { زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاة الدُّنْيَا } قَالَ : الْكُفَّار يَبْتَغُونَ الدُّنْيَا وَيَطْلُبُونَهَا , وَيَسْخَرُونَ مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا فِي طَلَبهمْ الْآخِرَة قَالَ ابْن جُرَيْجٍ : لَا أَحْسَبهُ إلَّا عَنْ عِكْرِمَة , قَالَ : قَالُوا : لَوْ كَانَ مُحَمَّد نَبِيًّا كَمَا يَقُول , لَاتَّبَعَهُ أَشْرَافنَا وِسَادَاتنَا , وَاَللَّه مَا اتَّبَعَهُ إلَّا أَهْل الْحَاجَة مِثْل ابْن مَسْعُود . 3218 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة فِي قَوْله : { وَاَلَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقهمْ يَوْم الْقِيَامَة } قَالَ : فَوْقهمْ فِي الْجَنَّة .

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاَللَّه يَرْزُق مَنْ يُشَاء بِغَيْرِ حِسَاب } وَيَعْنِي بِذَلِكَ : وَاَللَّه يُعْطِي الَّذِينَ اتَّقَوْا يَوْم الْقِيَامَة مِنْ نِعَمه وَكَرَامَاته وَجَزِيل عَطَايَاهُ , بِغَيْرِ مُحَاسَبَة مِنْهُ لَهُمْ

عَلَى مَا مَنْ بِهِ عَلَيْهِمْ مِنْ كَرَامَته . فَإِنْ قَالَ لَنَا قَائِل : وَمَا فِي قَوْله : { يَرْزُق مَنْ يُشَاء بِغَيْرِ حِسَاب } مِنْ الْمَدْح ؟ قِيلَ : الْمَعْنَى الَّذِي فِيهِ مِنْ الْمَدْح الْخَيْر عَنْ أَنَّهُ غَيْر خَائِف نَفَاد خَزَائِنه , فَيَحْتَاج إلَى حِسَاب مَا يَخْرَج مِنْهَا إذْ كَانَ الْحِسَاب مِنْ الْمُعْطِي إنَّمَا يَكُون لِيَعْلَم قَدْر الْعَطَاء الَّذِي يَخْرُج مِنْ مُلْكه إلَى غَيْره لِئَلَّا يَتَجَاوَز فِي عَطَايَاهُ إلَى مَا يُجْحِف بِهِ , فَرَبّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى غَيْر خَائِف نَفَاد خَزَائِنه , وَلَا انْتِقَاص شَيْء مِنْ مُلْكه بِعَطَائِهِ مَا يُعْطِي عِبَاده , فَيَحْتَاج إلَى حِسَاب مَا يُعْطِي , وَإِحْصَاء مَا يُبْقِي ; فَذَلِكَ الْمَعْنَى الَّذِي فِي قَوْله : { وَاَللَّه يَرْزُق مَنْ يُشَاء بِغَيْرِ حِسَاب }
كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍسورة البقرة الآية رقم 213
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { كَانَ النَّاس أُمَّة } اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى الْأُمَّة فِي هَذَا الْمَوْضِع , وَفِي النَّاس الَّذِينَ وَصَفَهُمْ اللَّه بِأَنَّهُمْ كَانُوا أُمَّة وَاحِدَة ; فَقَالَ بَعْضهمْ : هُمْ الَّذِينَ كَانُوا بَيْن آدَم وَنُوح , وَهُمْ عَشَرَة قُرُون , كُلّهمْ كَانُوا عَلَى شَرِيعَة مِنْ الْحَقّ , فَاخْتَلَفُوا بَعْد ذَلِكَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3219 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو دَاوُد , قَالَ : ثنا هَمَّام بْن مُنَبِّه , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَالَ : كَانَ بَيْن نُوح وَآدَم عَشَرَة قُرُون , كُلّهمْ عَلَى شَرِيعَة مِنْ الْحَقّ , فَاخْتَلَفُوا , فَبَعَثَ اللَّه النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ , قَالَ : وَكَذَلِكَ هِيَ فِي قِرَاءَة عَبْد اللَّه " كَانَ النَّاس أُمَّة وَاحِدَة فَاخْتَلَفُوا " . 3220 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة فِي قَوْله : { كَانَ النَّاس أُمَّة وَاحِدَة } قَالَ : كَانُوا عَلَى الْهُدَى جَمِيعًا , فَاخْتَلَفُوا { فَبَعَثَ اللَّه النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ } فَكَانَ أَوَّل نَبِيّ بُعِثَ نُوح . فَتَأْوِيل الْأُمَّة عَلَى هَذَا الْقَوْل الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ ابْن عَبَّاس الدِّين , كَمَا قَالَ النَّابِغَة الذُّبْيَانِيّ : حَلَفْت فَلَمْ أَتْرُك لِنَفْسِك رِيبَة وَهَلْ يَأْثَمَن ذُو أَمَة وَهُوَ طَائِع يَعْنِي ذَا الدَّيْن . فَكَانَ تَأْوِيل الْآيَة عَلَى مَعْنَى قَوْل هَؤُلَاءِ : كَانَ النَّاس الْأُمَّة مُجْتَمِعَة عَلَى مِلَّة وَاحِدَة وَدِين وَاحِد , فَاخْتَلَفُوا , فَبَعَثَ اللَّه النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ . وَأَصْل الْأُمَّة الْجَمَاعَة , تَجْتَمِع عَلَى دِين وَاحِد , ثُمَّ يُكْتَفَى بِالْخَبَرِ عَنْ الْأُمَّة مِنْ الْخَبَر عَنْ الدِّين لِدَلَالَتِهَا عَلَيْهِ كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَلَوْ شَاءَ اللَّه لَجَعَلَكُمْ أُمَّة وَاحِدَة } يُرَاد بِهِ أَهْل دِين وَاحِد وَمِلَّة وَاحِدَة . فَوَجَّهَ ابْن عَبَّاس فِي تَأْوِيله قَوْله : { كَانَ النَّاس أُمَّة وَاحِدَة } إلَى أَنَّ النَّاس كَانُوا أَهْل دِين وَاحِد حَتَّى اخْتَلَفُوا . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ تَأْوِيل ذَلِكَ كَانَ آدَم عَلَى الْحَقّ إمَامًا لِذُرِّيَّتِهِ فَبَعَثَ اللَّه النَّبِيِّينَ فِي وَلَده وَوَجَّهُوا مَعْنَى الْأُمَّة إلَى طَاعَة لِلَّهِ وَالدُّعَاء إلَى تَوْحِيده وَاتِّبَاع أَمْره مِنْ قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ { إنَّ إبْرَاهِيم كَانَ أُمَّة قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا } 16 120 يَعْنِي بِقَوْلِهِ { أُمَّة } إمَامًا فِي الْخَيْر يَقْتَدِي بِهِ , وَيَتَّبِع عَلَيْهِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3221 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { كَانَ النَّاس أُمَّة وَاحِدَة } قَالَ : آدَم . * - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن إسْحَاق , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ ابْن جُرَيْجٍ , عَنْ

مُجَاهِد , مِثْله . 3222 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَى حَجَّاج , عَنْ ابْن جُرَيْجٍ , عَنْ مُجَاهِد قَوْله : { كَانَ النَّاس أُمَّة وَاحِدَة } قَالَ : آدَم , قَالَ : كَانَ بَيْن آدَم وَنُوح عَشَرَة أَنْبِيَاء , فَبَعَثَ اللَّه النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ , قَالَ مُجَاهِد : آدَم أُمَّة وَحْده , وَكَأَنَّ مَنْ قَالَ هَذَا الْقَوْل اسْتَجَازَ بِتَسْمِيَةِ الْوَاحِد بِاسْمِ الْجَمَاعَة لِاجْتِمَاعِ أَخْلَاق الْخَيْر الَّذِي يَكُون فِي الْجَمَاعَة الْمُفَرَّقَة فِيمَنْ سَمَّاهُ بِالْأُمَّةِ , كَمَا يُقَال : فُلَان أُمَّة وَحْده , يَقُول مَقَام الْأُمَّة . وَقَدْ يَجُوز أَنْ يَكُون سَمَّاهُ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ سَبَب لِاجْتِمَاعِ الْأَسْبَاب مِنْ النَّاس عَلَى مَا دَعَاهُمْ إلَيْهِ مِنْ أَخْلَاق الْخَيْر , فَلَمَّا كَانَ آدَم صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبَبًا لِاجْتِمَاعِ مَنْ اجْتَمَعَ عَلَى دِينه مِنْ وَلَده إلَى حَال اخْتِلَافهمْ سَمَّاهُ بِذَلِكَ أُمَّة . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ كَانَ النَّاس أُمَّة وَاحِدَة عَلَى دِين وَاحِد يَوْم اسْتَخْرَجَ ذُرِّيَّة آدَم مِنْ صُلْبه , فَعَرَضَهُمْ عَلَى آدَم . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3223 - حُدِّثْت عَنْ عَمَّار , عَنْ ابْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع قَوْله : { كَانَ النَّاس أُمَّة وَاحِدَة } وَعَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع , عَنْ أَبِي الْعَالِيَة , عَنْ أُبَيّ بْن كَعْب , قَالَ : كَانُوا أُمَّة وَاحِدَة حَيْثُ عُرِضُوا عَلَى آدَم فَفَطَرَهُمْ يَوْمئِذٍ عَلَى الْإِسْلَام , وَأَقَرُّوا لَهُ بِالْعُبُودِيَّةِ , وَكَانُوا أُمَّة وَاحِدَة مُسْلِمِينَ كُلّهمْ . ثُمَّ اخْتَلَفُوا مِنْ بَعْد آدَم , فَكَانَ أُبَيّ يَقْرَأ : " كَانَ النَّاس أُمَّة وَاحِدَة فَاخْتَلَفُوا فَبَعَثَ اللَّه النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ " إلَى " فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ " وَإِنَّ اللَّه إنَّمَا بَعَثَ الرُّسُل وَأَنْزَلَ الْكُتُب عِنْد الِاخْتِلَاف . 3224 - حَدَّثَنَا يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد فِي قَوْله : { كَانَ النَّاس أُمَّة وَاحِدَة } قَالَ : حِين أَخَرَجَهُمْ مِنْ ظَهْر آدَم لَمْ يَكُونُوا أُمَّة وَاحِدَة قَطّ غَيْر ذَلِكَ الْيَوْم , فَبَعَثَ اللَّه النَّبِيِّينَ , قَالَ : هَذَا حِين تَفَرَّقَتْ الْأُمَم . وَتَأْوِيل الْآيَة عَلَى هَذَا الْقَوْل نَظِير تَأْوِيل قَوْل مَنْ قَالَ يَقُول ابْن عَبَّاس : إنَّ النَّاس كَانُوا عَلَى دِين وَاحِد فِيمَا بَيْن آدَم وَنُوح . وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَاهُ هُنَالِكَ ; إلَّا أَنَّ الْوَقْت الَّذِي كَانَ فِيهِ النَّاس أُمَّة وَاحِدَة مُخَالِف الْوَقْت الَّذِي وَقَّتَهُ ابْن عَبَّاس . وَقَالَ آخَرُونَ بِخِلَافِ ذَلِكَ كُلّه فِي ذَلِكَ , وَقَالُوا : إنَّمَا حَتَّى قَوْله : { كَانَ النَّاس أُمَّة وَاحِدَة } عَلَى دِين وَاحِد , فَبَعَثَ اللَّه النَّبِيِّينَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3225 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ ابْن عَبَّاس قَوْله : { كَانَ النَّاس أُمَّة وَاحِدَة } يَقُول : كَانَ دِينًا وَاحِدًا , فَبَعَثَ اللَّه النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ . وَأَوْلَى التَّأْوِيلَات فِي هَذِهِ الْآيَة بِالصَّوَابِ أَنْ يُقَال إنَّ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ أَخْبَرَ عِبَاده أَنَّ النَّاس كَانُوا أُمَّة وَاحِدَة عَلَى دِين وَاحِد وَمِلَّة وَاحِدَة . كَمَا : 3226 - حَدَّثَنِي مُوسَى بْن هَارُونَ , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن حَمَّاد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { كَانَ النَّاس أُمَّة وَاحِدَة } يَقُول : دِينًا وَاحِدًا عَلَى دِين آدَم , فَاخْتَلَفُوا , فَبَعَثَ اللَّه النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ . وَكَانَ الدِّين الَّذِي كَانُوا عَلَيْهِ دِين الْحَقّ . كَمَا قَالَ أُبَيّ بْن كَعْب ; كَمَا : 3227 - حَدَّثَنِي مُوسَى بْن هَارُونَ , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن حَمَّاد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , قَالَ : هِيَ فِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود : " اخْتَلَفُوا عَنْهُ " عَنْ الْإِسْلَام . فَاخْتَلَفُوا فِي دِينهمْ , فَبَعَثَ اللَّه عِنْد اخْتِلَافهمْ فِي دِينهمْ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ , وَأَنْزَلَ مَعَهُمْ الْكِتَاب لِيَحْكُم بَيْن النَّاس فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ رَحْمَة مِنْهُ جَلَّ ذِكْره بِخَلْقِهِ وَاعْتِذَارًا مِنْهُ إلَيْهِمْ . وَقَدْ يَجُوز أَنْ يَكُون ذَلِكَ الْوَقْت الَّذِي كَانُوا فِيهِ أُمَّة وَاحِدَة مِنْ عَهْد آدَم إلَى عَهْد نُوح عَلَيْهِمَا السِّلَام , كَمَا رَوَى عِكْرِمَة , عَنْ ابْن عَبَّاس , وَكَمَا قَالَهُ قَتَادَة . وَجَائِز أَنْ يَكُون كَانَ ذَلِكَ حِين عَرَضَ عَلَى آدَم خَلْقه . وَجَائِز أَنْ يَكُون كَانَ ذَلِكَ فِي وَقْت غَيْر ذَلِكَ . وَلَا دَلَالَة مِنْ كِتَاب اللَّه وَلَا خَيْر يَثْبُت بِهِ الْحُجَّة عَلَى أَيّ هَذِهِ الْأَوْقَات كَانَ ذَلِكَ , فَغَيْر جَائِز أَنْ نَقُول فِيهِ إلَّا مَا قَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ مِنْ أَنَّ النَّاس كَانُوا أُمَّة وَاحِدَة , فَبَعَثَ اللَّه فِيهِمْ لَمَّا اخْتَلَفُوا الْأَنْبِيَاء وَالرُّسُل . وَلَا يَضُرّنَا الْجَهْل بِوَقْتِ ذَلِكَ , كَمَا لَا يَنْفَعنَا الْعِلْم بِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْعِلْم بِهِ لِلَّهِ طَاعَة , غَيْر أَنَّهُ أَيْ ذَلِكَ كَانَ , فَإِنَّ دَلِيل الْقُرْآن وَاضِح عَلَى أَنَّ الَّذِينَ أَخْبَرَ اللَّه عَنْهُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا أُمَّة وَاحِدَة , إنَّمَا كَانُوا أُمَّة وَاحِدَة عَلَى الْإِيمَان وَدِين الْحَقّ دُون الْكُفْر بِاَللَّهِ وَالشِّرْك بِهِ . وَذَلِكَ أَنَّ اللَّه جَلَّ وَعَزَّ قَالَ فِي السُّورَة الَّتِي يُذْكَر فِيهَا يُونُس : { وَمَا كَانَ النَّاس إلَّا أُمَّة وَاحِدَة فَاخْتَلَفُوا وَلَوْلَا كَلِمَة سَبَقَتْ مِنْ رَبّك لَقُضِيَ بَيْنهمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } 10 19 فَتَوَعَّدَ جَلَّ ذِكْره عَلَى الِاخْتِلَاف لَا عَلَى الِاجْتِمَاع , وَلَا عَلَى كَوْنهمْ أُمَّة وَاحِدَة , وَلَوْ كَانَ اجْتِمَاعهمْ قَبْل الِاخْتِلَاف كَانَ عَلَى الْكُفْر ثُمَّ كَانَ الِاخْتِلَاف بَعْد ذَلِكَ , لَمْ يَكُنْ إلَّا بِانْتِقَالِ بَعْضهمْ إلَى الْإِيمَان , وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ لَكَانَ الْوَعْد أَوْلَى بِحِكْمَتِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ فِي ذَلِكَ الْحَال مِنْ الْوَعِيد لِأَنَّهَا حَال إنَابَة بَعْضهمْ إلَى طَاعَته , وَمُحَال أَنْ يَتَوَعَّد فِي حَال التَّوْبَة وَالْإِنَابَة , وَيَتْرُك ذَلِكَ فِي حَال اجْتِمَاع الْجَمِيع عَلَى الْكُفْر وَالشِّرْك .

وَأَمَّا قَوْله : { فَبَعَثَ اللَّه النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ } فَإِنَّهُ يَعْنِي أَنَّهُ أَرْسَلَ رَسْلًا يُبَشِّرُونَ مَنْ أَطَاعَ اللَّه بِجَزِيلِ الثَّوَاب , وَكَرِيم الْمَآب ; وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ { وَمُنْذِرِينَ } يُنْذِرُونَ مَنْ عَصَى اللَّه فَكَفَرَ بِهِ , بِشِدَّةِ الْعِقَاب , وَسُوء الْحِسَاب وَالْخُلُود فِي النَّار { وَأَنْزَلَ مَعَهُمْ الْكِتَاب بِالْحَقِّ لِيَحْكُم بَيْن النَّاس فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ } يَعْنِي بِذَلِكَ لِيَحْكُم إلَى الْكِتَاب وَهُوَ التَّوْرَاة بَيْن النَّاس فِيمَا اخْتَلَفَ الْمُخْتَلِفُونَ فِيهِ فَأَضَافَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ الْحُكْم إلَى الْكِتَاب , وَأَنَّهُ الَّذِي يَحْكُم بَيْن النَّاس دُون النَّبِيِّينَ

وَالْمُرْسَلِينَ , إذْ كَانَ مَنْ حَكَمَ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ بِحُكْمٍ , إنَّمَا يَحْكُم بِمَا دَلَّهُمْ عَلَيْهِ الْكِتَاب الَّذِي أَنَزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ , فَكَانَ الْكِتَاب بِدَلَالَتِهِ عَلَى مَا دَلَّ وَصْفه عَلَى صِحَّته مِنْ الْحُكْم حَاكِمًا بَيْن النَّاس , وَإِنْ كَانَ الَّذِي يَفْصِل الْقَضَاء بَيْنهمْ غَيْره .

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْد مَا جَاءَتْهُمْ الْبَيِّنَات بَغْيًا بَيْنهمْ } يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ } وَمَا اخْتَلَفَ فِي الْكِتَاب الَّذِي أَنَزَلَهُ وَهُوَ التَّوْرَاة , { إلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ } يَعْنِي , بِذَلِكَ الْيَهُود مِنْ بَنِي إسْرَائِيل , وَهُمْ الَّذِينَ أُوتُوا التَّوْرَاة وَالْعِلْم بِهَا . وَالْهَاء فِي قَوْله " أُوتُوهُ " عَائِدَة عَلَى الْكِتَاب الَّذِي أَنَزَلَهُ اللَّه . { مِنْ بَعْد مَا جَاءَتْهُمْ الْبَيِّنَات } يَعْنِي بِذَلِكَ : مِنْ بَعْد مَا جَاءَتْهُمْ حُجَج اللَّه وَأَدِلَّته أَنَّ الْكِتَاب الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَفِي أَحْكَامه عِنْد اللَّه , وَأَنَّهُ الْحَقّ الَّذِي لَا يَسَعهُمْ الِاخْتِلَاف فِيهِ , وَلَا الْعَمَل بِخِلَافِ مَا فِيهِ . فَأَخْبَرَ عَزَّ ذِكْره عَنْ الْيَهُود مِنْ بَنِي إسْرَائِيل أَنَّهُمْ خَالَفُوا الْكِتَاب التَّوْرَاة , وَاخْتَلَفُوا فِيهِ عَلَى عِلْم مِنْهُمْ , مَا يَأْتُونَ مُتَعَمِّدِينَ الْخِلَاف عَلَى اللَّه فِيمَا خَالَفُوهُ فِيهِ مِنْ أَمْره وَحُكْم كِتَابه . ثُمَّ أَخْبَرَ جَلَّ ذِكْره أَنَّ


تَعَمُّدهمْ الْخَطِيئَة الَّتِي ارْتَكَبُوهَا , وَرُكُوبهمْ الْمَعْصِيَة الَّتِي رَكِبُوهَا مِنْ خِلَافهمْ أَمْره , إنَّمَا كَانَ مِنْهُمْ بَغْيًا بَيْنهمْ . وَالْبَغْي مَصْدَر مِنْ قَوْل الْقَائِل : بَغَى فُلَان عَلَى فُلَان بَغْيًا إذَا طَغَى وَاعْتَدَى عَلَيْهِ فَجَاوَزَ حَدّه , وَمِنْ ذَلِكَ قِيلَ لِلْجُرْحِ إذَا أَمُدّ , وَلِلْبَحْرِ إذَا كُثْر مَاؤُهُ فَفَاضَ وَلِلسَّحَابِ إذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ فَأَخْصَبَتْ : بَغَى كُلّ ذَلِكَ بِمَعْنًى وَاحِد , وَهِيَ زِيَادَته وَتَجَاوُز حَدّه . فَمَعْنَى قَوْله جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْد مَا جَاءَتْهُمْ الْبَيِّنَات بَغْيًا بَيْنهمْ } مِنْ ذَلِكَ . يَقُول : لَمْ يَكُنْ اخْتِلَاف هَؤُلَاءِ الْمُخْتَلِفِينَ مِنْ الْيَهُود مِنْ بَنِي إسْرَائِيل فِي كِتَابِي الَّذِي أَنْزَلْته مَعَ نَبِيّ عَنْ جَهْل مِنْهُمْ بِهِ , بَلْ كَانَ اخْتِلَافهمْ فِيهِ , وَخِلَاف حُكْمه مِنْ بَعْد مَا ثَبَتَتْ حُجَّته عَلَيْهِمْ بَغْيًا بَيْنهمْ , طَلَب الرِّيَاسَة مِنْ بَعْضهمْ عَلَى بَعْض , وَاسْتِذْلَالًا مِنْ بِعَضْمِ لِبَعْضٍ . كَمَا : 3228 - حُدِّثْت عَنْ عَمَّار بْن الْحَسَن , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع قَالَ : ثُمَّ رَجَعَ إلَى بَنِي إسْرَائِيل فِي قَوْله : { وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ } يَقُول : إلَّا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب وَالْعِلْم { مِنْ بَعْد مَا جَاءَتْهُمْ الْبَيِّنَات بَغْيًا بَيْنهمْ } يَقُول : بَغْيًا عَلَى الدُّنْيَا وَطَلَب مُلْكهَا وَزُخْرُفهَا وَزِينَتهَا , أَيّهمْ يَكُون لَهُ الْمُلْك وَالْمَهَابَة فِي النَّاس . فَبَغَى بَعْضهمْ عَلَى بَعْض , وَضَرَبَ بَعْضهمْ رِقَاب بَعْض . ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي " مِنْ " الَّتِي فِي قَوْله : { مِنْ بَعْد مَا جَاءَتْهُمْ الْبَيِّنَات } مَا حُكْمهَا وَمَعْنَاهَا ؟ وَمَا الْمَعْنَى الْمُنْتَسِق فِي قَوْله { وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْد مَا جَاءَتْهُمْ الْبَيِّنَات بَغْيًا بَيْنهمْ } ؟ فَقَالَ بَعْضهمْ : مِنْ ذَلِكَ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب وَمَا بَعْده صِلَة لَهُ . غَيْر أَنَّهُ زَعَمَ أَنَّ مَعْنَى الْكَلَام : وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ بَغْيًا بَيْنهمْ مِنْ بَعْد مَا جَاءَتْهُمْ الْبَيِّنَات . وَقَدْ أَنْكَرَ ذَلِكَ بَعْضهمْ فَقَالَ : لَا مَعْنَى لِمَا قَالَ هَذَا الْقَائِل , وَلَا لِتَقْدِيمِ الْبَغْي قَبْل " مِنْ " , لِأَنَّ " مِنْ " إذَا كَانَ الْجَالِب لَهَا الْبَغْي , فَخَطَأ أَنْ تَتَقَدَّمهُ لِأَنَّ الْبَغْي مَصْدَر , وَلَا تَتَقَدَّم صِلَة الْمَصْدَر عَلَيْهِ . وَزَعَمَ الْمُنْكِر ذَلِكَ أَنَّ " الَّذِينَ " مُسْتَثْنًى , وَأَنَّ " مِنْ بَعْد مَا جَاءَتْهُمْ الْبَيِّنَات " مُسْتَثْنًى بِاسْتِثْنَاءٍ آخَر . وَأَنَّ تَأْوِيل الْكَلَام : وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ , مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ إلَّا بَغْيًا مَا اخْتَلَفُوا إلَّا مِنْ بَعْد مَا جَاءَتْهُمْ الْبَيِّنَات . فَكَأَنَّهُ كَرَّرَ الْكَلَام تَوْكِيدًا . وَهَذَا الْقَوْل الثَّانِي أَشَبَه بِتَأْوِيلِ الْآيَة , لِأَنَّ الْقَوْم لَمْ يَخْتَلِفُوا إلَّا مِنْ بَعْد قِيَام الْحُجَّة عَلَيْهِمْ وَمَجِيء الْبَيِّنَات مِنْ عِنْد اللَّه , وَكَذَلِكَ لَمْ يَخْتَلِفُوا إلَّا بَغْيًا , فَذَلِكَ أَشَبَه بِتَأْوِيلِ الْآيَة .

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَهَدَى اللَّه الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْ الْحَقّ بِإِذْنِهِ وَاَللَّه يَهْدِي مَنْ يُشَاء إلَى صِرَاط مُسْتَقِيم } يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { فَهَدَى اللَّه } فَوَفَّقَ الَّذِي آمَنُوا وَهُمْ أَهْل الْإِيمَان بِاَللَّهِ وَبِرَسُولِهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُصَدِّقِينَ بِهِ وَبِمَا جَاءَ بِهِ أَنَّهُ مِنْ عِنْد اللَّه لَمَّا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب فِيهِ . وَكَانَ

اخْتِلَافهمْ الَّذِي خَذَلَهُمْ اللَّه فِيهِ , وَهَدَى لَهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَفَّقْتهمْ لِإِصَابَتِهِ : الْجُمُعَة , ضَلُّوا عَنْهَا وَقَدْ فَرَضْت عَلَيْهِمْ كَاَلَّذِي فُرِضَ عَلَيْنَا , فَجَعَلُوهَا السَّبْت ; فَقَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " نَحْنُ الْآخِرُونَ السَّابِقُونَ , بَيْد أَنَّهُمْ أُوتُوا الْكِتَاب مِنْ قَبْلنَا وَأُوتِينَاهُ مِنْ بَعْدهمْ , وَهَذَا الْيَوْم الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ , فَهَدَانَا اللَّه , فَلِلْيَهُودِ غَدًا وَلِلنَّصَارَى بَعْد غَد " . 3229 - حَدَّثَنَا بِذَلِكَ أَحْمَد بْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ ابْن إسْحَاق , عَنْ عِيَاض بْن دِينَار اللَّيْثِيّ , قَالَ : سَمِعْت أَبَا هُرَيْرَة يَقُول : قَالَ أَبُو الْقَاسِم صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَذَكَرَ الْحَدِيث . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ أَبِي صَالِح عَنْ أَبِي هُرَيْرَة : { فَهَدَى اللَّه الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْ الْحَقّ بِإِذْنِهِ } قَالَ : قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَنَحْنُ الْآخِرُونَ الْأَوَّلُونَ يَوْم الْقِيَامَة , نَحْنُ أَوَّل النَّاس دُخُولًا الْجَنَّة بَيْد أَنَّهُمْ أُوتُوا الْكِتَاب مِنْ قَبْلنَا وَأُوتِينَاهُ مِنْ بَعْدهمْ , فَهَدَانَا اللَّه لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْ الْحَقّ بِإِذْنِهِ فَهَذَا الْيَوْم الَّذِي هَدَانَا اللَّه لَهُ وَالنَّاس لَنَا فِيهِ تَبَع , غَدًا الْيَهُود , وَبَعْد غَد لِلنَّصَارَى " . وَكَانَ مِمَّا اخْتَلَفُوا فِيهِ أَيْضًا مَا قَالَ ابْن زَيْد , وَهُوَ مَا : 3230 - حَدَّثَنِي بِهِ يُونُس بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد فِي قَوْله : { فَهَدَى اللَّه الَّذِينَ آمَنُوا } لِلْإِسْلَامِ , وَاخْتَلَفُوا فِي الصَّلَاة , فَمِنْهُمْ مَنْ يُصَلِّي إلَى الْمَشْرِق , وَمِنْهُمْ مَنْ يُصَلِّي إلَى بَيْت الْمَقْدِس , فَهَدَانَا لِلْقِبْلَةِ ; وَاخْتَلَفُوا فِي الصِّيَام , فَمِنْهُمْ مَنْ يَصُوم بَعْض يَوْم , وَبَعْضهمْ بَعْض لَيْلَة , وَهَدَانَا اللَّه لَهُ . وَاخْتَلَفُوا فِي يَوْم الْجُمُعَة , فَأَخَذَتْ الْيَهُود السَّبْت وَأَخَذَتْ النَّصَارَى الْأَحَد , فَهَدَانَا اللَّه لَهُ . وَاخْتَلَفُوا فِي إبْرَاهِيم , فَقَالَتْ الْيَهُود كَانَ يَهُودِيًّا , وَقَالَتْ النَّصَارَى كَانَ نَصْرَانِيًّا , فَبَرَّأَهُ اللَّه مِنْ ذَلِكَ , وَجَعَلَهُ حَنِيفًا مُسْلِمًا , وَمَا كَانَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ لِلَّذِينَ يَدْعُونَهُ مِنْ أَهْل الشِّرْك . وَاخْتَلَفُوا فِي عِيسَى , فَجَعَلَتْهُ الْيَهُود لِفِرْيَةٍ , وَجَعَلَتْهُ النَّصَارَى رَبًّا , فَهَدَانَا اللَّه لِلْحَقِّ فِيهِ ; فَهَذَا الَّذِي قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ . { فَهَدَى اللَّه الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْ الْحَقّ بِإِذْنِهِ } قَالَ : فَكَانَتْ هِدَايَة اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِمُحَمَّدٍ , وَبِمَا جَاءَ بِهِ لَمَّا اخْتَلَفَ هَؤُلَاءِ الْأَحْزَاب مِنْ بَنِي إسْرَائِيل الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب فِيهِ مِنْ الْحَقّ بِإِذْنِهِ أَنْ وَفَّقَهُمْ لِإِصَابَةِ مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْحَقّ مَنْ كَانَ قَبْل الْمُخْتَلِفِينَ الَّذِينَ وَصَفَ اللَّه صِفَتهمْ فِي هَذِهِ الْآيَة إذْ كَانُوا أُمَّة وَاحِدَة , وَذَلِكَ هُوَ دِين إبْرَاهِيم الْحَنِيف الْمُسْلِم خَلِيل الرَّحْمَن , فَصَارُوا بِذَلِكَ أُمَّة وَسَطًا , كَمَا وَصَفَهُمْ بِهِ رَبّهمْ لِيَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاس . كَمَا : 3231 - حُدِّثْت عَنْ عَمَّار بْن الْحَسَن , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ عَنْ الرَّبِيع : { فَهَدَى اللَّه الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ } فَهَدَاهُمْ اللَّه عِنْد الِاخْتِلَاف أَنَّهُمْ أَقَامُوا عَلَى مَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُل قَبْل الِاخْتِلَاف , أَقَامُوا عَلَى الْإِخْلَاص لِلَّهِ وَحْده وَعِيَادَته لَا شَرِيك لَهُ , وَإِقَام الصَّلَاة , وَإِيتَاء الزَّكَاة , فَأَقَامُوا عَلَى الْأَمْر الْأَوَّل الَّذِي كَانَ قَبْل الِاخْتِلَاف , وَاعْتَزَلُوا الِاخْتِلَاف فَكَانُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاس يَوْم الْقِيَامَة ; كَانُوا شُهَدَاء عَلَى قَوْم نُوح , وَقَوْم هُود , وَقَوْم صَالِح , وَقَوْم شُعَيْب , وَآل فِرْعَوْن , أَنَّ رُسُلهمْ قَدْ بَلَّغُوهُمْ , وَأَنَّهُمْ كَذَّبُوا رُسُلهمْ . وَهِيَ فِي قِرَاءَة أُبَيّ بْن كَعْب : وَلِيَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاس يَوْم الْقِيَامَة , وَاَللَّه يَهْدِي مَنْ يُشَاء إلَى صِرَاط مُسْتَقِيم . فَكَانَ أَبُو الْعَالِيَة يَقُول فِي هَذِهِ الْآيَة الْمَخْرَج مِنْ الشُّبُهَات وَالضَّلَالَات وَالْفِتَن . 3232 - حَدَّثَنِي مُوسَى بْن هَارُونَ , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن حَمَّاد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { فَهَدَى اللَّه الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ } يَقُول : اخْتَلَفَ الْكُفَّار فِيهِ , فَهَدَى اللَّه الَّذِي آمَنُوا لِلْحَقِّ مِنْ ذَلِكَ ; وَهِيَ فِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود : فَهَدَى اللَّه الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا وَعَنْهُ عَنْ الْإِسْلَام . وَأَمَّا قَوْله : { بِإِذْنِهِ } فَإِنَّهُ يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِعِلْمِهِ بِمَا هَدَاهُمْ لَهُ , وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى الْإِذْن إذْ كَانَ بِمَعْنَى الْعِلْم فِي غَيْر الْمَوْضِع بِمَا أَغْنَى عَنْ إعَادَته هَهُنَا . وَأَمَّا قَوْله : { وَاَللَّه يَهْدِي مَنْ يُشَاء إلَى صِرَاط مُسْتَقِيم } فَإِنَّهُ يَعْنِي بِهِ : وَاَللَّه يُسَدِّد مَنْ يَشَاء مِنْ خَلْقه وَيُرْشِدهُ إلَى الطَّرِيق الْقَوِيم عَلَى الْحَقّ الَّذِي لَا اعْوِجَاج فِيهِ , كَمَا هَدَى الَّذِينَ آمَنُوا بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , لَمَّا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب فِيهِ بَغْيًا بَيْنهمْ , فَسَدَّدَهُمْ لِإِصَابَةِ الْحَقّ وَالصَّوَاب فِيهِ . وَفِي هَذِهِ الْآيَة الْبَيَان الْوَاضِح عَلَى صِحَّة مَا قَالَهُ أَهْل الْحَقّ مِنْ أَنَّ كُلّ نِعْمَة عَلَى الْعِبَاد فِي دِينهمْ آوِ دُنْيَاهُمْ , فَمَنَّ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ . فَإِنْ قَالَ لَنَا قَائِل : وَمَا مَعْنَى قَوْله : { فَهَدَى اللَّه الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ } أَهَدَاهُمْ لِلْحَقِّ أَمْ هَدَاهُمْ لِلِاخْتِلَافِ ؟ فَإِنْ كَانَ هَدَاهُمْ لِلِاخْتِلَافِ فَإِنَّمَا أَضَلَّهُمْ , وَإِنْ كَانَ هَدَاهُمْ لِلْحَقِّ فَكَيْف قِيلَ : { فَهَدَى اللَّه الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ } ؟ قِيلَ : إنَّ ذَلِكَ عَلَى غَيْر الْوَجْه الَّذِي ذَهَبَتْ إلَيْهِ , وَإِنَّمَا مَعْنَى ذَلِكَ : فَهَدَى اللَّه الَّذِينَ آمَنُوا لِلْحَقِّ فِيمَا اُخْتُلِفَ فِيهِ مِنْ كِتَاب اللَّه الَّذِينَ أُوتُوهُ , فَكَفَرَ بِتَبْدِيلِهِ بَعْضهمْ , وَثَبَتَ عَلَى الْحَقّ وَالصَّوَاب فِيهِ بَعْضهمْ , وَهُمْ أَهْل التَّوْرَاة الَّذِينَ بَدَّلُوهَا , فَهَدَى اللَّه مِمَّا بَدَّلُوا وَحَرَّفُوا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْ أُمَّة مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . قَالَ أَبُو جَعْفَر : فَإِنْ أَشْكَلَ مَا قُلْنَا عَلَى ذِي غَفْلَة , فَقَالَ وَكَيْفَ يَجُوز أَنْ يَكُون ذَلِكَ كَمَا قُلْت , و " مِنْ " إنَّمَا هِيَ فِي كِتَاب اللَّه فِي " الْحَقّ " وَاللَّام فِي قَوْله : { لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ } وَأَنْت تُحَوِّل اللَّام فِي " الْحَقّ " , و " مَنْ " فِي الِاخْتِلَاف فِي التَّأْوِيل الَّذِي تَتَأَوَّلهُ فَتَجْعَلهُ مَقْلُوبًا ؟ قِيلَ : ذَلِكَ فِي كَلَام الْعَرَب مَوْجُود مُسْتَفِيض , وَاَللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى إنَّمَا خَاطَبَهُمْ بِمَنْطِقِهِمْ , فَمِنْ ذَلِكَ قَوْل الشَّاعِر : كَانَتْ فَرِيضَة مَا تَقُول كَمَا كَانَ الزِّنَاء فَرِيضَة الرَّجْم وَإِنَّمَا الرَّجْم فَرِيضَة الزِّنَا . وَكَمَا قَالَ الْآخَر : إنَّ سِرَاجًا لَكَرِيم مَفْخَره تَحَلَّى بِهِ الْعَيْن إذَا مَا تَجْهَرهُ وَإِنَّمَا سِرَاج الَّذِي يُحْلَى بِالْعَيْنِ , لَا الْعَيْن بِسِرَاجٍ . وَقَدْ قَالَ بَعْضهمْ : إنَّ مَعْنَى قَوْله { فَهَدَى اللَّه الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْ الْحَقّ } أَنَّ أَهْل الْكُتُب الْأُوَل اخْتَلَفُوا , فَكَفَرَ بَعْضهمْ بِكِتَابِ بَعْض , وَهِيَ كُلّهَا مِنْ عِنْد اللَّه , فَهَدَى اللَّه أَهْل الْإِيمَان بِمُحَمَّدٍ لِلتَّصْدِيقِ بِجَمِيعِهَا , وَذَلِكَ قَوْل , غَيْر أَنَّ الْأَوَّل أَصَحّ الْقَوْلَيْنِ , لِأَنَّ اللَّه إنَّمَا أَخْبَرَ بِاخْتِلَافِهِمْ فِي كِتَاب وَاحِد .
أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌسورة البقرة الآية رقم 214
قَرِيب " الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّة وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَل الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلكُمْ مَسَّتْهُمْ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُول الرَّسُول وَاَلَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْر اللَّه أَلَا إنَّ نَصْر اللَّه قَرِيب } وَأَمَّا قَوْله : { أَمْ حَسِبْتُمْ } كَأَنَّهُ اسْتَفْهَمَ ب " أَمْ " فِي ابْتِدَاء لَمْ يَتَقَدَّمهُ حَرْف اسْتِفْهَام لِسَبْقِ كَلَام هُوَ بِهِ مُتَّصِل , وَلَوْ لَمْ يَكُنْ قَبْله كَلَام يَكُون بِهِ مُتَّصِلًا , وَكَانَ ابْتِدَاء لَمْ يَكُنْ إلَّا بِحَرْفٍ مِنْ حُرُوف الِاسْتِفْهَام ; لِأَنَّ قَائِلًا لَوْ كَانَ قَالَ مُبْتَدِئًا كَلَامًا لِآخَر : أَمْ عِنْدك أَخُوك ؟ لَكَانَ قَائِلًا مَا لَا مَعْنَى لَهُ ; وَلَكِنْ لَوْ قَالَ : أَنْت رَجُل مُدْلٍ بِقُوَّتِك أَمْ عِنْدك أَخُوك يَنْصُرك ؟ كَانَ مُصِيبًا . وَقَدْ بَيَّنَّا بَعْض هَذَا الْمَعْنَى فِيمَا مَضَى مِنْ كِتَابنَا هَذَا بِمَا فِيهِ الْكِفَايَة عَنْ إعَادَته . فَمَعْنَى الْكَلَام : أَمْ حَسِبْتُمْ أَنَّكُمْ أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَرُسُله تَدْخُلُونَ الْجَنَّة , وَلَمْ يُصِبْكُمْ مَثَل مَا أَصَابَ مَنْ قَبْلكُمْ مِنْ أَتْبَاع الْأَنْبِيَاء وَالرُّسُل مِنْ الشَّدَائِد وَالْمِحَن وَالِاخْتِبَار , فَتُبْتَلَوْا بِمَا اُبْتُلُوا وَاخْتُبِرُوا بِهِ مِنْ الْبَأْسَاء وَهُوَ شِدَّة الْحَاجَة وَالْفَاقَة وَالضَّرَّاء , وَهِيَ الْعِلَل وَالْأَوْصَاب ; وَلَمْ تُزَلْزَلُوا زِلْزَالهمْ , يَعْنِي : وَلَمْ يُصِبْهُمْ مِنْ أَعْدَائِهِمْ مِنْ الْخَوْف وَالرُّعْب شِدَّة وَجَهْد حَتَّى يَسْتَبْطِئ الْقَوْم نَصْر اللَّه إيَّاهُمْ , فَيَقُولُونَ : مَتَى اللَّه نَاصِرنَا . ثُمَّ أَخْبَرَهُمْ اللَّه أَنَّ نَصْره مِنْهُمْ قَرِيب , وَأَنَّهُ مُعَلِّيهِمْ عَلَى عَدُوّهُمْ , وَمُظْهِرهمْ عَلَيْهِ , فَنَجَّزَ لَهُمْ مَا وَعَدَهُمْ , وَأَعْلَى كَلِمَتهمْ , وَأَطْفَأَ نَار حَرْب الَّذِينَ كَفَرُوا . وَهَذِهِ الْآيَة فِيمَا يَزْعُم أَهْل التَّأْوِيل نَزَلَتْ يَوْم الْخَنْدَق , حِين لَقِيَ الْمُؤْمِنُونَ مَا لَقَوْا مِنْ شِدَّة الْجَهْد , مِنْ خَوْف الْأَحْزَاب , وَشِدَّة أَذَى الْبَرْد , وَضِيق الْعَيْش الَّذِي كَانُوا فِيهِ يَوْمئِذٍ , يَقُول اللَّه جَلَّ وَعَزَّ لِلْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اُذْكُرُوا نِعْمَة اللَّه عَلَيْكُمْ إذْ جَاءَتْكُمْ جُنُود فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا } إلَى قَوْله : { وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَار وَبَلَغَتْ الْقُلُوب الْحَنَاجِر وَتَظُنُّونَ بِاَللَّهِ الظَّنُونَا هُنَالِكَ اُبْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا } 33 9 : 11 ذِكْر مَنْ قَالَ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة يَوْم الْأَحْزَاب : 3233 - حَدَّثَنِي مُوسَى بْن هَارُونَ , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّة وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَل الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلكُمْ مَسَّتْهُمْ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُوا } قَالَ : نَزَلَ هَذَا يَوْم الْأَحْزَاب حِين قَالَ قَائِلهمْ : { مَا وَعَدَنَا اللَّه وَرَسُوله إلَّا غُرُورًا } 33 12 3234 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة فِي قَوْله { وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَل الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلكُمْ مَسَّتْهُمْ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُوا } قَالَ : نَزَلَتْ فِي يَوْم الْأَحْزَاب , أَصَابَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابه بَلَاء وَحُصِرَ , فَكَانُوا كَمَا قَالَ اللَّه جَلَّ وَعَزَّ : { وَبَلَغَتْ الْقُلُوب الْحَنَاجِر } 33 10 وَأَمَّا قَوْله : { وَلَمَّا يَأْتِكُمْ } فَإِنَّ عَامَّة أَهْل الْعَرَبِيَّة يَتَأَوَّلُونَهُ بِمَعْنَى : وَلَمْ يَأْتِكُمْ , وَيَزْعُمُونَ أَنَّ مَا صِلَة وَحَشْو , وَقَدْ بَيَّنْت الْقَوْل فِي " مَا " الَّتِي يُسَمِّيهَا أَهْل الْعَرَبِيَّة صِلَة " مَا " , حُكْمهَا فِي غَيْر هَذَا الْمَوْضِع بِمَا أَغْنَى عَنْ إعَادَته . وَأَمَّا مَعْنَى قَوْله : { مَثَل الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلكُمْ } فَإِنَّهُ يَعْنِي : شَبَه الَّذِينَ خَلَوْا فَمَضَوْا قَبْلكُمْ . وَقَدْ دَلَلْت فِي غَيْر هَذَا الْمَوْضِع عَلَى أَنَّ الْمِثْل الشَّبَه . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3235 - حُدِّثْنَا عَنْ عَمَّار , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع قَوْله : { أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّة وَلَمَّا يَأْتِيكُمْ مَثَل الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلكُمْ مَسَّتْهُمْ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُوا } 3236 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : حَدَّثَنِي حَجَّاج , عَنْ عَبْد الْمَلِك بْن جُرَيْجٍ , قَالَ قَوْله : { حَتَّى يَقُول الرَّسُول وَاَلَّذِينَ آمَنُوا } قَالَ : هُوَ خَيْرهمْ وَأَعْلَمهُمْ بِاَللَّهِ . وَفِي قَوْله : { حَتَّى يَقُول الرَّسُول } وَجْهَانِ مِنْ الْقِرَاءَة : الرَّفْع , وَالنَّصْب . وَمِنْ رَفَعَ فَإِنَّهُ يَقُول : لَمَّا كَانَ يُحْسِن فِي مَوْضِعه " فَعَلَ " أَبْطَلَ عَمَل " حَتَّى " فِيهَا , لِأَنَّ " حَتَّى " غَيْر عَامِلَة فِي " فَعَلَ " , وَإِنَّمَا تَعْمَل فِي " يَفْعَل " , وَإِذَا تَقَدَّمَهَا " فَعَلَ " وَكَانَ الَّذِي بَعْدهَا " يَفْعَل " , وَهُوَ مِمَّا قَدْ فَعَلَ وَفَرَغَ مِنْهُ , وَكَانَ مَا قَبْلهَا مَنْ الْفِعْل غَيْر مُتَطَاوَل , فَالْفَصِيح مِنْ كَلَام الْعَرَب حِينَئِذٍ الرَّفْع فِي " يَفْعَل " وَإِبْطَال عَمَل " حَتَّى " عَنْهُ , وَذَلِكَ نَحْو قَوْل الْقَائِل : قُمْت إلَى فُلَان حَتَّى أَضْرِبهُ , وَالرَّفْع هُوَ الْكَلَام الصَّحِيح فِي " أَضْرِبهُ " , إذَا أَرَادَ : قُمْت إلَيْهِ حَتَّى ضَرَبْته , إذَا كَانَ الضَّرْب قَدْ كَانَ وَفَرَغَ مِنْهُ , وَكَانَ الْقِيَام غَيْر مُتَطَاوَل الْمُدَّة . فَأَمَّا إذَا كَانَ مَا قَبْل " حَتَّى " مِنْ الْفِعْل عَلَى لَفْظ " فَعَلَ " مُتَطَاوَل الْمُدَّة , وَمَا بَعْدهَا مِنْ الْفِعْل عَلَى لَفْظ غَيْر مُنْقَضٍ , فَالصَّحِيح مِنْ الْكَلَام نَصْب " يَفْعَل " وَإِعْمَال " حَتَّى " وَذَلِكَ نَحْو قَوْل الْقَائِل : مَا زَالَ فُلَان يَطْلُبك حَتَّى يُكَلِّمك , وَجَعَلَ يَنْظُر إلَيْك حَتَّى يُثْبِتك ; فَالصَّحِيح مِنْ الْكَلَام الَّذِي لَا يَصِحّ غَيْره النَّصْب ب " حَتَّى " , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : مَطَوْت بِهِمْ حَتَّى تَكِلّ مَطِيّهمْ وَحَتَّى الْجِيَاد مَا يُقَدْنَ بِأَرْسَانِ فَنَصَبَ تَكِلّ وَالْفِعْل الَّذِي بَعْد حَتَّى مَاضٍ , لِأَنَّ الَّذِي قَبْلهَا مِنْ الْمَطْو مُتَطَاوِل , وَالصَّحِيح مِنْ الْقِرَاءَة إذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ " وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُول الرَّسُول " , نَصَبَ يَقُول , إذْ كَانَتْ الزَّلْزَلَة فِعْلًا مُتَطَاوِلًا , مِثْل الْمَطْو بِالْإِبِلِ . وَإِنَّمَا الزَّلْزَلَة فِي هَذَا الْمَوْضِع : الْخَوْف مِنْ الْعَدُوّ , لَا زَلْزَلَة الْأَرْض , فَلِذَلِكَ كَانَتْ مُتَطَاوِلَة وَكَانَ النَّصْب فِي " يَقُول " وَإِنْ كَانَ بِمَعْنَى " فَعَلَ " أَفْصَح وَأَصَحّ مِنْ الرَّفْع فِيهِ .
يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌسورة البقرة الآية رقم 215
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَسْأَلُونَك مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْر فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين وَابْن السَّبِيل وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْر فَإِنَّ اللَّه بِهِ عَلِيم } يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : يَسْأَلك أَصْحَابك يَا مُحَمَّد , أَيّ شَيْء يُنْفِقُونَ مِنْ أَمْوَالهمْ فَيَتَصَدَّقُونَ بِهِ , وَعَلَى مَنْ يُنْفِقُونَهُ فِيمَا يُنْفِقُونَهُ وَيَتَصَدَّقُونَ بِهِ ؟ فَقُلْ لَهُمْ : مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ أَمْوَالكُمْ وَتَصَدَّقْتُمْ بِهِ فَأَنْفِقُوهُ وَتَصَدَّقُوا بِهِ وَاجْعَلُوهُ لِآبَائِكُمْ وَأُمَّهَاتكُمْ وَأَقْرَبِيكُمْ , وَلِلْيَتَامَى مِنْكُمْ وَالْمَسَاكِين وَابْن السَّبِيل , فَإِنَّكُمْ مَا تَأْتُوا مِنْ خَيْر وَتَصْنَعُوهُ إلَيْهِمْ فَإِنَّ اللَّه بِهِ عَلِيم , وَهُوَ مُحْصِيه لَكُمْ حَتَّى يُوفِيكُمْ أُجُوركُمْ عَلَيْهِ يَوْم الْقِيَامَة , وَيُثِيبكُمْ عَلَى مَا أَطَعْتُمُوهُ بِإِحْسَانِكُمْ عَلَيْهِ . وَالْخَبَر الَّذِي قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ فِي قَوْله : { قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْر } هُوَ الْمَال الَّذِي سَأَلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابه مِنْ النَّفَقَة مِنْهُ , فَأَجَابَهُمْ اللَّه عَنْهُ بِمَا أَجَابَهُمْ بِهِ فِي هَذِهِ الْآيَة . وَفِي قَوْله : { مَاذَا } وَجْهَانِ مِنْ الْإِعْرَاب : أَحَدهمَا أَنْ يَكُون " مَاذَا " بِمَعْنَى أَيّ شَيْء , فَيَكُون نَصْبًا بِقَوْلِهِ : " يُنْفِقُونَ " , فَيَكُون مَعْنَى الْكَلَام حِينَئِذٍ : يَسْأَلُونَك أَيّ شَيْء يُنْفِقُونَ , وَلَا يُنْصَب ب " يَسْأَلُونَك " . وَالْآخَر مِنْهُمَا الرَّفْع . وَلِلرَّفْعِ فِي " ذَلِكَ " وَجْهَانِ : أَحَدهمَا أَنْ يَكُون " ذَا " الَّذِي مَعَ " مَا " بِمَعْنَى " الَّذِي " , فَيُرْفَع " مَا " ب " ذَا " و " ذَا " ب " مَا " , و " يُنْفِقُونَ " مَنْ صِلَة " ذَا " , فَإِنَّ الْعَرَب قَدْ تَصِل " ذَا " وَهَذَا كَمَا قَالَ الشَّاعِر : عَدَس مَا لِعِبَادِ عَلَيْك إمَارَة أَمِنْت وَهَذَا تَحْمِلِينَ طَلِيق ف " تَحْمِلِينَ " مِنْ صِلَة " هَذَا " , فَيَكُون تَأْوِيل الْكَلَام حِينَئِذٍ : يَسْأَلُونَك مَا الَّذِي يُنْفِقُونَ . وَالْآخَر مِنْ وَجْهَيْ الرَّفْع أَنْ تَكُون " مَاذَا " بِمَعْنَى أَيّ شَيْء , فَيُرْفَع " مَاذَا " , وَإِنْ كَانَ قَوْله : { يُنْفِقُونَ } وَاقِعًا عَلَيْهِ , إذْ كَانَ الْعَامِل فِيهِ وَهُوَ " يُنْفِقُونَ " لَا يَصْلُح تَقْدِيمه قَبْله , وَذَلِكَ أَنَّ الِاسْتِفْهَام لَا يَجُوز تَقْدِيم الْفِعْل فِيهِ قَبْل حَرْف الِاسْتِفْهَام , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : أَلَا تَسْأَلَانِ الْمَرْء مَاذَا يُحَاوِل أَنَحْب فَيُقْضَى أَمْ ضَلَال وَبَاطِل وَكَمَا قَالَ الْآخَر : وَقَالُوا تَعْرِفهَا الْمَنَازِل مِنْ مِنًى وَمَا كُلّ مَنْ يَغْشَى مِنًى أَنَا عَارِف فَرَفَعَ " كُلّ " وَلَمْ يَنْصِبهُ بِعَارِفٍ . إنْ كَانَ مَعْنَى قَوْله : " وَمَا كَانَ مَنْ يَغْشَى مِنًى أَنَا عَارِف " جُحُود مَعْرِفَة مَنْ يَغْشَى مِنًى , فَصَارَ فِي مَعْنَى مَا أَحَد . وَهَذِهِ الْآيَة [ نَزَلَتْ ] فِيمَا ذُكِرَ قَبْل أَنْ يَفْرِض اللَّه زَكَاة الْأَمْوَال . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3237 - حَدَّثَنِي مُوسَى بْن هَارُونَ , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن حَمَّاد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { يَسْأَلُونَك مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْر فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ } قَالَ : يَوْم نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة لَمْ تَكُنْ زَكَاة , وَإِنَّمَا هِيَ النَّفَقَة يُنْفِقهَا الرَّجُل عَلَى أَهْله وَالصَّدَقَة يَتَصَدَّق بِهَا فَنَسَخَتْهَا الزَّكَاة . 3238 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , قَالَ : قَالَ ابْن جُرَيْجٍ : سَأَلَ الْمُؤْمِنُونَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْنَ يَضَعُونَ أَمْوَالهمْ ؟ فَنَزَلَتْ : { يَسْأَلُونَك مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْر فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين وَابْن السَّبِيل } فَذَلِكَ النَّفَقَة فِي التَّطَوُّع وَالزَّكَاة سِوَى ذَلِكَ كُلّه . قَالَ : وَقَالَ مُجَاهِد : سَأَلُوا فَأَفْتَاهُمْ فِي ذَلِكَ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْر فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَمَا ذُكِرَ مَعَهُمَا . 3239 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثني عِيسَى , قَالَ : سَمِعْت ابْن أَبِي نَجِيح فِي قَوْل اللَّه : { يَسْأَلُونَك مَاذَا يُنْفِقُونَ } قَالَ : سَأَلُوهُ فَأَفْتَاهُمْ فِي ذَلِكَ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَمَا ذُكِرَ مَعَهُمَا . 3240 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد : وَسَأَلْته عَنْ قَوْله : { قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْر فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ } قَالَ : هَذَا مِنْ النَّوَافِل , قَالَ : يَقُول : هُمْ أَحَقّ بِفَضْلِك مِنْ غَيْرهمْ . وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ السُّدِّيّ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَوْم نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة زَكَاة , وَإِنَّمَا كَانَتْ نَفَقَة يُنْفِقهَا الرَّجُل عَلَى أَهْله , وَصَدَقَة يَتَصَدَّق بِهَا , ثُمَّ نَسَخَتْهَا الزَّكَاة , قَوْل مُمْكِن أَنْ يَكُون , كَمَا قَالَ : وَمُمْكِن غَيْره . وَلَا دَلَالَة فِي الْآيَة عَلَى صِحَّة مَا قَالَ , لِأَنَّهُ مُمْكِن أَنْ يَكُون قَوْله : { قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْر فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ } الْآيَة , حَثًّا مِنْ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَلَى الْإِنْفَاق عَلَى مَنْ كَانَتْ نَفَقَته غَيْر وَاجِبَة مِنْ الْآبَاء وَالْأُمَّهَات وَالْأَقْرِبَاء , وَمِنْ سُمِّيَ مَعَهُمْ فِي هَذِهِ الْآيَة , وَتَعْرِيفًا مِنْ اللَّه عِبَاده مَوَاضِع الْفَضْل الَّتِي تُصْرَف فِيهَا النَّفَقَات , كَمَا قَالَ فِي الْآيَة الْأُخْرَى : { وَآتَى الْمَال عَلَى حُبّه ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين وَابْن السَّبِيل وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَاب وَأَقَامَ الصَّلَاة وَآتَى الزَّكَاة } 2 177 وَهَذَا الْقَوْل الَّذِي قُلْنَاهُ فِي قَوْل ابْن جُرَيْجٍ الَّذِي حَكَيْنَاهُ . وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى الْمُسْكَنَة , وَمَعْنَى ابْن السَّبِيل فِيمَا مَضَى , فَأَغْنَى ذَلِكَ عَنْ إعَادَته .
كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَسورة البقرة الآية رقم 216
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِتَال } يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِتَال } فُرِضَ عَلَيْكُمْ الْقِتَال , يَعْنِي قِتَال الْمُشْرِكِينَ , { وَهُوَ كُرْه لَكُمْ } وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعِلْم فِي الَّذِينَ عَنَوْا بِفَرْضِ الْقِتَال , فَقَالَ بَعْضهمْ : عَنَى بِذَلِكَ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّة دُون غَيْرهمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3241 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ ابْن جُرَيْجٍ , قَالَ : سَأَلْت عَطَاء قُلْت لَهُ : { كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِتَال وَهُوَ كُرْه لَكُمْ } أَوَاجِب الْغَزْو عَلَى النَّاس مِنْ أَجْلهَا ؟ قَالَ : لَا , كُتِبَ عَلَى أُولَئِكَ حِينَئِذٍ . 3242 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا عُثْمَان بْن سَعِيد , قَالَ : ثنا خَالِد , عَنْ حُسَيْن بْن قَيْس , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ ابْن عَبَّاس فِي قَوْله : { كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِتَال وَهُوَ كُرْه لَكُمْ } قَالَ نَسَخَتْهُمَا { قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا } 2 285 وَهَذَا قَوْل لَا مَعْنَى لَهُ , لِأَنَّ نَسْخ الْأَحْكَام مِنْ قِبَل اللَّه جَلَّ وَعَزَّ لَا مِنْ قِبَل الْعِبَاد , وَقَوْله : { قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا } 2 285 خَبَر مِنْ اللَّه عَنْ عِبَاده الْمُؤْمِنِينَ وَأَنَّهُمْ قَالُوهُ لَا نَسْخ مِنْهُ . 3243 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن إسْحَاق , قَالَ : ثنا مُعَاوِيَة بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو إسْحَاق الْفَزَارِيّ , قَالَ : سَأَلْت الْأَوْزَاعِيّ عَنْ قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : { كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِتَال وَهُوَ كُرْه لَكُمْ } أَوَاجِب الْغَزْو عَلَى النَّاس كُلّهمْ ؟ قَالَ : لَا أَعْلَمهُ , وَلَكِنْ لَا يَنْبَغِي لِلْأَئِمَّةِ الْعَامَّة تَرْكه , فَأَمَّا الرَّجُل فِي خَاصَّة نَفْسه فَلَا . وَقَالَ آخَرُونَ : هُوَ عَلَى كُلّ وَاحِد حَتَّى يَقُوم بِهِ مَنْ فِي قِيَامه الْكِفَايَة , فَيَسْقُط فَرْض ذَلِكَ حِينَئِذٍ عَنْ بَاقِي الْمُسْلِمِينَ كَالصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِز وَغَسْلهمْ الْمَوْتَى وَدَفْنهمْ , وَعَلَى هَذَا عَامَّة عُلَمَاء الْمُسْلِمِينَ وَذَلِكَ هُوَ الصَّوَاب عِنْدنَا لِإِجْمَاعِ الْحُجَّة عَلَى ذَلِكَ , وَلِقَوْلِ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ { فَضَّلَ اللَّه الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسهمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَة وَكُلًّا وَعَدَ اللَّه الْحُسْنَى } 4 95 فَأَخْبَرَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّ الْفَضْل لِلْمُجَاهِدِينَ , وَإِنَّ لَهُمْ وَلِلْقَاعِدِينَ الْحُسْنَى

, وَلَوْ كَانَ الْقَاعِدُونَ مُضَيَّعِينَ فَرْضًا لَكَانَ لَهُمْ السُّوأَى لَا الْحُسْنَى . وَقَالَ آخَرُونَ : هُوَ فَرْض وَاجِب عَلَى الْمُسْلِمِينَ إلَى قِيَام السَّاعَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3244 - حَدَّثَنَا حُسَيْن بْن مُيَسَّر قَالَ : ثنا رَوْح بْن عُبَادَةَ , عَنْ ابْن جُرَيْجٍ , عَنْ دَاوُد بْن أَبِي عَاصِم , قَالَ : قُلْت لِسَعِيدِ بْن الْمُسَيِّب : قَدْ أَعْلَم أَنَّ الْغَزْو وَاجِب عَلَى النَّاس ! فَسَكَتَ . وَقَدْ أَعْلَمَ أَنْ لَوْ أَنْكَرَ مَا قُلْت لَبَيَّنَ لِي . وَقَدْ بَيَّنَّا فِيمَا مَضَى مَعْنَى قَوْله " كَتَبَ " بِمَا فِيهِ الْكِفَايَة .

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَهُوَ كُرْه لَكُمْ } يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَهُوَ ذُو كُرْه لَكُمْ , فَتَرَكَ ذِكْر " ذُو " اكْتِفَاء بِدَلَالَةِ قَوْله : " كُرْه لَكُمْ " عَلَيْهِ , كَمَا قَالَ : { وَاسْأَلْ الْقَرْيَة } 12 83 وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ رُوِيَ عَنْ عَطَاء فِي تَأْوِيله . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3245 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ ابْن جُرَيْجٍ , عَنْ عَطَاء فِي قَوْله : { وَهُوَ كُرْه لَكُمْ } قَالَ : كُرْه إلَيْكُمْ حِينَئِذٍ . وَالْكُرْه بِالضَّمِّ : هُوَ مَا حَمَلَ الرَّجُل نَفْعه عَلَيْهِ مِنْ غَيْر إكْرَاه أَحَد إيَّاهُ عَلَيْهِ , وَالْكَرْه بِفَتْحِ الْكَاف : هُوَ مَا حَمَلَهُ غَيْره , فَأَدْخَلَهُ عَلَيْهِ

كُرْهًا وَمِمَّنْ حُكِيَ عَنْهُ هَذَا الْقَوْل مُعَاذ بْن مُسْلِم . 3246 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إسْحَاق , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي حَمَّاد , عَنْ مُعَاذ بْن مُسْلِم , قَالَ : الْكُرْه : الْمَشَقَّة , وَالْكَرْه : الْإِجْبَار . وَقَدْ كَانَ بَعْض أَهْل الْعَرَبِيَّة يَقُول الْكَرْه وَالْكُرْه لُغَتَانِ بِمَعْنًى وَاحِد , مِثْل الْغَسْل وَالْغُسْل , وَالضَّعْف وَالضُّعْف , وَالرَّهْب وَالرُّهْب . وَقَالَ بَعْضهمْ : الْكُرْه بِضَمِّ الْكَاف اسْم وَالْكَرْه بِفَتْحِهَا مَصْدَر .

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْر لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرّ لَكُمْ } يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَلَا تَكْرَهُوا الْقِتَال , فَإِنَّكُمْ لَعَلَّكُمْ أَنْ تَكْرَهُوهُ وَهُوَ خَيْر لَكُمْ , وَلَا تُحِبُّوا تَرْك الْجِهَاد , فَلَعَلَّكُمْ أَنْ تُحِبُّوهُ وَهُوَ شَرّ لَكُمْ . كَمَا : 3247 - حَدَّثَنِي مُوسَى بْن هَارُونَ , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن حَمَّاد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِتَال وَهُوَ كُرْه لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْر لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرّ لَكُمْ } وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا يَكْرَهُونَ الْقِتَال , فَقَالَ : عَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْر لَكُمْ . يَقُول : إنَّ لَكُمْ فِي الْقِتَال الْغَنِيمَة وَالظُّهُور وَالشَّهَادَة , وَلَكُمْ فِي الْقُعُود أَنْ لَا تَظْهَرُوا عَلَى الْمُشْرِكِينَ , وَلَا تُسْتَشْهَدُوا , وَلَا تُصِيبُوا شَيْئًا . 3248 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن إبْرَاهِيم السُّلَمِيّ , قَالَ : ثني يَحْيَى بْن مُحَمَّد بْن مُجَاهِد , قَالَ : أَخْبَرَنِي عُبَيْد اللَّه بْن أَبِي هَاشِم الْجُعْفِيّ , قَالَ : أَخْبَرَنِي عَامِر بْن وَاثِلَة قَالَ : قَالَ ابْن عَبَّاس : كُنْت رِدْف النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : " يَا ابْن عَبَّاس ارْضَ عَنْ اللَّه بِمَا قَدَّرَ وَإِنْ

كَانَ خِلَاف هَوَاك , فَإِنَّهُ مُثْبَت فِي كِتَاب اللَّه " قُلْت : يَا رَسُول اللَّه فَأَيْنَ وَقَدْ قَرَأْت الْقُرْآن ؟ قَالَ : فِي قَوْله : { وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْر لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرّ لَكُمْ وَاَللَّه يَعْلَم وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ }

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاَللَّه يَعْلَم وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ } / يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَاَللَّه يَعْلَم مَا هُوَ خَيْر لَكُمْ مِمَّا هُوَ شَرّ لَكُمْ , فَلَا تَكْرَهُوا مَا كَتَبْت عَلَيْكُمْ مِنْ جِهَاد عَدُوّكُمْ , وَقِتَال مَنْ أَمَرْتُكُمْ بِقِتَالِهِ , فَإِنِّي أَعْلَم أَنَّ قِتَالكُمْ إيَّاهُمْ , هُوَ خَيْر لَكُمْ فِي

عَاجِلكُمْ وَمَعَادكُمْ وَتَرْككُمْ قِتَالهمْ شَرّ لَكُمْ , وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ مِنْ ذَلِكَ مَا أَعْلَم , يَحُضّهُمْ جَلَّ ذِكْره بِذَلِكَ عَلَى جِهَاد أَعْدَائِهِ , وَيُرَغِّبهُمْ فِي قِتَال مَنْ كَفَرَ بِهِ .
يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَسورة البقرة الآية رقم 217
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَسْأَلُونَك عَنْ الشَّهْر الْحَرَام قِتَال فِيهِ قُلْ قِتَال فِيهِ كَبِير وَصَدّ عَنْ سَبِيل اللَّه وَكُفْر بِهِ وَالْمَسْجِد الْحَرَام وَإِخْرَاج أَهْله مِنْهُ أَكْبَر عِنْد اللَّه وَالْفِتْنَة أَكْبَر مِنْ الْقَتْل } يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : يَسْأَلك يَا مُحَمَّد أَصْحَابك عَنْ الشَّهْر الْحَرَام - وَذَلِكَ رَجَب - عَنْ قِتَال فِيهِ . وَخُفِضَ " الْقِتَال " عَلَى مَعْنَى تَكْرِير عَنْ عَلَيْهِ , وَكَذَلِكَ كَانَتْ قِرَاءَة عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود فِيمَا ذُكِرَ لَنَا . وَقَدْ : 3249 - حُدِّثْت عَنْ عَمَّار بْن الْحَسَن , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع قَوْله : { يَسْأَلُونَك عَنْ الشَّهْر الْحَرَام قِتَال فِيهِ } قَالَ : يَقُول : يَسْأَلُونَك عَنْ قِتَال فِيهِ , قَالَ : وَكَذَلِكَ كَانَ يَقْرَؤُهَا : " عَنْ قِتَال فِيهِ " . قَالَ أَبُو جَعْفَر : قُلْ يَا مُحَمَّد قِتَال فِيهِ , يَعْنِي فِي الشَّهْر الْحَرَام كَبِير : أَيْ عَظِيم عِنْد اللَّه اسْتِحْلَاله , وَسَفْك الدِّمَاء فِيهِ . وَمَعْنَى قَوْله : { قِتَال فِيهِ } قُلْ الْقِتَال فِيهِ كَبِير . وَإِنَّمَا قَالَ : قُلْ قِتَال فِيهِ كَبِير , لِأَنَّ الْعَرَب كَانَتْ لَا تُقْرِع فِيهِ الْأَسِنَّة , فَيَلْقَى الرَّجُل قَاتِل أَبِيهِ أَوْ أَخِيهِ فِيهِ فَلَا يُهَيِّجهُ تَعْظِيمًا لَهُ , وَتُسَمِّيه مُضَر " الْأَصَمّ " لِسُكُونِ أَصْوَات السِّلَاح وَقَعْقَعَته فِيهِ . وَقَدْ : 3250 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن

عَبْد اللَّه بْن عَبْد الْحَكَم الْمِصْرِيّ , قَالَ : ثنا شُعَيْب بْن اللَّيْث , قَالَ : ثنا اللَّيْث , قَالَ : ثنا الزُّبَيْر , عَنْ جَابِر قَالَ : لَمْ يَكُنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْزُو فِي الشَّهْر الْحَرَام إلَّا أَنْ يُغْزَى , أَوْ يَغْزُو حَتَّى إذَا حَضَرَ ذَلِكَ أَقَامَ حَتَّى يَنْسَلِخ . وَقَوْله جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَصَدّ عَنْ سَبِيل اللَّه } وَمَعْنَى الصَّدّ عَنْ الشَّيْء : الْمَنْع مِنْهُ , وَالدَّفْع عَنْهُ , وَمِنْهُ قِيلَ : صَدَّ فُلَان بِوَجْهِهِ عَنْ فُلَان : إذَا أَعَرَضَ عَنْهُ فَمَنَعَهُ مِنْ النَّظَر إلَيْهِ . وَقَوْله : { وَكُفْر بِهِ } يَعْنِي : وَكُفْر بِاَللَّهِ , وَالْبَاء فِي بِهِ عَائِدَة عَلَى اسْم اللَّه الَّذِي فِي سَبِيل اللَّه . وَتَأْوِيل الْكَلَام : وَصَدّ عَنْ سَبِيل اللَّه , وَكُفْر بِهِ , وَعَنْ الْمَسْجِد الْحَرَام وَإِخْرَاج أَهْل الْمَسْجِد الْحَرَام , وَهُمْ أَهْله وَوُلَاته { أَكْبَر عِنْد اللَّه } مِنْ الْقِتَال فِي الشَّهْر الْحَرَام . فَالصَّدّ عَنْ سَبِيل اللَّه مَرْفُوع بِقَوْلِهِ { أَكْبَر عِنْد اللَّه } وَقَوْله : { وَإِخْرَاج أَهْله مِنْهُ } عَطْف عَلَى الصَّدّ ثُمَّ ابْتَدَأَ الْخَبَر عَنْ الْفِتْنَة فَقَالَ : { وَالْفِتْنَة أَكْبَر مِنْ الْفِتْنَة } يَعْنِي : الشِّرْك أَعْظَم وَأَكْبَر مِنْ الْقَتْل , يَعْنِي مَنْ قَتَلَ ابْن الْحَضْرَمِيّ الَّذِي اسْتَنْكَرْتُمْ قَتْله فِي الشَّهْر الْحَرَام . وَقَدْ كَانَ بَعْض أَهْل الْعَرَبِيَّة يَزْعُم أَنَّ قَوْله : { وَالشَّهْر الْحَرَام } مَعْطُوف عَلَى " الْقِتَال " وَأَنَّ مَعْنَاهُ : يَسْأَلُونَك عَنْ الشَّهْر الْحَرَام , عَنْ قِتَال فِيهِ , وَعَنْ الْمَسْجِد الْحَرَام , فَقَالَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَإِخْرَاج أَهْله مِنْهُ أَكْبَر عِنْد اللَّه } مِنْ الْقِتَال فِي الشَّهْر الْحَرَام . وَهَذَا الْقَوْل مَعَ خُرُوجه مِنْ أَقْوَال أَهْل الْعِلْم , قَوْل لَا وَجْه لَهُ ; لِأَنَّ الْقَوْم لَمْ يَكُونُوا فِي شَكّ مِنْ عَظِيم مَا أَتَى الْمُشْرِكُونَ إلَى الْمُسْلِمِينَ فِي إخْرَاجهمْ إيَّاهُمْ مِنْ مَنَازِلهمْ بِمَكَّة , فَيَحْتَاجُوا إلَى أَنْ يَسْأَلُوا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ إخْرَاج الْمُشْرِكِينَ إيَّاهُمْ مِنْ مَنَازِلهمْ , وَهَلْ ذَلِكَ كَانَ لَهُمْ ؟ بَلْ لَمْ يَدَّعِ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ أَحَد مِنْ الْمُسْلِمِينَ , وَلَا أَنَّهُمْ سَأَلُوا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ . وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَلَمْ يَكُنْ الْقَوْم سَأَلُوا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَّا عَمَّا ارْتَابُوا حُكْمه كَارْتِيَابِهِمْ فِي أَمْر قَتْل ابْن الْحَضْرَمِيّ , إذْ ادَّعَوْا أَنَّ قَاتِله مِنْ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَتَلَهُ فِي الشَّهْر الْحَرَام , فَسَأَلُوا عَنْ أَمْره , لِارْتِيَابِهِمْ فِي حُكْمه . فَأَمَّا إخْرَاج الْمُشْرِكِينَ أَهْل الْإِسْلَام مِنْ الْمَسْجِد الْحَرَام , فَلَمْ يَكُنْ فِيهِمْ أَحَد شَاكًّا أَنَّهُ كَانَ ظُلْمًا مِنْهُمْ لَهُمْ فَيَسْأَلُوا عَنْهُ . وَلَا خِلَاف بَيْن أَهْل التَّأْوِيل جَمِيعًا أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَبَب قَتْل ابْن الْحَضْرَمِيّ وَقَاتِله . ذِكْر الرِّوَايَة عَمَّنْ قَالَ ذَلِكَ : 3251 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة بْن الْفَضْل , عَنْ ابْن إسْحَاق , قَالَ : ثني الزُّهْرِيّ , وَيَزِيد بْن رُومَان عَنْ عُرْوَة بْن الزَّبِير , قَالَ : بَعَثَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْد اللَّه بْن جَحْش فِي رَجَب مُقْفَله مِنْ بَدْر الْأُولَى , وَبَعَثَ مَعَهُ بِثَمَانِيَةِ رَهْط مِنْ الْمُهَاجِرِينَ , لَيْسَ فِيهِمْ مِنْ الْأَنْصَار أَحَد , وَكَتَبَ لَهُ كِتَابًا , وَأَمَرَهُ أَنْ لَا يَنْظُر فِيهِ حَتَّى يَسِير يَوْمَيْنِ ثُمَّ يَنْظُر فِيهِ فَيَمْضِي لِمَا أَمَرَهُ , وَلَا يُسْتَكْرَه مِنْ أَصْحَابه أَحَدًا . وَكَانَ أَصْحَاب عَبْد اللَّه بْن جَحْش مِنْ الْمُهَاجِرِينَ مِنْ بَنِي عَبْد شَمْس أَبُو حُذَيْفَة بْن رَبِيعَة وَمِنْ بَنِي أُمَيَّة بْن عَبْد شَمْس , ثُمَّ مِنْ خُلَفَائِهِمْ عَبْد اللَّه بْن جَحْش بْن رَيَّاب , وَهُوَ أَمِير الْقَوْم , وَعُكَّاشَة بْن مُحَصِّن بْن حَرْثَانِ أَحَد بَنِي أَسَد بْن خُزَيْمَة , وَمِنْ بَنِي نَوْفَل بْن عَبْد مَنَاف عُتْبَةُ بْن غَزَوَان حَلِيف لَهُمْ , وَمِنْ بَنِي زُهْرَة بْن كِلَاب : سَعْد بْن أَبِي وَقَّاص , وَمِنْ بَنِي عَدِيّ بْن كَعْب عَامِر بْن رَبِيعَة حَلِيف لَهُمْ , وَوَاقِد بْن عَبْد اللَّه بْن مَنَاة بْن عُوَيْم بْن ثَعْلَبَة بْن يَرْبُوع بْن حَنْظَلَة , وَخَالِد بْن الْبُكَيْر أَحَد بَنِي سَعْد بْن لَيْث حَلِيف لَهُمْ , وَمِنْ بَنِي الْحَارِث بْن فِهْر سُهَيْل بْن بَيْضَاء . فَلَمَّا سَارَ عَبْد اللَّه بْن جَحْش يَوْمَيْنِ فَتَحَ الْكِتَاب وَنَظَرَ فِيهِ , فَإِذَا فِيهِ : وَإِذَا نَظَرْت إلَى كِتَابِي هَذَا , فَسِرْ حَتَّى تَنْزِل نَخْلَة بَيْن مَكَّة وَالطَّائِف , فَتُرْصَد بِهَا قُرَيْشًا , وَتَعَلَّم لَنَا مِنْ أَخْبَارهمْ . فَلَمَّا نَظَرَ عَبْد اللَّه بْن جَحْش فِي الْكِتَاب قَالَ : سَمْعًا وَطَاعَة ثُمَّ قَالَ لِأَصْحَابِهِ : قَدْ أَمَرَنِي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَمْضِي إلَى نَخْلَة فَأَرْصُد بِهَا قُرَيْشًا حَتَّى آتِيه مِنْهُمْ بِخَبَرٍ , وَقَدْ نَهَانِي أَنْ أَسْتَكْرِه أَحَدًا مِنْكُمْ , فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُرِيد الشَّهَادَة وَيَرْغَب فِيهَا فَلْيَنْطَلِقْ وَمِنْ كَرِهَ ذَلِكَ فَلْيَرْجِعْ , فَأَمَّا أَنَا فَمَاضٍ لِأَمْرِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَضَى وَمَضَى أَصْحَابه مَعَهُ , فَلَمْ يَتَخَلَّف عَنْهُ أَحَد , وَسَلَكَ عَلَى الْحِجَاز , حَتَّى إذَا كَانَ بِمَعْدِنٍ فَوْق الْفُرْع يُقَال لَهُ بُحْرَان , أَضَلَّ سَعْد بْن أَبِي وَقَّاص , وَعُتْبَة بْن غَزْوَان بَعِيرًا لَهُمَا كَانَا عَلَيْهِ يَعْتَقِبَانِهِ , فَتَخَلَّفَا عَلَيْهِ فِي طَلَبه , وَمَضَى عَبْد اللَّه بْن جَحْش وَبَقِيَّة أَصْحَابه حَتَّى نَزَلَ بِنَخْلَةٍ , فَمَرَّتْ بِهِ عِير لِقُرَيْشٍ تَحْمِل زَبِيبًا وَأُدُمًا وَتِجَارَة مِنْ تِجَارَة قُرَيْش فِيهَا مِنْهُمْ عَمْرو بْن الْحَضْرَمِيّ , وَعُثْمَان بْن عَبْد اللَّه بْن الْمُغِيرَة , وَأَخُوهُ نَوْفَل بْن عَبْد اللَّه بْن الْمُغِيرَة الْمَخْزُومِيَّانِ , وَالْحَكَم بْن كَيْسَانِ مَوْلَى هِشَام بْن الْمُغِيرَة فَلَمَّا رَآهُمْ الْقَوْم هَابُوهُمْ , وَقَدْ نَزَلُوا قَرِيبًا مِنْهُمْ , فَأَشْرَفَ لَهُمْ عُكَّاشَة بْن مُحْصَن , وَقَدْ كَانَ حَلَقَ رَأْسَهُ ; فَلَمَّا رَأَوْهُ آمَنُوا وَقَالُوا : عُمَّار لَا بَأْس عَلَيْنَا مِنْهُمْ وَتَشَاوَرَ الْقَوْم فِيهِمْ , وَذَلِكَ فِي آخِر يَوْم مِنْ جُمَادَى , فَقَالَ الْقَوْم : وَاَللَّه لَئِنْ تَرَكْتُمْ الْقَوْم هَذِهِ اللَّيْلَة لَيَدْخُلُنَّ الْحَرَم فَلْيَمْتَنِعُنَّ بِهِ مِنْكُمْ , وَلَئِنْ قَتَلْتُمُوهُمْ لَنَقْتُلَنَّهُمْ فِي الشَّهْر الْحَرَام . فَتَرَدَّدَ الْقَوْم فَهَابُوا الْإِقْدَام عَلَيْهِمْ , ثُمَّ شَجُعُوا عَلَيْهِمْ , وَاجْمَعُوا عَلَى قَتْل مَنْ قَدَرُوا عَلَيْهِ مِنْهُمْ , وَأَخَذَ مَا مَعَهُمْ ; فَرَمَى وَاقِد بْن عَبْد اللَّه التَّمِيمِيّ عَمْرو بْن الْحَضْرَمِيّ بِسَهْمٍ فَقَتَلَهُ , وَاسْتَأْسَرَ عُثْمَان بْن عَبْد اللَّه , وَالْحَكَم بْن كَيْسَانِ , وَأَفْلَتَ نَوْفَل بْن عَبْد اللَّه فَأَعْجَزَهُمْ . وَقَدِمَ عَبْد اللَّه بْن جَحْش وَأَصْحَابه بِالْعِيرِ وَالْأَسِيرِينَ , حَتَّى قَدِمُوا عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ وَقَدْ ذَكَرَ بَعْض آل عَبْد اللَّه بْن جَحْش أَنَّ عَبْد اللَّه بْن جَحْش قَالَ لِأَصْحَابِهِ إنَّ لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا غَنِمْتُمْ الْخُمُس ; وَذَلِكَ قَبْل أَنْ يُفْرَض الْخُمُس مِنْ الْغَنَائِم . فَعَزَلَ لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُمُس الْعِير , وَقَسَمَ سَائِرهَا عَلَى أَصْحَابه فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " مَا أَمَرْتُكُمْ بِقِتَالٍ فِي الشَّهْر الْحَرَام " , فَوَقَفَ الْعِير وَالْأَسِيرِينَ , وَأَبَى أَنْ يَأْخُذ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَلَمَّا قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ , سَقَطَ فِي أَيْدِي الْقَوْم , وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ هَلَكُوا , وَعَنَّفَهُمْ الْمُسْلِمُونَ فِيمَا صَنَعُوا , وَقَالُوا لَهُمْ : صَنَعْتُمْ مَا لَمْ تُؤْمَرُوا بِهِ وَقَاتَلْتُمْ فِي الشَّهْر الْحَرَام وَلَمْ تُؤْمَرُوا بِقِتَالٍ ; وَقَالَتْ قُرَيْش : قَدْ اسْتَحَلَّ مُحَمَّد وَأَصْحَابه الشَّهْر الْحَرَام , فَسَفَكُوا فِيهِ الدَّم , وَأَخَذُوا فِيهِ الْأَمْوَال وَأَسَرُّوا . فَقَالَ مَنْ يَرُدّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ مِمَّنْ كَانَ بِمَكَّة إنَّمَا أَصَابُوا مَا أَصَابُوا فِي جُمَادَى ; وَقَالَتْ يَهُود تَتَفَاءَل بِذَلِكَ عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : عَمْرو بْن الْحَضْرَمِيّ قَتَلَهُ وَاقِد بْن عَبْد اللَّه , عَمْرو : عَمَرَتْ الْحَرْب , وَالْحَضْرَمِيّ : حَضَرَتْ الْحَرْب , وَوَاقِد بْن عَبْد اللَّه : وَقَدَتْ الْحَرْب فَجَعَلَ اللَّه عَلَيْهِمْ ذَلِكَ وَبِهِمْ . فَلَمَّا أَكْثَرَ النَّاس فِي ذَلِكَ أَنَزَلَ اللَّه جَلَّ وَعَزَّ عَلَى رَسُوله : { يَسْأَلُونَك عَنْ الشَّهْر الْحَرَام قِتَال فِيهِ } أَيْ عَنْ قِتَال فِيهِ { قُلْ قِتَال فِيهِ كَبِير } إلَى قَوْله { وَالْفِتْنَة أَكْبَر مِنْ الْقَتْل } أَيْ إنْ كُنْتُمْ قَتَلْتُمْ فِي الشَّهْر الْحَرَام فَقَدْ صَدُّوكُمْ عَنْ سَبِيل اللَّه مَعَ الْكُفْر بِهِ , وَعَنْ الْمَسْجِد الْحَرَام , وَإِخْرَاجكُمْ عَنْهُ , إذْ أَنْتُمْ أَهْله وَوُلَاته , أَكْبَر عِنْد اللَّه مِنْ قَتْل مَنْ قَتَلْتُمْ مِنْهُمْ { وَالْفِتْنَة أَكْبَر مِنْ الْقَتْل } أَيْ قَدْ كَانُوا يَفْتِنُونَ الْمُسْلِم عَنْ دِينه حَتَّى يَرُدُّوهُ إلَى الْكُفْر بَعْد إيمَانه وَذَلِكَ أَكْبَر عِنْد اللَّه مِنْ الْقَتْل , وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينكُمْ إنْ اسْتَطَاعُوا أَيْ هُمْ مُقِيمُونَ عَلَى أَخَبَث ذَلِكَ وَأَعْظَمه , غَيْر تَائِبِينَ وَلَا نَازِعِينَ فَلَمَّا نَزَلَ الْقُرْآن بِهَذَا مِنْ الْأَمْر , وَفَرَّجَ اللَّه عَنْ الْمُسْلِمِينَ مَا كَانُوا فِيهِ مِنْ الشَّفَق , قَبَضَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعِير وَالْأَسِيرَيْنِ . 3252 - حَدَّثَنِي مُوسَى بْن هَارُونَ , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن حَمَّاد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { يَسْأَلُونَك عَنْ الشَّهْر الْحَرَام قِتَال فِيهِ قُلْ قِتَال فِيهِ كَبِير } وَذَلِكَ أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ سَرِيَّة وَكَانُوا سَبْعَة نَفَر , وَأَمَرَ عَلَيْهِمْ عَبْد اللَّه بْن جَحْش الْأَسَدِيّ , وَفِيهِمْ عَمَّار بْن يَاسِر , وَأَبُو حُذَيْفَة بْن عُتْبَة بْن رَبِيعَة , وَسَعْد بْن أَبِي وَقَّاص , وَعُتْبَة بْن غَزْوَان السُّلَمِيّ حَلِيف لِبَنِي نَوْفَل , وَسُهَيْل بْن بَيْضَاء , وَعَامِر بْن فُهَيْرَة , وَوَاقِد بْن عَبْد اللَّه الْيَرْبُوعِيّ حَلِيف لِعُمَرَ بْن الْخَطَّاب وَكَتَبَ مَعَ ابْن جَحْش كِتَابًا وَأَمَرَهُ أَنْ لَا يَقْرَأهُ حَتَّى يَنْزِل مَلَل , فَلَمَّا نَزَلَ بِبَطْنِ مَلَل فَتَحَ الْكِتَاب , فَإِذَا فِيهِ : أَنْ سِرْ حَتَّى تَنْزِل بَطْن نَخْلَة . فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ : مَنْ كَانَ يُرِيد الْمَوْت فَلْيَمْضِ وَلْيُوصِ , فَإِنِّي مُوصٍ وَمَاضٍ لِأَمْرِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَارَ وَتَخَلَّفَ عَنْهُ سَعْد بْن أَبِي وَقَّاص وَعُتْبَة بْن غَزْوَان أَضَلَّا رَاحِلَة لَهُمَا , فَأَتَيَا بُحْرَان يَطْلُبَانِهَا , وَسَارَ ابْن جَحْش إلَى بَطْن نَخْلَة , فَإِذَا هُمْ بِالْحَكَمِ بْن كَيْسَانِ , وَعَبْد اللَّه بْن الْمُغِيرَة , وَالْمُغِيرَة بْن عُثْمَان , وَعَمْرو بْن الْحَضْرَمِيّ . فَاقْتَتَلُوا , فَأَسَرُّوا الْحَكَم بْن كَيْسَانِ وَعَبْد اللَّه بْن الْمُغِيرَة , وَانْفَلَتَ الْمُغِيرَة , وَقُتِلَ عَمْرو بْن الْحَضْرَمِيّ , قَتَلَهُ وَاقِد بْن عَبْد اللَّه , فَكَانَتْ أَوَّل غَنِيمَة غَنِمَهَا أَصْحَاب مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا رَجَعُوا إلَى الْمَدِينَة بِالْأَسِيرَيْنِ وَمَا غَنِمُوا مِنْ الْأَمْوَال أَرَادَ أَهْل مَكَّة أَنْ يُفَادُوا بِالْأَسِيرَيْنِ , فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " حَتَّى نَنْظُر مَا فَعَلَ صَاحِبَانَا " ; فَلَمَّا رَجَعَ سَعْد وَصَاحِبه فَادَى بِالْأَسِيرَيْنِ , فَفَجَرَ عَلَيْهِ الْمُشْرِكُونَ وَقَالُوا : مُحَمَّد يَزْعُم أَنَّهُ يَتَّبِع طَاعَة اللَّه , وَهُوَ أَوَّل مَنْ اسْتَحَلَّ الشَّهْر الْحَرَام وَقَتَلَ صَاحِبنَا فِي رَجَب , فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ : إنَّمَا قَتَلْنَاهُ فِي جُمَادَى , وَقِيلَ فِي أَوَّل لَيْلَة مِنْ رَجَب , وَآخِر لَيْلَة مِنْ جُمَادَى وَأَغْمَدَ الْمُسْلِمُونَ سُيُوفهمْ حِين دَخَلَ رَجَب , فَأَنْزَلَ اللَّه جَلَّ وَعَزَّ يُعَيِّر أَهْل مَكَّة : { يَسْأَلُونَك عَنْ الشَّهْر الْحَرَام قِتَال فِيهِ قُلْ قِتَال فِيهِ كَبِير } لَا يَحِلّ , وَمَا صَنَعْتُمْ أَنْتُمْ يَا مَعْشَر الْمُشْرِكِينَ أَكْبَر مِنْ الْقَتْل فِي الشَّهْر الْحَرَام , حِين كَفَرْتُمْ بِاَللَّهِ , وَصَدَدْتُمْ عَنْهُ مُحَمَّدًا أَصْحَابه , وَإِخْرَاج أَهْل الْمَسْجِد الْحَرَام مِنْهُ حِين أَخَرَجُوا مُحَمَّدًا , أَكْبَر مِنْ الْقَتْل عِنْد اللَّه , وَالْفِتْنَة - هِيَ الشِّرْك - أَعْظَم عِنْد اللَّه مِنْ الْقَتْل فِي الشَّهْر الْحَرَام , فَذَلِكَ قَوْله : { وَصَدّ عَنْ سَبِيل اللَّه وَكُفْر بِهِ وَالْمَسْجِد الْحَرَام وَإِخْرَاج أَهْله مِنْهُ أَكْبَر عِنْد اللَّه وَالْفِتْنَة أَكْبَر مِنْ الْقَتْل } 3253 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى الصَّنْعَانِيّ , قَالَ : ثنا الْمُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان التَّيْمِيّ , عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ حَدَّثَهُ رَجُل , عَنْ أَبِي السَّوَّار يُحَدِّثهُ , عَنْ جُنْدُب بْن عَبْد اللَّه : عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ بَعَثَ رَهْطًا , فَبَعَثَ عَلَيْهِمْ أَبَا عُبَيْدَة ; فَلَمَّا أَخَذَ لِيَنْطَلِق بَكَى صَبَابَة إلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَبَعَثَ رَجُلًا مَكَانه يُقَال لَهُ عَبْد اللَّه بْن جَحْش , وَكَتَبَ لَهُ كِتَابًا , وَأَمَرَهُ أَنْ لَا يَقْرَأ الْكِتَاب حَتَّى يَبْلُغْنَ كَذَا وَكَذَا , وَلَا تُكْرِهْنَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابك عَلَى السَّيْر مَعَك . فَلَمَّا قَرَأَ الْكِتَاب اسْتَرْجَعَ وَقَالَ : سَمْعًا وَطَاعَة لِأَمْرِ اللَّه وَرَسُوله . فَخَبَّرَهُمْ الْخَبَر , وَقَرَأَ عَلَيْهِمْ الْكِتَاب . فَرَجَعَ رَجُلَانِ وَمَضَى بَقِيَّتهمْ . فَلَقُوا ابْن الْحَضْرَمِيّ فَقَتَلُوهُ , وَلَمْ يَدْرُوا ذَلِكَ الْيَوْم مِنْ رَجَب أَوْ مِنْ جُمَادَى ؟ فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ لِلْمُسْلِمِينَ : فَعَلْتُمْ كَذَا وَكَذَا فِي الشَّهْر الْحَرَام ! فَأَتَوْا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَدَّثُوهُ الْحَدِيث , فَأَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : { يَسْأَلُونَك عَنْ الشَّهْر الْحَرَام قِتَال فِيهِ قُلْ قِتَال فِيهِ كَبِير وَصَدّ عَنْ سَبِيل اللَّه وَكُفْر بِهِ وَالْمَسْجِد الْحَرَام وَإِخْرَاج أَهْله مِنْهُ أَكْبَر عِنْد اللَّه وَالْفِتْنَة أَكْبَر مِنْ الْقَتْل } وَالْفِتْنَة : هِيَ الشِّرْك . وَقَالَ بَعْض الَّذِينَ - أَظُنّهُ قَالَ - : كَانُوا فِي السَّرِيَّة : وَاَللَّه مَا قَتَلَهُ إلَّا وَاحِد , فَقَالَ : إنْ يَكُنْ خَيْرًا فَقَدْ وُلِّيت . وَإِنْ يَكُنْ ذَنْبًا فَقَدْ عَمِلْت . 3254 - مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْل اللَّه : { يَسْأَلُونَك عَنْ الشَّهْر الْحَرَام قِتَال فِيهِ } قَالَ : إنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي تَمِيم أَرْسَلَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَرِيَّة , فَمَرَّ بِابْنِ الْحَضْرَمِيّ يَحْمِل خَمْرًا مِنْ الطَّائِف إلَى مَكَّة , فَرَمَاهُ بِسَهْمٍ فَقَتَلَهُ وَكَانَ بَيْن قُرَيْش وَمُحَمَّد عَقْد , فَقَتَلَهُ فِي آخِر يَوْم مِنْ جُمَادَى الْآخِرَة , وَأَوَّل يَوْم مِنْ رَجَب , فَقَالَتْ قُرَيْش : فِي الشَّهْر الْحَرَام وَلَنَا عَهْد ؟ فَأَنْزَلَ اللَّه جَلَّ وَعَزَّ : { قُلْ قِتَال فِيهِ كَبِير وَصَدّ عَنْ سَبِيل اللَّه وَكُفْر بِهِ وَ } صَدّ عَنْ { الْمَسْجِد الْحَرَام وَإِخْرَاج أَهْله مِنْهُ أَكْبَر عِنْد اللَّه } مِنْ قَتْل ابْن الْحَضْرَمِيّ , وَالْفِتْنَة كُفْر بِاَللَّهِ , وَعِبَادَة الْأَوْثَان أَكْبَر مِنْ هَذَا كُلّه . 3255 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ , أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , عَنْ مَعْمَر , عَنْ الزُّهْرِيّ , وَعُثْمَان الْجَزَرِيّ , عَنْ مِقْسَم مَوْلَى ابْن عَبَّاس , قَالَ : لَقِيَ وَاقِد بْن عَبْد اللَّه عَمْرو بْن الْحَضْرَمِيّ فِي أَوَّل لَيْلَة مِنْ رَجَب , وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ مِنْ جُمَادَى فَقَتَلَهُ , وَهُوَ أَوَّل قَتِيل مِنْ الْمُشْرِكِينَ , فَعَيَّرَ الْمُشْرِكُونَ الْمُسْلِمِينَ فَقَالُوا : أَتَقْتُلُونَ فِي الشَّهْر الْحَرَام ؟ فَأَنْزَلَ اللَّه { يَسْأَلُونَك عَنْ الشَّهْر الْحَرَام قِتَال فِيهِ قُلْ قِتَال فِيهِ كَبِير وَصَدّ عَنْ سَبِيل اللَّه وَكُفْر بِهِ وَالْمَسْجِد الْحَرَام } يَقُول : وَصَدّ عَنْ سَبِيل اللَّه , وَكُفْر بِاَللَّهِ وَالْمَسْجِد الْحَرَام , وَصَدّ عَنْ الْمَسْجِد الْحَرَام ; { وَإِخْرَاج أَهْله مِنْهُ أَكْبَر عِنْد اللَّه } مِنْ قَتْل عَمْرو بْن الْحَضْرَمِيّ ; وَالْفِتْنَة : يَقُول : الشِّرْك الَّذِي أَنْتُمْ فِيهِ أَكْبَر مِنْ ذَلِكَ أَيْضًا . قَالَ الزُّهْرِيّ : وَكَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا بَلَغَنَا يُحَرِّم الْقِتَال فِي الشَّهْر الْحَرَام ثُمَّ أُحِلَّ بَعْد . 3256 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ ابْن عَبَّاس قَوْله { يَسْأَلُونَك عَنْ الشَّهْر الْحَرَام قِتَال فِيهِ قُلْ قِتَال فِيهِ كَبِير } وَذَلِكَ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ صَدُّوا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَرَدُّوهُ عَنْ الْمَسْجِد الْحَرَام فِي شَهْر حَرَام , فَفَتَحَ اللَّه عَلَى نَبِيّه فِي شَهْر حَرَام مِنْ الْعَام الْمُقْبِل , فَعَابَ الْمُشْرِكُونَ عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقِتَال فِي شَهْر حَرَام , فَقَالَ اللَّه جَلَّ وَعَزَّ : { وَصَدّ عَنْ سَبِيل اللَّه وَكُفْر بِهِ وَالْمَسْجِد الْحَرَام وَإِخْرَاج أَهْله مِنْهُ أَكْبَر عِنْد اللَّه } مِنْ الْقَتْل فِيهِ وَأَنَّ مُحَمَّدًا بَعَثَ سَرِيَّة , فَلَقُوا عَمْرو بْن الْحَضْرَمِيّ وَهُوَ مُقْبِل مِنْ الطَّائِف آخِر لَيْلَة مِنْ جُمَادَى وَأَوَّل لَيْلَة مِنْ رَجَب ; وَأَنَّ أَصْحَاب مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانُوا يَظُنُّونَ أَنَّ تِلْكَ اللَّيْلَة مِنْ جُمَادَى وَكَانَتْ أَوَّل رَجَب وَلَمْ يَشْعُرُوا , فَقَتَلَهُ رَجُل مِنْهُمْ وَاحِد . وَإِنَّ الْمُشْرِكِينَ أَرْسَلُوا يُعَيِّرُونَهُ بِذَلِكَ , فَقَالَ اللَّه جَلَّ وَعَزَّ : { يَسْأَلُونَك عَنْ الشَّهْر الْحَرَام قِتَال فِيهِ قُلْ قِتَال فِيهِ كَبِير } وَغَيْر ذَلِكَ أَكْبَر مِنْهُ صَدّ عَنْ سَبِيل اللَّه , وَكُفْر بِهِ , وَالْمَسْجِد الْحَرَام , وَإِخْرَاج أَهْله مِنْهُ , إخْرَاج أَهْل الْمَسْجِد الْحَرَام أَكْبَر مِنْ الَّذِي أَصَابَ مُحَمَّد وَالشِّرْك بِاَللَّهِ أَشَدّ . 3257 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن إسْحَاق , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ حُصَيْن , عَنْ أَبِي مَالِك , قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ : { يَسْأَلُونَك عَنْ الشَّهْر الْحَرَام قِتَال فِيهِ قُلْ قِتَال فِيهِ كَبِير } إلَى قَوْله : { وَالْفِتْنَة أَكْبَر مِنْ الْقَتْل } اسْتَكْبَرُوه , فَقَالَ : وَالْفِتْنَة : الشِّرْك الَّذِي أَنْتُمْ عَلَيْهِ مُقِيمُونَ أَكْبَر مِمَّا اسْتَكْبَرْتُمْ . 3258 - حُدِّثْنَا عَنْ عَمَّار بْن الْحَسَن , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ حُصَيْن , عَنْ أَبِي مَالِك الْغِفَارِيّ قَالَ : بَعَثَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْد اللَّه بْن جَحْش فِي جَيْش , فَلَقِيَ نَاسًا مِنْ الْمُشْرِكِينَ بِبَطْنِ نَخْلَة , وَالْمُسْلِمُونَ يَحْسَبُونَ أَنَّهُ آخِر يَوْم مِنْ جُمَادَى , وَهُوَ أَوَّل يَوْم مِنْ رَجَب , فَقَتَلَ الْمُسْلِمُونَ ابْن الْحَضْرَمِيّ , فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ : أَلَسْتُمْ تَزْعُمُونَ أَنَّكُمْ تُحَرِّمُونَ الشَّهْر الْحَرَام وَالْبَلَد الْحَرَام ؟ وَقَدْ قَتَلْتُمْ فِي الشَّهْر الْحَرَام ! فَأَنْزَلَ اللَّه : { يَسْأَلُونَك عَنْ الشَّهْر الْحَرَام قِتَال فِيهِ قُلْ قِتَال فِيهِ كَبِير } إلَى قَوْله { أَكْبَر عِنْد اللَّه } مِنْ الَّذِي اسْتَكْبَرْتُمْ مِنْ قَتْل ابْن الْحَضْرَمِيّ وَالْفِتْنَة الَّتِي أَنْتُمْ عَلَيْهَا مُقِيمُونَ , يَعْنِي الشِّرْك أَكْبَر مِنْ الْقَتْل . 3259 - حُدِّثْنَا عَنْ عَمَّار , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : وَكَانَ يُسَمِّيهَا , يَقُول : لَقِيَ وَاقِد بْن عَبْد اللَّه التَّمِيمِيّ عَمْرو بْن الْحَضْرَمِيّ بِبَطْنِ نَخْلَة فَقَتَلَهُ . 3260 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ ابْن جُرَيْجٍ , قَالَ : قُلْت لِعَطَاءٍ قَوْله : { يَسْأَلُونَك عَنْ الشَّهْر الْحَرَام قِتَال فِيهِ } فِيمَنْ نَزَلَتْ ؟ قَالَ : لَا أَدْرِي , قَالَ ابْن جُرَيْجٍ : قَالَ عِكْرِمَة وَمُجَاهِد : فِي عَمْرو بْن الْحَضْرَمِيّ , قَالَ ابْن جُرَيْجٍ : وَأَخْبَرَنَا ابْن أَبِي حُسَيْن عَنْ الزُّهْرِيّ ذَلِكَ أَيْضًا . 3261 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ ابْن جُرَيْجٍ , قَالَ : قَالَ مُجَاهِد : { قُلْ قِتَال فِيهِ كَبِير وَصَدّ عَنْ سَبِيل اللَّه وَكُفْر بِهِ وَالْمَسْجِد الْحَرَام } قَالَ يَقُول : صَدّ عَنْ الْمَسْجِد الْحَرَام وَإِخْرَاج أَهْله مِنْهُ , فَعَلَ هَذَا أَكْبَر مِنْ قَتْل ابْن الْحَضْرَمِيّ , وَالْفِتْنَة أَكْبَر مِنْ الْقَتْل كُفْر بِاَللَّهِ وَعِبَادَة الْأَوْثَان أَكْبَر مِنْ هَذَا كُلّه . 3262 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ الْفَضْل بْن خَالِد , قَالَ : أَخْبَرَنَا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان الْبَاهِلِيّ , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك بْن مُزَاحِم يَقُول فِي قَوْله : { يَسْأَلُونَك عَنْ الشَّهْر الْحَرَام قِتَال فِيهِ قُلْ قِتَال فِيهِ كَبِير } كَانَ أَصْحَاب مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَتَلُوا ابْن الْحَضْرَمِيّ فِي الشَّهْر الْحَرَام , فَعَيَّرَ الْمُشْرِكُونَ الْمُسْلِمِينَ بِذَلِكَ , فَقَالَ اللَّه : قِتَال فِي الشَّهْر الْحَرَام كَبِير , وَأَكْبَر مِنْ ذَلِكَ صَدّ عَنْ سَبِيل اللَّه وَكُفْر بِهِ , وَإِخْرَاج أَهْل الْمَسْجِد الْحَرَام مِنْ الْمَسْجِد الْحَرَام . وَهَذَانِ الْخَبَرَانِ اللَّذَانِ ذَكَرْنَاهُمَا عَنْ مُجَاهِد وَالضَّحَّاك , يُنَبِّئَانِ عَنْ صِحَّة مَا قُلْنَا فِي رَفْع " الصَّدّ " بِهِ , وَإِنْ رَافِعَة " أَكْبَر عِنْد اللَّه " , وَهُمَا يُؤَكِّدَانِ صِحَّة مَا رُوِّينَا فِي ذَلِكَ عَنْ ابْن عَبَّاس , وَيَدُلَّانِ عَلَى خَطَأ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ مَرْفُوع عَلَى الْعَطْف عَلَى الْكَبِير . وَقَوْل مَنْ زَعَمَ أَنَّ مَعْنَاهُ : وَكَبِير صَدّ عَنْ سَبِيل اللَّه , وَزَعَمَ أَنَّ قَوْله : " وَإِخْرَاج أَهْله مِنْهُ أَكْبَر عِنْد اللَّه " خَبَر مُنْقَطِع عَمَّا قَبْله مُبْتَدَأ . 3263 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا إسْمَاعِيل بْن سَالِم , عَنْ الشَّعْبِيّ فِي قَوْله : { وَالْفِتْنَة أَكْبَر مِنْ الْقَتْل } قَالَ : يَعْنِي بِهِ الْكُفْر . 3264 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { وَإِخْرَاج أَهْله مِنْهُ أَكْبَر عِنْد اللَّه } مِنْ ذَلِكَ . ثُمَّ عَيَّرَ الْمُشْرِكِينَ بِأَعْمَالِهِمْ أَعْمَال السُّوء فَقَالَ : { وَالْفِتْنَة أَكْبَر مِنْ الْقَتْل } أَيْ الشِّرْك بِاَللَّهِ أَكْبَر مِنْ الْقَتْل . وَبِمِثْلِ الَّذِي قُلْنَا مِنْ التَّأْوِيل فِي ذَلِكَ رُوِيَ عَنْ ابْن عَبَّاس . 3265 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ ابْن عَبَّاس قَالَ : لَمَّا قُتِلَ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمْرو بْن الْحَضْرَمِيّ فِي آخِر لَيْلَة مِنْ جُمَادَى وَأَوَّل لَيْلَة مِنْ رَجَب , أَرْسَلَ الْمُشْرِكُونَ إلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَيِّرُونَهُ بِذَلِكَ , فَقَالَ : { يَسْأَلُونَك عَنْ الشَّهْر الْحَرَام قِتَال فِيهِ قُلْ قِتَال فِيهِ كَبِير } وَغَيْر ذَلِكَ أَكْبَر مِنْهُ : صَدّ عَنْ سَبِيل اللَّه , وَكُفْر بِهِ , وَالْمَسْجِد الْحَرَام , وَإِخْرَاج أَهْله مِنْهُ أَكْبَر مِنْ الَّذِي أَصَابَ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَأَمَّا أَهْل الْعَرَبِيَّة فَإِنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِي الَّذِي ارْتَفَعَ بِهِ قَوْله : { وَصَدّ عَنْ سَبِيل اللَّه } فَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْكُوفِيِّينَ فِي رَفْعه وَجْهَانِ : أَحَدهمَا : أَنْ يَكُون الصَّدّ مَرْدُودًا عَلَى الْكَبِير , يُرِيد : قُلْ الْقِتَال فِيهِ كَبِير , وَصَدّ عَنْ سَبِيل اللَّه وَكُفْر بِهِ , وَإِنْ شِئْت جَعَلْت الصَّدّ كَبِيرًا , يُرِيد بِهِ : قُلْ الْقِتَال فِيهِ كَبِير , وَكَبِير الصَّدّ عَنْ سَبِيل اللَّه وَالْكُفْر بِهِ , قَالَ : فَأَخْطَأَ , يَعْنِي الْفَرَّاء فِي كِلَا تَأْوِيلَيْهِ , وَذَلِكَ أَنَّهُ إذَا رُفِعَ الصَّدّ عَطْفًا بِهِ عَلَى كَبِير , يَصِير تَأْوِيل الْكَلَام : قُلْ الْقِتَال فِي الشَّهْر الْحَرَام كَبِير , وَصَدّ عَنْ سَبِيل اللَّه , وَكُفْر بِاَللَّهِ . وَذَلِكَ مِنْ التَّأْوِيل خِلَاف مَا عَلَيْهِ أَهْل الْإِسْلَام جَمِيعًا , لِأَنَّهُ لَمْ يَدَّعِ أَحَد أَنَّ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى جَعَلَ الْقِتَال فِي الْأَشْهُر الْحُرُم كُفْرًا بِاَللَّهِ , بَلْ ذَلِكَ غَيْر جَائِز أَنْ يَتَوَهَّم عَلَى عَاقِل يَعْقِل مَا يَقُول أَنْ يَقُولهُ , وَكَيْفَ يَجُوز أَنْ يَقُولهُ ذُو فِطْرَة صَحِيحَة , وَاَللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ يَقُول فِي أَثَر ذَلِكَ : { وَإِخْرَاج أَهْله مِنْهُ أَكْبَر عِنْد اللَّه } ؟ فَلَوْ كَانَ الْكَلَام عَلَى مَا رَآهُ جَائِزًا فِي تَأْوِيله هَذَا , لَوَجَبَ أَنْ يَكُون إخْرَاج أَهْل الْمَسْجِد الْحَرَام مِنْ الْمَسْجِد الْحَرَام كَانَ أَعْظَم عِنْد اللَّه مِنْ الْكُفْر بِهِ , وَذَلِكَ أَنَّهُ يَقُول فِي أَثَره : { وَإِخْرَاج أَهْله مِنْهُ أَكْبَر عِنْد اللَّه } وَفِي قِيَام الْحُجَّة بِأَنْ لَا شَيْء أَعْظَم عِنْد اللَّه مِنْ الْكُفْر بِهِ , مَا يُبَيِّن عَنْ خَطَأ هَذَا الْقَوْل وَأَمَّا إذَا رُفِعَ الصَّدّ بِمَعْنَى مَا زَعَمَ أَنَّهُ الْوَجْه الْآخَر , وَذَلِكَ رَفْعه بِمَعْنَى : وَكَبِير صَدّ عَنْ سَبِيل اللَّه , ثُمَّ قِيلَ : وَإِخْرَاج أَهْله مِنْهُ أَكْبَر عِنْد اللَّه , صَارَ الْمَعْنَى : إلَى أَنَّ إخْرَاج أَهْل الْمَسْجِد الْحَرَام مِنْ الْمَسْجِد الْحَرَام أَعْظَم عِنْد اللَّه مِنْ الْكُفْر بِاَللَّهِ , وَالصَّدّ عَنْ سَبِيله , وَعَنْ الْمَسْجِد الْحَرَام , وَمُتَأَوَّل ذَلِكَ كَذَلِكَ دَاخِل مِنْ الْخَطَأ فِي مِثْل الَّذِي دَخَلَ فِيهِ الْقَائِل الْقَوْل الْأَوَّل مِنْ تَصْيِيره بَعْض خِلَال الْكُفْر أَعْظَم عِنْد اللَّه مِنْ الْكُفْر بِعَيْنِهِ , وَذَلِكَ مِمَّا لَا يُخَيَّل عَلَى أَحَد خَطَؤُهُ وَفَسَاده . وَكَانَ بَعْض أَهْل الْعَرَبِيَّة مِنْ أَهْل الْبَصْرَة يَقُول : الْقَوْل الْأَوَّل فِي رَفْع الصَّدّ , وَيَزْعُم أَنَّهُ مَعْطُوف بِهِ عَلَى الْكَبِير , وَيَجْعَل قَوْله : { وَإِخْرَاج أَهْله } مَرْفُوعًا عَلَى الِابْتِدَاء , وَقَدْ بَيَّنَّا فَسَاد ذَلِكَ وَخَطَأ تَأْوِيله . ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي قَوْله : { يَسْأَلُونَك عَنْ الشَّهْر الْحَرَام قِتَال فِيهِ قُلْ قِتَال فِيهِ كَبِير } هَلْ هُوَ مَنْسُوخ أَمْ ثَابِت الْحُكْم ؟ فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ مَنْسُوخ بِقَوْلِهِ اللَّه جَلَّ وَعَزَّ : { وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّة كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّة } 9 36 وَبِقَوْلِهِ : { اُقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ } 9 5 ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3266 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ ابْن جُرَيْجٍ , قَالَ : قَالَ عَطَاء بْن مَيْسَرَة : أُحِلَّ الْقِتَال فِي الشَّهْر الْحَرَام فِي بَرَاءَة قَوْله : { فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنَفْسكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّة } 9 36 يَقُول : فِيهِنَّ وَفِي غَيْرهنَّ . 3267 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ الزُّهْرِيّ , قَالَ : كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا بَلَغَنَا يُحَرِّم الْقِتَال فِي الشَّهْر الْحَرَام , ثُمَّ أُحِلَّ بَعْد . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ ذَلِكَ حُكْم ثَابِت لَا يَحِلّ الْقِتَال لِأَحَدٍ فِي الْأَشْهُر الْحُرُم بِهَذِهِ الْآيَة , لِأَنَّ اللَّه جَعَلَ الْقِتَال فِيهِ كَبِيرًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3268 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ ابْن جُرَيْجٍ , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : قُلْت لِعَطَاءٍ : { يَسْأَلُونَك عَنْ الشَّهْر الْحَرَام قِتَال فِيهِ قُلْ قِتَال فِيهِ كَبِير } قُلْت : مَا لَهُمْ وَإِذْ ذَاكَ لَا يَحِلّ لَهُمْ أَنْ يَغْزُوَا أَهْل الشِّرْك فِي الشَّهْر الْحَرَام , ثُمَّ غَزَوْهُمْ بَعْد فِيهِ , فَحَلَفَ لِي عَطَاء بِاَللَّهِ مَا يَحِلّ لِلنَّاسِ أَنْ يَغْزُوَا فِي الشَّهْر الْحَرَام , وَلَا أَنْ يُقَاتِلُوا فِيهِ , وَمَا يُسْتَحَبّ , قَالَ : وَلَا يَدْعُونَ إلَى الْإِسْلَام قَبْل أَنْ يُقَاتِلُوا وَلَا إلَى الْجِزْيَة تَرَكُوا ذَلِكَ . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ مَا قَالَهُ عَطَاء بْن مَيْسَرَة , مِنْ أَنَّ النَّهْي عَنْ قِتَال الْمُشْرِكِينَ فِي الْأَشْهُر الْحُرُم مَنْسُوخ بِقَوْلِ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { إنَّ عِدَّة الشُّهُور عِنْد اللَّه اثْنَا عَشَر شَهْرًا فِي كِتَاب اللَّه يَوْم خَلَقَ السَّمَوَات وَالْأَرْض مِنْهَا أَرْبَعَة حُرُم ذَلِكَ الدِّين الْقَيِّم فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنَفْسكُمْ , وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّة كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّة } 9 36 وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ نَاسِخ لِقَوْلِهِ : { يَسْأَلُونَك عَنْ الشَّهْر الْحَرَام قِتَال فِيهِ قُلْ قِتَال فِيهِ كَبِير } لِتَظَاهُرِ الْأَخْبَار عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ غَزَا هَوَازِن بِحُنَيْنَ , وَثَقِيفًا بِالطَّائِفِ , وَأَرْسَلَ أَبَا عَامِر إلَى أَوْطَاس لِحَرْبِ مَنْ بِهَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ فِي بَعْض الشَّهْر الْحُرُم , وَذَلِكَ فِي شَوَّال وَبَعْض ذِي الْقَعَدَة , وَهُوَ مِنْ الْأَشْهُر الْحُرُم . فَكَانَ مَعْلُومًا بِذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْقِتَال فِيهِنَّ حَرَامًا وَفِيهِ مَعْصِيَة , كَانَ أَبْعَد النَّاس مِنْ فِعْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُخْرَى : أَنَّ جَمِيع أَهْل الْعِلْم بِسِيَرِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَتَدَافَع أَنَّ بَيْعَة الرِّضْوَان عَلَى قِتَال قُرَيْش كَانَتْ فِي أَوَّل ذِي الْقَعْدَة , وَأَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّمَا دَعَا أَصْحَابه إلَيْهَا يَوْمئِذٍ لِأَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عُثْمَان بْن عَفَّانِ قَتَلَهُ الْمُشْرِكُونَ إذْ أَرْسَلَهُ إلَيْهِمْ بِمَا أَرْسَلَهُ بِهِ مِنْ الرِّسَالَة , فَبَايَعَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَنْ يُنَاجِز الْقَوْم الْحَرْب وَيُحَارِبهُمْ حَتَّى رَجَعَ عُثْمَان بِالرِّسَالَةِ , وَجَرَى بَيْن النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقُرَيْش الصُّلْح , فَكَفَّ عَنْ حَرْبهمْ حِينَئِذٍ وَقِتَالهمْ , وَكَانَ ذَلِكَ فِي ذِي الْقَعْدَة , وَهُوَ مِنْ الْأَشْهُر الْحُرُم . فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَبَيِّن صِحَّة مَا قُلْنَا فِي قَوْله : { يَسْأَلُونَك عَنْ الشَّهْر الْحَرَام قِتَال قُلْ قِتَال فِيهِ كَبِير } وَأَنَّهُ مَنْسُوخ . فَإِذَا ظَنَّ ظَانّ أَنَّ النَّهْي عَنْ الْقِتَال فِي الْأَشْهُر الْحُرُم كَانَ بَعْد اسْتِحْلَال النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إيَّاهُنَّ لِمَا وَصَفْنَا مِنْ حُرُوبه . فَقَدْ ظَنَّ جَهْلًا ; وَذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة , أَعْنِي قَوْله : { يَسْأَلُونَك عَنْ الشَّهْر الْحَرَام قِتَال فِيهِ } فِي أَمْر عَبْد اللَّه بْن جَحْش وَأَصْحَابه , وَمَا كَانَ مِنْ أَمْرهمْ وَأَمْر الْقَتِيل الَّذِي قَتَلُوهُ , فَأَنْزَلَ اللَّه فِي أَمْره هَذِهِ الْآيَة فِي آخِر جُمَادَى الْآخِرَة مِنْ السَّنَة الثَّانِيَة مِنْ مَقْدِم رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَة وَهِجْرَته إلَيْهَا , وَكَانَتْ وَقْعَة حُنَيْن وَالطَّائِف فِي شَوَّال مِنْ سَنَة ثَمَان مِنْ مَقْدِمه الْمَدِينَة وَهِجْرَته إلَيْهَا . وَبَيْنهمَا مِنْ الْمُدَّة مَا لَا يَخْفَى عَلَى أَحَد .

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينكُمْ إنْ اسْتَطَاعُوا } يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره : وَلَا يَزَال مُشْرِكُو قُرَيْش يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينكُمْ إنْ قَدَرُوا عَلَى ذَلِكَ . كَمَا : 3269 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ , ثنا سَلَمَة , قَالَ , ثني ابْن إسْحَاق , قَالَ : ثني الزُّهْرِيّ وَيَزِيد بْن رُومَان , عَنْ عُرْوَة بْن الزُّبَيْر : { وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينكُمْ إنْ اسْتَطَاعُوا } أَيْ هُمْ مُقِيمُونَ عَلَى أَخْبَث ذَلِكَ وَأَعْظَمه , غَيْر تَائِبِينَ وَلَا نَازِعِينَ , يَعْنِي عَلَى أَنْ يَفْتِنُوا الْمُسْلِمِينَ عَنْ دِينهمْ حَتَّى يَرُدُّوهُمْ إلَى الْكُفْر , كَمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ بِمَنْ قَدَرُوا عَلَيْهِ مِنْهُمْ قَبْل الْهِجْرَة .

3270 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : { وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُودُّكُمْ عَنْ دِينكُمْ إنْ اسْتَطَاعُوا } قَالَ : كُفَّار قُرَيْش .

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمِنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينه } يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَمِنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينه } مَنْ يَرْجِع مِنْكُمْ عَنْ دِينه , كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ :

{ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارهمَا قَصَصًا } 18 64 يَعْنِي بِقَوْلِهِ : فَارْتَدَّا : رَجَعَا . وَمِنْ ذَلِكَ قِيلَ : اسْتَرَدَّ فُلَان حَقّه مِنْ فُلَان , إذَا اسْتَرْجَعَهُ مِنْهُ . وَإِنَّمَا أَظْهَرَ التَّضْعِيف فِي قَوْله : { يَرْتَدِدْ } لِأَنَّ لَامَ الْفِعْل سَاكِنَة بِالْجَزْمِ , وَإِذَا سُكِّنَتْ فَالْقِيَاس تَرْك التَّضْعِيف , وَقَدْ تُضَعَّف وَتُدْغَم وَهِيَ سَاكِنَة بِنَاء عَلَى التَّثْنِيَة وَالْجَمْع .

وَقَوْله : { فَيَمُتْ وَهُوَ

كَافِر } يَقُول : مَنْ يَرْجِع عَنْ دِينه , دِين الْإِسْلَام , فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِر , فَيَمُتْ قَبْل أَنْ يَتُوب مِنْ كُفْره , فَهُمْ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالهمْ يَعْنِي بِقَوْلِهِ : { حَبِطَتْ أَعْمَالهمْ } بَطَلَتْ وَذَهَبَتْ , وَبُطُولهَا : ذَهَاب ثَوَابهَا , وَبُطُول الْأَجْر عَلَيْهَا وَالْجَزَاء فِي دَار الدُّنْيَا وَالْآخِرَة .

وَقَوْله : { وَأُولَئِكَ

أَصْحَاب النَّار } يَعْنِي الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَنْ دِينهمْ فَمَاتُوا عَلَى كُفْرهمْ , هُمْ أَهْل النَّار الْمُخَلَّدُونَ فِيهَا . وَإِنَّمَا جَعَلَهُمْ أَهْلهَا لِأَنَّهُمْ لَا يَخْرُجُونَ مِنْهَا , فَهُمْ سَكَّانهَا الْمُقِيمُونَ فِيهَا , كَمَا يُقَال : هَؤُلَاءِ أَهْل مَحَلَّة كَذَا , يَعْنِي سُكَّانهَا الْمُقِيمُونَ فِيهَا

وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ : { هُمْ فِيهَا

خَالِدُونَ } هُمْ فِيهَا لَابِثُونَ لَبْثًا مِنْ غَيْر أَمَد وَلَا نِهَايَة .
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌسورة البقرة الآية رقم 218
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَاَلَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيل اللَّه أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَة اللَّه وَاَللَّه غَفُور رَحِيم } يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ذِكْره : أَنَّ الَّذِينَ صَدَّقُوا بِاَللَّهِ وَبِرَسُولِهِ , وَبِمَا جَاءَ بِهِ . وَبِقَوْلِهِ : { وَاَلَّذِينَ هَاجَرُوا } الَّذِينَ هَجَرُوا مُسَاكَنَة الْمُشْرِكِينَ فِي أَمْصَارهمْ , وَمُجَاوَرَتهمْ فِي دِيَارهمْ , فَتَحَوَّلُوا عَنْهُمْ , وَعَنْ جِوَارهمْ وَبِلَادهمْ إلَى غَيْرهَا , هِجْرَة . . . لِمَا انْتَقَلَ عَنْهُ إلَى مَا انْتَقَلَ إلَيْهِ . وَأَصْل الْمُهَاجَرَة الْمُفَاعَلَة , مِنْ هِجْرَة الرَّجُل الرَّجُل لِلشَّحْنَاءِ تَكُون بَيْنهمَا , ثُمَّ تُسْتَعْمَل فِي كُلّ مَنْ هَجَرَ شَيْئًا لِأَمْرٍ كَرِهَهُ مِنْهُ . وَإِنَّمَا سُمِّيَ الْمُهَاجِرُونَ مِنْ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُهَاجِرِينَ لِمَا وَصَفْنَا مِنْ هِجْرَتهمْ دُورهمْ وَمَنَازِلهمْ , كَرَاهَة مِنْهُمْ النُّزُول بَيْن أَظْهُر الْمُشْرِكِينَ وَفِي سُلْطَانهمْ , بِحَيْثُ لَا يَأْمَنُونَ فِتْنَتهمْ عَلَى أَنَفْسهمْ فِي دِيَارهمْ إلَى الْمَوْضِع الَّذِي يَأْمَنُونَ ذَلِكَ . وَأَمَّا قَوْله : { وَجَاهَدُوا } فَإِنَّهُ يَعْنِي : وَقَاتَلُوا وَحَارَبُوا وَأَصْل الْمُجَاهَدَة الْمُفَاعَلَة , مِنْ قَوْل الرَّجُل : قَدْ جَهَدَ فُلَان فُلَانًا عَلَى كَذَا , إذَا كَرَبَهُ وَشَقَّ عَلَيْهِ يُجْهِدهُ جَهْدًا . فَإِذَا كَانَ الْفِعْل مِنْ اثْنَيْنِ كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا يُكَابَد مِنْ صَاحِبه شِدَّة وَمَشَقَّة , قِيلَ : فُلَان يُجَاهِد فُلَانًا , يَعْنِي أَنَّ كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا يَفْعَل بِصَاحِبِهِ مَا يُجْهِدهُ وَيَشُقّ عَلَيْهِ , فَهُوَ يُجَاهِدهُ مُجَاهَدَة وَجِهَادًا وَأَمَّا سَبِيل اللَّه : فَطَرِيقه وَدِينه . فَمَعْنَى قَوْله إذًا { وَاَلَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيل اللَّه } وَاَلَّذِينَ تَحَوَّلُوا مِنْ سُلْطَان أَهْل الشِّرْك هِجْرَة لَهُمْ , وَخَوْف فِتْنَتهمْ عَلَى أَدِيَانهمْ , وَحَارَبُوهُمْ فِي دِين اللَّه لِيُدْخِلُوهُمْ فِيهِ , وَفِيمَا يُرْضِي اللَّه , { أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَة اللَّه } أَيْ يُطْمَعُونَ أَنْ يَرْحَمهُمْ اللَّه

فَيُدْخِلهُمْ جَنَّته بِفَضْلِ رَحْمَته إيَّاهُمْ { وَاَللَّه غَفُور } أَيْ سَاتِر ذُنُوب عِبَاده بِعَفْوِهِ عَنْهَا , مُتَفَضِّل عَلَيْهِمْ بِالرَّحْمَةِ . وَهَذِهِ الْآيَة أَيْضًا ذُكِرَ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي عَبْد اللَّه بْن جَحْش وَأَصْحَابه . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3271 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا الْمُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان , عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ حَدَّثَهُ رَجُل , عَنْ أَبِي السَّوَّار مُحَدِّثه , عَنْ جُنْدُب بْن عَبْد اللَّه قَالَ : لَمَّا كَانَ مِنْ أَمْر عَبْد اللَّه بْن جَحْش وَأَصْحَابه , وَأَمْر ابْن الْحَضْرَمِيّ مَا كَانَ قَالَ بَعْض الْمُسْلِمِينَ إنْ لَمْ يَكُونُوا أَصَابُوا فِي سَفَرهمْ , أَظُنّهُ قَالَ : وِزْرًا , فَلَيْسَ لَهُمْ فِيهِ أَجْر , فَأَنْزَلَ اللَّه : { إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَاَلَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيل اللَّه أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَة اللَّه وَاَللَّه غَفُور رَحِيم } 3272 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ ابْن إسْحَاق , قَالَ : ثني الزُّهْرِيّ , وَيَزِيد بْن رُومَان , عَنْ عُرْوَة بْن الزُّبَيْر قَالَ : أَنَزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ الْقُرْآن بِمَا أَنَزَلَ مِنْ الْأَمْر , وَفَرَّجَ اللَّه عَنْ الْمُسْلِمِينَ فِي أَمْر عَبْد اللَّه بْن جَحْش وَأَصْحَابه , يَعْنِي فِي قَتْلهمْ ابْن الْحَضْرَمِيّ , فَلَمَّا تَجَلَّى عَنْ عَبْد اللَّه بْن جَحْش وَأَصْحَابه مَا كَانُوا فِيهِ حِين نَزَلَ الْقُرْآن , طَعِمُوا فِي الْأَجْر , فَقَالُوا : يَا رَسُول اللَّه أَنَطْمَعُ أَنْ تَكُون لَنَا غَزْوَة نُعْطَى فِيهَا أَجْر الْمُجَاهِدِينَ ؟ فَأَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ فِيهِمْ : { إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَاَلَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيل اللَّه أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَة اللَّه وَاَللَّه غَفُور رَحِيم } فَوَقَّفَهُمْ اللَّه مِنْ ذَلِكَ عَلَى أَعْظَم الرَّجَاء . 3273 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : أَثْنَى اللَّه عَلَى أَصْحَاب نَبِيّه مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْسَن الثَّنَاء , فَقَالَ : { إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَاَلَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيل اللَّه أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَة اللَّه وَاَللَّه غَفُور رَحِيم } هَؤُلَاءِ خِيَار هَذِهِ الْأُمَّة , ثُمَّ جَعَلَهُمْ اللَّه أَهْل رَجَاء كَمَا تَسْمَعُونَ , وَأَنَّهُ مَنْ رَجَا طَلَبَ وَمِنْ خَافَ هَرَبَ . 3274 - حُدِّثْت عَنْ عَمَّار , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع , مِثْله .
يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَسورة البقرة الآية رقم 219
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَسْأَلُونَك عَنْ الْخَمْر وَالْمَيْسِر } يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : يَسْأَلك أَصْحَابك يَا مُحَمَّد عَنْ الْخَمْر وَشُرْبهَا . وَالْخَمْر : كُلّ شَرَاب خَامَرَ الْعَقْل فَسَتَرَهُ وَغَطَّى عَلَيْهِ , وَهُوَ مِنْ قَوْل الْقَائِل : خَمَرْت الْإِنَاء إذَا غَطَّيْته , وَخَمِرَ الرَّجُل : إذَا دَخَلَ فِي الْخَمَر , وَيُقَال , هُوَ فِي خُمَار النَّاس وَغُمَارهُمْ , يُرَاد بِهِ : دَخَلَ فِي عُرْض النَّاس , وَيُقَال لِلضَّبُعِ خَامِرِي أُمّ عَامِر , أَيْ اسْتَتِرِي . وَمَا خَامَرَ الْعَقْل مِنْ دَاء وَسُكْر فَخَالَطَهُ وَغَمَرَهُ فَهُوَ خَمْر , وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا خِمَار الْمَرْأَة وَذَلِكَ لِأَنَّهَا تَسْتُر بِهِ رَأْسهَا فَتُغَطِّيه , وَمِنْهُ يُقَال : هُوَ يَمْشِي لَك الْخَمْر , أَيْ مُسْتَخْفِيًا . كَمَا قَالَ الْعَجَّاج : فِي لَامِع الْعِقْبَان

لَا يَأْتِي الْخَمْر يُوَجِّه الْأَرْض وَيَسْتَاق الشَّجَر وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ : لَا يَأْتِي الْخَمْر : لَا يَأْتِي مُسْتَخْفِيًا وَلَا مُسَارَقَة وَلَكِنْ ظَاهِرًا بِرَايَاتٍ وَجُيُوش ; وَالْعِقْبَان جَمْع عُقَاب , وَهِيَ الرَّايَات . وَأَمَّا " الْمَيْسِر " فَإِنَّهَا " الْمَفْعِل " مِنْ قَوْل الْقَائِل : يَسِّرْ لِي هَذَا الْأَمْر : إذَا وَجَبَ لِي فَهُوَ يُيَسِّر لِي يُسْرًا وَمَيْسِرًا , وَالْيَاسِر : الْوَاجِب , بِقِدَاحٍ وَجَبَ ذَلِكَ أَوْ مُبَاحه أَوْ غَيْر ذَلِكَ , ثُمَّ قِيلَ لِلْمُقَامِرِ : يَاسِر , وَيَسَر كَمَا قَالَ الشَّاعِر : فَبِتّ كَأَنَّنِي يَسَر غَبِينَ يُقَلِّب بَعْدَمَا اخْتَلَعَ الْقِدَاحَا وَكَمَا قَالَ النَّابِغَة : أَوْ يَاسِر ذَهَبَ الْقِدَاح بِوَفْرِهِ أَسِف تَأْكُلهُ الصَّدِيق مُخَلَّع يَعْنِي بِالْيَاسِرِ : الْمُقَامِر , وَقِيلَ لِلْقِمَارِ : مَيْسِر , وَكَانَ مُجَاهِد يَقُول نَحْو مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ . 3275 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : { يَسْأَلُونَك عَنْ الْخَمْر وَالْمَيْسِر } قَالَ : الْقِمَار , وَإِنَّمَا سُمِّيَ الْمَيْسِر لِقَوْلِهِمْ أَيْسِرُوا وَاجْزُرُوا , كَقَوْلِك ضَعْ كَذَا وَكَذَا . 3276 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ ثنا سُفْيَان , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : كُلّ الْقِمَار مِنْ الْمَيْسِر , حَتَّى لَعِب الصِّبْيَان بِالْجَوْزِ . 3277 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ عَبْد الْمَلِك بْن عُمَيْر , عَنْ أَبِي الْأَحْوَص , قَالَ : قَالَ عَبْد اللَّه : إيَّاكُمْ وَهَذْم الْكِعَاب الْمَوْسُومَة الَّتِي تَزْجُرُونَ بِهَا زَجْرًا فَإِنَّهُنَّ مِنْ الْمَيْسِر . 3278 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ عَبْد الْمَلِك بْن عُمَيْر , عَنْ أَبِي الْأَحْوَص , مِثْله . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن نَافِع , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ يَزِيد بْن أَبِي زِيَاد , عَنْ أَبِي الْأَحْوَص , عَنْ عَبْد اللَّه أَنَّهُ قَالَ : إيَّاكُمْ وَهَذِهِ الْكِعَاب الَّتِي تَزْجُرُونَ بِهَا زَجْرًا , فَإِنَّهَا مِنْ الْمَيْسِر . 3279 - حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن سَعِيد الْكِنْدِيّ , قَالَ : ثنا عَلِيّ بْن مُسْهِر , عَنْ عَاصِم , عَنْ مُحَمَّد بْن سِيرِينَ , قَالَ : الْقِمَار : مَيْسِر . * - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو عَامِر , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ عَاصِم الْأَحْوَل , عَنْ مُحَمَّد بْن سِيرِينَ , قَالَ : كُلّ شَيْء لَهُ خَطَر , أَوْ فِي خَطَر - أَبُو عَامِر شَكَّ - فَهُوَ مِنْ الْمَيْسِر . * - حَدَّثَنَا الْوَلِيد بْن شُجَاع أَبُو هَمَّام , قَالَ : ثنا عَلِيّ بْن مُسْهِر , عَنْ عَاصِم , عَنْ مُحَمَّد بْن سِيرِينَ , قَالَ : كُلّ قِمَار مَيْسِر حَتَّى اللَّعِب بِالنَّرْدِ عَلَى الْقِيَام وَالصِّيَاح وَالرِّيشَة يَجْعَلهَا الرَّجُل فِي رَأْسه . * - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ عَاصِم , عَنْ ابْن سِيرِينَ , قَالَ : كُلّ لَعِب فِيهِ قِمَار مِنْ شُرْب أَوْ صِيَاح أَوْ قِيَام فَهُوَ مِنْ الْمَيْسَر . 3280 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا خَالِد بْن الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْأَشْعَث , عَنْ الْحَسَن , أَنَّهُ قَالَ : الْمَيْسِر : الْقِمَار . 3281 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا الْمُعْتَمِر , عَنْ لَيْث , عَنْ طَاوُس وَعَطَاء قَالَا : كُلّ قِمَار فَهُوَ مِنْ الْمَيْسِر , حَتَّى لَعِب الصِّبْيَان بِالْكِعَابِ وَالْجَوْز . 3282 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حِكَام , عَنْ عَمْرو , عَنْ عَطَاء , عَنْ سَعِيد , قَالَ : الْمَيْسِر : الْقِمَار . 3283 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الْمَلِك بْن عُمَيْر , عَنْ أَبِي الْأَحْوَص , عَنْ عُبَيْد اللَّه قَالَ : إيَّاكُمْ وَهَاتَيْنِ الْكَعْبَتَيْنِ يَزْجُر بِهِمَا زَجْرًا فَإِنَّهُمَا مِنْ الْمَيْسِر . 3284 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , عَنْ ابْن عَرُوبَة , عَنْ قَتَادَة قَالَ : أَمَّا قَوْله وَالْمَيْسِر , فَهُوَ الْقِمَار كُلّه . 3285 - حَدَّثَنِي يُونُس بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْن عَبْد اللَّه بْن سَالِم , عَنْ عُبَيْد اللَّه بْن عُمَر أَنَّهُ سَمِعَ عُمَر بْن عُبَيْد اللَّه يَقُول لِلْقَاسِمِ بْن مُحَمَّد : النَّرْد : مَيْسِر , أَرَأَيْت الشِّطْرَنْج مَيْسِر هُوَ ؟ فَقَالَ الْقَاسِم : كُلّ مَا أَلْهَى عَنْ ذِكْر اللَّه وَعَنْ الصَّلَاة , فَهُوَ مَيْسِر . 3286 - حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن دَاوُد , قَالَ : قَالَ ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنَى مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَالَ : الْمَيْسِر : الْقِمَار , كَانَ الرَّجُل فِي الْجَاهِلِيَّة يُخَاطِر عَلَى أَهْله وَمَاله , فَأَيّهمَا قَمَرَ صَاحِبه ذَهَبَ بِأَهْلِهِ وَمَاله . 3287 - حَدَّثَنِي مُوسَى بْن هَارُونَ , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن حَمَّاد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , قَالَ : الْمَيْسِر الْقِمَار . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : الْمَيْسِر الْقِمَار . 3288 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ اللَّيْث , عَنْ مُجَاهِد وَسَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَا : الْمَيْسِر : الْقِمَار كُلّه , حَتَّى الْجَوْز الَّذِي يَلْعَب بِهِ الصِّبْيَان . 3289 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ الْفَضْل بْن خَالِد , قَالَ : سَمِعْت عُبَيْد بْن سُلَيْمَان يُحَدِّث عَنْ الضَّحَّاك قَوْله : الْمَيْسِر : قَالَ : الْقِمَار . * - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : الْمَيْسِر الْقِمَار . 3290 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إسْحَاق , قَالَ : ثنا أَبُو بَدْر شُجَاع بْن الْوَلِيد , قَالَ : ثنا مُوسَى بْن عُقْبَة , عَنْ نَافِع أَنَّ ابْن عُمَر كَانَ يَقُول : الْقِمَار مِنْ الْمَيْسِر . 3291 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ ابْن جُرَيْجٍ , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : الْمَيْسِر قِدَاح الْعَرَب , وَكِعَاب فَارِس , قَالَ : وَقَالَ ابْن جُرَيْجٍ , وَزَعَمَ عَطَاء بْن مَيْسَرَة أَنَّ الْمَيْسِر : الْقِمَار كُلّه . 3292 - حَدَّثَنَا ابْن الْبَرْقِيّ , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن أَبِي سَلَمَة , عَنْ سَعِيد بْن عَبْد الْعَزِيز , قَالَ : قَالَ مَكْحُول : الْمَيْسِر : الْقِمَار . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مُحَمَّد الذَّارِع , قَالَ : ثنا الْفَضْل بْن سُلَيْمَان وَشُجَاع بْن الْوَلِيد , عَنْ مُوسَى بْن عُقْبَة , عَنْ نَافِع , عَنْ ابْن عُمَر , قَالَ : الْمَيْسِر : الْقِمَار .

وَأَمَّا قَوْله : { قُلْ فِيهِمَا إثْم كَبِير } فَإِنَّهُ يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : قُلْ يَا مُحَمَّد لَهُمْ فِيهِمَا , يَعْنِي فِي الْخَمْر وَالْمَيْسِر إثْم كَبِير . فَالْإِثْم الْكَبِير الَّذِي فِيهِمَا مَا ذُكِرَ عَنْ السُّدِّيّ فِيمَا : 3293 - حَدَّثَنِي بِهِ مُوسَى بْن هَارُونَ , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن حَمَّاد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : أَمَا قَوْله : { فِيهِمَا إثْم كَبِير } فَإِثْم الْخَمْر أَنَّ الرَّجُل يَشْرَب فَيَسْكَر فَيُؤْذِي النَّاس . وَإِثْم الْمَيْسَر أَنْ يُقَامِر الرَّجُل فَيَمْنَع الْحَقّ وَيَظْلِم . 3294 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { قُلْ فِيهِمَا إثْم كَبِير } قَالَ : هَذَا أَوَّل مَا عِيبَتْ بِهِ الْخَمْر . 3295 - حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن دَاوُد , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ ابْن عَبَّاس قَوْله : { قُلْ فِيهِمَا إثْم كَبِير } يَعْنِي مَا يَنْقُص مِنْ الدِّين عِنْد مَنْ يَشْرَبهَا . وَاَلَّذِي هُوَ أَوْلَى بِتَأْوِيلِ الْآيَة , الْإِثْم الْكَبِير الَّذِي ذَكَرَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّهُ فِي الْخَمْر وَالْمَيْسِر , فِي الْخَمْر مَا

قَالَهُ السُّدِّيّ زَوَال عَقْل شَارِب الْخَمْر إذَا سَكِرَ مِنْ شُرْبه إيَّاهَا حَتَّى يَعْزُب عَنْهُ مَعْرِفَة رَبّه , وَذَلِكَ أَعْظَم الْآثَام , وَذَلِكَ مَعْنَى قَوْل ابْن عَبَّاس إنْ شَاءَ اللَّه . وَأَمَّا فِي الْمَيْسِر فَمَا فِيهِ مِنْ الشُّغْل بِهِ عَنْ ذِكْر اللَّه , وَعَنْ الصَّلَاة , وَوُقُوع الْعَدَاوَة وَالْبَغْضَاء بَيْن الْمُتَيَاسِرَيْنِ بِسَبَبِهِ , كَمَا وَصَفَ ذَلِكَ بِهِ رَبّنَا جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { إنَّمَا يُرِيد الشَّيْطَان أَنْ يُوقِع بَيْنكُمْ الْعَدَاوَة وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْر وَالْمَيْسِر وَيَصُدّكُمْ عَنْ ذِكْر اللَّه وَعَنْ الصَّلَاة } 5 91

وَأَمَّا قَوْله : { وَمَنَافِع لِلنَّاسِ } فَإِنَّ مَنَافِع الْخَمْر كَانَتْ أَثَمَانهَا قَبْل تَحْرِيمهَا , وَمَا يَصِلُونَ إلَيْهِ بِشُرْبِهَا مِنْ اللَّذَّة , كَمَا قَالَ الْأَعْشَى فِي صِفَتهَا . لَنَا مِنْ ضُحَاهَا خُبْث نَفْس وَكَأْبَة وَذِكْرَى هُمُوم مَا تَفُكّ أَذَاتهَا وَعِنْد الْعِشَاء طِيب نَفْس وَلَذَّة وَمَال كَثِير عِدَّة نَشَوَاتهَا وَكَمَا قَالَ حَسَّان : فَنَشْرَبهَا فَتَتْرُكنَا مُلُوكًا وَأُسْدًا مَا يُنَهْنِهنَا اللِّقَاء وَأَمَّا مَنَافِع الْمَيْسَر فَمَا مُصِيبُونَ فِيهِ مِنْ أَنْصِبَاء الْجَزُور , وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا يُيَاسِرُونَ عَلَى الْجَزُور , وَإِذَا أَفْلَجَ الرَّجُل مِنْهُمْ صَاحِبه نَحْره , ثُمَّ أَقْتَسَمُوا أَعْشَارًا عَلَى عَدَد الْقِدَاح , وَفِي ذَلِكَ يَقُول أَعْشَى بَنِي ثَعْلَبَة . وَجَزُور أَيَسَار دَعَوْت إلَى النَّدَى وَنِيَاط مُقْفِرَة أَخَاف ضَلَالهَا وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3296 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : الْمَنَافِع هَهُنَا مَا يُصِيبُونَ مَنْ الْجَزُور . 3297 - حَدَّثَنِي مُوسَى بْن هَارُونَ , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن حَمَّاد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط عَنْ السُّدِّيّ : أَمَّا مَنَافِعهمَا فَإِنَّ مَنْفَعَة الْخَمْر فِي لَذَّته وَثَمَنه , وَمَنْفَعَة الْمَيْسَر فِيمَا يُصَاب مِنْ الْقِمَار . 3298 - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام الرِّفَاعِيّ , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي زَائِدَة , عَنْ وَرْقَاء , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { قُلْ فِيهِمَا إثْم كَبِير وَمَنَافِع لِلنَّاسِ } قَالَ : مَنَافِعهمَا قَبْل أَنْ يُحْرِمَا . 3299 - حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن دَاوُد , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ ابْن عَبَّاس : { وَمَنَافِع لِلنَّاسِ } قَالَ : يَقُول فِيمَا يُصِيبُونَ مِنْ لَذَّتهَا وَفَرَحهَا إذَا شَرِبُوهَا . وَاخْتَلَفَ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَهُ مُعْظَم أَهْل الْمَدِينَة وَبَعْض الْكُوفِيِّينَ وَالْبَصْرِيِّينَ { قُلْ فِيهِمَا إثْم كَبِير } بِالْبَاءِ , بِمَعْنَى : قُلْ فِي شُرْب هَذِهِ وَالْقِمَار هَذَا كَبِير مِنْ الْآثَام . وَقَرَأَهُ آخَرُونَ مِنْ أَهْل الْمِصْرَيْنِ , الْبَصْرَة وَالْكُوفَة : " قُلْ فِيهِمَا إثْم كَبِير "

بِمَعْنَى الْكَثْرَة مِنْ الْآثَام , وَكَأَنَّهُمْ رَأَوْا أَنَّ الْإِثْم بِمَعْنَى الْآثَام , وَإِنْ كَانَ فِي اللَّفْظ وَاحِدًا فَوَصَفُوهُ بِمَعْنَاهُ مِنْ الْكَثْرَة . وَأَوْلَى الْقِرَاءَتَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قِرَاءَة مَنْ قَرَأَهُ بِالْبَاءِ { قُلْ فِيهِمَا إثْم كَبِير } لِإِجْمَاعِ جَمِيعهمْ عَلَى قَوْله : { وَإِثْمهمَا أَكْبَر مِنْ نَفْعهمَا } وَقِرَاءَته بِالْبَاءِ ; وَفِي ذَلِكَ دَلَالَة بَيِّنَة عَلَى أَنَّ الَّذِي وَصَفَ بِهِ الْإِثْم الْأَوَّل مِنْ ذَلِكَ هُوَ الْعِظَم وَالْكِبَر , لَا الْكَثْرَة فِي الْعَدَد . وَلَوْ كَانَ الَّذِي وَصَفَ بِهِ مَنْ ذَلِكَ الْكَثْرَة , لَقِيلَ وَإِثْمهمَا أَكْثَر مِنْ نَفْعهمَا .

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِثْمهمَا أَكْبَر مِنْ نَفْعهمَا } يَعْنِي بِذَلِكَ عَزَّ ذِكْره : وَالْإِثْم بِشُرْبِ هَذِهِ وَالْقِمَار هَذَا , أَعْظَم وَأَكْبَر مَضَرَّة عَلَيْهِمْ مِنْ النَّفْع الَّذِي يَتَنَاوَلُونَ بِهِمَا . وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , لِأَنَّهُمْ كَانُوا إذَا سَكِرُوا وَثَبَ بَعْضهمْ عَلَى بَعْض وَقَاتَلَ بَعْضهمْ بَعْضًا , وَإِذَا يَاسَرُوا وَقَعَ بَيْنهمْ فِيهِ بِسَبَبِهِ الشَّرّ , فَأَدَّاهُمْ ذَلِكَ إلَى مَا يَأْثَمُونَ بِهِ . وَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِي الْخَمْر قَبْل أَنْ يُصَرَّح بِتَحْرِيمِهَا , فَأَضَافَ الْإِثْم جَلَّ ثَنَاؤُهُ إلَيْهِمَا , وَإِنَّمَا الْإِثْم بِأَسْبَابِهِمَا , إذْ كَانَ عَنْ سَبَبهمَا يُحَدِّث . وَقَدْ قَالَ عَدَد مِنْ أَهْل التَّأْوِيل : مَعْنَى ذَلِكَ وَإِثْمهمَا بَعْد تَحْرِيمهمَا أَكْبَر مِنْ نَفْعهمَا قَبْل تَحْرِيمهمَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3300 - حَدَّثَنِي

مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ ابْن عَبَّاس : { وَإِثْمهمَا أَكْبَر مِنْ نَفْعهمَا } قَالَ : مَنَافِعهمَا قَبْل التَّحْرِيم , وَإِثْمهمَا بَعْدَمَا حُرِّمَا . 3301 - حُدِّثْت عَنْ عَمَّار , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ عَنْ الرَّبِيع : { وَمَنَافِع لِلنَّاسِ وَإِثْمهمَا أَكْبَر مِنْ نَفْعهمَا } يَنْزِل الْمَنَافِع قَبْل التَّحْرِيم , وَالْإِثْم بَعْد مَا حُرِّمَ . 3302 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ , قَالَ : أَخْبَرَنِي عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { وَإِثْمهمَا أَكْبَر مِنْ نَفْعهمَا } يَقُول : إثْمهمَا بَعْد التَّحْرِيم أَكْبَر مِنْ نَفْعهمَا قَبْل التَّحْرِيم . 3303 - حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن دَاوُد , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ ابْن عَبَّاس قَوْله : { وَإِثْمهمَا أَكْبَر مِنْ نَفْعهمَا } يَقُولهُ : مَا يَذْهَب مِنْ الدِّين وَالْإِثْم فِيهِ أَكْبَر مِمَّا يُصِيبُونَ فِي فَرَحهَا إذَا شَرِبُوهَا . وَإِنَّمَا اخْتَرْنَا مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ مِنْ التَّأْوِيل لِتَوَاتُرِ الْأَخْبَار وَتَظَاهُرهَا بِأَنَّ هَذِهِ نَزَلَتْ قَبْل تَحْرِيم الْخَمْر وَالْمَيْسِر , فَكَانَ مَعْلُومًا بِذَلِكَ أَنَّ الْإِثْم الَّذِي ذَكَرَ اللَّه فِي هَذِهِ الْآيَة فَأَضَافَهُ إلَيْهِمَا إنَّمَا عَنَى بِهِ الْإِثْم الَّذِي يُحَدِّث عَنْ أَسِبَابهمَا عَلَى مَا وَصَفْنَا , لَا الْإِثْم بَعْد التَّحْرِيم . ذِكْر الْأَخْبَار الدَّالَّة عَلَى مَا قُلْنَا مِنْ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ قَبْل تَحْرِيم الْخَمْر : 3304 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن إسْحَاق , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثنا قَيْس , عَنْ سَالِم , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ : { يَسْأَلُونَك عَنْ الْخَمْر وَالْمَيْسِر قُلْ فِيهَا إثْم كَبِير وَمَنَافِع لِلنَّاسِ } فَكَرِهَهَا قَوْم لِقَوْلِهِ : { فِيهَا إثْم كَبِير } وَشَرِبَهَا قَوْم لِقَوْلِهِ : { وَمَنَافِع لِلنَّاسِ } حَتَّى نَزَلَتْ : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاة وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ } 4 43 قَالَ : فَكَانُوا يَدْعُونَهَا فِي حِين الصَّلَاة وَيَشْرَبُونَهَا فِي غَيْر حِين الصَّلَاة , حَتَّى نَزَلَتْ : { إنَّمَا الْخَمْر وَالْمَيْسِر وَالْأَنْصَاب وَالْأَزْلَام رِجْس مِنْ عَمَل الشَّيْطَان فَاجْتَنِبُوهُ } 5 90 فَقَالَ عُمَر : ضَيْعَة لَك ! الْيَوْم قُرِنَتْ بِالْمَيْسِرِ . 3305 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن مَعْمَر , قَالَ : ثنا أَبُو عَامِر , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن أَبِي حُمَيْد , عَنْ أَبِي تَوْبَة الْمِصْرِيّ , قَالَ : سَمِعْت عَبْد اللَّه بْن عُمَر يَقُول : أَنَزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ فِي الْخَمْر ثَلَاثًا , فَكَانَ أَوَّل مَا أَنَزَلَ : { يَسْأَلُونَك عَنْ الْخَمْر وَالْمَيْسِر قُلْ فِيهِمَا إثْم كَبِير } الْآيَة , فَقَالُوا : يَا رَسُول اللَّه نَنْتَفِع بِهَا وَنَشْرَبهَا , كَمَا قَالَ اللَّه جَلَّ وَعَزَّ فِي كِتَابه . ثُمَّ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاة وَأَنْتُمْ سُكَارَى } 4 43 الْآيَة , قَالُوا : يَا رَسُول اللَّه لَا نَشْرَبهَا عِنْد قُرْب الصَّلَاة قَالَ : ثُمَّ نَزَلَتْ : { إنَّمَا الْخَمْر وَالْمَيْسِر وَالْأَنْصَاب وَالْأَزْلَام رِجْس مِنْ عَمَل الشَّيْطَان فَاجْتَنِبُوهُ } 5 90 الْآيَة , قَالَ : فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " حُرِّمَتْ الْخَمْر " . 3306 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , عَنْ يَزِيد النَّحْوِيّ , عَنْ عِكْرِمَة وَالْحَسَن قَالَا : قَالَ اللَّه : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاة وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ } 4 43 و { يَسْأَلُونَك عَنْ الْخَمْر وَالْمَيْسِر قُلْ فِيهِمَا إثْم كَبِير وَمَنَافِع لِلنَّاسِ وَإِثْمهمَا أَكْبَر مِنْ نَفْعهمَا } فَنَسَخَتْهَا الْآيَة الَّتِي فِي الْمَائِدَة , فَقَالَ : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إنَّمَا الْخَمْر وَالْمَيْسِر } 5 90 الْآيَة . 3307 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَهَّاب , قَالَ : ثنا عَوْف , عَنْ أَبِي القموص زَيْد بْن عَلِيّ , قَالَ : أَنَزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ فِي الْخَمْر ثَلَاث مَرَّات ; فَأَوَّل مَا أَنَزَلَ قَالَ اللَّه : { يَسْأَلُونَك عَنْ الْخَمْر وَالْمَيْسِر قُلْ فِيهِمَا إثْم كَبِير وَمَنَافِع لِلنَّاسِ وَإِثْمهمَا أَكْبَر مِنْ نَفْعهمَا } قَالَ : فَشَرِبَهَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ مَنْ شَاءَ اللَّه مِنْهُمْ عَلَى ذَلِكَ , حَتَّى شَرِبَ رَجُلَانِ , فَدَخَلَا فِي الصَّلَاة , فَجَعَلَا يَهْجُرَانِ كَلَامًا لَا يَدْرِي عَوْف مَا هُوَ , فَأَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ فِيهِمَا : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاة وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ } فَشَرِبَهَا مَنْ شَرِبَهَا مِنْهُمْ , وَجَعَلُوا يَتَّقُونَهَا عِنْد الصَّلَاة , حَتَّى شَرِبَهَا - فِيمَا زَعَمَ أَبُو الْقَمِيص - رَجُل , فَجَعَلَ يَنُوح عَلَى قَتْلَى بَدْر : تُحَيِّي بِالسِّلَامَةِ أُمّ عَمْرو وَهَلْ لَك بَعْد رَهْطك مِنْ سَلَام ذَرِينِي أَصْطَبِح بِكْرًا فَإِنِّي رَأَيْت الْمَوْت نَقَّبَ عَنْ هِشَام وَوَدَّ بَنُو الْمُغِيرَة لَوْ فَدَوْهُ بِأَلْفٍ مِنْ رِجَال أَوْ سَوَام كَأَيٍّ بِالطَّوِيِّ طَوِيّ بَدْر مِنْ الشِّيزَى يُكَلَّل بِالسَّنَامِ كَأَيٍّ بِالطَّوِيِّ طَوِيّ بَدْر مِنْ الْفِتْيَان وَالْحُلَل الْكِرَام قَالَ : فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَجَاءَ فَزِعًا يَجُرّ رِدَاءَهُ مِنْ الْفَزَع حَتَّى انْتَهَى إلَيْهِ , فَلَمَّا عَايَنَهُ الرَّجُل , فَرَفَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا كَانَ بِيَدِهِ لِيَضْرِبهُ , قَالَ : أَعُوذ بِاَللَّهِ مِنْ غَضَب اللَّه وَرَسُوله , وَاَللَّه لَا أَطْعَمهَا أَبَدًا ! فَأَنْزَلَ اللَّه تَحْرِيمهَا : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إنَّمَا الْخَمْر وَالْمَيْسِر وَالْأَنْصَاب وَالْأَزْلَام رِجْس } . . إلَى قَوْله : { فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ } 5 90 : 91 فَقَالَ عُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : انْتَهَيْنَا انْتَهَيْنَا . 3308 - حَدَّثَنَا سُفْيَان بْن وَكِيع , قَالَ : ثنا إسْحَاق الْأَزْرَق , عَنْ زَكَرِيَّا عَنْ سِمَاك , عَنْ الشَّعْبِيّ , قَالَ : نَزَلَتْ فِي الْخَمْر أَرْبَع آيَات : { يَسْأَلُونَك عَنْ الْخَمْر وَالْمَيْسِر قُلْ فِيهِمَا إثْم كَبِير وَمَنَافِع لِلنَّاسِ } فَتَرَكُوهَا , ثُمَّ نَزَلَتْ : { تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا } 16 67 فَشَرِبُوهَا . ثُمَّ نَزَلَتْ الْآيَتَانِ فِي الْمَائِدَة { إنَّمَا الْخَمْر وَالْمَيْسِر وَالْأَنْصَاب وَالْأَزْلَام } إلَى قَوْله : { فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ } 5 90 : 91 3309 - حَدَّثَنِي مُوسَى بْن هَارُونَ , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن حَمَّاد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , قَالَ : نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة : { يَسْأَلُونَك عَنْ الْخَمْر وَالْمَيْسِر } الْآيَة , فَلَمْ يَزَالُوا بِذَلِكَ يَشْرَبُونَهَا , حَتَّى صَنَعَ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْف طَعَامًا , فَدَعَا نَاسًا مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِمْ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب , فَقَرَأَ : { قُلْ يَا أَيّهَا الْكَافِرُونَ } وَلَمْ يَفْهَمهَا , فَأَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ يُشَدِّد فِي الْخَمْر : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاة وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ } 4 43 فَكَانَتْ لَهُمْ حَلَالًا , يَشْرَبُونَ مِنْ صَلَاة الْفَجْر حَتَّى يَرْتَفِع النَّهَار أَوْ يَنْتَصِف , فَيَقُومُونَ إلَى صَلَاة الظُّهْر وَهُمْ مُصْحُونَ , ثُمَّ لَا يَشْرَبُونَهَا حَتَّى يُصَلُّوا الْعَتَمَة وَهِيَ الْعِشَاء , ثُمَّ يَشْرَبُونَهَا حَتَّى يَنْتَصِف اللَّيْل وَيَنَامُونَ , ثُمَّ يَقُومُونَ إلَى صَلَاة الْفَجْر وَقَدْ صَحَوْا . فَلَمْ يَزَالُوا بِذَلِكَ يَشْرَبُونَهَا , حَتَّى صَنَعَ سَعْد بْن أَبِي وَقَّاص طَعَامًا فَدَعَا نَاسًا مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِمْ رَجُل مِنْ الْأَنْصَار , فَشَوَى لَهُمْ رَأْس بَعِير ثُمَّ دَعَاهُمْ عَلَيْهِ , فَلَمَّا أَكَلُوا وَشَرِبُوا مِنْ الْخَمْر سَكِرُوا وَأَخَذُوا فِي الْحَدِيث , فَتَكَلَّمَ سَعْد بِشَيْءٍ , فَغَضِبَ الْأَنْصَارِيّ , فَرَفَعَ لَحْي الْبَعِير فَكَسَرَ أَنْف سَعْد , فَأَنْزَلَ اللَّه نَسْخ الْخَمْر وَتَحْرِيمهَا وَقَالَ : { إنَّمَا الْخَمْر وَالْمَيْسِر وَالْأَنْصَاب وَالْأَزْلَام } إلَى قَوْله : { فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ } 5 90 : 91 3310 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , وَعَنْ رَجُل عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : { يَسْأَلُونَك عَنْ الْخَمْر وَالْمَيْسِر } قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة شَرِبَهَا بَعْض النَّاس وَتَرَكَهَا بَعْض , حَتَّى نَزَلَ تَحْرِيمهَا فِي سُورَة الْمَائِدَة . 3311 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { قُلْ فِيهِمَا إثْم كَبِير } قَالَ : هَذَا أَوَّل مَا عِيبَتْ بِهِ الْخَمْر . 3312 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن زُرَيْعٍ , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة قَوْله : { يَسْأَلُونَك عَنْ الْخَمْر وَالْمَيْسِر قُلْ فِيهِمَا إثْم كَبِير وَمَنَافِع لِلنَّاسِ } فَذَمَّهُمَا اللَّه وَلَمْ يُحَرِّمهُمَا لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَبْلُغ بِهِمَا مِنْ الْمُدَّة وَالْأَجَل , ثُمَّ أَنَزَلَ اللَّه فِي سُورَة النِّسَاء أَشَدّ مِنْهَا : { لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاة وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ } 4 43 فَكَانُوا يَشْرَبُونَهَا , حَتَّى إذَا حَضَرَتْ الصَّلَاة سَكَتُوا عَنْهَا , فَكَانَ السُّكْر عَلَيْهِمْ حَرَامًا . ثُمَّ أَنَزَلَ اللَّه جَلَّ وَعَزَّ فِي سُورَة الْمَائِدَة بَعْد غَزْوَة الْأَحْزَاب : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إنَّمَا الْخَمْر وَالْمَيْسِر } إلَى : { لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } 5 90 : 91 فَجَاءَ تَحْرِيمهَا فِي هَذِهِ الْآيَة قَلِيلهَا وَكَثِيرهَا , مَا أَسْكَرَ مِنْهَا وَمَا لَمْ يُسْكِر , وَلَيْسَ لِلْعَرَبِ يَوْمئِذٍ عَيْش أَعْجَب إلَيْهِمْ مِنْهَا . 3313 - وَحُدِّثْت عَنْ عَمَّار بْن الْحَسَن , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع قَوْله : { يَسْأَلُونَك عَنْ الْخَمْر وَالْمَيْسِر قُلْ فِيهِمَا إثْم كَبِير وَمَنَافِع لِلنَّاسِ وَإِثْمهمَا أَكْبَر مِنْ نَفْعهمَا } قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إنَّ رَبّكُمْ يُقَدِّم فِي تَحْرِيم الْخَمْر " , قَالَ : ثُمَّ نَزَلَتْ : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاة وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ } 4 43 قَالَ النَّبِيّ : وَإِنَّ رَبّكُمْ يُقَدِّم فِي تَحْرِيم الْخَمْر " , قَالَ : ثُمَّ نَزَلَتْ : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إنَّمَا الْخَمْر وَالْمَيْسِر وَالْأَنْصَاب وَالْأَزْلَام رِجْس مِنْ عَمَل الشَّيْطَان فَاجْتَنِبُوهُ } 5 90 فَحُرِّمَتْ الْخَمْر عِنْد ذَلِكَ . 3314 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد فِي قَوْله : { يَسْأَلُونَك عَنْ الْخَمْر وَالْمَيْسِر } الْآيَة كُلّهَا , قَالَ : نَسَخَتْ ثَلَاثَة فِي سُورَة الْمَائِدَة , وَبِالْحَدِّ الَّذِي حَدَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَضَرَبَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَضْرِبهُمْ بِذَلِكَ حَدًّا , وَلَكِنَّهُ كَانَ يَعْمَل فِي ذَلِكَ بِرَأْيِهِ , وَلَمْ يَكُنْ حَدًّا مُسَمًّى وَهُوَ حَدّ . وَقَرَأَ : { إنَّمَا الْخَمْر وَالْمَيْسِر } 5 90 الْآيَة .

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَيَسْأَلُونَك مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ الْعَفْو } يَعْنِي جَلَّ ذِكْره بِذَلِكَ : وَيَسْأَلك يَا مُحَمَّد أَصْحَابك : أَيّ شَيْء يُنْفِقُونَ مِنْ أَمْوَالهمْ فَيَتَصَدَّقُونَ بِهِ , فَقُلْ لَهُمْ يَا مُحَمَّد أَنْفِقُوا مِنْهَا الْعَفْو . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى : { الْعَفْو } فِي هَذَا الْمَوْضِع , فَقَالَ بَعْضهمْ . مَعْنَاهُ : الْفَضْل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3315 - حَدَّثَنَا عَمْرو بْن عَلِيّ الْبَاهِلِيّ , قَالَ : ثنا وَكِيع ح , وَحَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ ابْن أَبِي لَيْلَى , عَنْ الْحَكَم , عَنْ مُقْسِم ,


عَنْ ابْن عَبَّاس قَالَ : الْعَفْو : مَا فَضَلَ عَنْ هَلَك . 3316 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : قُلْ الْعَفْو : أَيْ الْفَضْل . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ , أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : هُوَ الْفَضْل . 3317 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الْمَلِك , عَنْ عَطَاء فِي قَوْله : الْعَفْو , قَالَ : الْفَضْل . 3318 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْن هَارُونَ , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن حَمَّاد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , قَالَ : الْعَفْو , يَقُول : الْفَضْل . 3319 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد فِي قَوْله : { وَيَسْأَلُونَك مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ الْعَفْو } قَالَ : كَانَ الْقَوْم يَعْمَلُونَ فِي كُلّ يَوْم بِمَا فِيهِ , فَإِنْ فَضَلَ ذَلِكَ الْيَوْم فَضْل عَنْ الْعِيَال قَدَّمُوهُ وَلَا يَتْرُكُونَ عِيَالهمْ جَوْعًا , وَيَتَصَدَّقُونَ بِهِ عَلَى النَّاس . 3320 - حَدَّثَنَا عَمْرو بْن عَلِيّ , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن زُرَيْعٍ , قَالَ : ثنا يُونُس , عَنْ الْحَسَن فِي قَوْله : { وَيَسْأَلُونَك مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ الْعَفْو } قَالَ : هُوَ الْفَضْل فَضْل الْمَال . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ مَا كَانَ عَفْوًا لَا يُبَيِّن عَلَى مَنْ أَنْفَقَهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3321 - حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن دَاوُد , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ , عَنْ ابْن عَبَّاس : { وَيَسْأَلُونَك مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ الْعَفْو } يَقُول : مَا لَا يَتَبَيَّن فِي أَمْوَالكُمْ . 3322 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ ابْن جُرَيْجٍ , عَنْ طَاوُس فِي قَوْل اللَّه جَلَّ وَعَزَّ : { وَيَسْأَلُونَك مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ الْعَفْو } قَالَ : الْيَسِير مِنْ كُلّ شَيْء . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : الْوَسَط مِنْ النَّفَقَة مَا لَمْ يَكُنْ إسْرَافًا وَلَا إقْتَارًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3323 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن بَزِيع , قَالَ : ثنا بِشْر بْن الْمُفَضَّل , عَنْ عَوْف , عَنْ الْحَسَن فِي قَوْله : { وَيَسْأَلُونَك مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ الْعَفْو } يَقُول : لَا تَجْهَد مَالِك حَتَّى يَنْفَد لِلنَّاسِ . 3324 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ ابْن جُرَيْجٍ , قَالَ : سَأَلْت عَطَاء , عَنْ قَوْله : { يَسْأَلُونَك مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ الْعَفْو } قَالَ : الْعَفْو فِي النَّفَقَة أَنْ لَا تَجْهَد مَالِك حَتَّى يَنْفَد , فَتَسْأَل النَّاس 3325 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا حَجَّاج عَنْ ابْن جُرَيْجٍ , قَالَ : سَأَلْت عَطَاء , عَنْ قَوْله { يَسْأَلُونَك مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ الْعَفْو } قَالَ : الْعَفْو : مَا لَمْ يُسْرِفُوا , وَلَمْ يَقْتُرُوا فِي الْحَقّ , قَالَ : وَقَالَ مُجَاهِد : الْعَفْو صَدَقَة عَنْ ظَهْر غِنًى . * - حَدَّثَنَا عَمْرو بْن عَلِيّ , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن سَعِيد , قَالَ : ثنا عَوْف , عَنْ الْحَسَن فِي قَوْله : { وَيَسْأَلُونَك مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ الْعَفْو } قَالَ : هُوَ أَنْ لَا تَجْهَد مَالِك . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ { قُلْ الْعَفْو } خُذْ مِنْهُمْ مَا أَتَوْك بِهِ مِنْ شَيْء قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3326 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ ابْن عَبَّاس : { وَيَسْأَلُونَك مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ الْعَفْو } يَقُول : مَا أَتَوْك بِهِ مِنْ شَيْء قَلِيل أَوْ كَثِير , فَاقْبَلْهُ مِنْهُمْ . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ مَا طَابَ مِنْ أَمْوَالكُمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3327 - حُدِّثْت عَنْ عَمَّار , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع قَوْله : { يَسْأَلُونَك مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ الْعَفْو } قَالَ : يَقُول الطَّيِّب مِنْهُ , يَقُول : أَفَضْل مَالِك وَأَطْيَبه . 3328 - حُدِّثْت عَنْ عَمَّار بْن الْحَسَن قَالَ : ثنا ابْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : كَانَ يَقُول : الْعَفْو : الْفَضْل . يَقُول أَفَضْل مَالِك . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ الصَّدَقَة الْمَفْرُوضَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3329 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ قَيْس بْن سَعْد , أَوْ عِيسَى عَنْ قَيْس , عَنْ مُجَاهِد - شَكَّ أَبُو عَاصِم - قَوْل اللَّه جَلَّ وَعَزَّ : { قُلْ الْعَفْو } قَالَ : الصَّدَقَة الْمَفْرُوضَة . وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَال بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَى الْعَفْو : الْفَضْل مِنْ مَال الرَّجُل عَنْ نَفْسه وَأَهْله فِي مَئُونَتهمْ وَمَا لَا بُدّ لَهُمْ مِنْهُ . وَذَلِكَ هُوَ الْفَضْل الَّذِي تَظَاهَرَتْ بِهِ الْأَخْبَار عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْإِذْنِ فِي الصَّدَقَة , وَصَدَقَته فِي وَجْه الْبِرّ . ذِكْر بَعْض الْأَخْبَار الَّتِي رُوِيَتْ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ : 3330 - حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن مُسْلِم , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ ابْن عَجْلَان , عَنْ الْمَقْبُرِيّ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , قَالَ : قَالَ رَجُل يَا رَسُول اللَّه عِنْدِي دِينَار ! قَالَ : " أَنْفِقْهُ عَلَى نَفْسك ؟ " قَالَ : عِنْدِي آخَر ! قَالَ : " أَنْفِقْهُ عَلَى أَهْلك ! " قَالَ : عِنْدِي آخَر ! قَالَ : " أَنْفِقْهُ عَلَى وَلَدك ! " قَالَ : عِنْدِي آخَر ! قَالَ : " فَأَنْت أَبْصَر " . 3331 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن مَعْمَر الْبَحْرَانِيّ , قَالَ : ثنا رَوْح بْن عُبَادَةَ , قَالَ : ثنا ابْن جُرَيْجٍ , قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْر أَنَّهُ سَمِعَ جَابِر بْن عَبْد اللَّه يَقُول : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إذَا كَانَ أَحَدكُمْ فَقِيرًا فَلْيَبْدَأْ بِنَفْسِهِ , فَإِنْ كَانَ لَا فَضْل فَلْيَبْدَأْ مَعَ نَفْسه بِمَنْ يَعُول , ثُمَّ إنْ وَجَدَ فَضْلًا بَعْد ذَلِكَ فَلْيَتَصَدَّقْ عَلَى غَيْرهمْ " . 3332 - حَدَّثَنَا عَمْرو بْن عَلِيّ , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن هَارُونَ , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن إسْحَاق , عَنْ عَاصِم , عَنْ عُمَر بْن قَتَادَة , عَنْ مَحْمُود بْن لَبِيد عَنْ جَابِر بْن عَبْد اللَّه , قَالَ : أَتَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُل بِبَيْضَةٍ مِنْ ذَهَب أَصَابَهَا فِي بَعْض الْمَعَادِن , فَقَالَ : يَا رَسُول اللَّه , خُذْ هَذِهِ مِنِّي صَدَقَة , فَوَاَللَّهِ مَا أَصْبَحْت أَمْلِك غَيْرهَا ! فَأَعْرَضَ عَنْهُ , فَأَتَاهُ مِنْ رُكْنه الْأَيْمَن , فَقَالَ لَهُ مِثْل ذَلِكَ , فَأَعْرَضَ عَنْهُ . ثُمَّ قَالَ لَهُ مِثْل ذَلِكَ فَأَعْرَضَ عَنْهُ . ثُمَّ قَالَ لَهُ مِثْل ذَلِكَ , فَقَالَ : " هَاتِهَا ! " مُغْضَبًا , فَأَخَذَهَا فَحَذَفَهُ بِهَا حَذْفَة لَوْ أَصَابَهُ شَجَّهُ أَوْ عَقَرَهُ , ثُمَّ قَالَ : " يَجِيء أَحَدكُمْ بِمَالِهِ كُلّه يَتَصَدَّق بِهِ وَيَجْلِس يَتَكَفَّف النَّاس ! إنَّمَا الصَّدَقَة عَنْ ظَهْر غِنًى " . 3333 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ إبْرَاهِيم الْمَخْرَمِيّ , قَالَ : سَمِعْت أَبَا الْأَحْوَص يُحَدِّث عَنْ عَبْد اللَّه , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : " ارْضَخْ مِنْ الْفَضْل , وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُول , وَلَا تُلَام عَلَى كَفَاف " . وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْأَخْبَار الَّتِي يَطُول بِاسْتِقْصَاءِ ذِكْرهَا الْكِتَاب . فَإِذَا كَانَ الَّذِي أَذِنَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُمَّتِهِ الصَّدَقَة مِنْ أَمْوَالهمْ بِالْفَضْلِ عَنْ حَاجَة الْمُتَصَدِّق الْفَضْل مِنْ ذَلِكَ , هُوَ الْعَفْو مِنْ مَال الرَّجُل ; إذْ كَانَ الْعَفْو فِي كَلَام الْعَرَب فِي الْمَال وَفِي كُلّ شَيْء هُوَ الزِّيَادَة وَالْكَثْرَة , وَمِنْ ذَلِكَ قَوْله جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { حَتَّى عَفَوْا } 7 95 بِمَعْنَى : زَادُوا عَلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ الْعَدَد وَكَثُرُوا , وَمِنْهُ قَوْل الشَّاعِر : وَلَكِنَّا يَعَضّ السَّيْف مِنَّا بِأَسْوُقِ عَافِيَات الشَّحْم كُوم يَعْنِي بِهِ كَثِيرَات الشُّحُوم . وَمِنْ ذَلِكَ قِيلَ لِلرَّجُلِ : خُذْ مَا عَفَا لَك مِنْ فُلَان , يُرَاد بِهِ : مَا فَضَلَ فَصَفَا لَك عَنْ جَهْده بِمَا لَمْ تُجْهِدهُ . كَانَ بَيِّنًا أَنَّ الَّذِي أَذِنَ اللَّه بِهِ فِي قَوْله { قُلْ الْعَفْو } لِعِبَادِهِ مِنْ النَّفَقَة , فَأَذِنَهُمْ بِإِنْفَاقِهِ إذَا أَرَادُوا إنْفَاقه هُوَ الَّذِي بَيَّنَ لِأُمَّتِهِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ : " خَيْر الصَّدَقَة مَا أَنْفَقْت عَنْ غِنًى " وَأَذِنَهُمْ بِهِ . فَإِنْ قَالَ لَنَا قَائِل : وَمَا تُنْكِر أَنْ يَكُون ذَلِكَ الْعَفْو هُوَ الصَّدَقَة الْمَفْرُوضَة ؟ قِيلَ : أَنْكَرْت ذَلِكَ لِقِيَامِ الْحُجَّة عَلَى أَنَّ مَنْ حَلَّتْ فِي مَاله الزَّكَاة الْمَفْرُوضَة , فَهَلَكَ جَمِيع مَاله إلَّا قَدْر الَّذِي لَزِمَ مَاله لِأَهْلِ سُهْمَان الصَّدَقَة , أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يُسَلِّمهُ إلَيْهِمْ , إذَا كَانَ هَلَاك مَاله بَعْد تَفْرِيطه فِي أَدَاء الْوَاجِب كَانَ لَهُمْ [ فِي ] مَاله إلَيْهِمْ , وَذَلِكَ لَا شَكَّ أَنَّهُ جُهْده إذَا سَلَّمَهُ إلَيْهِمْ لَا عَفْوه , وَفِي تَسْمِيَة اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ مَا عَلِمَ عِبَاده وَجْه إنْفَاقهمْ مِنْ أَمْوَالهمْ عَفْوًا , مَا يُبْطِل أَنْ يَكُون مُسْتَحِقًّا اسْم جَهْد فِي حَالَة , وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَبَيِّن فَسَاد قَوْل مَنْ زَعَمَ أَنَّ مَعْنَى الْعَفْو هُوَ مَا أَخَرَجَهُ رَبّ الْمَال إلَى إمَامه , فَأَعْطَاهُ كَائِنًا مَا كَانَ مِنْ قَلِيل مَاله وَكَثِيره , وَقَوْل مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ الصَّدَقَة الْمَفْرُوضَة . وَكَذَلِكَ أَيْضًا لَا وَجْه لِقَوْلِ مَنْ يَقُول : إنَّ مَعْنَاهُ مَا لَمْ يَتَبَيَّن فِي أَمْوَالكُمْ , لِأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا قَالَ لَهُ أَبُو لُبَابَة : إنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ أَنْخَلِع إلَى اللَّه وَرَسُوله مِنْ مَالِي صَدَقَة , قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَكْفِيك مِنْ ذَلِكَ الثُّلُث " وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنْ كَعْب بْن مَالِك أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ نَحْوًا مِنْ ذَلِكَ . وَالثُّلُث لَا شَكَّ أَنَّهُ بَيِّن فَقْده مِنْ مَال ذِي الْمَال , وَلَكِنَّهُ عِنْدِي كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَاَلَّذِينَ إذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْن ذَلِكَ قَوَامًا } 25 67 وَكَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لِمُحَمِّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { وَلَا تَجْعَل يَدك مَغْلُولَة إلَى عُنُقك وَلَا تَبْسُطهَا كُلّ الْبَسْط فَتَقْعُد مَلُومًا مَحْسُورًا } 17 29 وَذَلِكَ هُوَ مَا حَدَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا دُون ذَلِكَ عَلَى قَدْر الْمَال وَاحْتِمَاله . ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْل الْعِلْم فِي هَذِهِ الْآيَة : هَلْ هِيَ مَنْسُوخَة , أَمْ ثَابِتَة الْحُكْم عَلَى الْعِبَاد ؟ فَقَالَ بَعْضهمْ : هِيَ مَنْسُوخَة نَسَخَتْهَا الزَّكَاة الْمَفْرُوضَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3334 - حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن دَاوُد , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ ابْن عَبَّاس قَوْله : { يَسْأَلُونَك مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ الْعَفْو } قَالَ : كَانَ هَذَا قَبْل أَنْ تُفْرَض الصَّدَقَة . 3335 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ ابْن عَبَّاس : { يَسْأَلُونَك مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ الْعَفْو } قَالَ : لَمْ تُفْرَض فِيهِ فَرِيضَة مَعْلُومَة , ثُمَّ قَالَ : { خُذْ الْعَفْو وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِض عَنْ الْجَاهِلِينَ } 7 199 ثُمَّ نَزَلَتْ الْفَرَائِض بَعْد ذَلِكَ مُسَمَّاة . 3336 - حَدَّثَنِي مُوسَى بْن هَارُونَ , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن حَمَّاد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , قَوْله : { يَسْأَلُونَك مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ الْعَفْو } هَذِهِ نَسَخَتْهَا الزَّكَاة . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مُثْبَتَة الْحُكْم غَيْر مَنْسُوخه . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3337 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم . قَالَ : ثنا عِيسَى , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ قَيْس بْن سَعْد - أَوْ عِيسَى , عَنْ قَيْس . عَنْ مُجَاهِد ; شَكَّ أَبُو عَاصِم , قَالَ - قَالَ : الْعَفْو : الصَّدَقَة الْمَفْرُوضَة . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ مَا قَالَهُ ابْن عَبَّاس عَلَى مَا رَوَاهُ عَنْهُ عَطِيَّة مِنْ أَنَّ قَوْله : { قُلْ الْعَفْو } لَيْسَ بِإِيجَابِ فَرْض فُرِضَ مِنْ اللَّه حَقًّا فِي مَاله . وَلَكِنَّهُ إعْلَام مِنْهُ مَا يُرْضِيه مِنْ النَّفَقَة مِمَّا يَسْخَطهُ جَوَابًا مَعَهُ لِمَنْ سَأَلَ نَبِيّه مُحَمَّدًا عَمَّا فِيهِ لَهُ رِضًا , فَهُوَ أَدَب مِنْ اللَّه لِجَمِيعِ خَلْقه عَلَى مَا أَدَّبَهُمْ بِهِ فِي الصَّدَقَة غَيْر الْمَفْرُوضَات ثَابِت الْحُكْم غَيْر نَاسِخ لِحُكْمٍ كَانَ قَبْله بِخِلَافِهِ , وَلَا مَنْسُوخ بِحُكْمٍ حَدَثَ بَعْده , فَلَا يَنْبَغِي لَذِي وَرَع وَدِين أَنْ يَتَجَاوَز فِي صَدَقَات التَّطَوُّع وَهِبَاته وَعَطَايَا النَّفَل وَصَدَقَته مَا أَدَّبَهُمْ بِهِ نَبِيّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ : " إذَا كَانَ عِنْد أَحَدكُمْ فَضْل فَلْيَبْدَأْ بِنَفْسِهِ , ثُمَّ بِأَهْلِهِ , ثُمَّ بِوَلَدِهِ " ثُمَّ يَسْلُك حِينَئِذٍ فِي الْفَضْل مَسَالِكه الَّتِي تُرْضِي اللَّه وَيُحِبّهَا . وَذَلِكَ هُوَ الْقِوَام بَيْن الْإِسْرَاف وَالْإِقْتَار الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابه إنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى . وَيُقَال لِمَنْ زَعَمَ أَنَّ ذَلِكَ مَنْسُوخ : مَا الدَّلَالَة عَلَى نَسْخه ؟ وَقَدْ أَجْمَعَ الْجَمِيع لَا خِلَاف بَيْنهمْ عَلَى أَنَّ لِلرَّجُلِ أَنْ يُنْفِق مِنْ مَاله صَدَقَة وَهِبَة وَوَصِيَّة الثُّلُث . فَمَا الَّذِي دَلَّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مَنْسُوخ ؟ فَإِنْ زَعَمَ أَنَّهُ يَعْنِي بِقَوْلِهِ : إنَّهُ مَنْسُوخ أَنَّ إخْرَاج الْعَفْو مِنْ الْمَال غَيْر لَازِم فَرْضًا , وَأَنَّ فَرْض ذَلِكَ سَاقِط بِوُجُودِ الزَّكَاة فِي الْمَال ; قِيلَ لَهُ : وَمَا الدَّلِيل عَلَى أَنَّ إخْرَاج الْعَفْو كَانَ فَرْضًا , فَأَسْقَطَهُ فَرْض الزَّكَاة ؟ وَل
فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاء اللَّهُ لأعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌسورة البقرة الآية رقم 220
يَعْنِي بِقَوْلِ عَزَّ ذِكْره : { كَذَلِكَ يُبَيِّن اللَّه لَكُمْ الْآيَات } هَكَذَا يُبَيِّن أَيْ مَا بَيَّنْت لَكُمْ أَعْلَامِي وَحُجَجِي , وَهِيَ آيَاته فِي هَذِهِ السُّورَة , وَعَرَّفْتُكُمْ فِيهَا مَا فِيهِ خَلَاصكُمْ مِنْ عِقَابِي , وَبَيَّنْت لَكُمْ حُدُودِي وَفَرَائِضِي , وَنَبَّهْتُكُمْ فِيهَا عَلَى الْأَدِلَّة عَلَى وَحْدَانِيّتِي , ثُمَّ عَلَى حُجَج رَسُولِي إلَيْكُمْ , فَأَرْشَدْتُكُمْ إلَى ظُهُور الْهُدَى , فَكَذَلِكَ أُبَيِّن لَكُمْ فِي سَائِر كِتَابِي الَّذِي أَنْزَلْته عَلَى نَبِيِّي مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آيَاتِي وَحُجَجِي , وَأُوَضِّحهَا لَكُمْ لِتَتَفَكَّرُوا فِي وَعْدِي وَوَعِيدِي وَثَوَابِي وَعِقَابِي , فَتَخْتَارُوا طَاعَتِي الَّتِي تَنَالُونَ بِهَا ثَوَابِي فِي الدَّار الْآخِرَة , وَالْفَوْز بِنَعِيمِ الْأَبَد عَلَى الْقَلِيل مِنْ اللَّذَّات , وَالْيَسِير مِنْ الشَّهَوَات , بِرُكُوبِ مَعْصِيَتِي فِي الدُّنْيَا الْفَانِيَة الَّتِي مَنْ رَكِبَهَا , كَانَ مَعَاده إلَيَّ , وَمُصِيره إلَى مَا لَا قِبَل لَهُ بِهِ مِنْ عِقَابِي وَعَذَابِي . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3338 - حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن دَاوُد , قَالَ ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ , عَنْ ابْن عَبَّاس { كَذَلِكَ يُبَيِّن اللَّه لَكُمْ الْآيَات لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة } قَالَ : يَعْنِي فِي زَوَال الدُّنْيَا وَفَنَائِهَا , وَإِقْبَال الْآخِرَة وَبَقَائِهَا . 3339 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة فِي قَوْله : { لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة } يَقُول : لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة فَتَعْرِفُونَ فَضْل الْآخِرَة عَلَى الدُّنْيَا . 3340 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ ابْن جُرَيْجٍ قَالَ : قَوْله : { كَذَلِكَ يُبَيِّن اللَّه لَكُمْ الْآيَات لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة } قَالَ : أَمَّا الدُّنْيَا فَتَعْلَمُونَ أَنَّهَا دَار بَلَاء ثُمَّ فَنَاء , وَالْآخِرَة دَار جَزَاء ثُمَّ بَقَاء , فَتَتَفَكَّرُونَ , فَتَعْمَلُونَ لِلْبَاقِيَةِ مِنْهُمَا . قَالَ : وَسَمِعْت أَبَا عَاصِم يَذْكُر نَحْو هَذَا أَيْضًا . 3341 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة قَوْله : { كَذَلِكَ يُبَيِّن اللَّه لَكُمْ الْآيَات لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة } وَإِنَّهُ مَنْ تَفَكَّرَ فِيهِمَا عَرَفَ فَضْل إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى وَعَرَفَ أَنَّ الدُّنْيَا دَار بَلَاء ثُمَّ دَار فَنَاء , وَأَنَّ الْآخِرَة دَار جَزَاء ثُمَّ دَار بَقَاء , فَكُونُوا مِمَّنْ يَصْرِم حَاجَة

الدُّنْيَا لِحَاجَةِ الْآخِرَة .

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَيَسْأَلُونَك عَنْ الْيَتَامَى قُلْ إصْلَاح لَهُمْ خَيْر , وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانكُمْ } اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِيمَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة : فَقَالَ بَعْضهمْ نَزَلَتْ فِي الَّذِينَ عَزَلُوا أَمْوَال الْيَتَامَى حِين نَزَلَ قَوْله تَعَالَى { وَلَا تَقْرَبُوا مَال الْيَتِيم إلَّا بِاَلَّتِي هِيَ أَحْسَن } 6 152 . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ ] 3342 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن آدَم , عَنْ إسْرَائِيل , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ ابْن عَبَّاس قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ { وَلَا تَقْرَبُوا مَال الْيَتِيم إلَّا بِاَلَّتِي هِيَ أَحْسَن } 6 152 عَزَلُوا أَمْوَال الْيَتَامَى , فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَنَزَلَتْ : { وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانكُمْ } { وَلَوْ شَاءَ اللَّه لَأَعْنَتَكُمْ } فَخَالَطُوهُمْ . 3343 - حَدَّثَنَا سُفْيَان بْن وَكِيع , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ { وَلَا تَقْرَبُوا مَال الْيَتِيم إلَّا بِاَلَّتِي هِيَ أَحْسَن } 6 152 و { إنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَال الْيَتَامَى ظُلْمًا إنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونهمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا } 4 10 انْطَلَقَ مَنْ كَانَ عِنْده يَتِيم فَعَزَلَ طَعَامه مِنْ طَعَامه وَشَرَابه , فَجَعَلَ يُفَضِّل الشَّيْء مِنْ طَعَامه , فَيَحْبِس لَهُ حَتَّى يَأْكُلهُ أَوْ يَفْسُد . فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ , فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : { يَسْأَلُونَك عَنْ الْيَتَامَى قُلْ إصْلَاح لَهُمْ خَيْر وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانكُمْ } فَخَلَطُوا طَعَامهمْ بِطَعَامِهِمْ وَشَرَابهمْ بِشَرَابِهِمْ . 3344 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَمْرو , عَنْ عَطَاء , عَنْ سَعِيد , قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ : { وَلَا تَقْرَبُوا مَال الْيَتِيم إلَّا بِاَلَّتِي هِيَ أَحْسَن } 6 152 قَالَ : كُنَّا نَصْنَع لِلْيَتِيمِ طَعَامًا فَيَفْضُل مِنْهُ الشَّيْء , فَيَتْرُكُونَهُ حَتَّى يَفْسُد , فَأَنْزَلَ اللَّه : { وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانكُمْ } . 3345 - حَدَّثَنَا يَحْيَى

بْن دَاوُد الْوَاسِطِيَّ , قَالَ : ثنا أَبُو أُسَامَة , عَنْ ابْن أَبِي لَيْلَى , عَنْ الْحَكَم , قَالَ : سُئِلَ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي لَيْلَى عَنْ مَال الْيَتِيم , فَقَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ : { وَلَا تَقْرَبُوا مَال الْيَتِيم إلَّا بِاَلَّتِي هِيَ أَحْسَن } 6 152 اجْتَنَبْت مُخَالَطَتهمْ , وَاتَّقَوْا كُلّ شَيْء حَتَّى اتَّقَوْا الْمَاء , فَلَمَّا نَزَلَتْ { وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانكُمْ } قَالَ : فَخَالَطُوهُمْ . 3346 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة قَوْله : { وَيَسْأَلُونَك عَنْ الْيَتَامَى } الْآيَة كُلّهَا , قَالَ : كَانَ اللَّه أَنَزَلَ قَبْل ذَلِكَ فِي سُورَة بَنِي إسْرَائِيل : { وَلَا تَقْرَبُوا مَال الْيَتِيم إلَّا بِاَلَّتِي هِيَ أَحْسَن } 17 34 فَكَبَّرْت عَلَيْهِمْ , فَكَانُوا لَا يُخَالِطُونَهُمْ فِي مَأْكَل وَلَا فِي غَيْره . فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ , فَأَنْزَلَ اللَّه الرُّخْصَة , فَقَالَ : { وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانكُمْ } . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ : { وَلَا تَقْرَبُوا مَال الْيَتِيم إلَّا بِاَلَّتِي هِيَ أَحْسَن } 6 152 اعْتَزَلَ النَّاس الْيَتَامَى فَلَمْ يُخَالِطُوهُمْ فِي مَأْكَل وَلَا مَشْرَب وَلَا مَال , قَالَ : فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى النَّاس , فَسَأَلُوا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : { وَيَسْأَلُونَك عَنْ الْيَتَامَى قُلْ إصْلَاح لَهُمْ خَيْر وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانكُمْ } . 3347 - حُدِّثْت عَنْ عَمَّار قَالَ : ثنا ابْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع فِي قَوْله : { وَيَسْأَلُونَك عَنْ الْيَتَامَى قُلْ إصْلَاح لَهُمْ خَيْر وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ . . . } الْآيَة , قَالَ : فَذُكِرَ لَنَا وَاَللَّه أَعْلَم أَنَّهُ أُنْزِلَ فِي بَنِي إسْرَائِيل : { وَلَا تَقْرَبُوا مَال الْيَتِيم إلَّا بِاَلَّتِي هِيَ أَحْسَن حَتَّى يَبْلُغ أَشُدّهُ } 6 152 فَكَبَّرْت عَلَيْهِمْ , فَكَانُوا لَا يُخَالِطُونَهُمْ فِي طَعَام وَلَا شَرَاب وَلَا غَيْر ذَلِكَ . فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ , فَأَنْزَلَ اللَّه الرُّخْصَة فَقَالَ : { وَيَسْأَلُونَك عَنْ الْيَتَامَى قُلْ إصْلَاح لَهُمْ خَيْر وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانكُمْ } يَقُول : مُخَالَطَتهمْ فِي رُكُوب الدَّابَّة , وَشُرْب اللَّبَن , وَخِدْمَة الْخَادِم . يَقُول لِلْوَلِيِّ الَّذِي يَلِي أَمْرهمْ : فَلَا بَأْس عَلَيْهِ أَنْ يَرْكَب الدَّابَّة أَوْ يَشْرَب اللَّبَن , أَوْ يَخْدِمهُ الْخَادِم . وَقَالَ آخَرُونَ فِي ذَلِكَ بِمَا : 3348 - حَدَّثَنِي عَمْرو بْن عَلِيّ قَالَ : ثنا عِمْرَان بْن عُيَيْنَة , قَالَ : ثنا عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ ابْن عَبَّاس فِي قَوْله : { إنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَال الْيَتَامَى ظُلْمًا إنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونهمْ } 4 10 الْآيَة , قَالَ : كَانَ يَكُون فِي حِجْر الرَّجُل الْيَتِيم , فَيَعْزِل طَعَامه وَشَرَابه وَآنِيَته , فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ , فَأَنْزَلَ اللَّه : { وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانكُمْ وَاَللَّه يَعْلَم الْمُفْسِد مِنْ الْمُصْلِح } فَأَحَلَّ خَلْطهمْ . 3349 - حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِب , قَالَ : ثنا عِمْرَان بْن عُيَيْنَة , قَالَ : ثنا عَطَاء عَنْ الشَّعْبِيّ , قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة : { إنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَال الْيَتَامَى ظُلْمًا إنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونهمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا } 4 10 قَالَ : فَاجْتَنَبَ النَّاس الْأَيْتَام , فَجَعَلَ الرَّجُل يَعْزِل طَعَامه مِنْ طَعَامه وَمَاله مِنْ مَاله , وَشَرَابه مِنْ شَرَابه , قَالَ : فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى النَّاس , فَنَزَلَتْ : { وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانكُمْ وَاَللَّه يَعْلَم الْمُفْسِد مِنْ الْمُصْلِح } , قَالَ الشَّعْبِيّ : فَمَنْ خَالَطَ يَتِيمًا فَلْيَتَوَسَّعْ عَلَيْهِ , وَمِنْ خَالَطَهُ لِيَأْكُل مِنْ مَاله فَلَا يَفْعَل . * - حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن دَاوُد , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ ابْن عَبَّاس قَوْله : { وَيَسْأَلُونَك عَنْ الْيَتَامَى قُلْ إصْلَاح لَهُمْ خَيْر } وَذَلِكَ أَنَّ اللَّه لَمَّا أَنَزَلَ : { إنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَال الْيَتَامَى ظُلْمًا إنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونهمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا } 4 10 كَرِهَ الْمُسْلِمُونَ أَنْ يَضُمُّوا الْيَتَامَى , وَتَحَرَّجُوا أَنْ يُخَالِطُوهُمْ فِي شَيْء , فَسَأَلُوا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَنْزَلَ اللَّه : { قُلْ إصْلَاح لَهُمْ خَيْر وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانكُمْ } . 3350 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ ابْن جُرَيْجٍ , قَالَ , سَأَلْت عَطَاء بْن أَبِي رَبَاح عَنْ قَوْله : { وَيَسْأَلُونَك عَنْ الْيَتَامَى قُلْ إصْلَاح لَهُمْ خَيْر وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانكُمْ } قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ سُورَة النِّسَاء عَزَلَ النَّاس طَعَامهمْ , فَلَمْ يُخَالِطُوهُمْ . قَالَ : ثُمَّ جَاءُوا إلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا : إنَّا يَشُقّ عَلَيْنَا أَنْ نَعْزِل طَعَام الْيَتَامَى وَهُمْ يَأْكُلُونَ مَعَنَا ! فَنَزَلَتْ { وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانكُمْ } . قَالَ ابْن جُرَيْجٍ وَقَالَ مُجَاهِد : عَزَلُوا طَعَامهمْ عَنْ طَعَامهمْ , وَأَلْبَانهمْ عَنْ أَلْبَانهمْ , وَأُدُمهمْ عَنْ أُدُمهمْ , فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ , فَنَزَلَتْ : { وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانكُمْ } قَالَ : مُخَالَطَة الْيَتِيم فِي الْمَرَاعِي وَالْأُدُم , قَالَ ابْن جُرَيْجٍ : وَقَالَ ابْن عَبَّاس : الْأَلْبَان وَخِدْمَة الْخَادِم وَرُكُوب الدَّابَّة , قَالَ ابْن جُرَيْجٍ : وَفِي الْمَسَاكِن , قَالَ : وَالْمَسَاكِن يَوْمئِذٍ عَزِيزَة . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سِنَان , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن بْن الْحَسَن الْأَشْقَر , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو كُدَيْنَةَ , عَنْ عَطَاء , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ : { وَلَا تَقْرَبُوا مَال الْيَتِيم إلَّا بِاَلَّتِي هِيَ أَحْسَن } 6 152 و : { إنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَال الْيَتَامَى ظُلْمًا } 4 10 قَالَ : اجْتَنَبَ النَّاس مَال الْيَتِيم وَطَعَامه , حَتَّى كَانَ يَفْسُد إنْ كَانَ لَحْمًا أَوْ غَيْره , فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى النَّاس , فَشَكَوْا ذَلِكَ إلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَنْزَلَ اللَّه : { وَيَسْأَلُونَك عَنْ الْيَتَامَى قُلْ إصْلَاح لَهُمْ خَيْر } 3351 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ قَيْس بْن سَعْد - أَوْ عِيسَى , عَنْ قَيْس بْن سَعْد , شَكَّ أَبُو عَاصِم - عَنْ مُجَاهِد : { وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانكُمْ } قَالَ : مُخَالَطَة الْيَتِيم فِي الرَّعْي وَالْأُدُم . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ كَانَ اتِّقَاء مَال الْيَتِيم وَاجْتِنَابه مِنْ أَخْلَاق الْعَرَب , فَاسْتَفْتَوْا فِي ذَلِكَ لِمَشَقَّتِهِ عَلَيْهِمْ , فَأَفْتَوْا بِمَا بَيَّنَهُ اللَّه فِي كِتَابه . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3352 - حَدَّثَنِي مُوسَى بْن هَارُونَ , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن حَمَّاد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { وَيَسْأَلُونَك عَنْ الْيَتَامَى قُلْ إصْلَاح لَهُمْ خَيْر وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانكُمْ وَاَللَّه يَعْلَم الْمُفْسِد مِنْ الْمُصْلِح } قَالَ : كَانَتْ الْعَرَب يُشَدِّدُونَ فِي الْيَتِيم حَتَّى لَا يَأْكُلُوا مَعَهُ فِي قَصْعَة وَاحِدَة , وَلَا يَرْكَبُوا لَهُ بَعِيرًا , وَلَا يَسْتَخْدِمُوا لَهُ خَادِمًا , فَجَاءُوا إلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلُوهُ عَنْهُ , فَقَالَ : { قُلْ إصْلَاح لَهُمْ خَيْر } يُصْلِح لَهُ مَاله وَأَمْره لَهُ خَيْر , وَإِنْ يُخَالِطهُ فَيَأْكُل مَعَهُ وَيُطْعِمهُ , وَيَرْكَب رَاحِلَته وَيَحْمِلهُ , وَيَسْتَخْدِم خَادِمه وَيَخْدِمهُ , فَهُوَ أَجْوَد . { وَاَللَّه يَعْلَم الْمُفْسِد مِنْ الْمُصْلِح } . 3353 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثَنَى عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ ابْن عَبَّاس قَوْله : { وَيَسْأَلُونَك عَنْ الْيَتَامَى قُلْ إصْلَاح لَهُمْ خَيْر } إلَى : { إنَّ اللَّه عَزِيز حَكِيم } وَإِنَّ النَّاس كَانُوا إذَا كَانَ فِي حِجْر أَحَدهمْ الْيَتِيم جَعَلَ طَعَامه عَلَى نَاحِيَة وَلَبَنه عَلَى نَاحِيَة , مَخَافَة الْوِزْر . وَإِنَّهُ أَصَابَ الْمُؤْمِنِينَ الْجَهْد , فَلَمْ يَعْنِ عِنْدهمْ مَا يَجْعَلُونَ خَدَمًا لِلْيَتَامَى , فَقَالَ اللَّه : { قُلْ إصْلَاح لَهُمْ خَيْر وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ } إلَى آخِر الْآيَة . 3354 - حُدِّثْت عَنْ الْحَسَن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ , قَالَ : أَخْبَرَنَا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { وَيَسْأَلُونَك عَنْ النَّاس } كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّة يُعَظِّمُونَ شَأْن الْيَتِيم , فَلَا يَمَسُّونَ مِنْ أَمْوَالهمْ شَيْئًا , وَلَا يَرْكَبُونَ لَهُمْ دَابَّة , وَلَا يُطْعِمُونَ لَهُمْ طَعَامًا . فَأَصَابَهُمْ فِي الْإِسْلَام جَهْد شَدِيد , حَتَّى احْتَاجُوا إلَى أَمْوَال الْيَتَامَى , فَسَأَلُوا نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ شَأْن الْيَتَامَى , وَعَنْ مُخَالَطَتهمْ , فَأَنْزَلَ اللَّه : { وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانكُمْ } يَعْنِي بِالْمُخَالَطَةِ : رُكُوب الدَّابَّة , وَخِدْمَة الْخَادِم , وَشُرْب اللَّبَن . فَتَأْوِيل الْآيَة إذًا : وَيَسْأَلك يَا مُحَمَّد أَصْحَابك عَنْ مَال الْيَتَامَى , وَخَلْطهمْ أَمْوَالهمْ بِهِ فِي النَّفَقَة وَالْمُطَاعَمَة وَالْمُشَارَبَة وَالْمُسَاكَنَة وَالْخِدْمَة , فَقُلْ لَهُمْ : تَفَضُّلكُمْ عَلَيْهِمْ بِإِصْلَاحِكُمْ أَمْوَالهمْ مِنْ غَيْر مَرْزِئَة شَيْء مِنْ أَمْوَالهمْ , وَغَيْر أَخْذ عِوَض مِنْ أَمْوَالهمْ عَلَى إصْلَاحكُمْ ذَلِكَ لَهُمْ , خَيْر لَكُمْ عِنْد اللَّه , وَأَعْظَم لَكُمْ أَجْرًا , لِمَا لَكُمْ فِي ذَلِكَ مِنْ الْأَجْر وَالثَّوَاب , وَخَيْر لَهُمْ فِي أَمْوَالهمْ فِي عَاجِل دُنْيَاهُمْ , لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ تَوَفُّر أَمْوَالهمْ عَلَيْهِمْ . وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَتُشَارِكُوهُمْ بِأَمْوَالِكُمْ أَمْوَالهمْ فِي نَفَقَاتكُمْ وَمَطَاعِمكُمْ وَمَشَارِبكُمْ وَمَسَاكِنكُمْ , فَتَضْمَنُوا مِنْ أَمْوَالهمْ عِوَضًا مِنْ قِيَامكُمْ بِأُمُورِهِمْ وَأَسْبَابهمْ وَإِصْلَاح أَمْوَالهمْ , فَهُمْ إخْوَانكُمْ , وَالْإِخْوَان يُعِين بَعْضهمْ بَعْضًا , وَيَكْنُف بَعْضهمْ بَعْضًا ; فَذُو الْمَال يُعِين ذَا الْفَاقَة , وَذُو الْقُوَّة فِي الْجِسْم يُعِين ذَا الضَّعْف . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَأَنْتُمْ أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ وَأَيْتَامكُمْ كَذَلِكَ إنْ خَالَطْتُمُوهُمْ بِأَمْوَالِكُمْ , فَخَلَطْتُمْ طَعَامكُمْ بِطَعَامِهِمْ , وَشَرَابكُمْ بِشَرَابِهِمْ وَسَائِر أَمْوَالكُمْ بِأَمْوَالِهِمْ , فَأَصَبْتُمْ مِنْ أَمْوَالهمْ فَضْل مُرْفَق بِمَا كَانَ مِنْكُمْ مِنْ قِيَامكُمْ بِأَمْوَالِهِمْ وَوَلَائِهِمْ , وَمُعَانَاة أَسِبَابهمْ عَلَى النَّظَر مِنْكُمْ لَهُمْ نَظَر الْأَخ الشَّفِيق لِأَخِيهِ الْعَامِل فِيمَا بَيْنه وَبَيْنه بِمَا أَوَجَبَ اللَّه عَلَيْهِ وَأَلْزَمَهُ , فَذَلِكَ لَكُمْ حَلَال , لِأَنَّكُمْ إخْوَان بَعْضكُمْ لِبَعْضٍ . كَمَا : 3355 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد : { وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانكُمْ } قَالَ : قَدْ يُخَالِط الرَّجُل أَخَاهُ . 3356 - حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن حَازِم , قَالَ : ثنا أَبُو نُعَيْم , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ أَبِي مِسْكِين , عَنْ إبْرَاهِيم , قَالَ : إنِّي لَأَكْرَه أَنْ يَكُون مَال الْيَتِيم كَالْعُرَّةِ . 3357 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا وَكِيع , عَنْ هِشَام الدَّسْتُوَائِيّ , عَنْ حَمَّاد , عَنْ إبْرَاهِيم , عَنْ عَائِشَة , قَالَتْ : إنِّي لَأَكْرَه أَنْ يَكُون مَال الْيَتِيم عِنْدِي عُرَّة حَتَّى أَخْلِط طَعَامه بِطَعَامِي وَشَرَابه بِشَرَابِي . فَإِنْ قَالَ لَنَا قَائِل : وَكَيْفَ قَالَ { فَإِخْوَانكُمْ } فَرَفَعَ الْإِخْوَان , وَقَالَ فِي مَوْضِع آخَر : { فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا } 2 239 . قِيلَ : لِافْتِرَاقِ مَعْنَيَيْهِمَا , وَذَلِكَ أَنَّ أَيْتَام الْمُؤْمِنِينَ إخْوَان الْمُؤْمِنِينَ , خَالَطَهُمْ الْمُؤْمِنُونَ بِأَمْوَالِهِمْ أَوْ لَمْ يُخَالِطُوهُمْ . فَمَعْنَى الْكَلَام : وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَهُمْ إخْوَانكُمْ . وَالْإِخْوَان مَرْفُوعُونَ بِالْمَعْنَى الْمَتْرُوك ذِكْره وَهُوَ هُمْ لِدَلَالَةِ الْكَلَام عَلَيْهِ , وَأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِالْإِخْوَانِ الْخَبَر عَنْهُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إخْوَانًا مِنْ أَجْل مُخَالَطَة وُلَاتهمْ إيَّاهُمْ . وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْمُرَاد لَكَانَتْ الْقِرَاءَة نَصْبًا , وَكَانَ مَعْنَاهُ حِينَئِذٍ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَخَالِطُوا إخْوَانكُمْ , وَلَكِنَّهُ قُرِئَ رَفْعًا لَمَّا وُصِفَتْ مِنْ أَنَّهُمْ إخْوَان لِلْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ خَالَطُوهُمْ أَوْ لَمْ يُخَالِطُوهُمْ . وَأَمَّا قَوْله : { فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا } 2 239 فَنُصِبَ لِأَنَّهُمَا حَالَانِ لِلْفِعْلِ غَيْر دَائِبَيْنِ , وَلَا يَصْلُح مَعَهُمَا هُوَ , وَذَلِكَ أَنَّك لَوْ أَظْهَرْت هُوَ مَعَهُمَا لَاسْتَحَالَ الْكَلَام . أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ قَائِل : إنْ خِفْت مِنْ عَدُوّك أَنْ تُصَلِّي قَائِمًا , فَهُوَ رَاجِل أَوْ رَاكِب لَبَطَلَ الْمَعْنَى الْمُرَاد بِالْكَلَامِ ؟ وَذَلِكَ أَنَّ تَأْوِيل الْكَلَام : فَإِنْ خِفْتُمْ أَنْ تُصَلُّوا قِيَامًا مِنْ عَدُوّكُمْ , فَصَلُّوا رِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا ; وَلِذَلِكَ نَصَبَهُ إجْرَاء عَلَى مَا قَبْله مِنْ الْكَلَام كَمَا تَقُول فِي نَحْوه مِنْ الْكَلَام : إنْ لَبِسْت ثِيَابًا فَالْبَيَاض , فَتَنْصِبهُ لِأَنَّك تُرِيد إنْ لَبِسْت ثِيَابًا فَالْبَسْ الْبَيَاض , وَلَسْت تُرِيد الْخَبَر عَنْ أَنَّ جَمِيع مَا يُلْبَس مِنْ الثِّيَاب فَهُوَ الْبَيَاض , وَلَوْ أَرَدْت الْخَبَر عَنْ ذَلِكَ لَقُلْت : إنْ لَبِسْت ثِيَابًا فَالْبَيَاض رَفْعًا , إذْ كَانَ مَخْرَج الْكَلَام عَلَى وَجْه الْخَبَر مِنْك عَنْ اللَّابِس أَنَّ كُلّ مَا يُلْبَس مِنْ الثِّيَاب فَبَيَاض , لِأَنَّك تُرِيد حِينَئِذٍ : إنْ لَبِسْت ثِيَابًا فَهِيَ بَيَاض . فَإِنْ قَالَ : فَهَلْ يَجُوز النَّصْب فِي قَوْله : { فَإِخْوَانكُمْ } ؟ قِيلَ : جَائِز فِي الْعَرَبِيَّة , قَامَا فِي الْقِرَاءَة فَإِنَّمَا مَنَعْنَاهُ لِإِجْمَاعِ الْقُرَّاء عَلَى رَفْعه . وَأَمَّا فِي الْعَرَبِيَّة فَإِنَّمَا أَجَزْنَاهُ لِأَنَّهُ يُحْسِن مَعَهُ تَكْرِير مَا يَحْمِل فِي الَّذِي قَبْله مِنْ الْفِعْل فِيهِمَا : وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانكُمْ تُخَالِطُونَ ; فَيَكُون ذَلِكَ جَائِزًا فِي كَلَام الْعَرَب .

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاَللَّه يَعْلَم الْمُفْسِد مِنْ الْمُصْلِح } / يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِذَلِكَ : إنَّ رَبّكُمْ وَإِنْ أَذِنَ لَكُمْ فِي مُخَالَطَتكُمْ الْيَتَامَى عَلَى مَا أَذِنَ لَكُمْ بِهِ , فَاتَّقُوا اللَّه فِي أَنَفْسكُمْ أَنْ تُخَالِطُوهُمْ وَأَنْتُمْ تُرِيدُونَ أَكْل أَمْوَالهمْ بِالْبَاطِلِ , وَتَجْعَلُونَ مُخَالَطَتكُمْ إيَّاهُمْ ذَرِيعَة لَكُمْ إلَى إفْسَاد أَمْوَالهمْ , وَأَكْلهَا بِغَيْرِ حَقّهَا , فَتَسْتَوْجِبُوا بِذَلِكَ مِنْهُ الْعُقُوبَة الَّتِي لَا قَبْل لَكُمْ بِهَا , فَإِنَّهُ يَعْلَم مَنْ خَالَطَ مِنْكُمْ يَتِيمه , فَشَارِكْهُ فِي مَطْعَمه وَمَشْرَبه وَمَسْكَنه وَخَدَمه وَرُعَاته فِي حَال مُخَالَطَته إيَّاهُ مَا الَّذِي يَقْصِد بِمُخَالَطَتِهِ إيَّاهُ إفْسَاد مَاله , وَأَكَلَهُ بِالْبَاطِلِ , أَمْ إصْلَاحه وَتَثْمِيره , لِأَنَّهُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْهُ شَيْء , وَيَعْلَم أَيّكُمْ الْمُرِيد إصْلَاح مَاله , مِنْ الْمُرِيد إفْسَاده . كَمَا : 3358 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد فِي قَوْل اللَّه تَعَالَى ذِكْره : { وَاَللَّه يَعْلَم الْمُفْسِد مِنْ الْمُصْلِح } قَالَ : اللَّه يَعْلَم حِين تَخْلِط مَالَك بِمَالِهِ أَتُرِيدُ أَنْ تُصْلِح مَاله


أَوْ تُفْسِدهُ فَتَأْكُلهُ بِغَيْرِ حَقّ . 3359 - حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِب , قَالَ : ثنا أَشْعَث , عَنْ الشَّعْبِيّ : { وَاَللَّه يَعْلَم الْمُفْسِد مِنْ الْمُصْلِح } قَالَ الشَّعْبِيّ : فَمَنْ خَالَطَ يَتِيمًا فَلْيَتَوَسَّعْ عَلَيْهِ , وَمِنْ خَالَطَهُ لِيَأْكُل مَاله فَلَا يَفْعَل .

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَوْ شَاءَ اللَّه لَأَعْنَتَكُمْ } يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِذَلِكَ : وَلَوْ شَاءَ اللَّه لَحَرَّمَ مَا أَحَلَّهُ لَكُمْ مِنْ مُخَالَطَة أَيْتَامكُمْ بِأَمْوَالِكُمْ أَمْوَالهمْ , فَجَهَدَكُمْ ذَلِكَ وَشَقَّ عَلَيْكُمْ , وَلَمْ تَقْدِرُوا عَلَى الْقِيَام بِاللَّازِمِ لَكُمْ مِنْ حَقّ اللَّه تَعَالَى , وَالْوَاجِب عَلَيْكُمْ فِي ذَلِكَ مِنْ فَرْضه , وَلَكِنَّهُ رَخَّصَ لَكُمْ فِيهِ , وَسَهَّلَهُ عَلَيْكُمْ , رَحْمَة بِكُمْ وَرَأْفَة . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل قَوْله : { لَأَعْنَتَكُمْ } فَقَالَ بَعْضهمْ بِمَا : 3360 - حَدَّثَنِي بِهِ مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ قَيْس بْن سَعْد , أَوْ عِيسَى , عَنْ قَيْس بْن سَعْد , عَنْ مُجَاهِد - شَكَّ أَبُو عَاصِم - فِي قَوْل اللَّه تَعَالَى ذِكْره : { وَلَوْ شَاءَ اللَّه لَأَعْنَتَكُمْ } لَحَرَّمَ عَلَيْكُمْ الْمَرْعَى وَالْأُدُم . قَالَ أَبُو جَعْفَر : يَعْنِي بِذَلِكَ مُجَاهِد , رَعْي مَوَاشِي وَالِي الْيَتِيم مَعَ مَوَاشِي الْيَتِيم وَالْأَكْل مِنْ إدَامه , لِأَنَّهُ كَانَ يَتَأَوَّل فِي قَوْله : { وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانكُمْ } أَنَّهُ خُلْطَة الْوَلِيّ الْيَتِيم بِالرَّعْيِ وَالْأُدُم . 3361 - حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن دَاوُد , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ ابْن عَبَّاس : { وَلَوْ شَاءَ اللَّه لَأَعْنَتَكُمْ } يَقُول : وَلَوْ شَاءَ اللَّه لَأَخْرَجَكُمْ , فَضَيَّقَ عَلَيْكُمْ , وَلَكِنَّهُ وَسَّعَ وَيَسَّرَ , فَقَالَ : { وَمِنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمِنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ } 4 6 . 3362 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ , ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { وَلَوْ شَاءَ اللَّه لَأَعْنَتَكُمْ } يَقُول : لَجَهَدَكُمْ , فَلَمْ تَقُومُوا بِحَقٍّ وَلَمْ تُؤَدُّوا فَرِيضَة . 3363 - حُدِّثْت عَنْ عَمَّار , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ ,

عَنْ الرَّبِيع نَحْوه , إلَّا أَنَّهُ قَالَ : فَلَمْ تَعْمَلُوا بِحَقٍّ . 3364 - حَدَّثَنِي مُوسَى , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { وَلَوْ شَاءَ اللَّه لَأَعْنَتَكُمْ } لَشَدَّدَ عَلَيْكُمْ . 3365 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد فِي قَوْل اللَّه : { وَلَوْ شَاءَ اللَّه لَأَعْنَتَكُمْ } قَالَ : لَشَقَّ عَلَيْكُمْ فِي الْأَمْر , ذَلِكَ الْعَنَت . 3366 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مَنْصُور , عَنْ الْحَكَم , عَنْ مِقْسَم , عَنْ ابْن عَبَّاس قَوْله : { وَلَوْ شَاءَ اللَّه لَأَعْنَتَكُمْ } قَالَ : وَلَوْ شَاءَ اللَّه لَجَعَلَ مَا أَصَبْتُمْ مِنْ أَمْوَال وَهَذِهِ الْأَقْوَال الَّتِي ذَكَرْنَاهَا عَمَّنْ ذُكِرَتْ عَنْهُ , وَإِنْ اخْتَلَفَتْ أَلْفَاظ قَائِلِيهَا فِيهَا , فَإِنَّهَا الْيَتَامَى مُوبِقًا . وَهَذِهِ الْأَقْوَال الَّتِي ذَكَرْنَاهَا عَمَّنْ ذَكَرَتْ عَنْهُ , وَإِنْ اخْتَلَفَتْ أَلْفَاظ قَائِلِيهَا فِيهَا , فَإِنَّهَا مُتَقَارِبَات الْمَعَانِي ; لِأَنَّ مَنْ حُرِّمَ عَلَيْهِ شَيْء فَقَدْ ضُيِّقَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الشَّيْء , وَمِنْ ضُيِّقَ عَلَيْهِ فِي شَيْء , فَقَدْ أُحْرِجَ فِيهِ , وَمِنْ أُحْرِجَ فِي شَيْء أَوْ ضُيِّقَ عَلَيْهِ فِيهِ فَقَدْ جَهَدَ , وَكُلّ ذَلِكَ عَائِد إلَى الْمَعْنَى الَّذِي وَصَفْت مِنْ أَنَّ مَعْنَاهُ الشِّدَّة وَالْمَشَقَّة , وَلِذَلِكَ قِيلَ : عَنِتَ فُلَان : إذَا شَقَّ عَلَيْهِ وَجَهَدَهُ فَهُوَ يَعْنَت عَنَتًا , كَمَا قَالَ تَعَالَى ذِكْره : { عَزِيز عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ } 9 128 يَعْنِي مَا شَقَّ عَلَيْكُمْ وَآذَاكُمْ وَجَهَدَكُمْ , وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى ذِكْره : { ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَت مِنْكُمْ } 4 25 فَهَذَا إذَا عَنِتَ الْعَانِت , فَإِنْ صَيَّرَهُ غَيْره كَذَلِكَ قِيلَ : أَعْنَتَهُ فُلَان فِي كَذَا : إذَا جَهَدَهُ وَأَلْزَمَهُ أَمْرًا جَهَدَهُ الْقِيَام بِهِ يُعْنِتهُ إعْنَاتًا , فَكَذَلِكَ قَوْله : { لَأَعْنَتَكُمْ } مَعْنَاهُ : لَأَوْجَبَ لَكُمْ الْعَنَت بِتَحْرِيمِهِ عَلَيْكُمْ مَا يُجْهِدكُمْ وَيُحْرِجكُمْ مِمَّا لَا تُطِيقُونَ الْقِيَام بِاجْتِنَابِهِ وَأَدَاء الْوَاجِب لَهُ عَلَيْكُمْ فِيهِ . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : لَأَوْبَقَقُمْ وَأَهْلَكَكُمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3367 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا طَلْق بْن غَنَّام , عَنْ زَائِدَة , عَنْ مَنْصُور , عَنْ الْحَكَم , عَنْ مِقْسَم , عَنْ ابْن عَبَّاس قَالَ : قَرَأَ عَلَيْنَا : { وَلَوْ شَاءَ اللَّه لَأَعْنَتَكُمْ } قَالَ ابْن عَبَّاس : وَلَوْ شَاءَ اللَّه لَجَعَلَ مَا أَصَبْتُمْ مِنْ أَمْوَال الْيَتَامَى مُوبِقًا . * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن آدَم , عَنْ فُضَيْل وَجَرِير , عَنْ مَنْصُور , وَحَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مَنْصُور , عَنْ الْحَكَم , عَنْ مِقْسَم , عَنْ ابْن عَبَّاس : { وَلَوْ شَاءَ اللَّه لَأَعْنَتَكُمْ } قَالَ : لَجَعَلَ مَا أَصَبْتُمْ مَوْبِقًا .

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إنَّ اللَّه عَزِيز حَكِيم } يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِذَلِكَ : إنَّ اللَّه عَزِيز فِي سُلْطَانه لَا يَمْنَعهُ مَانِع مِمَّا أَحَلَّ بِكُمْ مِنْ عُقُوبَة , لَوْ أَعْنَتَكُمْ بِمَا يُجْهِدكُمْ الْقِيَام بِهِ مِنْ فَرَائِضه , فَقَصَّرْتُمْ فِي الْقِيَام بِهِ , وَلَا يَقْدِر دَافِع أَنْ يَدْفَعهُ عَنْ ذَلِكَ وَلَا عَنْ غَيْره مِمَّا يَفْعَلهُ بِكُمْ وَبِغَيْرِكُمْ مِنْ ذَلِكَ لَوْ فَعَلَهُ هُوَ , لَكِنَّهُ بِفَضْلِ رَحْمَته مَنَّ عَلَيْكُمْ بِتَرْكِ تَكْلِيفه إيَّاكُمْ ذَلِكَ , وَهُوَ حَكِيم فِي ذَلِكَ لَوْ فَعَلَهُ بِكُمْ , وَفِي غَيْره مِنْ أَحْكَامه وَتَدْبِيره لَا يَدْخُل أَفْعَاله خَلَل وَلَا نَقْص وَلَا وَهِيَ وَلَا عَيْب , لِأَنَّهُ فِعْل ذِي الْحِكْمَة الَّذِي لَا يَجْهَل عَوَاقِب الْأُمُور , فَيَدْخُل تَدْبِيره مَذَمَّة عَاقِبَة , كَمَا يَدْخُل ذَلِكَ أَفْعَال الْخَلْق لِجَهْلِهِمْ بِعَوَاقِب الْأُمُور , لِسُوءِ اخْتِيَارهمْ فِيهَا ابْتِدَاء

.
وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَسورة البقرة الآية رقم 221
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَات حَتَّى يُؤْمِن } اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي هَذِهِ الْآيَة : هَلْ نَزَلَتْ مُرَادًا بِهَا كُلّ مُشْرِكَة , أَمْ مُرَاد بِحُكْمِهَا بَعْض الْمُشْرِكَات دُون بَعْض ؟ وَهَلْ نُسِخَ مِنْهَا بَعْد وُجُوب الْحُكْم بِهَا شَيْء أَمْ لَا ؟ فَقَالَ بَعْضهمْ : نَزَلَتْ مُرَادًا بِهَا تَحْرِيم نِكَاح كُلّ مُشْرِكَة عَلَى كُلّ مُسْلِم مِنْ أَيّ أَجْنَاس الشِّرْك كَانَتْ عَابِدَة وَثَن أَوْ كَانَتْ يَهُودِيَّة أَوْ نَصْرَانِيَّة أَوْ مَجُوسِيَّة أَوْ مِنْ غَيْرهمْ مِنْ أَصْنَاف الشِّرْك , ثُمَّ نُسِخَ تَحْرِيم نِكَاح أَهْل الْكِتَاب بِقَوْلِهِ : { يَسْأَلُونَك مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمْ الطَّيِّبَات } إلَى . { وَطَعَام الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب حِلّ لَكُمْ وَطَعَامكُمْ حِلّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَات مِنْ الْمُؤْمِنَات وَالْمُحْصَنَات مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب مِنْ قَبْلكُمْ } 5 4 : 5 . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3368 - حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن وَاقِد , قَالَ : ثني عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ ابْن عَبَّاس قَوْله : { وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَات حَتَّى يُؤْمِن } ثُمَّ اسْتَثْنَى نِسَاء أَهْل الْكِتَاب فَقَالَ : { وَالْمُؤْمِنَات مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب } حِلّ لَكُمْ { إذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورهنَّ } 5 5 . 3369 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن وَاضِح , عَنْ الْحُسَيْن بْن وَاقِد , عَنْ يَزِيد النَّحْوِيّ , عَنْ عِكْرِمَة وَالْحَسَن الْبَصْرِيّ , قَالَا : { وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَات حَتَّى يُؤْمِن } فَنُسِخَ مَنْ ذَلِكَ نِسَاء أَهْل الْكِتَاب أَحَلَّهُنَّ لِلْمُسْلِمِينَ . 3370 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم ,

عَنْ عِيسَى , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْل اللَّه : { وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَات حَتَّى يُؤْمِن } قَالَ : نِسَاء أَهْل مَكَّة وَمِنْ سِوَاهُنَّ مِنْ الْمُشْرِكِينَ , ثُمَّ أَحَلَّ مِنْهُنَّ نِسَاء أَهْل الْكِتَاب . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ ابْن جُرَيْجٍ , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 3371 - حُدِّثْنَا عَنْ عَمَّار , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع قَوْله : { وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَات } إلَى قَوْله : { لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } قَالَ : حَرَّمَ اللَّه الْمُشْرِكَات فِي هَذِهِ الْآيَة , ثُمَّ أَنَزَلَ فِي سُورَة الْمَائِدَة , فَاسْتَثْنَى نِسَاء أَهْل الْكِتَاب , فَقَالَ : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب مِنْ قَبْلكُمْ إذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورهنَّ } 5 5 . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَة مُرَادًا بِحُكْمِهَا مُشْرِكَات الْعَرَب لَمْ يُنْسَخ مِنْهَا شَيْء وَلَمْ يَسْتَثْنِ , إنَّمَا هِيَ آيَة عَامّ ظَاهِرهَا خَاصّ تَأْوِيلهَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3372 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن زُرَيْعٍ , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة قَوْله : { وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَات حَتَّى يُؤْمِن } يَعْنِي مُشْرِكَات الْعَرَب اللَّاتِي لَيْسَ لَهُنَّ كِتَاب يَقْرَأْنَهُ . 3373 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة قَوْله : { وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَات حَتَّى يُؤْمِن } قَالَ : الْمُشْرِكَات مَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْل الْكِتَاب ; وَقَدْ تَزَوَّجَ حُذَيْفَة يَهُودِيَّة أَوْ نَصْرَانِيَّة . * - حُدِّثْت عَنْ عَمَّار , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ قَتَادَة فِي قَوْله : { وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَات حَتَّى يُؤْمِن } يَعْنِي مُشْرِكَات الْعَرَب اللَّاتِي لَيْسَ لَهُنَّ كِتَاب يَقْرَأْنَهُ . 3374 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا وَكِيع , عَنْ سُفْيَان , عَنْ حَمَّاد , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر قَوْله : { وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَات حَتَّى يُؤْمِن } قَالَ : مُشْرِكَات أَهْل الْأَوْثَان . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَة مُرَادًا بِهَا كُلّ مُشْرِكَة مِنْ أَيّ أَصْنَاف الشِّرْك كَانَتْ غَيْر مَخْصُوص مِنْهَا مُشْرِكَة دُون مُشْرِكَة , وَثَنِيَّة كَانَتْ أَوْ مَجُوسِيَّة أَوْ كِتَابِيَّة , وَلَا نُسِخَ مِنْهَا شَيْء . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3375 - حَدَّثَنَا عُبَيْد بْن آدَم بْن أَبِي إيَاس الْعَسْقَلَانِيّ , قَالَ : ثنا أَبِي , قَالَ : ثنا عَبْد الْحَمِيد بْن بَهْرَام الْفَزَارِيّ , قَالَ : ثنا شَهْر بْن حَوْشَبٍ , قَالَ : سَمِعْت عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس , يَقُول : نَهَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَصْنَاف النِّسَاء إلَّا مَا كَانَ مِنْ الْمُؤْمِنَات الْمُهَاجِرَات , وَحَرَّمَ كُلّ ذَات دِين غَيْر الْإِسْلَام , وَقَالَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره : { وَمِنْ يَكْفُر بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَله } . 5 5 وَقَدْ نَكَحَ طَلْحَة بْن عُبَيْد اللَّه يَهُودِيَّة , وَنَكَحَ حُذَيْفَة بْن الْيَمَان نَصْرَانِيَّة فَغَضِبَ عُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ غَضَبًا شَدِيدًا حَتَّى هَمَّ بِأَنْ يَسْطُو عَلَيْهِمَا , فَقَالَا : نَحْنُ نُطَلِّق يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ وَلَا تَغْضَب , فَقَالَ : لَئِنْ حَلَّ طَلَاقهنَّ , لَقَدْ حَلَّ نِكَاحهنَّ , وَلَكِنْ أَنْتَزِعهُنَّ مِنْكُمْ صَغَرَة قِمَاء . وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَال بِتَأْوِيلِ الْآيَة مَا قَالَهُ قَتَادَة مِنْ أَنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره عَنَى بِقَوْلِهِ : { وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَات حَتَّى يُؤْمِن } مَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْل الْكِتَاب مِنْ الْمُشْرِكَات , وَأَنَّ الْآيَة عَامّ ظَاهِرهَا خَاصّ بَاطِنهَا لَمْ يُنْسَخ مِنْهَا شَيْء , وَأَنَّ نِسَاء أَهْل الْكِتَاب غَيْر دَاخِلَات فِيهَا . وَذَلِكَ أَنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره أَحَلَّ بِقَوْلِهِ : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب مِنْ قَبْلكُمْ } لِلْمُؤْمِنِينَ مِنْ نِكَاح مُحْصَنَاتهنَّ , مِثْل الَّذِي أَبَاحَ لَهُمْ مِنْ نِسَاء الْمُؤْمِنَات . وَقَدْ بَيَّنَّا فِي غَيْر هَذَا الْمَوْضِع مِنْ كِتَابنَا هَذَا , وَفِي كِتَابنَا " كِتَاب اللَّطِيف مِنْ الْبَيَان " أَنَّ كُلّ آيَتَيْنِ أَوْ خَبَرَيْنِ كَانَ أَحَدهمَا نَافِيًا حُكْم الْآخَر فِي فِطْرَة الْعَقْل , فَغَيْر جَائِز أَنْ يَقْضِي عَلَى أَحَدهمَا بِأَنَّهُ نَاسِخ حُكْم الْآخَر إلَّا بِحُجَّةٍ مِنْ خَبَر قَاطِع لِلْعُذْرِ مَجِيئُهُ , وَذَلِكَ غَيْر مَوْجُود أَنَّ قَوْله : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب } 5 5 نَاسِخ مَا كَانَ قَدْ وَجَبَ تَحْرِيمه مِنْ النِّسَاء بِقَوْلِهِ : { وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَات حَتَّى يُؤْمِن } . فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مَوْجُودًا كَذَلِكَ , فَقَوْل الْقَائِل : " هَذِهِ نَاسِخَة هَذِهِ " دَعْوَى لَا بُرْهَان لَهُ عَلَيْهَا , وَالْمُدَّعِي دَعْوَى لَا بُرْهَان لَهُ عَلَيْهَا مُتَحَكِّم , وَالتَّحَكُّم لَا يَعْجِز عَنْهُ أَحَد . وَأَمَّا الْقَوْل الَّذِي رُوِيَ عَنْ شَهْر بْن حَوْشَبٍ , عَنْ ابْن عَبَّاس , عَنْ عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ مِنْ تَفْرِيقه بَيْن طَلْحَة وَحُذَيْفَة وَامْرَأَتَيْهِمَا اللَّتَيْنِ كَانَتَا كِتَابِيَّتَيْنِ , فَقَوْل لَا مَعْنًى لَهُ لِخِلَافِهِ مَا الْأُمَّة مُجْتَمِعَة عَلَى تَحْلِيله بِكِتَابِ اللَّه تَعَالَى ذِكْره , وَخَبَر رَسُوله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ مِنْ الْقَوْل خِلَاف ذَلِكَ بِإِسْنَادٍ هُوَ أَصَحّ مِنْهُ , وَهُوَ مَا : 3376 - حَدَّثَنِي بِهِ مُوسَى بْن عَبْد الرَّحْمَن الْمَسْرُوقِيَّ , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن بِشْر , قَالَ : ثنا سُفْيَان بْن سَعِيد , عَنْ يَزِيد بْن أَبِي زِيَاد , عَنْ زَيْد بْن وَهْب , قَالَ : قَالَ عُمَر : الْمُسْلِم يَتَزَوَّج النَّصْرَانِيَّة , وَلَا يَتَزَوَّج النَّصْرَانِيّ الْمُسْلِمَة . وَإِنَّمَا كَرِهَ عُمَر لِطَلْحَةِ وَحُذَيْفَة رَحِمَهُ اللَّه عَلَيْهِمْ نِكَاح الْيَهُودِيَّة وَالنَّصْرَانِيَّة , حَذَرًا مِنْ أَنْ يَقْتَدِي بِهِمَا النَّاس فِي ذَلِكَ فَيَزْهَدُوا فِي الْمُسْلِمَات , أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمَعَانِي , فَأَمَرَهُمَا بِتَخْلِيَتِهِمَا . كَمَا : 3377 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا ابْن إدْرِيس , قَالَ : ثنا الصَّلْت بْن بَهْرَام , عَنْ شَقِيق , قَالَ : تَزَوَّجَ حُذَيْفَة يَهُودِيَّة , فَكَتَبَ إلَيْهِ عُمَر : خَلِّ سَبِيلهَا , فَكَتَبَ إلَيْهِ : أَتَزْعُمُ أَنَّهَا حَرَام فَأُخَلِّي سَبِيلهَا ؟ فَقَالَ : لَا أَزْعُم أَنَّهَا حَرَام , وَلَكِنْ أَخَاف أَنْ تَعَاطَوْا الْمُومِسَات مِنْهُنَّ . 3378 - وَقَدْ حَدَّثَنَا تَمِيم بْن الْمُنْتَصِر , قَالَ : أَخْبَرَنَا إسْحَاق الْأَزْرَق , عَنْ شَرِيك , عَنْ أَشْعَث بْن سَوَّار , عَنْ الْحَسَن , عَنْ جَابِر بْن عَبْد اللَّه , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " نَتَزَوَّج نِسَاء أَهْل الْكِتَاب وَلَا يَتَزَوَّجُونَ نِسَاءَنَا " . فَهَذَا الْخَبَر وَإِنْ كَانَ فِي إسْنَاده مَا فِيهِ , فَالْقَوْل بِهِ لِإِجْمَاعِ الْجَمِيع عَلَى صِحَّة الْقَوْل بِهِ أَوْلَى مِنْ خَبَر عَبْد الْحَمِيد بْن بَهْرَام , عَنْ شَهْر بْن حَوْشَبٍ . فَمَعْنَى الْكَلَام إذًا : وَلَا تَنْكِحُوا أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ مُشْرِكَات غَيْر أَهْل الْكِتَاب حَتَّى يُؤْمِن , فَيُصَدِّقْنَ بِاَللَّهِ وَرَسُوله , وَمَا أَنَزَلَ عَلَيْهِ .

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَأَمَة مُؤْمِنَة خَيْر مِنْ مُشْرِكَة } يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ : { وَلَأَمَة مُؤْمِنَة } بِاَللَّهِ وَبِرَسُولِهِ , وَبِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ

عِنْد اللَّه خَيْر عِنْد اللَّه , وَأَفْضَل مِنْ حُرَّة مُشْرِكَة كَافِرَة وَإِنْ شَرُفَ نَسَبهَا وَكَرُمَ أَصْلهَا . يَقُول : وَلَا تَبْتَغُوا الْمَنَاكِح فِي ذَوَات الشَّرَف مِنْ أَهْل الشِّرْك بِاَللَّهِ , فَإِنَّ الْإِمَاء الْمُسْلِمَات عِنْد اللَّه خَيْر مَنْكَحًا مِنْهُنَّ . وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ فِي رَجُل نَكَحَ أَمَة , فَعَذَلَ فِي ذَلِكَ وَعُرِضَتْ عَلَيْهِ حُرَّة مُشْرِكَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3379 - حَدَّثَنِي مُوسَى بْن هَارُونَ , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن حَمَّاد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَات حَتَّى يُؤْمِن وَلَأَمَة مُؤْمِنَة خَيْر مِنْ مُشْرِكَة وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ } قَالَ : نَزَلَتْ فِي عَبْد اللَّه بْن رَوَاحَة , وَكَانَتْ لَهُ أَمَة سَوْدَاء , وَأَنَّهُ غَضِبَ عَلَيْهَا فَلَطَمَهَا ثُمَّ فَزِعَ , فَأَتَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ بِخَبَرِهَا , فَقَالَ لَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَا هِيَ يَا عَبْد اللَّه ؟ " قَالَ : يَا رَسُول اللَّه هِيَ تَصُوم وَتُصَلِّي وَتُحْسِن الْوُضُوء , وَتَشْهَد أَنْ لَا إلَه إلَّا اللَّه , وَأَنَّك رَسُول اللَّه . فَقَالَ : " هَذِهِ مُؤْمِنَة " فَقَالَ عَبْد اللَّه : فَوَاَلَّذِي بَعَثَك بِالْحَقِّ لَأُعْتِقَنهَا وَلَأَتَزَوَّجَنهَا ! فَفَعَلَ , فَطَعَنَ عَلَيْهِ نَاس مِنْ الْمُسْلِمِينَ , فَقَالُوا : تَزَوَّجَ أَمَة . وَكَانُوا يُرِيدُونَ أَنْ يُنْكَحُوا إلَى الْمُشْرِكِينَ , وَيَنْكِحُوهُمْ رَغْبَة فِي أَحْسَابهمْ . فَأَنْزَلَ اللَّه فِيهِمْ : { وَلَأَمَة مُؤْمِنَة خَيْر مِنْ مُشْرِكَة } وَعَبْد مُؤْمِن خَيْر مِنْ مُشْرِك . 3380 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني الْحَجَّاج , قَالَ : قَالَ ابْن جُرَيْجٍ فِي قَوْله : { وَلَا تَنْكِحُوا إلَى الْمُشْرِكَات حَتَّى يُؤْمِن } قَالَ : الْمُشْرِكَات لِشَرَفِهِنَّ حَتَّى يُؤْمِن .

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ } يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِذَلِكَ : وَإِنْ أَعْجَبَتْكُمْ الْمُشْرِكَة مِنْ غَيْر أَهْل الْكِتَاب فِي الْجَمَال وَالْحَسَب وَالْمَال فَلَا تَنْكِحُوهَا , فَإِنَّ الْأَمَة الْمُؤْمِنَة خَيْر عِنْد اللَّه مِنْهَا وَإِنَّمَا وُضِعَتْ " لَوْ " مَوْضِع " إنْ " لِتَقَارُبِ مَخْرَجَيْهِمَا وَمَعْنَيَيْهِمَا , وَلِذَلِكَ تُجَاب كُلّ

وَاحِدَة مِنْهُمَا بِجَوَابِ صَاحِبَتهَا عَلَى مَا قَدْ بَيَّنَّا فِيمَا مَضَى قَبْل .

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْد مُؤْمِن خَيْر مِنْ مُشْرِك وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ } يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِذَلِكَ : أَنَّ اللَّه قَدْ حَرَّمَ عَلَى الْمُؤْمِنَات أَنْ يَنْكِحْنَ مُشْرِكًا , كَائِنًا مَنْ كَانَ الْمُشْرِك مِنْ أَيّ أَصْنَاف الشِّرْك كَانَ . فَلَا تَنْكِحُوهُنَّ أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ مِنْهُمْ فَإِنَّ ذَلِكَ حَرَام

عَلَيْكُمْ , وَلَأَنْ تُزَوِّجُوهُنَّ مِنْ عَبْد مُؤْمِن مُصَدِّق بِاَللَّهِ وَبِرَسُولِهِ , وَبِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْد اللَّه , خَيْر لَكُمْ مِنْ أَنْ تُزَوِّجُوهُنَّ مِنْ حُرّ مُشْرِك وَلَوْ شَرُفَ نَسَبه وَكَرُمَ أَصْله , وَإِنْ أَعْجَبَكُمْ حَسَبه وَنَسَبه . وَكَانَ أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بْن عَلِيّ يَقُول : هَذَا الْقَوْل مِنْ اللَّه تَعَالَى ذِكْره , دَلَالَة عَلَى أَنَّ أَوْلِيَاء الْمَرْأَة أَحَقّ بِتَزْوِيجِهَا مِنْ الْمَرْأَة . 3381 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يَزِيد أَبُو هِشَام الرِّفَاعِيّ , قال : أَخْبَرَنَا حَفْص بْن غِيَاث عَنْ شَيْخ لَمْ يُسَمِّهِ , قَالَ أَبُو جَعْفَر : النِّكَاح بِوَلِيٍّ فِي كِتَاب اللَّه . ثُمَّ قَرَأَ : { وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا } بِرَفْعِ التَّاء . 3382 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة وَالزُّهْرِيّ فِي قَوْله : { وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ } قَالَ : لَا يَحِلّ لَك أَنْ تَنْكِح يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا , وَمُشْرِكًا مِنْ غَيْر أَهْل دِينك . 3383 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا حَجَّاج , قَالَ : قَالَ ابْن جُرَيْجٍ : { وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ } لِشَرَفِهِمْ { حَتَّى يُؤْمِنُوا } . 3384 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن وَاضِح , عَنْ الْحُسَيْن بْن وَاقِد , عَنْ يَزِيد النَّحْوِيّ , عَنْ عِكْرِمَة وَالْحَسَن الْبَصْرِيّ : { وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا } قَالَ : حَرَّمَ الْمُسْلِمَات عَلَى رِجَالهمْ يَعْنِي رِجَال الْمُشْرِكِينَ .

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أُولَئِكَ يَدْعُونَ إلَى النَّار وَاَللَّه يَدْعُو إلَى الْجَنَّة وَالْمَغْفِرَة بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّن آيَاته لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ : { أُولَئِكَ } هَؤُلَاءِ الَّذِينَ حَرَّمْت عَلَيْكُمْ أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ مُنَاكَحَتهمْ مِنْ رِجَال أَهْل الشِّرْك وَنِسَائِهِمْ يَدْعُونَكُمْ إلَى النَّار , يَعْنِي يَدْعُونَكُمْ إلَى الْعَمَل بِمَا

يُدْخِلكُمْ النَّار , وَذَلِكَ هُوَ الْعَمَل الَّذِي هُمْ بِهِ عَامِلُونَ مِنْ الْكُفْر بِاَللَّهِ وَرَسُوله . يَقُول : وَلَا تَقْبَلُوا مِنْهُمْ مَا يَقُولُونَ , وَلَا تَسْتَنْصِحُوهُمْ , وَلَا تَنْكِحُوهُمْ , وَلَا تَنْكِحُوا إلَيْهِمْ , فَإِنَّهُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا ; وَلَكِنْ اقْبَلُوا مِنْ اللَّه مَا أَمَرَكُمْ بِهِ , فَاعْمَلُوا بِهِ , وَانْتَهُوا عَمَّا نَهَاكُمْ عَنْهُ , فَإِنَّهُ يَدْعُوكُمْ إلَى الْجَنَّة . يَعْنِي بِذَلِكَ : يَدْعُوكُمْ إلَى الْعَمَل بِمَا يُدْخِلكُمْ الْجَنَّة وَيُوجِب لَكُمْ النَّجَاة إنْ عَمِلْتُمْ بِهِ مِنْ النَّار , وَإِلَى مَا يَمْحُو خَطَايَاكُمْ أَوْ ذُنُوبكُمْ فَيَعْفُو عَنْهَا , وَيَسْتُرهَا عَلَيْكُمْ . وَأَمَّا قَوْله : { بِإِذْنِهِ } فَإِنَّهُ يَعْنِي أَنَّهُ يَدْعُوكُمْ إلَى ذَلِكَ بِإِعْلَامِهِ إيَّاكُمْ سَبِيله وَطَرِيقه الَّذِي بِهِ الْوُصُول إلَى الْجَنَّة وَالْمَغْفِرَة ثُمَّ قَالَ تَعَالَى ذِكْره : { وَيُبَيِّن آيَاته لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } يَقُول : وَيُوَضِّح حُجَجه وَأَدِلَّته فِي كِتَابه الَّذِي أَنَزَلَهُ عَلَى لِسَان رَسُوله لِعِبَادِهِ لِيَتَذَكَّرُوا فَيَعْتَبِرُوا , وَيُمَيِّزُوا بَيْن الْأَمْرَيْنِ اللَّذَيْنِ أَحَدهمَا دُعَاء إلَى النَّار وَالْخُلُود فِيهَا وَالْآخَر دُعَاء إلَى الْجَنَّة وَغُفْرَان الذُّنُوب , فَيَخْتَارُوا خَيْرهمَا لَهُمْ . وَلَمْ يَجْهَل التَّمْيِيز بَيْن هَاتِينَ إلَّا غَبِيّ الرَّأْي , مَدْخُول الْعَقْل .
وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَسورة البقرة الآية رقم 222
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَيَسْأَلُونَك عَنْ الْمَحِيض } يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ : { وَيَسْأَلُونَك عَنْ الْمَحِيض } وَيَسْأَلك يَا مُحَمَّد أَصْحَابك عَنْ الْحَيْض وَقِيلَ " الْمَحِيض " لِأَنَّ مَا كَانَ مِنْ الْفِعْل مَاضِيه بِفَتْحِ عَيْن الْفِعْل وَكَسْرهَا فِي الِاسْتِقْبَال , مِثْل قَوْل الْقَائِل : ضَرَبَ يَضْرِب , وَحَبَسَ يَحْبِس , وَنَزَلَ يَنْزِل , فَإِنَّ الْعَرَب تَبْنِي مَصْدَره عَلَى الْمَفْعَل وَالِاسْم عَلَى الْمَفْعِل مِثْل الْمَضْرَب وَالْمَضْرِب مِنْ ضَرَبْت , وَنَزَلْت مَنْزِلًا وَمَنْزَلًا . وَمَسْمُوع فِي ذَوَات الْيَاء وَالْأَلِف الْمَعِيش وَالْمَعَاش وَالْمَعِيب وَالْمَعَاب , كَمَا قَالَ رُؤْيَة فِي الْمَعِيش : إلَيْك أَشْكُو شِدَّة الْمَعِيش وَمَرَّ أَعْوَام نَتَفْنَ رِيشِي وَإِنَّمَا كَانَ الْقَوْم سَأَلُوا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا ذُكِرَ لَنَا عَنْ الْحَيْض , لِأَنَّهُمْ كَانُوا قَبْل بَيَان اللَّه لَهُمْ مَا يَتَبَيَّنُونَ مِنْ أَمْره , لَا يُسَاكِنُونَ حَائِضًا فِي بَيْت , وَلَا يُؤَاكِلُونَهُنَّ فِي إنَاء , وَلَا يُشَارِبُونَهُنَّ , فَعَرَّفَهُمْ اللَّه بِهَذِهِ الْآيَة أَنَّ الَّذِي عَلَيْهِمْ فِي أَيَّام حَيْض نِسَائِهِمْ أَنْ يَجْتَنِبُوا جِمَاعهنَّ فَقَطْ دُون مَا عَدَا ذَلِكَ مِنْ مُضَاجَعَتهنَّ وَمُؤَاكَلَتهنَّ وَمُشَارَبَتهنَّ . كَمَا : 3385 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ

قَتَادَة قَوْله : { وَيَسْأَلُونَك عَنْ الْمَحِيض } حَتَّى بَلَغَ : { حَتَّى يَطْهُرْنَ } فَكَانَ أَهْل الْجَاهِلِيَّة لَا تُسَاكِنهُمْ حَائِض فِي بَيْت , وَلَا تُؤَاكِلهُمْ فِي إنَاء , فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره فِي ذَلِكَ , فَحَرَّمَ فَرْجهَا مَا دَامَتْ حَائِضًا , وَأَحَلَّ مَا سِوَى ذَلِكَ : أَنْ تُصْبِغ لَك رَأَسَك , وَتُؤَاكِلك مِنْ طَعَامك , وَأَنْ تُضَاجِعك فِي فِرَاشك إذَا كَانَ عَلَيْهَا إزَار مُحْتَجِزَة بِهِ دُونك . 3386 - حُدِّثْت عَنْ عَمَّار , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع , مِثْله . وَقَدْ قِيلَ : إنَّهُمْ سَأَلُوا عَنْ ذَلِكَ , لِأَنَّهُمْ كَانُوا فِي أَيَّام حَيْضهنَّ يَجْتَنِبُونَ إتْيَانهنَّ فِي مَخْرَج الدَّم وَيَأْتُونَهُنَّ فِي أَدْبَارهنَّ . فَنَهَاهُمْ اللَّه عَنْ أَنْ يَقْرَبُوهُنَّ فِي أَيَّام حَيْضهنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ , ثُمَّ أَذِنَ لَهُمْ إذَا تَطَهَّرْنَ مِنْ حَيْضهنَّ فِي إتْيَانهنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ بِاعْتِزَالِهِنَّ , وَحَرَّمَ إتْيَانهنَّ فِي أَدْبَارهنَّ بِكُلِّ حَال . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3387 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْمَلِك بْن أَبِي الشَّوَارِب , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَاحِد , قَالَ : ثنا خُصَيْف , قَالَ : ثني مُجَاهِد , قَالَ : كَانُوا يَجْتَنِبُونَ النِّسَاء فِي الْمَحِيض , وَيَأْتُونَهُنَّ فِي أَدْبَارهنَّ , فَسَأَلُوا النَّبِيّ عَنْ ذَلِكَ , فَأَنْزَلَ اللَّه : { وَيَسْأَلُونَك عَنْ الْمَحِيض } إلَى : { فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللَّه } فِي الْفَرْج وَلَا تَعْدُوهُ . وَقِيلَ : إنَّ السَّائِل الَّذِي سَأَلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ كَانَ ثَابِت بْن الدَّحْدَاح الْأَنْصَارِيّ . 3388 - حَدَّثَنِي بِذَلِكَ مُوسَى بْن هَارُونَ , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن حَمَّاد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ .

الْقَوْل فِي

تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قُلْ هُوَ أَذًى } يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِذَلِكَ : قُلْ لِمَنْ سَأَلَك مِنْ أَصْحَابك يَا مُحَمَّد عَنْ الْمَحِيض هُوَ أَذًى . وَالْأَذَى : هُوَ مَا يُؤْذَى بِهِ مِنْ مَكْرُوه فِيهِ , وَهُوَ فِي هَذَا الْمَوْضِع يُسْمَى أَذًى لِنَتْنِ رِيحه وَقَذَره وَنَجَاسَته , وَهُوَ جَامِع لِمَعَانٍ شَتَّى مِنْ خِلَال الْأَذَى غَيْر وَاحِدَة . وَقَدْ اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْبَيَان عَنْ تَأْوِيل ذَلِكَ عَلَى تَقَارُب مَعَانِي بَعْض مَا قَالُوا فِيهِ مِنْ بَعْض , فَقَالَ بَعْضهمْ قَوْله : { قُلْ هُوَ أَذًى } قُلْ هُوَ قَذَر . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3389 - حَدَّثَنِي مُوسَى بْن هَارُونَ , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ قَوْله : { قُلْ هُوَ أَذًى } قَالَ : أَمَّا أَذًى : فَقَذَر . 3390 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة فِي قَوْله : { قُلْ هُوَ أَذًى } قَالَ : قُلْ هُوَ أَذًى , قَالَ : قَذَر . وَقَالَ آخَرُونَ : قُلْ هُوَ دَم . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3391 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُؤَمِّل , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : { وَيَسْأَلُونَك عَنْ الْمَحِيض قُلْ هُوَ أَذًى } قَالَ : الْأَذَى : الدَّم .

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَاعْتَزِلُوا النِّسَاء فِي الْمَحِيض } يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ : { فَاعْتَزِلُوا النِّسَاء فِي الْمَحِيض } فَاعْتَزِلُوا جِمَاع النِّسَاء وَنِكَاحهنَّ فِي مَحِيضهنَّ . كَمَا : 3392 - حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن دَاوُد , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ ابْن عَبَّاس قَوْله : { فَاعْتَزِلُوا النِّسَاء فِي الْمَحِيض } يَقُول : اعْتَزِلُوا نِكَاح فُرُوجهنَّ . وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعِلْم فِي الَّذِي يَجِب عَلَى الرَّجُل اعْتِزَاله مِنْ الْحَائِض , فَقَالَ بَعْضهمْ : الْوَاجِب عَلَى الرَّجُل اعْتِزَال جَمِيع بَدَنهَا أَنْ يُبَاشِرهُ بِشَيْءٍ مِنْ بَدَنه . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3393 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا حَمَّاد بْن مَسْعَدَةَ , قَالَ : ثنا عَوْف , عَنْ مُحَمَّد , قَالَ : قُلْت لِعُبَيْدَة : مَا يَحِلّ لِي مِنْ امْرَأَتِي إذَا كَانَتْ حَائِضًا ؟ قَالَ : الْفِرَاش وَاحِد , وَاللِّحَاف شَتَّى . 3394 - حَدَّثَنِي تَمِيم بْن الْمُنْتَصِر , قَالَ : أَخْبَرَنَا يَزِيد , قَالَ : ثنا مُحَمَّد , عَنْ الزُّهْرِيّ , عَنْ عُرْوَة , عَنْ نَدْبَة , مَوْلَاة آل عَبَّاس قَالَتْ : بَعَثَتْنِي مَيْمُونَة ابْنَة الْحَارِث , أَوْ حَفْصَة ابْنَة عُمَر , إلَى امْرَأَة عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس , وَكَانَتْ بَيْنهمَا قَرَابَة مِنْ قِبَل النِّسَاء , فَوَجَدَتْ فِرَاشهَا مُعْتَزِلًا فِرَاشه , فَظَنَّتْ أَنَّ ذَلِكَ عَنْ الْهِجْرَان , فَسَأَلَتْهَا عَنْ اعْتِزَال فِرَاشه فِرَاشهَا , فَقَالَتْ : إنِّي طَامِث , وَإِذَا طَمَثْت اعْتَزَلَ فِرَاشِي . فَرَجَعَتْ فَأَخْبَرَتْ

بِذَلِكَ مَيْمُونَة أَوْ حَفْصَة , فَرَدَّتْنِي إلَى ابْن عَبَّاس , تَقُول لَك أُمّك : أَرَغِبْت عَنْ سُنَّة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ! فَوَاَللَّهِ لَقَدْ كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنَام مَعَ الْمَرْأَة مِنْ نِسَائِهِ , وَإِنَّهَا لَحَائِض , وَمَا بَيْنه وَبَيْنهَا إلَّا ثَوْب مَا يُجَاوِز الرُّكْبَتَيْنِ . 3395 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , عَنْ أَيُّوب وَابْن عَوْن , عَنْ مُحَمَّد , قَالَتْ لِعُبَيْدَة : مَا لِلرَّجُلِ مِنْ امْرَأَته إذَا كَانَتْ حَائِضًا ؟ قَالَ : الْفِرَاش وَاحِد , وَاللِّحَاف شَتَّى , فَإِنْ لَمْ يَجِد إلَّا أَنْ يَرِد عَلَيْهَا مِنْ ثَوْبه رُدَّ عَلَيْهَا مِنْهُ . وَاعْتَلَّ قَائِلُو هَذِهِ الْمَقَالَة بِأَنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره أَمَرَ بِاعْتِزَالِ النِّسَاء فِي حَال حَيْضهنَّ , وَلَمْ يَخْصُصْنَ مِنْهُنَّ شَيْئًا دُون شَيْء , وَذَلِكَ عَامّ عَلَى جَمِيع أَجْسَادهنَّ وَاجِب اعْتِزَال كُلّ شَيْء مِنْ أَبْدَانهنَّ فِي حَيْضهنَّ . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ الَّذِي أَمَرَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره بِاعْتِزَالِهِ مِنْهُنَّ مَوْضِع الْأَذَى , وَذَلِكَ مَوْضِع مَخْرَج الدَّم . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3396 - حَدَّثَنَا حُمَيْد بْن مَسْعَدَةَ , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن زُرَيْعٍ , قَالَ : حَدَّثَنِي عُيَيْنَة بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن جَوْشَن , قَالَ : ثنا مَرْوَان الْأَصْغَر , عَنْ مَسْرُوق بْن الْأَجْدَع , قَالَ : قُلْت لِعَائِشَة : مَا يَحِلّ لِلرَّجُلِ مِنْ امْرَأَته إذَا كَانَتْ حَائِضًا ؟ قَالَتْ : كُلّ شَيْء إلَّا الْجِمَاع . 3397 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا سَعِيد بْن زُرَيْعٍ , قَالَ : ثنا سَعِيد , وَحَدَّثَنَا ابْن بَشَّار قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : ذُكِرَ لَنَا عَنْ عَائِشَة أَنَّهَا قَالَتْ : وَأَيْنَ كَانَ ذُو الْفِرَاشَيْنِ وَذُو اللِّحَافَيْنِ ؟ 3398 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ سَالِم بْن أَبِي الْجَعْد , عَنْ مَسْرُوق قَالَ : قُلْت لِعَائِشَة : مَا يَحْرُم عَلَى الرَّجُل مِنْ امْرَأَته إذَا كَانَتْ حَائِضًا ؟ قَالَتْ . فَرْجهَا . 3399 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَهَّاب , قَالَ : ثنا أَيُّوب , عَنْ كِتَاب أَبِي قِلَابَةَ : أَنَّ مَسْرُوقًا رَكِبَ إلَى عَائِشَة , فَقَالَ : السَّلَام عَلَى النَّبِيّ وَعَلَى أَهْل بَيْته فَقَالَتْ عَائِشَة : أَبُو عَائِشَة مَرْحَبًا ! فَأَذِنُوا لَهُ , فَدَخَلَ فَقَالَ : إنِّي أُرِيد أَنْ أَسْأَلك عَنْ شَيْء وَأَنَا أَسْتَحْيِي فَقَالَتْ : إنَّمَا أَنَا أُمّك وَأَنْت ابْنِي . فَقَالَ , مَا لِلرَّجُلِ مِنْ امْرَأَته وَهِيَ حَائِض ؟ قَالَتْ لَهُ : كُلّ شَيْء إلَّا فَرْجهَا . 3400 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي زَائِدَة , قَالَ : ثنا حَجَّاج , عَنْ مَيْمُون بْن مِهْرَان , عَنْ عَائِشَة قَالَتْ لَهُ : مَا فَوْق الْإِزَار . 3401 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَيُّوب , عَنْ نَافِع : أَنَّ عَائِشَة قَالَتْ فِي مُضَاجَعَة الْحَائِض : لَا بَأْس بِذَلِكَ إذَا كَانَ عَلَيْهَا إزَار . 3402 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , عَنْ أَيُّوب , عَنْ أَبِي مَعْشَر قَالَ : سَأَلْت عَائِشَة : مَا لِلرَّجُلِ مِنْ امْرَأَته إذَا كَانَتْ حَائِضًا ؟ فَقَالَتْ : كُلّ شَيْء إلَّا الْفَرْج . 3430 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي زَائِدَة , عَنْ مُحَمَّد بْن عَمْرو , عَنْ مُحَمَّد بْن إبْرَاهِيم بْن الْحَادِث قَالَ : قَالَ ابْن عَبَّاس : إذَا جَعَلْت الْحَائِض عَلَى فَرْجهَا ثَوْبًا أَوْ مَا يَكُفّ الْأَذَى , فَلَا بَأْس أَنْ يُبَاشِر جِلْدهَا زَوْجهَا . 3404 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا ابْن إدْرِيس , قَالَ : ثنا يَزِيد , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ ابْن عَبَّاس أَنَّهُ سُئِلَ : مَا لِلرَّجُلِ مِنْ امْرَأَته إذَا كَانَتْ حَائِضًا ؟ قَالَ : مَا فَوْق الْإِزَار . 3405 - حَدَّثَنَا يَعْقُوب بْن إبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هَاشِم بْن الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحَكَم بْن فُضَيْل , عَنْ خَالِد الْحَذَّاء , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَالَ : اتَّقِ مِنْ الدَّم مِثْل مَوْضِع النَّعْل . 3406 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَيُّوب , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ أُمّ سَلَمَة : قَالَتْ فِي مُضَاجَعَة الْحَائِض : لَا بَأْس بِذَلِكَ إذَا كَانَ عَلَى فَرْجهَا خِرْقَة . 3407 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , عَنْ سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : لِلرَّجُلِ مِنْ امْرَأَته كُلّ شَيْء مَا خَلَا الْفَرْج ( يَعْنِي وَهِيَ حَائِض ) قَالَ : يَبِيتَانِ فِي لِحَاف وَاحِد , يَعْنِي الْحَائِض إذَا كَانَ عَلَى الْفَرْج ثَوْب . 3408 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي عَدِيّ عَنْ عَوْف عَنْ الْحَسَن , قَالَ : يَبِيتَانِ فِي لِحَاف وَاحِد - يَعْنِي الْحَائِض - إذَا كَانَ عَلَى الْفَرْج ثَوْب . 3409 - حَدَّثَنَا تَمِيم , قَالَ : أَخْبَرَنَا إسْحَاق , عَنْ شَرِيك , عَنْ لَيْث , قَالَ : تَذَاكَرْنَا عِنْد مُجَاهِد الرَّجُل يُلَاعِب امْرَأَته وَهِيَ حَائِض , قَالَ : اطْعَنْ بِذَكَرِك حَيْثُمَا شِئْت فِيمَا بَيْن الْفَخِذَيْنِ وَالْأَلْيَتَيْنِ وَالسُّرَّة , مَا لَمْ يَكُنْ فِي الدُّبُر أَوْ الْحَيْض . 3409 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي زَائِدَة , عَنْ إسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد , عَنْ عَامِر , قَالَ : يُبَاشِر الرَّجُل امْرَأَته وَهِيَ حَائِض ؟ قَالَ : إذَا كَفَّتْ الْأَذَى . 3411 - حَدَّثَنَا حُمَيْد بْن مَسْعَدَةَ , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن زُرَيْعٍ , قَالَ : ثني عِمْرَان بْن حُدَيْر , قَالَ : سَمِعْت عِكْرِمَة يَقُول : كُلّ شَيْء مِنْ الْحَائِض لَك حَلَال غَيْر مَجْرَى الدَّم . وَعِلَّة قَائِل هَذِهِ الْمَقَالَة , قِيَام الْحُجَّة بِالْأَخْبَارِ الْمُتَوَاتِرَة عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يُبَاشِر نِسَاءَهُ وَهُنَّ حُيَّض , وَلَوْ كَانَ الْوَاجِب اعْتِزَال جَمِيعهنَّ لَمَا فَعَلَ ذَلِكَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَلَمَّا صَحَّ ذَلِكَ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , عَلِمَ أَنَّ مُرَاد اللَّه تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ : { فَاعْتَزِلُوا النِّسَاء فِي الْمَحِيض } هُوَ اعْتِزَال بَعْض جَسَدهَا دُون بَعْض . وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , وَجَبَ أَنْ يَكُون ذَلِكَ هُوَ الْجِمَاع الْمُجْمَع عَلَى تَحْرِيمه عَلَى الزَّوْج فِي قُبُلهَا دُون مَا كَانَ فِيهِ اخْتِلَاف مِنْ جِمَاعهَا فِي سَائِر بَدَنهَا . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ الَّذِي أَمَرَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره بِاعْتِزَالِهِ مِنْهُنَّ فِي حَال حَيْضهنَّ مَا بَيْن السُّرَّة إلَى الرُّكْبَة , وَمَا فَوْق ذَلِكَ وَدُونه مِنْهَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3412 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي زَائِدَة , عَنْ ابْن عَوْن , عَنْ ابْن سِيرِينَ , عَنْ شُرَيْح , قَالَ لَهُ : مَا فَوْق السُّرَّة , وَذَكَرَ الْحَائِض . 3413 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب وَأَبُو السَّائِب قَالَا : ثنا ابْن إدْرِيس , قَالَ : أَخْبَرَنَا يَزِيد , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : سُئِلَ ابْن عَبَّاس عَنْ الْحَائِض : مَا لِزَوْجِهَا مِنْهَا ؟ فَقَالَ : مَا فَوْق الْإِزَار . * - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , عَنْ أَيُّوب وَابْن عَوْن , عَنْ مُحَمَّد , قَالَ : قَالَ شُرَيْح : لَهُ مَا فَوْق سُرَّتهَا . 3414 - حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي عَدِيّ , عَنْ شُعْبَة , عَنْ وَاقِد بْن مُحَمَّد بْن زَيْد بْن عَبْد اللَّه بْن عُمَر , قَالَ : سُئِلَ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب : مَا لِلرَّجُلِ مِنْ الْحَائِض ؟ قَالَ : مَا فَوْق الْإِزَار . وَعِلَّة مَنْ قَالَ هَذِهِ الْمَقَالَة صِحَّة الْخَبَر عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا : 3415 - حَدَّثَنِي بِهِ ابْن أَبِي الشَّوَارِب , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَاحِد بْن زِيَاد , قَالَ : ثنا سُلَيْمَان الشَّيْبَانِيّ وَحَدَّثَنِي أَبُو السَّائِب , قَالَ : حَدَّثَنَا حَفْص , قَالَ : ثنا الشَّيْبَانِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن شَدَّاد بْن الْهَادّ , قَالَ : سَمِعْت مَيْمُونَة , تَقُول : " وَكَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا أَرَادَ أَنْ يُبَاشِر امْرَأَة مِنْ نِسَائِهِ وَهِيَ حَائِض أَمَرَهَا فَاِتَّزَرَتْ " . * - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن مَهْدِيّ , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ الشَّيْبَانِيّ , عَنْ عَبْد اللَّه بْن شَدَّاد , عَنْ مَيْمُونَة : " أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُبَاشِرهَا وَهِيَ حَائِض فَوْق الْإِزَار " . 3416 - حَدَّثَنِي سُفْيَان بْن وَكِيع , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مَنْصُور , عَنْ إبْرَاهِيم , عَنْ الْأَسْوَد , عَنْ عَائِشَة , قَالَتْ : كَانَتْ إحْدَانَا إذَا كَانَتْ حَائِضًا أَمَرَهَا فَاِتَّزَرَتْ بِإِزَارٍ ثُمَّ يُبَاشِرهَا . * - حَدَّثَنَا سُفْيَان بْن وَكِيع , قَالَ : ثنا الْمُحَارِبِيَّ , عَنْ الشَّيْبَانِيّ , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن الْأَسْوَد , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَائِشَة , قَالَتْ : كَانَتْ إحْدَانَا إذَا كَانَتْ حَائِضًا أَمَرَهَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَأْتَزِر ثُمَّ يُبَاشِرهَا . وَنَظَائِر ذَلِكَ مِنْ الْأَخْبَار الَّتِي يَطُول بِاسْتِيعَابِ ذِكْر جَمِيعهَا الْكِتَاب قَالُوا : فَمَا فَعَلَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ذَلِكَ فَجَائِز , وَهُوَ مُبَاشَرَة الْحَائِض مَا دُون الْإِزَار وَفَوْقه , وَذَلِكَ دُون الرُّكْبَة وَفَوْق السُّرَّة , وَمَا عَدَا ذَلِكَ مِنْ جَسَد الْحَائِض فَوَاجِب اعْتِزَاله لِعُمُومِ الْآيَة . وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : إنَّ لِلرَّجُلِ مِنْ امْرَأَته الْحَائِض مَا فَوْق الْمُؤْتَزَر وَدُونه لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْعِلَّة لَهُمْ .

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ } اخْتَلَفَ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَهُ بَعْضهمْ : { حَتَّى يَطْهُرْنَ } بِضَمِّ الْهَاء وَتَخْفِيفهَا , وَقَرَأَهُ آخَرُونَ بِتَشْدِيدِ الْهَاء وَفَتْحهَا . وَأَمَّا الَّذِينَ قَرَءُوهُ بِتَخْفِيفِ الْهَاء وَضَمّهَا فَإِنَّهُمْ وَجَّهُوا مَعْنَاهُ إلَى : وَلَا تَقْرَبُوا النِّسَاء فِي حَال حَيْضهنَّ حَتَّى يَنْقَطِع عَنْهُنَّ دَم الْحَيْض وَيَطْهُرْنَ . وَقَالَ بِهَذَا التَّأْوِيل جَمَاعَة مِنْ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3417 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا ابْن مَهْدِيّ وَمُؤَمِّل , قَالَا : ثنا سُفْيَان , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : { وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ } قَالَ : انْقِطَاع الدَّم . 3418 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ سُفْيَان أَوْ عُثْمَان بْن الْأَسْوَد : { وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ } حَتَّى يَنْقَطِع الدَّم عَنْهُنَّ . 3419 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثنا عُبَيْد اللَّه الْعَتَكِيّ , عَنْ عِكْرِمَة فِي قَوْله : { وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ }

قَالَ : حَتَّى يَنْقَطِع الدَّم . وَأَمَّا الَّذِينَ قَرَءُوا ذَلِكَ بِتَشْدِيدِ الْهَاء وَفَتْحهَا , فَإِنَّهُمْ عَنَوْا بِهِ : حَتَّى يَغْتَسِلْنَ بِالْمَاءِ وَشَدَّدُوا الطَّاء لِأَنَّهُمْ قَالُوا : مَعْنَى الْكَلِمَة : حَتَّى يَتَطَهَّرْنَ أُدْغِمَتْ التَّاء فِي الطَّاء لِتَقَارُبِ مَخْرَجَيْهِمَا . وَأَوْلَى الْقِرَاءَتَيْنِ بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ قِرَاءَة مَنْ قَرَأَ : " حَتَّى يَطَّهَّرْنَ " بِتَشْدِيدِهَا وَفَتْحهَا , بِمَعْنَى : حَتَّى يَغْتَسِلْنَ , لِإِجْمَاعِ الْجَمِيع عَلَى أَنَّ حَرَامًا عَلَى الرَّجُل أَنْ يَقْرَب امْرَأَته بَعْد انْقِطَاع دَم حَيْضهَا حَتَّى تَطْهُر . وَإِنَّمَا اُخْتُلِفَ فِي التَّطَهُّر الَّذِي عَنَاهُ اللَّه تَعَالَى ذِكْره , فَأَحَلَّ لَهُ جِمَاعهَا , فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ الِاغْتِسَال بِالْمَاءِ , وَلَا يَحِلّ لِزَوْجِهَا أَنْ يَقْرَبهَا حَتَّى تَغْسِل جَمِيع بَدَنهَا . وَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ الْوُضُوء لِلصَّلَاةِ . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هُوَ غَسْل الْفَرْج , فَإِذَا غَسَلَتْ فَرْجهَا فَذَلِكَ تَطَهُّرهَا الَّذِي يَحِلّ بِهِ لِزَوْجِهَا غِشْيَانهَا . فَإِذَا كَانَ إجْمَاع مِنْ الْجَمِيع أَنَّهَا لَا تَحِلّ لِزَوْجِهَا بِانْقِطَاعِ الدَّم حَتَّى تَطْهُر , كَانَ بَيِّنًا أَنَّ أَوْلَى الْقِرَاءَتَيْنِ بِالصَّوَابِ أَنْفَاهُمَا لِلَّبْسِ عَنْ فَهْم سَامِعهَا , وَذَلِكَ هُوَ الَّذِي اخْتَرْنَا , إذْ كَانَ فِي قِرَاءَة قَارِئِهَا بِتَخْفِيفِ الْهَاء وَضَمّهَا مَا لَا يُؤْمَن مَعَهُ اللَّبْس عَلَى سَامِعهَا مِنْ الْخَطَأ فِي تَأْوِيلهَا , فَيَرَى أَنَّ لِلزَّوْجِ غِشْيَانهَا بَعْد انْقِطَاع دَم حَيْضهَا عَنْهَا وَقَبْل اغْتِسَالهَا وَتَطَهُّرهَا . فَتَأْوِيل الْآيَة إذًا : وَيَسْأَلُونَك عَنْ الْمَحِيض , قُلْ هُوَ أَذًى , فَاعْتَزِلُوا جِمَاع نِسَائِكُمْ فِي وَقْت حَيْضهنَّ , وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَغْتَسِلْنَ فَيَتَطَهَّرْنَ مِنْ حَيْضهنَّ بَعْد انْقِطَاعه .

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَإِذَا تَطَهَّرْنَ } يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ : { فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ } فَإِذَا اغْتَسَلْنَ فَتَطَهَّرْنَ بِالْمَاءِ فَجَامِعُوهُنَّ . فَإِنْ قَالَ قَائِل : أَفَفُرِضَ جِمَاعهنَّ حِينَئِذٍ ؟ قِيلَ : لَا . فَإِنْ قَالَ : فَمَا مَعْنَى قَوْله إذَا : { فَأْتُوهُنَّ } ؟ قِيلَ : ذَلِكَ إبَاحَة مَا كَانَ مَنَعَ قَبْل ذَلِكَ مِنْ جِمَاعهنَّ وَإِطْلَاق لِمَا كَانَ حَظَّرَ فِي حَال الْحَيْض , وَذَلِكَ كَقَوْلِهِ : { وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا } 5 2 وَقَوْله { فَإِذَا قُضِيَتْ الصَّلَاة فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْض } 62 10 وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل قَوْله { فَإِذَا تَطَهَّرْنَ } فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ , فَإِذَا اغْتَسَلْنَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3420 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ ابْن عَبَّاس : { فَإِذَا تَطَهَّرْنَ } يَقُول : فَإِذَا طَهُرَتْ مِنْ الدَّم وَتَطَهَّرَتْ بِالْمَاءِ . 3421 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثني مُحَمَّد بْن مَهْدِيّ وَمُؤَمِّل , قَالَا : ثنا سُفْيَان , عَنْ ابْن

أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { فَإِذَا تَطَهَّرْنَ } فَإِذَا اغْتَسَلْنَ . 3422 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا مُحْيِي بْن وَاضِح , قَالَ : ثنا عُبَيْد اللَّه الْعَتَكِيّ . عَنْ عِكْرِمَة فِي قَوْله : { فَإِذَا تَطَهَّرْنَ } يَقُول : اغْتَسَلْنَ . 3423 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ سُفْيَان أَوْ عُثْمَان بْن الْأَسْوَد : { فَإِذَا تَطَهَّرْنَ } إذَا اغْتَسَلْنَ . 3424 - حَدَّثَنَا عِمْرَان بْن مُوسَى , ثنا عَبْد الْوَارِث , ثنا عَامِر , عَنْ الْحَسَن : فِي الْحَائِض تَرَى الطُّهْر , قَالَ : لَا يَغْشَاهَا زَوْجهَا حَتَّى تَغْتَسِل وَتَحِلّ لَهَا الصَّلَاة . 3424 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إبْرَاهِيم , قَالَ , ثنا هُشَيْم , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إبْرَاهِيم : أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يَطَأهَا حَتَّى تَغْتَسِل ; يَعْنِي الْمَرْأَة إذَا طَهُرَتْ . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ لِلصَّلَاةِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3426 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ , أَخْبَرَنَا لَيْث . عَنْ طَاوُس وَمُجَاهِد أَنَّهُمَا قَالَا : إذَا طَهُرَتْ الْمَرْأَة مِنْ الدَّم فَشَاءَ زَوْجهَا أَنْ يَأْمُرهَا بِالْوُضُوءِ قَبْل أَنْ تَغْتَسِل إذَا أَدْرَكَهُ الشَّبَق فَلْيُصِبْ . وَأَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ بِتَأْوِيلِ الْآيَة قَوْل مَنْ قَالَ , مَعْنَى قَوْله , { فَإِذَا تَطَهَّرْنَ } فَإِذَا اغْتَسَلْنَ لِإِجْمَاعِ الْجَمِيع عَلَى أَنَّهَا لَا تَصِير بِالْوُضُوءِ بِالْمَاءِ طَاهِرًا الطُّهْر لِلَّذِي يَحِلّ لَهَا بِهِ الصَّلَاة , وَأَنَّ الْقَوْل لَا يَخْلُو فِي ذَلِكَ مِنْ أَحَد أَمْرَيْنِ . إمَّا أَنْ يَكُون مَعْنَاهُ : فَإِذَا تَطَهَّرْنَ مِنْ النَّجَاسَة فَأْتُوهُنَّ . وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مَعْنَاهُ , فَقَدْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُون مَتَى انْقَطَعَ عَنْهَا الدَّم فَجَائِز لِزَوْجِهَا جِمَاعهَا إذَا لَمْ تَكُنْ هُنَالِكَ نَجَاسَة ظَاهِرَة , هَذَا إنْ كَانَ قَوْله : { فَإِذَا تَطَهَّرْنَ } جَائِزًا اسْتِعْمَاله فِي التَّطَهُّر مِنْ النَّجَاسَة , وَلَا أَعْلَمهُ جَائِزًا إلَّا عَلَى اسْتِكْرَاه الْكَلَام أَوْ يَكُون مَعْنَاهُ : فَإِذَا تَطَهَّرْنَ لِلصَّلَاةِ فِي إجْمَاع الْجَمِيع مِنْ الْحُجَّة عَلَى أَنَّهُ غَيْر جَائِز لِزَوْجِهَا غِشْيَانهَا بِانْقِطَاعِ دَم حَيْضهَا , إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَالِكَ نَجَاسَة دُون التَّطَهُّر بِالْمَاءِ إذَا كَانَتْ وَاجِدَته أَدَلّ الدَّلِيل عَلَى أَنَّ مَعْنَاهُ : فَإِذَا تَطَهَّرْنَ الطُّهْر الَّذِي يُحْزِيهِنَّ بِهِ الصَّلَاة . وَفِي إجْمَاع الْجَمِيع مِنْ الْأُمَّة عَلَى أَنَّ الصَّلَاة لَا تَحِلّ لَهَا إلَّا بِالِاغْتِسَالِ أَوْضَح الدَّلَالَة عَلَى صِحَّة مَا قُلْنَا مِنْ أَنَّ غِشْيَانهَا حَرَام إلَّا بَعْد الِاغْتِسَال , وَأَنَّ مَعْنَى قَوْله : { فَإِذَا تَطَهَّرْنَ } فَإِذَا اغْتَسَلْنَ فَصِرْنَ طَوَاهِر الطُّهْر الَّذِي يَجْزِيهِنَّ بِهِ الصَّلَاة .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللَّه } اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل قَوْله : { فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللَّه } فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : فَأْتُوا نِسَاءَكُمْ إذَا تَطَهَّرْنَ مِنْ الْوَجْه الَّذِي نَهَيْتُكُمْ عَنْ إتْيَانهنَّ مِنْهُ فِي حَال حَيْضهنَّ , وَذَلِكَ الْفَرْج الَّذِي أَمَرَ اللَّه بِتَرْكِ جِمَاعهنَّ فِيهِ فِي حَال الْحَيْض . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3427 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , عَنْ مُحَمَّد بْن إسْحَاق , قَالَ : ثني أَبَانَ

بْن صَالِح , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : قَالَ ابْن عَبَّاس فِي قَوْله : { فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللَّه } قَالَ : مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ أَنْ تَعْتَزِلُوهُنَّ . 3428 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثنا مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ ابْن عَبَّاس قَوْله : { فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللَّه } يَقُول : فِي الْفَرْج لَا تَعْدُوهُ إلَى غَيْره , فَمَنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَقَدْ اعْتَدَى . 3429 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , قَالَ : ثنا خَالِد الْحَذَّاء , عَنْ عِكْرِمَة فِي قَوْله : { فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللَّه } قَالَ : مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ أَنْ تَعْتَزِلُوا . 3430 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : ثنا أَبُو صَخْر , عَنْ أَبِي مُعَاوِيَة الْبَجَلِيّ , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر أَنَّهُ قَالَ : بَيْنَا أَنَا وَمُجَاهِد جَالِسَانِ عِنْد ابْن عَبَّاس أَتَاهُ رَجُل فَوَقَفَ عَلَى رَأْسه , فَقَالَ : يَا أَبَا الْعَبَّاس أَوْ يَا أَبَا الْفَضْل أَلَا تَشْفِينِي عَنْ آيَة الْمَحِيض ؟ قَالَ : بَلَى ! فَقَرَأَ : { وَيَسْأَلُونَك عَنْ الْمَحِيض } حَتَّى بَلَغَ آخِر الْآيَة , فَقَالَ ابْن عَبَّاس : مِنْ حَيْثُ جَاءَ الدَّم , مِنْ ثَمَّ أَمَرْت أَنْ تَأْتِي . 3431 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي زَائِدَة , عَنْ عَمْرَة , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : دُبُر الْمَرْأَة مِثْله مِنْ الرَّجُل , ثُمَّ قَرَأَ : { وَيَسْأَلُونَك عَنْ الْمَحِيض } إلَى : { فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللَّه } قَالَ : مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ أَنْ تَعْتَزِلُوهُنَّ . * - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُؤَمِّل , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللَّه } قَالَ : أُمِرُوا أَنْ يَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ نُهُوا عَنْهُ . * - حَدَّثَنَا ابْن أَبِي الشَّوَارِب , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَاحِد , قَالَ : ثنا خُصَيْف , قَالَ : ثني مُجَاهِد : { فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللَّه } فِي الْفَرْج , وَلَا تَعْدُوهُ . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللَّه } يَقُول : إذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ نَهَى عَنْهُ فِي الْمَحِيض . 3432 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ سُفْيَان أَوْ عُثْمَان بْن الْأَسْوَد : { فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللَّه } بِاعْتِزَالِهِنَّ مِنْهُ . 3433 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة قَوْله : { فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللَّه } أَيْ مِنْ الْوَجْه الَّذِي يَأْتِي مِنْهُ الْمَحِيض طَاهِرًا غَيْر حَائِض , وَلَا تَعْدُوا ذَلِكَ إلَى غَيْره . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة فِي قَوْله : { فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللَّه } قَالَ : طَوَاهِر مِنْ غَيْر جِمَاع وَمِنْ غَيْر حَيْض مِنْ الْوَجْه الَّذِي يَأْتِي الْمَحِيض وَلَا يَتَعَدَّى إلَى غَيْره , قَالَ سَعِيد : وَلَا أَعْلَمهُ إلَّا عَنْ ابْن عَبَّاس . 3434 - حُدِّثْت عَنْ عَمَّار , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع فِي قَوْله : { فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللَّه } مِنْ حَيْثُ نُهِيتُمْ عَنْهُ فِي الْمَحِيض . وَعَنْ أَبِيهِ عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : { فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللَّه } مِنْ حَيْثُ نُهِيتُمْ عَنْهُ , وَاتَّقُوا الْأَدْبَار . 3435 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا ابْن إدْرِيس , قَالَ : سَمِعْت أَبِي , عَنْ يَزِيد بْن الْوَلِيد , عَنْ إبْرَاهِيم فِي قَوْله : { فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللَّه } قَالَ : فِي الْفَرْج . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَاهُ : فَأْتُوهُنَّ مِنْ الْوَجْه الَّذِي أَمَرَكُمْ اللَّه فِيهِ أَنْ تَأْتُوهُنَّ مِنْهُ , وَذَلِكَ الْوَجْه هُوَ الطُّهْر دُون الْحَيْض . فَكَانَ مَعْنَى قَائِل ذَلِكَ فِي الْآيَة : فَأْتُوهُنَّ مِنْ قُبْل طُهْرهنَّ لَا مِنْ قُبْل حَيْضهنَّ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3436 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ ابْن عَبَّاس : { فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللَّه } يَعْنِي أَنْ يَأْتِيهَا طَاهِرًا غَيْر حَائِض . 3437 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ أَبِي رَزِين فِي قَوْله : { فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللَّه } قَالَ : مِنْ قُبْل الطُّهْر . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن يَحْيَى , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ أَبِي رَزِين بِمِثْلِهِ . * - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَمْرو , عَنْ مَنْصُور , عَنْ أَبِي رَزِين : { فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللَّه } يَقُول : ائْتُوهُنَّ مِنْ عِنْد الطُّهْر . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عُبَيْد الْمُحَارِبِيَّ , قَالَ : ثنا عَلِيّ بْن هَاشِم , عَنْ الزِّبْرِقَان , عَنْ أَبِي رَزِين : { فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللَّه } قَالَ : مِنْ قُبْل الطُّهْر , وَلَا تَأْتُوهُنَّ مِنْ قُبْل الْحَيْض . 3438 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثنا عُبَيْد اللَّه الْعَتَكِيّ , عَنْ عِكْرِمَة قَوْله : { فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللَّه } يَقُول : إذَا اغْتَسَلْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللَّه يَقُول : طَوَاهِر غَيْر حُيَّض . 3439 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة فِي قَوْله : { فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللَّه } قَالَ : يَقُول طَوَاهِر غَيْر حُيَّض . 3440 - حَدَّثَنِي مُوسَى بْن هَارُونَ , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن حَمَّاد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ قَوْله : { مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللَّه } مِنْ الطُّهْر . 3441 - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سَلَمَة بْن نبيط , عَنْ الضَّحَّاك : فَأْتُوهُنَّ طُهْرًا غَيْر حُيَّض . * - حُدِّثْنَا عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ , قَالَ : ثنا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , عَنْ الضَّحَّاك قَوْله : { فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللَّه } قَالَ : ائْتُوهُنَّ طَاهِرَات غَيْر حُيَّض . * - حَدَّثَنَا عَمْرو بْن عَلِيّ , قَالَ : ثنا وَكِيع , قَالَ : ثنا سَلَمَة بْن نبيط , عَنْ الضَّحَّاك : { فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللَّه } قَالَ : طُهْرًا غَيْر حُيَّض فِي الْقُبُل . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلَى مَعْنَى ذَلِكَ : فَأْتُوا النِّسَاء مِنْ قُبْل النِّكَاح لَا مِنْ قُبْل الْفُجُور . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3442 - حَدَّثَنَا عَمْرو بْن عَلِيّ قَالَ : ثنا وَكِيع , قَالَ : ثنا إسْمَاعِيل الْأَزْرَق , عَنْ أَبِي عُمَر الْأَسَدِيّ , عَنْ ابْن الْحَنَفِيَّة : { فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللَّه } قَالَ : مِنْ قُبْل الْحَلَال مِنْ قُبْل التَّزْوِيج . وَأَوْلَى الْأَقْوَال بِالصَّوَابِ فِي تَأْوِيل ذَلِكَ عِنْدِي قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَى ذَلِكَ : فَأْتُوهُنَّ مِنْ قُبْل طُهْرهنَّ ; وَذَلِكَ أَنَّ كُلّ أَمْر بِمَعْنًى فَنُهِيَ عَنْ خِلَافه وَضِدّه , وَكَذَلِكَ النَّهْي عَنْ الشَّيْء أُمِرَ بِضَدِّهِ وَخِلَافه . فَلَوْ كَانَ مَعْنَى قَوْله : { فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللَّه } فَأْتُوهُنَّ مِنْ قُبْل مَخْرَج الدَّم الَّذِي نَهَيْتُكُمْ أَنْ تَأْتُوهُنَّ مِنْ قُبْله فِي حَال حَيْضهنَّ , لَوَجَبَ أَنْ يَكُون قَوْله : { وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ } تَأْوِيله : وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ فِي مَخْرَج الدَّم دُون مَا عَدَا ذَلِكَ مِنْ أَمَاكِن جَسَدهَا , فَيَكُون مُطْلَقًا فِي حَال حَيْضهَا إتْيَانهنَّ فِي أَدْبَارهنَّ . وَفِي إجْمَاع الْجَمِيع عَلَى أَنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره لَمْ يُطْلِق فِي حَال الْحَيْض مِنْ إتْيَانهنَّ فِي أَدْبَارهنَّ شَيْئًا حَرَّمَهُ فِي حَال الطُّهْر وَلَا حَرَّمَ مِنْ ذَلِكَ فِي حَال الطُّهْر شَيْئًا أَحَلَّهُ فِي حَال الْحَيْض , مَا يُعْلَم بِهِ فَسَاد هَذَا الْقَوْل . وَبَعْد : فَلَوْ كَانَ مَعْنَى ذَلِكَ عَلَى مَا تَأَوَّلَهُ قَائِلُو هَذِهِ الْمَقَالَة لَوَجَبَ أَنْ يَكُون الْكَلَام : فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللَّه , حَتَّى يَكُون مَعْنَى الْكَلَام حِينَئِذٍ عَلَى التَّأْوِيل الَّذِي تَأَوَّلَهُ , وَيَكُون ذَلِكَ أَمْرًا بِإِتْيَانِهِنَّ فِي فُرُوجهنَّ , لِأَنَّ الْكَلَام الْمَعْرُوف إذَا أُرِيدَ ذَلِكَ أَنْ يُقَال : أَتَى فُلَان زَوْجَته مِنْ قُبْل فَرْجهَا , وَلَا يُقَال : أَتَاهَا مِنْ فَرْجهَا إلَّا أَنْ يَكُون أَتَاهَا مِنْ قُبْل فَرْجهَا فِي مَكَان غَيْر الْفَرْج . فَإِنْ قَالَ لَنَا قَائِل : فَإِنَّ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ , فَلَيْسَ مَعْنَى الْكَلَام : فَأْتُوهُنَّ فِي فُرُوجهنَّ , وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ , فَأْتُوهُنَّ مِنْ قُبْل قُبُلهنَّ فِي فُرُوجهنَّ , كَمَا يُقَال : أَتَيْت هَذَا الْأَمْر مِنْ مَأْتَاهُ , قِيلَ لَهُ : إنْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَلَا شَكَّ أَنَّ مَأْتَى الْأَمْر وَوَجْهه غَيْره , وَأَنَّ ذَلِكَ مَطْلَبه . فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى مَا زَعَمْتُمْ , فَقَدْ يَجِب أَنْ يَكُون مَعْنَى قَوْله : { فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللَّه } غَيْر الَّذِي زَعَمْتُمْ أَنَّهُ مَعْنَاهُ بِقَوْلِكُمْ : ائْتُوهُنَّ مِنْ قُبْل مَخْرَج الدَّم وَمِنْ حَيْثُ أُمِرْتُمْ بِاعْتِزَالِهِنَّ , وَلَكِنْ الْوَاجِب أَنْ يَكُون تَأْوِيله عَلَى ذَلِكَ : فَأْتُوهُنَّ مِنْ قُبْل وُجُوههنَّ فِي أَقْبَالهنَّ , كَمَا كَانَ قَوْل الْقَائِل ائْتِ الْأَمْر مِنْ مَأْتَاهُ إنَّمَا مَعْنَاهُ : اُطْلُبْهُ مِنْ مَطْلَبه , وَمَطْلَب الْأَمْر غَيْر الْأَمْر الْمَطْلُوب , فَكَذَلِكَ يَجِب أَنَّ مَأْتَى الْفَرْج الَّذِي أَمَرَ اللَّه فِي قَوْلهمْ بِإِتْيَانِهِ غَيْر الْفَرْج . وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ وَكَانَ مَعْنَى الْكَلَام عِنْدهمْ : فَأْتُوهُنَّ مِنْ قُبْل وُجُوههنَّ فِي فُرُوجهنَّ , وَجَبَ أَنْ يَكُون عَلَى قَوْلهمْ مُحَرَّمًا إتْيَانهنَّ فِي فُرُوجهنَّ مِنْ قُبْل أدبارهن , وَذَلِكَ إنْ قَالُوهُ خَرَجَ مَنْ قَالَهُ مِنْ قَيْل أَهْل الْإِسْلَام , وَخَالَفَ نَصَّ كِتَاب اللَّه تَعَالَى ذِكْره وَقَوْل رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَذَلِكَ أَنَّ اللَّه يَقُول : { نِسَاؤُكُمْ حَرْث لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ } 2 223 وَأَذِنَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إتْيَانهنَّ فِي فُرُوجهنَّ مِنْ قُبْل أَدْبَارهنَّ . فَقَدْ تَبَيَّنَ إذًا إذْ كَانَ الْأَمْر عَلَى مَا وَصَفْنَا فَسَاد تَأْوِيل مَنْ قَالَ ذَلِكَ : فَأْتُوهُنَّ فِي فُرُوجهنَّ حَيْثُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ إتْيَانهنَّ فِي حَال حَيْضهنَّ , وَصِحَّة الْقَوْل الَّذِي قُلْنَاهُ , وَهُوَ أَنَّ مَعْنَاهُ : فَأْتُوهُنَّ فِي فُرُوجهنَّ مِنْ الْوَجْه الَّذِي أَذِنَ اللَّه لَكُمْ بِإِتْيَانِهِنَّ , وَذَلِكَ حَال طُهْرهنَّ وَتَطَهُّرهنَّ دُون حَال حَيْضهنَّ .

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إنَّ اللَّه يُحِبّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبّ الْمُتَطَهِّرِينَ } يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ : { إنَّ اللَّه يُحِبّ التَّوَّابِينَ } الْمُنِيبِينَ مِنْ الْإِدْبَار عَنْ اللَّه وَعَنْ طَاعَته إلَيْهِ وَإِلَى طَاعَته وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى التَّوْبَة قَبْل . وَاخْتُلِفَ فِي مَعْنَى قَوْله : { وَيُحِبّ الْمُتَطَهِّرِينَ } فَقَالَ بَعْضهمْ : هُمْ الْمُتَطَهِّرُونَ بِالْمَاءِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3443 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثنا طَلْحَة , عَنْ عَطَاء قَوْله : { إنَّ اللَّه يُحِبّ التَّوَّابِينَ } قَالَ : التَّوَّابِينَ مِنْ الذُّنُوب , { وَيُحِبّ الْمُتَطَهِّرِينَ } قَالَ : الْمُتَطَهِّرِينَ بِالْمَاءِ لِلصَّلَاةِ . * - حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن حَازِم , قَالَ : ثنا أَبُو نُعَيْم , قَالَ : ثنا طَلْحَة , عَنْ عَطَاء , مِثْله . * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : حَدَّثَنَا وَكِيع , عَنْ طَلْحَة بْن عَمْرو , عَنْ عَطَاء : { إنَّ اللَّه يُحِبّ التَّوَّابِينَ } مِنْ الذُّنُوب لَمْ يُصِيبُوهَا { وَيُحِبّ الْمُتَطَهِّرِينَ } بِالْمَاءِ لِلصَّلَاةِ . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ اللَّه يُحِبّ التَّوَّابِينَ مِنْ الذُّنُوب , وَيُحِبّ الْمُتَطَهِّرِينَ مِنْ أَدْبَار النِّسَاء أَنْ يَأْتُوهَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3444 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن حَازِم , قَالَ : ثنا أَبُو نُعَيْم , قَالَ : ثنا إبْرَاهِيم بْن نَافِع , قَالَ : سَمِعْت سُلَيْمَان مَوْلَى أُمّ عَلِيّ , قَالَ : سَمِعْت مُجَاهَدًا يَقُول : مَنْ أَتَى امْرَأَته فِي دُبُرهَا فَلَيْسَ مِنْ الْمُتَطَهِّرِينَ . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : "

وَيُحِبّ الْمُتَطَهِّرِينَ " مِنْ الذُّنُوب أَنْ يَعُودُوا فِيهَا بَعْد التَّوْبَة بِهَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3445 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ ابْن جُرَيْجٍ , عَنْ مُجَاهِد : { يُحِبّ التَّوَّابِينَ } مِنْ الذُّنُوب لَمْ يُصِيبُوهَا , { وَيُحِبّ الْمُتَطَهِّرِينَ } مِنْ الذُّنُوب : لَا يَعُودُونَ فِيهَا . وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : إنَّ اللَّه يُحِبّ التَّوَّابِينَ مِنْ الذُّنُوب , وَيُحِبّ الْمُتَطَهِّرِينَ بِالْمَاءِ لِلصَّلَاةِ ; لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْأَغْلَب مِنْ ظَاهِر مَعَانِيه . وَذَلِكَ أَنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره ذَكَرَ أَمْر الْمَحِيض , فَنَهَاهُمْ عَنْ أُمُور كَانُوا يَفْعَلُونَهَا فِي جَاهِلِيَّتهمْ , مِنْ تَرْكهمْ مُسَاكَنَة الْحَائِض وَمُؤَاكَلَتهَا وَمُشَارَبَتهَا , وَأَشْيَاء غَيْر ذَلِكَ مِمَّا كَانَ تَعَالَى ذِكْره يَكْرَههَا مِنْ عِبَاده . فَلَمَّا اسْتَفْتَى أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ أَوْحَى اللَّه تَعَالَى إلَيْهِ فِي ذَلِكَ , فَبَيَّنَ لَهُمْ مَا يَكْرَههُ مِمَّا يَرْضَاهُ وَيُحِبّهُ , وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ يُحِبّ مِنْ خَلْقه مَنْ أَنَابَ إلَى رِضَاهُ وَمَحَبَّته , تَائِبًا مِمَّا يَكْرَههُ . وَكَانَ مِمَّا بَيَّنَ لَهُمْ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ حَرَّمَ عَلَيْهِمْ إتْيَان نِسَائِهِمْ وَإِنْ طَهُرْنَ مِنْ حَيْضهنَّ حَتَّى يَغْتَسِلْنَ , ثُمَّ قَالَ : { وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ } فَإِنَّ اللَّه يُحِبّ الْمُتَطَهِّرِينَ , يَعْنِي بِذَلِكَ الْمُتَطَهِّرِينَ مِنْ الْجَنَابَة وَالْأَحْدَاث لِلصَّلَاةِ , وَالْمُتَطَهِّرَات بِالْمَاءِ مِنْ الْحَيْض وَالنِّفَاس وَالْجَنَابَة وَالْأَحْدَاث مِنْ النِّسَاء . وَإِنَّمَا قَالَ : وَيُحِبّ الْمُتَطَهِّرِينَ , وَلَمْ يَقُلْ الْمُتَطَهِّرَات , وَإِنَّمَا جَرَى قَبْل ذَلِكَ ذِكْر التَّطَهُّر لِلنِّسَاءِ ; لِأَنَّ ذَلِكَ بِذِكْرِ الْمُتَطَهِّرِينَ يَجْمَع الرِّجَال وَالنِّسَاء , وَلَوْ ذَكَرَ ذَلِكَ بِذِكْرِ الْمُتَطَهِّرَات لَمْ يَكُنْ لِلرِّجَالِ فِي ذَلِكَ حَظّ , وَكَانَ لِلنِّسَاءِ خَاصَّة , فَذَكَرَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره بِالذِّكْرِ الْعَامّ جَمِيع عِبَاده الْمُكَلَّفِينَ , إذْ كَانَ قَدْ تَعَبَّدَ جَمِيعهمْ بِالتَّطَهُّرِ بِالْمَاءِ , وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْأَسْبَاب الَّتِي تُوجِب التَّطَهُّر عَلَيْهِمْ بِالْمَاءِ فِي بَعْض الْمَعَانِي وَاتَّفَقَتْ فِي بَعْض .
نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُمْ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّكُم مُّلاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَسورة البقرة الآية رقم 223
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { نِسَاؤُكُمْ حَرْث لَكُمْ } يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِذَلِكَ : نِسَاؤُكُمْ مُزْدَرَع أَوْلَادكُمْ , فَأْتُوا مُزْدَرَعكُمْ كَيْفَ شِئْتُمْ , وَأَيْنَ شِئْتُمْ . وَإِنَّمَا عَنَى بِالْحَرْثِ الْمُزْدَرَع , وَالْحَرْث هُوَ الزَّرْع , وَلَكِنَّهُنَّ لَمَّا كُنَّ مِنْ أَسِبَاب الْحَرْث جُعِلْنَ حَرْثًا , إذْ كَانَ مَفْهُومًا مَعْنَى الْكَلَام . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل

. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3446 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عُبَيْد الْمُحَارِبِيَّ , قَالَ : ثنا ابْن الْمُبَارَك , عَنْ يُونُس , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ ابْن عَبَّاس : { فَأْتُوا حَرْثكُمْ } قَالَ : مَنْبَت الْوَلَد . 3447 - حَدَّثَنِي مُوسَى , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { نِسَاؤُكُمْ حَرْث لَكُمْ } أَمَّا الْحَرْث فَهِيَ مَزْرَعَة يَحْرُث فِيهَا .

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَأْتُوا حَرْثكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ } يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِذَلِكَ : فَانْكِحُوا مُزْدَرَع أَوْلَادكُمْ مِنْ حَيْثُ شِئْتُمْ مِنْ وُجُوه الْمَأْتَى . وَالْإِتْيَان فِي هَذَا الْمَوْضِع كِنَايَة عَنْ اسْم الْجِمَاع . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى قَوْله : { أَنَّى شِئْتُمْ } فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى أَنَّى : كَيْفَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3448 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا ابْن عَطِيَّة , قَالَ : ثنا شَرِيك , عَنْ عَطَاء , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ ابْن عَبَّاس : { فَأْتُوا حَرْثكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ } قَالَ : يَأْتِيهَا كَيْفَ شَاءَ مَا لَمْ يَكُنْ يَأْتِيهَا فِي دُبُرهَا أَوْ فِي الْحَيْض . * - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن إسْحَاق , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثنا شَرِيك , عَنْ عَطَاء , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ ابْن عَبَّاس قَوْله : { نِسَاؤُكُمْ حَرْث لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ } قَالَ : ائْتِهَا أَنَّى شِئْت مُقْبِلَة وَمُدْبِرَة , مَا لَمْ تَأْتِهَا فِي الدُّبُر وَالْمَحِيض . 3449 - حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن دَاوُد قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ ابْن عَبَّاس قَوْله : { فَأْتُوا حَرْثكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ } يَعْنِي بِالْحَرْثِ : الْفَرْج , يَقُول : تَأْتِيه كَيْفَ شِئْت مُسْتَقْبِلَة وَمُسْتَدْبِرَة وَعَلَى أَيّ ذَلِكَ أَرَدْت بَعْد أَنْ لَا تُجَاوِز الْفَرْج إلَى غَيْره , وَهُوَ قَوْله : { فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللَّه } . 3450 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن إسْحَاق الْأَهْوَازِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثنا شَرِيك , عَنْ عَبْد الْكَرِيم , عَنْ عِكْرِمَة : { فَأْتُوا حَرْثكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ } قَالَ : يَأْتِيهَا كَيْفَ شَاءَ مَا لَمْ يَعْمَل عَمَل قَوْم لُوط . 3451 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن إسْحَاق , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثنا الْحَسَن بْن صَالِح , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد : { فَأْتُوا حَرْثكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ } قَالَ : يَأْتِيهَا كَيْفَ شَاءَ , وَاتَّقِ الدُّبُر وَالْحَيْض . 3452 - حَدَّثَنِي عُبَيْد اللَّه بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : ثني يَزِيد أَنَّ ابْن كَعْب كَانَ يَقُول : إنَّمَا قَوْله : { فَأْتُوا حَرْثكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ } يَقُول : ائْتِهَا مُضْطَجِعَة وَقَائِمَة وَمُنْحَرِفَة وَمُقْبِلَة وَمُدْبِرَة كَيْفَ شِئْت إذَا كَانَ فِي قُبُلهَا . 3453 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا حُصَيْن , عَنْ مُرَّة الْهَمْدَانِيّ , قَالَ : سَمِعْته يُحَدِّث : أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْيَهُود لَقِيَ رَجُلًا

مِنْ الْمُسْلِمِينَ , فَقَالَ لَهُ : أَيَأْتِي أَحَدكُمْ أَهْله بَارِكًا ؟ قَالَ : نَعَمْ , قَالَ : فَذَكَرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة : { نِسَاؤُكُمْ حَرْث لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ } يَقُول : كَيْفَ شَاءَ بَعْد أَنْ يَكُون فِي الْفَرْج . 3454 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة قَوْله : { نِسَاؤُكُمْ حَرْث لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ } إنْ شِئْت قَائِمًا أَوْ قَاعِدًا أَوْ عَلَى جَنْب إذَا كَانَ يَأْتِيهَا مِنْ الْوَجْه الَّذِي يَأْتِي مِنْهُ الْمَحِيض , وَلَا يَتَعَدَّى ذَلِكَ إلَى غَيْره . 3455 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْن هَارُونَ , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن حَمَّاد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { فَأْتُوا حَرْثكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ } ائْتِ حَرْثك كَيْفَ شِئْت مِنْ قُبُلهَا , وَلَا تَأْتِيهَا فِي دُبُرهَا , { أَنَّى شِئْتُمْ } قَالَ : كَيْفَ شِئْتُمْ . 3456 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَمْرو بْن الْحَارِث , عَنْ سَعِيد بْن أَبِي هِلَال أَنَّ عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ حَدَّثَهُ : أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ نَاسًا مِنْ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَلَسُوا يَوْمًا وَرَجُل مِنْ الْيَهُود قَرِيب مِنْهُمْ , فَجَعَلَ بَعْضهمْ يَقُول : إنِّي لَآتِي امْرَأَتِي وَهِيَ مُضْطَجِعَة , وَيَقُول الْآخَر : إنِّي لَآتِيهَا وَهِيَ قَائِمَة , وَيَقُول الْآخَر : إنِّي لَآتِيهَا عَلَى جَنْبهَا وَبَارِكَة فَقَالَ الْيَهُودِيّ : مَا أَنْتُمْ إلَّا أَمْثَال الْبَهَائِم , وَلَكِنَّا إنَّمَا نَأْتِيهَا عَلَى هَيْئَة وَاحِدَة , فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره : { نِسَاؤُكُمْ حَرْث لَكُمْ } فَهُوَ الْقُبُل . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى : { أَنَّى شِئْتُمْ } مِنْ حَيْثُ شِئْتُمْ , وَأَيّ وَجْه أَحْبَبْتُمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3457 - حَدَّثَنَا سَهْل بْن مُوسَى الرَّازِيّ , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي فُدَيْك , عَنْ إبْرَاهِيم بْن إسْمَاعِيل بْن أَبِي حَبِيبَة الْأَشْهَلِيّ , عَنْ دَاوُد بْن الْحُصَيْن , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ ابْن عَبَّاس : أَنَّهُ كَانَ يَكْرَه أَنْ تُؤْتَى الْمَرْأَة فِي دُبُرهَا وَيَقُول : إنَّمَا الْحَرْث مِنْ الْقُبُل الَّذِي يَكُون مِنْهُ النَّسْل وَالْحَيْض . وَيَنْهَى عَنْ إتْيَان الْمَرْأَة فِي دُبُرهَا وَيَقُول : إنَّمَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة : { نِسَاؤُكُمْ حَرْث لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ } يَقُول : مِنْ أَيّ وَجْه شِئْتُمْ . 3458 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا ابْن وَاضِح , قَالَ : ثنا الْعَتَكِيّ , عَنْ عِكْرِمَة : { فَأْتُوا حَرْثكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ } قَالَ : ظَهْرهَا لِبَطْنِهَا غَيْر مُعَاجِزَة , يَعْنِي الدُّبُر . 3459 - حَدَّثَنَا عُبَيْد اللَّه بْن سَعْد , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ يَزِيد , عَنْ الْحَارِث بْن كَعْب , عَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب , قَالَ : إنَّ ابْن عَبَّاس كَانَ يَقُول : اسْقِ نَبَاتك مِنْ حَيْثُ نَبَاته . 3460 - حُدِّثْت عَنْ عَمَّار , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع قَوْله : { فَأْتُوا حَرْثكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ } يَقُول : مِنْ أَيْنَ شِئْتُمْ . ذُكِرَ لَنَا وَاَللَّه أَعْلَم أَنَّ الْيَهُود قَالُوا : إنَّ الْعَرَب يَأْتُونَ النِّسَاء مِنْ قِبَل أَعْجَازهنَّ , فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ جَاءَ الْوَلَد أَحْوَل ; فَأَكْذَبَ اللَّه أُحْدُوثَتهمْ , فَقَالَ : { نِسَاؤُكُمْ حَرْث لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ } . 3461 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا حَجَّاج , عَنْ ابْن جُرَيْجٍ , عَنْ مُجَاهِد قَالَ : يَقُول : ائْتُوا النِّسَاء فِي [ غَيْر ] أَدْبَارهنَّ عَلَى كُلّ نَحْو , قَالَ ابْن جُرَيْجٍ : سَمِعْت عَطَاء بْن أَبِي رَبَاح قَالَ : تَذَاكَرْنَا هَذَا عِنْد ابْن عَبَّاس , فَقَالَ ابْن عَبَّاس : ائْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ شِئْتُمْ مُقْبِلَة وَمُدْبِرَة فَقَالَ رَجُل : كَأَنَّ هَذَا حَلَال . فَأَنْكَرَ عَطَاء أَنْ يَكُون هَذَا هَكَذَا , وَأَنْكَرَهُ , كَأَنَّهُ إنَّمَا يُرِيد الْفَرْج مُقْبِلَة وَمُدْبِرَة فِي الْفَرْج . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى قَوْله : { أَنَّى شِئْتُمْ } مَتَى شِئْتُمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3462 - حُدِّثْنَا عَنْ حُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ الْفَضْل بْن خَالِد , قَالَ : أَخْبَرَنَا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { فَأْتُوا حَرْثكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ } يَقُول : مَتَى شِئْتُمْ . 3463 - حَدَّثَنِي يُونُس بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : ثنا أَبُو صَخْر , عَنْ أَبِي مُعَاوِيَة الْبَجَلِيّ , وَهُوَ عَمَّار الدُّهْنِيّ , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر أَنَّهُ قَالَ : بَيْنَا أَنَا وَمُجَاهِد جَالِسَانِ عِنْد ابْن عَبَّاس , أَتَاهُ رَجُل فَوَقَفَ عَلَى رَأْسه , فَقَالَ : يَا أَبَا الْعَبَّاس - أَوْ يَا أَبَا الْفَضْل - أَلَا تَشْفِينِي عَنْ آيَة الْمَحِيض ؟ فَقَالَ : بَلَى ! فَقَرَأَ : { وَيَسْأَلُونَك عَنْ الْمَحِيض } حَتَّى بَلَغَ آخِر الْآيَة , فَقَالَ ابْن عَبَّاس : مِنْ حَيْثُ جَاءَ الدَّم مِنْ ثَمَّ أُمِرْت أَنْ تَأْتِي , فَقَالَ لَهُ الرَّجُل : يَا أَبَا الْفَضْل كَيْفَ بِالْآيَةِ الَّتِي تَتْبَعهَا { نِسَاؤُكُمْ حَرْث لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ } ؟ فَقَالَ : إي وَيْحك وَفِي الدُّبُر مِنْ حَرْث ؟ لَوْ كَانَ مَا تَقُول حَقًّا لَكَانَ الْمَحِيض مَنْسُوخًا إذَا اُشْتُغِلَ مِنْ هَهُنَا جِئْت مِنْ هَهُنَا ! وَلَكِنْ أَنَّى شِئْتُمْ مِنْ اللَّيْل وَالنَّهَار . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : أَيْنَ شِئْتُمْ , وَحَيْثُ شِئْتُمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3464 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن عَوْن , عَنْ نَافِع , قَالَ : كَانَ ابْن عُمَر إذَا قُرِئَ الْقُرْآن لَمْ يَتَكَلَّم , قَالَ : فَقَرَأَتْ ذَات يَوْم هَذِهِ الْآيَة : { نِسَاؤُكُمْ حَرْث لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ } فَقَالَ : أَتَدْرِي فِيمَنْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة ؟ قُلْت : لَا , قَالَ : نَزَلَتْ فِي إتْيَان النِّسَاء فِي أَدْبَارهنَّ . * - حَدَّثَنِي إبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّه بْن مُسْلِم أَبُو مُسْلِم , قَالَ : ثنا أَبُو عُمَر الضَّرِير , قَالَ : ثنا إسْمَاعِيل بْن إبْرَاهِيم , صَاحِب الْكَرَابِيسِيّ , عَنْ ابْن عَوْن , عَنْ نَافِع , قَالَ : كُنْت أُمْسِك عَلَى ابْن عُمَر الْمُصْحَف , إذْ تَلَا هَذِهِ الْآيَة : { نِسَاؤُكُمْ حَرْث لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ } فَقَالَ : أَنْ يَأْتِيهَا فِي دُبُرهَا . 3465 - حَدَّثَنِي عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الْحَكَم , قَالَ : ثنا عَبْد الْمَلِك بْن مَسْلَمَةَ , قَالَ : ثنا الدَّرَاوَرْدِيّ , قَالَ : قِيلَ لِزَيْدِ بْن أَسْلَم : إنَّ مُحَمَّد بْن الْمُنْكَدِر يَنْهَى عَنْ إتْيَان النِّسَاء فِي أَدْبَارهنَّ فَقَالَ زَيْد : أَشْهَد عَلَى مُحَمَّد لَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ يَفْعَلهُ . 3466 - حَدَّثَنِي عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الْحَكَم , قَالَ : ثنا أَبُو زَيْد عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد بْن أَبِي الْغِمْر , قَالَ : ثني عَبْد الرَّحْمَن بْن الْقَاسِم , عَنْ مَالِك بْن أَنَس , أَنَّهُ قِيلَ لَهُ : يَا أَبَا عَبْد اللَّه إنَّ النَّاس يَرْوُونَ عَنْ سَالِم : " وَكَذَبَ الْعَبْد أَوْ الْعِلْج عَلَى أَبِي " , فَقَالَ مَالِك : أَشْهَد عَلَى يَزِيد بْن رُومَان أَنَّهُ أَخْبَرَنِي , عَنْ سَالِم بْن عَبْد اللَّه , عَنْ ابْن عُمَر مِثْل مَا قَالَ نَافِع . فَقِيلَ لَهُ : إنَّ الْحَارِث بْن يَعْقُوب يَرْوِي عَنْ أَبِي الْحُبَابِ سَعِيد بْن يَسَار أَنَّهُ سَأَلَ ابْن عُمَر , فَقَالَ لَهُ : يَا أَبَا عَبْد الرَّحْمَن إنَّا نَشْتَرِي الْجَوَارِي , فَنُحَمِّض لَهُنَّ ؟ فَقَالَ : وَمَا التَّحْمِيض ؟ قَالَ : الدُّبُر فَقَالَ ابْن عُمَر : أُفّ أُفّ , يَفْعَل ذَلِكَ مُؤْمِن ؟ أَوْ قَالَ مُسْلِم . فَقَالَ مَالِك : أَشْهَد عَلَى رَبِيعَة لَأَخْبَرَنِي عَنْ أَبِي الْحُبَابِ عَنْ ابْن عُمَر مِثْل مَا قَالَ نَافِع . 3467 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن إسْحَاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَمْرو بْن طَارِق , قَالَ : أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْن أَيُّوب , عَنْ مُوسَى بْن أَيُّوب الْغَافِقِيَّ , قَالَ : قُلْت لِأَبِي مَاجِد الزِّيَادِيّ : إنَّ نَافِعًا يُحَدِّث عَنْ ابْن عُمَر : فِي دُبُر الْمَرْأَة فَقَالَ : كَذَبَ نَافِع , صَحِبْت ابْن عُمَر وَنَافِع مَمْلُوك , فَسَمِعْته يَقُول : مَا نَظَرْت إلَى فَرْج امْرَأَتِي مُنْذُ كَذَا وَكَذَا . 3468 - حَدَّثَنِي أَبُو قِلَابَةَ قَالَ : ثنا عَبْد الصَّمَد , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَيُّوب , عَنْ نَافِع , عَنْ ابْن عُمَر : { فَأْتُوا حَرْثكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ } قَالَ : فِي الدُّبُر . 3469 - حَدَّثَنِي أَبُو مُسْلِم , قَالَ : ثنا أَبُو عُمَر الضَّرِير , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن زُرَيْعٍ , قَالَ ثنا رَوْح بْن الْقَاسِم , عَنْ قَتَادَة قَالَ : سُئِلَ أَبُو الدَّرْدَاء عَنْ إتْيَان النِّسَاء فِي أَدْبَارهنَّ , فَقَالَ : هَلْ يَفْعَل ذَلِكَ إلَّا كَافِر قَالَ رَوْح : فَشَهِدْت ابْن أَبِي مُلَيْكَة يَسْأَل عَنْ ذَلِكَ , فَقَالَ : قَدْ أَرَدْته مِنْ جَارِيَة لِي الْبَارِحَة فَاعْتَاصَ عَلِيّ , فَاسْتَعَنْت بِدُهْنٍ أَوْ بِشَحْمٍ , قَالَ : فَقُلْت لَهُ : سُبْحَان اللَّه أَخْبَرَنَا قَتَادَة أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاء قَالَ : هَلْ يَفْعَل ذَلِكَ إلَّا كَافِر ! فَقَالَ : لَعَنَك اللَّه وَلَعَنَ قَتَادَة ! فَقُلْت : لَا أُحَدِّث عَنْك شَيْئًا أَبَدًا , ثُمَّ نَدِمْت بَعْد ذَلِكَ . وَاعْتَلَّ قَائِلُو هَذِهِ الْمَقَالَة لِقَوْلِهِمْ بِمَا : 3470 - حَدَّثَنِي بِهِ مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الْحَكَم , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْر بْن أَبِي أُوَيْس الْأَعْشَى , عَنْ سُلَيْمَان بْن بِلَال , عَنْ زَيْد بْن أَسْلَم , عَنْ ابْن عُمَر : أَنَّ رَجُلًا أَتَى امْرَأَته فِي دُبُرهَا , فَوَجَدَ فِي نَفْسه مِنْ ذَلِكَ , فَأَنْزَلَ اللَّه : { نِسَاؤُكُمْ حَرْث لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ } . 3471 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنِي ابْن نَافِع , عَنْ هِشَام بْن سَعْد , عَنْ زَيْد بْن أَسْلَم , عَنْ عَطَاء بْن يَسَار : أَنَّ رَجُلًا أَصَابَ امْرَأَته فِي دُبُرهَا عَلَى عَهْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَنْكَرَ النَّاس ذَلِكَ وَقَالُوا : أَثْفَرَهَا فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره : { نِسَاؤُكُمْ حَرْث لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ } . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : ائْتُوا حَرْثكُمْ كَيْفَ شِئْتُمْ , إنْ شِئْتُمْ فَاعْزِلُوا وَإِنْ شِئْتُمْ فَلَا تَعْزِلُوا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3472 - حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن إسْحَاق , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثنا الْحَسَن بْن صَالِح , عَنْ لَيْث , عَنْ عِيسَى بْن سِنَان , عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب : { فَأْتُوا حَرْثكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ } إنْ شِئْتُمْ فَاعْزِلُوا , وَإِنْ شِئْتُمْ فَلَا تَعْزِلُوا . 3473 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا وَكِيع , عَنْ يُونُس , عَنْ أَبِي إسْحَاق , عَنْ زَائِدَة بْن عُمَيْر , عَنْ ابْن عَبَّاس قَالَ : إنْ شِئْت فَاعْزِلْ , وَإِنْ شِئْت فَلَا تَعْزِل . وَأَمَّا الَّذِينَ قَالُوا : مَعْنَى قَوْله : { أَنَّى شِئْتُمْ } كَيْفَ شِئْتُمْ مُقْبِلَة وَمُدْبِرَة فِي الْفَرْج وَالْقُبُل , فَإِنَّهُمْ قَالُوا : إنَّ الْآيَة إنَّمَا نَزَلَتْ فِي اسْتِنْكَار قَوْم مِنْ الْيَهُود اسْتَنْكَرُوا إتْيَان النِّسَاء فِي أَقْبَالهنَّ مِنْ قِبَل أَدْبَارهنَّ , قَالُوا : وَفِي ذَلِكَ دَلِيل عَلَى صِحَّة مَا قُلْنَا مِنْ أَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ عَلَى مَا قُلْنَا . وَاعْتَلُّوا لِقَيْلِهِمْ ذَلِكَ بِمَا : 3474 - حَدَّثَنِي بِهِ أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا الْمُحَارِبِيَّ , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن إسْحَاق , عَنْ أَبَانَ بْن صَالِح , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : عَرَضْت الْمُصْحَف عَلَى ابْن عَبَّاس ثَلَاث عَرْضَات مِنْ فَاتِحَته إلَى خَاتِمَته أُوقِفهُ عِنْد كُلّ آيَة وَأَسْأَلهُ عَنْهَا , حَتَّى انْتَهَى إلَى هَذِهِ الْآيَة : { نِسَاؤُكُمْ حَرْث لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ } فَقَالَ ابْن عَبَّاس : إنَّ هَذَا الْحَيّ مِنْ قُرَيْش , كَانُوا يَشْرَحُونَ النِّسَاء بِمَكَّة , وَيَتَلَذَّذُونَ بِهِنَّ مُقْبِلَات وَمُدْبِرَات . فَلَمَّا قَدِمُوا الْمَدِينَة تَزَوَّجُوا فِي الْأَنْصَار , فَذَهَبُوا لِيَفْعَلُوا بِهِنَّ كَمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ بِالنِّسَاءِ بِمَكَّة , فَأَنْكَرْنَ ذَلِكَ وَقُلْنَ : هَذَا شَيْء لَمْ نَكُنْ نُؤْتَى عَلَيْهِ فَانْتَشَرَ الْحَدِيث حَتَّى انْتَهَى إلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره فِي ذَلِكَ : { نِسَاؤُكُمْ حَرْث لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ } إنْ شِئْت فَمُقْبِلَة وَإِنْ شِئْت فَمُدْبِرَة وَإِنْ شِئْت فَبَارِكَة وَإِنَّمَا يَعْنِي بِذَلِكَ مَوْضِع الْوَلَد لِلْحَرْثِ , يَقُول : ائْتِ الْحَرْث مِنْ حَيْثُ شِئْت . * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا يُونُس بْن بُكَيْر , عَنْ مُحَمَّد بْن إسْحَاق بِإِسْنَادِهِ نَحْوه . 3475 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا ابْن مَهْدِيّ , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ مُحَمَّد بْن الْمُنْكَدِر , قَالَ : سَمِعْت جَابِرًا يَقُول : إنَّ الْيَهُود كَانُوا يَقُولُونَ : إذَا جَامِع الرَّجُل أَهْله فِي فَرْجهَا مِنْ وَرَائِهَا كَانَ وَلَده أَحَوْل , فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره : { نِسَاؤُكُمْ حَرْث لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ } . * - حَدَّثَنَا مُجَاهِد بْن مُوسَى , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن هَارُونَ , قَالَ : أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيّ , عَنْ مُحَمَّد بْن الْمُنْكَدِر , عَنْ جَابِر بْن عَبْد اللَّه قَالَ : قَالَتْ الْيَهُود : إذَا أَتَى الرَّجُل امْرَأَته فِي قُبُلهَا مِنْ دُبُرهَا وَكَانَ بَيْنهمَا وَلَد كَانَ أَحَوْل , فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره : { نِسَاؤُكُمْ حَرْث لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ } . 3476 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحِيم بْن سُلَيْمَان , عَنْ عَبْد اللَّه بْن عُثْمَان ابْن خُثَيْم , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن سَابِط , عَنْ حَفْصَة بِنْت عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي بَكْر , عَنْ أُمّ سَلَمَة زَوْج النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَتْ : تَزَوَّجَ رَجُل امْرَأَة , فَأَرَادَ أَنْ يَجْبِيهَا , فَأَبَتْ عَلَيْهِ وَقَالَتْ : حَتَّى أَسْأَل رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَتْ أُمّ سَلَمَة : فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِي . فَذَكَرَتْ أُمّ سَلَمَة ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : " أَرْسِلِي إلَيْهَا ! " فَلَمَّا جَاءَتْ قَرَأَ عَلَيْهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { نِسَاؤُكُمْ حَرْث لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ } " صِمَامًا وَاحِدًا , صِمَامًا وَاحِدًا " . * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا مُعَاوِيَة بْن هِشَام , عَنْ سُفْيَان بْن عَبْد اللَّه بْن عُثْمَان , عَنْ ابْن سَابِط , عَنْ حَفْصَة ابْنَة عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي بَكْر , عَنْ أُمّ سَلَمَة , قَالَتْ : قَدِمَ الْمُهَاجِرُونَ فَتَزَوَّجُوا فِي الْأَنْصَار , وَكَانُوا يَجُبُّونَ , وَكَانَتْ الْأَنْصَار لَا تَفْعَل ذَلِكَ , فَقَالَتْ امْرَأَة لِزَوْجِهَا : حَتَّى آتِي النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْأَلهُ عَنْ ذَلِكَ . فَأَتَتْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَاسْتَحْيَتْ أَنْ تَسْأَلهُ , فَسَأَلْت أَنَا . فَدَعَاهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَرَأَ عَلَيْهَا : { نِسَاؤُكُمْ حَرْث لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثكُمْ . أَنَّى شِئْتُمْ } " صِمَامًا وَاحِدًا صِمَامًا وَاحِدًا " . * - حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن إسْحَاق , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ عَبْد اللَّه بْن عُثْمَان , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن سَابِط , عَنْ حَفْصَة بِنْت عَبْد الرَّحْمَن , عَنْ أُمّ سَلَمَة , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِهِ . * - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار وَابْن الْمُثَنَّى , قَالَا : ثنا ابْن مَهْدِيّ , قَالَ : ثنا سُفْيَان الثَّوْرِيّ , عَنْ عَبْد اللَّه بْن عُثْمَان بْن خُثَيْم , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن سَابِط , عَنْ حَفْصَة ابْنَة عَبْد الرَّحْمَن , عَنْ أُمّ سَلَمَة , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { نِسَاؤُكُمْ حَرْث لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ } قَالَ : " صِمَامًا وَاحِدًا , صِمَامًا وَاحِدًا " . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن مَعْمَر الْبَحْرَانِيّ , قَالَ : ثنا يَعْقُوب بْن إسْحَاق الْحَضْرَمِيّ , قَالَ : ثني وُهَيْب , قَالَ : ثني عَبْد اللَّه بْن عُثْمَان , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن سَابِط قَالَ : قُلْت لِحَفْصَةَ : إنِّي أُرِيد أَنْ أَسْأَلك عَنْ شَيْء وَأَنَا أَسْتَحِي مِنْك أَنْ أَسْأَلك , قَالَتْ : سَلْ يَا بُنَيّ عَمَّا بَدَا لَك ! قُلْت : أَسْأَلك عَنْ غِشْيَان النِّسَاء فِي أَدْبَارهنَّ ؟ قَالَتْ : حَدَّثَتْنِي أُمّ سَلَمَة , قَالَتْ : كَانَتْ الْأَنْصَار لَا تُجْبِي , وَكَانَ الْمُهَاجِرُونَ يَجُبُّونَ , فَتَزَوَّجَ رَجُل مِنْ الْمُهَاجِرِينَ امْرَأَة مِنْ الْأَنْصَار . ثُمَّ ذَكَرَ نَحْو حَدِيث أَبِي كُرَيْب , عَنْ مُعَاوِيَة بْن هِشَام . * - حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثني وَهْب بْن جَرِير , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ ابْن الْمُنْكَدِر : قَالَ : سَمِعْت جَابِر بْن عَبْد اللَّه , يَقُول : إنَّ الْيَهُود كَانُوا يَقُولُونَ : إذَا أَتَى الرَّجُل امْرَأَته بَارِكَة جَاءَ الْوَلَد أَحَوْل , فَنَزَلَتْ { نِسَاؤُكُمْ حَرْث لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ } . 3477 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه الطُّوسِيّ , قَالَ : ثنا الْحَسَن بْن مُوسَى , قَالَ : ثنا يَعْقُوب الْقُمِّيّ , عَنْ جَعْفَر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَالَ : جَاءَ عُمَر إلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُول اللَّه هَلَكْت ! قَالَ : " وَمَا الَّذِي أَهْلَكَك ؟ " قَالَ : حَوَّلْت رَحْلِي اللَّيْلَة , قَالَ : فَلَمْ يَرُدّ عَلَيْهِ شَيْئًا , قَالَ : فَأَوْحَى اللَّه إلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْآيَة : { نِسَاؤُكُمْ حَرْث لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ } " أَقْبِلْ وَأَدْبِرْ , وَاتَّقِ الدُّبُر وَالْحَيْضَة " . 3478 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْن يَحْيَى الْمِصْرِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح الْحَرَّانِيُّ , قَالَ : ثنا ابْن لَهِيعَة , عَنْ يَزِيد بْن أَبِي حَبِيب أَنَّ عَامِر بْن يَحْيَى أَخْبَرَهُ عَنْ حَنَش الصَّنْعَانِيّ , عَنْ ابْن عَبَّاس : أَنَّ نَاسًا مِنْ حِمْيَر أَتَوْا إلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُونَهُ عَنْ أَشْيَاء , فَقَالَ رَجُل مِنْهُمْ : يَا رَسُول اللَّه إنِّي رَجُل أُحِبّ النِّسَاء , فَكَيْف تَرَى فِي ذَلِكَ ؟ فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره فِي سُورَة الْبَقَرَة بَيَان مَا سَأَلُوا عَنْهُ , وَأَنْزَلَ فِيمَا سَأَلَ عَنْهُ الرَّجُل : { نِسَاؤُكُمْ حَرْث لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ } فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " وَائْتِهَا مُقْبِلَة وَمُدْبِرَة إذَا كَانَ ذَلِكَ فِي الْفَرْج " . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدنَا قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَى قَوْله { أَنَّى شِئْتُمْ } مِنْ أَيّ وَجْه شِئْتُمْ , وَذَلِكَ أَنَّ أَنَّى فِي كَلَام الْعَرَب كَلِمَة تَدُلّ إذَا اُبْتُدِئَ بِهَا فِي الْكَلَام عَلَى الْمَسْأَلَة عَنْ الْوُجُوه وَالْمَذَاهِب , فَكَأَنَّ الْقَائِل إذَا قَالَ لِرَجُلٍ : أَنَّى لَك هَذَا الْمَال ؟ يُرِيد مِنْ أَيّ الْوُجُوه لَك , لِذَلِك يُجِيب الْمُجِيب فِيهِ بِأَنْ يَقُول : مِنْ كَذَا وَكَذَا , كَمَا قَالَ تَعَالَى ذِكْره مُخْبِرًا عَنْ زَكَرِيَّا وَفِي مَسْأَلَته مَرْيَم : { أَنَّى لَك هَذَا قَالَتْ هُوَ مَنْ عِنْد اللَّه } 3 37 وَهِيَ مُقَارِبَة أَيْنَ وَكَيْفَ فِي الْمَعْنَى , وَلِذَلِكَ تَدَاخَلَتْ مَعَانِيهَا , فَأَشْكَلَتْ " أَنَّى " عَلَى سَامِعهَا وَمُتَأَوِّلهَا حَتَّى تَأَوَّلَهَا بَعْضهمْ بِمَعْنَى أَيْنَ , وَبَعْضهمْ بِمَعْنَى كَيْفَ , وَآخَرُونَ بِمَعْنَى مَتَى , وَهِيَ مُخَالِفَة جَمِيع ذَلِكَ فِي مَعْنَاهَا وَهُنَّ لَهَا مُخَالِفَات . وَذَلِكَ أَنَّ " أَيْنَ " إنَّمَا هِيَ حَرْف اسْتِفْهَام عَنْ الْأَمَاكِن وَالْمَحَالّ , وَإِنَّمَا يُسْتَدَلّ عَلَى افْتِرَاق مَعَانِي هَذِهِ الْحُرُوف بِافْتِرَاقِ الْأَجْوِبَة عَنْهَا . أَلَا تَرَى أَنَّ سَائِلًا لَوْ سَأَلَ آخَر فَقَالَ : أَيْنَ مَالك ؟ لَقَالَ بِمَكَانِ كَذَا , وَلَوْ قَالَ لَهُ : أَيْنَ أَخُوك ؟ لَكَانَ الْجَوَاب أَنْ يَقُول : بِبَلْدَةِ كَذَا , أَوْ بِمَوْضِعِ كَذَا , فَيُجِيبهُ بِالْخَبَرِ عَنْ مَحَلّ مَا سَأَلَهُ عَنْ مَحَلّه , فَيَعْلَم أَنَّ أَيْنَ مَسْأَلَة عَنْ الْمَحَلّ . وَلَوْ قَالَ قَائِل لِآخَر : كَيْفَ أَنْت ؟ لَقَالَ : صَالِح أَوْ بِخَيْرٍ أَوْ فِي عَافِيَة , وَأَخْبَرَهُ عَنْ حَاله الَّتِي هُوَ فِيهَا , فَيَعْلَم حِينَئِذٍ أَنَّ كَيْفَ مَسْأَلَة عَنْ حَال الْمَسْئُول عَنْ حَاله . وَلَوْ قَالَ لَهُ : أَنَّى يُحْيِي اللَّه هَذَا الْمَيِّت ؟ لَكَانَ الْجَوَاب أَنْ يُقَال : مِنْ وَجْه كَذَا وَوَجْه كَذَا , فَيَصِف قَوْلًا نَظِير مَا وَصَفَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره لِلَّذِي قَالَ : { أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّه بَعْد مَوْتهَا } 2 259 فِعْلًا حِين بَعَثَهُ مِنْ بَعْد مَمَاته . وَقَدْ فَرَّقَتْ الشُّعَرَاء بَيْن ذَلِكَ فِي أَشْعَارهَا , فَقَالَ الْكُمَيْت بْن زَيْد : تَذَكَّرَ مِنْ أَنَّى وَمِنْ أَيْنَ شُرْبه يُؤَامِر نَفْسَيْهِ كَذِي الْهَجْمَة الْأَبِل وَقَالَ أَيْضًا : أَنَّى وَمِنْ أَيْنَ نَابَك الطَّرَب مَنْ حَيْثُ لَا صَبْوَة وَلَا رَيْب فَيُجَاء ب " أَنَّى " لِلْمَسْأَلَةِ عَنْ الْوَجْه و " أَيْنَ " لِلْمَسْأَلَةِ عَنْ الْمَكَان , فَكَأَنَّهُ قَالَ : مِنْ أَيّ وَجْه وَمِنْ أَيّ مَوْضِع رَجَعَك الطَّرِب . وَاَلَّذِي يَدُلّ عَلَى فَسَاد قَوْل مَنْ تَأَوَّلَ قَوْل اللَّه تَعَالَى ذِكْره : { فَأْتُوا حَرْثكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ } كَيْفَ شِئْتُمْ , أَوْ تَأَوَّلَهُ بِمَعْنَى حَيْثُ شِئْتُمْ , أَوْ بِمَعْنَى مَتَى شِئْتُمْ , أَوْ بِمَعْنَى أَيْنَ شِئْتُمْ ; أَنَّ قَائِلًا لَوْ قَالَ لِآخَر : أَنَّى تَأْتِي أَهْلك ؟ لَكَانَ الْجَوَاب أَنْ يَقُول : مِنْ قُبُلهَا أَوْ مِنْ دُبُرهَا , كَمَا أَخْبَرَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره عَنْ مَرْيَم إذْ سُئِلَتْ : { أَنَّى لَك هَذَا } أَنَّهَا قَالَتْ : { هُوَ مِنْ عِنْد اللَّه } 3 37 . وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ هُوَ الْجَوَاب , فَمَعْلُوم أَنَّ مَعْنَى قَوْل اللَّه تَعَالَى ذِكْره : { فَأْتُوا حَرْثكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ } إنَّمَا هُوَ : فَأْتُوا حَرْثكُمْ مِنْ حَيْثُ شِئْتُمْ مِنْ وُجُوه الْمَأْتَى , وَأَنَّ مَا عَدَا ذَلِكَ مِنْ التَّأْوِيلَات فَلَيْسَ لِلْآيَةِ بِتَأْوِيلٍ . وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ هُوَ الصَّحِيح , فَبَيِّن خَطَأ قَوْل مَنْ زَعَمَ أَنَّ قَوْله : { فَأْتُوا حَرْثكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ } دَلِيل عَلَى إبَاحَة إتْيَان النِّسَاء فِي الْأَدْبَار , لِأَنَّ الدُّبُر لَا يُحْتَرَث فِيهِ , وَإِنَّمَا قَالَ تَعَالَى ذِكْره : { حَرْث لَكُمْ } فَأْتُوا الْحَرْث مِنْ أَيّ وُجُوهه شِئْتُمْ , وَأَيّ مُحْتَرَث فِي الدُّبُر فَيُقَال ائْتِهِ مِنْ وَجْهه . وَتَبَيَّنَ بِمَا بَيَّنَّا صِحَّة مَعْنَى مَا رُوِيَ عَنْ جَابِر وَابْن عَبَّاس مِنْ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ فِيمَا كَانَتْ الْيَهُود تَقُولهُ لِلْمُسْلِمِينَ إذَا أَتَى الرَّجُل الْمَرْأَة مِنْ دُبُرهَا فِي قُبُلهَا جَاءَ الْوَلَد أَحَوْل .

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ } اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : قَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ الْخَيْر . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3479 - حَدَّثَنِي مُوسَى , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , أَمَّا قَوْله : { وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ } فَالْخَيْر . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ { وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ } ذِكْر اللَّه عِنْد الْجِمَاع وَإِتْيَان الْحَرْث قَبْل إتْيَانه ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3480 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني مُحَمَّد بْن كَثِير , عَنْ عَبْد اللَّه بْن وَاقِد , عَنْ عَطَاء , قَالَ : أُرَاهُ عَنْ ابْن عَبَّاس : { وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ } قَالَ : التَّسْمِيَة عِنْد الْجِمَاع يَقُول بِسْمِ اللَّه . وَاَلَّذِي هُوَ أَوْلَى بِتَأْوِيلِ الْآيَة , مَا رُوِّينَا عَنْ السُّدِّيّ , وَهُوَ أَنَّ قَوْله : { وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ } أَمْر مِنْ اللَّه تَعَالَى ذِكْره عِبَاده بِتَقْدِيمِ الْخَيْر , وَالصَّالِح مِنْ الْأَعْمَال لِيَوْمِ مَعَادهمْ إلَى رَبّهمْ , عِدَّة مِنْهُمْ ذَلِكَ لِأَنْفُسِهِمْ عِنْد لِقَائِهِ فِي مَوْقِف الْحِسَاب , فَإِنَّهُ قَالَ : تَعَالَى ذِكْره : { وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْر تَجِدُوهُ عِنْد اللَّه } 2 110 وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ أَوْلَى بِتَأْوِيلِ الْآيَة , لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره عَقَّبَ قَوْله : { وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ } بِالْأَمْرِ بِاتِّقَائِهِ فِي رُكُوب

مَعَاصِيه , فَكَانَ الَّذِي هُوَ أَوْلَى بِأَنْ يَكُون الَّذِي قَبْل التَّهْدِيد عَلَى الْمَعْصِيَة عَامًّا الْأَمْر بِالطَّاعَةِ عَامًّا . فَإِنْ قَالَ لَنَا قَائِل : وَمَا وَجْه الْأَمْر بِالطَّاعَةِ بِقَوْلِهِ : { وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ } مِنْ قَوْله : { نِسَائِكُمْ حَرْث لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ } ؟ قِيلَ : إنَّ ذَلِكَ لَمْ يَقْصِد بِهِ مَا تَوَهَّمْته , وَإِنَّمَا عَنَى بِهِ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ الْخَيْرَات الَّتِي نَدَبْنَاكُمْ إلَيْهَا بِقَوْلِنَا : { يَسْأَلُونَك مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْر فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ } وَمَا بَعْده مِنْ سَائِر مَا سَأَلُوا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَجِيبُوا عَنْهُ مِمَّا ذَكَرَهُ اللَّه تَعَالَى ذِكْره فِي هَذِهِ الْآيَات , ثُمَّ قَالَ تَعَالَى ذِكْره : قَدْ بَيَّنَّا لَكُمْ مَا فِيهِ رُشْدكُمْ وَهِدَايَتكُمْ إلَى مَا يُرْضِي رَبّكُمْ عَنْكُمْ , فَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ الْخَيْر الَّذِي أَمَرَكُمْ بِهِ , وَاِتَّخِذُوا عِنْده بِهِ عَهْدًا لِتَجِدُوهُ لَدَيْهِ إذَا لَقِيتُمُوهُ فِي مَعَادكُمْ , وَاتَّقُوهُ فِي مَعَاصِيه أَنْ تَقْرَبُوهَا وَفِي حُدُوده أَنْ تُضَيِّعُوهَا , وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ لَا مَحَالَة مُلَاقُوهُ فِي مَعَادكُمْ , فَمُجَازٍ الْمُحْسِن مِنْكُمْ بِإِحْسَانِهِ وَالْمُسِيء بِإِسَاءَتِهِ .

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاتَّقُوا اللَّه وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ } وَهَذَا تَحْذِير مِنْ اللَّه تَعَالَى ذِكْره عِبَاده أَنْ يَأْتُوا شَيْئًا مِمَّا نَهَاهُمْ عَنْهُ مِنْ

مَعَاصِيه , وَتَخْوِيف لَهُمْ عِقَابه عِنْد لِقَائِهِ , كَمَا قَدْ بَيَّنَّا قَبْل , وَأَمْر لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد أَنْ يُبَشِّر مِنْ عِبَاده بِالْفَوْزِ يَوْم الْقِيَامَة , وَبِكَرَامَةِ الْآخِرَة , وَبِالْخُلُودِ فِي الْجَنَّة مَنْ كَانَ مِنْهُمْ مُحْسِنًا مُؤْمِنًا بِكُتُبِهِ وَرُسُله وَبِلِقَائِهِ , مُصَدِّقًا إيمَانه قَوْلًا بِعَمَلِهِ مَا أَمْره بِهِ رَبّه , وَافْتَرَضَ عَلَيْهِ مِنْ فَرَائِضه فِيمَا أَلْزَمَهُ وَمِنْ حُقُوقه , وَبِتَجَنُّبِهِ مَا أَمَرَهُ بِتَجَنُّبِهِ مِنْ مَعَاصِيه .
وَلاَ تَجْعَلُواْ اللَّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ أَن تَبَرُّواْ وَتَتَّقُواْ وَتُصْلِحُواْ بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌسورة البقرة الآية رقم 224
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَا تَجْعَلُوا اللَّه عُرْضَة لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْن النَّاس } اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل قَوْله : { وَلَا تَجْعَلُوا اللَّه عُرْضَة لِأَيْمَانِكُمْ } فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : وَلَا تَجْعَلُوهُ عِلَّة لِأَيْمَانِكُمْ , وَذَلِكَ إذَا سُئِلَ أَحَدكُمْ الشَّيْء مِنْ الْخَيْر وَالْإِصْلَاح بَيْن النَّاس , قَالَ : عَلَيَّ يَمِين بِاَللَّهِ أَلَّا أَفْعَل

ذَلِكَ , أَوْ قَدْ حَلَفْت بِاَللَّهِ أَنْ لَا أَفْعَلهُ . فَيَعْتَلّ فِي تَرْكه فِعْل الْخَيْر وَالْإِصْلَاح بَيْن النَّاس بِالْحَلِفِ بِاَللَّهِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3481 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ ابْن طَاوُس , عَنْ أَبِيهِ : { وَلَا تَجْعَلُوا اللَّه عُرْضَة لِأَيْمَانِكُمْ } قَالَ : هُوَ الرَّجُل يَحْلِف عَلَى الْأَمْر الَّذِي لَا يَصْلُح , ثُمَّ يَعْتَلّ بِيَمِينِهِ يَقُول اللَّه : { إنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا } هُوَ خَيْر لَهُ مِنْ أَنْ يَمْضِي عَلَى مَا لَا يَصْلُح , وَإِنْ حَلَفْت كَفَّرْت عَنْ يَمِينك وَفَعَلْت الَّذِي هُوَ خَيْر لَك . * - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سُوَيْدَ بْن نَصْر , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن الْمُبَارَك , عَنْ مَعْمَر ; عَنْ ابْن طَاوُس , عَنْ أَبِيهِ مِثْله , إلَّا أَنَّهُ قَالَ : وَإِنْ حَلَفْت فَكَفِّرْ عَنْ يَمِينك , وَافْعَلْ الَّذِي هُوَ خَيْر . 3482 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا عُبَيْد اللَّه عَنْ إسْرَائِيل , عَنْ السُّدِّيّ , عَمَّنْ حَدَّثَهُ , عَنْ ابْن عَبَّاس فِي قَوْله : { وَلَا تَجْعَلُوا اللَّه عُرْضَة لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْن النَّاس } قَالَ : هُوَ أَنْ يَحْلِف الرَّجُل أَنْ لَا يُكَلِّم قَرَابَته وَلَا يَتَصَدَّق , أَوْ يَكُون بَيْنه وَبَيْن إنْسَان مُغَاضَبَة , فَيَحْلِف لَا يُصْلِح بَيْنهمَا وَيَقُول : قَدْ حَلَفْت , قَالَ : يُكَفِّر عَنْ يَمِينه , { وَلَا تَجْعَلُوا اللَّه عُرْضَة لِأَيْمَانِكُمْ } . 3483 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن زُرَيْعٍ , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة قَوْله : { وَلَا تَجْعَلُوا اللَّه عُرْضَة لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا } يَقُول : لَا تَعْتَلُّوا بِاَللَّهِ أَنْ يَقُول أَحَدكُمْ : إنَّهُ تَأَلَّى أَنْ لَا يَصِل رَحِمًا , وَلَا يَسْعَى فِي صَلَاح , وَلَا يَتَصَدَّق مِنْ مَاله , مَهْلًا مَهْلًا ! بَارَكَ اللَّه فِيكُمْ ! فَإِنَّ هَذَا الْقُرْآن إنَّمَا جَاءَ بِتَرْكِ أَمْر الشَّيْطَان , فَلَا تُطِيعُوهُ , وَلَا تُنَفِّذُوا لَهُ أَمْرًا فِي شَيْء مِنْ نُذُوركُمْ وَلَا أَيْمَانكُمْ . 3484 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا ابْن مَهْدِيّ , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ أَبِي حُصَيْن , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر : { وَلَا تَجْعَلُوا اللَّه عُرْضَة لِأَيْمَانِكُمْ } قَالَ : هُوَ الرَّجُل يَحْلِف لَا يُصْلِح بَيْن النَّاس وَلَا يَبَرّ , فَإِذَا قِيلَ لَهُ قَالَ : قَدْ حَلَفْت . 3485 - حَدَّثَنِي الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ ابْن جُرَيْجٍ , قَالَ : سَأَلْت عَطَاء عَنْ قَوْله : { وَلَا تَجْعَلُوا اللَّه عُرْضَة لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْن النَّاس } قَالَ : الْإِنْسَان يَحْلِف أَنْ لَا يَصْنَع الْخَيْر الْأَمْر الْحَسَن يَقُول حَلَفْت , قَالَ اللَّه : افْعَلْ الَّذِي هُوَ خَيْر , وَكَفِّرْ عَنْ يَمِينك , وَلَا تَجْعَل اللَّه عُرْضَة . 3486 - حُدِّثْنَا عَنْ عَمَّار بْن الْحَسَن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ قَالَ : أَخْبَرَنَا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { وَلَا تَجْعَلُوا اللَّه عُرْضَة لِأَيْمَانِكُمْ . . . } الْآيَة , هُوَ الرَّجُل يُحَرِّم مَا أَحَلَّ اللَّه لَهُ عَلَى نَفْسه , فَيَقُول : قَدْ حَلَفْت فَلَا يَصْلُح إلَّا أَنْ أَبَرّ يَمِينِي , فَأَمَرَهُمْ اللَّه أَنْ يُكَفِّرُوا أَيْمَانهمْ , وَيَأْتُوا الْحَلَال . 3487 - حَدَّثَنَا مُوسَى , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { وَلَا تَجْعَلُوا اللَّه عُرْضَة لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْن النَّاس } أَمَّا { عُرْضَة } فَيَعْرِض بَيْنك وَبَيْن الرَّجُل الْأَمْر , فَتَحْلِف بِاَللَّهِ لَا تُكَلِّمهُ وَلَا تَصِلهُ , وَأَمَّا { تَبَرُّوا } فَالرَّجُل يَحْلِف لَا يَبَرّ ذَا رَحِمه , فَيَقُول : قَدْ حَلَفْت , فَأَمَرَ اللَّه أَنْ لَا يَعْرِض بِيَمِينِهِ بَيْنه وَبَيْن ذِي رَحِمه , وَلْيَبَرَّهُ وَلَا يُبَالِي بِيَمِينِهِ , وَأَمَّا { تُصْلِحُوا } فَالرَّجُل يُصْلِح بَيْن الِاثْنَيْنِ فَيَعْصِيَانِهِ , فَيَحْلِف أَنْ لَا يُصْلِح بَيْنهمَا , فَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُصْلِح وَلَا يُبَالِي بِيَمِينِهِ , وَهَذَا قَبْل أَنْ تَنْزِل الْكَفَّارَات . 3488 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سُوَيْد , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن الْمُبَارَك , عَنْ هُشَيْم , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إبْرَاهِيم فِي قَوْله : { وَلَا تَجْعَلُوا اللَّه عُرْضَة لِأَيْمَانِكُمْ } قَالَ : يَحْلِف أَنْ لَا يَتَّقِي اللَّه وَلَا يَصِل رَحِمه وَلَا يُصْلِح بَيْن اثْنَيْنِ , فَلَا يَمْنَعهُ يَمِينه . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَلَا تَعْتَرِضُوا بِالْحَلِفِ بِاَللَّهِ فِي كَلَامكُمْ فِيمَا بَيْنكُمْ , فَتَجْعَلُوا ذَلِكَ حُجَّة لِأَنْفُسِكُمْ فِي تَرْك فِعْل الْخَيْر . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3489 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى بْن إبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ ابْن عَبَّاس قَوْله : { وَلَا تَجْعَلُوا اللَّه عُرْضَة لِأَيْمَانِكُمْ } يَقُول : لَا تَجْعَلنِي عُرْضَة لِيَمِينِك أَنْ لَا تَصْنَع الْخَيْر , وَلَكِنْ كَفِّرْ عَنْ يَمِينك وَاصْنَعْ الْخَيْر . 3490 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ ابْن عَبَّاس قَوْله : { وَلَا تَجْعَلُوا اللَّه عُرْضَة لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْن النَّاس } كَانَ الرَّجُل يَحْلِف عَلَى الشَّيْء مِنْ الْبِرّ وَالتَّقْوَى وَلَا يَفْعَلهُ , فَنَهَى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ عَنْ ذَلِكَ , فَقَالَ : { وَلَا تَجْعَلُوا اللَّه عُرْضَة لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا } . 3491 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا مُغِيرَة عَنْ إبْرَاهِيم فِي قَوْله : { وَلَا تَجْعَلُوا اللَّه عُرْضَة لِأَيْمَانِكُمْ } قَالَ : هُوَ الرَّجُل يَحْلِف أَنْ لَا يَبَرّ قَرَابَته وَلَا يَصِل رَحِمه وَلَا يُصْلِح بَيْن اثْنَيْنِ . يَقُول : فَلْيَفْعَلْ وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينه . 3492 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن يَزِيد , عَنْ إبْرَاهِيم النَّخَعِيّ فِي قَوْله : { وَلَا تَجْعَلُوا اللَّه عُرْضَة لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْن النَّاس } قَالَ : لَا تَحْلِف أَنْ لَا تَتَّقِي اللَّه , وَلَا تَحْلِف أَنْ لَا تَبَرّ وَلَا تَعْمَل خَيْرًا , وَلَا تَحْلِف أَنْ لَا تَصِل , وَلَا تَحْلِف أَنْ لَا تُصْلِح بَيْن النَّاس , وَلَا تَحْلِف أَنْ تَقْتُل وَتَقْطَع . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : أَخْبَرَنَا هُشَيْم , عَنْ دَاوُد , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر وَمُغِيرَة عَنْ إبْرَاهِيم فِي قَوْله : { وَلَا تَجْعَلُوا اللَّه عُرْضَة . . . } الْآيَة , قَالَا : هُوَ الرَّجُل يَحْلِف أَنْ يَبَرّ وَلَا يَتَّقِي وَلَا يُصْلِح بَيْن النَّاس , وَأُمِرَ أَنْ يَتَّقِي اللَّه , وَيُصْلِح بَيْن النَّاس , وَيُكَفِّر عَنْ يَمِينه . 3493 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة قَالَ : حَدَّثَنَا شِبْل , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : { وَلَا تَجْعَلُوا اللَّه عُرْضَة لِأَيْمَانِكُمْ } فَأُمِرُوا بِالصِّلَةِ وَالْمَعْرُوف وَالْإِصْلَاح بَيْن النَّاس , فَإِنْ حَلَفَ حَالِف أَنْ لَا يَفْعَل ذَلِكَ فَلْيَفْعَلْهُ وَلْيَدَعْ يَمِينه . 3494 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إسْحَاق , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع فِي قَوْله : { وَلَا تَجْعَلُوا اللَّه عُرْضَة لِأَيْمَانِكُمْ } الْآيَة , قَالَ ذَلِكَ فِي الرَّجُل يَحْلِف أَنْ لَا يَبَرّ وَلَا يَصِل رَحِمه وَلَا يُصْلِح بَيْن النَّاس , فَأَمَرَهُ اللَّه أَنْ يَدَع يَمِينه وَيَصِل رَحِمه وَيَأْمُر بِالْمَعْرُوفِ وَيُصْلِح بَيْن النَّاس . 3495 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إسْحَاق , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن حَرْب , قَالَ : ثنا ابْن لَهِيعَة , عَنْ أَبِي الْأَسْوَد , عَنْ عُرْوَة , عَنْ عَائِشَة فِي قَوْله : { وَلَا تَجْعَلُوا اللَّه عُرْضَة لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْن النَّاس } قَالَتْ : لَا تَحْلِفُوا بِاَللَّهِ وَإِنْ بَرَرْتُمْ . 3496 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ ابْن جُرَيْجٍ , قَالَ : حُدِّثْت أَنَّ قَوْله : { وَلَا تَجْعَلُوا اللَّه عُرْضَة لِأَيْمَانِكُمْ } الْآيَة , نَزَلَتْ فِي أَبِي بَكْر فِي شَأْن مِسْطَح . * - حَدَّثَنَا هَنَّاد , قَالَ : ثنا ابْن فُضَيْل , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إبْرَاهِيم قَوْله : { وَلَا تَجْعَلُوا اللَّه عُرْضَة لِأَيْمَانِكُمْ } الْآيَة , قَالَ : يَحْلِف الرَّجُل أَنْ لَا يَأْمُر بِالْمَعْرُوفِ , وَلَا يَنْهَى عَنْ الْمُنْكَر , وَلَا يَصِل رَحِمه . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , ثنا سُوَيْد , أَخْبَرَنَا ابْن الْمُبَارَك , عَنْ هُشَيْم , عَنْ الْمُغِيرَة , عَنْ إبْرَاهِيم فِي قَوْله : { وَلَا تَجْعَلُوا اللَّه عُرْضَة لِأَيْمَانِكُمْ } قَالَ : يَحْلِف أَنْ لَا يَتَّقِي اللَّه , وَلَا يَصِل رَحِمه , وَلَا يُصْلِح بَيْن اثْنَيْنِ , فَلَا يَمْنَعهُ يَمِينه . 3497 - حَدَّثَنِي ابْن عَبْد الرَّحِيم الْبَرْقِيّ , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن أَبِي سَلَمَة , عَنْ سَعِيد , عَنْ مَكْحُول أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْل اللَّه تَعَالَى ذِكْره : { وَلَا تَجْعَلُوا اللَّه عُرْضَة لِأَيْمَانِكُمْ } قَالَ : هُوَ أَنْ يَحْلِف الرَّجُل أَنْ لَا يَصْنَع خَيْرًا وَلَا يَصِل رَحِمه وَلَا يُصْلِح بَيْن النَّاس , نَهَاهُمْ اللَّه عَنْ ذَلِكَ . وَأَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ بِالْآيَةِ تَأْوِيل مَنْ قَالَ : مَعْنَى ذَلِكَ لَا تَجْعَلُوا الْحَلِف بِاَللَّهِ حُجَّة لَكُمْ فِي تَرْك فِعْل الْخَيْر فِيمَا بَيْنكُمْ وَبَيْن اللَّه وَبَيْن النَّاس . وَذَلِكَ أَنَّ الْعُرْضَة فِي كَلَام الْعَرَب : الْقُوَّة وَالشِّدَّة , يُقَال مِنْهُ : هَذَا الْأَمْر عُرْضَة لَهُ , يَعْنِي بِذَلِكَ : قُوَّة لَك عَلَى أَسْبَابك , وَيُقَال : فُلَانَة عُرْضَة لِلنِّكَاحِ : أَيْ قُوَّة , وَمِنْهُ قَوْل كَعْب بْن زُهَيْر فِي صِفَة نُوق : مِنْ كُلّ نَضَّاخَة الذِّفْرَى إذَا عَرِقَتْ عُرْضَتهَا طَامِس الْأَعْلَام مَجْهُول يَعْنِي ب " عُرْضَتهَا " : قُوَّتهَا وَشِدَّتهَا . فَمَعْنَى قَوْله تَعَالَى ذِكْره : { وَلَا تَجْعَلُوا اللَّه عُرْضَة لِأَيْمَانِكُمْ } إذًا : لَا تَجْعَلُوا اللَّه قُوَّة لِأَيْمَانِكُمْ فِي أَنْ لَا تَبَرُّوا , وَلَا تَتَّقُوا , وَلَا تُصْلِحُوا بَيْن النَّاس , وَلَكِنْ إذَا حَلَفَ أَحَدكُمْ فَرَأَى الَّذِي هُوَ خَيْر مِمَّا حَلَفَ عَلَيْهِ مِنْ تَرْك الْبِرّ وَالْإِصْلَاح بَيْن النَّاس فَلْيَحْنَثْ فِي يَمِينه , وَلْيَبَرَّ , وَلِيَتَّقِ اللَّه , وَلْيُصْلِحْ بَيْن النَّاس , وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينه . وَتَرَكَ ذِكْر " لَا " مِنْ الْكَلَام لِدَلَالَةِ الْكَلَام عَلَيْهَا وَاكْتِفَاء بِمَا ذَكَرَ عَمَّا تَرَكَ , كَمَا قَالَ امْرُؤُ الْقَيْس : فَقُلْت يَمِين اللَّه أَبْرَح قَاعِدًا وَلَوْ قَطَعُوا رَأْسِي لَدَيْك وَأَوْصَالِي بِمَعْنَى : فَقُلْت : يَمِين اللَّه لَا أَبْرَح . فَحَذَفَ " لَا " اكْتِفَاء بِدَلَالَةِ الْكَلَام عَلَيْهَا . وَأَمَّا قَوْله : { أَنْ تَبَرُّوا } فَإِنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي تَأْوِيل الْبِرّ الَّذِي عَنَاهُ اللَّه تَعَالَى ذِكْره , فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ فِعْل الْخَيْر كُلّه . وَقَالَ آخَرُونَ : هُوَ الْبِرّ بِذِي رَحِمه , وَقَدْ ذَكَرْت قَائِلِي ذَلِكَ فِيمَا مَضَى . وَأَوْلَى ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : عَنَى بِهِ فِعْل الْخَيْر كُلّه , وَذَلِكَ أَنَّ أَفْعَال الْخَيْر كُلّهَا مِنْ الْبِرّ . وَلَمْ يُخَصِّص اللَّه فِي قَوْله { أَنْ تَبَرُّوا } مَعْنًى دُون مَعْنًى مِنْ مَعَانِي الْبِرّ , فَهُوَ عَلَى عُمُومه , وَالْبِرّ بِذَوِي الْقَرَابَة أَحَد مَعَانِي الْبِرّ . وَأَمَّا قَوْله : { وَتَتَّقُوا } فَإِنَّ مَعْنَاهُ : أَنْ تَتَّقُوا رَبّكُمْ فَتَحْذَرُوهُ وَتَحْذَرُوا عِقَابه فِي فَرَائِضه وَحُدُوده أَنْ تُضَيِّعُوهَا أَوْ تَتَعَدَّوْهَا , وَقَدْ ذَكَرْنَا تَأْوِيل مَنْ تَأَوَّلَ ذَلِكَ أَنَّهُ بِمَعْنَى التَّقْوَى قَبْل . وَقَالَ آخَرُونَ فِي تَأْوِيله بِمَا : 3498 - حَدَّثَنِي بِهِ مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ ابْن عَبَّاس فِي قَوْله : { أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا } قَالَ : كَانَ الرَّجُل يَحْلِف عَلَى الشَّيْء مِنْ الْبِرّ وَالتَّقْوَى لَا يَفْعَلهُ , فَنَهَى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ عَنْ ذَلِكَ , فَقَالَ : { وَلَا تَجْعَلُوا اللَّه عُرْضَة لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْن النَّاس } الْآيَة , قَالَ : وَيُقَال : لَا يَتَّقِ بَعْضكُمْ بَعْضًا بِي , تَحْلِفُونَ بِي وَأَنْتُمْ كَاذِبُونَ لِيُصَدِّقكُمْ النَّاس وَتُصْلِحُونَ بَيْنهمْ , فَذَلِكَ قَوْله : { أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا . . . } الْآيَة . وَأَمَّا قَوْله : { وَتُصْلِحُوا بَيْن النَّاس } فَهُوَ الْإِصْلَاح بَيْنهمْ بِالْمَعْرُوفِ فِيمَا لَا مَأْثَم فِيهِ , وَفِيمَا يُحِبّهُ اللَّه دُون مَا يَكْرَههُ . وَأَمَّا الَّذِي ذَكَرْنَا عَنْ السُّدِّيّ مِنْ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ قَبْل نُزُول كَفَّارَات الْأَيْمَان , فَقَوْل لَا دَلَالَة عَلَيْهِ مِنْ كِتَاب وَلَا سُنَّة , وَالْخَبَر عَمَّا كَانَ لَا تُدْرَك صِحَّته إلَّا بِخَبَرٍ صَادِق , وَإِلَّا كَانَ دَعْوَى لَا يُتَعَذَّر مِثْلهَا وَخِلَافهَا عَلَى أَحَد . وَغَيْر مُحَال أَنْ تَكُون هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ بَعْد بَيَان كَفَّارَات الْأَيْمَان فِي سُوَره الْمَائِدَة , وَاكْتَفَى بِذِكْرِهَا هُنَاكَ عَنْ إعَادَتهَا هَهُنَا , إذْ كَانَ الْمُخَاطَبُونَ بِهَذِهِ الْآيَة قَدْ عَلِمُوا الْوَاجِب مِنْ الْكَفَّارَات فِي الْأَيْمَان الَّتِي يَحْنَث فِيهَا الْحَالِف .

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاَللَّه سَمِيع عَلِيم } يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِذَلِكَ : وَاَللَّه سَمِيع لِمَا يَقُولهُ الْحَالِف مِنْكُمْ بِاَللَّهِ إذَا حَلَفَ , فَقَالَ : وَاَللَّه لَا أَبَرّ , وَلَا أَتَّقِي , وَلَا أُصْلِح بَيْن النَّاس , وَلِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ قَيْلكُمْ وَأَيْمَانكُمْ , عَلِيم بِمَا تَقْصِدُونَ وَتَبْتَغُونَ بِحَلِفِكُمْ ذَلِكَ , الْخَيْر تُرِيدُونَ أَمْ غَيْره , لِأَنِّي عَلَّام الْغُيُوب وَمَا تَضْمُرهُ الصُّدُور , لَا تَخْفَى عَلَيَّ خَافِيَة , وَلَا يَنْكَتِم عَنِّي أَمْر عُلِنَ فَظَهَرَ أَوْ خُفِيَ فَبَطَنَ , وَهَذَا مِنْ اللَّه تَعَالَى ذِكْره تَهَدَّدَ وَوَعِيد . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَاتَّقُونِ أَيّهَا

النَّاس أَنَّ تُظْهِرُوا بِأَلْسِنَتِكُمْ مِنْ الْقَوْل , أَوْ بِأَبْدَانِكُمْ مِنْ الْفِعْل , مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ , أَوْ تَضْمُرُوا فِي أَنَفْسكُمْ , وَتَعْزِمُوا بِقُلُوبِكُمْ مِنْ الْإِرَادَات وَالنِّيَّات فِعْل مَا زَجَرْتُكُمْ عَنْهُ , فَتَسْتَحِقُّوا بِذَلِكَ مِنِّي الْعُقُوبَة الَّتِي قَدْ عَرَّفْتُكُمُوهَا , فَإِنِّي مُطَّلِع عَلَى جَمِيع مَا تُعْلِنُونَهُ أَوْ تُسِرُّونَهُ .
لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِيَ أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌسورة البقرة الآية رقم 225
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { لَا يُؤَاخِذكُمْ اللَّه بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُمْ } اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل قَوْله : { لَا يُؤَاخِذكُمْ اللَّه بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُمْ } وَفِي مَعْنَى اللَّغْو . فَقَالَ بَعْضهمْ فِي مَعْنَاهُ : لَا يُؤَاخِذكُمْ اللَّه بِمَا سَبَقَتْكُمْ بِهِ أَلْسِنَتكُمْ مِنْ الْأَيْمَان عَلَى عَجَلَة وَسُرْعَة , فَيُوجِب عَلَيْكُمْ بِهِ كَفَّارَة إذَا لَمْ تَقْصِدُوا الْحَلِف وَالْيَمِين , وَذَلِكَ كَقَوْلِ الْقَائِل : فَعَلَ هَذَا وَاَللَّه , أَوْ أَفْعَلهُ وَاَللَّه , أَوْ لَا أَفْعَلهُ وَاَللَّه , عَلَى سُبُوق الْمُتَكَلِّم بِذَلِكَ لِسَانه بِمَا وَصَلَ بِهِ كَلَامه مِنْ الْيَمِين . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3499 - حَدَّثَنِي إسْحَاق بْن إبْرَاهِيم بْن حَبِيب بْن الشَّهِيد , قَالَ : ثنا عَتَّاب بْن بَشِير , عَنْ خُصَيْف , عَنْ عِكْرِمَة عَنْ ابْن عَبَّاس : { لَا يُؤَاخِذكُمْ اللَّه بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُمْ } قَالَ : هِيَ بَلَى وَاَللَّه , وَلَا وَاَللَّه . 3500 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ ابْن إسْحَاق , عَنْ الزُّهْرِيّ , عَنْ الْقَاسِم , عَنْ عَائِشَة فِي قَوْله : { لَا يُؤَاخِذكُمْ اللَّه بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُمْ } قَالَتْ : لَا وَاَللَّه , وَبَلَى وَاَللَّه . * - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ عَطَاء , عَنْ عَائِشَة نَحْوه . * - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ ابْن إسْحَاق , عَنْ هِشَام بْن عُرْوَة , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : سَأَلْت عَائِشَة عَنْ لَغْو الْيَمِين , قَالَتْ : هُوَ لَا وَاَللَّه , وَبَلَى وَاَللَّه , مَا يَتَرَاجَع بِهِ النَّاس . * - حَدَّثَنَا هَنَّاد , قَالَ : ثنا وَكِيع وَعَبَدَة وَأَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ هِشَام بْن عُرْوَة , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَائِشَة فِي قَوْل اللَّه { لَا يُؤَاخِذكُمْ اللَّه بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُمْ } قَالَتْ : لَا وَاَللَّه , وَبَلَى وَاَللَّه . * - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ هِشَام بْن عُرْوَة , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَائِشَة : { لَا يُؤَاخِذكُمْ اللَّه بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُمْ } قَالَتْ : لَا وَاَللَّه , وَبَلَى اللَّه , يَصِل بِهَا كَلَامه . * - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام بْن سَلَم , عَنْ عَبْد الْمَلِك , عَنْ عَطَاء قَالَ : دَخَلْت مَعَ عُبَيْد بْن عُمَيْر عَلَى عَائِشَة فَقَالَ لَهَا : يَا أُمّ الْمُؤْمِنِينَ قَوْله : { لَا يُؤَاخِذكُمْ اللَّه بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُمْ } قَالَتْ : هُوَ لَا وَاَللَّه , وَبَلَى وَاَللَّه , لَيْسَ مِمَّا عَقَدْتُمْ الْأَيْمَان . * - حَدَّثَنِي

يَعْقُوب بْن إبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن أَبِي لَيْلَى , عَنْ عَطَاء , قَالَ : أَتَيْت عَائِشَة مَعَ عُبَيْد بْن عُمَيْر , فَسَأَلَهَا عُبَيْد عَنْ قَوْله : { لَا يُؤَاخِذكُمْ اللَّه بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُمْ } فَقَالَتْ عَائِشَة : هُوَ قَوْل الرَّجُل : لَا وَاَللَّه , وَبَلَى وَاَللَّه , مَا لَمْ يَعْقِد عَلَيْهِ قَلْبه . * - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن جُرَيْجٍ , عَنْ عَطَاء , قَالَ : انْطَلَقْت مَعَ عُبَيْد بْن عُمَيْر إلَى عَائِشَة وَهِيَ مُجَاوِرَة فِي ثَبِير , فَسَأَلَهَا عُبَيْد عَنْ لَغْو الْيَمِين , قَالَتْ : لَا وَاَللَّه , وَبَلَى وَاَللَّه . 3501 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن مُوسَى الْحَرَسِيّ , قَالَ : ثنا حَسَّان بْن إبْرَاهِيم الْكَرْمَانِيّ , قَالَ : ثنا إبْرَاهِيم الصَّائِغ , عَنْ عَطَاء فِي قَوْله : { لَا يُؤَاخِذكُمْ اللَّه بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُمْ } قَالَ : قَالَتْ عَائِشَة : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " وَهُوَ قَوْل الرَّجُل فِي بَيْته كَلَّا وَاَللَّه وَبَلَى وَاَللَّه " . 3502 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ الزُّهْرِيّ , عَنْ عُرْوَة , عَنْ عَائِشَة فِي قَوْله : { لَا يُؤَاخِذكُمْ اللَّه بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُمْ } قَالَتْ : هُمْ الْقَوْم يَتَدَارَءُونَ فِي الْأَمْر , فَيَقُول هَذَا : لَا وَاَللَّه , وَبَلَى وَاَللَّه , وَكَلَّا وَاَللَّه , يَتَدَارَءُونَ فِي الْأَمْر لَا تَعْقِد عَلَيْهِ قُلُوبهمْ . 3503 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ الشَّعْبِيّ فِي قَوْله : { لَا يُؤَاخِذكُمْ اللَّه بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُمْ } قَالَ : قَوْل الرَّجُل : لَا وَاَللَّه , وَبَلَى وَاَللَّه , يَصِل بِهِ كَلَامه لَيْسَ فِيهِ كَفَّارَة . * - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا الْمُغِيرَة , عَنْ الشَّعْبِيّ , قَالَ : هُوَ الرَّجُل يَقُول : لَا وَاَللَّه , وَبَلَى وَاَللَّه , يَصِل حَدِيثه . * - حَدَّثَنَا حُمَيْد بْن مَسْعَدَةَ , قَالَ : ثنا بِشْر بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا ابْن عَوْن , قَالَ : سَأَلْت عَامِرًا عَنْ قَوْله : { لَا يُؤَاخِذكُمْ اللَّه بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُمْ } قَالَ : هُوَ لَا وَاَللَّه , وَبَلَى وَاَللَّه . * - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , وَحَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي جَمِيعًا , عَنْ ابْن عَوْن , عَنْ الشَّعْبِيّ مِثْله . 3504 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إبْرَاهِيم وَابْن وَكِيع , قَالَا : ثنا ابْن عُلَيَّة , قَالَ : ثنا أَيُّوب , قَالَ : قَالَ أَبُو قِلَابَةَ فِي " لَا وَاَللَّه وَبَلَى وَاَللَّه " : أَرْجُو أَنْ يَكُون لُغَة . وَقَالَ يَعْقُوب فِي حَدِيثه : أَرْجُو أَنْ يَكُون لَغْوًا . وَقَالَ ابْن وَكِيع فِي حَدِيثه : أَرْجُو أَنْ يَكُون لُغَة , وَلَمْ يَشُكّ . 3505 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب وَابْن وَكِيع وَهَنَّاد , قَالُوا : ثنا وَكِيع , عَنْ إسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد , عَنْ أَبِي صَالِح , قَالَ : لَا وَاَللَّه , وَبَلَى وَاَللَّه . * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا وَكِيع , عَنْ مَالِك , عَنْ عَطَاء , قَالَ : سَمِعْت عَائِشَة تَقُول فِي قَوْله : { لَا يُؤَاخِذكُمْ اللَّه بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُمْ } قَالَتْ : لَا وَاَللَّه , وَبَلَى وَاَللَّه . * - حَدَّثَنَا هَنَّاد , قَالَ : ثنا وَكِيع , عَنْ مَالِك بْن مِغْوَل , عَنْ عَطَاء , مِثْله . 3506 - حَدَّثَنَا هَنَّاد , قَالَ : ثنا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ عَاصِم الْأَحْوَل , عَنْ عِكْرِمَة فِي قَوْله : { لَا يُؤَاخِذكُمْ اللَّه بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُمْ } قَالَ : هُوَ قَوْل النَّاس : لَا وَاَللَّه وَبَلَى وَاَللَّه . 3507 - حَدَّثَنَا سُفْيَان بْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ عَاصِم , عَنْ الشَّعْبِيّ وَعِكْرِمَة قَالَا : لَا وَاَللَّه , وَبَلَى وَاَللَّه . * - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا ابْن عُيَيْنَة عَنْ عَمْرو , عَنْ عَطَاء , قَالَ : دَخَلْت مَعَ عُبَيْد بْن عُمَيْر عَلَى عَائِشَة , فَسَأَلَهَا , فَقَالَتْ : لَا وَاَللَّه , وَبَلَى وَاَللَّه . * - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا حَفْص , عَنْ ابْن أَبِي لَيْلَى وَأَشْعَث , عَنْ عَطَاء , عَنْ عَائِشَة : { لَا يُؤَاخِذكُمْ اللَّه بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُمْ } قَالَتْ : لَا وَاَللَّه , وَبَلَى وَاَللَّه . * - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي وَجَرِير , عَنْ هِشَام , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَائِشَة قَالَتْ : لَا وَاَللَّه , وَبَلَى وَاَللَّه . * - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع وَهَنَّاد , قَالَا : ثنا يَعْلَى , عَنْ عَبْد الْمَلِك , عَنْ عَطَاء , قَالَ : قَالَتْ عَائِشَة فِي قَوْل اللَّه : { لَا يُؤَاخِذكُمْ اللَّه بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُمْ } قَالَتْ : هُوَ قَوْلك : لَا وَاَللَّه , وَبَلَى وَاَللَّه , لَيْسَ لَهَا عَقْد الْأَيْمَان . * - حَدَّثَنَا هَنَّاد , قَالَا : ثنا أَبُو الْأَحْوَص , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ الشَّعْبِيّ ; قَالَ : اللَّغْو : قَوْل الرَّجُل : لَا وَاَللَّه , وَبَلَى وَاَللَّه , يَصِل بِهِ كَلَامه مَا لَمْ يَشُكّ شَيْئًا يَعْقِد عَلَيْهِ قَلْبه . * - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنِي عَمْرو أَنَّ سَعِيد بْن أَبِي هِلَال حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ عَطَاء بْن أَبِي رَبَاح يَقُول : سَمِعْت عَائِشَة تَقُول : لَغْو الْيَمِين قَوْل الرَّجُل : لَا وَاَللَّه , وَبَلَى وَاَللَّه فِيمَا لَمْ يَعْقِد عَلَيْهِ قَلْبه . * - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ عَمْرو : وَحَدَّثَنِي عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي حُسَيْن النَّوْفَلِي , عَنْ عَطَاء , عَنْ عَائِشَة , بِذَلِكَ . 3508 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مَنْصُور , عَنْ الْحَكَم , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : { لَا يُؤَاخِذكُمْ اللَّه بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُمْ } قَالَ : الرَّجُلَانِ يَتَبَايَعَانِ , فَيَقُول أَحَدهمَا : وَاَللَّه لَا أَبِيعك بِكَذَا وَكَذَا , وَيَقُول الْآخَر . وَاَللَّه لَا أَشْتَرِيه بِكَذَا وَكَذَا ; فَهَذَا اللَّغْو لَا يُؤَاخَذ بِهِ . وَقَالَهُ آخَرُونَ : بَلْ اللَّغْو فِي الْيَمِين : الْيَمِين الَّتِي يَحْلِف بِهَا الْحَالِف وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ كَمَا يَحْلِف عَلَيْهِ ثُمَّ يَتَبَيَّن غَيْر ذَلِكَ وَأَنَّهُ بِخِلَافِ الَّذِي حَلَفَ عَلَيْهِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3509 - حَدَّثَنِي يُونُس بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : أَخْبَرَنِي ابْن نَافِع , عَنْ أَبِي مَعْشَر , عَنْ مُحَمَّد بْن قَيْس , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة أَنَّهُ كَانَ يَقُول : لَغْو الْيَمِين : حَلِف الْإِنْسَان عَلَى الشَّيْء يَظُنّ أَنَّهُ الَّذِي حَلَفَ عَلَيْهِ , فَإِذَا هُوَ غَيْر ذَلِكَ . 3510 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ ابْن عَبَّاس قَوْله : { لَا يُؤَاخِذكُمْ اللَّه بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُمْ } وَاللَّغْو : أَنْ يَحْلِف الرَّجُل عَلَى الشَّيْء يَرَاهُ . حَقًّا وَلَيْسَ بِحَقٍّ . 3511 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح : قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ ابْن عَبَّاس : { لَا يُؤَاخِذكُمْ اللَّه بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُمْ } هَذَا فِي الرَّجُل يَحْلِف عَلَى أَمْر إضْرَار أَنْ يَفْعَلهُ فَلَا يَفْعَلهُ , فَيَرَى الَّذِي هُوَ خَيْر مِنْهُ , فَأَمَرَهُ اللَّه أَنْ يُكَفِّر عَنْ يَمِينه وَيَأْتِي الَّذِي هُوَ خَيْر . وَمِنْ اللَّغْو أَيْضًا : أَنْ يَحْلِف الرَّجُل عَلَى أَمْر لَا يَأْلُو فِيهِ الصِّدْق وَقَدْ أَخَطَأ فِي يَمِينه , فَهَذَا الَّذِي عَلَيْهِ الْكَفَّارَة وَلَا إثْم عَلَيْهِ . 3512 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار وَابْن الْمُثَنَّى , قَالَا : ثنا أَبُو دَاوُد , قَالَ : ثنا هِشَام , عَنْ قَتَادَة , عَنْ سُلَيْمَان بْن يَسَار فِي قَوْله : { لَا يُؤَاخِذكُمْ اللَّه بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُمْ } قَالَ : خَطَأ غَيْر عَمْد . 3513 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار قَالَ : ثنا ابْن أَبِي عَدِيّ , عَنْ عَوْف , عَنْ الْحَسَن فِي هَذِهِ الْآيَة : { لَا يُؤَاخِذكُمْ اللَّه بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُمْ } قَالَ : هُوَ أَنْ تَحْلِف عَلَى الشَّيْء وَأَنْت يُخَيَّل إلَيْك أَنَّهُ كَمَا حَلَفْت وَلَيْسَ كَذَلِكَ ; فَلَا يُؤَاخِذهُ اللَّه وَلَا كَفَّارَة , وَلَكِنْ الْمُؤَاخَذَة وَالْكَفَّارَة فِيمَا حَلَفَ عَلَيْهِ عَلَى عِلْم . * - حَدَّثَنَا هَنَّاد وَابْن وَكِيع , قَالَا : ثنا وَكِيع , عَنْ الْفَضْل بْن دَلْهَمَ , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : هُوَ الرَّجُل يَحْلِف عَلَى الْيَمِين لَا يَرَى إلَّا أَنَّهُ كَمَا حَلَفَ . * - حَدَّثَنَا سُفْيَان , قَالَ : ثنا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ عَاصِم , عَنْ الْحَسَن : { لَا يُؤَاخِذكُمْ اللَّه بَالِغُو فِي أَيْمَانكُمْ } قَالَ : هُوَ الرَّجُل يَحْلِف عَلَى الْيَمِين يَرَى أَنَّهَا كَذَلِكَ , وَلَيْسَتْ كَذَلِكَ . * - حَدَّثَنَا هَنَّاد , قَالَ : ثنا عَبَدَة , عَنْ سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ الْحَسَن فِي قَوْله : { لَا يُؤَاخِذكُمْ اللَّه بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُمْ } قَالَ : هُوَ الرَّجُل يَحْلِف عَلَى الشَّيْء , وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ كَذَلِكَ , فَلَا يَكُون كَمَا قَالَ فَلَا كَفَّارَة عَلَيْهِ . 3514 - حَدَّثَنَا هَنَّاد وَأَبُو كُرَيْب وَابْن وَكِيع , قَالُوا : ثنا وَكِيع , عَنْ سُفْيَان , وَحَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيّ عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { لَا يُؤَاخِذكُمْ اللَّه بَالِغُو فِي أَيْمَانكُمْ } قَالَ : هُوَ الرَّجُل يَحْلِف عَلَى الْيَمِين لَا يَرَى إلَّا أَنَّهَا كَمَا حَلَفَ عَلَيْهِ , وَلَيْسَتْ كَذَلِكَ . 3515 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح فِي قَوْل اللَّه : { لَا يُؤَاخِذكُمْ اللَّه بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُمْ } قَالَ : مَنْ حَلَفَ بِاَللَّهِ وَلَا يَعْلَم إلَّا أَنَّهُ صَادِق فِيمَا حَلَفَ . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { لَا يُؤَاخِذكُمْ اللَّه بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُمْ } حَلَفَ الرَّجُل عَلَى الشَّيْء وَهُوَ لَا يَعْلَم إلَّا أَنَّهُ عَلَى مَا حَلَفَ عَلَيْهِ فَلَا يَكُون كَمَا حَلَفَ , كَقَوْلِهِ : إنَّ هَذَا الْبَيْت لِفُلَانٍ وَلَيْسَ لَهُ , وَإِنَّ هَذَا الثَّوْب لِفُلَانٍ وَلَيْسَ لَهُ . 3516 - حَدَّثَنَا هَنَّاد , قَالَ : ثنا أَبُو الْأَحْوَص , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إبْرَاهِيم فِي قَوْله : { لَا يُؤَاخِذكُمْ اللَّه بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُمْ } قَالَ : هُوَ الرَّجُل يَحْلِف عَلَى الشَّيْء يَرَى أَنَّهُ فِيهِ صَادِق . * - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا مُغِيرَة , عَنْ إبْرَاهِيم فِي قَوْله : { لَا يُؤَاخِذكُمْ اللَّه بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُمْ } قَالَ : هُوَ الرَّجُل يَحْلِف عَلَى الْأَمْر يَرَى أَنَّهُ كَمَا حَلَفَ عَلَيْهِ فَلَا يَكُون كَذَلِكَ , قَالَ : فَلَا يُؤَاخِذ بِذَلِكَ , قَالَ : وَكَانَ يُحِبّ أَنْ يُكَفِّر . * - حَدَّثَنَا مُوسَى بْن عَبْد الرَّحْمَن الْمَسْرُوقِيَّ , قَالَ : ثنا الْجُعْفِيّ , عَنْ زَائِدَة , عَنْ مَنْصُور , قَالَ : قَالَ إبْرَاهِيم : { لَا يُؤَاخِذكُمْ اللَّه بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُمْ } قَالَ : أَنْ يَحْلِف عَلَى الشَّيْء وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ صَادِق وَهُوَ كَاذِب , فَذَلِكَ اللَّغْو لَا يُؤَاخَذ بِهِ . * - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَمْرو , عَنْ مَنْصُور , عَنْ إبْرَاهِيم نَحْوه , إلَّا أَنَّهُ قَالَ : إنْ حَلَفْت عَلَى الشَّيْء وَأَنْت تَرَى أَنَّك صَادِق وَلَيْسَ كَذَلِكَ . 3517 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا أَبُو إدْرِيس , قَالَ : أَخْبَرَنَا حُصَيْن , عَنْ أَبِي مَالِك أَنَّهُ قَالَ : اللَّغْو : الرَّجُل يَحْلِف عَلَى الْأَيْمَان , وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ كَمَا حَلَفَ . 3518 - حَدَّثَنِي إسْحَاق بْن حَبِيب بْن الشَّهِيد , قَالَ : ثنا عَتَّاب بْن بَشِير , عَنْ خُصَيْف , عَنْ زِيَاد , قَالَ : هُوَ الَّذِي يَحْلِف عَلَى الْيَمِين يَرَى أَنَّهُ فِيهَا صَادِق . 3519 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا يَعْقُوب بْن إسْحَاق الْحَضْرَمِيّ , قَالَ : ثنا بُكَيْر بْن أَبِي السَّمِيط , عَنْ قَتَادَة فِي قَوْله : { لَا يُؤَاخِذكُمْ اللَّه بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُمْ } قَالَ : هُوَ الْخَطَأ غَيْر الْعَمْد , الرَّجُل يَحْلِف عَلَى الشَّيْء يَرَى أَنَّهُ كَذَلِكَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : أَخْبَرَنَا هُشَيْم , عَنْ مَنْصُور وَيُونُس , عَنْ الْحَسَن قَالَ : اللَّغْو : الرَّجُل يَحْلِف عَلَى الشَّيْء يَرَى أَنَّهُ كَذَلِكَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ فِيهِ كَفَّارَة . 3520 - حَدَّثَنَا هَنَّاد وَابْن وَكِيع ; قَالَ هَنَّاد : حَدَّثَنَا وَكِيع وَقَالَ ابْن وَكِيع : حَدَّثَنِي أَبِي , عَنْ عِمْرَان بْن حُدَيْر قَالَ : سَمِعْت زُرَارَة بْن أَوْفَى قَالَ : هُوَ الرَّجُل يَحْلِف عَلَى الْيَمِين لَا يَرَى إلَّا أَنَّهَا كَمَا حَلَفَ . 3521 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن حَازِم , قَالَ : ثنا أَبُو نُعَيْم , قَالَ : ثنا عُمَر بْن بَشِير , قَالَ : سُئِلَ عَامِر عَنْ هَذِهِ الْآيَة : { لَا يُؤَاخِذكُمْ اللَّه بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُمْ } قَالَ : اللَّغْو : أَنْ يَحْلِف الرَّجُل لَا يَأْلُو عَنْ الْحَقّ فَيَكُون غَيْر ذَلِكَ , فَذَلِكَ اللَّغْو الَّذِي لَا يُؤَاخَذ بِهِ . * - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة قَوْله : { لَا يُؤَاخِذكُمْ اللَّه بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُمْ } فَاللَّغْو : الْيَمِين الْخَطَأ غَيْر الْعَمْد , أَنْ تَحْلِف عَلَى الشَّيْء وَأَنْت تَرَى أَنَّهُ كَمَا حَلَفْت عَلَيْهِ ثُمَّ لَا يَكُون كَذَلِكَ , فَهَذَا لَا كَفَّارَة عَلَيْهِ , وَلَا مَأْثَم فِيهِ . 3522 - حَدَّثَنِي مُوسَى , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { لَا يُؤَاخِذكُمْ اللَّه بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُمْ } أَمَّا اللَّغْو : فَالرَّجُل يَحْلِف عَلَى الْيَمِين , وَهُوَ يَرَى أَنَّهَا كَذَلِكَ فَلَا تَكُون كَذَلِكَ , فَلَيْسَ عَلَيْهِ كَفَّارَة . 3523 - حُدِّثْت عَنْ عَمَّار , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع فِي قَوْله : { لَا يُؤَاخِذكُمْ اللَّه بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُمْ } قَالَ : اللَّغْو : الْيَمِين الْخَطَأ فِي غَيْر عَمْد أَنْ يَحْلِف عَلَى الشَّيْء وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ كَمَا حَلَفَ عَلَيْهِ , وَهَذَا مَا لَيْسَ عَلَيْهِ فِيهِ كَفَّارَة . * - حَدَّثَنَا هَنَّاد , قَالَ : ثنا أَبُو الْأَحْوَص , عَنْ حُصَيْن , عَنْ أَبِي مَالِك , قَالَ : أَمَّا الْيَمِين الَّتِي لَا يُؤَاخِذ بِهَا صَاحِبهَا فَالرَّجُل يَحْلِف عَلَى الْيَمِين وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ فِيهَا صَادِق , فَذَلِكَ اللَّغْو . * - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا حُصَيْن عَنْ أَبِي مَالِك مِثْله , إلَّا أَنَّهُ قَالَ : الرَّجُل يَحْلِف عَلَى الْأَمْر , يَرَى أَنَّهُ كَمَا حَلَفَ عَلَيْهِ فَلَا يَكُون كَذَلِكَ , فَلَيْسَ عَلَيْهِ فِيهِ كَفَّارَة , وَهُوَ اللَّغْو . 3524 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنِي مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ يَحْيَى بْن سَعِيد , وَعَنْ ابْن أَبِي طَلْحَة - كَذَا قَالَ ابْن أَبِي جَعْفَر - قَالَا : مَنْ قَالَ : وَاَللَّه لَقَدْ فَعَلْت كَذَا وَكَذَا وَهُوَ يَظُنّ أَنْ قَدْ فَعَلَهُ , ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلهُ , فَهَذَا لَغْو الْيَمِين , وَلَيْسَ عَلَيْهِ فِيهِ كَفَّارَة . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ رَجُل , عَنْ الْحَسَن فِي قَوْله : { لَا يُؤَاخِذكُمْ اللَّه بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُمْ } قَالَ : هُوَ الْخَطَأ غَيْر الْعَمْد , كَقَوْلِ الرَّجُل : وَاَللَّه إنَّ هَذَا لَكَذَا وَكَذَا وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ صَادِق وَلَا يَكُون كَذَلِكَ , قَالَ مَعْمَر : وَقَالَهُ قَتَادَة أَيْضًا . 3525 - حَدَّثَنِي ابْن الْبَرْقِيّ , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : سُئِلَ سَعِيد عَنْ اللَّغْو فِي الْيَمِين , قَالَ سَعِيد وَقَالَ مَكْحُول : الْخَطَأ غَيْر الْعَمْد , وَلَكِنْ الْكَفَّارَة فِيمَا عَقَدَتْ قُلُوبكُمْ . 3526 - حَدَّثَنِي ابْن الْبَرْقِيّ , قَالَ : ثنا عَمْرو , عَنْ سَعِيد بْن عَبْد الْعَزِيز , عَنْ مَكْحُول أَنَّهُ قَالَ : اللَّغْو الَّذِي لَا يُؤَاخِذ اللَّه بِهِ : أَنْ يَحْلِف الرَّجُل عَلَى الشَّيْء الَّذِي يَظُنّ أَنَّهُ فِيهِ صَادِق , فَإِذَا هُوَ فِيهِ غَيْر ذَلِكَ , فَلَيْسَ عَلَيْهِ فِيهِ كَفَّارَة , وَقَدْ عَفَا اللَّه عَنْهُ . 3527 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مَنْصُور , عَنْ إبْرَاهِيم فِي قَوْله : { لَا يُؤَاخِذكُمْ اللَّه بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُمْ } قَالَ : إذَا حَلَفَ عَلَى الْيَمِين وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ فِيهِ صَادِق وَهُوَ كَاذِب , فَلَا يُؤَاخِذ بِهِ , وَإِذَا حَلَفَ عَلَى الْيَمِين وَهُوَ يَعْلَم أَنَّهُ كَاذِب , فَذَاكَ الَّذِي يُؤَاخَذ بِهِ . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ اللَّغْو مِنْ الْأَيْمَان الَّتِي يَحْلِف بِهَا صَاحِبهَا فِي حَال الْغَضَب عَلَى غَيْر عَقْد قَلْب وَلَا عَزْم , وَلَكِنْ وُصْلَة لِلْكَلَامِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3528 - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا مَالِك بْن إسْمَاعِيل , عَنْ خَالِد , عَنْ عَطَاء , عَنْ وَسِيم , عَنْ طَاوُس , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَالَ : لَغْو الْيَمِين : أَنْ تَحْلِف وَأَنْت غَضْبَان . 3529 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثنا أَبُو حَمْزَة , عَنْ عَطَاء , عَنْ طَاوُس , قَالَ : كُلّ يَمِين حَلَفَ عَلَيْهَا رَجُل وَهُوَ غَضْبَان فَلَا كَفَّارَة عَلَيْهِ فِيهَا , قَوْله : { لَا يُؤَاخِذكُمْ اللَّه بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُمْ } وَعِلَّة مَنْ قَالَ هَذِهِ الْمَقَالَة مَا : 3530 - حَدَّثَنِي بِهِ أَحْمَد بْن مَنْصُور الْمَرْوَزِيّ , قَالَ : ثنا عُمَر بْن يُونُس الْيَمَانِيّ , قَالَ : ثنا سُلَيْمَان بْن أَبِي سُلَيْمَان الزُّهْرِيّ , عَنْ يَحْيَى بْن أَبِي كَثِير , عَنْ طَاوُس , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا يَمِين فِي غَضَب " . وَقَالَ آخَرُونَ , بَلْ اللَّغْو فِي الْيَمِين : الْحَلِف عَلَى فِعْل مَا نَهَى اللَّه عَنْهُ , وَتَرْك مَا أَمَرَ اللَّه بِفِعْلِهِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3531 - حَدَّثَنَا هَنَّاد , قَالَ : ثنا حَفْص بْن غِيَاث , عَنْ دَاوُد بْن أَبِي هِنْد , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : هُوَ الَّذِي يَحْلِف عَلَى الْمَعْصِيَة , فَلَا يَفِي وَيُكَفِّر يَمِينه ; قَوْله : { لَا يُؤَاخِذكُمْ اللَّه بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُمْ } . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْمَلِك بْن أَبِي الشَّوَارِب , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن زُرَيْعٍ , قَالَ : ثنا دَاوُد , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : لَغْو الْيَمِين أَنْ يَحْلِف الرَّجُل عَلَى الْمَعْصِيَة لِلَّهِ لَا يُؤَاخِذهُ اللَّه بِإِلْغَائِهَا . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي عَدِيّ , عَنْ دَاوُد , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر بِنَحْوِهِ , وَزَادَ فِيهِ : قَالَ : وَعَلَيْهِ كَفَّارَة . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثني عَبْد الْأَعْلَى وَيَزِيد بْن هَارُونَ , عَنْ دَاوُد , عَنْ سَعِيد بِنَحْوِهِ . * - حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَهَّاب , قَالَ : ثنا دَاوُد , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر : { لَا يُؤَاخِذكُمْ اللَّه بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُمْ } قَالَ : هُوَ الرَّجُل يَحْلِف عَلَى الْمَعْصِيَة فَلَا يُؤَاخِذهُ اللَّه أَنْ يُكَفِّر عَنْ يَمِينه وَيَأْتِي الَّذِي هُوَ خَيْر . * - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , وَحَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ شُعْبَة , عَنْ أَبِي بِشْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر فِي هَذِهِ الْآيَة : { يُؤَاخِذكُمْ اللَّه بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُمْ } قَالَ : الرَّجُل يَحْلِف عَلَى الْمَعْصِيَة فَلَا يُؤَاخِذهُ اللَّه بِتَرْكِهَا . 3532 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن الصَّبَّاح الْبَزَّار , قَالَ : ثنا إسْحَاق , عَنْ عِيسَى ابْن بِنْت دَاوُد بْن أَبِي هِنْد , قَالَ : ثنا خَالِد بْن إلْيَاس , عَنْ أُمّ أَبِيهِ : أَنَّهَا حَلَفَتْ أَنْ لَا تُكَلِّم ابْنَة ابْنهَا ابْنَة أَبِي الْجَهْم , فَأَتَتْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب وَأَبَا بَكْر وَعُرْوَة بْن الزُّبَيْر , فَقَالُوا : لَا يَمِين فِي مَعْصِيَة , وَلَا كَفَّارَة عَلَيْهَا . * - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , عَنْ أَبِي بِشْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر فِي قَوْله : { لَا يُؤَاخِذكُمْ اللَّه وَبِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُمْ } قَالَ : هُوَ الرَّجُل يَحْلِف عَلَى الْمَعْصِيَة فَلَا يُؤَاخِذهُ اللَّه بِتَرْكِهَا إنْ تَرَكَهَا , قُلْت : فَكَيْفَ يَصْنَع ؟ قَالَ : يُكَفِّر عَنْ يَمِينه وَيَتْرُك الْمَعْصِيَة . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا هُشَيْم , عَنْ أَبِي بِشْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر فِي قَوْله : { لَا يُؤَاخِذكُمْ اللَّه بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُمْ } قَالَ , هُوَ الرَّجُل يَحْلِف عَلَى الْحَرَام , فَلَا يُؤَاخِذهُ اللَّه بِتَرْكِهِ . * - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , قَالَ : أَخْبَرَنَا دَاوُد , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ فِي لَغْو الْيَمِين , قَالَ : هِيَ الْيَمِين فِي الْمَعْصِيَة , قَالَ : أَوَلَا تَقْرَأ فَتَفْهَم ؟ قَالَ اللَّه : { لَا يُؤَاخِذكُمْ اللَّه بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمْ الْأَيْمَان } 5 89 قَالَ : فَلَا يُؤَاخِذهُ بِالْإِيفَاءِ , وَلَكِنْ يُؤَاخِذهُ بِالتَّمَامِ عَلَيْهَا , قَالَ : وَقَالَ { لَا تَجْعَلُوا اللَّه عُرْضَة لِأَيْمَانِكُمْ . . . } إلَى قَوْله : { وَاَللَّه غَفُور حَلِيم } . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سُوَيْد بْن نَصْر , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن الْمُبَارَك , عَنْ هُشَيْم , عَنْ أَبِي بِشْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر فِي قَوْله : { لَا يُؤَاخِذكُمْ اللَّه بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُمْ } قَالَ : الرَّجُل يَحْلِف عَلَى الْمَعْصِيَة فَلَا يُؤَاخِذهُ اللَّه بِتَرْكِهَا وَيُكَفِّر . 3533 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا وَهْب بْن جَرِير , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ عَاصِم , عَنْ الشَّعْبِيّ , عَنْ مَسْرُوق : فِي الرَّجُل يَحْلِف عَلَى الْمَعْصِيَة , فَقَالَ : أَيُكَفِّرُ خُطُوَات الشَّيْطَان ؟ لَيْسَ عَلَيْهِ كَفَّارَة . 3534 - حَدَّثَنِي ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا وَهْب بْن جَرِير , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ عَاصِم , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ ابْن عَبَّاس , مِثْل ذَلِكَ . 3535 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي عَدِيّ , عَنْ دَاوُد , عَنْ الشَّعْبِيّ : فِي الرَّجُل يَحْلِف عَلَى الْمَعْصِيَة قَالَ : كَفَّارَتهَا أَنْ يَتُوب مِنْهَا . * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا مُغِيرَة , عَنْ الشَّعْبِيّ أَنَّهُ كَانَ يَقُول : يَتْرُك الْمَعْصِيَة وَلَا يُكَفِّر , وَلَوْ أَمَرْته بِالْكَفَّارَةِ لَأَمَرْته أَنْ يُتِمّ عَلَى قَوْله . 3536 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن دَاوُد الْوَاسِطِيَّ , قَالَ : ثنا أَبُو أُسَامَة , عَنْ مُجَالِد , عَنْ عَامِر , عَنْ مَسْرُوق قَالَ : كُلّ يَمِين لَا يَحِلّ لَك أَنْ تَفِي بِهَا فَلَيْسَ فِيهَا كَفَّارَة . وَعِلَّة مَنْ قَالَ هَذَا الْقَوْل مِنْ الْأَثَر مَا : 3537 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا أَبُو أُسَامَة , عَنْ الْوَلِيد بْن كَثِير , قَالَ : ثني عَبْد الرَّحْمَن بْن الْحَارِث , عَنْ عَمْرو بْن شُعَيْب , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو , أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " مَنْ نَذَرَ فِيمَا لَا يَمْلِك فَلَا نَذْر لَهُ , وَمِنْ حَلَفَ عَلَى مَعْصِيَة لِلَّهِ فَلَا يَمِين لَهُ , وَمِنْ حَلَفَ عَلَى قَطِيعَة رَحِم فَلَا يَمِين لَا " . 3538 - حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن سَعِيد الْكِنْدِيّ , قَالَ : ثنا عَلِيّ , بْن مُسْهِر , عَنْ حَارِثَة بْن مُحَمَّد , عَنْ عَمْرَة , عَنْ عَائِشَة , قَالَتْ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِين قَطِيعَة رَحِم أَوْ مَعْصِيَة لِلَّهِ فَبِرّه أَنْ يَحْنَث بِهَا وَيَرْجِع عَنْ يَمِينه " . وَقَالَ آخَرُونَ : اللَّغْو مِنْ الْأَيْمَان : كُلّ يَمِين وَصَلَ الرَّجُل بِهَا كَلَامه عَلَى غَيْر قَصْد مِنْهُ إيجَابهَا عَلَى نَفْسه . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3539 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , قَالَ : ثنا هِشَام , قَالَ : ثنا حَمَّاد , عَنْ إبْرَاهِيم , قَالَ : لَغْو الْيَمِين : أَنْ يَصِل الرَّجُل كَلَامه بِالْحَلِفِ , وَاَللَّه لَيَأْكُلَن , وَاَللَّه لَيَشْرَبَن , وَنَحْو هَذَا ; لَا يَتَعَمَّد بِهِ الْيَمِين وَلَا يُرِيد بِهِ حَلِفًا , لَيْسَ عَلَيْهِ كَفَّارَة . * - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , عَنْ هِشَام الدَّسْتُوَائِيّ , عَنْ حَمَّاد , عَنْ إبْرَاهِيم : لَغْو الْيَمِين : مَا يَصِل بِهِ كَلَامه : وَاَللَّه لَتَأْكُلَن , وَاَللَّه لَتَشْرَبَن . 3540 - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مَنْصُور , عَنْ الْحَكَم , عَنْ مُجَاهِد : { لَا يُؤَاخِذكُمْ اللَّه بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُمْ } قَالَ : هُمَا الرَّجُلَانِ يَتَسَاوَمَانِ بِالشَّيْءِ , فَيَقُول أَحَدهمَا : وَاَللَّه لَا أَشْتَرِيه مِنْك بِكَذَا , وَيَقُول الْآخَر : وَاَللَّه لَا أَبِيعك بِكَذَا وَكَذَا . 3541 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنِي يُونُس , عَنْ ابْن شِهَاب , أَنَّ عُرْوَة حَدَّثَهُ أَنَّ عَائِشَة زَوْج النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَتْ : أَيْمَان اللَّغْو مَا كَانَ فِي الْهَزْل وَالْمِرَاء وَالْخُصُومَة وَالْحَدِيث الَّذِي لَا يَعْتَمِد عَلَيْهِ الْقَلْب . وَعِلَّة مَنْ قَالَ هَذَا الْقَوْل مِنْ الْأَثَر مَا : 3542 - حَدَّثَنَا بِهِ مُحَمَّد بْن مُوسَى الْحَرَسِيّ , قَالَ : ثنا عُبَيْد اللَّه بْن مَيْمُون الْمُرَادِيَّ , قَالَ : ثنا عَوْف الْأَعْرَابِيّ , عَنْ الْحَسَن بْن أَبِي الْحَسَن , قَالَ : مَرَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْمٍ يَنْتَضِلُونَ - يَعْنِي يَرْمُونَ - وَمَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُل مِنْ أَصْحَابه , فَرَمَى رَجُل مِنْ الْقَوْم , فَقَالَ : أَصَبْت وَاَللَّه وَأَخْطَأْت ! فَقَالَ الَّذِي مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : حَنِثَ الرَّجُل يَا رَسُول اللَّه , قَالَ : " كَلَّا أَيْمَان الرُّمَاة لَغْو لَا كَفَّارَة فِيهَا وَلَا عُقُوبَة " . وَقَالَ آخَرُونَ : اللَّغْو مِنْ الْأَيْمَان : مَا كَانَ مِنْ يَمِين بِمَعْنَى الدُّعَاء مِنْ الْحَالِف عَلَى نَفْسه إنْ لَمْ يَفْعَل كَذَا وَكَذَا , أَوْ بِمَعْنَى الشِّرْك وَالْكُفْر . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3543 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الْقَاسِم الْمِصْرِيّ , قَالَ : ثنا إسْمَاعِيل بْن مَرْزُوق , عَنْ يَحْيَى بْن أَيُّوب , عَنْ مُحَمَّد بْن عَجْلَان , عَنْ زَيْد بْن أَسْلَم فِي قَوْل اللَّه : { لَا يُؤَاخِذكُمْ اللَّه بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُمْ } قَالَ : هُوَ كَقَوْلِ الرَّجُل : أَعْمَى اللَّه بَصَرِي إنْ لَمْ أَفْعَل كَذَا وَكَذَا , أَخَرَجَنِي اللَّه مِنْ مَالِي إنْ لَمْ آتِك غَدًا . فَهُوَ هَذَا , وَلَا يَتْرُك اللَّه لَهُ مَالًا وَلَا وَلَدًا . يَقُول : لَوْ يُؤَاخِذكُمْ اللَّه بِهَذَا لَمْ يَتْرُك لَكُمْ شَيْئًا . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الْحَكَم , قَالَ : ثنا إسْمَاعِيل , قَالَ : ثني يَحْيَى بْن أَيُّوب , عَنْ عَمْرو بْن الْحَارِث , عَنْ زَيْد بْن أَسْلَم , بِمِثْلِهِ . 3544 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الْحَكَم , قَالَ : ثنا إسْمَاعِيل بْن مَرْزُوق , قَالَ : ثني يَحْيَى بْن أَيُّوب أَنَّ زَيْد بْن أَسْلَم كَانَ يَقُول فِي قَوْله : { لَا يُؤَاخِذكُمْ اللَّه بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُمْ } مِثْل قَوْل الرَّجُل : هُوَ كَافِر وَهُوَ مُشْرِك , قَالَ : لَا يُؤَاخِذهُ حَتَّى يَكُون ذَلِكَ مِنْ قَلْبه . 3545 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد فِي قَوْله : { لَا يُؤَاخِذكُمْ اللَّه بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُمْ } قَالَ : اللَّغْو فِي هَذَا : الْحَلِف بِاَللَّهِ مَا كَانَ بِالْأَلْسُنِ فَجَعَلَهُ لَغْوًا , وَهُوَ أَنْ يَقُول : هُوَ كَافِر بِاَللَّهِ , وَهُوَ إذَنْ يُشْرِك بِاَللَّهِ , وَهُوَ يَدْعُو مَعَ اللَّه إلَهًا . فَهَذَا اللَّغْو الَّذِي قَالَ اللَّه فِي سُورَة الْبَقَرَة . وَقَالَ آخَرُونَ : اللَّغْو فِي الْأَيْمَان : مَا كَانَتْ فِيهِ كَفَّارَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3546 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ ابْن عَبَّاس قَوْله : { لَا يُؤَاخِذكُمْ اللَّه بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُمْ } فَهَذَا فِي الرَّجُل يَحْلِف عَلَى أَمْر إضْرَار أَنْ يَفْعَلهُ فَلَا يَفْعَلهُ , فَيَرَى الَّذِي هُوَ خَيْر مِنْهُ , فَأَمَرَهُ اللَّه أَنْ يُكَفِّر يَمِينه وَيَأْتِي الَّذِي هُوَ خَيْر . 3547 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن هَارُونَ , قَالَ : أَخْبَرَنَا جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك فِي قَوْله : { لَا يُؤَاخِذكُمْ اللَّه بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُمْ } قَالَ : الْيَمِين الْمُكَفِّرَة . وَقَالَ آخَرُونَ : اللَّغْو مِنْ الْأَيْمَان : هُوَ مَا حَنِثَ فِيهِ الْحَالِف نَاسِيًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3548 - حَدَّثَنِي الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنِي مُغِيرَة , عَنْ إبْرَاهِيم , قَالَ : هُوَ الرَّجُل يَحْلِف عَلَى الشَّيْء ثُمَّ يَنْسَاهُ ; يَعْنِي فِي قَوْله : { لَا يُؤَاخِذكُمْ اللَّه بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُمْ } . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَاللَّغْو مِنْ الْكَلَام فِي كَلَام الْعَرَب كُلّ كَلَام كَانَ مَذْمُومًا وَفِعْلًا لَا مَعْنَى لَهُ مَهْجُورًا , يُقَال مِنْهُ : لَغَا فُلَان فِي كَلَامه يَلْغُو لَغْوًا : إذَا قَالَ قَبِيحًا مِنْ الْكَلَام , وَمِنْهُ قَوْل اللَّه تَعَالَى ذِكْره : { وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْو أَعْرَضُوا عَنْهُ } 28 55 وَقَوْله : { وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا } 25 72 مَسْمُوع مِنْ الْعَرَب لَغَيْت بِاسْمِ فُلَان , بِمَعْنَى أُولِعْت بِذِكْرِهِ بِالْقَبِيحِ . فَمَنْ قَالَ لَغَيْت , قَالَ أَلْغَى لَغًا , وَهِيَ لُغَة لِبَعْضِ الْعَرَب , وَمِنْهُ قَوْل الرَّاجِز : وَرُبّ أَسَرَاب حَجِيج كُظَّم عَنْ اللَّغَا وَرَفَث التَّكَلُّم فَإِذَا كَانَ اللَّغْو مَا وَصَفْت , وَكَانَ الْحَالِف بِاَللَّهِ مَا فَعَلْت كَذَا وَقَدْ فَعَلَ ; وَلَقَدْ فَعَلْت كَذَا وَمَا فَعَلَ , وَاصِلًا بِذَلِكَ كَلَامه عَلَى سَبِيل سُبُوق لِسَانه مِنْ غَيْر تَعَمُّد إثْم فِي يَمِينه , وَلَكِنْ لِعَادَةٍ قَدْ جَرَتْ لَهُ عِنْد عَجَلَة الْكَلَام , وَالْقَائِل : وَاَللَّه إنَّ هَذَا لَفُلَان وَهُوَ يَرَاهُ كَمَا قَالَ , أَوْ وَاَللَّه مَا هَذَا فُلَان وَهُوَ يَرَاهُ لَيْسَ بِهِ , وَالْقَائِل : لَيَفْعَلَن كَذَا وَاَللَّه , أَوْ لَا يَفْعَل كَذَا وَاَللَّه , عَلَى سَبِيل مَا وَصَفْنَا مِنْ عَجَلَة الْكَلَام , وَسُبُوق اللِّسَان لِلْعَادَةِ , عَلَى غَيْر تَعَمُّد حَلِف عَلَى بَاطِل , وَالْقَائِل هُوَ مُشْرِك أَوْ هُوَ يَهُودِيّ أَوْ نَصْرَانِيّ إنْ لَمْ يَفْعَل كَذَا , أَوْ إنْ فَعَلَ كَذَا مِنْ غَيْر عَزْم عَلَى كُفْر , أَوْ يَهُودِيَّة أَوْ نَصْرَانِيَّة ; جَمِيعهمْ قَائِلُونَ هَجْرًا مِنْ الْقَوْل , وَذَمِيمًا مِنْ الْمَنْطِق , وَحَالِفُونَ مِنْ الْأَيْمَان بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَمْ تَتَعَمَّد فِيهِ الْإِثْم قُلُوبهمْ . كَانَ مَعْلُومًا أَنَّهُمْ لُغَاة فِي أَيْمَانهمْ لَا تَلْزَمهُمْ كَفَّارَة فِي الْعَاجِل , وَلَا عُقُوبَة فِي الْآجِل لِإِخْبَارِ اللَّه تَعَالَى ذِكْره أَنَّهُ غَيْر مُؤَاخِذ عِبَاده بِمَا لَغَوْا مِنْ أَيْمَانهمْ , وَأَنَّ الَّذِي هُوَ مُؤَاخِذهمْ بِهِ مَا تَعَمَّدَتْ فِيهِ الْإِثْم قُلُوبهمْ . وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , وَكَانَ صَحِيحًا عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : " مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِين فَرَأَى غَيْرهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْر وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينه " فَأَوْجَبَ الْكَفَّارَة بِإِتْيَانِ الْحَالِف مَا حَلَفَ أَنْ لَا يَأْتِيه مَعَ وُجُوب إتْيَان الَّذِي هُوَ خَيْر مِنْ الَّذِي حَلَفَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَأْتِيه , وَكَانَتْ الْغَرَامَة فِي الْمَال أَوْ إلْزَام الْجَزَاء مِنْ الْمَجْزِيّ أَبْدَال الْجَازِينَ , لَا شَكَّ عُقُوبَة كَبَعْضِ الْعُقُوبَات الَّتِي جَعَلَهَا اللَّه تَعَالَى ذِكْره نَكَالًا لِخَلْقِهِ فِيمَا تَعَدَّوْا مِنْ حُدُوده , وَإِنْ كَانَ يَجْمَع جَمِيعهَا أَنَّهَا تَمْحِيص وَكَفَّارَات لِمَنْ عُوقِبَ بِهَا فِيمَا عُوقِبُوا عَلَيْهِ كَانَ بَيِّنًا أَنَّ مَنْ أَلْزَمَ الْكَفَّارَة فِي عَاجِل دُنْيَاهُ فِيمَا حَلَفَ بِهِ مِنْ الْأَيْمَان فَحَنِثَ فِيهِ , وَإِنْ كَانَتْ كَفَّارَة لِذَنْبِهِ فَقَدْ وَاخَذَهُ اللَّه بِهَا بِإِلْزَامِهِ إيَّاهُ الْكَفَّارَة مِنْهَا , وَإِنْ كَانَ مَا عُجِّلَ مِنْ عُقُوبَته إيَّاهُ عَلَى ذَلِكَ مُسْقِطًا عَنْهُ عُقُوبَته فِي آجِله . وَإِذْ كَانَ تَعَالَى ذِكْره قَدْ وَاخَذَهُ بِهَا , فَغَيْر جَائِز لِقَائِلٍ أَنْ يَقُول : وَقَدْ وَاخَذَهُ بِهَا هِيَ مِنْ اللَّغْو الَّذِي لَا يُؤَاخَذ بِهِ قَائِله , فَإِذْ كَانَ ذَلِكَ غَيْر جَائِز , فَبَيِّن فَسَاد الْقَوْل الَّذِي رُوِيَ عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر أَنَّهُ قَالَ : اللَّغْو : الْحَلِف عَلَى الْمَعْصِيَة , لِأَنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْحَالِف , عَلَى مَعْصِيَة اللَّه كَفَّارَة بِحِنْثِهِ فِي يَمِينه , وَفِي إيجَاب سَعِيد عَلَيْهِ الْكَفَّارَة ; دَلِيل وَاضِح عَلَى أَنَّ صَاحِبهَا بِهَا مُؤَاخَذ ; لِمَا وَصَفْنَا : مِنْ أَنَّ مَنْ لَزِمَهُ الْكَفَّارَة فِي يَمِينه ; فَلَيْسَ مِمَّنْ لَمْ يُؤَاخَذ بِهَا . فَإِذَا كَانَ اللَّغْو هُوَ مَا وَصَفْنَا مِمَّا أَخْبَرَنَا اللَّه تَعَالَى ذِكْره أَنَّهُ غَيْر مُؤَاخِذنَا بِهِ , وَكُلّ يَمِين لَزِمَتْ صَاحِبهَا بِحِنْثِهِ فِيهَا الْكَفَّارَة فِي الْعَاجِل , أَوْ أَوْعَدَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره صَاحِبهَا الْعُقُوبَة عَلَيْهَا فِي الْآجِل , وَإِنْ كَانَ وَضَعَ عَنْهُ كَفَّارَتهَا فِي الْعَاجِل , فَهِيَ مِمَّا كَسَبَتْهُ قُلُوب الْحَالِفِينَ , وَتَعَمَّدَتْ فِيهِ الْإِثْم نَفُوس الْمُقْسِمِينَ , وَمَا عَدَا ذَلِكَ فَهُوَ اللَّغْو وَقَدْ بَيَّنَّا وُجُوهه . فَتَأْوِيل الْكَلَام إذًا : لَا تَجْعَلُوا اللَّه أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ عُرْضَة لِأَيْمَانِكُمْ , وَحُجَّة لِأَنْفُسِكُمْ فِي إقْسَامكُمْ فِي أَنْ لَا تَبَرُّوا , وَلَا تَتَّقُوا , وَلَا تُصْلِحُوا بَيْن النَّاس , فَإِنَّ اللَّه لَا يُؤَاخِذكُمْ بِمَا لَغَتْهُ أَلِسَنَتِكُمْ مِنْ أَيْمَانكُمْ , فَنَطَقَتْ بِهِ مِنْ قَبِيح الْأَيْمَان وَذَمِيمهَا , عَلَى غَيْر تَعَمُّدكُمْ الْإِثْم وَقَصْدكُمْ بِعَزَائِم صُدُوركُمْ إلَى إيجَاب عَقْد الْأَيْمَان الَّتِي حَلَفْتُمْ بِهَا , وَلَكِنَّهُ إنَّمَا يُؤَاخِذكُمْ بِمَا تَعَمَّدْتُمْ فِيهِ عَقْد الْيَمِين وَإِيجَابهَا عَلَى أَنْفُسكُمْ , وَعَزَمْتُمْ عَلَى الْإِتْمَام عَلَى مَا حَلَفْتُمْ عَلَيْهِ بِقَصْدٍ مِنْكُمْ وَإِرَادَة , فَيَلْزَمكُمْ حِينَئِذٍ إمَّا كَارَّة فِي الْعَاجِل , وَإِمَّا عُقُوبَة فِي الْآجِل .

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَكِنْ يُؤَاخِذكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبكُمْ } اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْمَعْنَى الَّذِي أَوْعَدَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ : { وَلَكِنْ يُؤَاخِذكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبكُمْ } عِبَاده أَنَّهُ مُؤَاخِذهمْ بِهِ بَعْد إجْمَاع جَمِيعهمْ عَلَى أَنَّ مَعْنَى قَوْله : { بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبكُمْ } مَا تَعَمَّدَتْ . فَقَالَ بَعْضهمْ : الْمَعْنَى الَّذِي أَوْعَدَ اللَّه عِبَاده مُؤَاخَذَتهمْ بِهِ هُوَ حَلِف الْحَالِف مِنْهُمْ عَلَى كَذِب وَبَاطِل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3549 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مَنْصُور , عَنْ إبْرَاهِيم , قَالَ : إذَا حَلَفَ الرَّجُل عَلَى الْيَمِين وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ صَادِق وَهُوَ كَاذِب , فَلَا يُؤَاخَذ بِهَا , وَإِذَا حَلَفَ وَهُوَ يَعْلَم أَنَّهُ كَاذِب , فَذَاكَ الَّذِي يُؤَاخَذ بِهِ . * - حَدَّثَنِي مُوسَى بْن عَبْد الرَّحْمَن الْمَسْرُوقِيَّ , قَالَ : ثنا حُسَيْن الْجُعْفِيّ عَنْ زَائِدَة , عَنْ مَنْصُور , قَالَ : قَالَ إبْرَاهِيم : { وَلَكِنْ يُؤَاخِذكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبكُمْ } قَالَ : أَنْ يَحْلِف عَلَى الشَّيْء وَهُوَ يَعْلَم أَنَّهُ كَاذِب , فَذَاكَ الَّذِي يُؤَاخَذ بِهِ . * - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَمْرو , عَنْ مَنْصُور , عَنْ إبْرَاهِيم : { وَلَكِنْ يُؤَاخِذكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبكُمْ } أَنْ تَحْلِف وَأَنْت كَاذِب . 3550 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ ابْن عَبَّاس : { وَلَكِنْ يُؤَاخِذكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمْ الْأَيْمَان } 5 89 وَذَلِكَ الْيَمِين الصَّبْر الْكَاذِبَة , يَحْلِف بِهَا الرَّجُل عَلَى ظُلْم أَوْ قَطِيعَة . فَتِلْكَ لَا كَفَّارَة لَهَا إلَّا أَنْ يَتْرُك ذَلِكَ الظُّلْم , أَوْ يَدَع ذَلِكَ الْمَال إلَى أَهْله , وَهُوَ قَوْله تَعَالَى ذِكْره : { إنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّه وَأَيْمَانهمْ ثَمَنًا قَلِيلًا } إلَى قَوْله : { وَلَهُمْ عَذَاب أَلِيم } 3 77 . 3551 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { وَلَكِنْ يُؤَاخِذكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبكُمْ } مَا عَقَدَتْ عَلَيْهِ . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 3552 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ عَبْد الْمَلِك , عَنْ عَطَاء قَالَ : لَا تُؤَاخَذ حَتَّى تَقْصِد الْأَمْر ثُمَّ تَحْلِف عَلَيْهِ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا الْهَ إلَّا هُوَ فَتَعْقِد عَلَيْهِ يَمِينك . وَالْوَاجِب عَلَى هَذَا التَّأْوِيل أَنْ يَكُون قَوْله تَعَالَى ذِكْره : { وَلَكِنْ يُؤَاخِذكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبكُمْ } فِي الْآخِرَة بِمَا شَاءَ مِنْ الْعُقُوبَات , وَأَنْ تَكُون الْكَفَّارَة إنَّمَا تَلْزَم الْحَالِف
لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌسورة البقرة الآية رقم 226
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّص أَرْبَعَة أَشْهُر } يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ : { لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ } الَّذِينَ يَقْسِمُونَ أَلْيَة , وَالْأَلِيَّة : الْحَلِف . كَمَا : 3559 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا مَسْلَمَة بْن عَلْقَمَة , قَالَ : ثنا دَاوُد بْن أَبِي هِنْد , عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب فِي قَوْله : { لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ } يَحْلِفُونَ . يُقَال : آلَى فُلَان يُؤْلِي إيلَاء وَأَلِيَّة , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : كَفَيْنَا مَنْ تَغَيَّبَ مِنْ تُرَاب وَأَحْنَثْنَا أَلِيَّة مُقْسِمِينَا وَيُقَال أَلْوَة وَأُلْوَة , كَمَا قَالَ الرَّاجِز : يَا أُلْوَة مَا أُلْوَة مَا أُلْوَتِي وَقَدْ حُكِيَ عَنْهُمْ أَيْضًا أَنَّهُمْ يَقُولُونَ : " إلْوَة " مَكْسُورَة الْأَلِف , وَالتَّرَبُّص : النَّظَر وَالتَّوَقُّف . وَمَعْنَى الْكَلَام : لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ أَنْ يَعْتَزِلُوا مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّص أَرْبَعَة أَشْهُر , فَتَرَكَ ذِكْر أَنْ يَعْتَزِلُوا اكْتِفَاء بِدَلَالَةِ مَا ظَهَرَ مِنْ الْكَلَام عَلَيْهِ . وَاخْتَلَفَ أَهْل

التَّأْوِيل فِي صِفَة الْيَمِين الَّتِي يَكُون بِهَا الرَّجُل مُولِيًا مِنْ امْرَأَته , فَقَالَ بَعْضهمْ : الْيَمِين الَّتِي يَكُون بِهَا الرَّجُل مُؤْلِيًا مِنْ امْرَأَته , أَنْ يَحْلِف عَلَيْهَا فِي حَال غَضَب عَلَى وَجْه الْإِضْرَار لَهَا أَنْ لَا يُجَامِعهَا فِي فَرْجهَا , فَأَمَّا إنْ حَلَفَ عَلَى غَيْر وَجْه الْإِضْرَار عَلَى غَيْر غَضَب فَلَيْسَ هُوَ مُولِيًا مِنْهَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3560 - حَدَّثَنَا هَنَّاد بْن السُّرِّيّ , قَالَ : ثنا أَبُو الْأَحْوَص , عَنْ سِمَاك , عَنْ حُرَيْث بْن عُمَيْرَة , عَنْ أُمّ عَطِيَّة , قَالَتْ : قَالَ جُبَيْر : أَرْضِعِي ابْن أَخِي مَعَ ابْنك ! فَقَالَتْ : مَا أَسْتَطِيع أَنْ أُرْضِع اثْنَيْنِ , فَحَلَفَ أَنْ لَا يَقْرَبهَا حَتَّى تَفْطِمهُ . فَلَمَّا فَطَمَتْهُ مَرَّ بِهِ عَلَى الْمَجْلِس , فَقَالَ لَهُ الْقَوْم : حَسَنًا مَا غَذَوْتُمُوهُ . قَالَ جُبَيْر : إنِّي حَلَفْت أَلَّا أَقْرَبهَا حَتَّى تَفْطِمهُ . فَقَالَ لَهُ الْقَوْم : هَذَا إيلَاء , فَأَتَى عَلِيًّا فَاسْتَفْتَاهُ , فَقَالَ : إنْ كُنْت فَعَلْت ذَلِكَ غَضَبًا فَلَا تَصْلُح لَك امْرَأَتك , وَإِلَّا فَهِيَ امْرَأَتك . 3561 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ سِمَاك , أَنَّهُ سَمِعَ عَطِيَّة بْن جُبَيْر , قَالَ : تُوُفِّيَتْ أُمّ صَبِيّ نَسِيبَة لِي , فَكَانَتْ امْرَأَة أَبِي تُرْضِعهُ , فَحَلَفَ أَنْ لَا يَقْرَبهَا حَتَّى تَفْطِمهُ . فَلَمَّا مَضَتْ أَرْبَعَة أَشْهُر قِيلَ لَهُ : قَدْ بَانَتْ مِنْك - وَأَحْسَب شَكَّ أَبُو جَعْفَر , قَالَ - : فَأَتَى عَلِيًّا يَسْتَفْتِيه , فَقَالَ : إنْ كُنْت قُلْت ذَلِكَ غَضَبًا فَلَا امْرَأَة لَك , وَإِلَّا فَهِيَ امْرَأَتك . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو دَاوُد , قَالَ : ثنا شُعْبَة , قَالَ : أَخْبَرَنِي سِمَاك , قَالَ : سَمِعْت عَطِيَّة بْن جُبَيْر يَذْكُر نَحْوه عَنْ عَلِيّ . 3562 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَهَّاب بْن عَبْد الْمَجِيد , قَالَ : ثنا دَاوُد , عَنْ سِمَاك , عَنْ رَجُل مِنْ بَنِي عِجْل , عَنْ أَبِي عَطِيَّة : أَنَّهُ تُوُفِّيَ أَخُوهُ وَتَرَكَ ابْنًا لَهُ صَغِيرًا , فَقَالَ أَبُو عَطِيَّة لِامْرَأَتِهِ : أَرْضِعِيهِ ! فَقَالَتْ : إنِّي أَخْشَى أَنْ تُغِيلهُمَا , فَحَلَفَ أَنْ لَا يَقْرَبهَا حَتَّى تَفْطِمهُمَا فَفَعَلَ حَتَّى فَطَمَتْهُمَا . فَخَرَجَ ابْن أَخِي أَبِي عَطِيَّة إلَى الْمَجْلِس , فَقَالُوا : لِحَسَنٍ مَا غَذَّى أَبُو عَطِيَّة ابْن أَخِيهِ ! قَالَ : كَلَّا زَعَمَتْ أُمّ عَطِيَّة أَنِّي أُغِيلهُمَا فَحَلَفَتْ أَنْ لَا أَقْرَبهَا حَتَّى تَفْطِمهُمَا . فَقَالُوا لَهُ : قَدْ حَرَّمْت عَلَيْك امْرَأَتك . فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ فَقَالَ عَلِيّ : إنَّمَا أَرَدْت الْخَيْر , وَإِنَّمَا الْإِيلَاء فِي الْغَضَب . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا دَاوُد , عَنْ سِمَاك , عَنْ أَبِي عَطِيَّة أَنَّ أَخَاهُ تُوُفِّيَ , فَذَكَرَ نَحْوه . 3563 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا ابْن إدْرِيس , قَالَ : أَخْبَرَنَا دَاوُد بْن أَبِي هِنْد , عَنْ سِمَاك بْن حَرْب , أَنَّ رَجُلًا هَلَكَ أَخُوهُ , فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ : أَرْضِعِي ابْن أَخِي ! فَقَالَتْ : أَخَاف أَنْ تَقَع عَلِيّ . فَحَلَفَ أَنْ لَا يَمَسّهَا حَتَّى تَفْطِم . فَأَمْسَكَ عَنْهَا حَتَّى إذَا فَطَمَتْهُ أَخَرَجَ الْغُلَام إلَى قَوْمه , فَقَالُوا : لَقَدْ أَحْسَنَتْ غِذَاءَهُ ! فَذَكَرَ لَهُمْ شَأْنه , فَذَكَرُوا امْرَأَته . قَالَ : فَذَهَبَ إلَى عَلِيّ فَاسْتَحْلَفَهُ بِاَللَّهِ مَا أَرَدْت بِذَلِكَ ؟ يَعْنِي إيلَاء , قَالَ : فَرَدَّهَا عَلَيْهِ . 3564 - حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا الْمُحَارِبِيَّ , عَنْ أَشْعَث بْن سَوَّار , عَنْ سِمَاك , عَنْ عَطِيَّة بْن أَبِي عَطِيَّة , قَالَ : تُوُفِّيَ أَخ لِي وَتَرَكَ يَتِيمًا لَهُ رَضِيعًا , وَكُنْت رَجُلًا مُعْسِرًا لَمْ يَكُنْ بِيَدِي مَا أَسَتَرْضِعُ لَهُ . قَالَ : فَقَالَتْ لِي امْرَأَتِي , وَكَانَ لِي مِنْهَا ابْن تُرْضِعهُ : إنْ كَفَيْتنِي نَفْسك كَفَيْتُكهَا . فَقُلْت : وَكَيْفَ أَكْفِيك نَفْسِي ؟ قَالَتْ : لَا تَقْرَبنِي , فَقُلْت : وَاَللَّه لَا أَقْرَبك حَتَّى تَفْطِمِيهِمَا . قَالَ : فَفَطَمَتْهُمَا . وَخَرَجَا عَلَى الْقَوْم , فَقَالُوا : مَا نَوَاك إلَّا قَدْ أَحْسَنْت وِلَايَتهمَا . قَالَ : فَقَصَصْت عَلَيْهِمْ الْقِصَّة . فَقَالُوا : مَا نَوَاك إلَّا آلَيْتَ مِنْهَا , وَبَانَتْ مِنْك . قَالَ : فَأَتَيْت عَلِيًّا , فَقَصَصْت عَلَيْهِ الْقِصَّة , فَقَالَ : إنَّمَا الْإِيلَاء مَا أُرِيد بِهِ الْإِيلَاء . 3565 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن بَكْر الْبُرْسَانِيّ , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ جَابِر بْن زَيْد , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَالَ : لَا إيلَاء إلَّا بِغَضَبٍ . * - وَحَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ عَمْرو بْن دِينَار , عَنْ عَطَاء , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَالَ : لَا إيلَاء إلَّا بِغَضَبٍ . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا ابْن وَكِيع , عَنْ أَبِي فَزَارَة , عَنْ يَزِيد بْن الْأَصَمّ , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَالَ : لَا إيلَاء إلَّا بِغَضَبٍ . 3566 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَهَّاب , قَالَ : ثنا دَاوُد , عَنْ سِمَاك بْن حَرْب , عَنْ أَبِي عَطِيَّة , عَنْ عَلِيّ , قَالَ : لَا إيلَاء إلَّا بِغَضَبٍ . 3567 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , عَنْ سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : أَنَّ عَلِيًّا قَالَ : إذَا قَالَ الرَّجُل لِامْرَأَتِهِ وَهِيَ تُرْضِع : وَاَللَّه لَا قَرَّبْتُك حَتَّى تَفْطِمِي وَلَدِي , يُرِيد بِهِ صَلَاح وَلَده , قَالَ : لَيْسَ عَلَيْهِ إيلَاء . 3568 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا إسْحَاق بْن مَنْصُور السَّلُولِيّ , عَنْ مُحَمَّد بْن مُسْلِم الطَّائِفِيّ , عَنْ عَمْرو بْن دِينَار , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : جَاءَ رَجُل إلَى عَلِيّ , فَقَالَ : إنِّي قُلْت لِامْرَأَتِي لَا أَقْرَبهَا سَنَتَيْنِ , قَالَ : قَدْ آلَيْتَ مِنْهَا . قَالَ : إنَّمَا قُلْت لِأَنَّهَا تُرْضِع . قَالَ : فَلَا إذَنْ . 3596 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إسْحَاق , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ دَاوُد بْن أَبِي هِنْد , عَنْ سِمَاك بْن حَرْب , عَنْ أَبِي عَطِيَّة , عَنْ عَلِيّ أَنَّهُ كَانَ يَقُول : إنَّمَا الْإِيلَاء مَا كَانَ فِي غَضَب يَقُول الرَّجُل : وَاَللَّه لَا أَقْرَبك وَاَللَّه لَا أُمْسِك , فَأَمَّا مَا كَانَ فِي إصْلَاح مِنْ أَمْر الرَّضَاع وَغَيْره , فَإِنَّهُ لَا يَكُون إيلَاء وَلَا تَبِين مِنْهُ . 3570 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , يَعْنِي ابْن مَهْدِيّ , قَالَ : ثنا حَمَّاد بْن زَيْد , عَنْ حَفْص , عَنْ الْحَسَن أَنَّهُ سُئِلَ عَنْهَا , فَقَالَ : لَا وَاَللَّه مَا هُوَ بِإِيلَاءٍ . 3571 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا بِشْر بْن مَنْصُور , عَنْ ابْن جُرَيْجٍ , عَنْ عَطَاء , قَالَ : إذَا حَلَفَ مِنْ أَجْل الرَّضَاع فَلَيْسَ بِإِيلَاءٍ . 3572 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني اللَّيْث , ثني يُونُس , قَالَ : سَأَلْت ابْن شِهَاب عَنْ الرَّجُل يَقُول : وَاَللَّه لَا أَقْرَب امْرَأَتِي حَتَّى تَفْطِم وَلَدِي , قَالَ : لَا أَعْلَم الْإِيلَاء يَكُون إلَّا بِحَلِفٍ بِاَللَّهِ فِيمَا يُرِيد الْمَرْء أَنْ يُضَارّ بِهِ امْرَأَته مِنْ اعْتِزَالهَا , وَلَا نَعْلَم فَرِيضَة الْإِيلَاء إلَّا عَلَى أُولَئِكَ , فَلَا نَرَى أَنَّ هَذَا الَّذِي أَقَسَمَ بِالِاعْتِزَالِ لِامْرَأَتِهِ حَتَّى تَفْطِم وَلَده , أَقَسَمَ إلَّا عَلَى أَمْر يَتَحَرَّى بِهِ فِيهِ الْخَيْر , فَلَا نَرَى وَجَبَ عَلَى هَذَا مَا وَجَبَ عَلَى الْمُولِي الَّذِي يُولِي فِي الْغَضَب . وَقَالَ آخَرُونَ . سَوَاء إذَا حَلَفَ الرَّجُل عَلَى امْرَأَته أَنْ لَا يُجَامِعهَا فِي فَرْجهَا كَانَ حَلِفه فِي غَضَب أَوْ غَيْر غَضَب , كُلّ ذَلِكَ إيلَاء . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3573 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا ابْن مَهْدِيّ , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إبْرَاهِيم : فِي رَجُل قَالَ لِامْرَأَتِهِ : إنْ غَشَيْتك حَتَّى تَفْطِمِي وَلَدك فَأَنْت طَالِق , فَتَرَكَهَا أَرْبَعَة أَشْهُر . قَالَ : هُوَ إيلَاء . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ أَبِي مَعْشَر , عَنْ النَّخَعِيّ , قَالَ : كُلّ شَيْء يَحُول بَيْنه وَبَيْن غِشْيَانهَا فَتَرَكَهَا حَتَّى تَمْضِي أَرْبَعَة أَشْهُر فَهُوَ دَاخِل عَلَيْهِ . 3574 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حِبَّان بْن مُوسَى , قَالَ : ثنا ابْن الْمُبَارَك , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَة عَنْ الْمُغِيرَة , عَنْ الْقَعْقَاع , قَالَ : سَأَلْت الْحَسَن عَنْ رَجُل تُرْضِع امْرَأَته صَبِيًّا فَحَلَفَ أَنْ لَا يَطَأهَا حَتَّى تَفْطِم وَلَدهَا , فَقَالَ : مَا أَرَى هَذَا بِغَضَبٍ , وَإِنَّمَا الْإِيلَاء فِي الْغَضَب . قَالَ : وَقَالَ ابْن سِيرِينَ : مَا أَدْرِي مَا هَذَا الَّذِي يُحَدِّثُونَ ؟ إنَّمَا قَالَ اللَّه : { لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ } إلَى { فَإِنَّ اللَّه سَمِيع عَلِيم } إذَا مَضَتْ أَرْبَعَة أَشْهُر فَلْيَخْطُبْهَا إنْ رَغِبَ فِيهَا . 3575 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا ابْن مَهْدِيّ , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ إبْرَاهِيم : فِي رَجُل حَلَفَ أَنْ لَا يُكَلِّم امْرَأَته , قَالَ : كَانُوا يَرَوْنَ الْإِيلَاء فِي الْجِمَاع . * - حَدَّثَنَا أَبُو السَّائِب , قَالَ : ثنا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ إبْرَاهِيم , قَالَ : قَالَ : كُلّ يَمِين مَنَعَتْ جِمَاعًا حَتَّى تَمْضِي أَرْبَعَة أَشْهُر فَهِيَ إيلَاء . 3576 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا ابْن إدْرِيس , قَالَ : سَمِعْت إسْمَاعِيل وَأَشْعَث , عَنْ الشَّعْبِيّ , مِثْله . 3577 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إبْرَاهِيم وَالشَّعْبِيّ قَالَا : كُلّ يَمِين مَنَعَتْ جِمَاعًا فَهِيَ إيلَاء . وَقَالَ آخَرُونَ : كُلّ يَمِين حَلَفَ بِهَا الرَّجُل فِي مُسَاءَة امْرَأَته فَهِيَ إيلَاء مِنْهُ مِنْهَا عَلَى الْجِمَاع , حَلَفَ أَوْ غَيْره , فِي رِضًا حَلَفَ أَوْ سَخِطَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3578 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ خُصَيْف , عَنْ الشَّعْبِيّ قَالَ : كُلّ يَمِين حَالَتْ بَيْن الرَّجُل وَبَيْن امْرَأَته فَهِيَ إيلَاء , إذَا قَالَ : وَاَللَّه لَأَغْضَبَنك , وَاَللَّه لَأَسُوءَنك , وَاَللَّه لَأَضْرِبَنك , وَأَشْبَاه هَذَا . 3579 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الْحَكَم , قَالَ : ثني أَبِي وَشُعَيْب , عَنْ اللَّيْث , عَنْ يَزِيد بْن أَبِي حَبِيب عَنْ ابْن أَبِي ذِئْب الْعَامِرِيّ : أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْله قَالَ لِامْرَأَتِهِ : إنْ كَلَّمْتُك سَنَة فَأَنْت طَالِق ! وَاسْتَفْتَى الْقَاسِم وَسَالِمًا فَقَالَا : إنْ كَلَّمْتهَا قَبْل سَنَة فَهِيَ طَالِق , وَإِنْ لَمْ تُكَلِّمهَا فَهِيَ طَالِق إذَا مَضَتْ أَرْبَعَة أَشْهُر . 3580 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , قَالَ : سَمِعْت حَمَّادًا , قَالَ : قُلْت لِإِبْرَاهِيم : الْإِيلَاء أَنْ يَحْلِف أَنْ لَا يُجَامِعهَا وَلَا يُكَلِّمهَا , وَلَا يَجْمَع رَأْسه بِرَأْسِهَا , أَوْ لَيُغْضِبَنهَا , أَوْ لَيَحْرِمَنهَا , أَوْ لَيَسُوءَنهَا ؟ قَالَ : نَعَمْ . 3581 - حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , قَالَ : سَأَلْت الْحَكَم عَنْ رَجُل : قَالَ لِامْرَأَتِهِ : وَاَللَّه لَأَغِيظَنك ! فَتَرَكهَا أَرْبَعَة أَشْهُر . قَالَ : هُوَ إيلَاء . * - حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا وَهْب بْن جَرِير , قَالَ : سَمِعْت شُعْبَة قَالَ : سَأَلْت الْحَكَم , فَذَكَرَ مِثْله . 3582 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , حَدَّثَنِي اللَّيْث , قَالَ : ثنا يُونُس , قَالَ : قَالَ ابْن شِهَاب : حَدَّثَنِي سَعِيد بْن الْمُسَيِّب : أَنَّهُ إنْ حَلَفَ رَجُل أَنْ لَا يُكَلِّم امْرَأَته يَوْمًا أَوْ شَهْرًا , قَالَ : فَإِنَّا نَرَى ذَلِكَ يَكُون إيلَاء , وَقَالَ : إلَّا أَنْ يَكُون حَلَفَ أَنْ لَا يُكَلِّمهَا , فَكَانَ يَمَسّهَا فَلَا نَرَى ذَلِكَ يَكُون مِنْ الْإِيلَاء . وَالْفَيْء أَنْ يَفِيء إلَى امْرَأَته فَيُكَلِّمهَا أَوْ يَمَسّهَا , فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ قَبْل أَنْ تَمْضِي الْأَرْبَعَة الْأَشْهُر فَقَدْ فَاءَ ; وَمِنْ فَاءَ بَعْد أَرْبَعَة أَشْهُر وَهِيَ فِي عِدَّتهَا فَقَدْ فَاءَ وَمَلَكَ امْرَأَته , غَيْر أَنَّهُ مَضَتْ لَهَا تَطْلِيقَة . وَعِلَّة مَنْ قَالَ : إنَّمَا الْإِيلَاء فِي الْغَضَب وَالضِّرَار , أَنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره إنَّمَا جَعَلَ الْأَجَل الَّذِي أَحَلَّ فِي الْإِيلَاء مَخْرَجًا لِلْمَرْأَةِ مِنْ عَضْل الرَّجُل وَضِرَاره إيَّاهَا فِيمَا لَهَا عَلَيْهِ مِنْ حُسْن الصُّحْبَة وَالْعِشْرَة بِالْمَعْرُوفِ . وَإِذَا لَمْ يَكُنْ الرَّجُل لَهَا عَاضِلًا , وَلَا مُضَارًّا بِيَمِينِهِ وَحَلِفه عَلَى تَرْك جِمَاعهَا , بَلْ كَانَ طَالِبًا بِذَلِكَ رِضَاهَا , وَقَاضِيًا بِذَلِكَ حَاجَتهَا , لَمْ يَكُنْ بِيَمِينِهِ تِلْكَ مُولِيًا , لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى هُنَالِكَ يَلْحَق الْمَرْأَة بِهِ مِنْ قِبَل بَعْلهَا مُسَاءَة وَسُوء عِشْرَة , فَيَجْعَل الْأَجَل الَّذِي جَعَلَ الْمُولِي لَهَا مَخْرَجًا مِنْهُ . وَأَمَّا عِلَّة مَنْ قَالَ : الْإِيلَاء فِي حَال الْغَضَب وَالرِّضَا سَوَاء عُمُوم الْآيَة , وَأَنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره لَمْ يُخَصِّص مِنْ قَوْله : { لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّص أَرْبَعَة أَشْهُر } بَعْضًا دُون بَعْض , بَلْ عَمَّ بِهِ كُلّ مُؤْلٍ مُقْسِم , فَكُلّ مُقْسِم عَلَى امْرَأَته أَنْ لَا يَغْشَاهَا مُدَّة هِيَ أَكْثَر مِنْ الْأَجَل الَّذِي جَعَلَ اللَّه لَهُ تَرَبُّصه , فَمُؤْلٍ مِنْ امْرَأَته عِنْد بَعْضهمْ . وَعِنْد بَعْضهمْ : هُوَ مُؤْلٍ , وَإِنْ كَانَتْ مُدَّة يَمِينه الْأَجَل الَّذِي جَعَلَ لَهُ تَرَبُّصه . وَأَمَّا عِلَّة مَنْ قَالَ بِقَوْلِ الشَّعْبِيّ وَالْقَاسِم وَسَالِم , أَنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره جَعَلَ الْأَجَل الَّذِي حَدَّهُ لِلْمُولِي مَخْرَجًا لِلْمَرْأَةِ مِنْ سُوء عِشْرَتهَا بَعْلهَا إيَّاهَا وَإِضْرَاره بِهَا . وَلَيْسَتْ الْيَمِين عَلَيْهَا بِأَنْ لَا يُجَامِعهَا وَلَا يَقْرَبهَا بِأَوْلَى بِأَنْ تَكُون مِنْ مَعَانِي سُوء الْعِشْرَة وَالضِّرَار مِنْ الْحَلِف عَلَيْهَا أَنْ لَا يُكَلِّمهَا أَوْ يَسُوءهَا أَوْ يُغِيظهَا ; لِأَنَّ كُلّ ذَلِكَ ضَرَر عَلَيْهَا , وَسُوء عِشْرَة لَهَا . وَأَوْلَى التَّأْوِيلَات الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ مُؤْلٍ مَنْ قَالَ : كُلّ يَمِين مَنَعَتْ الْمُقْسِم الْجِمَاع أَكْثَر مِنْ الْمُدَّة الَّتِي جَعَلَ اللَّه الْمُولِي تَرَبُّصهَا قَائِلًا فِي غَضَب كَانَ ذَلِكَ أَوْ رِضًا , وَذَلِكَ لِلْعِلَّةِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا قَبْل لِقَائِلِي ذَلِكَ . وَقَدْ أَتَيْنَا عَلَى فَسَاد قَوْل مَنْ خَالَفَ ذَلِكَ فِي كِتَابنَا " كِتَاب اللَّطِيف " بِمَا فِيهِ الْكِفَايَة , فَكَرِهْنَا إعَادَته فِي هَذَا الْمَوْضِع .

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَإِنْ فَاءُوا } يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِذَلِكَ : فَإِنْ رَجَعُوا إلَى تَرْك مَا حَلَفُوا عَلَيْهِ أَنْ يَفْعَلُوهُ بِهِنَّ مِنْ تَرْك جِمَاعهنَّ فَجَامَعُوهُنَّ وَحَنِثُوا فِي أَيْمَانهمْ , فَإِنَّ اللَّه غَفُور لِمَا كَانَ مِنْهُمْ مِنْ الْكَذِب فِي أَيْمَانهمْ بِأَنْ لَا يَأْتُوهُنَّ ثُمَّ أَتَوْهُنَّ , وَلَمَّا سَلَفَ مِنْهُمْ إلَيْهِنَّ مِنْ الْيَمِين عَلَى مَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَنْ يَحْلِفُوا عَلَيْهِ , فَحَلَفُوا عَلَيْهِ ; رَحِيم بِهِمْ وَبِغَيْرِهِمْ مِنْ عِبَاده الْمُؤْمِنِينَ . وَأَصْل الْفَيْء : الرُّجُوع مِنْ حَال إلَى حَال , وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى ذِكْره : { وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنهمَا } إلَى قَوْله : { حَتَّى تَفِيء إلَى أَمْر اللَّه } 49 9 يَعْنِي : حَتَّى تَرْجِع إلَى أَمْر اللَّه . وَمِنْهُ قَوْل الشَّاعِر : فَفَاءَتْ وَلَمْ تَقْضِ الَّذِي أَقْبَلَتْ لَهُ وَمِنْ حَاجَة الْإِنْسَان مَا لَيْسَ قَاضِيًا يُقَال مِنْهُ : فَاءَ فُلَان يَفِيء فَيْئَة , مِثْل الْجَيْئَة , وَفَيْئًا . وَالْفَيْئَة : الْمَرَّة . فَأَمَّا فِي الظِّلّ , فَإِنَّهُ يُقَال : فَاءَ الظِّلّ يَفِيء فُيُوءًا وَفَيْئًا , وَقَدْ يُقَال فُيُوءًا أَيْضًا فِي الْمَعْنَى الْأَوَّل , لِأَنَّ الْفَيْء فِي كُلّ الْأَشْيَاء بِمَعْنَى الرُّجُوع . وَبِمِثْلِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل , غَيْر أَنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِيمَا يَكُون بِهِ الْمُؤْلِي فَائِيًّا , فَقَالَ بَعْضهمْ : لَا يَكُون فَائِيًّا إلَّا بِالْجِمَاعِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3583 - حَدَّثَنَا عَلَى بْن سَهْل الرَّمْلِيّ , قَالَ : ثنا مُؤَمِّل , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ ابْن أَبِي لَيْلَى , عَنْ الْحَكَم , عَنْ مِقْسَم ,

عَنْ ابْن عَبَّاس , قَالَ : الْفَيْء : الْجِمَاع . * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا أَبُو نُعَيْم , عَنْ يَزِيد بْن زِيَاد بْن أَبِي الْجَعْد , عَنْ الْحَكَم , عَنْ مِقْسَم , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَالَ : الْفَيْء : الْجِمَاع . * - حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ الْحَكَم , عَنْ مِقْسَم , عَنْ ابْن عَبَّاس , مِثْله . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يَحْيَى , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ صَاحِب لَهُ , عَنْ الْحَكَم بْن عُتَيْبَة عَنْ مِقْسَم , عَنْ ابْن عَبَّاس , مِثْله . 3584 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ حُصَيْن , عَنْ الشَّعْبِيّ , عَنْ مَسْرُوق , قَالَ : الْفَيْء : الْجِمَاع . * - حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي عَدِيّ , عَنْ شُعْبَة , عَنْ حُصَيْن , عَنْ الشَّعْبِيّ , عَنْ مَسْرُوق مِثْله . 3585 - حَدَّثَنَا عَبْد الْحَمِيد بْن بَيَان , قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن يَزِيد , عَنْ إسْمَاعِيل , قَالَ : كَانَ عَامِر لَا يَرَى الْفَيْء إلَّا الْجِمَاع . * - حَدَّثَنَا تَمِيم بْن الْمُنْتَصِر , قَالَ : أَخْبَرَنَا يَزِيد بْن هَارُونَ , قَالَ : أَخْبَرَنَا إسْمَاعِيل , عَنْ عَامِر , بِمِثْلِهِ . 3586 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ عَلِيّ بْن بذيمة , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر قَالَ : الْفَيْء : الْجِمَاع . * - حَدَّثَنَا أَبُو عَبْد اللَّه النَّسَائِيّ , قَالَ : ثنا إسْحَاق الْأَزْرَق , عَنْ سُفْيَان , عَنْ عَلِيّ بْن بذيمة , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , مِثْله . 3587 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : الْفَيْء : الْجِمَاع , لَا عُذْر لَهُ إلَّا أَنْ يُجَامِع , وَإِنْ كَانَ فِي سِجْن أَوْ فِي سَفَر ; سَعِيد الْقَائِل . 3588 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن يَحْيَى , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر أَنَّهُ قَالَ : لَا عُذْر لَهُ حَتَّى يَغْشَى . 3589 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى بْن إبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا الْحَجَّاج بْن الْمِنْهَال , قَالَ : ثنا حَمَّاد , عَنْ حَمَّاد وَإِيَاس , عَنْ الشَّعْبِيّ , قَالَ أَحَدهمَا , عَنْ مَسْرُوق , قَالَ : الْفَيْء : الْجِمَاع . وَقَالَ الْآخَر عَنْ الشَّعْبِيّ : الْفَيْء : الْجِمَاع . 3590 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , عَنْ سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب فِي : رَجُل آلَى مِنْ امْرَأَته ثُمَّ شَغَلَهُ مَرَض , قَالَ : لَا عُذْر لَهُ حَتَّى يَغْشَى . 3591 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُعَاذ بْن هِشَام , قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي , عَنْ قَتَادَة , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر فِي : الرَّجُل يُوفِي مِنْ امْرَأَته قَبْل أَنْ يَدْخُل بِهَا , أَوْ بَعْد مَا دَخَلَ بِهَا , فَيَعْرِض لَهُ عَارِض يَحْبِسهُ , أَوْ لَا يَجِد مَا يَسُوق : أَنَّهُ إذَا مَضَتْ أَرْبَعَة أَشْهُر أَنَّهَا أَحَقّ بِنَفْسِهَا . 3592 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مَنْصُور , عَنْ الْحَكَم وَالشَّعْبِيّ قَالَا : إذَا آلَى الرَّجُل مِنْ امْرَأَته ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَفِيء , فَلَا فَيْء إلَّا الْجِمَاع . وَقَالَ آخَرُونَ : الْفَيْء : الْمُرَاجَعَة بِاللِّسَانِ أَوْ الْقَلْب فِي حَال الْعُذْر , وَفِي غَيْر حَال الْعُذْر الْجِمَاع . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3593 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يَحْيَى , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ الْحَسَن وَعِكْرِمَة أَنَّهُمَا قَالَا : إذَا كَانَ لَهُ عُذْر فَأَشْهَدَ فَذَاكَ لَهُ . يَعْنِي فِي رَجُل آلَى مِنْ امْرَأَته فَشَغَلَهُ مَرَض أَوْ طَرِيق فَأَشْهَدَ عَلَى مُرَاجَعَة امْرَأَته . 3594 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ صَاحِب لَهُ , عَنْ الْحَكَم قَالَ : تَذَاكَرْنَا أَنَا وَالنَّخَعِيّ ذَلِكَ , قَالَ النَّخَعِيّ : إذَا كَانَ لَهُ عُذْر فَأَشْهَدَ فَقَدْ فَاءَ , وَقُلْت أَنَا : لَا عُذْر لَهُ حَتَّى يَغْشَى . فَانْطَلَقْنَا إلَى أَبِي وَائِل , فَقَالَ : إنِّي أَرْجُو إذَا كَانَ لَهُ عُذْر فَأَشْهَدَ جَازَ . 3595 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : إنْ آلَى ثُمَّ مَرِضَ , أَوْ سُجِنَ , أَوْ سَافَرَ فَرَاجَعَ , فَإِنَّ لَهُ عُذْرًا أَنْ لَا يُجَامِع . قَالَ : وَسَمِعْت الزُّهْرِيّ يَقُول مِثْل ذَلِكَ : 3596 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حِبَّان بْن مُوسَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن الْمُبَارَك , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَة , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إبْرَاهِيم : فِي النُّفَسَاء يُولِي مِنْهَا زَوْجهَا , قَالَ : هَذِهِ فِي مُحَارِب سُئِلَ عَنْهَا أَصْحَاب عَبْد اللَّه , فَقَالُوا : إذَا لَمْ يَسْتَطِعْ كَفَّرَ عَنْ يَمِينه وَأَشْهَدَ عَلَى الْفَيْء . 3597 - حَدَّثَنَا أَبُو السَّائِب , قَالَ : ثنا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ إبْرَاهِيم , عَنْ أَبِي الشَّعْثَاء , قَالَ : نَزَلَ بِهِ ضَيْف , فَآلَى مِنْ امْرَأَته فَنَفِسَتْ , فَأَرَادَ أَنْ يَفِيء فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَقْرَبهَا مِنْ أَجْل نِفَاسهَا . فَأَتَى عَلْقَمَة فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ , فَقَالَ : أَلَيْسَ قَدْ فِئْت بِقَلْبِك وَرَضِيت ؟ قَالَ : بَلَى . قَالَ : فَقَدْ فِئْت هِيَ امْرَأَتك . 3598 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ إبْرَاهِيم : أَنَّ رَجُلًا آلَى مِنْ امْرَأَته , فَوَلَدَتْ قَبْل أَنْ تَمْضِي أَرْبَعَة أَشْهُر وَأَرَادَ الْفَيْئَة , فَلَمْ يَسْتَطِعْ مِنْ أَجْل الدَّم حَتَّى مَضَتْ أَرْبَعَة أَشْهُر . فَسَأَلَ عَنْهَا عَلْقَمَة بْن قَيْس , فَقَالَ : أَلَيْسَ قَدْ رَاجَعْتهَا فِي نَفْسك ؟ قَالَ : بَلَى . قَالَ : فَهِيَ امْرَأَتك . 3599 - حَدَّثَنَا عِمْرَان بْن مُوسَى , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَارِث , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَامِر , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : إذَا آلَى مِنْ امْرَأَته ثُمَّ لَمْ يَقْدِر أَنْ يَغْشَاهَا مِنْ عُذْر , قَالَ : يَشْهَد أَنَّهُ قَدْ فَاءَ وَهِيَ امْرَأَته . 3600 - حَدَّثَنَا عِمْرَان , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَارِث , قَالَ : ثنا عَامِر , عَنْ حَمَّاد , عَنْ إبْرَاهِيم , عَنْ عَلْقَمَة بِمِثْلِهِ . 3601 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُعَاذ بْن هِشَام , قَالَ : ثَنَى أَبِي , عَنْ قَتَادَة . عَنْ عِكْرِمَة قَالَ : وَحَدَّثَنَا عَبْد الْأَعْلَى قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ عِكْرِمَة قَالَ : إذَا آلَى مِنْ امْرَأَته فَجَهَدَ أَنْ يَغْشَاهَا فَلَمْ يَسْتَطِعْ , فَلَهُ أَنْ يَشْهَد عَلَى رَجْعَتهَا . * - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , عَنْ سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ الْحَسَن وَعِكْرِمَة : أَنَّهُمَا سُئِلَا عَنْ رَجُل آلَى مِنْ امْرَأَته , فَشَغَلَهُ أَمْر , فَأَشْهَدَ عَلَى مُرَاجَعَة امْرَأَته , قَالَا : إذَا كَانَ لَهُ عُذْر فَذَاكَ لَهُ . 3602 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا غُنْدَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ الْحَكَم , قَالَ : انْطَلَقْت أَنَا وَإِبْرَاهِيم إلَى أَبِي الشَّعْثَاء , فَحَدَثَ أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي سَعْد بْن هَمَّام آلَى مِنْ امْرَأَته فَنَفِسَتْ , فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَقْرَبهَا , فَسَأَلَ الْأَسْوَد أَوْ بَعْض أَصْحَاب عَبْد اللَّه , فَقَالَ : إذَا أَشْهَدَ فَهِيَ امْرَأَته . 3603 - حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا غُنْدَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ حَمَّاد , عَنْ إبْرَاهِيم أَنَّهُ قَالَ : إنْ كَانَ لَهُ عُذْر فَأَشْهَدَ فَذَلِكَ لَهُ ; يَعْنِي الْمُؤْلِي مِنْ امْرَأَته . 3604 - حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إبْرَاهِيم أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّث عَنْ أَبِي الشَّعْثَاء , عَنْ عَلْقَمَة وَأَصْحَاب عَبْد اللَّه : أَنَّهُمْ قَالُوا فِي الرَّجُل إذَا آلَى مِنْ امْرَأَته فَنَفِسَتْ , قَالُوا : إذَا أَشْهَدَ فَهِيَ امْرَأَته . 3605 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ حَمَّاد , قَالَ : إذَا آلَى الرَّجُل مِنْ امْرَأَته ثُمَّ فَاءَ فَلْيَشْهَدْ عَلَى فَيْئِهِ . وَإِذَا آلَى الرَّجُل مِنْ امْرَأَته وَهُوَ فِي أَرْض غَيْر الْأَرْض الَّتِي فِيهَا امْرَأَته فَلْيَشْهَدْ عَلَى فَيْئِهِ . فَإِنْ أَشْهَدَ وَهُوَ لَا يَعْلَم أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجْزِيه مِنْ وُقُوعه عَلَيْهَا فَمَضَتْ أَرْبَعَة أَشْهُر قَبْل أَنْ يُجَامِعهَا فَهِيَ امْرَأَته . وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا فَيْء إلَّا فِي الْجِمَاع فِي هَذَا الْبَاب فَفَاءَ وَأَشْهَدَ عَلَى فَيْئِهِ وَلَمْ يَقَع عَلَيْهَا حَتَّى مَضَتْ أَرْبَعَة أَشْهُر , فَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ . 3606 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني اللَّيْث , قَالَ : ثني يُونُس , قَالَ : قَالَ ابْن شِهَاب : حَدَّثَنِي سَعِيد بْن الْمُسَيِّب : أَنَّهُ إذَا آلَى الرَّجُل مِنْ امْرَأَته , قَالَ : فَإِنْ كَانَ بِهِ مَرَض وَلَا يَسْتَطِيع أَنْ يَمَسّهَا , أَوْ كَانَ مُسَافِرًا فَحَبَسَ , قَالَ : فَإِذَا فَاءَ وَكَفَّرَ عَنْ يَمِينه فَأَشْهَدَ عَلَى فَيْئِهِ قَبْل أَنْ تَمْضِي أَرْبَعَة أَشْهُر فَلَا نَرَاهُ إلَّا قَدْ صَلَحَ لَهُ أَنْ يَمْسِك امْرَأَته وَلَمْ يَذْهَب مِنْ طَلَاقهَا شَيْء . قَالَ : وَقَالَ ابْن شِهَاب فِي رَجُل يُولِي مِنْ امْرَأَته وَلَمْ يَبْقَ لَهَا عَلَيْهِ إلَّا تَطْلِيقَة , فَيُرِيد أَنْ يَفِيء فِي آخِر ذَلِكَ وَهُوَ مَرِيض أَوْ مُسَافِر , أَوْ هِيَ مَرِيضَة أَوْ طَامِث أَوْ غَائِبَة لَا يَقْدِر عَلَى أَنْ يَبْلُغهَا حَتَّى تَمْضِي أَرْبَعَة أَشْهُر أَلَهُ فِي شَيْء مِنْ ذَلِكَ رُخْصَة أَنْ يُكَفِّر عَنْ يَمِينه , وَلَمْ يَقْدِر عَلَى أَنْ يَطَأ امْرَأَته ؟ قَالَ : نَرَى وَاَللَّه أَعْلَم إنْ فَاءَ قَبْل الْأَرْبَعَة الْأَشْهُر فَهِيَ امْرَأَته , بَعْد أَنْ يُشْهِد عَلَى ذَلِكَ وَيُكَفِّر عَنْ يَمِينه , وَإِنْ لَمْ يَبْلُغهَا ذَلِكَ مِنْ فَيْئَته , فَإِنَّهُ قَدْ فَاءَ قَبْل أَنْ يَكُون طَلَاقًا . 3607 - حُدِّثْنَا عَنْ عَمَّار بْن الْحَسَن , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع , قَالَ : الْفَيْء : الْجِمَاع . فَإِنْ هُوَ لَمْ يَقْدِر عَلَى الْمُجَامَعَة , وَكَانَتْ بِهِ عِلَّة مِنْ مَرَض , أَوْ كَانَ غَائِبًا , أَوْ كَانَ مُحْرِمًا , أَوْ شَيْء لَهُ فِيهِ عُذْر , فَفَاءَ بِلِسَانِهِ وَأَشْهَدَ عَلَى الرِّضَا , فَإِنَّ ذَلِكَ لَهُ فَيْء إنْ شَاءَ اللَّه . وَقَالَ آخَرُونَ : الْفَيْء : الْمُرَاجَعَة بِاللِّسَانِ بِكُلِّ حَال . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3608 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا الضَّحَّاك بْن مَخْلَد , عَنْ سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور وَحَمَّاد , عَنْ إبْرَاهِيم , قَالَ : الْفَيْء : أَنْ يَفِيء بِلِسَانِهِ . 3609 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا حَمَّاد بْن سَلَمَة , عَنْ زِيَاد الْأَعْلَم , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : الْفَيْء : الْإِشْهَاد . * - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى قَالَ : ثني الْحَجَّاج , قَالَ : ثنا حَمَّاد , عَنْ زِيَاد الْأَعْلَم , عَنْ الْحَسَن , مِثْله . 3610 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ أَيُّوب , عَنْ أَبِي قِلَابَةَ قَالَ : إنْ فَاءَ فِي نَفْسه أَجْزَأَهُ , يَقُول : قَدْ فَاءَ . 3611 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ إسْمَاعِيل بْن رَجَاء , قَالَ : ذَكَرُوا الْإِيلَاء عِنْد إبْرَاهِيم , فَقَالَ : أَرَأَيْت إنْ لَمْ يَنْتَشِر ذَكَره ؟ إذَا أَشْهَدَ فَهِيَ امْرَأَته . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ الْمُخْتَلِفُونَ فِي تَأْوِيل الْفَيْء عَلَى قَدْر اخْتِلَافهمْ فِي مَعْنَى الْيَمِين الَّتِي تَكُون إيلَاء , فَمَنْ كَانَ مِنْ قَوْله : إنَّ الرَّجُل لَا يَكُون مُولِيًا مِنْ امْرَأَته الْإِيلَاء الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّه فِي كِتَابه إلَّا بِالْحَلِفِ عَلَيْهَا أَنْ لَا يُجَامِعهَا جَعَلَ الْفَيْء الرُّجُوع إلَى فِعْل مَا حَلَفَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَفْعَلهُ مِنْ جِمَاعهَا , وَذَلِكَ الْجِمَاع فِي الْفَرْج إذَا قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ وَأَمْكَنَهُ , وَإِذَا لَمْ يَقْدِر عَلَيْهِ وَلَمْ يُمْكِنهُ , فَإِحْدَاث النِّيَّة أَنْ يَفْعَلهُ إذَا قَدَرَ عَلَيْهِ وَأَمْكَنَهُ وَإِبْدَاء مَا نَوَى مِنْ ذَلِكَ بِلِسَانِهِ لِيَعْلَمهُ الْمُسْلِمُونَ فِي قَوْل مَنْ قَالَ ذَلِكَ . وَأَمَّا قَوْل مَنْ رَأَى أَنَّ الْفَيْء هُوَ الْجِمَاع دُون غَيْره , فَإِنَّهُ لَمْ يَجْعَل الْعَائِق لَهُ عُذْرًا , وَلَمْ يَجْعَل لَهُ مَخْرَجًا مِنْ يَمِينه غَيْر الرُّجُوع إلَى مَا حَلَفَ عَلَى تَرْكه وَهُوَ الْجِمَاع . وَأَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ قَوْله : إنَّهُ قَدْ يَكُون مُولِيًا مِنْهَا بِالْحَلِفِ عَلَى تَرْك كَلَامهَا , أَوْ عَلَى أَنْ يَسُوءهَا أَوْ يَغِيظهَا , أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْأَيْمَان , فَإِنَّ الْفَيْء عِنْده الرُّجُوع إلَى تَرْك مَا حَلَفَ عَلَيْهِ أَنْ يَفْعَلهُ مِمَّا فِيهِ مُسَاءَتهَا بِالْعَزْمِ عَلَى الرُّجُوع عَنْهُ وَإِبْدَاء ذَلِكَ بِلِسَانِهِ فِي كُلّ حَال عَزَمَ فِيهَا عَلَى الْفَيْء . وَأَوْلَى الْأَقْوَال بِالصِّحَّةِ فِي ذَلِكَ عِنْدنَا قَوْل مَنْ قَالَ : الْفَيْء : هُوَ الْجِمَاع ; لِأَنَّ الرَّجُل لَا يَكُون مُؤْلِيًا عِنْدنَا مِنْ امْرَأَته إلَّا بِالْحَلِفِ عَلَى تَرْك جِمَاعهَا الْمُدَّة الَّتِي ذَكَرْنَا لِلْعِلَلِ الَّتِي وَصَفْنَا قَبْل . فَإِذْ كَانَ ذَلِكَ هُوَ الْإِيلَاء فَالْفَيْء الَّذِي يُبْطِل حُكْم الْإِيلَاء عَنْهُ لَا شَكَّ أَنَّهُ غَيْر جَائِز أَنْ يَكُون إلَّا مَا كَانَ الَّذِي آلَى عَلَيْهِ خِلَافًا لِأَنَّهُ لَمَّا جَعَلَ حُكْمه إنْ لَمْ يَفِئْ إلَى مَا آلَى عَلَى تَرْكه الْحُكْم الَّذِي بَيَّنَهُ اللَّه لَهُمْ فِي كِتَابه كَانَ الْفَيْء إلَى ذَلِكَ مَعْلُومًا أَنَّهُ فَعَلَ مَا آلَى عَلَى تَرْكه إنْ أَطَاقَهُ , وَذَلِكَ هُوَ الْجِمَاع , غَيْر أَنَّهُ إذَا حِيلَ بَيْنه وَبَيْن الْفَيْء الَّذِي هُوَ الْجِمَاع بِعُذْرٍ , فَغَيْر كَائِن تَارِكًا جِمَاعهَا عَلَى الْحَقِيقَة , لِأَنَّ الْمَرْء إنَّمَا يَكُون تَارِكًا مَا لَهُ إلَى فِعْله وَتَرْكه سَبِيل , فَأَمَّا مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَى فِعْل أَمْر سَبِيل , فَغَيْر كَائِن تَارِكه . وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَإِحْدَاث الْعَزْم فِي نَفْسه عَلَى جِمَاعهَا مُجْزِئ عَنْهُ فِي حَال الْعُذْر , حَتَّى يَجِد السَّبِيل إلَى جِمَاعهَا . وَإِنْ أَبْدَى ذَلِكَ بِلِسَانِهِ وَأَشْهَدَ عَلَى نَفْسه فِي تِلْكَ الْحَال بِالْأَوْبَةِ وَالْفَيْء كَانَ أَعْجَب إلَيَّ .

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَإِنَّ اللَّه غَفُور رَحِيم } اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : فَإِنَّ اللَّه غَفُور لَكُمْ فِيمَا اجْتَرَمْتُمْ بِفَيْئِكُمْ إلَيْهِنَّ مِنْ الْحِنْث فِي الْيَمِين الَّتِي حَلَفْتُمْ عَلَيْهِنَّ بِاَللَّهِ أَنْ لَا تَغْشَوْهُنَّ , رَحِيم بِكُمْ فِي تَخْفِيفه عَنْكُمْ كَفَّارَة أَيْمَانكُمْ الَّتِي حَلَفْتُمْ عَلَيْهِنَّ ثُمَّ حَنِثْتُمْ فِيهَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3612 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ الْحَسَن : { فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّه غَفُور رَحِيم } قَالَ : لَا كَفَّارَة عَلَيْهِ . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , عَنْ الْحَسَن

, قَالَ : إذَا فَاءَ فَلَا كَفَّارَة عَلَيْهِ . 3613 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حِبَّان بْن مُوسَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن الْمُبَارَك , قَالَ : ثنا أَبُو عَوَانَة , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إبْرَاهِيم , قَالَ : كَانُوا يَرَوْنَ فِي قَوْل اللَّه : { فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّه غَفُور رَحِيم } أَنَّ كَفَّارَته فَيْؤُهُ . وَهَذَا التَّأْوِيل الَّذِي ذَكَرْنَا هُوَ التَّأْوِيل الْوَاجِب عَلَى قَوْل مَنْ زَعَمَ أَنَّ كُلّ حَانِث فِي يَمِين هُوَ فِي الْمَقَام عَلَيْهَا حَرِج , فَلَا كَفَّارَة عَلَيْهِ فِي حِنْثه فِيهَا , وَإِنَّ كَفَّارَته الْحِنْث فِيهَا . وَأَمَّا عَلَى قَوْل مَنْ أَوْجَبَ عَلَى الْحَانِث فِي كُلّ يَمِين حَلَفَ بِهَا بِرًّا كَانَ الْحِنْث فِيهَا أَوْ غَيْر بِرّ , فَإِنَّ تَأْوِيله : فَإِنَّ اللَّه غَفُور لِلْمُؤْلِينَ مِنْ نِسَائِهِمْ فِيمَا حَنِثُوا فِيهِ مِنْ إيلَائِهِمْ , فَإِنْ فَاءُوا فَكَفَّرُوا أَيْمَانهمْ بِمَا أَلْزَمَ اللَّه الْحَانِثِينَ فِي أَيْمَانهمْ مِنْ الْكَفَّارَة , رَحِيم بِهِمْ بِإِسْقَاطِهِ عَنْهُمْ الْعُقُوبَة فِي الْعَاجِل وَالْآجِل عَلَى ذَلِكَ بِتَكْفِيرِهِ إيَّاهُ بِمَا فَرَضَ عَلَيْهِمْ مِنْ الْجَزَاء وَالْكَفَّارَة , وَبِمَا جَعَلَ لَهُمْ مِنْ الْمَهْل الْأَشْهُر الْأَرْبَعَة , فَلَمْ يَجْعَل فِيهَا لِلْمَرْأَةِ الَّتِي إلَى مِنْهَا زَوْجهَا مَا جَعَلَ لَهَا بَعْد الْأَشْهُر الْأَرْبَعَة . كَمَا : 3614 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حِبَّان , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن الْمُبَارَك , قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن بِشْر أَنَّهُ سَمِعَ عِكْرِمَة يَقُول : { لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّص أَرْبَعَة أَشْهُر فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّه غَفُور رَحِيم وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاق } قَالَ : وَتِلْكَ رَحْمَة اللَّه مَلَّكَهُ أَمْرهَا الْأَرْبَعَة الْأَشْهُر إلَّا مِنْ مَعْذِرَة , لِأَنَّ اللَّه قَالَ : { وَاَللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزهنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع } 4 34 ذِكْر بَعْض مَنْ قَالَ : إذَا فَاءَ الْمُولِي فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَة : 3615 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ ابْن عَبَّاس قَوْله : { لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّص أَرْبَعَة أَشَهْر } وَهُوَ الرَّجُل يَحْلِف لِامْرَأَتِهِ بِاَللَّهِ لَا يَنْكِحهَا , فَيَتَرَبَّص أَرْبَعَة أَشْهُر , فَإِنْ هُوَ نَكَحَهَا كَفَّرَ يَمِينه بِإِطْعَامِ عَشَرَة مَسَاكِين , أَوْ كِسْوَتهمْ , أَوْ تَحْرِير رِقْبَة , فَمَنْ لَمْ يَجِد فَصِيَام ثَلَاثَة أَيَّام . 3616 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني اللَّيْث , قَالَ : ثني يُونُس , قَالَ : ثني ابْن شِهَاب , عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب بِنَحْوِهِ . 3617 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حِبَّان بْن مُوسَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن الْمُبَارَك , قَالَ : أَخْبَرَنَا حَمَّاد بْن سَلَمَة , عَنْ حَمَّاد , عَنْ إبْرَاهِيم , قَالَ : إذَا آلَى فَغَشِيَهَا قَبْل الْأَرْبَعَة الْأَشْهُر كَفَّرَ عَنْ يَمِينه . 3618 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حِبَّان , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن الْمُبَارَك , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَة , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إبْرَاهِيم : فِي النُّفَسَاء يُولِي مِنْهَا زَوْجهَا , قَالَ : هَذِهِ فِي مُحَارِب ; سُئِلَ عَنْهَا أَصْحَاب عَبْد اللَّه , فَقَالُوا : إذَا لَمْ يَسْتَطِعْ كَفَّرَ عَنْ يَمِينه وَأَشْهَدَ عَلَى الْفَيْء . 3619 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : إنْ فَاءَ فِيهَا كَفَّرَ يَمِينه وَهِيَ امْرَأَته . 3620 - حُدِّثْنَا عَنْ عَمَّار , عَنْ ابْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع , مِثْله . 3621 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا عثام , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ إبْرَاهِيم : فِي الْإِيلَاء قَالَ : يُوقَف قَبْل أَنْ تَمْضِي الْأَرْبَعَة الْأَشْهُر , فَإِنْ رَاجَعَهَا فَهِيَ امْرَأَته وَعَلَيْهِ يَمِين يُكَفِّرهَا إذَا حَنِثَ . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَهَذَا التَّأْوِيل الثَّانِي هُوَ الصَّحِيح عِنْدنَا فِي ذَلِكَ لِمَا قَدْ بَيَّنَّا مِنْ الْعِلَل فِي كِتَابنَا " كِتَاب الْأَيْمَان " مِنْ أَنَّ الْحِنْث مُوجِب الْكَفَّارَة فِي كُلّ مَا اُبْتُدِئَ فِيهِ الْحِنْث مِنْ الْأَيْمَان بَعْد الْحَلِف عَلَى مَعْصِيَة كَانَتْ الْيَمِين أَوْ عَلَى طَاعَة .
وَإِنْ عَزَمُواْ الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌسورة البقرة الآية رقم 227
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاق فَإِنَّ اللَّه سَمِيع عَلِيم } اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى قَوْل اللَّه تَعَالَى ذِكْره { وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاق } فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ أَنْ يَعْتَزِلُوا مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّص أَرْبَعَة أَشْهُر , فَإِنْ فَاءُوا فَرَجَعُوا إلَى مَا أَوْجَبَ اللَّه لَهُنَّ مِنْ الْعَشَرَة بِالْمَعْرُوفِ فِي الْأَشْهُر الْأَرْبَعَة الَّتِي جَعَلَ اللَّه لَهُمْ تَرَبُّصهمْ عَنْهُنَّ وَعَنْ جِمَاعهنَّ وَعِشْرَتهنَّ فِي ذَلِكَ بِالْوَاجِبِ , فَإِنَّ اللَّه لَهُمْ غَفُور رَحِيم , وَإِنْ تَرَكُوا الْفَيْء إلَيْهِنَّ فِي الْأَشْهُر الْأَرْبَعَة الَّتِي جَعَلَ اللَّه لَهُمْ التَّرَبُّص فِيهِنَّ حَتَّى يَنْقَضِيَن طَلُقَ مِنْهُمْ نِسَاؤُهُمْ اللَّاتِي آلَوْا مِنْهُنَّ بِمُضِيِّهِنَّ , وَمُضِيّهنَّ عِنْد قَائِلِي ذَلِكَ هُوَ الدَّلَالَة عَلَى عَزْم الْمُولِي عَلَى طَلَاق امْرَأَته الَّتِي آلَى مِنْهَا . ثُمَّ اخْتَلَفَ مُتَأَوِّلُو هَذَا التَّأْوِيل بَيْنهمْ فِي الطَّلَاق الَّذِي يَلْحَقهَا بِمُضِيِّ الْأَشْهُر الْأَرْبَعَة , فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ تَطْلِيقَة بَائِنَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3622 - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن بِشْر , عَنْ سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ خِلَاس أَوْ الْحَسَن , عَنْ عَلِيّ قَالَ : إذَا مَضَتْ أَرْبَعَة أَشْهُر , فَهِيَ تَطْلِيقَة بَائِنَة . 3623 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُعَاذ بْن هِشَام , قَالَ : ثنا أَبِي ,

عَنْ قَتَادَة : أَنَّ عَلِيًّا وَابْن مَسْعُود كَانَا يَجْعَلَانِهَا تَطْلِيقَة إذَا مَضَتْ أَرْبَعَة أَشْهُر فَهِيَ أَحَقّ بِنَفْسِهَا . قَالَ قَتَادَة : وَقَوْل عَلِيّ وَعَبْد اللَّه أَعْجَب إلَيَّ فِي الْإِيلَاء . * - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ الْحَسَن : أَنَّ عَلِيًّا قَالَ فِي الْإِيلَاء : إذَا مَضَتْ أَرْبَعَة أَشْهُر بَانَتْ بِتَطْلِيقَةٍ . 3624 - حَدَّثَنَا ابْن أَبِي الشَّوَارِب , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن زُرَيْعٍ , قَالَ : ثنا مَعْمَر , عَنْ عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ , عَنْ أَبِي سَلَمَة أَنَّ عُثْمَان بْن عَفَّانِ وَزَيْد بْن ثَابِت كَانَا يَقُولَانِ : إذَا مَضَتْ الْأَرْبَعَة الْأَشْهُر فَهِيَ وَاحِدَة بَائِنَة . 3625 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ , قَالَ : سَمِعْت أَبُو سَلَمَة بْن عَبْد الرَّحْمَن سَأَلَ ابْن الْمُسَيِّب عَنْ الْإِيلَاء , فَمَرَرْت بِهِ , فَقَالَ : مَا قَالَ لَك ابْن الْمُسَيِّب ؟ فَحَدَّثْته بِقَوْلِهِ . فَقَالَ : أَفَلَا أُخْبِرك مَا كَانَ عُثْمَان بْن عَفَّانِ وَزَيْد بْن ثَابِت يَقُولَانِ ؟ قُلْت : بَلَى . قَالَ : كَانَا يَقُولَانِ : إذَا مَضَتْ أَرْبَعَة أَشْهُر فَهِيَ وَاحِدَة وَهِيَ أَحَقّ بِنَفْسِهَا . 3626 - حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن سَهْل , قَالَ : ثنا الْوَلِيد , عَنْ الْأَوْزَاعِيّ , عَنْ عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو سَلَمَة بْن عَبْد الرَّحْمَن , أَنَّ عُثْمَان بْن عَفَّانِ , قَالَ : إذَا مَضَتْ أَرْبَعَة أَشْهُر مِنْ يَوْم آلَى فَتَطْلِيقَة بَائِنَة . * - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , عَنْ مَعْمَر , أَوْ حُدِّثْت عَنْهُ , عَنْ عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ , عَنْ أَبِي سَلَمَة عَنْ عُثْمَان وَزَيْد أَنَّهُمَا كَانَا يَقُولَانِ : إذَا مَضَتْ أَرْبَعَة أَشْهُر فَهِيَ تَطْلِيقَة بَائِنَة . 3627 - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام , قَالَ : ثنا سُفْيَان بْن عُيَيْنَة , عَنْ مَنْصُور , عَنْ إبْرَاهِيم , عَنْ عَلْقَمَة , قَالَ : آلَى عَبْد اللَّه بْن أُنَيْس مِنْ امْرَأَته , فَمَكَثَتْ سِتَّة أَشْهُر , فَأَتَى ابْن مَسْعُود فَسَأَلَهُ , فَقَالَ : أَعْلَمهَا أَنَّهَا قَدْ مَلَكَتْ أَمْرهَا . فَأَتَاهَا فَأَخْبَرَهَا , وَأَصْدَقهَا رِطْلًا مِنْ وَرِق . 3628 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا حُصَيْن , عَنْ إبْرَاهِيم , عَنْ عَبْد اللَّه : أَنَّهُ كَانَ يَقُول فِي الْإِيلَاء : إذَا مَضَتْ الْأَرْبَعَة الْأَشْهُر فَهِيَ تَطْلِيقَة بَائِنَة . * - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا هُشَيْم , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إبْرَاهِيم , عَنْ عَبْد اللَّه , مِثْل ذَلِكَ . 3629 - حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِب , قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ إبْرَاهِيم , قَالَ : آلَى عَبْد اللَّه بْن أُنَيْس مِنْ امْرَأَته , قَالَ : فَخَرَجَ فَغَابَ عَنْهَا سِتَّة أَشْهُر , ثُمَّ جَاءَ فَدَخَلَ عَلَيْهَا , فَقِيلَ : إنَّهَا قَدْ بَانَتْ مِنْك . فَأَتَى عَبْد اللَّه فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ , فَقَالَ لَهُ عَبْد اللَّه : قَدْ بَانَتْ مِنْك , فَأْتِهَا وَأَعْلِمْهَا وَاخْطُبْهَا إلَى نَفْسهَا ! فَأَتَاهَا فَأَعْلِمْهَا أَنَّهَا قَدْ بَانَتْ مِنْهُ وَخَطَبَهَا إلَى نَفْسهَا , وَأَصْدَقَهَا رِطْلًا مِنْ وَرِق . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَهَّاب , عَنْ عَطَاء , قَالَ : ثنا دَاوُد , عَنْ عَامِر , عَنْ ابْن مَسْعُود : أَنَّهُ قَالَ فِي الْإِيلَاء : إذَا مَضَتْ أَرْبَعَة أَشْهُر فَهِيَ وَاحِدَة بَائِنَة . 3630 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثني عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا دَاوُد , عَنْ عَامِر : أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي هِلَال يُقَال لَهُ فُلَان بْن أُنَيْس أَوْ عَبْد اللَّه بْن أُنَيْس , أَرَادَ مِنْ أَهْله مَا يُرِيد الرَّجُل مِنْ أَهْله , فَأَبَتْ , فَحَلَفَ أَنْ لَا يَقْرَبهَا . فَطَرَأَ عَلَى النَّاس بَعْث مِنْ الْغَد , فَخَرَجَ فَغَابَ سِتَّة أَشْهُر , ثُمَّ قَدِمَ فَأَتَى أَهْله , مَا يَرَى أَنَّ عَلَيْهِ بَأْسًا . فَخَرَجَ إلَى الْقَوْم فَحَدَّثَهُمْ بِسَخَطِهِ عَلَى أَهْله حَيْثُ خَرَجَ وَبِرِضَاهُ عَنْهُمْ حِين قَدِمَ . فَقَالَ الْقَوْم : فَإِنَّهَا قَدْ حَرُمَتْ عَلَيْك . فَأَتَى ابْن مَسْعُود فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ , فَقَالَ ابْن مَسْعُود : أَمَّا عَلِمْت أَنَّهَا حَرُمَتْ عَلَيْك ؟ قَالَ لَا . قَالَ : فَانْطَلِقْ فَاسْتَأْذِنْ عَلَيْهَا , فَإِنَّهَا سَتُنْكِرُ ذَلِكَ , ثُمَّ أَخْبِرْهَا أَنَّ يَمِينك الَّتِي كُنْت حَلَفْت عَلَيْهَا صَارَتْ طَلَاقًا , وَأَخْبِرْهَا أَنَّهَا وَاحِدَة وَأَنَّهَا أَمْلَك بِنَفْسِهَا , فَإِنْ شَاءَتْ خَطَبْتهَا فَكَانَتْ عِنْدك عَلَى ثِنْتَيْنِ , وَإِلَّا فَهِيَ أَمْلَك بِنَفْسِهَا . 3631 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا ابْن مَهْدِيّ : قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ عَلِيّ بْن بذيمة , عَنْ أَبِي عُبَيْدَة , عَنْ مَسْرُوق , عَنْ عَبْد اللَّه : قَالَ فِي الْإِيلَاء : إذَا مَضَتْ أَرْبَعَة أَشْهُر فَهِيَ تَطْلِيقَة بَائِنَة , وَتَعْتَدّ ثَلَاثَة قُرُوء . * - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا ابْن مَهْدِيّ , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور وَالْأَعْمَش وَمُغِيرَة , عَنْ إبْرَاهِيم : أَنَّ عَبْد اللَّه بْن أُنَيْس آلَى مِنْ امْرَأَته , فَمَضَتْ أَرْبَعَة أَشْهُر , ثُمَّ جَامَعَهَا وَهُوَ نَاسٍ , فَأَتَى عَلْقَمَة , فَذَهَبَ بِهِ إلَى عَبْد اللَّه , فَقَالَ عَبْد اللَّه : بَانَتْ مِنْك فَاخْطُبْهَا إلَى نَفْسهَا , فَأَصْدِقْهَا رِطْلًا مِنْ فِضَّة . 3632 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , قَالَ : ثنا أَيُّوب , وَحَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَهَّاب , قَالَ : حَدَّثَنَا أَيُّوب , عَنْ أَبِي قِلَابَةَ : أَنَّ النُّعْمَان بْن بَشِير آلَى مِنْ امْرَأَته , فَضَرَبَ ابْن مَسْعُود فَخِذه وَقَالَ : إذَا مَضَتْ أَرْبَعَة أَشْهُر فَاعْتَرِفْ بِتَطْلِيقَةٍ . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا الْمُعْتَمِر , قَالَ : سَمِعْت دَاوُد , عَنْ عَامِر : أَنَّ ابْن مَسْعُود قَالَ فِي الْمُؤْلِي : إذَا مَضَتْ أَرْبَعَة أَشْهُر وَلَمْ يَفِئْ فَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ امْرَأَته بِوَاحِدَةٍ وَهُوَ خَاطِب . 3633 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا ابْن مَهْدِيّ , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ الْحَكَم , عَنْ مِقْسَم , عَنْ ابْن عَبَّاس قَالَ : عَزْم الطَّلَاق انْقِضَاء الْأَرْبَعَة الْأَشْهُر . * - حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ الْحَكَم , عَنْ مِقْسَم , عَنْ ابْن عَبَّاس , مِثْله . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ عَبْد اللَّه بْن أَبِي نَجِيح , عَنْ عَطَاء , عَنْ ابْن عَبَّاس : أَنَّهُ قَالَ فِي الْإِيلَاء : إذَا مَضَتْ أَرْبَعَة أَشْهُر فَهِيَ وَاحِدَة بَائِنَة . 3634 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا خَالِد بْن مَخْلَد , عَنْ جَعْفَر بْن بَرْقَانِ , عَنْ عَبْد الْأَعْلَى بْن مَيْمُون بْن مِهْرَان , عَنْ عِكْرِمَة أَنَّهُ قَالَ : إذَا مَضَتْ الْأَرْبَعَة الْأَشْهُر فَهِيَ تَطْلِيقَة بَائِنَة . فَذَكَرَ ذَلِكَ عَنْ ابْن عَبَّاس . * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا أَبُو نُعَيْم , عَنْ يَزِيد بْن زِيَاد بْن أَبِي الْجَعْد , عَنْ الْحَكَم , عَنْ مِقْسَم , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَالَ : عَزِيمَة الطَّلَاق انْقِضَاء الْأَرْبَعَة . * - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام , قَالَ : ثنا وَكِيع , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ الْحَكَم , عَنْ مِقْسَم , عَنْ ابْن عَبَّاس , مِثْله . 3635 - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام , قَالَ : ثنا ابْن فَضْل , قَالَ : ثنا الْأَعْمَش , عَنْ حَبِيب , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر : أَنَّ أَمِير مَكَّة سَأَلَهُ عَنْ الْمُؤْلِي , فَقَالَ : كَانَ ابْن عُمَر يَقُول : إذَا مَضَتْ أَرْبَعَة أَشْهُر مَلَكَتْ أَمْرهَا , وَكَانَ ابْن عَبَّاس يَقُول ذَلِكَ . * - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام , قَالَ : ثنا حَفْص , عَنْ الْحَجَّاج , عَنْ الْحَكَم , عَنْ مِقْسَم , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَالَ : إذَا مَضَتْ أَرْبَعَة أَشْهُر فَهِيَ تَطْلِيقَة بَائِنَة . 3636 - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام , قَالَ : ثنا حَفْص , عَنْ حَجَّاج , عَنْ سَالِم الْمَكِّيّ , عَنْ ابْن الْحَنَفِيَّة , مِثْله . 3637 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الْحَكَم , قَالَ : ثنا أَبِي وَشُعَيْب , عَنْ اللَّيْث , عَنْ يَزِيد بْن أَبِي حَبِيب عَنْ أَبَان بْن صَالِح , عَنْ ابْن شِهَاب : أَنَّ قَبِيصَة بْن ذُؤَيْب قَالَ فِي الْإِيلَاء : هِيَ تَطْلِيقَة بَائِنَة وَتَأْتَنِف الْعِدَّة وَهِيَ أَمْلَك بِأَمْرِهَا . 3638 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ الشَّعْبِيّ , عَنْ شُرَيْح : أَنَّهُ أَتَاهُ رَجُل فَقَالَ : إنِّي آلَيْت مِنْ امْرَأَتِي فَمَضَتْ أَرْبَعَة أَشْهُر قَبْل أَنْ أَفِيء . فَقَالَ شُرَيْح : { وَإِذْ عَزَمُوا الطَّلَاق فَإِنَّ اللَّه سَمِيع عَلِيم } لَمْ يَزِدْهُ عَلَيْهَا . فَأَتَى مَسْرُوقًا فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ , فَقَالَ : يَرْحَم اللَّه أَبَا أُمَيَّة لَوْ أَنَّا قُلْنَا مِثْل مَا قَالَ لَمْ يُفَرِّج أَحَد عَنْهُ , وَإِنَّمَا أَتَاهُ لَيُفَرِّج عَنْهُ . ثُمَّ قَالَ : هِيَ تَطْلِيقَة بَائِنَة , وَأَنْت خَاطِب مِنْ الْخُطَّاب . * - حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ مُغِيرَة أَنَّهُ سَمِعَ الشَّعْبِيّ , يُحَدِّث : أَنَّهُ شَهْد شُرَيْحًا وَسَأَلَهُ رَجُل عَنْ الْإِيلَاء فَقَالَ : { لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّص أَرْبَعَة أَشْهُر } الْآيَة , قَالَ : فَقُمْت مِنْ عِنْده , فَأَتَيْت مَسْرُوقًا , فَقُلْت : يَا أَبَا عَائِشَة ! وَأَخْبَرْته بِقَوْلِ شُرَيْح , فَقَالَ : يَرْحَم اللَّه أَبَا أُمَيَّة , لَوْ أَنَّ النَّاس كُلّهمْ قَالُوا مِثْل هَذَا مَنْ كَانَ يُفَرَّج عَنَّا مِثْل هَذَا ; ثُمَّ قَالَ : إذَا مَضَتْ أَرْبَعَة أَشْهُر فَهِيَ وَاحِدَة بَائِنَة . 3639 - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام , قَالَ : ثنا أَبُو دَاوُد , عَنْ جَرِير بْن حَازِم , قَالَ : قَرَأْت فِي كِتَاب أَبِي قِلَابَةَ عِنْد أَيُّوب : سَأَلْت سَالِم بْن عَبْد اللَّه وَأَبَا سَلَمَة بْن عَبْد الرَّحْمَن فَقَالَا : إذَا مَضَتْ أَرْبَعَة أَشْهُر فَهِيَ تَطْلِيقَة بَائِنَة . 3640 - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام , قَالَ : ثنا أَبُو دَاوُد , عَنْ جَرِير بْن حَازِم , عَنْ قَيْس بْن سَعْد , عَنْ عَطَاء , قَالَ : إذَا مَضَتْ أَرْبَعَة أَشْهُر , فَهِيَ تَطْلِيقَة بَائِنَة , وَيَخْطُبهَا فِي الْعِدَّة . 3641 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا مُعْتَمِر , عَنْ أَبِيهِ : فِي الرَّجُل يَقُول لِامْرَأَتِهِ : وَاَللَّه لَا يَجْمَع رَأْسِي وَرَأْسك شَيْء أَبَدًا وَيَحْلِف أَنْ لَا يَقْرَبهَا أَبَدًا , فَإِنْ مَضَتْ أَرْبَعَة أَشْهُر وَلَمْ يَفِئْ كَانَتْ تَطْلِيقَة بَائِنَة وَهُوَ خَاطِب ; قَوْل عَلِيّ وَابْن مَسْعُود وَابْن عَبَّاس وَالْحَسَن . 3642 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ الْحَسَن : أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُل قَالَ لِامْرَأَتِهِ : إنْ قَرُبْتُك فَأَنْت طَالِق ثَلَاثًا , قَالَ : فَإِذَا مَضَتْ أَرْبَعَة أَشْهُر فَهِيَ تَطْلِيقَة بَائِنَة , وَسَقَطَ ذَلِكَ . 3643 - حَدَّثَنَا سَوَّار , قَالَ : ثنا بِشْر بْن الْمُفَضَّل , وَحَدَّثَنَا أَبُو هِشَام , قَالَ : ثنا وَكِيع جَمِيعًا , عَنْ يَزِيد بْن إبْرَاهِيم , قَالَ : سَمِعْت الْحَسَن وَمُحَمَّدًا فِي الْإِيلَاء , قَالَا : إذَا مَضَتْ أَرْبَعَة أَشْهُر فَقَدْ بَانَتْ بِتَطْلِيقَةٍ بَائِنَة , وَهُوَ خَاطِب مِنْ الْخُطَّاب . 3644 - حَدَّثَنَا يَعْقُوب , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , عَنْ ابْن عَوْن , عَنْ مُحَمَّد , قَالَ : كُنَّا نَتَحَدَّث فِي الْأَلْيَة أَنَّهَا إذَا مَضَتْ أَرْبَعَة أَشْهُر فَهِيَ تَطْلِيقَة بَائِنَة . 3645 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا عثام , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ إبْرَاهِيم فِي الْإِيلَاء قَالَ : إنْ مَضَتْ , يَعْنِي أَرْبَعَة أَشْهُر بَانَتْ مِنْهُ . 3646 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو دَاوُد , قَالَ : ثنا حَمَّاد بْن سَلَمَة , عَنْ قَتَادَة , عَنْ النَّخَعِيّ قَالَ : إنْ قَرُبَهَا قَبْل الْأَرْبَعَة الْأَشْهُر فَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ بِثَلَاثٍ , وَإِنْ تَرَكَهَا حَتَّى تَمْضِي الْأَرْبَعَة الْأَشْهُر بَانَتْ مِنْهُ بِالْإِيلَاءِ ; فِي رَجُل قَالَ لِامْرَأَتِهِ : أَنْت طَالِق ثَلَاثًا إنْ قَرُبْتُك سَنَة . 3647 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُعَاذ بْن هِشَام , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : اُعْتُمَّ عُبَيْد اللَّه بْن زِيَاد عِنْد هِنْد فِي لَيْلَة أُمّ عُثْمَان ابْنَة عُمَر بْن عُبَيْد اللَّه ; فَلَمَّا أَتَاهَا أَمَرَتْ جَوَارِيهَا , فَأَغْلَقْنَ الْأَبْوَاب دُونه , فَحَلَفَ أَنْ لَا يَأْتِيهَا حَتَّى تَأْتِيه , فَقِيلَ لَهُ : إنْ مَضَتْ أَرْبَعَة أَشْهُر ذَهَبَتْ مِنْك . 3648 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَهَّاب , قَالَ : ثنا عَوْف , قَالَ : بَلَغَنِي أَنَّ الرَّجُل إذَا آلَى مِنْ امْرَأَته فَمَضَتْ أَرْبَعَة أَشْهُر فَهِيَ تَطْلِيقَة بَائِنَة , وَيَخْطُبهَا إنْ شَاءَ . 3649 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ ابْن عَبَّاس قَوْله : { لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّص أَرْبَعَة أَشْهُر } فِي الَّذِي يُقْسِم , وَإِنْ مَضَتْ الْأَرْبَعَة الْأَشْهُر فَقَدْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ , فَتَعْتَدّ عِدَّة الْمُطَلَّقَة وَهُوَ أَحَد الْخَطَّاب . 3650 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ الزُّهْرِيّ , عَنْ قَبِيصَة بْن ذُؤَيْب , قَالَ : إذَا مَضَتْ الْأَرْبَعَة الْأَشْهُر فَهِيَ تَطْلِيقَة بَائِنَة . 3651 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة قَوْله : { لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّص أَرْبَعَة أَشْهُر فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّه غَفُور رَحِيم } وَهَذَا فِي الرَّجُل يُؤْلِي مِنْ امْرَأَته وَيَقُول : وَاَللَّه لَا يَجْتَمِع رَأْسِي وَرَأْسك , وَلَا أَقْرَبك , وَلَا أَغْشَاك ! فَكَانَ أَهْل الْجَاهِلِيَّة يَعُدُّونَهُ طَلَاقًا , فَحَدَّ اللَّه لَهُمَا أَرْبَعَة أَشْهُر , فَإِنْ فَاءَ فِيهَا كَفَّرَ يَمِينه وَهِيَ امْرَأَته , وَإِنْ مَضَتْ أَرْبَعَة أَشْهُر وَلَمْ يَفِئْ فَهِيَ تَطْلِيقَة بَائِنَة , وَهِيَ أَحَقّ بِنَفْسِهَا , وَهُوَ أَحَد الْخُطَّاب . 3652 - حُدِّثْت عَنْ عَمَّار , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع , مِثْله . * - حَدَّثَنِي مُوسَى , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّص أَرْبَعَة أَشْهُر } قَالَ : كَانَ ابْن مَسْعُود وَعُمَر بْن الْخَطَّاب يَقُولَانِ : إذَا مَضَتْ أَرْبَعَة أَشْهُر فَهِيَ طَالِق بَائِنَة , وَهِيَ أَحَقّ بِنَفْسِهَا . 3653 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إسْحَاق , قَالَ : ثنا أَبُو وَهْب , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك : { لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ } الْآيَة , هُوَ الَّذِي يَحْلِف أَنْ لَا يَقْرَب امْرَأَته , فَإِنْ مَضَتْ أَرْبَعَة أَشْهُر وَلَمْ يَفِئْ وَلَمْ يُطَلِّق بَانَتْ مِنْهُ بِالْإِيلَاءِ , فَإِنْ رَجَعَتْ إلَيْهِ فَمَهْر جَدِيد , وَنِكَاح بِبَيِّنَةٍ , وَرِضًا مِنْ الْوَلِيّ . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ الَّذِي يَلْحَقهَا بِمُضِيِّ الْأَرْبَعَة الْأَشْهُر تَطْلِيقَة يَمْلِك فِيهَا الزَّوْج الرَّحْمَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3654 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا ابْن إدْرِيس , قَالَ : ثنا مَالِك , عَنْ الزُّهْرِيّ , عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب وَأَبِي بَكْر بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الْحَارِث بْن هِشَام قَالَا : إذَا آلَى الرَّجُل مِنْ امْرَأَته فَمَضَتْ أَرْبَعَة أَشْهُر , فَوَاحِدَة وَهُوَ أَمْلَك لِرَجْعَتِهَا . 3655 - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام , قَالَ : ثنا ابْن إدْرِيس , عَنْ مَالِك , عَنْ الزُّهْرِيّ , عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب , قَالَ : إذَا مَضَتْ أَرْبَعَة أَشْهُر فَهِيَ تَطْلِيقَة يَمْلِك الرَّحْمَة . 3656 - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام قَالَ : ثنا ابْن مَهْدِيّ , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ إسْمَاعِيل بْن أُمَيَّة , عَنْ مَكْحُول , قَالَ : إذَا مَضَتْ أَرْبَعَة أَشْهُر فَهِيَ تَطْلِيقَة , يَمْلِك الرَّجْعَة . 3657 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ الزُّهْرِيّ , عَنْ أَبِي بَكْر بْن عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : هِيَ وَاحِدَة وَهُوَ أَحَقّ بِهَا , يَعْنِي إذَا مَضَتْ الْأَرْبَعَة الْأَشْهُر . وَكَانَ الزُّهْرِيّ يُفْتِي بِقَوْلِ أَبِي بَكْر هَذَا . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثنا اللَّيْث , قَالَ : ثني يُونُس , قَالَ : قَالَ ابْن شِهَاب : حَدَّثَنِي سَعِيد بْن الْمُسَيِّب أَنَّهُ قَالَ : إذَا آلَى الرَّجُل مِنْ امْرَأَته فَمَضَتْ الْأَرْبَعَة الْأَشْهُر قَبْل أَنْ يَفِيء فَهِيَ تَطْلِيقَة وَهُوَ أَمْلَك بِهَا مَا كَانَتْ فِي عِدَّتهَا . 3658 - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن يَمَان , قَالَ : ثنا أَبُو يُونُس الْقَوِيّ , قَالَ : قَالَ لِي سَعِيد بْن الْمُسَيِّب : مِمَّنْ أَنْت ؟ قَالَ : قُلْت مِنْ أَهْل الْعِرَاق , قَالَ : لَعَلَّك مِمَّنْ يَقُول : إذَا مَضَتْ أَرْبَعَة أَشْهُر فَقَدْ بَانَتْ ؟ لَا وَلَوْ مَضَتْ أَرْبَع سِنِينَ . 3659 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الْحَكَم , قَالَ : ثنا حَجَّاج بْن رِشْدِينَ قَالَ : ثنا عَبْد الْجَبَّار بْن عُمَر , عَنْ رَبِيعَة : أَنَّهُ قَالَ فِي الْإِيلَاء : إذَا مَضَتْ أَرْبَعَة أَشْهُر فَهِيَ تَطْلِيقَة , وَتَسْتَقْبِل عِدَّتهَا , وَزَوْجهَا أَحَقّ بِرَجْعَتِهَا . 3660 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا ابْن إدْرِيس , قَالَ : كَانَ ابْن شُبْرُمَة يَقُول : إذَا مَضَتْ أَرْبَعَة أَشْهُر فَلَهُ الرَّجْعَة ; وَيُخَاصِم بِالْقُرْآنِ , وَيَتَأَوَّل هَذِهِ الْآيَة : { وَبُعُولَتهنَّ أَحَقّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ } 2 228 ثُمَّ نَزَعَ : { لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّص أَرْبَعَة أَشْهُر فَإِذْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّه غَفُور رَحِيم وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاق فَإِنَّ اللَّه سَمِيع عَلِيم } 3661 - حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن سَهْل , قَالَ : ثنا الْوَلِيد بْن مُسْلِم , قَالَ : قَالَ أَبُو عَمْرو : وَنَحْنُ فِي ذَلِكَ - يَعْنِي فِي الْإِيلَاء - عَلَى قَوْل أَصْحَابنَا الزُّهْرِيّ وَمَكْحُول أَنَّهَا تَطْلِيقَة - يَعْنِي مُضِّيَ الْأَرْبَعَة الْأَشْهُر - وَهُوَ أَمْلَك بِهَا فِي عِدَّتهَا . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى قَوْله : { لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ } إلَى قَوْله : { فَإِنَّ اللَّه سَمِيع عَلِيم } لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ عَلَى الِاعْتِزَال مِنْ نِسَائِهِمْ تَنْظُر أَرْبَعَة أَشْهُر بِأَمْرِهِ وَأَمْرهَا , فَإِنْ فَاءُوا بَعْد انْقِضَاء الْأَشْهُر الْأَرْبَعَة إلَيْهِنَّ , فَرَجَعُوا إلَى عِشْرَتهنَّ بِالْمَعْرُوفِ , وَتَرْك هِجْرَانهنَّ , وَأَتَوْا إلَى غِشْيَانهنَّ وَجِمَاعهنَّ , فَإِنَّ اللَّه غَفُور رَحِيم , وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاق فَأَحْدَثُوا لَهُنَّ طَلَاقًا بَعْد الْأَشْهُر الْأَرْبَعَة , فَإِنَّ اللَّه سَمِيع لِطَلَاقِهِمْ إيَّاهُنَّ , عَلِيم بِمَا فَعَلُوا بِهِنَّ مِنْ إحْسَان وَإِسَاءَة . وَقَالَ مُتَأَوِّلُو هَذَا التَّأْوِيل : مُضِيّ الْأَشْهُر الْأَرْبَعَة يُوجِب لِلْمَرْأَةِ الْمُطَالَبَة عَلَى زَوْجهَا الْمُؤْلِي مِنْهَا بِالْفَيْءِ أَوْ الطَّلَاق , وَيَجِب عَلَى السُّلْطَان أَنْ يَقِف الزَّوْج عَلَى ذَلِكَ , فَإِنْ فَاءَ أَوْ طَلَّقَ , وَإِلَّا طَلَّقَ عَلَيْهِ السُّلْطَان . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3662 - حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن سَهْل , قَالَ : ثنا الْوَلِيد بْن مُسْلِم , قَالَ : أَخْبَرَنَا الْمُثَنَّى بْن الصَّبَّاح , عَنْ عَمْرو بْن شُعَيْب عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب : أَنَّ عُمَر قَالَ فِي الْإِيلَاء : لَا شَيْء عَلَيْهِ حَتَّى يُوقَف , فَيُطَلِّق أَوْ يُمْسِك . * - حَدَّثَنِي عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن شبوية , قَالَ : لَنَا ابْن أَبِي مَرْيَم , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن أَيُّوب , عَنْ الْمُثَنَّى , عَنْ عَمْرو بْن شُعَيْب , عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب , عَنْ عُمَر بْن الْخَطَّاب , مِثْله . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا غُنْدَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ سِمَاك , قَالَ : سَمِعْت سَعِيد بْن جُبَيْر يُحَدِّث عَنْ عُمَر بْن الْخَطَّاب : أَنَّهُ قَالَ فِي الْإِيلَاء : إذَا مَضَتْ أَرْبَعَة أَشْهُر لَمْ يَجْعَلهُ شَيْئًا . 3663 - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام الرِّفَاعِيّ , قَالَ : ثنا ابْن عُيَيْنَة , عَنْ الشَّيْبَانِيّ , عَنْ الشَّعْبِيّ , عَنْ عَمْرو بْن سَلَمَة , عَنْ عَلِيّ : أَنَّهُ كَانَ يَقِف الْمُؤْلِي بَعْد الْأَرْبَعَة الْأَشْهُر حَتَّى يَفِيء أَوْ يُطَلِّق . 3664 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا يَحْيَى , عَنْ سُفْيَان , عَنْ الشَّيْبَانِيّ , عَنْ الشَّعْبِيّ , عَنْ عَمْرو بْن سَلَمَة , عَنْ عَلِيّ : قَالَ فِي الْإِيلَاء : يُوقَف . * - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام , قَالَ : ثنا وَكِيع , عَنْ سُفْيَان , عَنْ الشَّيْبَانِيّ , عَنْ بُكَيْر بْن الْأَخْنَس , عَنْ مُجَاهِد , عَنْ ابْن أَبِي لَيْلَى , عَنْ عَلِيّ : أَنَّهُ كَانَ يُوقِفهُ . * - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا يَحْيَى , عَنْ سُفْيَان , عَنْ الشَّيْبَانِيّ , عَنْ بُكَيْر بْن الْأَخْنَس , عَنْ مُجَاهِد , عَنْ ابْن أَبِي لَيْلَى , عَنْ عَلِيّ : أَنَّهُ كَانَ يُوقِفهُ . * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا ابْن إدْرِيس , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد , عَنْ مَرْوَان بْن الْحَكَم , عَنْ عَلَى قَالَ : يُوقَف الْمُؤْلِي عِنْد انْقِضَاء الْأَرْبَعَة الْأَشْهُر حَتَّى يَفِيء أَوْ يُطَلِّق . قَالَهُ أَبُو كُرَيْب , قَالَ ابْن إدْرِيس : وَهُوَ قَوْل أَهْل الْمَدِينَة . * - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام الرِّفَاعِيّ , قَالَ : ثنا ابْن فُضَيْل , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد , عَنْ مَرْوَان , عَنْ عَلِيّ مِثْله . * - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد , عَنْ مَرْوَان بْن الْحَكَم , عَنْ عَلِيّ , قَالَ : الْمُؤْلِي إمَّا أَنْ يَفِيء , وَإِمَّا أَنْ يُطَلِّق . 3665 - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام , قَالَ : ثنا وَكِيع , عَنْ مِسْعَر , عَنْ حَبِيب بْن أَبِي ثَابِت , عَنْ طَاوُس , أَنَّ عُثْمَان كَانَ يَقِف الْمُؤْلِي بِقَوْلِ أَهْل الْمَدِينَة . * - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن حَازِم , قَالَ : ثنا أَبُو نُعَيْم , قَالَ : ثنا مِسْعَر , عَنْ حَبِيب بْن أَبِي ثَابِت , قَالَ : لَقِيَتْ طَاوُسًا فَسَأَلْته , فَقَالَ : كَانَ عُثْمَان يَأْخُذ بِقَوْلِ أَهْل الْمَدِينَة . 3666 - حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الصَّمَد , قَالَ : ثنا هَمَّام , عَنْ قَتَادَة , عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب , عَنْ أَبِي الدَّرْدَاء أَنَّهُ قَالَ : لَيْسَ لَهُ أَجْل وَهِيَ مَعْصِيَة , يُوقَف فِي الْإِيلَاء , فَإِمَّا أَنْ يُمْسِك , وَإِمَّا أَنْ يُطَلِّق . * - حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو دَاوُد , قَالَ : ثنا هَمَّام , عَنْ قَتَادَة , عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاء : قَالَ فِي الْإِيلَاء : إذَا مَضَتْ أَرْبَعَة أَشْهُر فَإِنَّهُ يُوقَف , إمَّا أَنْ يَفِيء , وَإِمَّا أَنْ يُطَلِّق . 3667 - حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُعَاذ بْن هِشَام , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ قَتَادَة , عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب , أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاء كَانَ يَقُول : هِيَ مَعْصِيَة , وَلَا تَحْرُم عَلَيْهِ امْرَأَته بَعْد الْأَرْبَعَة الْأَشْهُر , وَيَجْعَل عَلَيْهَا الْعِدَّة بَعْد الْأَرْبَعَة الْأَشْهُر . 3668 - حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاء وَسَعِيد بْن الْمُسَيِّب قَالَا : يُوقَف عِنْد انْقِضَاء الْأَرْبَعَة الْأَشْهُر , فَإِمَّا أَنْ يَفِيء , وَإِمَّا أَنْ يُطَلِّق , وَلَا يَزَال مُقِيمًا عَلَى مَعْصِيَة حَتَّى يَفِيء أَوْ يُطَلِّق . 3669 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاء وَعَائِشَة قَالَا : يُوقَف الْمُؤْلِي عِنْد انْقِضَاء الْأَرْبَعَة , فَإِمَّا أَنْ يَفِيء , وَإِمَّا أَنْ يُطَلِّق . * - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ أَبِي الدَّرْدَاء وَسَعِيد بْن الْمُسَيِّب , نَحْوه . 3670 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا ابْن إدْرِيس , قَالَ : ثنا الْحَسَن , عَنْ ابْن أَبِي مُلَيْكَة , قَالَ : قَالَتْ عَائِشَة : يُوقَف عِنْد انْقِضَاء الْأَرْبَعَة الْأَشْهُر , فَإِمَّا أَنْ يَفِيء , وَإِمَّا أَنْ يُطَلِّق . قَالَ : قُلْت : أَنْت سَمِعْتهَا ؟ قَالَ : لَا تُبَكِّتنِي . * - حَدَّثَنَا إبْرَاهِيم بْن مُسْلِم بْن عَبْد اللَّه , قَالَ : ثنا عِمْرَان بْن مَيْسَرَة , قَالَ : ثنا ابْن إدْرِيس , قَالَ : ثنا حَسَن بْن الْفُرَات بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَائِشَة , مِثْله . * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا ابْن إدْرِيس , قَالَ : ثنا عَبْد الْجَبَّار بْن الْوَرْد , عَنْ ابْن أَبِي مُلَيْكَة , عَنْ عَائِشَة , مِثْله . 3671 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : ثني عُبَيْد اللَّه بْن عُمَر , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن الْقَاسِم , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَائِشَة أَنَّهَا قَالَتْ : إذَا آلَى الرَّجُل أَنْ لَا يَمَسّ امْرَأَته فَمَضَتْ أَرْبَعَة أَشْهُر , فَإِمَّا أَنْ يُمْسِكهَا كَمَا أَمَرَهُ اللَّه , وَإِمَّا أَنْ يُطَلِّقهَا لَا يُوجِب عَلَيْهِ الَّذِي صَنَعَ طَلَاقًا وَلَا غَيْره . 3672 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنِي يُونُس بْن يَزِيد وَنَاجِيَة بْن بَكْر وَابْن أَبِي الزِّنَاد , عَنْ أَبِي الزِّنَاد , قَالَ : أَخْبَرَنِي الْقَاسِم بْن مُحَمَّد : أَنَّ خَالِد ابْن الْعَاصِ الْمَخْزُومِيّ كَانَتْ عِنْده ابْنَة أَبِي سَعِيد بْن هِشَام , وَكَانَ يَحْلِف فِيهَا مِرَارًا كَثِيرَة أَنْ لَا يَقْرَبهَا الزَّمَان الطَّوِيل , قَالَ : فَسَمِعْت عَائِشَة تَقُول لَهُ : أَلَا تَتَّقِي اللَّه يَا ابْن الْعَاصِ فِي ابْنَة أَبِي سَعِيد ؟ أَمَا تُحْرَج ؟ أَمَا تَقْرَأ هَذِهِ الْآيَة الَّتِي فِي سُورَة الْبَقَرَة ؟ قَالَ : فَكَأَنَّهَا تُؤَثِّمهُ , وَلَا تَرَى أَنَّهُ فَارَقَ أَهْله . 3673 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن سَعِيد , عَنْ عُبَيْد اللَّه , عَنْ نَافِع , عَنْ ابْن عُمَر أَنَّهُ قَالَ فِي الْمُؤْلِي : لَا يَحِلّ لَهُ إلَّا مَا أَحَلَّ اللَّه لَهُ , إمَّا أَنْ يَفِيء , وَإِمَّا أَنْ يُطَلِّق . * - حَدَّثَنَا تَمِيم بْن الْمُنْتَصِر , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّه بْن نُمَيْر , قَالَ : أَخْبَرَنَا عُبَيْد اللَّه , عَنْ نَافِع , عَنْ ابْن عُمَر , نَحْوه . 3674 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا ابْن إدْرِيس , قَالَ : ثنا عُبَيْد اللَّه , عَنْ نَافِع , عَنْ ابْن عُمَر , قَالَ : لَا يَجُوز لِلْمُؤْلِي أَنْ لَا يَفْعَل مَا أَمْره اللَّه , يَقُول : يُبَيِّن رَجْعَتهَا , أَوْ يُطَلِّق عِنْد انْقِضَاء الْأَرْبَعَة الْأَشْهُر - يُبَيِّن رَجْعَتهَا , أَوْ يُطَلِّق - قَالَ أَبُو كُرَيْب . قَالَ ابْن إدْرِيس وَزَادَ فِيهِ . وَرَاجَعْته فِيهِ , فَقَالَ قَوْلًا مَعْنَاهُ : إنَّ لَهُ الرَّجْعَة . 3675 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا ابْن إدْرِيس , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ سِمَاك , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر أَنَّ عُمَر قَالَ نَحْوًا مِنْ قَوْل ابْن عُمَر . 3676 - حَدَّثَنَا مُجَاهِد بْن مُوسَى , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن هَارُونَ , قَالَ : أَخْبَرَنَا جَرِير بْن حَازِم , قَالَ : أَخْبَرَنَا نَافِع أَنَّ ابْن عُمَر قَالَ فِي الْإِيلَاء : يُوقَف عِنْد الْأَرْبَعَة الْأَشْهُر . 3677 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : ثني عُبَيْد اللَّه بْن عُمَر , عَنْ نَافِع , عَنْ ابْن عُمَر أَنَّهُ قَالَ : إذَا آلَى الرَّجُل أَنْ لَا يَمَسّ امْرَأَته فَمَضَتْ أَرْبَعَة أَشْهُر , فَإِمَّا أَنْ يُمْسِكهَا كَمَا أَمَرَهُ اللَّه , وَإِمَّا أَنْ يُطَلِّقهَا وَلَا يُوجِب عَلَيْهِ الَّذِي صَنَعَ طَلَاقًا وَلَا غَيْره . 3678 - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام , قَالَ : ثنا ابْن عُيَيْنَة , عَنْ أَيُّوب , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : سَأَلْت ابْن عُمَر عَنْ الْإِيلَاء فَقَالَ : الْأُمَرَاء يَقْضُونَ بِذَلِكَ . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ أَيُّوب , عَنْ نَافِع , عَنْ ابْن عُمَر , قَالَ : يُوقَف الْمُؤْلِي بَعْد انْقِضَاء الْأَرْبَعَة . فَإِمَّا أَنْ يُطَلِّق , وَإِمَّا أَنْ يَفِيء . 3679 - حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن شبوية , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي مَرْيَم , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن أَيُّوب , عَنْ عُبَيْد اللَّه بْن عُمَر , عَنْ سُهَيْل بْن أَبِي صَالِح , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : سَأَلْت اثْنَيْ عَشَر رَجُلًا مِنْ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , عَنْ الرَّجُل يُؤْلِي مِنْ امْرَأَته , فَكُلّهمْ يَقُول : لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء حَتَّى تَمْضِي الْأَرْبَعَة الْأَشْهُر فَيُوقَف , فَإِنْ فَاءَ وَإِلَّا طَلَّقَ . 3680 - حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَهَّاب , قَالَ ثنا دَاوُد , عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب : فِي الرَّجُل يُولِي مِنْ امْرَأَته قَالَ : كَانَ لَا يَرَى أَنْ تُدْخِل عَلَيْهِ فَرَقه حَتَّى يُطَلِّق . 3681 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي عَدِيّ , عَنْ دَاوُد , عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب : فِي الْإِيلَاء : إذَا مَضَتْ أَرْبَعَة أَشْهُر إنَّمَا حَمَلَهُ اللَّه وَقْتًا لَا يَحِلّ لَهُ أَنْ يُجَاوِز حَتَّى يَفِيء أَوْ يُطَلِّق , فَإِنْ جَاوَزَ فَقَدْ عَصَى اللَّه لَا تَحْرُم عَلَيْهِ امْرَأَته . * - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام , قَالَ : ثنا ابْن فُضَيْل , عَنْ دَاوُد بْن أَبِي هِنْد , عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب , قَالَ : إذَا مَضَتْ أَرْبَعَة أَشْهُر , فَإِمَّا أَنْ يَفِيء , وَإِمَّا أَنْ يُطَلِّق . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى وَابْن بَشَّار قَالَا : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَاده , عَنْ ابْن الْمُسَيِّب : فِي الْإِيلَاء : يُوقَف عِنْد انْقِضَاء الْأَرْبَعَة الْأَشْهُر , فَإِمَّا أَنْ يَفِيء , وَإِمَّا أَنْ يُطَلِّق . * - حَدَّثَنَا يَعْقُوب بْن إبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , عَنْ مَعْمَر , أَوْ حَدَّثْته عَنْهُ , عَنْ عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ , قَالَ : سَأَلْت ابْن الْمُسَيِّب عَنْ الْإِيلَاء , فَقَالَ : يُوقَف . 3682 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ , عَنْ ابْن الْمُسَيِّب , وَعَنْ ابْن طَاوُس , عَنْ أَبِيهِ , قَالَا : يُوقَف الْمُؤْلِي بَعْد انْقِضَاء الْأَرْبَعَة , فَإِمَّا أَنْ يَفِيء , وَإِمَّا أَنْ يُطَلِّق . 3683 - حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن سَهْل , قَالَ : ثنا الْوَلِيد بْن مُسْلِم , قَالَ : ثني مَالِك بْن أَنَس , عَنْ الزُّهْرِيّ , عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب وَأَبِي بَكْر بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الْحَارِث بْن هِشَام مِثْل ذَلِكَ . يَعْنِي مِثْل قَوْل عُمَر بْن الْخَطَّاب فِي الْإِيلَاء : لَا شَيْء عَلَيْهِ , حَتَّى يُوقَف , فَيُطَلِّق , أَوْ يُمْسِك . 3684 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد أَنَّهُ قَالَ فِي الْإِيلَاء : يُوقَف . 3685 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح . وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : حَدَّثَنَا شِبْل , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : { لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّص أَرْبَعَة أَشْهُر } قَالَ إذَا مَضَى أَرْبَعَة أَشْهُر أَخَذَ فَيُوقَف حَتَّى يُرَاجِع أَهْله , أَوْ يُطَلِّق . 3686 - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام , قَالَ : ثنا ابْن عُيَيْنَة , عَنْ أَيُّوب , عَنْ سُلَيْمَان بْن يَسَار : أَنَّ مَرْوَان وَقَفَهُ بَعْد سِتَّة أَشْهُر . 3687 - حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَهَّاب , قَالَ : ثنا دَاوُد , عَنْ عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز فِي الْإِيلَاء , قَالَ : يُوقَف عِنْد الْأَرْبَعَة الْأَشْهُر حَتَّى يَفِيء , أَوْ يُطَلِّق . 3688 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ عَنْ ابْن عَبَّاس قَوْله : { لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّص أَرْبَعَة أَشْهُر } هُوَ الرَّجُل يَحْلِف لِامْرَأَتِهِ بِاَللَّهِ لَا يَنْكِحهَا , فَيَتَرَبَّص أَرْبَعَة أَشْهُر , فَإِنْ هُوَ نَكَحَهَا كَفَّرَ عَنْ يَمِينه , فَإِنْ مَضَتْ أَرْبَعَة أَشْهُر قَبْل أَنْ يَنْكِحهَا أَجْبَرَهُ السُّلْطَان إمَّا أَنْ يَفِيء فَيُرَاجِع , وَإِمَّا أَنْ يَعْزِم فَيُطَلِّق , كَمَا قَالَ اللَّه سُبْحَانه . 3689 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْن هَارُونَ , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن حَمَّاد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّص أَرْبَعَة أَشْهُر فَإِذْ فَاءُوا } الْآيَة , قَالَ : كَانَ عَلِيّ وَابْن عَبَّاس يَقُولَانِ : إذَا آلَى الرَّجُل مِنْ امْرَأَته فَمَضَتْ الْأَرْبَعَة الْأَشْهُر فَإِنَّهُ يُوقَف فَيُقَال لَهُ أَمْسَكْت أَوْ طَلَّقْت , فَإِنْ أَمْسَكَ فَهِيَ امْرَأَته , وَإِنْ طَلَّقَ فَهِيَ طَالِق . 3690 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد فِي قَوْله : { لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ } قَالَ : هُوَ الرَّجُل يَحْلِف أَنْ لَا يُصِيب امْرَأَته كَذَا وَكَذَا , فَجَعَلَ اللَّه لَهُ أَرْبَعَة أَشْهُر يَتَرَبَّص بِهَا . وَقَالَ : قَوْل اللَّه تَعَالَى ذِكْره : { تَرَبُّص أَرْبَعَة أَشْهُر } يَتَرَبَّص بِهَا { فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّه غَفُور رَحِيم وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاق فَإِنَّ اللَّه سَمِيع عَلِيم } فَإِذَا رَفَعَتْهُ إلَى الْإِمَام ضَرَبَ لَهُ أَجَلًا أَرْبَعَة أَشْهُر , فَإِنْ فَاءَ وَإِلَّا طَلَّقَ عَلَيْهِ , فَإِنْ لَمْ تَرْفَعهُ فَإِنَّمَا هُوَ حَقّ لَهَا تَرَكَتْهُ . 3691 - حَدَّثَنِي يُونُس قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , عَنْ مَالِك , قَالَ : لَا يَقَع عَلَى الْمُؤْلِي طَلَاق حَتَّى يُوقَف , وَلَا يَكُون مُولِيًا حَتَّى يَحْلِف عَلَى أَكْثَر مِنْ أَرْبَعَة أَشْهُر , فَإِذَا حَلَفَ عَلَى أَرْبَعَة أَشْهُر فَلَا إيلَاء عَلَيْهِ , لِأَنَّهُ يُوقَف عِنْد الْأَرْبَعَة أَشْهُر , وَقَدْ سَقَطَتْ عَنْهُ الْيَمِين , فَذَهَبَ الْإِيلَاء . 3692 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , عَنْ ابْن زَيْد , قَالَ : قَالَ ابْن عُمَر : حَتَّى يُرْفَع إلَى السُّلْطَان , وَكَانَ أَبِي يَقُول ذَلِكَ وَيَقُول : لَا وَاَللَّه وَإِنْ مَضَتْ أَرْبَع سِنِينَ حَتَّى يُوقَف . 3693 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن حَازِم , قَالَ : ثنا أَبُو نُعَيْم , قَالَ : ثنا فِطْر , قَالَ : قَالَ مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ وَأَنَا مَعَهُ : لَوْ أَنَّ رَجُلًا آلَى مِنْ امْرَأَته أَرْبَع سِنِينَ لَمْ نُكِنْهَا مِنْهُ حَتَّى نَجْمَع بَيْنهمَا , فَإِنْ فَاءَ فَاءَ , وَإِنْ عَزَمَ الطَّلَاق عَزَمَ . 3694 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن حَازِم , قَالَ : ثنا أَبُو نُعَيْم , قَالَ : ثنا عَبْد الْعَزِيز الْمَاجِشُونِ , عَنْ دَاوُد بْن الْحُصَيْن , قَالَ : سَمِعْت الْقَاسِم بْن مُحَمَّد يَقُول : يُوقَف إذَا مَضَتْ الْأَرْبَعَة . وَقَالَ آخَرُونَ : لَيْسَ الْإِيلَاء بِشَيْءٍ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3695 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن حَازِم , قَالَ : ثنا أَبُو نُعَيْم , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , عَنْ عَمْرو بْن دِينَار , قَالَ : سَأَلْت ابْن الْمُسَيِّب عَنْ الْإِيلَاء فَقَالَ : لَيْسَ بِشَيْءٍ . 3696 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن حَازِم , قَالَ : ثنا أَبُو نُعَيْم , قَالَ : ثني جَعْفَر بْن بَرْقَانِ , عَنْ مَيْمُون بْن مِهْرَان , قَالَ : سَأَلْت ابْن عُمَر عَنْ رَجُل آلَى مِنْ امْرَأَته فَمَضَتْ أَرْبَعَة أَشْهُر فَلَمْ يَفِئْ إلَيْهَا , فَتَلَا هَذِهِ الْآيَة : { لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّص أَرْبَعَة أَشْهُر } الْآيَة . 3697 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن حَازِم , قَالَ : ثنا أَبُو نُعَيْم , قَالَ : ثنا مِسْعَر , عَنْ حَبِيب بْن أَبِي ثَابِت , قَالَ : أُرْسِلْت إلَى عَطَاء أَسْأَلهُ عَنْ الْمُؤْلِي , فَقَالَ : لَا عِلْم لِي بِهِ . وَقَالَ آخَرُونَ مِنْ أَهْل هَذِهِ الْمَقَالَة : بَلْ مَعْنَى قَوْله : { وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاق } وَإِنْ امْتَنَعُوا مِنْ الْفَيْئَة بَعْد اسْتِيقَاف الْإِمَام إيَّاهُمْ عَلَى الْفَيْء أَوْ الطَّلَاق . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3698 - حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِب , قَالَ : ثنا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ إبْرَاهِيم , قَالَ : يُوقَف الْمُؤْلِي عِنْد انْقِضَاء الْأَرْبَعَة , فَإِنْ فَاءَ جَعَلَهَا امْرَأَته , وَإِنْ لَمْ يَفِيء جَعَلَهَا تَطْلِيقَة بَائِنَة . * - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام , قَالَ : ثنا وَكِيع , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ إبْرَاهِيم , قَالَ : يُوقَف الْمُؤْلِي عِنْد انْقِضَاء الْأَرْبَعَة , فَإِنْ لَمْ يَفِئْ فَهِيَ تَطْلِيقَة بَائِنَة . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَشْبَه هَذِهِ الْأَقْوَال بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ ظَاهِر كِتَاب اللَّه تَعَالَى ذِكْره , قَوْل عُمَر بْن الْخَطَّاب وَعُثْمَان وَعَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ وَمِنْ قَالَ بِقَوْلِهِمْ فِي الطَّلَاق . أَنَّ قَوْله : { فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّه غَفُور رَحِيم وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاق فَإِنَّ اللَّه سَمِيع عَلِيم } إنَّمَا مَعْنَاهُ : فَإِنْ فَاءُوا بَعْد وَقْف الْإِمَام إيَّاهُمْ مِنْ بَعْد انْقِضَاء الْأَشْهُر الْأَرْبَعَة , فَرَجَعُوا إلَى أَدَاء حَقّ اللَّه عَلَيْهِمْ لِنِسَائِهِمْ اللَّاتِي آلَوْا مِنْهُنَّ , فَإِنَّ اللَّه لَهُمْ غَفُور رَحِيم , وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاق فَطَلِّقُوهُنَّ , فَإِنَّ اللَّه سَمِيع لِطَلَاقِهِمْ إذَا طَلُقُوا , عَلِيم بِمَا أَتَوْا إلَيْهِنَّ . وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ أَشَبَه بِتَأْوِيلِ الْآيَة , لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره ذَكَرَ حِين قَالَ : { وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاق فَإِنَّ اللَّه سَمِيع عَلِيم } وَمَعْلُوم أَنَّ انْقِضَاء الْأَشْهُر الْأَرْبَعَة غَيْر مَسْمُوع , وَإِنَّمَا هُوَ مَعْلُوم , فَلَوْ كَانَ عَزَمَ الطَّلَاق انْقِضَاء الْأَشْهُر الْأَرْبَعَة لَمْ تَكُنْ الْآيَة مَخْتُومَة بِذِكْرِ اللَّه الْخَبَر عَنْ اللَّه تَعَالَى ذِكْره أَنَّهُ سَمِيع عَلِيم كَمَا أَنَّهُ لَمْ يَخْتِم الْآيَة الَّتِي ذَكَرَ فِيهَا الْفَيْء إلَى طَاعَته فِي مُرَاجَعَة الْمُؤْلِي زَوْجَته الَّتِي آلَى مِنْهَا وَأَدَاء حَقّهَا إلَيْهَا بِذِكْرِ الْخَبَر عَنْ أَنَّهُ شَدِيد الْعِقَاب , إذْ لَمْ يَكُنْ مَوْضِع وَعِيد عَلَى مَعْصِيَة , وَلَكِنَّهُ خَتَمَ ذَلِكَ بِذِكْرِ الْخَبَر عَنْ وَصْفه نَفْسه تَعَالَى ذِكْره بِأَنَّهُ غَفُور رَحِيم , إذْ كَانَ مَوْضِع وَعْد الْمُنِيب عَلَى إنَابَته إلَى طَاعَته , فَكَذَلِكَ خَتَمَ الْآيَة الَّتِي فِيهَا ذِكْر الْقَوْل , وَالْكَلَام بِصِفَةِ نَفْسه بِأَنَّهُ لِلْكَلَامِ سَمِيع وَبِالْفِعْلِ عَلِيم , فَقَالَ تَعَالَى ذِكْره : وَإِنْ عَزَمَ الْمُؤْلُونَ عَلَى نِسَائِهِمْ عَلَى طَلَاق مَنْ آلَوْا مِنْهُ مِنْ نِسَائِهِمْ , فَإِنَّ اللَّه سَمِيع لِطَلَاقِهِمْ إيَّاهُنَّ إنْ طَلَّقُوهُنَّ , عَلِيم بِمَا أَتَوْا إلَيْهِنَّ مِمَّا يَحِلّ لَهُمْ , وَيُحَرِّم عَلَيْهِمْ . وَقَدْ اسْتَقْصَيْنَا الْبَيَان عَنْ الدَّلَالَة عَلَى صِحَّة هَذَا الْقَوْل فِي كِتَابنَا وَكِتَاب اللَّ
وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُواْ إِصْلاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌسورة البقرة الآية رقم 228
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَالْمُطَلَّقَات يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَة قُرُوء } يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره . وَالْمُطَلَّقَات اللَّوَاتِي طُلِّقْنَ بَعْد ابْتِنَاء أَزْوَاجهنَّ بِهِنَّ , وَإِفْضَائِهِمْ إلَيْهِنَّ إذَا كُنَّ ذَوَات حَيْض وَطُهْر , يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ عَنْ نِكَاح الْأَزْوَاج ثَلَاثَة قُرُوء . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل الْقُرْء الَّذِي عَنَاهُ اللَّه بِقَوْلِهِ : { يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَة قُرُوء } فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ الْحَيْض . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3699 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْل اللَّه : { وَالْمُطَلَّقَات يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَة قُرُوء } قَالَ : حِيَض . 3700 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ : ثنا إسْحَاق , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع : { ثَلَاثَة قُرُوء } أَيْ ثَلَاث حِيَض . يَقُول : تَعْتَدّ ثَلَاث حِيَض . 3701 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حَجَّاج , قَالَ : ثنا هَمَّام بْن يَحْيَى , قَالَ : سَمِعْت قَتَادَة فِي قَوْله : { وَالْمُطَلَّقَات يَتَرَبَّصْنَ

بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَة قُرُوء } يَقُول : جَعَلَ عِدَّة الْمُطَلَّقَات ثَلَاث حِيَض , ثُمَّ نَسَخَ مِنْهَا الْمُطَلَّقَة الَّتِي طَلُقَتْ قَبْل أَنْ يَدْخُل بِهَا زَوْجهَا , وَاَللَّائِي يَئِسْنَ مِنْ الْمَحِيض , وَاَللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ , وَالْحَامِل . 3702 - حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا الْمُحَارِبِيّ , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , قَالَ : الْقُرُوء : الْحِيَض . 3730 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ , ثني حَجَّاج , عَنْ ابْن جُرَيْجٍ , عَنْ عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ , عَنْ ابْن عَبَّاس : { وَالْمُطَلَّقَات يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَة قُرُوء } قَالَ : ثَلَاث حِيَض . 3704 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا ابْن جُرَيْجٍ , قَالَ : قَالَ عَمْرو بْن دِينَار : الْأَقْرَاء الْحِيَض عَنْ أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . 3705 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ رَجُل سَمِعَ عِكْرِمَة قَالَ : الْأَقْرَاء : الْحِيَض , وَلَيْسَ بِالطُّهْرِ , قَالَ تَعَالَى { فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ } وَلَمْ يَقُلْ : " لِقُرُوئِهِنَّ " . * - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن أَبِي طَالِب , قَالَ : أَخْبَرَنَا يَزِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك فِي قَوْله : { وَالْمُطَلَّقَات يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَة قُرُوء } قَالَا : ثَلَاث حِيَض . 3706 - حَدَّثَنَا مُوسَى , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { وَالْمُطَلَّقَات يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَة قُرُوء } أَمَّا ثَلَاثَة قُرُوء : فَثَلَاث حِيَض . 3707 - حَدَّثَنَا حُمَيْد بْن مَسْعَدَةَ , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن زُرَيْعٍ , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ أَبِي مَعْشَر , عَنْ إبْرَاهِيم النَّخَعِيّ أَنَّهُ رَفَعَ إلَى عُمَر , فَقَالَ لِعَبْدِ اللَّه بْن مَسْعُود : لَتَقُولَن فِيهَا ! فَقَالَ : أَنْتَ أَحَقّ أَنْ تَقُول قَالَ : لَتَقُولَن ! قَالَ : أَقُول : إنَّ زَوْجهَا أَحَقّ بِهَا مَا لَمْ تَغْتَسِل مِنْ الْحَيْضَة الثَّالِثَة , قَالَ : ذَاكَ رَأْيِي وَافَقْت مَا فِي نَفْسِي فَقَضَى بِذَلِكَ عُمَر . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يَحْيَى , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ أَبِي مَعْشَر , عَنْ النَّخَعِيّ , عَنْ قَتَادَة , أَنَّ عُمَر بْن الْخَطَّاب قَالَ لِابْنِ مَسْعُود , فَذَكَرَ نَحْوه . 3708 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يَحْيَى , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ أَبِي مَعْشَر , عَنْ النَّخَعِيّ , أَنَّ عُمَر بْن الْخَطَّاب وَابْن مَسْعُود قَالَا : زَوْجهَا أَحَقّ بِهَا مَا لَمْ تَغْتَسِل , أَوْ قَالَا : تَحِلّ لَهَا الصَّلَاة . 3709 - حَدَّثَنَا حُمَيْد بْن مَسْعَدَةَ , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن زُرَيْعٍ , قَالَ : ثنا سَعِيد بْن أَبِي عَرُوبَة , قَالَ : ثنا مَطَر أَنَّ الْحَسَن حَدَّثَهُمْ : أَنَّ رَجُلًا طَلَّقَ امْرَأَته , وَوَكَّلَ بِذَلِكَ رَجُلًا مِنْ أَهْله , أَوْ إنْسَانًا مِنْ أَهْله , فَغَفَلَ ذَلِكَ الَّذِي وَكَّلَهُ بِذَلِكَ حَتَّى دَخَلَتْ امْرَأَته فِي الْحَيْضَة الثَّالِثَة , وَقَرَّبَتْ مَاءَهَا لِتَغْتَسِل , فَانْطَلَقَ الَّذِي وَكَّلَ بِذَلِكَ إلَى الزَّوْج , فَأَقْبَلَ الزَّوْج وَهِيَ تُرِيد الْغُسْل , فَقَالَ : يَا فُلَانَة ! قَالَتْ : مَا تَشَاء ؟ قَالَ : إنِّي قَدْ رَاجَعْتُك . قَالَتْ : وَاَللَّه مَا لَك ذَلِكَ ! قَالَ : بَلَى وَاَللَّه ! قَالَ : فَارْتَفَعَا إلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ , فَأَخَذَ يَمِينهَا بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَه إلَّا هُوَ إنْ كُنْت لَقَدْ اغْتَسَلْت حِين نَادَاك ؟ قَالَتْ : لَا وَاَللَّه مَا كُنْت فَعَلْت , وَلَقَدْ قَرَّبْت مَائِي لِأَغْتَسِل ! فَرَدَّهَا عَلَى زَوْجهَا , وَقَالَ : أَنْتَ أَحَقّ مَا لَمْ تَغْتَسِل مِنْ الْحَيْضَة الثَّالِثَة . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يَحْيَى , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ مَطَر , عَنْ الْحَسَن , عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ بِنَحْوِهِ . 3710 - حَدَّثَنَا عِمْرَان بْن مُوسَى , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَارِث , قَالَ : ثنا يُونُس , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : قَالَ عُمَر : هُوَ أَحَقّ بِهَا مَا لَمْ تَغْتَسِل مِنْ الْحَيْضَة الثَّالِثَة . 3711 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو الْوَلِيد , قَالَ : ثنا أَبُو هِلَال , عَنْ قَتَادَة , عَنْ يُونُس بْن جُبَيْر : أَنَّ عُمَر بْن الْخَطَّاب طَلَّقَ امْرَأَته , فَأَرَادَتْ أَنْ تَغْتَسِل مِنْ الْحَيْضَة الثَّالِثَة , فَقَالَ عُمَر بْن الْخَطَّاب : امْرَأَتِي وَرَبّ الْكَعْبَة ! فَرَاجَعَهَا . قَالَ ابْن بَشَّار : فَذَكَرْت هَذَا الْحَدِيث لِعَبْدِ الرَّحْمَن بْن مَهْدِيّ , فَقَالَ : سَمِعْت هَذَا الْحَدِيث مِنْ أَبِي هِلَال , عَنْ قَتَادَة , وَأَبُو هِلَال لَا يَحْتَمِل هَذَا . 3712 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ إبْرَاهِيم , عَنْ عَلْقَمَة قَالَ : كُنَّا عِنْد عُمَر بْن الْخَطَّاب , فَجَاءَتْ امْرَأَة فَقَالَتْ : إنَّ زَوْجِي طَلَّقَنِي وَاحِدَة أَوْ ثِنْتَيْنِ , فَجَاءَ وَقَدْ وَضَعْت مَائِي , وَأَغْلَقَتْ بَابِي , وَنَزَعْت ثِيَابِي . فَقَالَ عُمَر لِعَبْدِ اللَّه : مَا تَرَى ؟ قَالَ : أَرَاهَا امْرَأَته مَا دُون أَنْ تَحِلّ لَهَا الصَّلَاة . قَالَ عُمَر : وَأَنَا أَرَى ذَلِكَ . 3713 - حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ الْحَكَم , عَنْ إبْرَاهِيم , عَنْ الْأَسْوَد أَنَّهُ قَالَ فِي رَجُل طَلَّقَ امْرَأَته ثُمَّ تَرَكَهَا حَتَّى دَخَلَتْ فِي الْحَيْضَة الثَّالِثَة , فَأَرَادَتْ أَنْ تَغْتَسِل , وَوَضَعَتْ مَاءَهَا لِتَغْتَسِل , فَرَاجَعَهَا : فَأَجَازَهُ عُمَر وَعَبْد اللَّه بْن مَسْعُود . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي عَدِيّ , عَنْ شُعْبَة , عَنْ الْحَكَم , عَنْ إبْرَاهِيم , عَنْ الْأَسْوَد , بِمِثْلِهِ . إلَّا أَنَّهُ قَالَ : وَوَضَعَتْ الْمَاء لِلْغُسْلِ , فَرَاجَعَهَا , فَسَأَلَ عَبْد اللَّه وَعُمَر , فَقَالَ : هُوَ أَحَقّ بِهَا مَا لَمْ تَغْتَسِل . 3714 - حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِب , قَالَ : ثنا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ إبْرَاهِيم , قَالَا : كَانَ عُمَر وَعَبْد اللَّه يَقُولَانِ : إذَا طَلَّقَ الرَّجُل امْرَأَته تَطْلِيقَة يَمْلِك الرَّجْعَة , فَهُوَ أَحَقّ بِهَا مَا لَمْ تَغْتَسِل مِنْ حَيْضَتهَا الثَّالِثَة . 3715 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا الْمُغِيرَة , عَنْ إبْرَاهِيم أَنَّ عُمَر بْن الْخَطَّاب كَانَ يَقُول : إذَا طَلَّقَ الرَّجُل امْرَأَته تَطْلِيقَة أَوْ تَطْلِيقَتَيْنِ , فَهُوَ أَحَقّ بِرَجْعَتِهَا , وَبَيْنهمَا الْمِيرَاث مَا لَمْ تَغْتَسِل مِنْ الْحَيْضَة الثَّالِثَة . * - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , عَنْ أَيُّوب , عَنْ الْحَسَن : أَنَّ رَجُلًا طَلَّقَ امْرَأَته تَطْلِيقَة أَوْ تَطْلِيقَتَيْنِ ثُمَّ وَكَّلَ بِهَا بَعْض أَهْله , فَغَفَلَ الْإِنْسَان حَتَّى دَخَلَتْ مُغْتَسَلهَا , وَقَرَّبَتْ غُسْلهَا . فَأَتَاهُ فَآذَنهُ , فَجَاءَ فَقَالَ : أَنِّي قَدْ رَاجَعْتُك ! فَقَالَتْ : كَلَّا وَاَللَّه ! قَالَ : بَلَى وَاَللَّه ! قَالَتْ : كَلَّا وَاَللَّه ! قَالَ : بَلَى وَاَللَّه ! قَالَ : فَتَحَالَفَا , فَارْتَفَعَا إلَى الْأَشْعَرِيّ , وَاسْتَحْلَفَهَا بِاَللَّهِ لَقَدْ كُنْت اغْتَسَلْت وَحَلَّتْ لَك الصَّلَاة . فَأَبَتْ أَنْ تَحْلِف , فَرَدَّهَا عَلَيْهِ . * - حَدَّثَنَا مُجَاهِد بْن مُوسَى , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن هَارُونَ , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ أَبِي مَعْشَر , عَنْ النَّخَعِيّ , أَنَّ عُمَر اسْتَشَارَ ابْن مَسْعُود فِي الَّذِي طَلَّقَ امْرَأَته تَطْلِيقَة أَوْ ثِنْتَيْنِ , فَحَاضَتْ الْحَيْضَة الثَّالِثَة , فَقَالَ ابْن مَسْعُود : أُرَاهُ أَحَقّ بِهَا مَا لَمْ تَغْتَسِل , فَقَالَ عُمَر : وَافَقْت الَّذِي فِي نَفْسِي . فَرَدَّهَا عَلَى زَوْجهَا . 3716 - حَدَّثَنَا حُمَيْد بْن مَسْعَدَةَ , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن زُرَيْعٍ , قَالَ : ثنا النُّعْمَان بْن رَاشِد , عَنْ الزُّهْرِيّ , عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب : أَنَّ عَلِيًّا كَانَ يَقُول : هُوَ أَحَقّ بِهَا مَا لَمْ تَغْتَسِل مِنْ الْحَيْضَة الثَّالِثَة . 3717 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ عَمْرو بْن دِينَار , قَالَ : سَمِعْت سَعِيد بْن جُبَيْر يَقُول : إذَا انْقَطَعَ الدَّم فَلَا رَجْعَة . 3718 - حَدَّثَنَا أَبُو السَّائِب , قَالَ : ثنا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ إبْرَاهِيم , قَالَ : إذَا طَلَّقَ الرَّجُل امْرَأَته وَهِيَ طَاهِر اعْتَدَّتْ ثَلَاث حِيَض سِوَى الْحَيْضَة الَّتِي طَهُرَتْ مِنْهَا . 3719 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن يَحْيَى , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ مَطَر , عَنْ عَمْرو بْن شُعَيْب , أَنَّ عُمَر سَأَلَ أَبَا مُوسَى عَنْهَا , وَكَانَ بَلَغَهُ قَضَاؤُهُ فِيهَا , فَقَالَ أَبُو مُوسَى : قَضَيْت أَنَّ زَوْجهَا أَحَقّ بِهَا مَا لَمْ تَغْتَسِل . فَقَالَ عُمَر : لَوْ قَضَيْت غَيْر هَذَا لَأَوْجَعْت لَك رَأْسك . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ الزُّهْرِيّ , عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب : أَنَّ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب قَالَ فِي الرَّجُل يَتَزَوَّج الْمَرْأَة فَيُطَلِّقهَا تَطْلِيقَة أَوْ ثِنْتَيْنِ , قَالَ : لِزَوْجِهَا الرَّجْعَة عَلَيْهَا , حَتَّى تَغْتَسِل مِنْ الْحَيْضَة الثَّالِثَة وَتَحِلّ لَهَا الصَّلَاة . 3720 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ زَيْد بْن رَفِيع , عَنْ أَبِي عُبَيْدَة بْن عَبْد اللَّه , قَالَ : أَرْسَلَ عُثْمَان إلَى أَبِي يَسْأَلهُ عَنْهَا , فَقَالَ أَبِي : وَكَيْفَ يُفْتَى مُنَافِق ؟ فَقَالَ عُثْمَان : أُعِيذك بِاَللَّهِ أَنْ تَكُون مُنَافِقًا , وَنَعُوذ بِاَللَّهِ أَنْ نُسَمِّيك مُنَافِقًا , وَنُعِيذك بِاَللَّهِ أَنْ يَكُون مِثْل هَذَا كَانَ فِي الْإِسْلَام ثُمَّ تَمُوت وَلَمْ تُبَيِّنهُ ! قَالَ : فَإِنِّي أَرَى أَنَّهُ حَقّ بِهَا حَتَّى تَغْتَسِل مِنْ الْحَيْضَة الثَّالِثَة وَتَحِلّ لَهَا الصَّلَاة . قَالَ : فَلَا أَعْلَم عُثْمَان إلَّا أَخَذَ بِذَلِكَ . 3721 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ أَيُّوب , عَنْ أَبِي قِلَابَةَ , قَالَ : وَأَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة قَالَا : رَاجَعَ رَجُل امْرَأَته حِين وَضَعَتْ ثِيَابهَا تُرِيد الِاغْتِسَال فَقَالَ : قَدْ رَاجَعْتُك , فَقَالَتْ : كَلَّا ! فَاغْتَسَلَتْ . ثُمَّ خَاصَمَهَا إلَى الْأَشْعَرِيّ , فَرَدَّهَا عَلَيْهِ . 3722 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ زَيْد بْن رَفِيع , عَنْ مَعْبَد الْجُهَنِيّ , قَالَ : إذَا غَسَلَتْ الْمُطَلَّقَة فَرْجهَا مِنْ الْحَيْضَة الثَّالِثَة بَانَتْ مِنْهُ وَحَلَّتْ لِلْأَزْوَاجِ . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , عَنْ حَمَّاد , عَنْ إبْرَاهِيم : أَنَّ عُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ : يَحِلّ لِزَوْجِهَا الرَّجْعَة عَلَيْهَا حَتَّى تَغْتَسِل مِنْ الْحَيْضَة الثَّالِثَة , وَيَحِلّ لَهَا الصَّوْم . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار وَمُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَا : ثنا ابْن أَبِي عَدِيّ , عَنْ سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب , قَالَ : قَالَ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : هُوَ أَحَقّ بِهَا مَا لَمْ تَغْتَسِل مِنْ الْحَيْضَة الثَّالِثَة . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يَحْيَى . قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , عَنْ سَعِيد , عَنْ درست , عَنْ الزُّهْرِيّ , عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب , عَنْ عَلِيّ , مِثْله . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ الْقُرْء الَّذِي أَمَرَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره الْمُطَلَّقَات أَنْ يَعْتَدِدْنَ بِهِ : الطُّهْر . ذَكَرَهُ مَنْ قَالَ ذَلِك : 3723 - حَدَّثَنَا عَبْد الْحَمِيد بْن بَيَان , قَالَ : أَخْبَرَنَا سُفْيَان , عَنْ الزُّهْرِيّ , عَنْ عَمْرَة , عَنْ عَائِشَة . قَالَتْ : الْأَقْرَاء : الْأَطْهَار . * - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرْنَا ابْن وَهْب , قَالَ : ثني عَبْد اللَّه بْن عُمَر , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن الْقَاسِم , عَنْ أَبِيهِ . عَنْ عَائِشَة زَوْج النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا كَانَتْ تَقُول : الْأَقْرَاء : الْأَطْهَار . 3724 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ الزُّهْرِيّ , عَنْ عَمْرَة وَعُرْوَة , عَنْ عَائِشَة قَالَتْ : إذَا دَخَلَتْ الْمُطَلَّقَة فِي الْحَيْضَة الثَّالِثَة فَقَدْ بَانَتْ مِنْ زَوْجهَا وَحَلَّتْ لِلْأَزْوَاجِ . قَالَ الزُّهْرِيّ : قَالَتْ عَمْرَة : كَانَتْ عَائِشَة تَقُول : الْقُرْء : الطُّهْر , وَلَيْسَ بِالْحَيْضَةِ . 3725 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ الزُّهْرِيّ , عَنْ أَبِي بَكْر بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الْحَارِث بْن هِشَام , مِثْل قَوْل زَيْد وَعَائِشَة . 3726 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ أَيُّوب عَنْ نَافِع , عَنْ ابْن عُمَر , مِثْل قَوْل زَيْد . 3727 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ الزُّهْرِيّ , عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب وَسُلَيْمَان بْن يَسَار أَنَّ زَيْد بْن ثَابِت قَالَ : إذَا دَخَلَتْ الْمُطَلَّقَة فِي الْحَيْضَة الثَّالِثَة فَقَدْ بَانَتْ مِنْ زَوْجهَا وَحَلَّتْ لِلْأَزْوَاجِ . قَالَ مَعْمَر : وَكَانَ الزُّهْرِيّ يُفْتِي بِقَوْلِ زَيْد . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَهَّاب , قَالَ : سَمِعْت يَحْيَى بْن سَعِيد يَقُول : بَلَغَنِي أَنَّ عَائِشَة قَالَتْ : إنَّمَا الْأَقْرَاء : الْأَطْهَار . * - حَدَّثَنَا حُمَيْد بْن مَسْعَدَةَ , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن زُرَيْعٍ , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب , عَنْ زَيْد بْن ثَابِت , قَالَ : إذَا دَخَلْت فِي الْحَيْضَة الثَّالِثَة فَلَا رَجْعَة لَهُ عَلَيْهَا . 3728 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي عَدِيّ وَعَبْد الْأَعْلَى , عَنْ سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ ابْن الْمُسَيِّب : فِي رَجُل طَلَّقَ امْرَأَته وَاحِدَة أَوْ ثِنْتَيْنِ , قَالَ : قَالَ زَيْد بْن ثَابِت : إذَا دَخَلَتْ فِي الْحَيْضَة الثَّالِثَة فَلَا رَجْعَة لَهُ عَلَيْهَا . وَزَادَ ابْن أَبِي عَدِيّ قَالَ : قَالَ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب : هُوَ أَحَقّ بِهَا مَا لَمْ تَغْتَسِل . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي عَدِيّ , عَنْ سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ ابْن الْمُسَيِّب , عَنْ زَيْد وَعَلِيّ , بِمِثْلِهِ . 3729 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ أَبِي الزِّنَاد , عَنْ سُلَيْمَان بْن يَسَار عَنْ زَيْد بْن ثَابِت , قَالَ : إذَا دَخَلَتْ فِي الْحَيْضَة الثَّالِثَة فَلَا مِيرَاث لَهَا . 3730 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة - ح - وَحَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَهَّاب , قَالَا جَمِيعًا : ثنا أَيُّوب , عَنْ نَافِع , عَنْ سُلَيْمَان بْن يَسَار : أَنَّ الْأَحْوَص رَجُل مِنْ أَشْرَاف أَهْل الشَّام طَلَّقَ امْرَأَته تَطْلِيقَة أَوْ ثِنْتَيْنِ , فَمَاتَ وَهِيَ فِي الْحَيْضَة الثَّالِثَة , فَرَفَعَتْ إلَى مُعَاوِيَة , فَلَمْ يُوجَد عِنْده فِيهَا عِلْم , فَسَأَلَ عَنْهَا فَضَالَة بْن عُبَيْد وَمِنْ هُنَاكَ مِنْ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَلَمْ يُوجَد عِنْدهمْ فِيهَا عِلْم , فَبَعَثَ مُعَاوِيَة رَاكِبًا إلَى زَيْد بْن ثَابِت , فَقَالَ : لَا تَرِثهُ , وَلَوْ مَاتَتْ لَمْ يَرِثهَا . فَكَانَ ابْن عُمَر يَرَى ذَلِك . 3731 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ أَيُّوب , عَنْ سُلَيْمَان بْن يَسَار أَنَّ رَجُلًا يُقَال لَهُ الْأَحْوَص مِنْ أَهْل الشَّام طَلَّقَ امْرَأَته تَطْلِيقَة , فَمَاتَ وَقَدْ دَخَلَتْ فِي الْحَيْضَة الثَّالِثَة , فَرَفَعَ إلَى مُعَاوِيَة , فَلَمْ يَدْرِ مَا يَقُول , فَكَتَبَ فِيهَا إلَى زَيْد بْن ثَابِت , فَكَتَبَ إلَيْهِ زَيْد : إذَا دَخَلَتْ الْمُطَلَّقَة فِي الْحَيْضَة الثَّالِثَة فَلَا مِيرَاث بَيْنهمَا . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يَحْيَى , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ أَيُّوب , عَنْ نَافِع , عَنْ سُلَيْمَان بْن يَسَار , أَنَّ رَجُلًا يُقَال لَهُ الْأَحْوَص , فَذَكَرَ نَحْوه عَنْ مُعَاوِيَة وَزَيْد . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يَحْيَى , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ أَيُّوب , عَنْ نَافِع , قَالَ : قَالَ ابْن عُمَر : إذَا دَخَلَتْ فِي الْحَيْضَة الثَّالِثَة فَلَا رَجْعَة لَهُ عَلَيْهَا . * - حَدَّثَنَا ابْن الْمَثْنَى , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَهَّاب , قَالَ : ثنا عُبَيْد اللَّه , عَنْ نَافِع , عَنْ ابْن عُمَر أَنَّهُ قَالَ فِي الْمُطَلَّقَة : إذَا دَخَلَتْ فِي الْحَيْضَة الثَّالِثَة فَقَدْ بَانَتْ . 3732 - حَدَّثَنَا يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : ثني عُمَر بْن مُحَمَّد , أَنَّ نَافِعًا أَخْبَرَهُ , عَنْ عَبْد اللَّه بْن عُمَر وَزَيْد بْن ثَابِت أَنَّهُمَا كَانَا يَقُولَانِ : إذَا دَخَلَتْ الْمَرْأَة فِي الدَّم مِنْ الْحَيْضَة الثَّالِثَة , فَإِنَّهَا لَا تَرِثهُ وَلَا يَرِثهَا , وَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ وَبَرِئَ مِنْهَا . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَهَّاب , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن سَعِيد , قَالَ : بَلَغَنِي , عَنْ زَيْد بْن ثَابِت قَالَ : إذَا طَلُقَتْ الْمَرْأَة , فَدَخَلَتْ فِي الْحَيْضَة الثَّالِثَة أَنَّهُ لَيْسَ بَيْنهمَا مِيرَاث وَلَا رَجْعَة . 3733 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَهَّاب , قَالَ : سَمِعْت يَحْيَى بْن سَعِيد , يَقُول : سَمِعْت سَالِم بْن عَبْد اللَّه يَقُول مِثْل قَوْل زَيْد بْن ثَابِت . 3734 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَهَّاب , قَالَ : وَسَمِعْت يَحْيَى يَقُول : بَلَغَنِي عَنْ أَبَان بْن عُثْمَان أَنَّهُ كَانَ يَقُول ذَلِك . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَهَّاب , قَالَ : ثنا عُبَيْد اللَّه , عَنْ زَيْد بْن ثَابِت , مِثْل ذَلِك . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا وَهْب بْن جَرِير , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ عَبْد رَبّه بْن سَعِيد , عَنْ نَافِع : أَنَّ مُعَاوِيَة بَعَثَ إلَى زَيْد بْن ثَابِت , فَكَتَبَ إلَيْهِ زَيْد : إذَا دَخَلَتْ فِي الْحَيْضَة الثَّالِثَة فَقَدْ بَانَتْ . وَكَانَ ابْن عُمَر يَقُولهُ . 3735 - حَدَّثَنَا يَعْقُوب بْن إبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْن سَعِيد , عَنْ سُلَيْمَان وَزَيْد بْن ثَابِت أَنَّهُمَا قَالَا : إذَا حَاضَتْ الْحَيْضَة الثَّالِثَة فَلَا رَجْعَة , وَلَا مِيرَاث . * - حَدَّثَنَا مُجَاهِد بْن مُوسَى , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا هِشَام بْن حَسَّان , عَنْ قَيْس بْن سَعْد , عَنْ بُكَيْر بْن عَبْد اللَّه بْن الْأَشَجّ , عَنْ زَيْد بْن ثَابِت , قَالَ : إذَا طَلَّقَ الرَّجُل امْرَأَته , فَرَأَتْ الدَّم فِي الْحَيْضَة الثَّالِثَة , فَقَدْ انْقَضَتْ عِدَّتهَا . * - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة عَنْ مُوسَى بْن شَدَّاد , عَنْ عُمَر بْن ثَابِت الْأَنْصَارِيّ , قَالَ : كَانَ زَيْد بْن ثَابِت يَقُول : إذَا حَاضَتْ الْمُطَلَّقَة الثَّالِثَة قَبْل أَنْ يُرَاجِعهَا زَوْجهَا فَلَا يَمْلِك رَجْعَتهَا . 3736 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يَحْيَى , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , عَنْ سَعِيد , عَنْ درست , عَنْ الزُّهْرِيّ , عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب , أَنَّ عَائِشَة وَزَيْد بْن ثَابِت قَالَا : إذَا دَخَلَتْ فِي الْحَيْضَة الثَّالِثَة فَلَا رَجْعَة لَهُ عَلَيْهَا . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَالْقُرْء فِي كَلَام الْعَرَب : جَمْعه قُرُوء , وَقَدْ تَجْمَعهُ الْعَرَب أَقْرَاء , يُقَال فِي أَفْعَل مِنْهُ : أَقَرَأَتْ الْمَرْأَة : إذَا صَارَتْ ذَات حَيْض وَطُهْر , فَهِيَ تُقْرِئ إقْرَاء . وَأَصْل الْقُرْء فِي كَلَام الْعَرَب : الْوَقْت لِمَجِيءِ الشَّيْء الْمُعْتَاد مَجِيئُهُ لِوَقْتٍ مَعْلُوم , وَلِإِدْبَارِ الشَّيْء الْمُعْتَاد إدْبَاره لِوَقْتٍ مَعْلُوم , وَلِذَلِكَ قَالَتْ الْعَرَب : أَقَرَأَتْ حَاجَة فُلَان عِنْدِي , بِمَعْنَى دَنَا قَضَاؤُهَا , وَجَاءَ وَقْت قَضَائِهَا ; وَأَقْرَأَ النَّجْم : إذَا جَاءَ وَقْت أُفُوله , وَأَقْرَأَ : إذَا جَاءَ وَقْت طُلُوعه , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : إذَا مَا الثُّرَيَّا وَقَدْ أَقَرَأَتْ أَحَسَّ السِّمَاكَانِ مِنْهَا أُفُولًا وَقِيلَ : أَقَرَأَتْ الرِّيح : إذَا هَبَّتْ لِوَقْتِهَا , كَمَا قَالَ الْهُذَلِيّ : شَنِئْت الْعَقْر عَقْر بَنِي شَلِيل إذَا هَبَّتْ لِقَارِئِهَا الرِّيَاح بِمَعْنَى هَبَّتْ لِوَقْتِهَا وَحِين هُبُوبهَا . وَلِذَلِكَ سَمَّى بَعْض الْعَرَب وَقْت مَجِيء الْحَيْض قُرْءًا , إذَا كَانَ دَمًا يُعْتَاد ظُهُوره مِنْ فَرْج الْمَرْأَة فِي وَقْت , وَكُمُونه فِي آخَر , فَسُمِّيَ وَقْت مَجِيئِهِ قُرْءًا , كَمَا سَعَى الَّذِينَ سَمَّوْا وَقْت مَجِيء الرِّيح لِوَقْتِهَا قُرْءًا , وَلِذَلِكَ قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِفَاطِمَة بِنْت أَبِي حُبَيْش : " دَعِي الصَّلَاة أَيَّام أَقْرَائِك " بِمَعْنَى : دَعِي الصَّلَاة أَيَّام إقْبَال حَيْضك . وَسَمَّى آخَرُونَ مِنْ الْعَرَب وَقْت مَجِيء الطُّهْر قُرْءًا , إذْ كَانَ وَقْت مَجِيئِهِ وَقْتًا لِإِدْبَارِ الدَّم دَم الْحَيْض , وَإِقْبَال الطُّهْر الْمُعْتَاد مَجِيئُهُ لِوَقْتٍ مَعْلُوم , فَقَالَ فِي ذَلِكَ الْأَعْشَى مَيْمُون بْن قَيْس : وَفِي كُلّ عَام أَنْت جَاشِم غَزْوَة تَشُدّ لِأَقْصَاهَا عَزِيم عَزَائِكَا مُورِثَة مَالًا وَفِي الذِّكْر رِفْعَة لِمَا ضَاعَ فِيهَا مِنْ قُرُوء نِسَائِكَا فَجَعَلَ الْقُرْء : وَقْت الطُّهْر . وَلِمَا وَصَفْنَا مِنْ مَعْنَى الْقُرْء أَشْكَلَ تَأْوِيل قَوْل اللَّه : { وَالْمُطَلَّقَات يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَة قُرُوء } عَلَى أَهْل التَّأْوِيل , فَرَأَى بَعْضهمْ أَنَّ الَّذِي أُمِرَتْ بِهِ الْمَرْأَة الْمُطَلَّقَة ذَات الْأَقْرَاء مِنْ الْأَقْرَاء أَقْرَاء الْحَيْض , وَذَلِكَ وَقْت مَجِيئِهِ لِعَادَتِهِ الَّتِي تَجِيء فِيهِ , فَأَوْجَبَ عَلَيْهَا تَرَبُّص ثَلَاث حِيَض بِنَفْسِهَا عَنْ خِطْبَة الْأَزْوَاج . وَرَأَى آخَرُونَ أَنَّ الَّذِي أُمِرَتْ بِهِ مِنْ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ أَقْرَاء الطُّهْر , وَذَلِكَ وَقْت مَجِيئِهِ لِعَادَتِهِ الَّتِي تَجِيء فِيهِ , فَأَوْجَبَ عَلَيْهَا تَرَبُّص ثَلَاث أَطْهَار . فَإِذْ كَانَ مَعْنَى الْقُرْء مَا وَصَفْنَا لِمَا بَيَّنَّا , وَكَانَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره قَدْ أَمَرَ الْمُرِيد بِطَلَاقِ امْرَأَته أَنْ لَا يُطَلِّقهَا إلَّا طَاهِرًا غَيْر مُجَامَعَة , وَحَرَّمَ عَلَيْهِ طَلَاقهَا حَائِضًا , كَانَ اللَّازِم لِلْمُطَلَّقَةِ الْمَدْخُول بِهَا إذَا كَانَتْ ذَات أَقْرَاء تَرَبُّص أَوْقَات مَحْدُودَة الْمَبْلَغ بِنَفْسِهَا عَقِيب طَلَاق زَوْجهَا إيَّاهَا أَنْ تَنْظُر إلَى ثَلَاثَة قُرُوء بَيْن طُهْرَيْ كُلّ قُرْء مِنْهُنَّ قُرْء , هُوَ خِلَاف مَا احْتَسَبَتْهُ لِنَفْسِهَا مُرُوءًا تَتَرَبَّصهُنَّ . فَإِذَا انْقَضَيْنَ , فَقَدْ حَلَّتْ لِلْأَزْوَاجِ , وَانْقَضَتْ عِدَّتهَا ; وَذَلِكَ أَنَّهَا إذَا فَعَلَتْ ذَلِكَ , فَقَدْ دَخَلَتْ فِي عِدَاد مَنْ تَرَبَّصَ مِنْ الْمُطَلَّقَات بِنَفْسِهَا ثَلَاثَة قُرُوء بَيْن طُهْرَيْ كُلّ قُرْء مِنْهُنَّ قُرْء لَهُ مُخَالِف , وَإِذَا فَعَلَتْ ذَلِكَ كَانَتْ مُؤَدِّيَة مَا أَلْزَمَهَا رَبّهَا تَعَالَى ذِكْره بِظَاهِرِ تَنْزِيله . فَقَدْ تَبَيَّنَ إذًا إذْ كَانَ الْأَمْر عَلَى مَا وَصَفْنَا أَنَّ الْقُرْء الثَّالِث مِنْ أَقْرَائِهَا عَلَى مَا بَيَّنَّا الطُّهْر الثَّالِث , وَأَنَّ بِانْقِضَائِهِ وَمَجِيء قُرْء الْحَيْض الَّذِي يَتْلُوهُ انْقِضَاء عِدَّتهَا . فَإِنْ ظَنَّ ذُو غَبَاوَة إذْ كُنَّا قَدْ نُسَمِّي وَقْت مَجِيء الطُّهْر قُرْءًا , وَوَقْت مَجِيء الْحَيْض قُرْءًا أَنَّهُ يَلْزَمنَا أَنْ نَجْعَل عِدَّة الْمَرْأَة مُنْقَضِيَة بِانْقِضَاءِ الطُّهْر الثَّانِي , إذْ كَانَ الطُّهْر الَّذِي طَلَّقَهَا فِيهِ , وَالْحَيْضَة الَّتِي بَعْده , وَالطُّهْر الَّذِي يَتْلُوهَا أَقْرَاء كُلّهَا ; فَقَدْ ظَنَّ جَهْلًا , وَذَلِكَ أَنَّ الْحُكْم عِنْدنَا فِي كُلّ مَا أَنَزَلَهُ اللَّه فِي كِتَابه عَلَى مَا احْتَمَلَهُ ظَاهِر التَّنْزِيل مَا لَمْ يُبَيِّن اللَّه تَعَالَى ذِكْره لِعِبَادِهِ , أَنَّ مُرَاده مِنْهُ الْخُصُوص , إمَّا بِتَنْزِيلٍ فِي كِتَابه , أَوْ عَلَى لِسَان رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَإِذَا خَصَّ مِنْهُ الْبَعْض , كَانَ الَّذِي خَصَّ مِنْ ذَلِكَ غَيْر دَاخِل فِي الْجُمْلَة الَّتِي أَوْجَبَ الْحُكْم بِهَا , وَكَانَ سَائِرهَا عَلَى عُمُومهَا , كَمَا قَدْ بَيَّنَّا فِي كِتَابنَا : " كِتَاب لَطِيف الْقَوْل مِنْ الْبَيَان عَنْ أُصُول الْأَحْكَام " وَغَيْره مِنْ كُتُبنَا . فَالْأَقْرَاء الَّتِي هِيَ أَقْرَاء الْحَيْض بَيْن طُهْرَيْ أَقْرَاء الطُّهْر غَيْر مُحْتَسَبَة مِنْ أَقْرَاء الْمُتَرَبِّصَة بِنَفْسِهَا بَعْد الطَّلَاق لِإِجْمَاعِ الْجَمِيع مِنْ أَهْل الْإِسْلَام أَنَّ الْأَقْرَاء الَّتِي أَوْجَبَ اللَّه عَلَيْهَا تَرَبُّصهنَّ ثَلَاثَة قُرُوء , بَيْن كُلّ قُرْء مِنْهُنَّ أَوْقَات مُخَالِفَات الْمَعْنَى لِأَقْرَائِهَا الَّتِي تَرَبَّصَهُنَّ , وَإِذْ كُنَّ مُسْتَحَقَّات عِنْدنَا اسْم أَقْرَاء , فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ إجْمَاع الْجَمِيع لَمْ يَجُزْ لَهَا التَّرَبُّص إلَّا عَلَى مَا وَصَفْنَا قَبْل . وَفِي هَذِهِ الْآيَة دَلِيل وَاضِح عَلَى خَطَأ قَوْل مَنْ قَالَ : إنَّ امْرَأَة الْمُولِي الَّتِي آلَى مِنْهَا تَحِلّ لِلْأَزْوَاجِ بِانْقِضَاءِ الْأَشْهُر الْأَرْبَعَة إذَا كَانَتْ قَدْ حَاضَتْ ثَلَاث حِيَض فِي الْأَشْهُر الْأَرْبَعَة ; لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره إنَّمَا أَوْجَبَ عَلَيْهَا الْعِدَّة بَعْد عَزْم الْمُولِي عَلَى طَلَاقهَا , وَإِيقَاع الطَّلَاق بِهَا بِقَوْلِهِ : { وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاق فَإِنَّ اللَّه سَمِيع عَلِيم وَالْمُطَلَّقَات يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَة قُرُوء } فَأَوْجَبَ تَعَالَى ذِكْره عَلَى الْمَرْأَة إذَا صَارَتْ مُطَلَّقَة تَرَبُّص ثَلَاثَة قُرُوء فَمَعْلُوم أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ مُطَلَّقَة يَوْم آلَى مِنْهَا زَوْجهَا لِإِجْمَاعِ الْجَمِيع عَلَى أَنَّ الْإِيلَاء لَيْسَ بِطَلَاقٍ مُوجِب عَلَى الْمَوْلَى مِنْهَا الْعِدَّة . وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَالْعِدَّة إنَّمَا تَلْزَمهَا بَعْد لِلطَّلَاقِ , وَالطَّلَاق إنَّمَا يَلْحَقهَا بِمَا قَدْ بَيَّنَّاهُ قَبْل . وَأَمَّا مَعْنَى قَوْله : { وَالْمُطَلَّقَات } فَإِنَّهُ : وَالْمُخْلَيَات السَّبِيل غَيْر مَمْنُوعَات بِأَزْوَاجٍ وَلَا مَخْطُوبَات , وَقَوْل الْقَائِل : فُلَانَة مُطَلَّقَة , إنَّمَا هُوَ مُفَعَّلَة مِنْ قَوْل الْقَائِل : طَلَّقَ الرَّجُل زَوْجَته فَهِيَ مُطَلَّقَة ; وَأَمَّا قَوْلهمْ : هِيَ طَالِق , فَمِنْ قَوْلهمْ : طَلَّقَهَا زَوْجهَا فَطَلُقَتْ هِيَ , وَهِيَ تَطْلِق طَلَاقًا , وَهِيَ طَالِق . وَقَدْ حُكِيَ عَنْ بَعْض أَحْيَاء الْعَرَب أَنَّهَا تَقُول : طَلُقَتْ الْمَرْأَة وَإِنَّمَا قِيلَ ذَلِكَ لَهَا إذَا خَلَاهَا زَوْجهَا , كَمَا يُقَال لِلنَّعْجَةِ الْمُهْمَلَة بِغَيْرِ رَاعٍ وَلَا كَالِئ إذَا خَرَجَتْ وَحْدهَا مِنْ أَهْلهَا لِلرَّعْيِ مِخْلَاة سَبِيلهَا . هِيَ طَالِق فَمَثُلَتْ الْمَرْأَة الْمِخْلَاة سَبِيلهَا بِهَا , وَسُمِّيَتْ بِمَا سُمِّيَتْ بِهِ النَّعْجَة الَّتِي وَصَفْنَا أَمْرهَا . وَأَمَّا قَوْلهمْ : طَلُقَتْ الْمَرْأَة , فَمَعْنَى غَيْر هَذَا إنَّمَا يُقَال فِي هَذَا إذَا نَفِسَتْ , هَذَا مِنْ الطَّلْق , وَالْأَوَّل مِنْ الطَّلَاق . وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ التَّرَبُّص إنَّمَا هُوَ التَّوَقُّف عَنْ النِّكَاح , وَحَبْس النَّفْس عَنْهُ فِي غَيْر هَذَا الْمَوْضِع .

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَا يَحِلّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّه فِي أَرْحَامهنَّ إنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر } اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : تَأْوِيله : وَلَا يَحِلّ لَهُنَّ , يَعْنِي لِلْمُطَلَّقَاتِ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّه فِي أَرْحَامهنَّ مِنْ الْحَيْض إذَا طُلِّقْنَ , حَرُمَ عَلَيْهِنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ أَزْوَاجهنَّ الَّذِينَ طَلَّقُوهُنَّ فِي الطَّلَاق الَّذِي عَلَيْهِمْ لَهُنَّ فِيهِ رَجْعَة يَبْتَغِينَ بِذَلِكَ إبْطَال حُقُوقهمْ مِنْ الرَّجْعَة عَلَيْهِنَّ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3737 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني اللَّيْث , عَنْ يُونُس , عَنْ ابْن شِهَاب , قَالَ : قَالَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره : { وَالْمُطَلَّقَات يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَة قُرُوء } إلَى قَوْله : { وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَة وَاَللَّه عَزِيز حَكِيم } قَالَ : بَلَغَنَا أَنَّ مَا خَلَقَ فِي أَرْحَامهنَّ الْحَمْل , وَبَلَغَنَا أَنَّ الْحَيْضَة , فَلَا يَحِلّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ذَلِكَ لِتَنْقَضِيَ الْعِدَّة وَلَا يَمْلِك الرَّجْعَة إذَا كَانَتْ لَهُ 3738 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن سَعِيد , عَنْ سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ إبْرَاهِيم : { وَلَا يَحِلّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّه فِي أَرْحَامهنَّ } قَالَ : الْحَيْض * حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ إبْرَاهِيم : { وَلَا يَحِلّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّه فِي أَرْحَامهنَّ } قَالَ : أَكْثَر ذَلِكَ الْحَيْض * حَدَّثَنَا

أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا ابْن إدْرِيس , قَالَ : سَمِعْت مُطَّرِفًا , عَنْ الْحَكَم , قَالَ : قَالَ إبْرَاهِيم فِي قَوْله : { وَلَا يَحِلّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّه فِي أَرْحَامهنَّ } قَالَ : الْحَيْض 3739 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , قَالَ : ثنا خَالِد الْحَذَّاء , عَنْ عِكْرِمَة فِي قَوْله : { وَلَا يَحِلّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّه فِي أَرْحَامهنَّ } قَالَ : الْحَيْض . ثُمَّ قَالَ خَالِد : الدَّم . وَقَالَ آخَرُونَ : هُوَ الْحَيْض , غَيْر أَنَّ الَّذِي حَرَّمَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره عَلَيْهَا كِتْمَانه فِيمَا خَلَقَ فِي رَحِمهَا مِنْ ذَلِكَ هُوَ أَنْ تَقُول لِزَوْجِهَا الْمُطَلِّق وَقَدْ أَرَادَ رَجْعَتهَا قَبْل الْحَيْضَة الثَّالِثَة : قَدْ حِضْت الْحَيْضَة الثَّالِثَة كَاذِبَة , لِتُبْطِل حَقّه بِقَيْلِهَا الْبَاطِل فِي ذَلِكَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3740 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ عُبَيْدَة بْن مُعَتِّب , عَنْ إبْرَاهِيم فِي قَوْله : { وَلَا يَحِلّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّه فِي أَرْحَامهنَّ } قَالَ : الْحَيْض الْمَرْأَة تَعْتَدّ قُرْأَيْنِ , ثُمَّ يُرِيد زَوْجهَا أَنْ يُرَاجِعهَا , فَتَقُول : قَدْ حِضْت الثَّالِثَة 3741 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مَنْصُور , عَنْ إبْرَاهِيم : { وَلَا يَحِلّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّه فِي أَرْحَامهنَّ } قَالَ : أَكْثَر مَا عَنَى بِهِ الْحَيْض وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ الْمَعْنَى الَّذِي نُهِيَتْ عَنْ كِتْمَانه زَوْجهَا الْمُطَلِّق الْحَبْل وَالْحَيْض جَمِيعًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3742 - حَدَّثَنَا حُمَيْد بْن مَسْعَدَةَ , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن زُرَيْعٍ , قَالَ : ثنا الْأَشْعَث , عَنْ نَافِع , عَنْ ابْن عُمَر : { وَلَا يَحِلّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّه فِي أَرْحَامهنَّ } مِنْ الْحَيْض وَالْحَمْل , لَا يَحِلّ لَهَا إنْ كَانَتْ حَائِضًا أَنْ تَكْتُم حَيْضَتهَا , وَلَا يَحِلّ لَهَا إنْ كَانَتْ حَامِلًا أَنْ تَكْتُم حَمْلهَا 3743 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا ابْن إدْرِيس , قَالَ : سَمِعْت مُطَّرِفًا , عَنْ الْحَكَم , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : { وَلَا يَحِلّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّه فِي أَرْحَامهنَّ } قَالَ : الْحَمْل وَالْحَيْض . قَالَ ابْن كُرَيْب : قَالَ ابْن إدْرِيس : هَذَا أَوَّل حَدِيث سَمِعْته مِنْ مُطَّرِف . * حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِب , قَالَ : ثنا ابْن إدْرِيس , عَنْ مُطَرِّف , عَنْ الْحَكَم , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله , إلَّا أَنَّهُ قَالَ : الْحَبْل . * حَدَّثَنَا إسْمَاعِيل بْن مُوسَى الْفَزَارِيّ , قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو إسْحَاق الْفَزَارِيّ , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : { وَلَا يَحِلّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّه فِي أَرْحَامهنَّ } قَالَ : مِنْ الْحَيْض وَالْوَلَد * حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنِي مُسْلِم بْن خَالِد الزِّنْجِيّ , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { وَلَا يَحِلّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّه فِي أَرْحَامهنَّ } قَالَ : مِنْ الْحَيْض وَالْوَلَد * حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْل اللَّه تَعَالَى ذِكْره : { وَلَا يَحِلّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّه فِي أَرْحَامهنَّ } قَالَ : لَا يَحِلّ لِلْمُطَلَّقَةِ أَنْ تَقُول إنِّي حَائِض وَلَيْسَتْ بِحَائِضٍ , وَلَا تَقُول : إنِّي حُبْلَى وَلَيْسَتْ بِحُبْلَى , وَلَا تَقُول : لَسْت بِحُبْلَى وَهِيَ بِحُبْلَى * حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد مِثْله . * حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سُوَيْد بْن نَصْر , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن الْمُبَارَك , عَنْ الْحَجَّاج , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : الْحَيْض وَالْحَبْل , قَالَ : تَفْسِيره أَنْ لَا تَقُول إنِّي حَائِض وَلَيْسَتْ بِحَائِضٍ , وَلَا لَسْت بِحَائِضٍ وَهِيَ حَائِض , وَلَا أَنِّي حُبْلَى وَلَيْسَتْ بِحُبْلَى , وَلَا لَسْت بِحُبْلَى وَهِيَ حُبْلَى * حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سُوَيْد , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن الْمُبَارَك , عَنْ الْحَجَّاج , عَنْ الْقَاسِم بْن نَافِع , عَنْ مُجَاهِد نَحْو هَذَا التَّفْسِير فِي هَذِهِ الْآيَة . 3744 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله , وَزَادَ فِيهِ : قَالَ : وَذَلِكَ كُلّه فِي بُغْض الْمَرْأَة زَوْجهَا وَحُبّه 3745 - حُدِّثَْنَا عَنْ عَمَار , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع فِي قَوْله : { وَلَا يَحِلّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّه فِي أَرْحَامهنَّ } يَقُول : لَا يَحِلّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّه فِي أَرْحَامهنَّ مِنْ الْحَيْض وَالْحَبَل , لَا يَحِلّ لَهَا أَنْ تَقُول : إنِّي قَدْ حِضْت وَلَمْ تَحِضْ , وَلَا يَحِلّ أَنْ تَقُول : إنِّي لَمْ أَحِضْ وَقَدْ حَاضَتْ , وَلَا يَحِلّ لَهَا أَنْ تَقُول : إنِّي حُبْلَى وَلَيْسَتْ بِحُبْلَى , وَلَا أَنْ تَقُول : لَسْت بِحُبْلَى وَهِيَ حُبْلَى 3746 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد فِي قَوْله : { وَلَا يَحِلّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّه فِي أَرْحَامهنَّ } الْآيَة , قَالَ : لَا يَكْتُمْنَ الْحَيْض وَلَا الْوَلَد , وَلَا يَحِلّ لَهَا أَنْ تَكْتُمهُ وَهُوَ لَا يَعْلَم مَتَى تَحِلّ لِئَلَّا يَرْتَجِعهَا مُضَارَّة 3747 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن أَبِي طَالِب , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك فِي قَوْله : { وَلَا يَحِلّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّه فِي أَرْحَامهنَّ } يَعْنِي الْوَلَد , قَالَ : الْحَيْض وَالْوَلَد هُوَ الَّذِي اُؤْتُمِنَ عَلَيْهِ النِّسَاء وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عَنَى بِذَلِكَ الْحَبَل . ثُمَّ اخْتَلَفَ قَائِلُو ذَلِكَ فِي السَّبَب الَّذِي مِنْ أَجْله نُهِيَتْ عَنْ كِتْمَان ذَلِكَ الرَّجُل , فَقَالَ بَعْضهمْ : نُهِيَتْ عَنْ ذَلِكَ لِئَلَّا تُبْطِل حَقّ الزَّوْج مِنْ الرَّجْعَة إذَا أَرَادَ رَجْعَتهَا قَبْل وَضْعهَا وَحَمْلهَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3748 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سُوَيْد بْن نَصْر , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن الْمُبَارَك , عَنْ قباث بْن رَزِين , عَنْ عَلِيّ بْن رَبَاح أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّ عُمَر بْن الْخَطَّاب قَالَ لِرَجُلٍ : اُتْلُ هَذِهِ الْآيَة فَتَلَا . فَقَالَ : إنَّ فُلَانَة مِمَّنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّه فِي أَرْحَامهنَّ . وَكَانَتْ طَلُقَتْ وَهِيَ حُبْلَى , فَكَتَمَتْ حَتَّى وَضَعَتْ 3749 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ ابْن عَبَّاس قَالَ : إذَا طَلَّقَ الرَّجُل امْرَأَته تَطْلِيقَة أَوْ تَطْلِيقَتَيْنِ وَهِيَ حَامِل , فَهُوَ أَحَقّ بِرَجْعَتِهَا مَا لَمْ تَضَع حَمْلهَا , وَهُوَ قَوْله : { وَلَا يَحِلّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّه فِي أَرْحَامهنَّ إنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر } 3750 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سُوَيْد , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن الْمُبَارَك , عَنْ يَحْيَى بْن بِشْر أَنَّهُ سَمِعَ عِكْرِمَة يَقُول : الطَّلَاق مَرَّتَانِ بَيْنهمَا رَجْعَة , فَإِنْ بَدَا لَهُ أَنْ يُطَلِّقهَا بَعْد هَاتَيْنِ فَهِيَ ثَالِثَة , وَإِنْ طُلَقهَا ثَلَاثًا فَقَدْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ حَتَّى تَنْكِح زَوْجًا غَيْره . إنَّمَا اللَّاتِي ذُكِرْنَ فِي الْقُرْآن : { وَلَا يَحِلّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّه فِي أَرْحَامهنَّ إنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر وَبُعُولَتهنَّ أَحَقّ بِرِدِّهِنَّ } هِيَ الَّتِي طَلُقَتْ وَاحِدَة أَوْ ثِنْتَيْنِ , ثُمَّ كَتَمَتْ حَمْلهَا لَكَيْ تَنْجُو مِنْ زَوْجهَا , فَأَمَّا إذَا بَتَّ الثَّلَاث تَطْلِيقَات فَلَا رَجْعَة لَهُ عَلَيْهَا حَتَّى تَنْكِح زَوْجًا غَيْره . وَقَالَ آخَرُونَ : السَّبَب الَّذِي مِنْ أَجْله نُهِينَ عَنْ كِتْمَان ذَلِكَ أَنَّهُنَّ فِي الْجَاهِلِيَّة كُنَّ يَكْتُمْنَهُ أَزْوَاجهنَّ خَوْف مُرَاجَعَتهمْ إيَّاهُنَّ حَتَّى يَتَزَوَّجْنَ غَيْرهمْ , فَيَلْحَق نَسَب الْحَمْل الَّذِي هُوَ مِنْ الزَّوْج الْمُطَلِّق بِمَنْ تَزَوَّجَتْهُ فَحَرَّمَ اللَّه ذَلِكَ عَلَيْهِنَّ ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3751 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا سُوَيْد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة قَوْله : { وَلَا يَحِلّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّه فِي أَرْحَامهنَّ } قَالَ : كَانَتْ الْمَرْأَة إذَا طَلُقَتْ كَتَمَتْ مَا فِي بَطْنهَا وَحَمْلهَا لِتَذْهَب بِالْوَلَدِ إلَى غَيْر أَبِيهِ , فَكَرِهَ اللَّه ذَلِكَ لَهُنَّ * حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن يَحْيَى , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { وَلَا يَحِلّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّه فِي أَرْحَامهنَّ } قَالَ : عَلِمَ اللَّه أَنَّ مِنْهُنَّ كَوَاتِمِ يَكْتُمْنَ الْوَلَد , وَكَانَ أَهْل الْجَاهِلِيَّة كَانَ الرَّجُل يُطَلِّق امْرَأَته وَهِيَ حَامِل , فَتَكْتُم الْوَلَد وَتَذْهَب بِهِ إلَى غَيْره , وَتَكْتُم مَخَافَة الرَّجْعَة , فَنَهَى اللَّه عَنْ ذَلِكَ , وَقَدَّمَ فِيهِ * حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : { وَلَا يَحِلّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّه فِي أَرْحَامهنَّ } قَالَ : كَانَتْ الْمَرْأَة تَكْتُم حَمْلهَا حَتَّى تَجْعَلهُ لِرَجُلٍ آخَر مِنْهَا وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ السَّبَب الَّذِي
الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلاَّ أَن يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَسورة البقرة الآية رقم 229
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { الطَّلَاق مَرَّتَانِ فَإِمْسَاك بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيح بِإِحْسَانٍ } اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ دَلَالَة عَلَى عَدَد الطَّلَاق الَّذِي يَكُون لِلرَّجُلِ فِيهِ الرَّجْعَة عَلَى زَوْجَته , وَالْعَدَد الَّذِي تَبِين بِهِ زَوْجَته مِنْهُ . ذِكْر مَنْ قَالَ إنَّ هَذِهِ الْآيَة أُنْزِلَتْ لِأَنَّ أَهْل الْجَاهِلِيَّة وَأَهْل الْإِسْلَام قَبْل نُزُولهَا لَمْ يَكُنْ لِطَلَاقِهِمْ نِهَايَة تَبِين بِالِانْتِهَاءِ إلَيْهَا امْرَأَته مِنْهُ مَا رَاجَعَهَا فِي عِدَّتهَا مِنْهُ , فَجَعَلَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره لِذَلِك حَدًّا حَرَّمَ بِانْتِهَاءِ الطَّلَاق إلَيْهِ عَلَى الرَّجُل امْرَأَته الْمُطَلَّقَة إلَّا بَعْد زَوْج , وَجَعَلَهَا حِينَئِذٍ أَمْلَك بِنَفْسِهَا مِنْهُ . ذِكْر الْأَخْبَار الْوَارِدَة بِمَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ : 3775 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ هِشَام بْن عُرْوَة , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : كَانَ الرَّجُل يُطَلِّق مَا شَاءَ ثُمَّ إنْ رَاجَعَ امْرَأَته قَبْل أَنْ تَنْقَضِي عِدَّتهَا كَانَتْ

امْرَأَته , فَغَضِبَ رَجُل مِنْ الْأَنْصَار عَلَى امْرَأَته , فَقَالَ لَهَا : لَا أَقْرَبك وَلَا تَحِلِّينَ مِنِّي ! قَالَتْ لَهُ : كَيْفَ ؟ قَالَ : أُطَلِّقك , حَتَّى إذَا دَنَا أَجَلك رَاجَعْتُك ثُمَّ أُطَلِّقك , فَإِذَا دَنَا أَجَلك رَاجَعْتُك . قَالَ : فَشَكَتْ ذَلِكَ إلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره : { الطَّلَاق مَرَّتَانِ فَإِمْسَاك بِمَعْرُوفٍ } . . الْآيَة . * حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا ابْن إدْرِيس , عَنْ هِشَام , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ رَجُل لِامْرَأَتِهِ عَلَى عَهْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَا آوِيك , وَلَا أَدَعَك تَحِلِّينَ ! فَقَالَتْ لَهُ : كَيْفَ تَصْنَع ؟ قَالَ : أُطَلِّقك , فَإِذَا دَنَا مُضِيّ عِدَّتك رَاجَعْتُك , فَمَتَى تَحِلِّينَ ؟ فَأَتَتْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَنْزَلَ اللَّه : { الطَّلَاق مَرَّتَانِ فَإِمْسَاك بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيح بِإِحْسَانٍ } فَاسْتَقْبَلَهُ النَّاس جَدِيدًا مَنْ كَانَ طَلَّقَ وَمِنْ لَمْ يَكُنْ طَلَّقَ . 3776 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : كَانَ أَهْل الْجَاهِلِيَّة كَانَ الرَّجُل يُطَلِّق الثَّلَاث وَالْعَشْر وَأَكْثَر مِنْ ذَلِكَ , ثُمَّ يُرَاجِع مَا كَانَتْ فِي الْعِدَّة , فَجَعَلَ اللَّه حَدَّ الطَّلَاق ثَلَاث تَطْلِيقَات . * حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : كَانَ أَهْل الْجَاهِلِيَّة يُطَلِّق أَحَدهمْ امْرَأَته ثُمَّ يُرَاجِعهَا لَا حَدّ فِي ذَلِكَ , هِيَ امْرَأَته مَا رَاجَعَهَا فِي عِدَّتهَا , فَجَعَلَ اللَّه حَدَّ ذَلِكَ يَصِير إلَى ثَلَاثَة قُرُوء , وَجَعَلَ حَدّ الطَّلَاق ثَلَاث تَطْلِيقَات . 3777 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد فِي قَوْله : { الطَّلَاق مَرَّتَانِ } قَالَ كَانَ الطَّلَاق قَبْل أَنْ يَجْعَل اللَّه الطَّلَاق ثَلَاث لَيْسَ لَهُ أَمَد يُطَلِّق الرَّجُل امْرَأَته مِائَة , ثُمَّ إنْ أَرَادَ أَنْ يُرَاجِعهَا قَبْل أَنْ تَحِلّ كَانَ ذَلِكَ لَهُ , وَطَلَّقَ رَجُل امْرَأَته حَتَّى إذَا كَادَتْ أَنْ تَحِلّ ارْتَجَعَهَا , ثُمَّ اسْتَأْنَفَ بِهَا طَلَاقًا بَعْد ذَلِكَ لِيُضَارّهَا بِتَرْكِهَا , حَتَّى إذَا كَانَ قَبْل انْقِضَاء عِدَّتهَا رَاجَعَهَا , وَصَنَعَ ذَلِكَ مِرَارًا . فَلَمَّا عَلِمَ اللَّه ذَلِكَ مِنْهُ , جَعَلَ الطَّلَاق ثَلَاثًا , مَرَّتَيْنِ , ثُمَّ بَعْد الْمَرَّتَيْنِ إمْسَاك بِمَعْرُوفٍ , أَوْ تَسْرِيح بِإِحْسَانٍ . 3778 - حَدَّثَنِي مُوسَى , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { الطَّلَاق مَرَّتَانِ فَإِمْسَاك بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيح بِإِحْسَانٍ } أَمَّا قَوْله : { الطَّلَاق مَرَّتَانِ } فَهُوَ الْمِيقَات الَّذِي يَكُون عَلَيْهَا فِيهِ الرَّجْعَة . 3779 - حَدَّثَنَا هَنَّاد , قَالَ : ثنا أَبُو الْأَحْوَص , عَنْ سِمَاك , عَنْ عِكْرِمَة فِي قَوْله : { الطَّلَاق مَرَّتَانِ فَإِمْسَاك بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيح بِإِحْسَانٍ } قَالَ : إذَا أَرَادَ الرَّجُل أَنْ يُطَلِّق امْرَأَته فَيُطَلِّقهَا تَطْلِيقَتَيْنِ , فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُرَاجِعهَا كَانَتْ لَهُ عَلَيْهَا رَجْعَة , فَإِنْ شَاءَ طَلَّقَهَا أُخْرَى , فَلَمْ تَحِلّ لَهُ حَتَّى تَنْكِح زَوْجًا غَيْره . فَتَأْوِيل الْآيَة عَلَى هَذَا الْخَبَر الَّذِي ذَكَرْنَا عَدَد الطَّلَاق الَّذِي لَكُمْ أَيّهَا النَّاس فِيهِ عَلَى أَزْوَاجكُمْ الرَّجْعَة إذَا كُنَّ مَدْخُولًا بِهِنَّ : تَطْلِيقَتَانِ , ثُمَّ الْوَاجِب عَلَى مَنْ رَاجَعَ مِنْكُمْ بَعْد التَّطْلِيقَتَيْنِ إمْسَاك بِمَعْرُوفٍ , أَوْ تَسْرِيح بِإِحْسَانٍ , لِأَنَّهُ لَا رَجْعَة لَهُ بَعْد التَّطْلِيقَتَيْنِ إنْ سَرَّحَهَا فَطَلَّقَهَا الثَّالِثَة . وَقَالَ آخَرُونَ إنَّمَا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَة عَلَى نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَعْرِيفًا مِنْ اللَّه تَعَالَى ذِكْره عِبَاده سُنَّة طَلَاقهمْ نِسَاءَهُمْ إذَا أَرَادُوا طَلَاقهنَّ , لَا دَلَالَة عَلَى الْقَدْر الَّذِي تَبِين بِهِ الْمَرْأَة مِنْ زَوْجهَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3780 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مُطَرِّف , عَنْ أَبِي إسْحَاق , عَنْ أَبِي الْأَحْوَص , عَنْ عَبْد اللَّه فِي قَوْله : { الطَّلَاق مَرَّتَانِ فَإِمْسَاك بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيح بِإِحْسَانٍ } قَالَ : يُطَلِّقهَا بَعْد مَا تَطْهُر مِنْ قَبْل جِمَاع , ثُمَّ يَدَعهَا حَتَّى تَطْهُر مَرَّة أُخْرَى , ثُمَّ يُطَلِّقهَا إنْ شَاءَ , ثُمَّ إنْ أَرَادَ أَنْ يُرَاجِعهَا رَاجَعَهَا , ثُمَّ إنْ شَاءَ طَلَّقَهَا , وَإِلَّا تَرَكَهَا حَتَّى تَتِمّ ثَلَاث حِيَض وَتَبِين مِنْهُ بِهِ . 3781 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ ابْن عَبَّاس قَوْله : { الطَّلَاق مَرَّتَانِ فَإِمْسَاك بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيح بِإِحْسَانٍ } قَالَ : إذَا طَلَّقَ الرَّجُل امْرَأَته تَطْلِيقَتَيْنِ , فَلْيَتَّقِ اللَّه فِي التَّطْلِيقَة الثَّالِثَة , فَإِمَّا أَنْ يُمْسِكهَا بِمَعْرُوفٍ فَيُحْسِن صَحَابَتهَا , أَوْ يُسَرِّحهَا بِإِحْسَانٍ فَلَا يَظْلِمهَا مِنْ حَقّهَا شَيْئًا . 3782 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : { الطَّلَاق مَرَّتَانِ فَإِمْسَاك بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيح بِإِحْسَانٍ } قَالَ : يُطَلِّق الرَّجُل امْرَأَته طَاهِرًا مِنْ غَيْر جِمَاع , فَإِذَا حَاضَتْ ثُمَّ طَهُرَتْ فَقَدْ تَمَّ الْقُرْء , ثُمَّ يُطَلِّق الثَّانِيَة كَمَا يُطَلِّق الْأُولَى , إنْ أَحَبَّ أَنْ يَفْعَل , فَإِنْ طَلَّقَ الثَّانِيَة ثُمَّ حَاضَتْ الْحَيْضَة الثَّانِيَة فَهُمَا تَطْلِيقَتَانِ وَقُرْءَانِ , ثُمَّ قَالَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره فِي الثَّالِثَة : { فَإِمْسَاك بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيح بِإِحْسَانٍ } فَيُطَلِّقهَا فِي ذَلِكَ الْقُرْء كُلّه إنْ شَاءَ حِين تَجْمَع عَلَيْهَا ثِيَابهَا . * حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد بِنَحْوِهِ , إلَّا أَنَّهُ قَالَ : فَحَاضَتْ الْحَيْضَة الثَّانِيَة , كَمَا طَلَّقَ الْأُولَى , فَهَذَانِ تَطْلِيقَتَانِ وَقُرْءَانِ , ثُمَّ قَالَ : الثَّالِثَة , وَسَائِر الْحَدِيث مِثْل حَدِيث مُحَمَّد بْن عَمْرو , عَنْ أَبِي عَاصِم . وَتَأْوِيل الْآيَة عَلَى قَوْل هَؤُلَاءِ : سُنَّة الطَّلَاق الَّتِي سَنَنْتهَا وَأَبَحْتهَا لَكُمْ إنْ أَرَدْتُمْ طَلَاق نِسَائِكُمْ , أَنْ تُطَلِّقُوهُنَّ ثِنْتَيْنِ فِي كُلّ طُهْر وَاحِدَة , ثُمَّ الْوَاجِب بَعْد ذَلِكَ عَلَيْكُمْ : إمَّا أَنْ تُمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ , أَوْ تُسَرِّحُوهُنَّ بِإِحْسَانٍ . وَاَلَّذِي هُوَ أَوْلَى بِظَاهِرِ التَّنْزِيل مَا قَالَهُ عُرْوَة وَقَتَادَةُ وَمِنْ قَالَ مِثْل قَوْلهمَا مِنْ أَنَّ الْآيَة إنَّمَا هِيَ دَلِيل عَلَى عَدَد الطَّلَاق الَّذِي يَكُون بِهِ التَّحْرِيم , وَبُطُول الرَّجْعَة فِيهِ , وَاَلَّذِي يَكُون فِيهِ الرَّجْعَة مِنْهُ . وَذَلِكَ أَنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره قَالَ فِي الْآيَة الَّتِي تَتْلُوهَا : { فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلّ لَهُ مِنْ بَعْد حَتَّى تَنْكِح زَوْجًا غَيْره } فَعَرَفَ عِبَاده الْقَدْر الَّذِي بِهِ تَحْرُم الْمَرْأَة عَلَى زَوْجهَا إلَّا بَعْد زَوْج , وَلَمْ يُبَيِّن فِيهَا الْوَقْت الَّذِي يَجُوز الطَّلَاق فِيهِ وَالْوَقْت الَّذِي لَا يَجُوز ذَلِكَ فِيهِ , فَيَكُون مُوَجِّهًا تَأْوِيل الْآيَة إلَى مَا رُوِيَ عَنْ ابْن مَسْعُود وَمُجَاهِد وَمِنْ قَالَ بِمِثْلِ قَوْلهمَا فِيهِ . وَأَمَّا قَوْله : { فَإِمْسَاك بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيح بِإِحْسَانٍ } فَإِنَّ فِي تَأْوِيله وَفِيمَا عَنِيَ بِهِ اخْتِلَافًا بَيْن أَهْل التَّأْوِيل , فَقَالَ بَعْضهمْ : عَنَى اللَّه تَعَالَى ذِكْره بِذَلِكَ الدَّلَالَة عَلَى اللَّازِم لِلْأَزْوَاجِ الْمُطَلَّقَات اثْنَتَيْنِ بَعْد مُرَاجَعَتهمْ إيَّاهُنَّ مِنْ التَّطْلِيقَة الثَّانِيَة مِنْ عِشْرَتهنَّ بِالْمَعْرُوفِ , أَوْ فِرَاقهنَّ بِطَلَاقٍ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3783 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ ابْن جُرَيْجٍ , قَالَ : قُلْت لِعَطَاءٍ : الطَّلَاق مَرَّتَانِ ؟ قَالَ : يَقُول عِنْد الثَّالِثَة : إمَّا أَنْ يُمْسِك بِمَعْرُوفٍ , وَإِمَّا أَنْ يُسَرِّح بِإِحْسَانٍ . وَغَيْره قَالَهَا قَالَ : وَقَالَ مُجَاهِد : الرَّجُل أَمْلَك بِامْرَأَتِهِ فِي تَطْلِيقَتَيْنِ مِنْ غَيْره , فَإِذَا تَكَلَّمَ الثَّالِثَة فَلَيْسَتْ مِنْهُ بِسَبِيلٍ , وَتَعْتَدّ لِغَيْرِهِ . 3784 - حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِب , قَالَ : ثنا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ إسْمَاعِيل بْن سَمِيع , عَنْ أَبِي رَزِين , قَالَ : أَتَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُل فَقَالَ : يَا رَسُول اللَّه أَرَأَيْت قَوْله : { الطَّلَاق مَرَّتَانِ فَإِمْسَاك بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيح بِإِحْسَانٍ } فَأَيْنَ الثَّالِثَة ؟ قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إمْسَاك بِمَعْرُوفٍ , أَوْ تَسْرِيح بِإِحْسَانٍ ; هِيَ الثَّالِثَة " . * حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن سَعِيد , وَعَبْد الرَّحْمَن بْن مَهْدِيّ , قَالَا : ثنا سُفْيَان , عَنْ إسْمَاعِيل بْن سُمَيْع , عَنْ أَبِي رَزِين , قَالَ : جَاءَ رَجُل إلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُول اللَّه , الطَّلَاق مَرَّتَانِ , فَأَيْنَ الثَّالِثَة ؟ قَالَ : " إمْسَاك بِمَعْرُوفٍ , أَوْ تَسْرِيح بِإِحْسَانٍ " * حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيّ , عَنْ إسْمَاعِيل , عَنْ أَبِي رَزِين , قَالَ : قَالَ رَجُل : يَا رَسُول اللَّه , يَقُول اللَّه : { الطَّلَاق مَرَّتَانِ فَإِمْسَاك بِمَعْرُوفٍ } فَأَيْنَ الثَّالِثَة ؟ قَالَ : " التَّسْرِيح بِإِحْسَانٍ " . 3785 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ ابْن جُرَيْجٍ , عَنْ مُجَاهِد : { أَوْ تَسْرِيح بِإِحْسَانٍ } قَالَ فِي الثَّالِثَة . 3786 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إسْحَاق , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّزَّاق , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة قَالَ : كَانَ الطَّلَاق لَيْسَ لَهُ وَقْت حَتَّى أَنَزَلَ اللَّه : { الطَّلَاق مَرَّتَانِ } قَالَ : الثَّالِثَة : { إمْسَاك بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيح بِإِحْسَانٍ } . وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ : بَلْ عَنَى اللَّه بِذَلِكَ الدَّلَالَة عَلَى مَا يَلْزَمهُمْ لَهُنَّ بَعْد التَّطْلِيقَة الثَّانِيَة مِنْ مُرَاجَعَة بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيح بِإِحْسَانٍ , بِتَرْكِ رَجْعَتهنَّ حَتَّى تَنْقَضِي عِدَّتهنَّ , فَيَصِرْنَ أَمْلَك لِأَنْفُسِهِنَّ . وَأَنْكَرُوا قَوْل الْأَوَّلِينَ الَّذِينَ قَالُوا : إنَّهُ دَلِيل عَلَى التَّطْلِيقَة الثَّالِثَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3787 - حَدَّثَنِي مُوسَى , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ فِي قَوْله : ذَلِكَ : { فَإِمْسَاك بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيح بِإِحْسَانٍ } إذَا طَلَّقَ وَاحِدَة أَوْ اثْنَتَيْنِ , إمَّا أَنْ يُمْسِك - وَيُمْسِك : يُرَاجِع بِمَعْرُوفٍ - وَإِمَّا سَكَتَ عَنْهَا حَتَّى تَنْقَضِي عِدَّتهَا فَتَكُون أَحَقّ بِنَفْسِهَا . 3788 - حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا الْمُحَارِبِيّ , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك : { أَوْ تَسْرِيح بِإِحْسَانٍ } وَالتَّسْرِيح : أَنْ يَدَعهَا حَتَّى تَمْضِي عِدَّتهَا . 3789 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن أَبِي طَالِب , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك فِي قَوْله : { الطَّلَاق مَرَّتَانِ فَإِمْسَاك بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَصْرِيح بِإِحْسَانٍ } قَالَ : يَعْنِي تَطْلِيقَتَيْنِ بَيْنهمَا مُرَاجَعَة , فَأَمَرَ أَنْ يُمْسِك أَوْ يُسَرِّح بِإِحْسَانٍ . قَالَ : فَإِنْ هُوَ طَلَّقَهَا ثَالِثَة فَلَا تَحِلّ لَهُ حَتَّى تَنْكِح زَوْجًا غَيْره . وَكَأَنَّ قَائِلِي هَذَا الْقَوْل الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ السُّدِّيّ وَالضَّحَّاك ذَهَبُوا إلَى أَنَّ مَعْنَى الْكَلَام : الطَّلَاق مَرَّتَانِ , فَإِمْسَاك فِي كُلّ وَاحِدَة مِنْهُمَا لَهُنَّ بِمَعْرُوفٍ , أَوْ تَسْرِيح لَهُنَّ بِإِحْسَانٍ . وَهَذَا مَذْهَب مِمَّا يَحْتَمِلهُ ظَاهِر التَّنْزِيل لَوْلَا الْخَبَر الَّذِي ذَكَرْته عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , الَّذِي رَوَاهُ إسْمَاعِيل بْن سُمَيْع , عَنْ أَبِي رَزِين ; فَإِنَّ اتِّبَاع الْخَبَر عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْلَى بِنَا مِنْ غَيْره . فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ هُوَ الْوَاجِب , فَبَيِّن أَنَّ تَأْوِيل الْآيَة : الطَّلَاق الَّذِي لِأَزْوَاجِ النِّسَاء عَلَى نِسَائِهِمْ فِيهِ الرَّجْعَة مَرَّتَانِ , ثُمَّ الْأَمْر بَعْد ذَلِكَ إذَا رَاجَعُوهُنَّ فِي الثَّانِيَة , إمَّا إمْسَاك بِمَعْرُوفٍ , وَإِمَّا تَسْرِيح مِنْهُمْ لَهُنَّ بِإِحْسَانٍ بِالتَّطْلِيقَةِ الثَّالِثَة حَتَّى تَبِين مِنْهُمْ , فَتَبْطُل مَا كَانَ لَهُنَّ عَلَيْهِنَّ مِنْ الرَّجْعَة وَيَصِرْنَ أَمْلَك لِأَنْفُسِهِنَّ مِنْهُنَّ . فَإِنْ قَالَ قَائِل : وَمَا ذَلِكَ الْإِمْسَاك الَّذِي هُوَ بِمَعْرُوفٍ ؟ قِيلَ : هُوَ مَا : 3790 - حَدَّثَنَا بِهِ عَلِيّ بْن عَبْد الْأَعْلَى الْمُحَارِبِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد الْمُحَارِبِيّ , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك فِي قَوْله : { فَإِمْسَاك بِمَعْرُوفٍ } قَالَ : الْمَعْرُوف : أَنْ يُحْسِن صُحْبَتهَا . 3791 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ ابْن عَبَّاس : { فَإِمْسَاك بِمَعْرُوفٍ } قَالَ : لِيَتَّقِ اللَّه فِي التَّطْلِيقَة الثَّالِثَة , فَإِمَّا أَنْ يُمْسِكهَا بِمَعْرُوفٍ فَيُحْسِن صَحَابَتهَا . فَإِنْ قَالَ : فَمَا التَّسْرِيح بِإِحْسَانٍ ؟ قِيلَ : هُوَ مَا : 3792 - حَدَّثَنِي بِهِ الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ ابْن عَبَّاس : { أَوْ تَسْرِيح بِإِحْسَانٍ } قِيلَ : يُسَرِّحهَا , وَلَا يَظْلِمهَا مِنْ حَقّهَا شَيْئًا . 3793 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ ابْن عَبَّاس : { فَإِمْسَاك بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيح بِإِحْسَانٍ } قَالَ : هُوَ الْمِيثَاق الْغَلِيظ . 3794 - حَدَّثَنِي مُوسَى , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { أَوْ تَسْرِيح بِإِحْسَانٍ } قَالَ : الْإِحْسَان : أَنْ يُوَفِّيهَا حَقّهَا , فَلَا يُؤْذِيهَا , وَلَا يَشْتُمهَا . 3795 - حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد الْمُحَارِبِيّ , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك : { أَوْ تَسْرِيح بِإِحْسَانٍ } قَالَ : التَّسْرِيح بِإِحْسَانٍ : أَنْ يَدَعهَا حَتَّى تَمْضِي عِدَّتهَا , وَيُعْطِيهَا مَهْرًا إنْ كَانَ لَهَا عَلَيْهِ إذَا طَلَّقَهَا . فَذَلِكَ التَّسْرِيح بِإِحْسَانٍ , وَالْمُتْعَة عَلَى قَدْر الْمَيْسَرَة . 3796 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سُوَيْد بْن نَصْر , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن الْمُبَارَك , عَنْ ابْن جُرَيْجٍ , عَنْ عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ , عَنْ ابْن عَبَّاس فِي قَوْله : { وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا } 4 21 قَالَ قَوْله : { فَإِمْسَاك بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيح بِإِحْسَانٍ } فَإِنْ قَالَ : فَمَا الرَّافِع لِلْإِمْسَاكِ وَالتَّسْرِيح ؟ قِيلَ : مَحْذُوف اُكْتُفِيَ بِدَلَالَةِ مَا ظَهَرَ مِنْ الْكَلَام مِنْ ذِكْره , وَمَعْنَاهُ : الطَّلَاق مَرَّتَانِ , فَالْأَمْر الْوَاجِب حِينَئِذٍ بِهِ إمْسَاك بِمَعْرُوفٍ , أَوْ تَسْرِيح بِإِحْسَانٍ . وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ مُفَسَّرًا فِي قَوْله : { فَاتِّبَاع بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إلَيْهِ بِإِحْسَانٍ } 2 178 فَأَغْنَى ذَلِكَ عَنْ إعَادَته فِي هَذَا الْمَوْضِع .

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَا يَحِلّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا أَتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا } يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ : { وَلَا يَحِلّ لَكُمْ أَنَّ تَأْخُذُوا مِمَّا أَتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا } وَلَا يَحِلّ لَكُمْ أَيّهَا الرِّجَال أَنْ تَأْخُذُوا مِنْ نِسَائِكُمْ إذَا أَنْتُمْ أَرَدْتُمْ طَلَاقهنَّ بِطَلَاقِكُمْ وَفِرَاقكُمْ إيَّاهُنَّ شَيْئًا مِمَّا أَعْطَيْتُمُوهُنَّ مِنْ الصَّدَاق , وَسُقْتُمْ إلَيْهِنَّ , بَلْ الْوَاجِب عَلَيْكُمْ تَسْرِيحهنَّ بِإِحْسَانٍ , وَذَلِكَ إيفَادهنَّ حُقُوقهنَّ مِنْ الصَّدَاق وَالْمُتْعَة وَغَيْر ذَلِكَ مِمَّا يَجِب لَهُنَّ عَلَيْكُمْ إلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُود اللَّه . وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَهُ بَعْضهمْ : { إلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُود اللَّه } وَذَلِكَ قِرَاءَة عُظْم أَهْل الْحِجَاز وَالْبَصْرَة بِمَعْنَى إلَّا أَنْ يَخَاف الرَّجُل


وَالْمَرْأَة أَنْ لَا يُقِيمَا حُدُود اللَّه , وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي قِرَاءَة أُبَيّ بْن كَعْب : " إلَّا أَنْ يَظُنَّا أَلَّا يُقِيمَا حُدُود اللَّه " . 3797 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , قَالَ : أَخْبَرَنِي ثَوْر , عَنْ مَيْمُون بْن مِهْرَان , قَالَ : فِي حَرْف أُبَيّ بْن كَعْب إنَّ الْفِدَاء تَطْلِيقَة . قَالَ : فَذَكَرْت ذَلِكَ لِأَيُّوبِ , فَأَتَيْنَا رَجُلًا عِنْده مُصْحَف قَدِيم لِأُبَيّ خَرَجَ مِنْ ثِقَة , فَقَرَأْنَاهُ فَإِذَا فِيهِ : " إلَّا أَنْ يَظُنَّا أَلَّا يُقِيمَا حُدُود اللَّه , فَإِنْ ظَنَّا أَلَّا يُقِيمَا حُدُود اللَّه فَلَا جُنَاح عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ " : لَا تَحِلّ لَهُ مِنْ بَعْد حَتَّى تَنْكِح زَوْجًا غَيْره . وَالْعَرَب قَدْ تَضَع الظَّنّ مَوْضِع الْخَوْف وَالْخَوْف مَوْضِع الظَّنّ فِي كَلَامهَا لِتَقَارُبِ مَعْنَيَيْهِمَا , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : أَتَانِي كَلَام عَنْ نُصِيب يَقُولهُ وَمَا خِفْت يَا سَلَّام أَنَّك عَائِبِي بِمَعْنَى : مَا ظَنَنْت . وَقَرَأَهُ آخَرُونَ مِنْ أَهْل الْمَدِينَة وَالْكُوفَة : " إلَّا أَنْ يُخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُود اللَّه " فَأَمَّا قَارِئ ذَلِكَ كَذَلِكَ مِنْ أَهْل الْكُوفَة , فَإِنَّهُ ذَكَرَ عَنْهُ أَنَّهُ قَرَأَهُ كَذَلِكَ اعْتِبَارًا مِنْهُ بِقِرَاءَةِ ابْن مَسْعُود , وَذَكَرَ أَنَّهُ فِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود : " إلَّا أَنْ تَخَافُوا أَلَّا يُقِيمَا حُدُود اللَّه " وَقِرَاءَة ذَلِكَ كَذَلِكَ اعْتِبَارًا بِقِرَاءَةِ ابْن مَسْعُود الَّتِي ذُكِرَتْ عَنْهُ خَطَأ ; وَذَلِكَ أَنَّ ابْن مَسْعُود إنْ كَانَ قَرَأَهُ كَمَا ذَكَرَ عَنْهُ , فَإِنَّمَا أَعْمَلَ الْخَوْف فِي " أَنْ " وَحْدهَا , وَذَلِكَ غَيْر مَدْفُوعَة صِحَّته , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : إذَا مِتّ فَادْفِنِّي إلَى جَنْب كَرْمَة تُرَوِّي عِظَامِي بَعْد مَوْتِي عُرُوقهَا وَلَا تَدْفِنَنِّي بِالْفَلَاةِ فَإِنَّنِي أَخَاف إذَا مَا مِتّ أَنْ لَا أَذُوقهَا فَأَمَّا قَارِئُهُ إلَّا أَنْ يَخَافَا بِذَلِكَ الْمَعْنَى , فَقَدْ أَعْمَلَ فِي مَتْرُوكَة تَسْمِيَته وَفِي " أَنْ " , فَأَعْمَلَهُ فِي ثَلَاثَة أَشْيَاء : الْمَتْرُوك الَّذِي هُوَ اسْم مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِله , وَفِي أَنَّ الَّتِي تَنُوب عَنْ شَيْئَيْنِ , وَلَا تَقُول الْعَرَب فِي كَلَامهَا ظَنَّا أَنْ يَقُومَا , لَكِنْ قِرَاءَة ذَلِكَ كَذَلِكَ صَحِيحَة عَلَى غَيْر الْوَجْه الَّذِي قَرَأَهُ مَنْ ذَكَرْنَا قِرَاءَته كَذَلِكَ اعْتِبَارًا بِقِرَاءَةِ عَبْد اللَّه الَّذِي وَصَفْنَا , وَلَكِنْ عَلَى أَنْ يَكُون مُرَادًا بِهِ إذَا قُرِئَ كَذَلِكَ . إلَّا أَنْ يَخَاف بِأَنْ لَا يُقِيمَا حُدُود اللَّه , أَوْ عَلَى أَنْ لَا يُقِيمَا حُدُود اللَّه , فَيَكُون الْعَامِل فِي أَنَّ غَيْر الْخَوْف , وَيَكُون الْخَوْف عَامِلًا فِيمَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِله . وَذَلِكَ هُوَ الصَّوَاب عِنْدنَا فِي الْقِرَاءَة لِدَلَالَةِ مَا بَعْده عَلَى صِحَّته , وَهُوَ قَوْله : { فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُود اللَّه } فَكَانَ بَيِّنًا أَنَّ الْأَوَّل بِمَعْنَى : إلَّا أَنْ تَخَافُوا أَنْ لَا يُقِيمَا حُدُود اللَّه . فَإِنْ قَالَ قَائِل : وَأَيَّة حَال الْحَال الَّتِي يَخَاف عَلَيْهِمَا أَنْ لَا يُقِيمَا حُدُود اللَّه حَتَّى يَجُوز لِلرَّجُلِ أَنْ يَأْخُذ حِينَئِذٍ مِنْهَا مَا آتَاهَا ؟ قِيلَ : حَال نُشُوزهَا وَإِظْهَارهَا لَهُ بِغْضَته , حَتَّى يَخَاف عَلَيْهَا تَرْك طَاعَة اللَّه فِيمَا لَزِمَهَا لِزَوْجِهَا مِنْ الْحَقّ , وَيَخَاف عَلَى زَوْجهَا بِتَقْصِيرِهَا فِي أَدَاء حُقُوقه الَّتِي أَلْزَمَهَا اللَّه لَهُ تَرْكه أَدَاء الْوَاجِب لَهَا عَلَيْهِ , فَذَلِكَ حِين الْخَوْف عَلَيْهِمَا أَنْ لَا يُقِيمَا حُدُود اللَّه فَيُطِيعَاهُ فِيمَا أَلْزَمَ كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ , وَالْحَال الَّتِي أَبَاحَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِثَابِتِ بْن قَيْس بْن شَمَّاس أَخَذَ مَا كَانَ أَتَى زَوْجَته إذْ نَشَزَتْ عَلَيْهِ بُغْضًا مِنْهَا لَهُ . كَمَا : 3798 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا الْمُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان , قَالَ : قَرَأْت عَلَى فُضَيْل , عَنْ أَبِي جَرِير أَنَّهُ سَأَلَ عِكْرِمَة , هَلْ كَانَ لِلْخُلْعِ أَصْل ؟ قَالَ : كَانَ ابْن عَبَّاس يَقُول : إنَّ أَوَّل خُلْع كَانَ فِي الْإِسْلَام أُخْت عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ , أَنَّهَا أَتَتْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ : يَا رَسُول اللَّه لَا يَجْمَع رَأْسِي وَرَأْسه شَيْء أَبَدًا ! إنِّي رَفَعْت جَانِب الْخِبَاء فَرَأَيْته أَقْبَلَ فِي عِدَّة , فَإِذَا هُوَ أَشَدّهمْ سَوَادًا وَأَقْصَرهمْ قَامَة وَأَقْبَحهمْ وَجْهًا . قَالَ زَوْجهَا : يَا رَسُول اللَّه إنِّي أَعْطَيْتهَا أَفَضْل مَالِي حَدِيقَة فَلْتَرُدَّ عَلَيَّ حَدِيقَتِي ! قَالَ : " مَا تَقُولِينَ ؟ " قَالَتْ : نَعَمْ , وَإِنْ شَاءَ زِدْته قَالَ : فَفَرَّقَ بَيْنهمَا . 3799 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن مَعْمَر , قَالَ : ثنا أَبُو عَامِر , قَالَ : ثنا أَبُو عَمْرو السَّدُوسِيّ , عَنْ عَبْد اللَّه , يَعْنِي ابْن أَبِي بَكْر , عَنْ عَمْرَة عَنْ عَائِشَة : أَنَّ حَبِيبَة بِنْت سَهْل كَانَتْ تَحْت ثَابِت بْن قَيْس بْن شَمَّاس , فَضَرَبَهَا فَكَسَرَ بَعْضهَا , فَأَتَتْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْد الصُّبْح , فَاشْتَكَتْهُ , فَدَعَا رَسُول اللَّه ثَابِتًا , فَقَالَ : " خُذْ بَعْض مَالهَا وَفَارِقْهَا ! " قَالَ : وَيَصْلُح ذَلِكَ يَا رَسُول اللَّه ؟ قَالَ : " نَعَمْ " , قَالَ : فَإِنِّي أَصَدَقْتهَا حَدِيقَتَيْنِ وَهُمَا بِيَدِهَا . فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " خُذْهُمَا وَفَارِقْهَا ! " فَفَعَلَ . 3800 - حَدَّثَنَا أَبُو يَسَار , قَالَ : ثنا رَوْح , قَالَ : ثنا مَالِك , عَنْ يَحْيَى , عَنْ عَمْرَة أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ عَنْ حَبِيبَة بِنْت سَهْل الْأَنْصَارِيَّة : أَنَّهَا كَانَتْ تَحْت ثَابِت بْن قَيْس بْن شِمَاس , وَأَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَآهَا عِنْد بَابه بِالْغَلَسِ , فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " مَنْ هَذِهِ ؟ " قَالَتْ : أَنَا حَبِيبَة بِنْت سَهْل , لَا أَنَا وَلَا ثَابِت بْن قَيْس ! لِزَوْجِهَا . فَلَمَّا جَاءَ ثَابِت قَالَ لَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَهَذِهِ حَبِيبَة بِنْت سَهْل تَذْكُر مَا شَاءَ اللَّه أَنْ تَذْكُر " . فَقَالَتْ حَبِيبَة : يَا رَسُول اللَّه كُلّ مَا أَعْطَانِيهِ عِنْدِي . فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " خُذْ مِنْهَا ! " فَأَخَذَ مِنْهَا وَجَلَسَتْ فِي بَيْتهَا . 3801 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثنا الْحَسَن بْن وَاقِد , عَنْ ثَابِت , عَنْ عَبْد اللَّه بْن رَبَاح , عَنْ جَمِيلَة بِنْت أُبَيّ ابْن سَلُول , أَنَّهَا كَانَتْ عِنْد ثَابِت بْن قَيْس فَنَشَزَتْ عَلَيْهِ , فَأَرْسَلَ إلَيْهَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : " يَا جَمِيلَة مَا كَرِهْت مِنْ ثَابِت ؟ " قَالَتْ : وَاَللَّه مَا كَرِهْت مِنْهُ دِينًا وَلَا خُلُقًا , إلَّا أَنِّي كَرِهْت دَمَامَته . فَقَالَ لَهَا : " أَتَرُدِّينَ الْحَدِيقَة ؟ " قَالَتْ : نَعَمْ ! فَرُدَّتْ الْحَدِيقَة وَفَرَّقَ بَيْنهمَا . وَقَدْ ذَكَرَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ فِي شَأْنهمَا , أَعْنِي فِي شَأْن ثَابِت بْن قَيْس وَزَوْجَته هَذِهِ . 3802 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا حَجَّاج , عَنْ ابْن جُرَيْجٍ , قَالَ : نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِي ثَابِت بْن قَيْس وَفِي حَبِيبَة , قَالَ : وَكَانَتْ اشْتَكَتْهُ إلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَته ؟ " فَقَالَتْ : نَعَمْ ! فَدَعَاهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ , فَقَالَ : وَيَطِيب لِي ذَلِكَ ؟ قَالَ : " نَعَمْ " , قَالَ ثَابِت : وَقَدْ فَعَلْت فَنَزَلَتْ : { وَلَا يَحِلّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُود اللَّه فَإِنَّ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُود اللَّه فَلَا جُنَاح عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُود اللَّه فَلَا تَعْتَدُوهَا } . وَأَمَّا أَهْل التَّأْوِيل فَإِنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى الْخَوْف مِنْهُمَا أَنْ لَا يُقِيمَا حُدُود اللَّه , فَقَالَ بَعْضهمْ : ذَلِكَ هُوَ أَنْ يَظْهَر مِنْ الْمَرْأَة سُوء الْخُلُق وَالْعِشْرَة لِزَوْجِهَا , فَإِذَا ظَهَرَ ذَلِكَ مِنْهَا لَهُ , حَلَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذ مَا أَعْطَتْهُ مِنْ فِدْيَة عَلَى فِرَاقهَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3803 - حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن دَاوُد , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ ابْن عَبَّاس : { وَلَا يَحِلّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا } إلَّا أَنْ يَكُون النُّشُوز وَسُوء الْخُلُق مِنْ قَبْلهَا , فَتَدْعُوك إلَى أَنْ تَفْتَدِي مِنْك , فَلَا جُنَاح عَلَيْك فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ . 3804 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , قَالَ : قَالَ ابْن جُرَيْجٍ : أَخْبَرَنِي هِشَام بْن عُرْوَة أَنَّ عُرْوَة كَانَ يَقُول : لَا يَحِلّ الْفِدَاء حَتَّى يَكُون الْفَسَاد مِنْ قَبْلهَا , وَلَمْ يَكُنْ يَقُول : لَا يَحِلّ لَهُ حَتَّى تَقُول : لَا أَبَرّ لَك قَسَمًا , وَلَا أَغْتَسِل لَك مِنْ جَنَابَة . 3805 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , عَنْ ابْن جُرَيْجٍ , قَالَ : أَخْبَرَنِي عَمْرو بْن دِينَار , قَالَ : قَالَ جَابِر بْن زَيْد : إذَا كَانَ النَّشَز مِنْ قَبْلهَا حَلَّ الْفِدَاء . - حَدَّثَنَا الرَّبِيع بْن سُلَيْمَان , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : ثني ابْن أَبِي الزِّنَاد , عَنْ هِشَام بْن عُرْوَة أَنَّ أَبَاهُ كَانَ يَقُول إذَا كَانَ سُوء الْخُلُق وَسُوء الْعِشْرَة مِنْ قِبَل الْمَرْأَة فَذَاكَ يُحِلّ خَلْعهَا . * حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن سَهْل , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن كَثِير , عَنْ حَمَّاد , عَنْ هِشَام , عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ : لَا يَصْلُح الْخُلْع , حَتَّى يَكُون الْفَسَاد مِنْ قِبَل الْمَرْأَة . 3806 - حَدَّثَنَا عَبْد الْحَمِيد بْن بَيَان القناد , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن يَزِيد , عَنْ إسْمَاعِيل , عَنْ عَامِر فِي امْرَأَة قَالَتْ لَزَوْجهَا : لَا أَبِرّ لَك قَسَمًا , وَلَا أُطِيع لَك أَمْرًا , وَلَا أَغْتَسِل لَك مِنْ جَنَابَة . قَالَ : مَا هَذَا ؟ وَحَرَّكَ يَده , لَا أَبَرّ لَك قَسَمًا , وَلَا أُطِيع لَك أَمْرًا ! إذَا كَرِهَتْ الْمَرْأَة زَوْجهَا فَلْيَأْخُذْهُ وَلْيَتْرُكْهَا . 3807 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَهَّاب , قَالَ : ثنا أَيُّوب , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر أَنَّهُ قَالَ فِي الْمُخْتَلِعَة : يَعِظهَا , فَإِنْ انْتَهَتْ وَإِلَّا هَجَرَهَا , فَإِنْ انْتَهَتْ وَإِلَّا ضَرَبَهَا , فَإِنْ انْتَهَتْ وَإِلَّا رَفَعَ أَمْرهَا إلَى السُّلْطَان , فَيَبْعَث حَكَمًا مِنْ أَهْله وَحَكَمًا مِنْ أَهْلهَا , فَيَقُول الْحَكَم الَّذِي مِنْ أَهْلهَا : تَفْعَل بِهَا كَذَا وَتَفْعَل بِهَا كَذَا , وَيَقُول الْحَكَم الَّذِي مِنْ أَهْله : تَفْعَل بِهِ كَذَا وَتَفْعَل بِهِ كَذَا , فَأَيّهمَا كَانَ أَظْلَم رَدَّهُ السُّلْطَان وَأَخَذَ فَوْق يَده , وَإِنْ كَانَتْ نَاشِزًا أَمَرَهُ أَنْ يَخْلَع . 3808 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إسْحَاق , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع فِي قَوْله : { الطَّلَاق مَرَّتَانِ فَإِمْسَاك بِمَعْرُوفٍ } إلَى قَوْله : { فَلَا جُنَاح عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ } قَالَ : إذَا كَانَتْ الْمَرْأَة رَاضِيَة مُغْتَبِطَة مُطِيعَة , فَلَا مَحِلّ لَهُ أَنْ يَضْرِبهَا , حَتَّى تَفْتَدِي مِنْهُ , فَإِنْ أَخَذَ مِنْهَا شَيْئًا عَلَى ذَلِكَ , فَمَا أَخَذَ مِنْهَا فَهُوَ حَرَام , وَإِذَا كَانَ النُّشُوز وَالْبُغْض وَالظُّلْم مِنْ قِبَلهَا , فَقَدْ حَلَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذ مِنْهَا مَا افْتَدَتْ بِهِ . 3809 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ الزُّهْرِيّ فِي قَوْله : { وَلَا يَحِلّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُود اللَّه } قَالَ : لَا يَحِلّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَخْلَع امْرَأَته إلَّا أَنْ يَرَى ذَلِكَ مِنْهَا , فَأَمَّا أَنْ يَكُون يُضَارّهَا حَتَّى تَخْتَلِع , فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَصْلُح , وَلَكِنْ إذَا نَشَزَتْ فَأَظْهَرَتْ لَهُ الْبَغْضَاء , وَأَسَاءَتْ عِشْرَته , فَقَدْ حَلَّ لَهُ خُلْعهَا . 3810 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن أَبِي طَالِب , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك فِي قَوْله : { وَلَا يَحِلّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا } قَالَ : الصَّدَاق { إلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُود اللَّه } وَحُدُود اللَّه أَنْ تَكُون الْمَرْأَة نَاشِزَة , فَإِنَّ اللَّه أَمَرَ الزَّوْج أَنْ يَعِظهَا بِكِتَابِ اللَّه , فَإِنْ قَبِلَتْ وَإِلَّا هَجَرَهَا , وَالْهِجْرَان أَنْ لَا يُجَامِعهَا وَلَا يُضَاجِعهَا عَلَى فِرَاش وَاحِد وَيُوَلِّيهَا ظَهْره وَلَا يُكَلِّمهَا , فَإِنْ أَبَتْ غَلَّظَ عَلَيْهَا الْقَوْل بِالشَّتِيمَةِ لِتَرْجِع إلَى طَاعَته , فَإِنْ أَبَتْ فَالضَّرْب ضَرْب غَيْر مُبَرِّح , فَإِنْ أَبَتْ إلَّا جِمَاحًا فَقَدْ حَلَّ لَهُ مِنْهَا الْفِدْيَة . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ الْخَوْف مِنْ ذَلِكَ أَنْ لَا تَبِرّ لَهُ قَسَمًا وَلَا تُطِيع لَهُ أَمْرًا , وَتَقُول : لَا أَغْتَسِل لَك مِنْ جَنَابَة وَلَا أُطِيع لَك أَمْرًا , فَحِينَئِذٍ يَحِلّ لَهُ عِنْدهمْ أَخْذ مَا آتَاهَا عَلَى فِرَاقه إيَّاهَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3811 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا الْمُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : قَالَ الْحَسَن : إذَا قَالَتْ : لَا أَغْتَسِل لَك مِنْ جَنَابَة , وَلَا أَبَرّ لَك قَسَمًا , وَلَا أُطِيع لَك أَمْرًا , فَحِينَئِذٍ حَلَّ الْخُلْع . * حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : إذَا قَالَتْ الْمَرْأَة لِزَوْجِهَا : لَا أَبَرّ لَك قَسَمًا , وَلَا أُطِيع لَك أَمْرًا , وَلَا أَغْتَسِل لَك مِنْ جَنَابَة , وَلَا أُقِيم حَدًّا مِنْ حُدُود اللَّه , فَقَدْ حَلَّ لَهُ مَالهَا . 3812 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا هَارُونَ بْن الْمُغِيرَة , عَنْ عَنْبَسَة , عَنْ مُحَمَّد بْن سَالِم , قَالَ : سَأَلْت الشَّعْبِيّ , قُلْت : مَتَى يَحِلّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَأْخُذ مِنْ مَال امْرَأَته ؟ قَالَ : إذَا أَظْهَرَتْ بُغْضه وَقَالَتْ : لَا أَبَرّ لَك قَسَمًا وَلَا أُطِيع لَك أَمْرًا . 3813 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ الشَّعْبِيّ أَنَّهُ كَانَ يَعْجَب مِنْ قَوْل مَنْ يَقُول : لَا تَحِلّ الْفِدْيَة حَتَّى تَقُول : لَا أَغْتَسِل لَك مِنْ جَنَابَة . وَقَالَ : إنَّ الزَّانِي يَزْنِي ثُمَّ يَغْتَسِل . 3814 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ حَمَّاد , عَنْ إبْرَاهِيم فِي النَّاشِز , قَالَ : إنَّ الْمَرْأَة رُبَّمَا عَصَتْ زَوْجهَا , ثُمَّ أَطَاعَته , وَلَكِنْ إذَا عَصَتْهُ فَلَمْ تَبَرّ قَسَمه , فَعِنْد ذَلِكَ تَحِلّ الْفِدْيَة . 3815 - حَدَّثَنِي مُوسَى , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { وَلَا يَحِلّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا } لَا يَحِلّ لَهُ أَنْ يَأْخُذ مِنْ مَهْرهَا شَيْئًا { إلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُود اللَّه } فَإِذَا لَمْ يُقِيمَا حُدُود اللَّه , فَقَدْ حَلَّ لَهُ الْفِدَاء , وَذَلِكَ أَنْ تَقُول : وَاَللَّه لَا أَبَرّ لَك قَسَمًا , وَلَا أُطِيع لَك أَمْرًا , وَلَا أُكْرِم لَك نَفْسًا , وَلَا أَغْتَسِل لَك مِنْ جَنَابَة . فَهُوَ حُدُود اللَّه , فَإِذَا قَالَتْ الْمَرْأَة ذَلِكَ فَقَدْ حَلَّ الْفِدَاء لِلزَّوْجِ أَنْ يَأْخُذهُ وَيُطَلِّقهَا . 3816 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , قَالَ : ثنا عَنْبَسَة , عَنْ عَلِيّ بْن بَذِيمَة , عَنْ مِقْسَم فِي قَوْله : { وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ } 4 19 يَقُول : " إلَّا أَنْ يُفْحِشْنَ " فِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود , قَالَ إذَا عَصَتْك وَآذَتْك , فَقَدْ حَلَّ لَك مَا أَخَذْت مِنْهَا . 3817 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ ابْن جُرَيْجٍ , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : { وَلَا يَحِلّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا } قَالَ : الْخُلْع , قَالَ : وَلَا يَحِلّ لَهُ إلَّا أَنْ تَقُول الْمَرْأَة لَا أَبَرّ قَسَمه وَلَا أُطِيع أَمْره , فَيَقْبَلهُ خِيفَة أَنْ يُسِيء إلَيْهَا إنْ أَمْسَكَهَا , وَيَتَعَدَّى الْحَقّ . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ الْخَوْف مِنْ ذَلِكَ أَنْ تَبْتَدِئ لَهُ بِلِسَانِهَا قَوْلًا أَنَّهَا لَهُ كَارِهَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3818 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الْحَكَم الْمِصْرِيّ , قَالَ : ثنا أَبِي وَشُعَيْب بْن اللَّيْث , عَنْ اللَّيْث , عَنْ أَيُّوب بْن مُوسَى , عَنْ عَطَاء بْن أَبِي رَبَاح , قَالَ : يَحِلّ الْخُلْع أَنْ تَقُول الْمَرْأَة لِزَوْجِهَا : إنِّي لَأَكْرَهك , وَمَا أُحِبّك , وَلَقَدْ خَشِيت أَنْ أَنَام فِي جَنْبك وَلَا أُؤَدِّي حَقّك . وَتَطِيب نَفْسك بِالْخُلْعِ . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ الَّذِي يُبِيح لَهُ أَخْذ الْفِدْيَة أَنْ يَكُون خَوْف أَنْ لَا يُقِيمَا حُدُود اللَّه مِنْهُمَا جَمِيعًا لِكَرَاهَةِ كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا صُحْبَة الْآخَر . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3819 - حَدَّثَنَا حُمَيْد بْن مَسْعَدَةَ قَالَ : ثنا بِشْر بْن الْمُفَضَّل قَالَ : ثنا دَاوُد , عَنْ عَامِر , حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , عَنْ دَاوُد , قَالَ : قَالَ عَامِر : أُحِلَّ لَهُ مَالهَا بِنُشُوزِهِ وَنُشُوزهَا . 3820 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , قَالَ : قَالَ ابْن جُرَيْجٍ , قَالَ : طَاوُس : يَحِلّ لَهُ الْفِدَاء مَا قَالَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره , وَلَمْ يَكُنْ يَقُول قَوْل السُّفَهَاء : لَا أَبَرّ لَك قَسَمًا , وَلَكِنْ يَحِلّ لَهُ الْفِدَاء مَا قَالَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره : { إلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُود اللَّه } فِيمَا افْتَرَضَ لِكُلِّ وَاحِد مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبه فِي الْعِشْرَة وَالصُّحْبَة . 3821 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , عَنْ مُحَمَّد بْن إسْحَاق , قَالَ : سَمِعْت الْقَاسِم بْن مُحَمَّد يَقُول : { إلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُود اللَّه } قَالَ : فِيمَا افْتَرَضَ اللَّه عَلَيْهِمَا فِي الْعِشْرَة وَالصُّحْبَة . 3822 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني اللَّيْث , قَالَ : ثني ابْن شِهَاب , قَالَ : أَخْبَرَنِي سَعِيد بْن الْمُسَيِّب , قَالَ : لَا يَحِلّ الْخُلْع حَتَّى يَخَافَا أَنْ لَا يُقِيمَا حُدُود اللَّه فِي الْعِشْرَة الَّتِي بَيْنهمَا . وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَال بِالصِّحَّةِ قَوْل مَنْ قَالَ : لَا يَحِلّ لِلرَّجُلِ أَخْذ الْفِدْيَة مِنْ امْرَأَته عَلَى فِرَاقه إيَّاهَا , حَتَّى يَكُون خَوْف مَعْصِيَة اللَّه مِنْ كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا عَلَى نَفْسه فِي تَفْرِيطه فِي الْوَاجِب عَلَيْهِ لِصَاحِبِهِ مِنْهُمَا جَمِيعًا , عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ طَاوُس وَالْحَسَن وَمِنْ قَالَ فِي ذَلِكَ قَوْلهمَا ; لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره إنَّمَا أَبَاحَ لِلزَّوْجِ أَخْذ الْفِدْيَة مِنْ امْرَأَته عِنْد خَوْف الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِمَا أَنْ لَا يُقِيمَا حُدُود اللَّه . فَإِنْ قَالَ قَائِل : فَإِنْ كَانَ الْأَمْر عَلَى مَا وَصَفْت فَالْوَاجِب أَنْ يَكُون حَرَامًا عَلَى الرَّجُل قَبُول الْفِدْيَة مِنْهَا إذَا كَانَ النُّشُوز مِنْهَا دُونه , حَتَّى يَكُون مِنْهُ مِنْ الْكَرَاهَة لَهَا مِثْل الَّذِي يَكُون مِنْهَا لَهُ ؟ قِيلَ لَهُ : إنَّ الْأَمْر فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا ظَنَنْت , وَذَلِكَ أَنَّ فِي نُشُوزهَا عَلَيْهِ دَاعِيَة لَهُ إلَى التَّقْصِير فِي وَاجِبهَا وَمُجَازَاتهَا بِسُوءِ فِعْلهَا بِهِ , وَذَلِكَ هُوَ الْمَعْنَى الَّذِي يُوجِب لِلْمُسْلِمِينَ الْخَوْف عَلَيْهِمَا أَنْ لَا يُقِيمَا حُدُود اللَّه . فَأَمَّا إذَا كَانَ التَّفْرِيط مِنْ كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا فِي وَاجِب حَقّ صَاحِبه قَدْ وُجِدَ وَسُوء الصُّحْبَة وَالْعِشْرَة قَدْ ظَهَرَ لِلْمُسْلِمِينَ , فَلَيْسَ هُنَاكَ لِلْخَوْفِ مَوْضِع , إذْ كَانَ الْمَخُوف قَدْ وُجِدَ , وَإِنَّمَا يَخَاف وُقُوع الشَّيْء قَبْل حُدُوثه , فَأَمَّا بَعْد حُدُوثه فَلَا وَجْه لِلْخَوْفِ مِنْهُ وَلَا الزِّيَادَة فِي مَكْرُوهه .

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُود اللَّه } اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُود اللَّه } الَّتِي إذَا خِيفَ مِنْ الزَّوْج وَالْمَرْأَة أَنْ لَا يُقِيمَاهَا حَلَّتْ لَهُ الْفِدْيَة مِنْ أَجْل الْخَوْف عَلَيْهِمَا بِصَنِيعِهَا , فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ اسْتِخْفَاف الْمَرْأَة بِحَقِّ زَوْجهَا وَسُوء طَاعَتهَا إيَّاهُ , وَأَذَاهَا لَهُ بِالْكَلَامِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3823 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ ابْن عَبَّاس : { فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُود اللَّه فَلَا جُنَاح عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ } قَالَ : هُوَ تَرْكهَا إقَامَة حُدُود اللَّه , وَاسْتِخْفَافهَا بِحَقِّ زَوْجهَا , وَسُوء خُلُقهَا , فَتَقُول لَهُ : وَاَللَّه لَا أَبَرّ لَك قَسَمًا , وَلَا أَطَأ لَك مَضْجَعًا , وَلَا أُطِيع لَك أَمْرًا ; فَإِنْ فَعَلَتْ ذَلِكَ فَقَدْ حَلَّ لَهُ مِنْهَا الْفِدْيَة . 3824 - حَدَّثَنَا أَبُو

كُرَيْب , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن أَبِي زَائِدَة , عَنْ يَزِيد بْن إبْرَاهِيم , عَنْ الْحَسَن فِي قَوْله : { فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُود اللَّه فَلَا جُنَاح عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ } قَالَ : إذَا قَالَتْ : لَا أَغْتَسِل لَك مِنْ جَنَابَة حَلَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذ مِنْهَا . 3825 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حِبَّان بْن مُوسَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن الْمُبَارَك , قَالَ : ثنا يُونُس , عَنْ الزُّهْرِيّ قَالَ : يَحِلّ الْخُلْع حِين يَخَافَا أَنْ لَا يُقِيمَا حُدُود اللَّه , وَأَدَاء حُدُود اللَّه فِي الْعِشْرَة الَّتِي بَيْنهمَا . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : فَإِنْ خِفْتُمْ أَنْ لَا يُطِيعَا اللَّه . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3826 - حَدَّثَنَا سُفْيَان بْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ إسْرَائِيل , عَنْ عَامِر : { فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُود اللَّه } قَالَا : أَنْ لَا يُطِيعَا اللَّه . 3827 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَال
فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَسورة البقرة الآية رقم 230
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلّ لَهُ مِنْ بَعْد حَتَّى تَنْكِح زَوْجًا غَيْره } اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِيمَا دَلَّ عَلَيْهِ هَذَا الْقَوْل مِنْ اللَّه تَعَالَى ذِكْره ; فَقَالَ بَعْضهمْ : دَلَّ عَلَى أَنَّهُ إنْ طَلَّقَ الرَّجُل امْرَأَته التَّطْلِيقَة الثَّالِثَة بَعْد التَّطْلِيقَتَيْنِ اللَّتَيْنِ قَالَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره فِيهِمَا : { الطَّلَاق مَرَّتَانِ } فَإِنَّ امْرَأَته تِلْكَ لَا تَحِلّ لَهُ بَعْد التَّطْلِيقَة الثَّالِثَة حَتَّى تَنْكِح زَوْجًا غَيْره , يَعْنِي بِهِ غَيْر الْمُطَلِّق . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3856 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد

بْن زُرَيْعٍ , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : جَعَلَ اللَّه الطَّلَاق ثَلَاثًا , فَإِذَا طَلَّقَهَا وَاحِدَة فَهُوَ أَحَقّ بِهَا مَا لَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّة , وَعِدَّتهَا ثَلَاث حِيَض , فَإِنْ انْقَضَتْ الْعِدَّة قَبْل أَنْ يَكُون رَاجَعَهَا فَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ , وَصَارَتْ أَحَقّ بِنَفْسِهَا , وَصَارَ خَاطِبًا مِنْ الْخَطَّاب , فَكَانَ الرَّجُل إذَا أَرَادَ طَلَاق أَهْله نَظَرَ حَيْضَتهَا , حَتَّى إذَا طَهُرَتْ طَلَّقَهَا تَطْلِيقَة فِي قُبْل عِدَّتهَا عِنْد شَاهِدَيْ عَدْل , فَإِنْ بَدَا لَهُ مُرَاجَعَتهَا رَاجَعَهَا مَا كَانَتْ فِي عِدَّتهَا , وَإِنْ تَرَكَهَا حَتَّى تَنْقَضِي عِدَّتهَا فَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ بِوَاحِدَةٍ , وَإِنْ بَدَا لَهُ طَلَاقهَا بَعْد الْوَاحِدَة وَهِيَ فِي عِدَّتهَا نَظَرَ حَيْضَتهَا , حَتَّى إذَا طَهُرَتْ طَلَّقَهَا تَطْلِيقَة أُخْرَى فِي قُبْل عِدَّتهَا , فَإِنْ بَدَا لَهُ مُرَاجَعَتهَا رَاجَعَهَا , فَكَانَتْ عِنْده عَلَى وَاحِدَة , وَإِنْ بَدَا لَهُ طَلَاقهَا طَلَّقَهَا الثَّالِثَة عِنْد طُهْرهَا , فَهَذِهِ الثَّالِثَة الَّتِي قَالَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره : { فَلَا تَحِلّ لَهُ مِنْ بَعْد حَتَّى تَنْكِح زَوْجًا غَيْره } 3857 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ ابْن عَبَّاس قَوْله : { فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلّ لَهُ مِنْ بَعْد حَتَّى تَنْكِح زَوْجًا غَيْره } يَقُول : إنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا , فَلَا تَحِلّ حَتَّى تَنْكِح زَوْجًا غَيْره . 3858 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , قَالَ : إذَا طَلَّقَ وَاحِدَة أَوْ ثِنْتَيْنِ فَلَهُ الرَّجْعَة مَا لَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّة , قَالَ : وَالثَّالِثَة قَوْله : { فَإِنْ طَلَّقَهَا } يَعْنِي بِالثَّالِثَةِ فَلَا رَجْعَة لَهُ عَلَيْهَا حَتَّى تَنْكِح زَوْجًا غَيْره . * حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن أَبِي طَالِب , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , بِنَحْوِهِ . 3859 - حَدَّثَنِي مُوسَى بْن هَارُونَ , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { فَإِنْ طَلَّقَهَا } بَعْد التَّطْلِيقَتَيْنِ فَلَا تَحِلّ لَهُ مِنْ بَعْد حَتَّى تَنْكِح زَوْجًا غَيْره , وَهَذِهِ الثَّالِثَة وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ دَلَّ هَذَا الْقَوْل عَلَى مَا يَلْزَم مُسَرِّح امْرَأَته بِإِحْسَانٍ بَعْد التَّطْلِيقَتَيْنِ اللَّتَيْنِ قَالَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره فِيهِمَا : { الطَّلَاق مَرَّتَانِ } قَالُوا : وَإِنَّمَا بَيَّنَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره بِهَذَا الْقَوْل عَنْ حُكْم قَوْله : { أَوْ تَسْرِيح بِإِحْسَانٍ } وَأَعْلَمَ أَنَّهُ إنْ سَرَّحَ الرَّجُل امْرَأَته بَعْد التَّطْلِيقَتَيْنِ فَلَا تَحِلّ لَهُ الْمُسَرِّحَة كَذَلِكَ إلَّا بَعْد زَوْج . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3860 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلّ لَهُ مِنْ بَعْد حَتَّى تَنْكِح زَوْجًا غَيْر } قَالَ : عَادَ إلَى قَوْله : { فَإِمْسَاك بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيح بِإِحْسَانٍ } . * حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَاَلَّذِي قَالَهُ مُجَاهِد فِي ذَلِكَ عِنْدنَا أَوْلَى بِالصَّوَابِ لِلَّذِي ذَكَرْنَا عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْخَبَر الَّذِي رُوِّينَاهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : أَوْ سُئِلَ فَقِيلَ : هَذَا قَوْل اللَّه تَعَالَى ذِكْره : { الطَّلَاق مَرَّتَانِ } فَأَيْنَ الثَّالِثَة ؟ قَالَ : " فَإِمْسَاك بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيح بِإِحْسَانٍ " . فَأَخْبَرَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَنَّ الثَّالِثَة إنَّمَا هِيَ قَوْله : { أَوْ تَسْرِيح بِإِحْسَانٍ } فَإِذْ كَانَ التَّسْرِيح بِالْإِحْسَانِ هُوَ الثَّالِثَة , فَمَعْلُوم أَنَّ قَوْله : { فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلّ لَا مِنْ بَعْد حَتَّى تَنْكِح زَوْجًا غَيْره } مِنْ الدَّلَالَة عَلَى التَّطْلِيقَة الثَّالِثَة بِمَعْزِلٍ , وَأَنَّهُ إنَّمَا هُوَ بَيَان عَنْ الَّذِي يَحِلّ لِلْمُسَرِّحِ بِالْإِحْسَانِ إنْ سَرَّحَ زَوْجَته بَعْد التَّطْلِيقَتَيْنِ , وَاَلَّذِي يَحْرُم عَلَيْهِ مِنْهَا , وَالْحَال الَّتِي يَجُوز لَهُ نِكَاحهَا فِيهَا , وَإِعْلَام عِبَاده أَنَّ بَعْد التَّسْرِيح عَلَى مَا وَصَفْت لَا رَجْعَة لِلرَّجُلِ عَلَى امْرَأَته . فَإِنْ قَالَ قَائِل : فَأَيّ النِّكَاحَيْنِ عَنَى اللَّه بِقَوْلِهِ : { فَلَا تَحِلّ لَهُ مِنْ بَعْد حَتَّى تَنْكِح زَوْجًا غَيْره } النِّكَاح الَّذِي هُوَ جِمَاع أَمْ النِّكَاح الَّذِي هُوَ عَقْد تَزْوِيج ؟ قِيلَ : كِلَاهُمَا , وَذَلِكَ أَنَّ الْمَرْأَة إذَا نَكَحَتْ رَجُلًا نِكَاح تَزْوِيج لَمْ يَطَأهَا فِي ذَلِكَ النِّكَاح نَاكِحهَا وَلَمْ يُجَامِعهَا حَتَّى يُطَلِّقهَا لَمْ تَحِلّ لِلْأَوَّلِ , وَكَذَلِكَ إنَّ وَطِئَهَا وَاطِئ بِغَيْرِ نِكَاح لَمْ تَحِلّ لِلْأَوَّلِ بِإِجْمَاعِ الْأُمَّة جَمِيعًا . فَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَمَعْلُوم أَنَّ تَأْوِيل قَوْله : { فَلَا تَحِلّ لَهُ مِنْ بَعْد حَتَّى تَنْكِح زَوْجًا غَيْره } نِكَاحًا صَحِيحًا , ثُمَّ يُجَامِعهَا فِيهِ , ثُمَّ يُطَلِّقهَا . فَإِنْ قَالَ : فَإِنَّ ذِكْر الْجِمَاع غَيْر مَوْجُود فِي كِتَاب اللَّه تَعَالَى ذِكْره , فَمَا الدَّلَالَة عَلَى أَنَّ مَعْنَاهُ مَا قُلْت ؟ قِيلَ : الدَّلَالَة عَلَى ذَلِكَ إجْمَاع الْأُمَّة جَمِيعًا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مَعْنَاهُ . وَبَعْد , فَإِنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره قَالَ : { فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلّ لَهُ مِنْ بَعْد حَتَّى تَنْكِح زَوْجًا غَيْره } فَلَوْ نَكَحَتْ زَوْجًا غَيْره بِعَقِبِ , الطَّلَاق قَبْل انْقِضَاء عِدَّتهَا , كَانَ لَا شَكَّ أَنَّهَا نَاكِحَة نِكَاحًا بِغَيْرِ الْمَعْنَى الَّذِي أَبَاحَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره لَهَا ذَلِكَ بِهِ , وَإِنَّ لَمْ يَكُنْ ذِكْر الْعِدَّة مَقْرُونًا بِقَوْلِهِ : { فَلَا تَحِلّ لَهُ مِنْ بَعْد حَتَّى تَنْكِح زَوْجًا غَيْره } لِدَلَالَتِهِ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ بِقَوْلِهِ : { وَالْمُطَلَّقَات يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَة قُرُوء } ; وَكَذَلِكَ قَوْله : { فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلّ لَهُ مِنْ بَعْد حَتَّى تَنْكِح زَوْجًا غَيْره } وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَقْرُونًا بِهِ ذِكْر الْجِمَاع وَالْمُبَاشَرَة وَالْإِفْضَاء فَقَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ بِوَحْيِهِ إلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيَانه ذَلِكَ عَلَى لِسَانه لِعِبَادِهِ . ذِكْر الْأَخْبَار الْمَرْوِيَّة بِذَلِكَ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : 3861 - حَدَّثَنِي عُبَيْد اللَّه بْن إسْمَاعِيل الْهَبَّارِي , وَسُفْيَان بْن وَكِيع , وَأَبُو هِشَام الرِّفَاعِيّ , قَالُوا : ثنا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ إبْرَاهِيم , عَنْ الْأَسْوَد , عَنْ عَائِشَة , قَالَتْ : سُئِلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ رَجُل طَلَّقَ امْرَأَته فَتَزَوَّجَتْ رَجُلًا غَيْره فَدَخَلَ بِهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْل أَنْ يُوَاقِعهَا , أَتَحِلُّ لِزَوْجِهَا الْأَوَّل ؟ فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا تَحِلّ لِزَوْجِهَا الْأَوَّل حَتَّى يَذُوق الْآخَر عُسَيْلَتهَا وَتَذُوق عُسَيْلَته " . * حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سُوَيْد بْن نَصْر , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن الْمُبَارَك , عَنْ هِشَام بْن عُرْوَة , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَائِشَة , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , نَحْوه . 3862 - حَدَّثَنَا سُفْيَان بْن وَكِيع , قَالَ : ثنا ابْن عُيَيْنَة , عَنْ الزُّهْرِيّ , عَنْ عُرْوَة , عَنْ عَائِشَة , قَالَ : سَمِعْتهَا تَقُول : جَاءَتْ امْرَأَة رِفَاعَة الْقُرَظِيّ إلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَتْ : كُنْت عِنْد رِفَاعَة فَطَلَّقَنِي , فَبَتَّ طَلَاقِي , فَتَزَوَّجْت عَبْد الرَّحْمَن بْن الزُّبَيْر , وَإِنَّ مَا مَعَهُ مِثْل هُدْبَة الثَّوْب , فَقَالَ لَهَا : " تُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إلَى رِفَاعَة ؟ لَا , حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَته وَيَذُوق عُسَيْلَتك " . * حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني اللَّيْث , قَالَ : ثني يُونُس , عَنْ ابْن شِهَاب , عَنْ عُرْوَة , عَنْ عَائِشَة , نَحْوه . * حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني اللَّيْث , قَالَ : ثني عُقَيْل , عَنْ ابْن شِهَاب , قَالَ : ثَنَى عُرْوَة بْن الزُّبَيْر , أَنَّ عَائِشَة زَوْج النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ امْرَأَة رِفَاعَة الْقُرَظِيّ جَاءَتْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ : يَا رَسُول اللَّه , فَذَكَرَ مِثْله . 3863 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ الزُّهْرِيّ , عَنْ عُرْوَة , عَنْ عَائِشَة أَنَّ رِفَاعَة الْقُرَظِيّ طَلَّقَ امْرَأَته , فَبَتَّ طَلَاقهَا , فَتَزَوَّجَهَا بَعْد عَبْد الرَّحْمَن بْن الزُّبَيْر , فَجَاءَتْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ : يَا نَبِيّ اللَّه إنَّهَا كَانَتْ عِنْد رِفَاعَة , فَطَلَّقَهَا آخَر ثَلَاث تَطْلِيقَات , فَتَزَوَّجَتْ بَعْده عَبْد الرَّحْمَن بْن الزُّبَيْر , وَإِنَّهُ وَاَللَّه مَا مَعَهُ يَا رَسُول اللَّه إلَّا مِثْل الْهُدْبَة . فَتَبَسَّمَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , ثُمَّ قَالَ لَهَا : " لَعَلَّك تُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إلَى رِفَاعَة ؟ لَا , حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَته وَيَذُوق عُسَيْلَتك " قَالَتْ : وَأَبُو بَكْر جَالِس عِنْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخَالِد بْن سَعِيد بْن الْعَاصِ بِبَابِ الْحُجْرَة لَمْ يُؤْذَن لَهُ , فَطَفِقَ خَالِد يُنَادِي يَا أَبَا بَكْر يَقُول : يَا أَبَا بَكْر أَلَا تَزْجُر هَذِهِ عَمَّا تَجْهَر بِهِ عِنْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ . 3864 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يَزِيد الْأَوْدِيّ , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن سُلَيْم , عَنْ عُبَيْد اللَّه , عَنْ الْقَاسِم , عَنْ عَائِشَة أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " لَا حَتَّى يَذُوق مِنْ عُسَيْلَتهَا مَا ذَاقَ الْأَوَّل " . * حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا مُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت عُبَيْد اللَّه , قَالَ : سَمِعْت الْقَاسِم يُحَدِّث عَنْ عَائِشَة , قَالَ : قَالَتْ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا حَتَّى يَذُوق مِنْ عُسَيْلَتهَا مَا ذَاقَ صَاحِبه " . * حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا يَحْيَى , عَنْ عُبَيْد اللَّه , قَالَ : ثنا الْقَاسِم , عَنْ عَائِشَة , أَنَّ رَجُلًا طَلَّقَ امْرَأَته ثَلَاثًا , فَتَزَوَّجَتْ زَوْجًا , فَطَلَّقَهَا قَبْل أَنْ يَمَسّهَا , فَسُئِلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَتَحِلُّ لِلْأَوَّلِ ؟ قَالَ : " لَا حَتَّى يَذُوق عُسَيْلَتهَا كَمَا ذَاقَ الْأَوَّل " . 3865 - حَدَّثَنَا سُفْيَان بْن وَكِيع , قَالَ : ثنا مُوسَى بْن عِيسَى اللَّيْثِيّ , عَنْ زَائِدَة , عَنْ عَلِيّ بْن زَيْد , عَنْ أُمّ مُحَمَّد , عَنْ عَائِشَة , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : " إذَا طُلَق الرَّجُل امْرَأَته ثَلَاثًا لَمْ تَحِلّ لَهُ حَتَّى تَنْكِح زَوْجًا غَيْره , فَيَذُوق كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا عُسَيْلَة صَاحِبه " . 3866 - حَدَّثَنِي الْعَبَّاس بْن أَبِي طَالِب , قَالَ : أَخْبَرَنَا سَعِيد بْن حَفْص الطَّلْحِيّ , قَالَ : أَخْبَرَنَا شَيْبَان , عَنْ يَحْيَى , عَنْ أَبِي الْحَارِث الْغِفَارِيّ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : " وَحَتَّى يَذُوق عُسَيْلَتهَا " . 3867 - حَدَّثَنِي عُبَيْد بْن آدَم بْن أَبِي إيَاس الْعَسْقَلَانِيّ , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثنا شَيْبَان , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن أَبِي كَثِير , عَنْ أَبِي الْحَارِث الْغِفَارِيّ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَرْأَة يُطَلِّقهَا زَوْجهَا ثَلَاثًا , فَتَتَزَوَّج غَيْره , فَيُطَلِّقهَا قَبْل أَنْ يُدَخِّل بِهَا , فَيُرِيد الْأَوَّل أَنْ يُرَاجِعهَا , قَالَ : " لَا , حَتَّى يَذُوق عُسَيْلَتهَا " . 3868 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن إبْرَاهِيم الْأَنْمَاطِيّ , قَالَ : ثنا هَشَّام بْن عَبْد الْمَلِك , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن دِينَار , قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن يَزِيد الْهَنَّائِيّ , عَنْ أَنَس بْن مَالِك , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَجُل طُلَق امْرَأَته ثَلَاثًا , فَتَزَوَّجَهَا آخَر فَطَلَّقَهَا قَبْل أَنْ يَدْخُل بِهَا , أَتَرْجِعُ إلَى زَوْجهَا الْأَوَّل ؟ قَالَ : " لَا , حَتَّى يَذُوق عُسَيْلَتهَا وَتَذُوق عُسَيْلَته " . 3869 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إبْرَاهِيم , وَيَعْقُوب بْن مَاهَانِ , قَالَا : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْن أَبِي إسْحَاق , عَنْ سُلَيْمَان بْن يَسَار , عَنْ عُبَيْد اللَّه بْن الْعَبَّاس : أَنَّ الْغُمَيْصَاء أَوْ الرُّمَيْصَاء جَاءَتْ إلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَشْكُو زَوْجهَا , وَتَزْعُم أَنَّهُ لَا يَصِل إلَيْهَا , قَالَ : فَمَا كَانَ إلَّا يَسِيرًا حَتَّى جَاءَ زَوْجهَا , فَزَعَمَ أَنَّهَا كَاذِبَة , وَلَكِنَّهَا تُرِيد أَنْ تَرْجِع إلَى زَوْجهَا الْأَوَّل , فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَيْسَ لَك حَتَّى يَذُوق عُسَيْلَتك رَجُل غَيْره " . 3870 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ عَلْقَمَة بْن مَرْثَد , عَنْ سَالِم بْن رَزِين الْأَحْمَرِيّ , عَنْ سَالِم بْن عَبْد اللَّه , عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب , عَنْ ابْن عُمَر , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَجُل يَتَزَوَّج الْمَرْأَة فَيُطَلِّقهَا قَبْل أَنْ يَدْخُل بِهَا الْبَتَّة , فَتَتَزَوَّج زَوْجًا آخَر , فَيُطَلِّقهَا قَبْل أَنْ يَدْخُل بِهَا , أَتَرْجِعُ إلَى الْأَوَّل ؟ قَالَ : " لَا حَتَّى تَذُوق عُسَيْلَته وَيَذُوق عُسَيْلَتهَا " . * حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ عَلْقَمَة بْن مَرْثَد , عَنْ رَزِين الْأَحْمَرِيّ , عَنْ ابْن عُمَر , عَنْ النَّبِيّ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الرَّجُل يُطَلِّق امْرَأَته ثَلَاثًا , فَيَتَزَوَّجهَا رَجُل , فَأَغْلَقَ الْبَاب , فَطَلَّقَهَا قَبْل أَنْ يَدْخُل بِهَا , أَتَرْجِعُ إلَى زَوْجهَا الْآخَر ؟ قَالَ : " لَا حَتَّى يَذُوق عُسَيْلَتهَا " . * حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ عَلْقَمَة بْن مَرْثَد , عَنْ سُلَيْمَان بْن رَزِين , عَنْ ابْن عُمَر أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَخْطُب عَنْ رَجُل طَلَّقَ امْرَأَته , فَتَزَوَّجَتْ بَعْده , ثُمَّ طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا , أَيَتَزَوَّجُهَا الْأَوَّل ؟ قَالَ : " لَا حَتَّى تَذُوق عُسَيْلَته " .

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاح عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُود اللَّه } يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ : { فَإِنْ طَلَّقَهَا } فَإِنْ طَلَّقَ الْمَرْأَة الَّتِي بَانَتْ مِنْ زَوْجهَا بِآخِرِ التَّطْلِيقَات الثَّلَاث بَعْد مَا نَكَحَهَا مُطَلِّقهَا الثَّانِي , زَوْجهَا الَّذِي نَكَحَهَا بَعْد بَيْنُونَتهَا مِنْ الْأَوَّل ; { فَلَا جُنَاح عَلَيْهِمَا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَلَا حَرَج عَلَى الْمَرْأَة الَّتِي طَلَّقَهَا هَذَا الثَّانِي مِنْ بَعْد بَيْنُونَتهَا مِنْ الْأَوَّل , وَبَعْد نِكَاحه إيَّاهَا , وَعَلَى الزَّوْج الْأَوَّل الَّذِي كَانَتْ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ بِبَيْنُونَتِهَا مِنْهُ بِآخِرِ التَّطْلِيقَات أَنْ يَتَرَاجَعَا بِنِكَاحٍ جَدِيد . كَمَا : 3871 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة عَنْ ابْن عَبَّاس : { فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاح عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُود اللَّه } يَقُول : إذَا تَزَوَّجَتْ بَعْد الْأَوَّل , فَدَخَلَ الْآخَر بِهَا , فَلَا حَرَج عَلَى الْأَوَّل أَنْ يَتَزَوَّجهَا إذَا طَلَّقَ الْآخَر أَوْ مَاتَ عَنْهَا , فَقَدْ حَلَّتْ لَهُ . 3872 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا هِشَام , قَالَ : أَخْبَرَنَا جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , قَالَ : إذَا طَلَّقَ وَاحِدَة أَوْ ثِنْتَيْنِ , فَلَهُ الرَّجْعَة مَا لَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّة . قَالَ : وَالثَّالِثَة قَوْله : { فَإِنْ طَلَّقَهَا } يَعْنِي الثَّالِثَة فَلَا رَجْعَة لَهُ عَلَيْهَا حَتَّى تَنْكِح زَوْجًا غَيْره , فَيَدْخُل بِهَا , فَإِنْ طَلَّقَهَا هَذَا الْأَخِير بَعْد مَا يَدْخُل بِهَا , فَلَا جُنَاح عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا - يَعْنِي الْأَوَّل - إنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُود اللَّه . وَأَمَّا قَوْله : { إنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُود اللَّه } فَإِنَّ مَعْنَاهُ :

إنْ رَجَوْا مَطْمَعًا أَنْ يُقِيمَا حُدُود اللَّه . وَإِقَامَتهمَا حُدُود اللَّه : الْعَمَل بِهَا , وَحُدُود اللَّه : مَا أَمَرَهُمَا بِهِ , وَأَوْجَبَ بِكُلِّ وَاحِد مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبه , وَأَلْزَم كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا بِسَبَبِ النِّكَاح الَّذِي يَكُون بَيْنهمَا . وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى الْحُدُود وَمَعْنَى إقَامَة ذَلِكَ بِمَا أَغْنَى عَنْ إعَادَته فِي هَذَا الْمَوْضِع . وَكَانَ مُجَاهِد يَقُول فِي تَأْوِيل قَوْله : { إنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُود اللَّه } مَا : 3873 - حَدَّثَنِي بِهِ مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : { إنَّ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُود اللَّه } إنْ ظَنَّا أَنَّ نِكَاحهمَا عَلَى غَيْر دُلْسَة . * حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . وَقَدْ وَجَّهَ بَعْض أَهْل التَّأْوِيل قَوْله { إنْ ظَنَّا } إلَى أَنَّهُ بِمَعْنَى : إنْ أَيْقَنَا . وَذَلِكَ مَا لَا وَجْه لَهُ , لِأَنَّ أَحَدًا لَا يَعْلَم مَا هُوَ كَائِن إلَّا اللَّه تَعَالَى ذِكْره . فَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَمَا الْمَعْنَى الَّذِي بِهِ يُوقِن الرَّجُل وَالْمَرْأَة أَنَّهُمَا إذَا تَرَاجَعَا أَقَامَا حُدُود اللَّه ؟ وَلَكِنْ مَعْنَى ذَلِكَ كَمَا قَالَ تَعَالَى ذِكْره : { إذْ ظَنَّا } بِمَعْنَى طَمَعَا بِذَلِكَ وَرَجَوَاهُ ; " وَأَنْ " الَّتِي فِي قَوْله { أَنْ يُقِيمَا } فِي مَوْضِع نَصْب ب " ظَنَّا " , و " أَنْ " الَّتِي فِي { أَنْ يَتَرَاجَعَا } جَعَلَهَا بَعْض أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي مَوْضِع نَصْب بِفَقْدِ الْخَافِض , لِأَنَّ مَعْنَى الْكَلَام : فَلَا جُنَاح عَلَيْهِمَا فِي أَنْ يَتَرَاجَعَا , فَلَمَّا حُذِفَتْ " فِي " الَّتِي كَانَتْ تَخْفِضهَا نَصَبَهَا , فَكَأَنَّهُ قَالَ : فَلَا جُنَاح عَلَيْهِمَا تَرَاجُعهمَا . وَكَانَ بَعْضهمْ يَقُول : مَوْضِعه خَفْض , وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا خَافِضهَا , وَإِنْ كَانَ مَحْذُوفًا فَمَعْرُوف مَوْضِعه .

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَتِلْكَ حُدُود اللَّه يُبَيِّنهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ : { وَتِلْكَ حُدُود اللَّه } هَذِهِ الْأُمُور الَّتِي بَيَّنَهَا لِعِبَادِهِ فِي الطَّلَاق وَالرَّجْعَة وَالْفِدْيَة وَالْعِدَّة وَالْإِيلَاء وَغَيْر ذَلِكَ مِمَّا يُبَيِّنهُ لَهُمْ فِي هَذِهِ الْآيَات , حُدُود اللَّه مُعَالَم فُصُول حَلَاله وَحَرَامه وَطَاعَته وَمَعْصِيَته , { يُبَيِّنهَا } : يُفَصِّلهَا , فَيُمَيِّز بَيْنهَا , وَيُعَرِّفهُمْ أَحْكَامهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَهَا إذَا بَيَّنَهَا اللَّه لَهُمْ , فَيَعْرِفُونَ أَنَّهَا مِنْ عِنْد اللَّه , فَيُصَدِّقُونَ بِهَا , وَيَعْمَلُونَ بِمَا أَوْدَعَهُمْ اللَّه مِنْ عِلْمه , دُون الَّذِينَ قَدْ طَبَعَ اللَّه عَلَى قُلُوبهمْ , وَقَضَى عَلَيْهِمْ أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا , وَلَا يُصَدِّقُونَ بِأَنَّهَا مِنْ عِنْد اللَّه , فَهُمْ يَجْهَلُونَ أَنَّهَا مِنْ اللَّه ,

وَأَنَّهَا تَنْزِيل مِنْ حَكِيم حَمِيد . وَلِذَلِكَ خَصَّ الْقَوْم الَّذِي يَعْلَمُونَ بِالْبَيَانِ دُون الَّذِينَ يَجْهَلُونَ , إذْ كَانَ الَّذِينَ يَجْهَلُونَ أَنَّهَا مِنْ عِنْده قَدْ آيس نَبِيّه مُحَمِّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ تَصْدِيق كَثِير مِنْهُمْ بِهَا , وَإِنَّ كَانَ بَيَّنَهَا لَهُمْ مِنْ وَجْه الْحُجَّة عَلَيْهِمْ وَلُزُوم الْعَمَل لَهُمْ بِهَا , وَإِنَّمَا أَخَرَجَهَا مِنْ أَنْ تَكُون بَيَانًا لَهُمْ مِنْ وَجْه تَرْكهمْ الْإِقْرَار وَالتَّصْدِيق بِهِ .
وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِّتَعْتَدُواْ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلاَ تَتَّخِذُواْ آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُم بِهِ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌسورة البقرة الآية رقم 231
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلّهنَّ فَأَمْسَكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرَحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا } يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِذَلِكَ : وَإِذَا طَلَّقْتُمْ أَيّهَا الرِّجَال نِسَاءَكُمْ فَبَلَغْنَ أَجَلهنَّ , يَعْنِي مِيقَاتهنَّ الَّذِي وَقَّتَهُ لَهُنَّ مِنْ انْقِضَاء الْأَقْرَاء الثَّلَاثَة إنْ كَانَتْ مِنْ أَهْل الْأَقْرَاء وَانْقِضَاء الْأَشْهُر , إنْ كَانَتْ مِنْ أَهْل الشُّهُور , { فَأَمْسِكُوهُنَّ } يَقُول : فَرَاجِعُوهُنَّ إنْ أَرَدْتُمْ رَجْعَتهنَّ فِي الطَّلْقَة الَّتِي فِيهَا رَجْعَة , وَذَلِكَ إمَّا فِي التَّطْلِيقَة الْوَاحِدَة أَوْ التَّطْلِيقَتَيْنِ كَمَا قَالَ تَعَالَى ذِكْره : { الطَّلَاق مَرَّتَانِ فَإِمْسَاك بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيح بِإِحْسَانٍ } 2 229 وَأَمَّا قَوْله : { بِمَعْرُوفٍ } فَإِنَّهُ عَنَى بِمَا أَذِنَ بِهِ مِنْ الرَّجْعَة مِنْ الْإِشْهَاد عَلَى الرَّجْعَة قَبْل انْقِضَاء الْعِدَّة دُون الرَّجْعَة بِالْوَطْءِ وَالْجِمَاع , لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَجُوز لِلرَّجُلِ بَعْد الرَّجْعَة , وَعَلَى الصُّحْبَة مَعَ ذَلِكَ وَالْعِشْرَة بِمَا أَمَرَ اللَّه بِهِ وَبَيَّنَهُ لَكُمْ أَيّهَا النَّاس . { أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ } يَقُول : أَوْ خَلُّوهُنَّ يَقْضِينَ تَمَام عُدْتهنَّ وَيَنْقَضِي بَقِيَّة أَجَلهنَّ الَّذِي أَجَّلْته لَهُنَّ لِعِدَدِهِنَّ بِمَعْرُوفٍ , يَقُول : بِإِيفَائِهِنَّ تَمَام حُقُوقهنَّ عَلَيْكُمْ عَلَى مَا أَلْزَمْتُكُمْ لَهُنَّ مِنْ مَهْر وَمُتْعَة وَنَفَقَة وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ حُقُوقهنَّ قَبْلكُمْ . { وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا } يَقُول : وَلَا تُرَاجِعُوهُنَّ إنْ رَاجَعْتُمُوهُنَّ فِي عِدَدهنَّ مُضَارَّة لَهُنَّ لِتُطَوِّلُوا عَلَيْهِنَّ مُدَّة انْقِضَاء عِدَدهنَّ , أَوْ لِتَأْخُذُوا مِنْهُنَّ بَعْض مَا آتَيْتُمُوهُنَّ بِطَلَبِهِنَّ الْخُلْع مِنْكُمْ لِمُضَارَّتِكُمْ إيَّاهُنَّ بِإِمْسَاكِكُمْ إيَّاهُنَّ , ومُراجَعَتكُمُوهنّ ضِرَارًا وَاعْتِدَاء . وَقَوْله : { لِتَعْتَدُوا } يَقُول : لِتَظْلِمُوهُنَّ بِمُجَاوَزَتِكُمْ فِي أَمْرهنَّ حُدُودِي الَّتِي بَيَّنْتهَا لَكُمْ . وَبِمِثْلِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3874 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مَنْصُور , عَنْ أَبِي الضُّحَى , عَنْ مَسْرُوق : { وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا } قَالَ : يُطَلِّقهَا حَتَّى إذَا كَادَتْ تَنْقَضِي رَاجَعَهَا , ثُمَّ يُطَلِّقهَا , فَيَدَعهَا , حَتَّى إذَا كَادَتْ تَنْقَضِي عِدَّتهَا رَاجَعَهَا , وَلَا يُرِيد إمْسَاكهَا , فَذَلِكَ الَّذِي يُضَارّ وَيَتَّخِذ آيَات اللَّه هُزُوًا . 3875 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , عَنْ أَبِي رَجَاء , قَالَ : سُئِلَ الْحَسَن عَنْ قَوْله تَعَالَى : { وَإِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلهنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا } قَالَ : كَانَ الرَّجُل يُطَلِّق الْمَرْأَة , ثُمَّ يُرَاجِعهَا , ثُمَّ يُطَلِّقهَا , ثُمَّ يُرَاجِعهَا يُضَارّهَا ; فَنَهَاهُمْ اللَّه عَنْ ذَلِكَ . 3876 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : { وَإِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلهنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ } قَالَ نَهَى اللَّه عَنْ الضِّرَار ضِرَارًا أَنْ يُطَلِّق الرَّجُل امْرَأَته , ثُمَّ يُرَاجِعهَا عِنْد آخَر يَوْم يَبْقَى مِنْ الْأَجَل حَتَّى يَفِي لَهَا تِسْعَة أَشْهُر لِيُضَارّهَا بِهِ . 3877 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد بِنَحْوِهِ , إلَّا أَنَّهُ قَالَ : نَهَى عَنْ الضِّرَار , وَالضِّرَار فِي الطَّلَاق : أَنْ يُطَلِّق الرَّجُل امْرَأَته ثُمَّ يُرَاجِعهَا . وَسَائِر الْحَدِيث مِثْل حَدِيث مُحَمَّد بْن عَمْرو . 3878 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثنا أَبِي , قَالَ : ثنا عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ ابْن عَبَّاس : { وَإِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلهنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا } كَانَ الرَّجُل يُطَلِّق امْرَأَته ثُمَّ يُرَاجِعهَا قِيلَ انْقِضَاء عِدَّتهَا , ثُمَّ يُطَلِّقهَا , يَفْعَل ذَلِكَ يُضَارّهَا وَيَعْضُلهَا , فَأَنْزَلَ اللَّه هَذِهِ الْآيَة . 3879 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إسْحَاق , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع فِي قَوْله : { وَإِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلهنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا } قَالَ : كَانَ الرَّجُل يُطَلِّق امْرَأَته تَطْلِيقَة وَاحِدَة ثُمَّ يَدَعهَا , حَتَّى إذَا مَا تَكَاد تَخْلُو عِدَّتهَا رَاجَعَهَا , ثُمَّ يُطَلِّقهَا , حَتَّى إذَا مَا كَادَ تَخْلُو عِدَّتهَا رَاجَعَهَا , وَلَا حَاجَة لَهُ فِيهَا , إنَّمَا يُرِيد أَنْ يُضَارّهَا بِذَلِكَ , فَنَهَى اللَّه عَنْ ذَلِكَ وَتَقَدَّمَ فِيهِ , وَقَالَ : { وَمِنْ يَفْعَل ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسه } 3880 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني اللَّيْث , عَنْ يُونُس , عَنْ ابْن شِهَاب , قَالَ : قَالَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره : { وَإِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلهنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا } فَإِذَا طَلَّقَ الرَّجُل الْمَرْأَة وَبَلَغَتْ أَجَلهَا فَلْيُرَاجِعْهَا بِمَعْرُوفٍ أَوْ لِيُسَرِّحهَا بِإِحْسَانٍ , وَلَا يَحِلّ لَهُ أَنْ يُرَاجِعهَا ضِرَارًا , وَلَيْسَتْ لَهُ فِيهَا رَغْبَة إلَّا أَنْ يُضَارّهَا . 3881 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إسْحَاق , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّزَّاق , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة فِي قَوْله : { وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا } قَالَ : هُوَ فِي الرَّجُل يَحْلِف بِطَلَاقِ امْرَأَته , فَإِذَا بَقِيَ مِنْ عِدَّتهَا شَيْء رَاجَعَهَا يُضَارّهَا بِذَلِكَ , وَيُطَوِّل عَلَيْهَا ; فَنَهَاهُمْ اللَّه عَنْ ذَلِكَ . 3882 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إسْحَاق , قَالَ : ثنا إسْمَاعِيل بْن أَبِي أُوَيْس , عَنْ مَالِك بْن أَنَس , عَنْ ثَوْر بْن زَيْد الدَّيْلِيّ , أَنَّ رَجُلًا كَانَ يُطَلِّق امْرَأَته ثُمَّ يُرَاجِعهَا , وَلَا حَاجَة لَهُ بِهَا وَلَا يُرِيد إمْسَاكهَا , كَيْمَا يَطُول عَلَيْهَا بِذَلِكَ الْعِدَّة لِيُضَارّهَا ; فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره : { وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمِنْ يَفْعَل ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسه } يُعَظِّم ذَلِكَ . 3883 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ الْفَضْل بْن خَالِد , قَالَ : ثنا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان الْبَاهِلِيّ , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا } : هُوَ الرَّجُل يُطَلِّق امْرَأَته وَاحِدَة , ثُمَّ يُرَاجِعهَا , ثُمَّ يُطَلِّقهَا , ثُمَّ يُرَاجِعهَا , ثُمَّ يُطَلِّقهَا ; لِيُضَارّهَا بِذَلِكَ لِتَخْتَلِع مِنْهُ . 3884 - حَدَّثَنَا مُوسَى , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { وَإِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلهنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمِنْ يَفْعَل ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسه وَلَا تَتَّخِذُوا آيَات اللَّه هُزُوًا } قَالَ نَزَلَتْ فِي رَجُل مِنْ الْأَنْصَار يُدْعَى ثَابِت بْن يَسَار طَلَّقَ امْرَأَته حَتَّى إذَا انْقَضَتْ عِدَّتهَا إلَّا يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَة رَاجَعَهَا ثُمَّ يُطَلِّقهَا , فَفَعَلَ ذَلِكَ بِهَا , حَتَّى مَضَتْ لَهَا تِسْعَة أَشْهُر مُضَارَّة يُضَارّهَا , فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره : { وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا } 3885 - حَدَّثَنِي الْعَبَّاس بْن الْوَلِيد , قَالَ : أَخْبَرَنِي أَبِي , قَالَ : سَمِعْت عَبْد الْعَزِيز يَسْأَل عَنْ طَلَاق الضِّرَار , فَقَالَ : يُطَلِّق ثُمَّ يُرَاجِع ثُمَّ يُطَلِّق , ثُمَّ يُرَاجِع , فَهَذَا الضِّرَار الَّذِي قَالَ اللَّه : { وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا } 3886 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن إسْحَاق , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثنا فُضَيْل بْن مَرْزُوق , عَنْ عَطِيَّة : { وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا } قَالَ : الرَّجُل يُطَلِّق امْرَأَته تَطْلِيقَة , ثُمَّ يَتْرُكهَا حَتَّى تَحِيض ثَلَاث حِيَض , ثُمَّ يُرَاجِعهَا , ثُمَّ يَطْلِقهَا تَطْلِيقَة , ثُمَّ يُمْسِك عَنْهَا حَتَّى تَحِيض ثَلَاث حِيَض , ثُمَّ يُرَاجِعهَا لِتَعْتَدُوا ; قَالَ : لَا يُطَاوِل عَلَيْهِنَّ . وَأَصْل التَّسْرِيح

مِنْ سَرَحَ الْقَوْم , وَهُوَ مَا أُطْلِقَ مِنْ نَعَمهمْ لِلرِّعْيِ , يُقَال لِلْمَوَاشِي الْمُرْسَلَة لِلرَّعْيِ : هَذَا سَرْح الْقَوْم , يُرَاد بِهِ مَوَاشِيهمْ الْمُرْسَلَة لِلرَّعْيِ , وَمِنْهُ قَوْل اللَّه تَعَالَى ذِكْره : { وَالْأَنْعَام خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْء وَمَنَافِع وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ وَلَكُمْ فِيهَا جَمَال حِين تُرِيحُونَ وَحِين تَسْرَحُونَ } 16 5 : 6 يَعْنِي بِقَوْلِهِ حِين تَسْرَحُونَ : حِين تُرْسِلُونَهَا لِلرَّعْيِ فَقِيلَ لِلْمَرْأَةِ إذَا خَلَاهَا زَوْجهَا فَأَبَانَهَا مِنْهُ : سَرَّحَهَا , تَمْثِيلًا لِذَلِكَ بِتَسْرِيحِ الْمُسَرِّح مَاشِيَته لِلرَّعْيِ وَتَشْبِيهًا بِهِ
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمِنْ يَفْعَل ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسه } يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِذَلِكَ : وَمِنْ يُرَاجِع امْرَأَته بَعْد طَلَاقه إيَّاهَا فِي الطَّلَاق الَّذِي لَهُ فِيهِ عَلَيْهَا الرَّجْعَة ضِرَارًا بِهَا لِيَعْتَدِيَ حَدّ اللَّه فِي أَمْرهَا , فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسه , يَعْنِي فَأَكْسَبَهَا بِذَلِكَ إثْمًا , وَأَوْجَبَ لَهَا مِنْ اللَّه عُقُوبَة بِذَلِكَ وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى الظُّلْم فِيمَا مَضَى , وَأَنَّهُ وَضْع الشَّيْء فِي غَيْر مَوْضِعه وَفِعْل مَا لَيْسَ لِلْفَاعِلِ فِعْله الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَا تَتَّخِذُوا آيَات اللَّه هَزُّوا } يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره : وَلَا تَتَّخِذُوا أَعْلَام اللَّه وَفُصُوله بَيْن حَلَاله وَحَرَامه وَأَمْره وَنَهْيه فِي وَحْيه وَتَنْزِيله اسْتِهْزَاء وَلَعِبًا , فَإِنَّهُ قَدْ بَيَّنَ لَكُمْ فِي تَنْزِيله وَآي كِتَابه مَا لَكُمْ مِنْ الرَّجْعَة عَلَى نِسَائِكُمْ فِي الطَّلَاق الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ عَلَيْهِنَّ فِيهِ الرَّجْعَة , وَمَا لَيْسَ لَكُمْ مِنْهَا , وَمَا الْوَجْه الْجَائِز لَكُمْ مِنْهَا وَمَا الَّذِي لَا يَجُوز , وَمَا الطَّلَاق الَّذِي لَكُمْ عَلَيْهِنَّ فِيهِ الرَّجْعَة وَمَا لَيْسَ لَكُمْ ذَلِكَ فِيهِ , وَكَيْفَ وُجُوه ذَلِكَ ; رَحْمَة مِنْهُ بِكُمْ وَنِعْمَة مِنْهُ عَلَيْكُمْ , لِيَجْعَل بِذَلِكَ لِبَعْضِكُمْ مِنْ مَكْرُوه إنْ كَانَ فِيهِ مِنْ صَاحِبه مِمَّا هُوَ فِيهِ الْمَخْرَج وَالْمُخَلِّص بِالطَّلَاقِ وَالْفِرَاق , وَجَعَلَ مَا جَعَلَ لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ الرَّجْعَة سَبِيلًا لَكُمْ إلَى الْوُصُول إلَى مَا نَازَعَهُ إلَيْهِ وَدَعَاهُ إلَيْهِ هَوَاهُ بَعْد فِرَاقه إيَّاهُنَّ مِنْهُنَّ , لِتُدْرِكُوا بِذَلِكَ قَضَاء أَوْطَاركُمْ مِنْهُنَّ , إنْعَامًا مِنْهُ بِذَلِكَ عَلَيْكُمْ , لَا لِتَتَّخِذُوا مَا بَيَّنَتْ لَكُمْ مِنْ ذَلِكَ فِي آي كِتَابِي وَتَنْزِيلِي تَفَضُّلًا مِنِّي بِبَيَانِهِ عَلَيْكُمْ , وَإِنْعَامًا وَرَحْمَة مِنِّي بِكُمْ لَعِبًا وَسُخْرِيًّا وَبِمَعْنَى مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3887 - حَدَّثَنِي عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن سِيبَوَيْهِ , قَالَ : ثنا أَبِي , قَالَ : ثنا أَيُّوب بْن سُلَيْمَان , قَالَ : ثنا أَبُو بَكْر بْن أَبِي أُوَيْس , عَنْ سُلَيْمَان بْن بِلَال , عَنْ مُحَمَّد بْن أَبِي عَتِيق وَمُوسَى بْن عُقْبَة , عَنْ ابْن شِهَاب , عَنْ سُلَيْمَان بْن أَرْقَم , أَنَّ الْحَسَن حَدَّثَهُمْ : أَنَّ النَّاس كَانُوا عَلَى عَهْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُطَلِّق الرَّجُل أَوْ يُعْتِق , فَيُقَال : مَا صَنَعْت ؟ فَيَقُول : إنَّمَا كُنْت لَاعِبًا ; قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ طَلَّقَ لَاعِبًا أَوْ أَعْتَقَ لَاعِبًا فَقَدْ جَازَ عَلَيْهِ " قَالَ الْحَسَن : وَفِيهِ نَزَلَتْ : { وَلَا تَتَّخِذُوا آيَات اللَّه هَزُّوا } 3888 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إسْحَاق , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع فِي قَوْله : { وَلَا تَتَّخِذُوا آيَات اللَّه هَزُّوا } قَالَ : كَانَ الرَّجُل يُطَلِّق امْرَأَته , فَيَقُول : إنَّمَا طَلَّقْت لَاعِبًا , وَيَتَزَوَّج أَوْ يُعْتِق أَوْ يَتَصَدَّق فَيَقُول : إنَّمَا فَعَلْت لَاعِبًا , فَنُهُوا عَنْ ذَلِكَ , فَقَالَ تَعَالَى ذِكْره : { وَلَا تَتَّخِذُوا آيَات اللَّه هَزُّوا } 3889 - حَدَّثَنَا أَبُو كَرَيْبِ , قَالَ : ثنا إسْحَاق بْن مَنْصُور , عَنْ عَبْد السِّلَام بْن حَرْب , عَنْ يَزِيد بْن عَبْد الرَّحْمَن , عَنْ أَبِي الْعِلَاء , عَنْ حُمَيْد بْن عَبْد الرَّحْمَن , عَنْ أَبِي مُوسَى : أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَضِبَ عَلَى الْأَشْعَرِيِّينَ فَأَتَاهُ أَبُو مُوسَى , فَقَالَ : يَا رَسُول اللَّه غَضِبْت عَلَى الْأَشْعَرِيِّينَ ! فَقَالَ : " يَقُول أَحَدكُمْ قَدْ طَلَّقْت قَدْ رَاجَعْت ! لَيْسَ هَذَا طَلَاق الْمُسْلِمِينَ , طَلِّقُوا الْمَرْأَة فِي قُبُل عِدَّتهَا " * حَدَّثَنَا أَبُو زَيْد , عَنْ ابْن شَبَّة , قَالَ : ثنا أَبُو غَسَّان النَّهْدِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد السَّلَام بْن حَرْب , عَنْ يَزِيد بْن أَبِي خَالِد , يَعْنِي الدَّالَانِيّ , عَنْ أَبِي الْعِلَاء الْأَوْدِيّ , عَنْ حُمَيْد بْن عَبْد الرَّحْمَن , عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَهُمْ : " يَقُول أَحَدكُمْ لِامْرَأَتِهِ : قَدْ طَلَّقْتُك , قَدْ رَاجَعْتُك ! لَيْسَ هَذَا بِطَلَاقِ الْمُسْلِمِينَ , طَلِّقُوا الْمَرْأَة فِي قُبُل عِدَّتهَا "

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاذْكُرُوا نِعْمَة اللَّه عَلَيْكُمْ وَمَا أَنَزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ الْكِتَاب وَالْحِكْمَة } يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِذَلِكَ : وَاذْكُرُوا نِعْمَة اللَّه عَلَيْكُمْ بِالْإِسْلَامِ , الَّذِي أَنْعَمَ عَلَيْكُمْ بِهِ , فَهَدَاكُمْ لَهُ , وَسَائِر نِعَمه الَّتِي خَصَّكُمْ بِهَا دُون غَيْركُمْ مِنْ سَائِر خَلْقه , فَاشْكُرُوهُ عَلَى ذَلِكَ بِطَاعَتِهِ فِيمَا أَمَرَكُمْ بِهِ وَنَهَاكُمْ عَنْهُ , وَاذْكُرُوا أَيْضًا مَعَ ذَلِكَ , مَا أَنَزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ كِتَابه ذَلِكَ , الْقُرْآن الَّذِي أَنَزَلَهُ عَلَى نَبِيّه مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَاذْكُرُوا ذَلِكَ فَاعْمَلُوا بِهِ , وَاحْفَظُوا حُدُوده فِيهِ وَالْحِكْمَة : يَعْنِي : وَمَا أَنَزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ الْحِكْمَة وَهِيَ السُّنَن الَّتِي عَلَّمَكُمُوهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَنَّهَا لَكُمْ وَقَدْ ذَكَرْت اخْتِلَاف الْمُخْتَلِفِينَ فِي مَعْنَى الْحِكْمَة فِيمَا مَضَى قَبْل فِي قَوْله : { وَيُعَلِّمهُمْ الْكِتَاب وَالْحِكْمَة } 2 129 فَأَغْنَى عَنْ إعَادَته فِي هَذَا الْمَوْضِع

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَعِظكُمْ بِهِ } يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ : { يَعِظكُمْ بِهِ } يَعِظكُمْ بِالْكِتَابِ الَّذِي أَنَزَلَ عَلَيْكُمْ وَالْهَاء الَّتِي فِي قَوْله " بِهِ " عَائِدَة عَلَى الْكِتَاب { وَاتَّقُوا اللَّه } يَقُول : وَخَافُوا اللَّه فِيمَا أَمَرَكُمْ بِهِ , وَفِيمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فِي كِتَابه الَّذِي أَنَزَلَهُ عَلَيْكُمْ , وَفِيمَا أَنَزَلَهُ فَبَيَّنَهُ عَلَى لِسَان رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَكُمْ أَنْ تُضَيِّعُوهُ وَتَتَعَدَّوْا حُدُوده , فَتَسْتَوْجِبُوا مَا لَا قِبَل لَكُمْ بِهِ مِنْ أَلِيم عِقَابه , وَنَكَال عَذَابه

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاتَّقُوا اللَّه وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّه بِكُلِّ شَيْء عَلِيم } وَقَوْله : { وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّه بِكُلِّ شَيْء عَلِيم } يَقُول : وَاعْلَمُوا أَيّهَا النَّاس أَنَّ رَبّكُمْ الَّذِي حَدَّ لَكُمْ هَذِهِ الْحُدُود , وَشَرَعَ لَكُمْ هَذِهِ الشَّرَائِع , وَفَرَضَ عَلَيْكُمْ هَذِهِ الْفَرَائِض فِي كِتَابه وَفِي تَنْزِيله , عَلَى رَسُوله مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكُلِّ مَا أَنْتُمْ عَامِلُوهُ مِنْ خَيْر وَشَرّ , وَحَسَن وَسَيِّئ , وَطَاعَة وَمَعْصِيَة , عَالِم لَا يَخْفِي عَلَيْهِ مِنْ ظَاهِر ذَلِكَ وَخَفْيه وَسِرّه وَجَهْره شَيْء , وَهُوَ مُجَازِيكُمْ بِالْإِحْسَانِ إحْسَانًا , وَبِالسَّيِّئِ سَيِّئًا , إلَّا أَنْ يَعْفُو وَيَصْفَح ; فَلَا تَتَعَرَّضُوا لِعِقَابِهِ , وَلَا تَظْلِمُوا أَنْفُسكُمْ
وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَسورة البقرة الآية رقم 232
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلهنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجهنَّ إذَا تَرَاضَوْا بَيْنهمْ بِالْمَعْرُوفِ } ذُكِرَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ فِي رَجُل كَانَتْ لَهُ أُخْت كَانَ زَوْجهَا مِنْ ابْن عَمّ لَهَا , فَطَلَّقَهَا وَتَرَكَهَا فَلَمْ يُرَاجِعهَا حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتهَا , ثُمَّ خَطَبَهَا مِنْهُ , فَأَبَى أَنْ يُزَوِّجهَا إيَّاهُ وَمَنَعَهَا مِنْهُ وَهِيَ فِيهِ رَاغِبَة ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الرَّجُل الَّذِي كَانَ فَعَلَ ذَلِكَ فَنَزَلَتْ فِيهِ هَذِهِ الْآيَة , فَقَالَ بَعْضهمْ : كَانَ ذَلِكَ الرَّجُل مَعْقِل بْن يَسَار الْمُزَنِيُّ ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3890 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة عَنْ الْحَسَن , عَنْ مَعْقِل بْن يَسَار , قَالَ : كَانَتْ أُخْته تَحْت رَجُل فَطَلَّقَهَا ثُمَّ خَلَا عَنْهَا حَتَّى إذَا انْقَضَتْ عِدَّتهَا خَطَبَهَا , فَحَمِيَ مَعْقِل مِنْ ذَلِكَ أَنَفًا وَقَالَ : خَلَا عَنْهَا وَهُوَ يَقْدِر عَلَيْهَا فَحَال بَيْنه وَبَيْنهَا فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره : { وَإِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلهنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجهنَّ إذَا تَرَاضَوْا بَيْنهمْ بِالْمَعْرُوفِ } * حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا وَكِيع , عَنْ الْفَضْل بْن دَلْهَمَ , عَنْ الْحَسَن , عَنْ مَعْقِل بْن يَسَار : أَنَّ أُخْته طَلَّقَهَا زَوْجهَا , فَأَرَادَ أَنْ يُرَاجِعهَا , فَمَنَعَهَا مَعْقِل فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره : { وَإِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلهنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجهنَّ } إلَى آخِر الْآيَة 3891 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الْمَخْزُومِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو عَامِر , قَالَ : ثنا عَبَّاد بْن رَاشِد , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثني مَعْقِل بْن يَسَار , قَالَ : كَانَتْ لِي أُخْت تُخْطَب وَأَمْنَعهَا النَّاس , حَتَّى خَطَبَ إلَيَّ ابْن عَمّ لِي فَأَنْكَحْتهَا , فَاصْطَحَبَا مَا شَاءَ اللَّه , ثُمَّ إنَّهُ طَلَّقَهَا طَلَاقًا لَهُ رَجْعَة , ثُمَّ تَرَكَهَا حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتهَا , ثُمَّ خُطِبَتْ إلَيَّ فَأَتَانِي يَخْطُبهَا مَعَ الْخَطَّاب , فَقُلْت لَهُ : خُطِبَتْ إلَيَّ فَمَنَعْتهَا النَّاس , فَآثَرْتُك بِهَا , ثُمَّ طَلَّقْت طَلَاقًا لَك فِيهِ رَجْعَة , فَلَمَّا خُطِبَتْ إلَيَّ آتَيْتنِي تَخْطُبهَا مَعَ الْخُطَّاب ؟ وَاَللَّه لَا أُنْكِحكهَا أَبَدًا ! قَالَ : فَفِيَّ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة : { وَإِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلهنَّ فَلَا

تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجهنَّ إذَا تَرَاضَوْا بَيْنهمْ بِالْمَعْرُوفِ } قَالَ : فَكَفَّرْت عَنْ يَمِينِي وَأَنْكَحْتهَا إيَّاهُ 3892 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد عَنْ قَتَادَة : { وَإِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلهنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجهنَّ إذَا تَرَاضَوْا بَيْنهمْ بِالْمَعْرُوفِ } ذِكْر لَنَا أَنَّ رَجُلًا طَلَّقَ امْرَأَته تَطْلِيقَة , ثُمَّ خَلَا عَنْهَا حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتهَا , ثُمَّ قَرَّبَ بَعْد ذَلِكَ يَخْطُبهَا - وَالْمَرْأَة أُخْت مَعْقِل بْن يَسَار - فَأَنِفَ مِنْ ذَلِكَ مَعْقِل بْن يَسَار , وَقَالَ : خَلَا عَنْهَا وَهِيَ فِي عِدَّتهَا وَلَوْ شَاءَ رَاجَعَهَا , ثُمَّ يُرِيد أَنْ يُرَاجِعهَا وَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ ؟ فَأَبَى عَلَيْهَا أَنْ يُزَوِّجهَا إيَّاهُ وَذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيّ اللَّه لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة دَعَاهُ فَتَلَاهَا عَلَيْهِ , فَتَرَكَ الْحَمِيَّة وَاسْتَقَادَ لِأَمْرِ اللَّه 3893 - حُدِّثْت عَنْ عَمَّار , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ يُونُس , عَنْ الْحَسَن قَوْله تَعَالَى : { وَإِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلهنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ } إلَى آخِر الْآيَة , قَالَ : نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِي مَعْقِل بْن يَسَار قَالَ الْحَسَن : حَدَّثَنِي مَعْقِل بْن يَسَار أَنَّهَا نَزَلَتْ فِيهِ , قَالَ : زَوَّجْت أُخْتًا لِي مِنْ رَجُل فَطُلَقهَا , حَتَّى إذَا انْقَضَتْ عِدَّتهَا جَاءَ يَخْطُبهَا , فَقُلْت لَهُ : زَوَّجْتُك وَفَرَشْتُك أُخْتِي وَأَكْرَمْتُك , ثُمَّ طَلَّقْتهَا , ثُمَّ جِئْت تَخْطُبهَا ؟ لَا تَعُود إلَيْك أَبَدًا ! قَالَ : وَكَانَ رَجُل صَدْق لَا بَأْس بِهِ , وَكَانَتْ الْمَرْأَة تُحِبّ أَنْ تَرْجِع إلَيْهِ , قَالَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره : { وَإِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلهنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجهنَّ إذَا تَرَاضَوْا بَيْنهمْ بِالْمَعْرُوفِ } قَالَ : فَقُلْت الْآن أَفْعَل يَا رَسُول اللَّه ! فَزَوَّجَهَا مِنْهُ 3894 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن وَاضْحُ , قَالَ : ثنا أَبُو بَكْر الْهُذَلِيّ , عَنْ بَكْر بْن عَبْد اللَّه الْمُزَنِيِّ , قَالَ : كَانَتْ أُخْت مَعْقِل بْن يَسَار تَحْت رَجُل فَطَلَّقَهَا , فَخَطَبَ إلَيْهِ , فَمَنَعَهَا أَخُوهَا , فَنَزَلَتْ : { وَإِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلهنَّ } إلَى آخِر الْآيَة . 3895 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ ابْن جُرَيْجٍ , عَنْ مُجَاهِد قَوْله : { وَإِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلهنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجهنَّ } الْآيَة , قَالَ : نَزَلَتْ فِي امْرَأَة مِنْ مُزَيْنَةَ طَلَّقَهَا زَوْجهَا وَأُبِينَتْ مِنْهُ , فَنَكَحَهَا آخَر , فَعَضَلَهَا أَخُوهَا مَعْقِل بْن يَسَار يُضَارّهَا خِيفَة أَنْ تَرْجِع إلَى زَوْجهَا الْأَوَّل قَالَ ابْن جُرَيْجٍ : وَقَالَ عِكْرِمَة : نَزَلَتْ فِي مَعْقِل بْن يَسَار , قَالَ ابْن جُرَيْجٍ أُخْته جَمِيل ابْنَة يَسَار كَانَتْ تَحْت أَبِي البداح طَلَّقَهَا , فَانْقَضَتْ عِدَّتهَا , فَخَطَبَهَا , فَعَضَلَهَا مَعْقِل بْن يَسَار * حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : { وَإِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلهنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجهنَّ إذَا تَرَاضَوْا بَيْنهمْ بِالْمَعْرُوفِ } نَزَلَتْ فِي امْرَأَة مِنْ مُزَيْنَةَ طَلَّقَهَا زَوْجهَا فَعَضَلَهَا أَخُوهَا أَنْ تَرْجِع إلَى زَوْجهَا الْأَوَّل وَهُوَ مَعْقِل بْن يَسَار أَخُوهَا * حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد مِثْله , إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ فِيهِ : وَهُوَ مَعْقِل بْن يَسَار 3896 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حِبَّان بْن مُوسَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن الْمُبَارَك , قَالَ : أَخْبَرَنَا سُفْيَان , عَنْ أَبِي إسْحَاق الْهَمْدَانِيّ : أَنَّ فَاطِمَة بِنْت يَسَار طَلَّقَهَا زَوْجهَا , ثُمَّ بَدَا لَهُ فَخَطَبَهَا , فَأَبَى مَعْقِل , فَقَالَ : زَوَّجْنَاك فَطَلَّقْتهَا وَفَعَلْت ! فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره : { فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجهنَّ } 3897 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ الْحَسَن وَقَتَادَة فِي قَوْله : { فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ } قَالَ : نَزَلَتْ فِي مَعْقِل بْن يَسَار , كَانَتْ أُخْته تَحْت رَجُل , فَطُلَقهَا , حَتَّى إذَا انْقَضَتْ عِدَّتهَا جَاءَ فَخَطَبَهَا , فَعَضَلَهَا مُعَقَّل , فَأَبَى أَنْ يُنْكِحهَا إيَّاهُ , فَنَزَلَتْ فِيهَا هَذِهِ الْآيَة - يَعْنِي بِهِ الْأَوْلِيَاء - يَقُول : { فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجهنَّ } 3898 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مَنْصُور , عَنْ رَجُل , عَنْ مَعْقِل بْن يَسَار قَالَ : كَانَتْ أُخْتِي عِنْد رَجُل فَطُلَقهَا تَطْلِيقَة بَائِنَة , فَخَطَبَهَا , فَأَبَيْت أَنْ أُزَوِّجهَا مِنْهُ , فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره : { فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجهنَّ } 000 الْآيَة وَقَالَ آخَرُونَ : كَانَ الرَّجُل جَابِر بْن عَبْد اللَّه الْأَنْصَارِيّ ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3899 - حَدَّثَنِي مُوسَى بْن هَارُونَ , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن حَمَّاد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { وَإِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلهنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجهنَّ إذَا تَرَاضَوْا بَيْنهمْ بِالْمَعْرُوفِ } قَالَ : نَزَلَتْ فِي جَابِر بْن عَبْد اللَّه الْأَنْصَارِيّ , وَكَانَتْ لَهُ ابْنَة عَمّ فَطَلَّقَهَا زَوْجهَا تَطْلِيقَة , فَانْقَضَتْ عِدَّتهَا ثُمَّ رَجَعَ يُرِيد رَجْعَتهَا , فَأَمَّا جَابِر فَقَالَ : طَلَّقْت ابْنَة عَمّنَا ثُمَّ تُرِيد أَنْ تَنْكِحهَا الثَّانِيَة وَكَانَتْ الْمَرْأَة تُرِيد زَوْجهَا قَدْ رَاضَتْهُ , فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة وَقَالَ آخَرُونَ : نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة دَلَالَة عَلَى نَهْي الرَّجُل عَنْ مُضَارَّة وَلِيَّته مِنْ النِّسَاء , يَعْضُلهَا عَنْ النِّكَاح ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3900 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ ابْن عَبَّاس قَوْله : { فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجهنَّ } فَهَذَا فِي الرَّجُل يُطَلِّق امْرَأَته تَطْلِيقَة أَوْ تَطْلِيقَتَيْنِ فَتَنْقَضِي عِدَّتهَا , ثُمَّ يَبْدُو لَهُ فِي تَزْوِيجهَا وَأَنْ يُرَاجِعهَا , وَتُرِيد الْمَرْأَة , فَيَمْنَعهَا أَوْلِيَاؤُهَا مِنْ ذَلِكَ , فَنَهَى اللَّه سُبْحَانه أَنْ يَمْنَعُوهَا * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ ابْن عَبَّاس : { وَإِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلهنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجهنَّ إذَا تَرَاضَوْا بَيْنهمْ بِالْمَعْرُوفِ } كَانَ الرَّجُل يُطَلِّق امْرَأَته تَبِين مِنْهُ , وَيَنْقَضِي أَجَلهَا , وَيُرِيد أَنْ يُرَاجِعهَا , وَتَرْضَى بِذَلِكَ , فَيَأْبَى أَهْلهَا , قَالَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره : { فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجهنَّ إذَا تُرَاضُوا بَيْنهمْ بِالْمَعْرُوفِ } 3901 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حِبَّان بْن مُوسَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن الْمُبَارَك , عَنْ سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ أَبِي الضُّحَى , عَنْ مَسْرُوق فِي قَوْله : { فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجهنَّ } قَالَ : كَانَ الرَّجُل يُطَلِّق امْرَأَته , ثُمَّ يَبْدُو لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجهَا , فَيَأْبَى أَوْلِيَاء الْمَرْأَة أَنْ يُزَوِّجُوهَا , فَقَالَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره : { فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجهنَّ إذَا تَرَاضَوْا بَيْنهمْ بِالْمَعْرُوفِ } 3902 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ أَصْحَابه , عَنْ إبْرَاهِيم فِي قَوْله : { وَإِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلهنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجهنَّ } قَالَ : الْمَرْأَة تَكُون عِنْد الرَّجُل فَيَطْلِقهَا , ثُمَّ يُرِيد أَنْ يَعُود إلَيْهَا فَلَا يَعْضُلهَا وَلِيّهَا أَنْ يُنْكِحهَا إيَّاهُ 3903 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني اللَّيْث , عَنْ يُونُس , عَنْ ابْن شِهَاب : قَالَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره : { وَإِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلهنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجهنَّ } الْآيَة , فَإِذَا طَلَّقَ الرَّجُل الْمَرْأَة وَهُوَ وَلِيّهَا , فَانْقَضَتْ عِدَّتهَا , فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْضُلهَا حَتَّى يَرِثهَا وَيَمْنَعهَا أَنْ تَسْتَعِفّ بِزَوْجٍ 3904 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ , قَالَ أَخْبَرَنَا عُبَيْد بْن سَلْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { وَإِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلهنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ } هُوَ الرَّجُل يُطَلِّق امْرَأَته تَطْلِيقَة ثُمَّ يَسْكُت عَنْهَا , فَيَكُون خَاطِبًا مِنْ الْخَطَّاب , فَقَالَ اللَّه لِأَوْلِيَاءِ الْمَرْأَة : لَا تَعْضُلُوهُنَّ , يَقُول : لَا تَمْنَعُوهُنَّ أَنْ يَرْجِعْنَ إلَى أَزْوَاجهنَّ بِنِكَاحٍ جَدِيد إذَا تَرَاضَوْا بَيْنهمْ بِالْمَعْرُوفِ إذَا رَضِيَتْ الْمَرْأَة وَأَرَادَتْ أَنْ تُرَاجِع زَوْجهَا بِنِكَاحٍ جَدِيد وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي هَذِهِ الْآيَة أَنْ يُقَال : إنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره أَنَزَلَهَا دَلَالَة عَلَى تَحْرِيمه عَلَى أَوْلِيَاء النِّسَاء مُضَارَّة مَنْ كَانُوا لَهُ أَوْلِيَاء مِنْ النِّسَاء بِعَضْلِهِنَّ عَمَّنْ أَرَدْنَ نِكَاحه مِنْ أَزْوَاج كَانُوا لَهُنَّ , فَبِنَّ مِنْهُنَّ بِمَا تَبَيَّنَ بِهِ الْمَرْأَة مِنْ زَوْجهَا مِنْ طَلَاق أَوْ فَسْخ نِكَاح وَقَدْ يَجُوز أَنْ تَكُون نَزَلَتْ فِي أَمْر مَعْقِل بْن يَسَار وَأَمَرَ أُخْته أَوْ فِي أَمْر جَابِر بْن عَبْد اللَّه وَأَمَرَ ابْنَة عَمّه , وَأَيّ ذَلِكَ كَانَ فَالْآيَة دَالَّة عَلَى مَا ذَكَرْت وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ تَعَالَى : { فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ } لَا تُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ بِمَنْعِكُمْ إيَّاهُنَّ أَيّهَا الْأَوْلِيَاء مِنْ مُرَاجَعَة أَزْوَاجهنَّ بِنِكَاحٍ جَدِيد تَبْتَغُونَ بِذَلِكَ مُضَارَّتهنَّ , يُقَال مِنْهُ : عَضَلَ فُلَان فُلَانَة عَنْ الْأَزْوَاج يُعْضِلهَا عَضْلًا وَقَدْ ذُكِرَ لَنَا أَنَّ حَيًّا مِنْ أَحِيَاء الْعَرَب مِنْ لُغَتهَا : عَضَلَ يَعْضُل , فَمَنْ كَانَ مِنْ لُغَته عَضْل , فَإِنَّهُ إنْ صَارَ إلَى يَفْعُل , قَالَ : يَعْضَل بِفَتْحِ الضَّاد , وَالْقِرَاءَة عَلَى ضَمّ الضَّاد دُون كَسْرهَا , وَالضَّمّ مِنْ لُغَة مَنْ قَالَ عَضَلَ وَأَصْل الْعَضْل : الضِّيق , وَمِنْهُ قَوْل عُمَر رَحْمَة اللَّه عَلَيْهِ : " وَقَدْ أَعْضَلَ بِي أَهْل الْعِرَاق , لَا يَرْضُونَ عَنْ وَالٍ , وَلَا يَرْضَى عَنْهُمْ وَالٍ " , يَعْنِي بِذَلِكَ حَمَلُونِي عَلَى أَمْر ضَيِّق شَدِيد لَا أُطِيق الْقِيَام بِهِ , وَمِنْهُ أَيْضًا : الدَّاء الْعُضَال , وَهُوَ الدَّاء الَّذِي لَا يُطَاق عِلَاجه لِضِيقِهِ عَنْ الْعِلَاج , وَتَجَاوُزه حَدّ الْأَدْوَاء الَّتِي يَكُون لَهَا عِلَاج , وَمِنْهُ قَوْل ذِي الرِّمَّة : وَلَمْ أَقْذِف لِمُؤْمِنَةٍ حَصَان بِإِذْنِ اللَّه مُوجِبَة عُضَالًا وَمِنْ قَيْل : عَضَلَ الْفَضَاء بِالْجَيْشِ لِكَثْرَتِكُمْ : إذَا ضَاقَ عَنْهُمْ مِنْ كَثْرَتهمْ وَقِيلَ : عَضَلَتْ الْمَرْأَة : إذَا نَشِبَ الْوَلَد فِي رَحِمهَا فَضَاقَ عَلَيْهِ الْخُرُوج مِنْهَا , وَمِنْهُ قَوْل أَوْس بْن حُجْرٍ وَلَيْسَ أَخُوك الدَّائِم الْعَهْد بِاَلَّذِي يَذُمّك إنْ وَلَّى وَيُرْضِيك مُقْبِلَا وَلَكِنَّهُ النَّائِي إذَا كُنْت آمِنًا وَصَاحِبك الْأَدْنَى إذَا الْأَمْر أَعْضَلَا و " أَنَّ " الَّتِي فِي قَوْله { أَنْ يَنْكِحْنَ } فِي مَوْضِع نَصْب قَوْله : { تَعْضُلُوهُنَّ } وَمَعْنَى قَوْله : { إذَا تَرَاضَوْا بَيْنهمْ بِالْمَعْرُوفِ } إذَا تَرَاضَى الْأَزْوَاج وَالنِّسَاء بِمَا يَحِلّ , وَيَجُوز أَنْ يَكُون عِوَضًا مِنْ أَبْضَاعهنَّ مِنْ الْمُهُور وَنِكَاح جَدِيد مُسْتَأْنَف كَمَا : 3905 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ عُمَيْر بْن عَبْد اللَّه , عَنْ عَبْد الْمَلِك بْن الْمُغِيرَة , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن الْبَيْلَمَانِيّ , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " انْكِحُوا الْأَيَامَى ! " فَقَالَ رَجُل يَا رَسُول اللَّه مَا الْعَلَائِق بَيْنهمْ , قَالَ : " مَا تَرَاضَى عَلَيْهِ أَهْلُوهُمْ " 3906 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن الْحَارِث , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الْبَيْلَمَانِيّ , عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْن عُمَر عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوٍ مِنْهُ وَفِي هَذِهِ الْآيَة الدَّلَالَة الْوَاضِحَة عَلَى صِحَّة قَوْل مَنْ قَالَ : لَا نِكَاح إلَّا بِوَلِيٍّ مِنْ الْعَصَبَة وَذَلِكَ أَنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره مَنَعَ الْوَلِيّ مِنْ عَضْل الْمَرْأَة إنْ أَرَادَتْ النِّكَاح , وَنَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ , فَلَوْ كَانَ لِلْمَرْأَةِ إنْكَاح نَفْسهَا بِغَيْرِ إنْكَاح وَلِيّهَا إيَّاهَا , أَوْ كَانَ لَهَا تَوْلِيَة مَنْ أَرَادَتْ تَوْلِيَته فِي إنْكَاحهَا لَمْ يَكُنْ لِنَهْيِ وَلِيّهَا عَنْ عَضْلهَا مَعْنًى مَفْهُوم , إذْ كَانَ لَا سَبِيل لَهُ إلَى عَضْلهَا , وَذَلِكَ أَنَّهَا إنْ كَانَتْ مَتَى أَرَادَتْ النِّكَاح جَازَ لَهَا إنْكَاح نَفْسهَا أَوْ إنْكَاح مَنْ تُوَكِّلهُ إنْكَاحهَا , فَلَا عَضْل هُنَالِكَ لَهَا مِنْ أَحَد , فَيَنْهَى عَاضِلهَا عَنْ عَضْلهَا وَفِي فَسَاد الْقَوْل بِأَنْ لَا مَعْنَى لِنَهْيِ اللَّه عَمَّا نَهَى عَنْهُ صِحَّة الْقَوْل بِأَنَّ لِوَلِيِّ الْمَرْأَة فِي تَزْوِيجهَا حَقًّا لَا يَصِحّ عَقْده إلَّا بِهِ , وَهُوَ الْمَعْنَى الَّذِي أَمَرَ اللَّه بِهِ الْوَلِيّ مِنْ تَزْوِيجهَا إذَا خَطَبَهَا خَاطِبهَا وَرَضِيَتْ بِهِ , وَكَانَ رِضًى عِنْد أَوْلِيَائِهَا جَائِزًا فِي حُكْم الْمُسْلِمِينَ لِمِثْلِهَا أَنْ تَنْكِح مِثْله , وَنَهَاهُ عَنْ خِلَافه مِنْ عَضْلهَا , وَمَنَعَهَا عَمَّا أَرَادَتْ مِنْ ذَلِكَ وَتَرَاضَتْ هِيَ وَالْخَاطِب بِهِ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { ذَلِكَ يُوعَظ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِن بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر } يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ ذَلِكَ مَا ذِكْر فِي هَذِهِ الْآيَة : مِنْ نَهْي أَوْلِيَاء الْمَرْأَة عَنْ عَضْلهَا عَنْ النِّكَاح ; يَقُول : فَهَذَا الَّذِي نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ مِنْ عَضْلهنَّ عَنْ النِّكَاح عِظَة مِنِّي مَنْ كَانَ مِنْكُمْ أَيّهَا النَّاس يُؤْمِن بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر , يَعْنِي يُصَدِّق بِاَللَّهِ فَيُوَحِّدهُ , وَيُقِرّ بِرُبُوبِيَّتِهِ , { وَالْيَوْم الْآخِر } يَقُول : وَمِنْ يُؤْمِن بِالْيَوْمِ الْآخِر فَيُصَدِّق بِالْبَعْثِ لِلْجَزَاءِ وَالثَّوَاب وَالْعِقَاب , لِيَتَّقِيَ اللَّه فِي نَفْسه , فَلَا يَظْلِمهَا بِضِرَارِ وَلِيَّته , وَمَنْعهَا مِنْ نِكَاح مَنْ رَضِيَتْهُ لِنَفْسِهَا مِمَّنْ أَذِنَتْ لَهَا فِي نِكَاحه فَإِنْ قَالَ لَنَا قَائِل : وَكَيْفَ قِيلَ { ذَلِكَ يُوعَظ بِهِ } وَهُوَ خِطَاب لِلْجَمِيعِ , وَقَدْ قَالَ مِنْ قَبْل : { فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ } وَإِذَا جَازَ أَنْ يُقَال فِي خِطَاب الْجَمِيع ذَلِكَ أَفَيَجُوز أَنْ تَقُول لِجَمَاعَةٍ مِنْ النَّاس وَأَنْت تُخَاطِبهُمْ أَيّهَا الْقَوْم : هَذَا غُلَامك وَهَذَا خَادِمك , وَأَنْت تُرِيد : هَذَا خَادِمكُمْ وَهَذَا غُلَامكُمْ ؟ قِيلَ لَا , إنَّ ذَلِكَ غَيْر جَائِز مَعَ الْأَسْمَاء

الْمَوْضُوعَات , لِأَنَّ مَا أُضِيفَ لَهُ الْأَسْمَاء غَيْرهَا , فَلَا يَفْهَم سَامِع سَمِعَ قَوْل قَائِل لِجَمَاعَةٍ أَيّهَا الْقَوْم هَذَا غُلَامك , أَنَّهُ عَنَى بِذَلِكَ : هَذَا غُلَامكُمْ , إلَّا عَلَى اسْتِخْطَاء النَّاطِق فِي مَنْطِقه ذَلِكَ , فَإِنْ طَلَبَ لِمَنْطِقِهِ ذَلِكَ وَجْهًا , فَالصَّوَاب صَرْف كَلَامه ذَلِكَ إلَى أَنَّهُ انْصَرَفَ عَنْ خِطَاب الْقَوْم بِمَا أَرَادَ خُطَّابهمْ بِهِ إلَى خِطَاب رَجُل وَاحِد مِنْهُمْ أَوْ مِنْ غَيْرهمْ , وَتَرْك مُجَاوَزَة الْقَوْم بِمَا أَرَادَ مُجَاوَزَتهمْ بِهِ مِنْ الْكَلَام , وَلَيْسَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فِي ذَلِكَ لِكَثْرَةِ جَرْي ذَلِكَ عَلَى أَلْسُن الْعَرَب فِي مَنْطِقهَا وَكَلَامهَا , حَتَّى صَارَتْ الْكَاف الَّتِي هِيَ كِنَايَة اسْم الْمُخَاطَب فِيهَا كَهَيْئَةِ حَرْف مِنْ حُرُوف الْكَلِمَة الَّتِي هِيَ مُتَّصِلَة بِهَا , وَصَارَتْ الْكَلِمَة بِهَا كَقَوْلِ الْقَائِل هَذَا , كَأَنَّهَا لَيْسَ مَعَهَا اسْم مُخَاطَب , فَمَنْ قَالَ : { ذَلِكَ يُوعَظ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِن بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر } أَقَرَّ الْكَاف مِنْ ذَلِكَ مُوَحَّدَة مَفْتُوحَة فِي خِطَاب الْوَاحِدَة مِنْ النِّسَاء وَالْوَاحِد مِنْ الرِّجَال , وَالتَّثْنِيَة وَالْجَمْع , وَمِنْ قَالَ : { ذَلِكُمْ يُوعَظ بِهِ } كَسَرَ فِي خِطَاب الْوَاحِدَة مِنْ النِّسَاء , وَفَتَحَ فِي خِطَاب الْوَاحِد مِنْ الرِّجَال فَقَالَ فِي خِطَاب الِاثْنَيْنِ مِنْهُمْ ذَلِكُمَا , وَفِي خِطَاب الْجَمْع ذَلِكُمْ وَقَدْ قِيلَ : إنَّ قَوْله : { ذَلِكَ يُوعَظ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِن بِاَللَّهِ } خِطَاب لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَلِذَلِكَ وَحَّدَ ; ثُمَّ رَجَعَ إلَى خِطَاب الْمُؤْمِنِينَ بِقَوْلِهِ : { مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِن بِاَللَّهِ } وَإِذَا جَاءَ التَّأْوِيل إلَى هَذَا الْوَجْه لَمْ يَكُنْ فِيهِ مُؤْنَة

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهُر وَاَللَّه يَعْلَم وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ } / يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ : { ذَلِكُمْ } نِكَاح أَزْوَاجهنَّ لَهُنَّ , وَمُرَاجَعَة أَزْوَاجهنَّ إيَّاهُنَّ بِمَا أَبَاحَ لَهُنَّ مِنْ نِكَاح وَمَهْر جَدِيد , أَزْكَى لَكُمْ أَيّهَا الْأَوْلِيَاء وَالْأَزْوَاج وَالزَّوْجَات وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ : { أَزْكَى لَكُمْ } أَفْضَل وَخَيْر عِنْد اللَّه مِنْ فُرْقَتهنَّ أَزْوَاجهنَّ وَقَدْ دَلَلْنَا فِيمَا مَضَى عَلَى مَعْنَى الزَّكَاة , فَأَغْنَى ذَلِكَ عَنْ إعَادَته وَأَمَّا قَوْله { وَأَطْهُر } فَإِنَّهُ يَعْنِي بِذَلِكَ : أَطْهَر لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبهنَّ وَقُلُوب أَزْوَاجهنَّ مِنْ الرِّيبَة , وَذَلِكَ أَنَّهُمَا إذَا كَانَ فِي نَفْس كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا - أَعْنِي الزَّوْج وَالْمَرْأَة - عَلَاقَة حُبّ , لَمْ يُؤْمِن أَنْ يَتَجَاوَزَا ذَلِكَ إلَى غَيْر مَا أَحَلَّهُ اللَّه لَهُمَا , وَلَمْ يُؤْمِن مِنْ أَوْلِيَائِهِمَا أَنْ يَسْبِق إلَى قُلُوبهمْ مِنْهُمَا مَا لَعَلَّهُمَا أَنْ يَكُونَا مِنْهُ بَرِيئِينَ فَأَمَرَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره الْأَوْلِيَاء إذَا أَرَادَ الْأَزْوَاج التَّرَاجُع بَعْد الْبَيْنُونَة بِنِكَاحٍ مُسْتَأْنَف فِي الْحَال الَّتِي أَذِنَ اللَّه لَهُمَا بِالتَّرَاجُعِ أَنْ لَا يُعْضِل وَلِيَّته عَمَّا أَرَادَتْ مِنْ ذَلِكَ , وَأَنْ يُزَوِّجهَا , لِأَنَّ ذَلِكَ أَفْضَل لِجَمِيعِهِمْ , وَأَطْهَر لِقُلُوبِهِمْ مِمَّا يَخَاف سُبُوقَهُ إلَيْهَا مِنْ الْمَعَانِي الْمَكْرُوهَة ثُمَّ أَخْبَرَ تَعَالَى ذِكْره عِبَاده أَنَّهُ يَعْلَم مِنْ سَرَائِرهمْ وَخَفِيَّات أُمُورهمْ , مَا لَا يَعْلَمهُ بَعْضهمْ مِنْ بَعْض , وَدَلَّهُمْ بِقَوْلِهِ لَهُمْ ذَلِكَ فِي الْمَوْضِع أَنَّهُ إنَّمَا أَمَرَ أَوْلِيَاء النِّسَاء بِإِنْكَاحِ مَنْ كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ مِنْ النِّسَاء إذَا تَرَاضَتْ الْمَرْأَة وَالزَّوْج الْخَاطِب بَيْنهمْ بِالْمَعْرُوفِ , وَنَهَاهُمْ عَنْ عَضْلهنَّ عَنْ ذَلِكَ لِمَا عَلِمَ مِمَّا فِي قَلْب الْخَاطِب وَالْمَخْطُوب مِنْ غَلَبَة الْهَوَى وَالْمَيْل مِنْ كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا إلَى صَاحِبه بِالْمَوَدَّةِ وَالْمَحَبَّة , فَقَالَ لَهُمْ تَعَالَى ذِكْره : افْعَلُوا مَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ إنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِي وَبِثَوَابِي وَبِعِقَابِي فِي مَعَادكُمْ فِي الْآخِرَة , فَإِنِّي أَعْلَم مِنْ قَلْب الْخَاطِب وَالْمَخْطُوبَة مَا لَا تَعْلَمُونَهُ مِنْ الْهَوَى وَالْمَحَبَّة , وَفِعْلكُمْ ذَلِكَ أَفْضَل لَكُمْ عِنْد اللَّه وَلَهُمْ , وَأَزْكَى وَأَطْهَر

لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبهنَّ فِي الْعَاجِل .
وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا لاَ تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلاَ مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدتُّمْ أَن تَسْتَرْضِعُواْ أَوْلادَكُمْ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُم مَّا آتَيْتُم بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌسورة البقرة الآية رقم 233
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَالْوَالِدَات يُرْضِعْنَ أَوْلَادهنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمّ الرَّضَاعَة } يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِذَلِكَ : وَالنِّسَاء اللَّوَاتِي بِنَّ مِنْ أَزْوَاجهنَّ وَلَهُنَّ أَوْلَاد قَدْ وَلَدْنَهُمْ مِنْ أَزْوَاجهنَّ قَبْل بَيْنُونَتهنَّ مِنْهُمْ بِطَلَاقٍ أَوْ وَلَدْنَهُمْ مِنْهُمْ بَعْد فِرَاقهمْ إيَّاهُنَّ مِنْ وَطْء كَانَ مِنْهُمْ لَهُنَّ قَبْل الْبَيْنُونَة يُرْضِعْنَ أَوْلَادهنَّ , يَعْنِي بِذَلِكَ أَنَّهُنَّ أَحَقّ بِرَضَاعِهِمْ مِنْ غَيْرهنَّ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِإِيجَابٍ مِنْ اللَّه تَعَالَى ذِكْره عَلَيْهِنَّ رَضَاعهمْ , إذَا كَانَ الْمَوْلُود لَهُ وَالِدًا حَيًّا مُوسِرًا ; لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره قَالَ فِي سُورَة النِّسَاء الْقُصْرَى : { وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى } 65 6 وَأَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّ الْوَالِدَة وَالْمَوْلُود لَهُ إنْ تَعَاسَرَا فِي الْأُجْرَة الَّتِي تُرْضِع بِهَا الْمَرْأَة وَلَدهَا , أَنَّ أُخْرَى سِوَاهَا تُرْضِعهُ , فَلَمْ يُوجِب عَلَيْهَا فَرْضًا رَضَاع وَلَدهَا , فَكَانَ مَعْلُومًا بِذَلِكَ أَنَّ قَوْله : { وَالْوَالِدَات يُرْضِعْنَ أَوْلَادهنَّ حَوْلَيْنِ } دَلَالَة عَلَى مَبْلَغ غَايَة الرَّضَاع الَّتِي مَتَى اخْتَلَفَ الْوَلَدَانِ فِي رَضَاع الْمَوْلُود بَعْدهَا , جَعَلَ حَدًّا يَفْصِل بِهِ

بَيْنهمَا , لَا دَلَالَة عَلَى أَنَّ فَرَضَا عَلَى الْوَالِدَات رَضَاع أَوْلَادهنَّ وَأَمَّا قَوْله { حَوْلَيْنِ } فَإِنَّهُ يَعْنِي بِهِ سَنَتَيْنِ , كَمَا : 3907 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { وَالْوَالِدَات يُرْضِعْنَ أَوْلَادهنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ } سَنَتَيْنِ * حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله وَأَصْل الْحَوْل مِنْ قَوْل الْقَائِل : حَالَ هَذَا الشَّيْء : إذَا انْتَقَلَ , وَمِنْهُ قِيلَ : تَحَوَّلَ فُلَان مِنْ مَكَان كَذَا : إذَا انْتَقَلَ عَنْهُ فَإِنْ قَالَ لَنَا قَائِل : وَمَا مَعْنَى ذِكْر كَامِلَيْنِ فِي قَوْله : { وَالْوَالِدَات يُرْضِعْنَ أَوْلَادهنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ } بَعْد قَوْله { يُرْضِعْنَ حَوْلَيْنِ } وَفِي ذِكْر الْحَوْلَيْنِ مُسْتَغْنًى عَنْ ذِكْر الْكَامِلَيْنِ ؟ إذْ كَانَ غَيْر مُشْكِل عَلَى سَامِع سَمِعَ قَوْله : { وَالْوَالِدَات يُرْضِعْنَ أَوْلَادهنَّ حَوْلَيْنِ } مَا يُرَاد بِهِ , فَمَا الْوَجْه الَّذِي مِنْ أَجْله زِيدَ ذِكْر كَامِلَيْنِ ؟ قِيلَ : إنَّ الْعَرَب قَدْ تَقُول : أَقَامَ فُلَان بِمَكَانِ كَذَا حَوْلَيْنِ أَوْ يَوْمَيْنِ أَوْ شَهْرَيْنِ , وَإِنَّمَا أَقَامَ بِهِ يَوْمًا وَبَعْض آخَر أَوْ شَهْرًا وَبَعْض آخَر , أَوْ حَوْلًا وَبَعْض آخَر فَقِيلَ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِيَعْرِف سَامِع ذَلِكَ أَنَّ الَّذِي أُرِيدَ بِهِ حَوْلَانِ تَامَّانِ , لَا حَوْل وَبَعْض آخَر , وَذَلِكَ كَمَا قَالَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره : { وَاذْكُرُوا اللَّه فِي أَيَّام مَعْدُودَات فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إثْم عَلَيْهِ وَمِنْ تَأَخَّرَ فَلَا إثْم عَلَيْهِ } 2 203 وَمَعْلُوم أَنَّ الْمُتَعَجِّل إنَّمَا يَتَعَجَّل فِي يَوْم وَنِصْف , فَكَذَلِكَ ذَلِكَ فِي الْيَوْم الثَّالِث مِنْ أَيَّام التَّشْرِيق , وَأَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ شَيْء تَامّ , وَلَكِنْ الْعَرَب تَفْعَل ذَلِكَ فِي الْأَوْقَات خَاصَّة , فَتَقُول : الْيَوْم يَوْمَانِ مُنْذُ لَمْ أَرَهُ , وَإِنَّمَا تَعْنِي بِذَلِكَ يَوْمًا وَبَعْض آخَر , وَقَدْ تَوَقَّعَ الْفِعْل الَّذِي تَفْعَلهُ فِي السَّاعَة أَوْ اللَّحْظَة عَلَى الْعَام وَالزَّمَان وَالْيَوْم , فَتَقُول زُرْته عَام كَذَا , وَقَتَلَ فُلَان فُلَانًا زَمَان صِفِّين , وَإِنَّمَا تَفْعَل ذَلِكَ لِأَنَّهَا لَا تَقْصِد بِذَلِكَ الْخَبَر عَنْ عَدَد الْأَيَّام وَالسِّنِينَ , وَإِنَّمَا تَعْنِي بِذَلِكَ الْأَخْبَار عَنْ الْوَقْت الَّذِي كَانَ فِيهِ الْمُخْبَر عَنْهُ , فَجَازَ أَنْ يَنْطِق بِالْحَوْلَيْنِ وَالْيَوْمَيْنِ عَلَى مَا وَصَفْت قَبْل , لِأَنَّ مَعْنَى الْكَلَام فِي ذَلِكَ : فَعَلَتْهُ إذْ ذَاكَ , وَفِي ذَلِكَ الْوَقْت فَكَذَلِكَ قَوْله : { وَالْوَالِدَات يُرْضِعْنَ أَوْلَادهنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ } لَمَّا جَازَ الرَّضَاع فِي الْحَوْلَيْنِ وَلَيْسَا بِالْحَوْلَيْنِ , فَكَانَ الْكَلَام لَوْ أُطْلِقَ فِي ذَلِكَ بِغَيْرِ تَضْمِين الْحَوْلَيْنِ بِالْكَمَالِ , وَقِيلَ : { وَالْوَالِدَات يُرْضِعْنَ أَوْلَادهنَّ حَوْلَيْنِ } مُحْتَمَلًا أَنْ يَكُون مَعْنِيًّا بِهِ حَوْل وَبَعْض آخَر نُفِيَ اللَّبْس عَنْ سَامِعِيهِ بِقَوْلِهِ : { كَامِلَيْنِ } أَنْ يَكُون مُرَادًا بِهِ حَوْل وَبَعْض آخَر , وَأَبْيَن بِقَوْلِهِ : { كَامِلَيْنِ } عَنْ وَقْت تَمَام حَدّ الرَّضَاع , وَأَنَّهُ تَمَام الْحَوْلَيْنِ بِانْقِضَائِهِمَا دُون انْقِضَاء أَحَدهمَا وَبَعْض الْآخَر ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَة مِنْ مَبْلَغ غَايَة رَضَاع الْمَوْلُودِينَ , أَهُوَ حَدّ لِكُلِّ مَوْلُود , أَوْ هُوَ حَدّ لِبَعْضٍ دُون بَعْض ؟ فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ حَدّ لِبَعْضٍ دُون بَعْض ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3908 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَهَّاب , قَالَ : ثنا دَاوُد عَنْ عِكْرِمَة عَنْ ابْن عَبَّاس فِي الَّتِي تَضَع لِسِتَّةِ أَشْهُر : أَنَّهَا تُرْضِع حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ , وَإِذَا وَضَعَتْ لِسَبْعَةِ أَشْهُر أَرْضَعَتْ ثَلَاثَة وَعِشْرِينَ لِتَمَامِ ثَلَاثِينَ شَهْرًا , وَإِذَا وَضَعَتْ لِتِسْعَةِ أَشْهُر أَرْضَعَتْ وَاحِدًا وَعِشْرِينَ شَهْرًا 3909 - حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا دَاوُد , عَنْ عِكْرِمَة بِمِثْلِهِ , وَلَمْ يَرْفَعهُ إلَى ابْن عَبَّاس 3910 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ الزُّهْرِيّ عَنْ أَبِي عُبَيْد قَالَ : رُفِعَ إلَى عُثْمَان امْرَأَة وَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُر , فَقَالَ : إنَّهَا رُفِعَتْ لَا أَرَاهَا إلَّا قَدْ جَاءَتْ بِشَرٍّ أَوْ نَحْو هَذَا وَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُر , فَقَالَ ابْن عَبَّاس : إذَا أَتَمَّتْ الرَّضَاع كَانَ الْحَمْل لِسِتَّةِ أَشْهُر قَالَ : وَتَلَا ابْن عَبَّاس : { وَحَمْله وَفِصَاله ثَلَاثُونَ شَهْرًا } 46 15 , فَإِذَا أَتَمَّتْ الرَّضَاع كَانَ الْحَمْل لِسِتَّةِ أَشْهُر فَخَلَّى عُثْمَان سَبِيلهَا وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ ذَلِكَ حَدّ رَضَاع كُلّ مَوْلُود اخْتَلَفَ وَالِدَاهُ فِي رَضَاعه , فَأَرَادَ أَحَدهمَا الْبُلُوغ إلَيْهِ , وَالْآخَر التَّقْصِير عَنْهُ ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3911 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ ابْن عَبَّاس قَوْله : { وَالْوَالِدَات يُرْضِعْنَ أَوْلَادهنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ } فَجَعَلَ اللَّه سُبْحَانه الرَّضَاع حَوْلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمّ الرَّضَاعَة , ثُمَّ قَالَ : { فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُر فَلَا جُنَاح عَلَيْهِمَا } إنْ أَرَادَا أَنْ يَفْطِمَاهُ قَبْل الْحَوْلَيْنِ وَبَعْده 3912 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سُوَيْد , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن الْمُبَارَك , عَنْ ابْن جُرَيْجٍ , قَالَ : قُلْت لِعَطَاءٍ : { وَالْوَالِدَات يُرْضِعْنَ أَوْلَادهنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ } قَالَ : إنْ أَرَادَتْ أُمّه أَنْ تُقْصِر عَنْ حَوْلَيْنِ كَانَ عَلَيْهَا حَقًّا أَنْ تَبْلُغهُ لَا أَنْ تَزِيد عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَشَاء 3913 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا مِهْرَان , وَحَدَّثَنِي عَلِيّ بْن سَهْل , قَالَ : ثنا زَيْد بْن أَبِي الزَّرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ الثَّوْرِيّ فِي قَوْله : { وَالْوَالِدَات يُرْضِعْنَ أَوْلَادهنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمّ الرَّضَاعَة } وَالتَّمَام : الْحَوْلَانِ , قَالَ : فَإِذَا أَرَادَ الْأَب أَنْ يَفْطِمهُ قَبْل الْحَوْلَيْنِ وَلَمْ تَرْضَ الْمَرْأَة فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ , وَإِذَا قَالَتْ الْمَرْأَة أَنَا أَفْطِمهُ قَبْل الْحَوْلَيْنِ وَقَالَ الْأَب لَا فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَفْطِمهُ حَتَّى يَرْضَى الْأَب حَتَّى يَجْتَمِعَا , فَإِنْ اجْتَمَعَا قَبْل الْحَوْلَيْنِ فَطَمَاهُ , وَإِذَا اخْتَلَفَا لَمْ يَفْطِمَاهُ قَبْل الْحَوْلَيْنِ , وَذَلِكَ قَوْله : { فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُر } . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ دَلَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ : { وَالْوَالِدَات يُرْضِعْنَ أَوْلَادهنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ } عَلَى أَنْ لَا رَضَاع بَعْد الْحَوْلَيْنِ , فَإِنَّ الرَّضَاع إنَّمَا هُوَ كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3914 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا آدَم , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن أَبِي ذِئْب , قَالَ : ثنا الزُّهْرِيّ , عَنْ ابْن عَبَّاس وَابْن عُمَر أَنَّهُمَا قَالَا : إنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره يَقُول : { وَالْوَالِدَات يُرْضِعْنَ أَوْلَادهنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ } وَلَا نَرَى رَضَاعًا بَعْد الْحَوْلَيْنِ يُحَرِّم شَيْئًا * حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا ابْن الْمُبَارَك , عَنْ يُونُس بْن يَزِيد , عَنْ الزُّهْرِيّ , قَالَ : كَانَ ابْن عُمَر وَابْن عَبَّاس يَقُولَانِ : لَا رَضَاع بَعْد الْحَوْلَيْنِ 3915 - حَدَّثَنَا أَبُو السَّائِب , قَالَ : ثنا حَفْص , عَنْ الشَّيْبَانِيّ , عَنْ أَبِي الضُّحَى , عَنْ أَبِي عَبْد الرَّحْمَن , عَنْ عَبْد اللَّه قَالَ : مَا كَانَ مِنْ رَضَاع بَعْد سَنَتَيْنِ أَوْ فِي الْحَوْلَيْنِ بَعْد الْفِطَام فَلَا رَضَاع 3916 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن سَعِيد وَعَبْد الرَّحْمَن , قَالَا : ثنا سُفْيَان , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ إبْرَاهِيم عَنْ عَلْقَمَة : أَنَّهُ رَأَى امْرَأَة تُرْضِع بَعْد حَوْلَيْنِ , فَقَالَ لَا تُرْضِعِيهِ 3917 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ الشَّيْبَانِيّ , قَالَ : سَمِعْت الشَّعْبِيّ , يَقُول : مَا كَانَ مِنْ وَجُور أَوْ سَعُوط أَوْ رَضَاع فِي الْحَوْلَيْنِ فَإِنَّهُ يُحَرِّم , وَمَا كَانَ بَعْد الْحَوْلَيْنِ لَمْ يُحَرِّم شَيْئًا 3918 - حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ الْمُغِيرَة , عَنْ إبْرَاهِيم أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّث عَنْ عَبْد اللَّه أَنَّهُ قَالَ : لَا رَضَاع بَعْد فِصَال أَوْ بَعْد حَوْلَيْنِ 3919 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا حَسَن بْن عَطِيَّة , قَالَ : ثنا إسْرَائِيل , عَنْ عَبْد الْأَعْلَى , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ ابْن عَبَّاس , قَالَ : لَيْسَ يُحَرِّم مِنْ الرَّضَاع بَعْد التَّمَام , إنَّمَا يُحَرِّم مَا أَنْبَتَ اللَّحْم وَأَنْشَأَ الْعَظْم 3920 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ عَمْرو بْن دِينَار , أَنَّ ابْن عَبَّاس قَالَ : لَا رَضَاع بَعْد فِصَال السَّنَتَيْنِ * حَدَّثَنَا هِلَال بْن الْعَلَاء الرَّقِّيّ , قَالَ : ثنا أَبِي , قَالَ : ثنا عُبَيْد اللَّه , عَنْ زَيْد , عَنْ عَمْرو بْن مُرَّة , عَنْ أَبِي الضُّحَى , قَالَ : سَمِعْت ابْن عَبَّاس يَقُول : { وَالْوَالِدَات يُرْضِعْنَ أَوْلَادهنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ } قَالَ : لَا رَضَاع إلَّا فِي هَذَيْنِ الْحَوْلَيْنِ وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ كَانَ قَوْله : { وَالْوَالِدَات يُرْضِعْنَ أَوْلَادهنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ } دَلَالَة مِنْ اللَّه تَعَالَى ذِكْره عِبَاده عَلَى أَنَّ فَرْضًا عَلَى وَالِدَات الْمَوْلُودِينَ أَنْ يُرْضِعْنَهُمْ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ , ثُمَّ خَفَّفَ تَعَالَى ذِكْره ذَلِكَ بِقَوْلِهِ : { لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمّ الرَّضَاعَة } فَجَعَلَ الْخِيَار فِي ذَلِكَ إلَى الْآبَاء وَالْأُمَّهَات إذَا أَرَادُوا الْإِتْمَام أَكْمَلُوا حَوْلَيْنِ , وَإِنْ أَرَادُوا قَبْل ذَلِكَ فَطْم الْمَوْلُود كَانَ ذَلِكَ إلَيْهِمْ عَلَى النَّظَر مِنْهُمْ لِلْمَوْلُودِ ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3921 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة قَوْله : { وَالْوَالِدَات يُرْضِعْنَ أَوْلَادهنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ } ثُمَّ أَنَزَلَ اللَّه الْيُسْر وَالتَّخْفِيف بَعْد ذَلِكَ فَقَالَ تَعَالَى ذِكْره : { لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمّ الرَّضَاعَة } 3922 - حُدِّثْت عَنْ عَمَّار , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع فِي قَوْله : { وَالْوَالِدَات يُرْضِعْنَ أَوْلَادهنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ } يَعْنِي الْمُطَلَّقَات يُرْضِعْنَ أَوْلَادهنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ , ثُمَّ أَنَزَلَ الرُّخْصَة وَالتَّخْفِيف بَعْد ذَلِكَ , فَقَالَ : { لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمّ الرَّضَاعَة } ذِكْر مَنْ قَالَ : إنَّ الْوَالِدَات اللَّوَاتِي ذَكَرَهُنَّ اللَّه فِي هَذَا الْمَوْضِع الْبَائِنَات مِنْ أَزْوَاجهنَّ عَلَى مَا وَصَفْنَا قَبْل : 3923 - حَدَّثَنِي مُوسَى , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ قَالَ : { وَالْوَالِدَات يُرْضِعْنَ أَوْلَادهنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ } إلَى : { إذَا سَلَّمْتُمْ مَا أَتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ } أَمَّا الْوَالِدَات يُرْضِعْنَ أَوْلَادهنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ فَالرَّجُل يُطَلِّق امْرَأَته وَلَهُ مِنْهَا وَلَد , وَأَنَّهَا تُرْضِع لَهُ وَلَده بِمَا يُرْضِع لَهُ غَيْرهَا 3924 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سُوَيْد بْن نَصْر , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن الْمُبَارَك , عَنْ جُوَيْبِر عَنْ الضَّحَّاك فِي قَوْله : { وَالْوَالِدَات يُرْضِعْنَ أَوْلَادهنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ } قَالَ : إذَا طَلَّقَ الرَّجُل امْرَأَته وَهِيَ تُرْضِع لَهُ وَلَدًا * حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إسْحَاق , قَالَ : ثنا أَبُو زُهَيْر , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , بِنَحْوِهِ وَأَوْلَى الْأَقْوَال بِالصَّوَابِ فِي قَوْله : { وَالْوَالِدَات يُرْضِعْنَ أَوْلَادهنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمّ الرَّضَاعَة } الْقَوْل الَّذِي رَوَاهُ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ ابْن عَبَّاس , وَوَافَقَهُ عَلَى الْقَوْل بِهِ عَطَاء وَالثَّوْرِيّ , وَالْقَوْل الَّذِي رُوِيَ عَنْ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود وَابْن عَبَّاس وَابْن عُمَر , وَهُوَ أَنَّهُ دَلَالَة عَلَى الْغَايَة الَّتِي يَنْتَهِي إلَيْهَا فِي الرَّضَاع الْمَوْلُود إذَا اخْتَلَفَ وَالِده , وَأَنْ لَا رَضَاع بَعْد الْحَوْلَيْنِ يُحَرِّم شَيْئًا , وَأَنَّهُ مَعْنِيّ بِهِ كُلّ مَوْلُود لِسِتَّةِ أَشْهُر كَانَ وِلَاده , أَوْ لِسَبْعَةٍ أَوْ لِتِسْعَةٍ فَأَمَّا قَوْلنَا : إنَّهُ دَلَالَة عَلَى الْغَايَة الَّتِي يَنْتَهِي إلَيْهَا فِي الرَّضَاع عِنْد اخْتِلَاف الْوَالِدَيْنِ فِيهِ ; فَلِأَنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره لَمَّا حَدَّ فِي ذَلِكَ حَدًّا , كَانَ غَيْر جَائِز أَنْ يَكُون مَا وَرَاء حَدّه مُوَافِقًا فِي الْحُكْم مَا دُونه , لِأَنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ , لَمْ يَكُنْ لِلْحَدِّ مَعْنًى مَعْقُول وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَلَا شَكَّ أَنَّ الَّذِي هُوَ دُون الْحَوْلَيْنِ مِنْ الْأَجَل لَمَا كَانَ وَقْت رَضَاع , كَانَ مَا وَرَاءَهُ غَيْر وَقْت لَهُ , وَأَنَّهُ وَقَّتَ لِتَرْكِ الرَّضَاع , وَأَنَّ تَمَام الرَّضَاع لَمَّا كَانَ تَمَام الْحَوْلَيْنِ , وَكَانَ التَّامّ مِنْ الْأَشْيَاء لَا مَعْنَى إلَى الزِّيَادَة فِيهِ , كَانَ لَا مَعْنَى لِلزِّيَادَةِ فِي الرَّضَاع عَلَى الْحَوْلَيْنِ , وَأَنَّ مَا دُون الْحَوْلَيْنِ مِنْ الرَّضَاع لَمَا كَانَ مُحَرَّمًا , كَانَ مَا وَرَاءَهُ غَيْر مُحَرَّم وَإِنَّمَا قُلْنَا هُوَ دَلَالَة عَلَى أَنَّهُ مَعْنِيّ بِهِ كُلّ مَوْلُود لِأَيِّ وَقْت كَانَ وِلَاده , لِسِتَّةِ أَشْهُر , أَوْ سَبْعَة , أَوْ تِسْعَة , لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره عَمَّ بِقَوْلِهِ : { وَالْوَالِدَات يُرْضِعْنَ أَوْلَادهنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ } وَلَمْ يُخَصِّص بِهِ بَعْض الْمَوْلُودِينَ دُون بَعْض وَقَدْ دَلَّلْنَا عَلَى فَسَاد الْقَوْل بِالْخُصُوصِ بِغَيْرِ بَيَان اللَّه تَعَالَى ذِكْره ذَلِكَ فِي كِتَابه , أَوْ عَلَى لِسَان رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كِتَابنَا " كِتَاب الْبَيَان عَنْ أُصُول الْأَحْكَام " بِمَا أَغْنَى عَنْ إعَادَته فِي هَذَا الْمَوْضِع فَإِنْ قَالَ لَنَا قَائِل : فَإِنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره قَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ : { وَحَمْله وَفِصَاله ثَلَاثُونَ شَهْرًا } فَجَعَلَ ذَلِكَ حَدًّا لِلْمَعْنَيَيْنِ كِلَيْهِمَا , فَغَيْر جَائِز أَنْ يَكُون حَمْل وَرَضَاع أَكْثَر مِنْ الْحَدّ الَّذِي حَدَّهُ اللَّه تَعَالَى ذِكْره , فَمَا نَقَصَ مِنْ مُدَّة الْحَمْل عَنْ تِسْعَة أَشْهُر , فَهُوَ مَزِيد فِي مُدَّة الرَّضَاع وَمَا زِيدَ فِي مُدَّة الْحَمْل نَقَصَ مِنْ مُدَّة الرَّضَاع , وَغَيْر جَائِز أَنْ يُجَاوِز بِهِمَا كِلَيْهِمَا مُدَّة ثَلَاثِينَ شَهْرًا , كَمَا حَدَّهُ اللَّه تَعَالَى ذِكْره ؟ قِيلَ لَهُ : فَقَدْ يَجِب أَنْ يَكُون مُدَّة الْحَمْل عَلَى هَذِهِ الْمَقَالَة إنْ بَلَغَتْ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ , أَلَّا يُرْضِع الْمَوْلُود إلَّا سِتَّة أَشْهُر , وَإِنْ بَلَغَتْ أَرْبَع سِنِينَ أَنْ يُبْطِل الرَّضَاع فَلَا تُرْضِع , لِأَنَّ الْحَمْل قَدْ اسْتَغْرَقَ الثَّلَاثِينَ شَهْرًا وَجَاوَزَ غَايَته أَوْ يَزْعُم قَائِل هَذِهِ الْمَقَالَة أَنَّ مُدَّة الْحَمْل لَنْ تُجَاوِز تِسْعَة أَشْهُر , فَيَخْرُج مِنْ قَوْل جَمِيع الْحُجَّة , وَيُكَابِر الْمَوْجُود وَالْمُشَاهَد , وَكَفَى بِهِمَا حُجَّة عَلَى خَطَأ دَعْوَاهُ إنْ ادَّعَى ذَلِكَ , فَإِلَى أَيّ الْأَمْرَيْنِ لَجَأَ قَائِل هَذِهِ الْمَقَالَة وَضَحَ لِذَوِي الْفَهْم فَسَاد قَوْله فَإِنْ قَالَ لَنَا قَائِل : فَمَا مَعْنَى قَوْله إنْ كَانَ الْأَمْر عَلَى مَا وَصَفْت : { وَحَمْله وَفِصَاله ثَلَاثُونَ شَهْرًا } 46 15 وَقَدْ ذَكَرْت آنِفًا أَنَّهُ غَيْر جَائِز أَنْ يَكُون مَا جَاوَزَ حَدّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره نَظِير مَا دُون حَدّه فِي الْحُكْم , وَقَدْ قُلْت : إنَّ الْحَمْل وَالْفِصَال قَدْ يُجَاوِزَانِ ثَلَاثِينَ شَهْرًا ؟ قِيلَ : إنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره لَمْ يَجْعَل قَوْله : { وَحَمْله وَفِصَاله ثَلَاثُونَ شَهْرًا } حَدًّا لِتَعَبُّدِ عِبَاده بِأَنْ لَا يُجَاوِزهُ كَمَا جَعَلَ قَوْله : { وَالْوَالِدَات يُرْضِعْنَ أَوْلَادهنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمّ الرَّضَاعَة } حَدًّا لِرَضَاعِ الْمَوْلُود التَّامّ الرَّضَاع , وَتَعَبُّد الْعِبَاد بِحَمْلِ وَالِدَيْهِ عَلَيْهِ عِنْد اخْتِلَافهمَا فِيهِ , وَإِرَادَة أَحَدهمَا الضِّرَار بِهِ وَذَلِكَ أَنَّ الْأَمْر مِنْ اللَّه تَعَالَى ذِكْره إنَّمَا يَكُون فِيمَا يَكُون لِلْعِبَادِ السَّبِيل إلَى طَاعَته بِفِعْلِهِ وَالْمَعْصِيَة بِتَرْكِهِ , فَأَمَّا مَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ إلَى فِعْله , وَلَا إلَى تَرْكه سَبِيل فَذَلِكَ مِمَّا لَا يَجُوز الْأَمْر بِهِ وَلَا النَّهْي عَنْهُ , وَلَا التَّعَبُّد بِهِ فَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , وَكَانَ الْحَمْل مِمَّا لَا سَبِيل لِلنِّسَاءِ إلَى تَقْصِير مُدَّته , وَلَا إلَى إطَالَتهَا فَيَضَعْنَهُ مَتَى شِئْنَ وَيَتْرُكْنَ وَضْعه إذَا شِئْنَ , كَانَ مَعْلُومًا أَنَّ قَوْله : { وَحَمْله وَفِصَاله ثَلَاثُونَ شَهْرًا } 46 15 إنَّمَا هُوَ خَبَر مِنْ اللَّه تَعَالَى ذِكْره عَنْ أَنَّ مَنْ خَلَّفَهُ مَنْ حَمَلَتْهُ وَوَلَدَتْهُ وَفَصَلَتْهُ فِي ثَلَاثِينَ شَهْرًا , لَا أَمْر بِأَنْ لَا يُتَجَاوَز فِي مُدَّة حَمْله وَفِصَاله ثَلَاثُونَ شَهْرًا لِمَا وَصَفْنَا , وَكَذَلِكَ قَالَ رَبّنَا تَعَالَى ذِكْره فِي كِتَابه : { وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَان بِوَالِدَيْهِ إحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمّه كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْله وَفِصَاله ثَلَاثُونَ شَهْرًا } 46 15 فَإِنْ ظَنَّ ذُو غَبَاء , أَنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره إذْ وَصَفَ أَنَّ مِنْ خَلْقه مَنْ حَمَلَتْهُ أُمّه وَوَضَعَتْهُ وَفَصَلَتْهُ فِي ثَلَاثِينَ شَهْرًا , فَوَاجِب أَنْ يَكُون جَمِيع خَلْقه ذَلِكَ صِفَتهمْ , وَأَنَّ ذَلِكَ دَلَالَة عَلَى أَنَّ حَمْل كُلّ عِبَاده وَفِصَاله ثَلَاثُونَ شَهْرًا ; فَقَدْ يَجِب أَنْ يَكُون كُلّ عِبَاده صِفَتهمْ أَنْ يَقُولُوا إذَا بَلَغُوا أَشُدّهُمْ وَبَلَغُوا أَرْبَعِينَ سَنَة { رَبّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُر نِعْمَتك الَّتِي أَنْعَمْت عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعَمَل صَالِحًا تَرْضَاهُ } عَلَى مَا وَصَفَ اللَّه بِهِ الَّذِي وَصَفَ فِي هَذِهِ الْآيَة وَفِي وُجُودنَا مَنْ يَسْتَحْكِم كُفْره بِاَللَّهِ وَكُفْرَانه نِعَم رَبّه عَلَيْهِ , وَجُرْأَته عَلَى وَالِدَيْهِ بِالْقَتْلِ وَالشَّتْم وَضُرُوب الْمَكَارِه عِنْد اسْتِكْمَاله الْأَرْبَعِينَ مِنْ سِنِيهِ وَبُلُوغه أَشُدّه مَا يَعْلَم أَنَّهُ لَمْ يَعْنِ اللَّه بِهَذِهِ الْآيَة صِفَة جَمِيع عِبَاده , بَلْ يَعْلَم أَنَّهُ إنَّمَا وَصَفَ بِهَا بَعْضًا مِنْهُمْ دُون بَعْض , وَذَلِكَ مَا لَا يُنْكِرهُ وَلَا يَدْفَعهُ أَحَد ; لِأَنَّ مَنْ يُولَد مِنْ النَّاس لِتِسْعَةِ أَشْهُر أَكْثَر مِمَّنْ يُولَد لِأَرْبَعِ سِنِينَ وَلِسَنَتَيْنِ , كَمَا أَنَّ مَنْ يُولَد لِتِسْعَةِ أَشْهُر أَكْثَر مِمَّنْ يُولَد لِسِتَّةِ أَشْهُر وَلِسَبْعَةِ أَشْهُر وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَ عَامَّة أَهْل الْمَدِينَة وَالْعِرَاق وَالشَّام : { لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمّ الرَّضَاعَة } بِالْيَاءِ فِي " يُتِمّ " وَنَصَبَ " الرَّضَاعَة " بِمَعْنَى : لِمَنْ أَرَادَ مِنْ الْآبَاء وَالْأُمَّهَات أَنْ يُتِمّ رَضَاع وَلَده , وَقَرَأَهُ بَعْض أَهْل الْحِجَاز " لِمَنْ أَرَادَ أَنْ تَتِمّ الرَّضَاعَة " بِالتَّاءِ فِي " تُتِمّ " , وَرَفَعَ " الرَّضَاعَة " بِصِفَتِهَا وَالصَّوَاب مِنْ الْقِرَاءَة فِي ذَلِكَ عِنْدنَا قِرَاءَة مَنْ قَرَأَ بِالْيَاءِ فِي " يُتِمّ " وَنَصَبَ " الرَّضَاعَة " , لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره قَالَ { وَالْوَالِدَات يُرْضِعْنَ أَوْلَادهنَّ } فَكَذَلِكَ هُنَّ يُتْمِمْهَا إذَا أَرَدْنَ هُنَّ وَالْمَوْلُود لَهُ إتْمَامهَا وَأَنَّهَا الْقِرَاءَة الَّتِي جَاءَ بِهَا النَّقْل الْمُسْتَفِيض الَّذِي ثَبَتَتْ بِهِ الْحُجَّة دُون الْقِرَاءَة الْأُخْرَى وَقَدْ حُكِيَ فِي الرَّضَاعَة سَمَاعًا مِنْ الْعَرَب كَسْر الرَّاء الَّتِي فِيهَا , وَإِنْ تَكُنْ صَحِيحَة فَهِيَ نَظِيرَة الْوِكَالَة وَالْوَكَالَة وَالدِّلَالَة وَالدَّلَالَة , وَمَهَرْت الشَّيْء مَهَارَة وَمِهَارَة , فَيَجُوز حِينَئِذٍ الرَّضَاع وَالرِّضَاع , كَمَا قِيلَ الْحَصَاد وَالْحِصَاد وَأَمَّا الْقِرَاءَة فَبِالْفَتْحِ لَا غَيْر .

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَعَلَى الْمَوْلُود لَهُ رِزْقهنَّ وَكِسْوَتهنَّ بِالْمَعْرُوفِ } يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ : { وَعَلَى الْمَوْلُود لَهُ } وَعَلَى آبَاء الصِّبْيَان لِلْمَرَاضِعِ رِزْقهنَّ , يَعْنِي رِزْق وَالِدَتهنَّ وَيَعْنِي بِالرِّزْقِ مَا يَقُوتهُنَّ مِنْ طَعَام , وَمَا لَا بُدّ لَهُنَّ مِنْ غِذَاء وَمَطْعَم وَكِسْوَتهنَّ , وَيَعْنِي بِالْكِسْوَةِ الْمَلْبَس وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ : { بِالْمَعْرُوفِ } بِمَا يَجِب لِمِثْلِهَا عَلَى مِثْله إذْ كَانَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره قَدْ عَلِمَ تَفَاوُت أَحْوَال خَلْقه بِالْغِنَى وَالْفَقْر , وَأَنَّ مِنْهُمْ الْمُوسِع وَالْمُقْتِر وَبَيْن ذَلِكَ , فَأَمَرَ كُلًّا أَنْ يُنْفِق عَلَى مَنْ لَزِمَتْهُ نَفَقَته مِنْ زَوْجَته وَوَلَده عَلَى قَدْر مَيْسَرَته , كَمَا قَالَ تَعَالَى ذِكْره : { لِيُنْفِق ذُو سَعَة مِنْ سَعَته وَمَنْ قُدِرَ


عَلَيْهِ رِزْقه فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّه لَا يُكَلِّف اللَّه نَفْسًا إلَّا مَا آتَاهَا } 65 7 وَكَمَا : 3925 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سُوَيْد , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن الْمُبَارَك , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك فِي قَوْله : { وَالْوَالِدَات يُرْضِعْنَ أَوْلَادهنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمّ الرَّضَاعَة وَعَلَى الْمَوْلُود لَهُ رِزْقهنَّ وَكِسْوَتهنَّ بِالْمَعْرُوفِ } قَالَ : إذَا طَلَّقَ الرَّجُل امْرَأَته وَهِيَ تُرْضِع لَهُ وَلَدًا , فَتَرَاضَيَا عَلَى أَنْ تُرْضِع حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ , فَعَلَى الْوَالِد رِزْق الْمُرْضِع وَالْكِسْوَة بِالْمَعْرُوفِ عَلَى قَدْر الْمَيْسَرَة , لَا تُكَلَّف نَفْسًا إلَّا وُسْعهَا 3926 - حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن سَهْل الرَّمْلِيّ , قَالَ : ثنا زَيْد , وَحَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا مَهْرَانِ , عَنْ سُفْيَان قَوْله : { وَالْوَالِدَات يُرْضِعْنَ أَوْلَادهنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمّ الرَّضَاعَة } وَالتَّمَام : الْحَوْلَانِ { وَعَلَى الْمَوْلُود لَهُ } عَلَى الْأَب طَعَامهَا وَكِسْوَتهَا بِالْمَعْرُوفِ 3927 - حُدِّثْت عَنْ عَمَّار , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع قَوْله : { وَعَلَى الْمَوْلُود لَهُ رِزْقهنَّ وَكِسْوَتهنَّ بِالْمَعْرُوفِ } قَالَ : عَلَى الْأَب

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { لَا تُكَلَّف نَفْس إلَّا وُسْعهَا } يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِذَلِكَ : لَا تَحْمِل نَفْس مِنْ الْأُمُور إلَّا مَا لَا يُضَيِّق عَلَيْهَا وَلَا يُتَعَذَّر عَلَيْهَا وُجُوده إذَا أَرَادَتْ وَإِنَّمَا عَنَى اللَّه تَعَالَى ذِكْره بِذَلِكَ : لَا يُوجِب اللَّه عَلَى الرِّجَال مِنْ نَفَقَة مَنْ أَرْضَعَ أَوْلَادهمْ مِنْ نِسَائِهِمْ الْبَائِنَات مِنْهُمْ إلَّا مَا أَطَاقُوهُ وَوَجَدُوا إلَيْهِ السَّبِيل , كَمَا قَالَ تَعَالَى ذِكْره : { لِيُنْفِق ذُو سَعَة مِنْ سَعَته وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقه فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّه } 65 7 كَمَا 3928 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ ثنا مِهْرَان , وَحَدَّثَنِي عَلِيّ قَالَ : ثنا زَيْد جَمِيعًا , عَنْ سُفْيَان : { لَا تُكَلَّف نَفْس إلَّا وُسْعهَا } إلَّا مَا أَطَاقَتْ وَالْوُسْع : الْفِعْل مِنْ قَوْل الْقَائِل : وَسِعَنِي هَذَا الْأَمْر , فَهُوَ يَسَعنِي سَعَة , وَيُقَال : هَذَا الَّذِي أَعْطَيْتُك وُسْعِي , أَيْ مَا يَتَّسِع لِي أَنْ أُعْطِيك فَلَا يَضِيق عَلِيّ إعْطَاؤُكُهُ وَأَعْطَيْتُك مِنْ جَهْدِي إذَا أَعْطَيْته مَا يُجْهِدك فَيَضِيق عَلَيْك إعْطَاؤُهُ فَمَعْنَى قَوْله { لَا تُكَلَّف نَفْس إلَّا وَسْعهَا } هُوَ مَا وَصَفْت مِنْ أَنَّهَا لَا تُكَلَّف إلَّا مَا يَتَّسِع لَهَا بَذْل مَا كُلِّفَتْ بَذْله , فَلَا يَضِيق عَلَيْهَا , وَلَا يُجْهِدهَا , لَا مَا ظَنَّهُ جَهَلَة أَهْل الْقَدَر مِنْ أَنَّ مَعْنَاهُ : لَا تُكَلَّف نَفْس إلَّا مَا قَدْ أُعْطِيَتْ عَلَيْهِ الْقُدْرَة مِنْ الطَّاعَات , لِأَنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ كَمَا زَعَمَتْ لَكَانَ قَوْله تَعَالَى ذِكْره : { اُنْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَك الْأَمْثَال فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا } 17 48 إذَا كَانَ دَالًّا عَلَى أَنَّهُمْ غَيْر مُسْتَطِيعِي السَّبِيل إلَى مَا كُلِّفُوهُ وَاجِبًا أَنْ يَكُون الْقَوْم فِي حَال وَاحِدَة قَدْ أُعْطُوا الِاسْتِطَاعَة عَلَى مَا مَنَعُوهَا عَلَيْهِ وَذَلِكَ


مِنْ قَائِله إنْ قَالَهُ إحَالَة فِي كَلَامه , وَدَعْوَى بَاطِل لَا يُخَيَّل بُطُوله وَإِذَا كَانَ بَيِّنًا فَسَاد هَذَا الْقَوْل , فَمَعْلُوم أَنَّ الَّذِي أَخْبَرَ تَعَالَى ذِكْره أَنَّهُ كَلَّفَ النُّفُوس مِنْ وُسْعهَا غَيْر الَّذِي أَخْبَرَ أَنَّهُ كَلَّفَهَا مِمَّا لَا تَسْتَطِيع إلَيْهِ السَّبِيل .

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { لَا تُضَارّ وَالِدَة بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُود لَهُ بِوَلَدِهِ } اخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَ عَامَّة قُرَّاء أَهْل الْحِجَاز وَالْكُوفَة وَالشَّام : { لَا تُضَارّ وَالِدَة بِوَلَدِهَا } بِفَتْحِ الرَّاء بِتَأْوِيلِ لَا تَضَارَرْ عَلَى وَجْه النَّهْي وَمَوْضِعه إذَا قُرِئَ كَذَلِكَ جُزِمَ , غَيْر أَنَّهُ حُرِّكَ , إذْ تَرْك التَّضْعِيف بِأَخَفّ الْحَرَكَات وَهُوَ الْفَتْح , وَلَوْ حُرِّكَ إلَى الْكَسْر كَانَ جَائِزًا إتْبَاعًا لِحَرَكَةِ لَام الْفِعْل حَرَكَة عَيْنه , وَإِنْ شِئْت فَلِأَنَّ الْجَزْم إذَا حُرِّكَ حُرِّكَ إلَى الْكَسْر وَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْض أَهْل الْحِجَاز وَبَعْض أَهْل الْبَصْرَة : " لَا تُضَارّ وَالِدَة بِوَلَدِهَا " رَفْع وَمَنْ قَرَأَهُ كَذَلِكَ لَمْ يَحْتَمِل قِرَاءَته مَعْنَى النَّهْي , وَلَكِنَّهَا تَكُون بِالْخَبَرِ عَطْفًا بِقَوْلِهِ { لَا تُضَارّ } عَلَى قَوْله : { لَا تُكَلَّف نَفْس إلَّا وُسْعهَا } وَقَدْ زَعَمَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة أَنَّ مَعْنَى مَنْ رَفَعَ لَا تُضَارّ وَالِدَة بِوَلَدِهَا هَكَذَا فِي الْحُكْم , أَنَّهُ لَا تُضَارّ وَالِدَة بِوَلَدِهَا , أَيْ مَا يَنْبَغِي أَنْ تُضَارّ , فَلَمَّا حُذِفَتْ " يَنْبَغِي " وَصَارَ " تُضَارّ " فِي وَضْعه صَارَ عَلَى لَفْظه , وَاسْتُشْهِدَ لِذَلِكَ بِقَوْلِ الشَّاعِر : عَلَى الْحُكْم الْمَأْتِيّ يَوْمًا إذَا قَضَى قَضِيَّته أَنْ لَا يَجُور وَيَقْصِد فَزَعَمَ أَنَّهُ رَفَعَ يَقْصِد بِمَعْنَى يَنْبَغِي وَالْمَحْكِيّ عَنْ الْعَرَب سَمَاعًا غَيْر الَّذِي قَالَ ; وَذَلِكَ أَنَّهُ رُوِيَ عَنْهُمْ سَمَاعًا فَتَصْنَع مَاذَا , إذَا أَرَادُوا أَنْ يَقُولُوا : فَتُرِيد أَنْ تَصْنَع مَاذَا , فَيَنْصِبُونَهُ بِنِيَّةِ " أَنْ " ; وَإِذَا لَمْ يَنْوُوا " أَنْ " وَلَمْ يُرِيدُوهَا , قَالُوا : فَتُرِيد مَاذَا , فَيَرْفَعُونَ تُرِيد , لِأَنَّ لَا جَالِب ل " أَنْ " قَبْله , كَمَا كَانَ لَهُ جَالِب قَبْل تَصْنَع , فَلَوْ كَانَ مَعْنَى قَوْله لَا تُضَارّ إذَا قُرِئَ رَفْعًا بِمَعْنَى : يَنْبَغِي أَنْ لَا تُضَار , أَمَّا مَا يَنْبَغِي أَنْ تُضَارّ ثُمَّ حَذَفَ يَنْبَغِي وَأَنْ , وَأُقِيم تُضَارّ مَقَام يَنْبَغِي لَكَانَ الْوَاجِب أَنْ يَقْرَأ إذَا قُرِئَ بِذَلِكَ الْمَعْنَى نَصْبًا لَا رَفْعًا , لِيَعْلَم بِنَصْبِهِ الْمَتْرُوك قَبْله الْمَعْنِيّ بِالْمُرَادِ , كَمَا فَعَلَ بِقَوْلِهِ فَتَصْنَع مَاذَا , وَلَكِنْ مَعْنَى ذَلِكَ مَا قُلْنَا إذَا رَفَعَ عَلَى الْعَطْف عَلَى لَا تُكَلَّف لَيْسَتْ تُكَلَّف نَفْس إلَّا وُسْعهَا , وَلَيْسَتْ تُضَارّ وَالِدَة بِوَلَدِهَا , يَعْنِي بِذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ ذَلِكَ فِي دِين اللَّه وَحُكْمه وَأَخْلَاق الْمُسْلِمِينَ وَأَوْلَى الْقِرَاءَتَيْنِ بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ قِرَاءَة مَنْ قَرَأَ بِالنَّصْبِ , لِأَنَّهُ نَهْي مِنْ اللَّه تَعَالَى ذِكْره كُلّ وَاحِد مِنْ أَبَوَيَّ الْمَوْلُود عَنْ مُضَارَّة


صَاحِبه لَهُ حَرَام عَلَيْهِمَا ذَلِكَ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ , فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ خَبَرًا لَكَانَ حَرَامًا عَلَيْهِمَا ضِرَارهمَا بِهِ كَذَلِكَ وَبِمَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ بِمَعْنَى النَّهْي تَأَوَّلَهُ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3929 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { لَا تُضَارّ وَالِدَة بِوَلَدِهَا } لَا تَأْبَى أَنْ تَرْضِعهُ لِيَشُقّ ذَلِكَ عَلَى أَبِيهِ وَلَا يُضَارّ الْوَالِد بِوَلَدِهِ , فَيَمْنَع أُمّه أَنْ تَرْضِعهُ لِيُحْزِنهَا * حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد مِثْله 3930 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن زُرَيْعٍ , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة قَوْله : { لَا تُضَارّ وَالِدَة بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُود لَهُ بِوَلَدِهِ } قَالَ : نَهَى اللَّه تَعَالَى عَنْ الضِّرَار وَقَدَّمَ فِيهِ , فَنَهَى اللَّه أَنْ يُضَارّ الْوَالِد فَيَنْتَزِع الْوَلَد مِنْ أُمّه إذَا كَانَتْ رَاضِيَة بِمَا كَانَ مُسْتَرْضِعًا بِهِ غَيْرهَا , وَنُهِيَتْ الْوَالِدَة أَنْ تَقْذِف الْوَلَد إلَى أَبِيهِ ضِرَارًا * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة فِي قَوْله : { لَا تُضَارّ وَالِدَة بِوَلَدِهَا } تَرْمِي بِهِ إلَى أَبِيهِ ضِرَارًا ; { وَلَا مَوْلُود لَهُ بِوَلَدِهِ } يَقُول : وَلَا الْوَلَد فَيَنْتَزِعهُ مِنْهَا ضِرَارًا إذَا رَضِيَتْ مِنْ أَجْر الرَّضَاع مَا رَضِيَ بِهِ غَيْرهَا , فَهِيَ أَحَقّ بِهِ إذَا رَضِيَتْ بِذَلِكَ 3931 - حُدِّثْت عَنْ عَمَّار , قَالَ : حَدَّثَنَا ابْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ يُونُس , عَنْ الْحَسَن : { لَا تُضَارّ وَالِدَة بِوَلَدِهَا } قَالَ : ذَلِكَ إذَا طَلَّقَهَا , فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَارّهَا , فَيَنْتَزِع الْوَلَد مِنْهَا إذَا رَضِيَتْ مِنْهُ بِمِثْلِ مَا يَرْضَى بِهِ غَيْرهَا , وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تُضَارّهُ فَتُكَلِّفهُ مَا لَا يُطِيق إذَا كَانَ إنْسَانًا مِسْكِينًا فَتَقْذِف إلَيْهِ وَلَده 3932 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إسْحَاق , قَالَ : ثنا أَبُو زُهَيْر , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك : { لَا تُضَارّ وَالِدَة بِوَلَدِهَا } لَا تُضَارّ أُمّ بِوَلَدِهَا , وَلَا أَب بِوَلَدِهِ يَقُول : لَا تُضَارّ أُمّ بِوَلَدِهَا فَتَقْذِفهُ إلَيْهِ إذَا كَانَ الْأَب حَيًّا أَوْ إلَى عَصَبَته إذَا كَانَ الْأَب مَيِّتًا , وَلَا يُضَارّ الْأَب الْمَرْأَة إذَا أَحَبَّتْ أَنْ تُرْضِع وَلَدهَا وَلَا يَنْتَزِعهُ 3933 - حَدَّثَنِي مُوسَى , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { لَا تُضَارّ وَالِدَة بِوَلَدِهَا } يَقُول لَا يَنْزِع الرَّجُل وَلَده مِنْ امْرَأَته فَيُعْطِيه غَيْرهَا بِمِثْلِ الْأَجْر الَّذِي تَقْبَلهُ هِيَ بِهِ , وَلَا تُضَارّ وَالِدَة بِوَلَدِهَا فَتَطْرَح الْأُمّ إلَيْهِ وَلَده تَقُول لَا أَلِيه سَاعَة تَضَعهُ , وَلَكِنْ عَلَيْهَا مِنْ الْحَقّ أَنْ تَرْضِعهُ حَتَّى يَطْلُب مُرْضِعًا 3934 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني اللَّيْث , قَالَ : ثني عُقَيْل , عَنْ ابْن شِهَاب , وَسُئِلَ عَنْ قَوْل اللَّه تَعَالَى ذِكْره : { وَالْوَالِدَات يُرْضِعْنَ أَوْلَادهنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ } إلَى { لَا تُضَارّ وَالِدَة بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُود لَهُ بِوَلَدِهِ } قَالَ ابْن شِهَاب : وَالْوَالِدَات أَحَقّ بِرَضَاعِ أَوْلَادهنَّ مَا قَبِلْنَ رَضَاعهنَّ بِمَا يُعْطَى غَيْرهنَّ مِنْ الْأَجْر وَلَيْسَ لِلْوَالِدَةِ أَنْ تُضَارّ بِوَلَدِهَا فَتَأْبَى رَضَاعه مُضَارَّة وَهِيَ تُعْطَى عَلَيْهِ مَا يُعْطَى غَيْرهَا مِنْ الْأَجْر , وَلَيْسَ لِلْمَوْلُودِ لَهُ أَنْ يَنْزِع وَلَده مِنْ وَالِدَته مُضَارًّا لَهَا وَهِيَ تَقْبَل مِنْ الْأَجْر مَا يُعْطَاهُ غَيْرهَا 3935 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا مِهْرَان , وَحَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ ثنا زَيْد جَمِيعًا , عَنْ سُفْيَان فِي قَوْله : { لَا تُضَارّ وَالِدَة بِوَلَدِهَا } لَا تَرْمِ بِوَلَدِهَا إلَى الْأَب إذَا فَارَقَهَا تُضَارّهُ بِذَلِكَ , { وَلَا مَوْلُود لَهُ بِوَلَدِهِ } وَلَا يَنْزِع الْأَب مِنْهَا وَلَدهَا , يُضَارّهَا بِذَلِكَ 3936 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد فِي قَوْله : { لَا تُضَارّ وَالِدَة بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُود لَهُ بِوَلَدِهِ } قَالَ : لَا يَنْزِعهُ مِنْهَا وَهِيَ تُحِبّ أَنْ تَرْضِعهُ فَيُضَارّهَا وَلَا تَطْرَحهُ عَلَيْهِ وَهُوَ لَا يَجِد مَنْ تَرْضِعهُ وَلَا يَجِد مَا يَسْتَرْضِعهُ بِهِ 3937 - حَدَّثَنَا عَمْرو بْن عَلِيّ الْبَاهِلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثني ابْن جُرَيْجٍ , عَنْ عَطَاء فِي قَوْله : { لَا تُضَارّ وَالِدَة بِوَلَدِهَا } قَالَ : لَا تَدَعْنَهُ وَرَضَاعه مِنْ شَنَآنهَا مُضَارَّة لِأَبِيهِ , وَلَا يَمْنَعهَا الَّذِي عِنْده مُضَارَّة لَهَا وَقَالَ بَعْضهمْ : الْوَالِدَة الَّتِي نَهَى الرَّجُل عَنْ مُضَارَّتهَا : ظِئْر الصَّبِيّ ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3938 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُسْلِم بْن إبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هَارُونَ النَّحْوِيّ , قَالَ : ثنا الزُّبَيْر بْن الْحَارِث عَنْ عِكْرِمَة فِي قَوْله : { لَا تُضَارّ وَالِدَة بِوَلَدِهَا } قَالَ : هِيَ الظِّئْر فَمَعْنَى الْكَلَام : لَا يُضَارَرْ وَالِد مَوْلُود وَالِدَته بِمَوْلُودِهِ مِنْهَا , وَلَا وَالِدَة مَوْلُود وَالِده بِمَوْلُودِهَا مِنْهُ , ثُمَّ تَرَكَ ذِكْر الْفَاعِل فِي يُضَارّ , فَقِيلَ : لَا تُضَارّ وَالِدَة بِوَلَدِهَا , وَلَا مَوْلُود لَهُ بِوَلَدِهِ , كَمَا يُقَال إذَا نُهِيَ عَنْ إكْرَام رَجُل بِعَيْنِهِ فِيمَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِله وَلَمْ يَقْصِد بِالنَّهْيِ عَنْ إكْرَامه قَصْد شَخْص بِعَيْنِهِ : لَا يُكْرِم عَمْرو وَلَا يَجْلِس إلَى أَخِيهِ , ثُمَّ تُرِكَ التَّضْعِيف فَقِيلَ : لَا يُضَارّ , فَحُرِّكَتْ الرَّاء الثَّانِيَة الَّتِي كَانَتْ مَجْزُومَة لَوْ أَظْهَر التَّضْعِيف بِحَرَكَةِ الرَّاء الْأُولَى وَقَدْ زَعَمَ بَعْض أَهْل الْعَرَبِيَّة أَنَّهَا إنَّمَا حَرَكَتْ إلَى الْفَتْح فِي هَذَا الْمَوْضِع لِأَنَّهُ أَحَد الْحَرَكَات وَلَيْسَ لِلَّذِي قَالَ مِنْ ذَلِكَ مَعْنَى , لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا كَانَ جَائِزًا أَنْ يَكُون كَذَلِكَ لَوْ كَانَ مَعْنَى الْكَلَام : لَا تُضَارُّونَ وَالِدَة بِوَلَدِهَا , وَكَانَ الْمَنْهِيّ عَنْ الضِّرَار هِيَ الْوَالِدَة عَلَى أَنَّ مَعْنَى الْكَلَام لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَكَانَ الْكَسْر فِي تُضَارّ أَفْصَح مِنْ الْفَتْح , وَالْقِرَاءَة بِهِ كَانَتْ أَصْوَب مِنْ الْقِرَاءَة بِالْفَتْحِ , كَمَا أَنَّ مَدَّ بِالثَّوْبِ أَفْصَح مِنْ مَدَّ بِهِ وَفِي إجْمَاع الْقُرَّاء عَلَى قِرَاءَة : { لَا تُضَارّ } بِالْفَتْحِ دُون الْكَسْر دَلِيل وَاضِح عَلَى إغْفَال مَنْ حَكَيْت قَوْله مِنْ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي ذَلِكَ فَإِنْ قَالَ قَائِل ذَلِكَ قَالَهُ تَوَهُّمًا مِنْهُ أَنَّهُ مَعْنَى ذَلِكَ : لَا تُضَارِرْ وَالِدَة , وَأَنَّ الْوَالِدَة مَرْفُوعَة بِفِعْلِهَا , وَأَنَّ الرَّاء الْأُولَى حَظّهَا الْكَسْر ; فَقَدْ أَغْفَلَ تَأْوِيل الْكَلَام , وَخَالَفَ قَوْل جَمِيع مَنْ حَكَيْنَا قَوْله مِنْ أَهْل التَّأْوِيل وَذَلِكَ أَنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره تَقَدَّمَ إلَى كُلّ وَاحِد مِنْ أَبَوَيَّ الْمَوْلُود بِالنَّهْيِ عَنْ ضِرَار صَاحِبه بِمَوْلُودِهِمَا , لَا أَنَّهُ نَهَى كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا عَنْ أَنْ يُضَارّ الْمَوْلُود , وَكَيْفَ يَجُوز أَنْ يَنْهَاهُ عَنْ مُضَارَّة الصَّبِيّ , وَالصَّبِيّ فِي حَال مَا هُوَ رَضِيع غَيْر جَائِز أَنْ يَكُون مِنْهُ ضِرَار لِأَحَدٍ , فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مَعْنَاهُ , لِكُلِّ التَّنْزِيل : لَا تَضُرّ وَالِدَة بِوَلَدِهَا وَقَدْ زَعَمَ آخَرُونَ مِنْ أَهْل الْعَرَبِيَّة أَنَّ الْكَسْر فِي " تُضَارّ " جَائِز , وَالْكَسْر فِي ذَلِكَ عِنْدِي غَيْر جَائِز فِي هَذَا الْمَوْضِع , لِأَنَّهُ إذَا كُسِرَ تَغَيَّرَ مَعْنَاهُ عَنْ مَعْنَى " لَا تُضَارِرْ " الَّذِي هُوَ فِي مَذْهَب مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِله , إلَى مَعْنَى " لَا تُضَارِرْ " الَّذِي هُوَ فِي مَذْهَب مَا قَدْ سُمِّيَ فَاعِله فَإِذَا كَانَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره قَدْ نَهَى كُلّ وَاحِد مِنْ أَبَوَيْ الْمَوْلُود عَنْ مُضَارَّة صَاحِبه بِسَبَبِ وَلَدهمَا , فَحَقّ عَلَى إمَام الْمُسْلِمِينَ إذَا أَرَادَ الرَّجُل نَزْع وَلَده مِنْ أُمّه بَعْد بَيْنُونَتهَا مِنْهُ , وَهِيَ تُحْضِنهُ وَتُكَلِّفهُ وَتُرْضِعهُ بِمَا يُحْضِنهُ بِهِ غَيْرهَا وَيُكَلِّفهُ بِهِ وَيُرْضِعهُ مِنْ الْأُجْرَة , أَنْ يَأْخُذ الْوَالِد بِتَسْلِيمِ وَلَدهَا مَا دَامَ مُحْتَاجًا الصَّبِيّ إلَيْهَا فِي ذَلِكَ بِالْأُجْرَةِ الَّتِي يُعْطَاهَا غَيْرهَا وَحُقَّ إذَا كَانَ الصَّبِيّ لَا يَقْبَل ثَدْي غَيْر وَالِدَته , أَوْ كَانَ الْمَوْلُود لَهُ لَا يَجِد مَنْ يُرْضِع وَلَده , وَإِنْ كَانَ يَقْبَل ثَدْي غَيْر أُمّه , أَوْ كَانَ مُعْدَمًا لَا يَجِد مَا يَسْتَأْجِر بِهِ مُرْضِعًا وَلَا يَجِد مَا يَتَبَرَّع عَلَيْهِ بِرَضَاعِ مَوْلُوده , أَنْ يَأْخُذ وَالِدَته الْبَائِنَة مِنْ وَالِده بِرَضَاعِهِ وَحَضَانَته ; لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره حَرَّمَ عَلَى كُلّ وَاحِد مِنْ أَبَوَيْهِ ضِرَار صَاحِبه بِسَبَبِهِ , فَالْإِضْرَار بِهِ أَحْرَى أَنْ يَكُون مُحَرَّمًا مَعَ مَا فِي الْإِضْرَار بِهِ مِنْ مُضَارَّة صَاحِبه .

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَعَلَى الْوَارِث مِثْل ذَلِكَ } اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْوَارِث الَّذِي عَنَى اللَّه تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ : { وَعَلَى الْوَارِث مِثْل ذَلِكَ } وَأَيّ وَارِث هُوَ ؟ وَوَارِث مَنْ هُوَ ؟ فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ وَارِث الصَّبِيّ ; وَقَالُوا : مَعْنَى الْآيَة : وَعَلَى وَارِث الصَّبِيّ إذَا كَانَ [ أَبُوهُ ] مَيِّتًا الَّذِي كَانَ عَلَى أَبِيهِ فِي حَيَاته ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 3939 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَا : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { وَعَلَى الْوَارِث مِثْل ذَلِكَ } عَلَى وَارِث الْوَلَد 3940 - حَدَّثَنِي مُوسَى , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { وَعَلَى الْوَارِث مِثْل ذَلِكَ } عَلَى وَارِث الْوَلَد * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سُوَيْد , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن الْمُبَارَك , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : { وَعَلَى الْوَارِث مِثْل ذَلِكَ } قَالَ : وَعَلَى وَارِث الصَّبِيّ مِثْل مَا عَلَى أَبِيهِ ثُمَّ اخْتَلَفَ قَائِلُو هَذِهِ الْمَقَالَة فِي وَارِث الْمَوْلُود الَّذِي أَ
وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌسورة البقرة الآية رقم 234
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاَلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَة أَشْهُر وَعَشْرًا } يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِذَلِكَ : وَاَلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ مِنْ الرِّجَال أَيّهَا النَّاس , فَيَمُوتُونَ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ أَزْوَاجهنَّ بِأَنْفُسِهِنَّ فَإِنْ قَالَ قَائِل : فَأَيْنَ الْخَبَر عَنْ الَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ ؟ قِيلَ : مَتْرُوك لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِد قَصْد الْخَبَر عَنْهُمْ , وَإِنَّمَا قَصَدَ قَصْد الْخَبَر عَنْ الْوَاجِب عَلَى الْمُعْتَدَّات مِنْ الْعِدَّة فِي وَفَاة أَزْوَاجهنَّ , فَصَرَفَ الْخَبَر عَنْ الَّذِينَ ابْتَدَأَ بِذِكْرِهِمْ مِنْ الْأَمْوَات إلَى الْخَبَر عَنْ أَزْوَاجهمْ وَالْوَاجِب عَلَيْهِنَّ مِنْ الْعِدَّة , إذْ كَانَ مَعْرُوفًا مَفْهُومًا مَعْنَى مَا أُرِيدَ بِالْكَلَامِ , وَهُوَ نَظِير قَوْل الْقَائِل فِي الْكَلَام : بَعْض جُبَّتك مُتَخَرِّقَة , فِي تَرْك الْخَبَر عَمَّا اُبْتُدِئَ بِهِ الْكَلَام إلَى الْخَبَر عَنْ بَعْض أَسِبَابه وَكَذَلِكَ الْأَزْوَاج اللَّوَاتِي عَلَيْهِنَّ التَّرَبُّص لَمَّا كَانَ إنَّمَا أَلْزَمَهُنَّ التَّبَرُّص بِأَسْبَابِ أَزْوَاجهنَّ صَرْف الْكَلَام عَنْ خَبَر مَنْ اُبْتُدِئَ بِذِكْرِهِ إلَى الْخَبَر عَمَّنْ قَصَدَ قَصْد الْخَبَر عَنْهُ , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : لَعَلِّي إنْ مَالَتْ بِي الرِّيح مَيْلَة عَلَى ابْن أَبِي ذِبَّان أَنْ يَتَنَدَّمَا فَقَالَ " لَعَلِّي " , ثُمَّ قَالَ " أَنْ يَتَنَدَّمَا " , لِأَنَّ مَعْنَى الْكَلَام : لَعَلَّ ابْن أَبِي ذِبَّان أَنْ يَتَنَدَّم إنْ مَالَتْ بِي الرِّيح مَيْلَة عَلَيْهِ فَرَجَعَ بِالْخَبَرِ إلَى الَّذِي أَرَادَ بِهِ , وَإِنْ كَانَ قَدْ ابْتَدَأَ بِذِكْرِ غَيْره وَمِنْهُ قَوْل الشَّاعِر : أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ ابْن قَيْس وَقَتْله بِغَيْرِ دَم دَار الْمَذَلَّة حُلَّتْ فَأَلْغَى " ابْن قَيْس " وَقَدْ ابْتَدَأَ بِذِكْرِهِ , وَأَخْبَرَ عَنْ قَتْله أَنَّهُ ذُلّ وَقَدْ زَعَمَ بَعْض أَهْل الْعَرَبِيَّة أَنَّ خَبَر الَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مَتْرُوك , وَأَنَّ مَعْنَى الْكَلَام : وَاَلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَنْبَغِي لَهُنَّ أَنْ يَتَرَبَّصْنَ بَعْد مَوْتهمْ ; وَزَعَمَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُر مَوْتهمْ كَمَا يَحْذِف بَعْض الْكَلَام , وَأَنْ " يَتَرَبَّصْنَ " رُفِعَ إذْ وَقَعَ مَوْقِع يَنْبَغِي , وَيَنْبَغِي رَفْع وَقَدْ دَلَلْنَا عَلَى فَسَاد قَوْل مَنْ قَالَ فِي رَفْع يَتَرَبَّصْنَ بِوُقُوعِهِ مَوْقِع يَنْبَغِي فِيمَا مَضَى

, فَأَغْنَى عَنْ إعَادَته وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ : إنَّمَا لَمْ يَذْكُر " الَّذِينَ " بِشَيْءٍ , لِأَنَّهُ صَارَ الَّذِينَ فِي خَبَرهمْ مِثْل تَأْوِيل الْجَزَاء : مَنْ يَلْقَك مِنَّا تُصِبْ خَيْرًا , الَّذِي يَلْقَاك مِنَّا تُصِيب خَيْرًا قَالَ : وَلَا يَجُوز هَذَا إلَّا عَلَى مَعْنَى الْجَزَاء , وَفِي الْبَيْتَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا الدَّلَالَة الْوَاضِحَة عَلَى الْقَوْل فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا قَالَا وَأَمَّا قَوْله : { يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ } فَإِنَّهُ يَعْنِي بِهِ : يَحْتَبِسْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ مُعْتَدَّات عَنْ الْأَزْوَاج وَالطِّيب وَالزِّينَة وَالنَّقْلَة عَنْ الْمَسْكَن الَّذِي كُنَّ يَسْكُنَّهُ فِي حَيَاة أَزْوَاجهنَّ أَرْبَعَة أَشْهُر وَعَشْرًا إلَّا أَنْ يَكُنَّ حَوَامِل , فَيَكُون عَلَيْهِنَّ مِنْ التَّرَبُّص كَذَلِكَ إلَى حِين وَضْع حَمْلهنَّ , فَإِذَا وَضَعْنَ حَمْلهنَّ انْقَضَتْ عِدَدهنَّ حِينَئِذٍ وَقَدْ اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ مِثْل مَا قُلْنَا فِيهِ 3999 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ ابْن عَبَّاس : { وَاَلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَة أَشْهُر وَعَشْرًا } فَهَذِهِ عِدَّة الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجهَا إلَّا أَنْ تَكُون حَامِلًا , فَعِدَّتهَا أَنْ تَضَع مَا فِي بَطْنهَا 4000 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني اللَّيْث , قَالَ : ثني عُقَيْل , عَنْ ابْن شِهَاب , فِي قَوْل اللَّه : { وَاَلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَة أَشْهُر وَعَشْرًا } قَالَ ابْن شِهَاب : جَعَلَ اللَّه هَذِهِ الْعِدَّة لِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجهَا , فَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا فَيَحِلّهَا مِنْ عِدَّتهَا أَنْ تَضَع حَمْلهَا , وَإِنْ اسْتَأْخَرَ فَوْق الْأَرْبَعَة الْأَشْهُر وَالْعَشْر فَمَا اسْتَأْخَرَ , لَا يُحِلّهَا إلَّا أَنْ تَضَع حَمْلهَا وَإِنَّمَا قُلْنَا : عَنَى بِالتَّرَبُّصِ مَا وَصَفْنَا لِتَظَاهُرِ الْأَخْبَار عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا : 4001 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا وَكِيع وَأَبُو أُسَامَة , عَنْ شُعْبَة وَحَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , عَنْ شُعْبَة , عَنْ حُمَيْد بْن نَافِع , قَالَ : سَمِعْت زَيْنَب ابْنَة أُمّ سَلَمَة تُحَدِّث - قَالَ أَبُو كُرَيْب : قَالَ أَبُو أُسَامَة , عَنْ أُمّ سَلَمَة - أَنَّ امْرَأَة تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجهَا , وَاشْتَكَتْ عَيْنهَا , فَأَتَتْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْتَفْتِيه فِي الْكُحْل , فَقَالَ : " لَقَدْ كَانَتْ إحْدَاكُنَّ تَكُون فِي الْجَاهِلِيَّة فِي شَرّ أَحْلَاسهَا , فَتَمْكُث فِي بَيْتهَا حَوْلًا إذَا تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجهَا , فَيَمُرّ عَلَيْهَا الْكَلْب فَتَرْمِيه بِالْبَعْرَةِ ! أَفَلَا أَرْبَعَة أَشْهُر وَعَشْرًا " ! 4002 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَهَّاب , قَالَ : سَمِعْت يَحْيَى بْن سَعِيد , قَالَ : سَمِعْت نَافِعًا , عَنْ صَفِيَّة ابْنَة أَبِي عُبَيْد أَنَّهَا سَمِعَتْ حَفْصَة ابْنَة عُمَر زَوْج النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُحَدِّث عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " لَا يَحِلّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِن بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر أَنْ تَحِدّ فَوْق ثَلَاث إلَّا عَلَى زَوْج فَإِنَّهَا تُحِدّ عَلَيْهِ أَرْبَعَة أَشْهُر وَعَشْرًا " قَالَ يَحْيَى : وَالْإِحْدَاد عِنْدنَا أَنْ لَا تُطَيَّب وَلَا تَلْبَس ثَوْبًا مَصْبُوغًا بِوَرْسٍ وَلَا زَعْفَرَان , وَلَا تَكْتَحِل وَلَا تَزَّيَّن * حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا يَحْيَى , عَنْ نَافِع , عَنْ صَفِيَّة ابْنَة أَبِي عُبَيْد , عَنْ حَفْصَة ابْنَة عُمَر , أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " لَا يَحِلّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِن بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر أَنْ تُحِدّ عَلَى مَيِّت فَوْق ثَلَاث إلَّا عَلَى زَوْج " 4003 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَهَّاب قَالَ : سَمِعْت يَحْيَى بْن سَعِيد يَقُول : أَخْبَرَنِي حُمَيْد بْن نَافِع أَنَّ زَيْنَب ابْنَة أُمّ سَلَمَة أَخْبَرَتْهُ عَنْ أُمّ سَلَمَة , أَوْ أُمّ حَبِيبَة زَوْج النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَنَّ امْرَأَة أَتَتْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَذَكَرَتْ أَنَّ ابْنَتهَا تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجهَا , وَأَنَّهَا قَدْ خَافَتْ عَلَى عَيْنهَا فَزَعَمَ حُمَيْد عَنْ زَيْنَب أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " قَدْ كَانَتْ إحْدَاكُنَّ تَرْمِي بِالْبَعْرَةِ عَلَى رَأْس الْحَوْل , وَإِنَّمَا هِيَ أَرْبَعَة أَشْهُر وَعَشْر " 4004 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن هَارُونَ , قَالَ : أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْن سَعِيد , عَنْ حُمَيْد بْن نَافِع : أَنَّهُ سَمِعَ زَيْنَب ابْنَة أُمّ سَلَمَة تُحَدِّث عَنْ أُمّ حَبِيبَة أَوْ أُمّ سَلَمَة أَنَّهَا ذَكَرَتْ أَنَّ امْرَأَة أَتَتْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجهَا وَقَدْ اشْتَكَتْ عَيْنهَا وَهِيَ تُرِيد أَنْ تُكَحِّل عَيْنهَا , فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " قَدْ كَانَتْ إحْدَاكُنَّ تَرْمِي بِالْبَعْرَةِ بَعْد الْحَوْل , وَإِنَّمَا هِيَ أَرْبَعَة أَشْهُر وَعَشْر " قَالَ ابْن بَشَّار : قَالَ يَزِيد , قَالَ يَحْيَى : فَسَأَلْت حُمَيْدًا عَنْ رَمْيهَا بِالْبَعْرَةِ , قَالَ : كَانَتْ الْمَرْأَة فِي الْجَاهِلِيَّة إذَا تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجهَا عَمَدَتْ إلَى شَرّ بَيْتهَا , فَقَعَدَتْ فِيهِ حَوْلًا , فَإِذَا مَرَّتْ بِهَا سَنَة أَلْقَتْ بَعْرَة وَرَاءَهَا * حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ يَحْيَى , عَنْ حُمَيْد بْن نَافِع بِهَذَا الْإِسْنَاد , مِثْله 4005 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا ابْن إدْرِيس , قَالَ : ثنا ابْن عُيَيْنَة , عَنْ أَيُّوب بْن مُوسَى وَيَحْيَى بْن سَعِيد , عَنْ حُمَيْد بْن نَافِع , عَنْ زَيْنَب ابْنَة أُمّ سَلَمَة , عَنْ أُمّ سَلَمَة : أَنَّ امْرَأَة أَتَتْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ : إنَّ ابْنَتِي مَاتَ زَوْجهَا فَاشْتَكَتْ عَيْنهَا , أَفَتَكْتَحِل ؟ فَقَالَ : " قَدْ كَانَتْ إحْدَاكُنَّ تَرْمِي بِالْبَعْرَةِ عَلَى رَأْس الْحَوْل , وَإِنَّمَا هِيَ الْآن أَرْبَعَة أَشْهُر وَعَشْر " قَالَ : قُلْت : وَمَا تَرْمِي بِالْبَعْرَةِ عَلَى رَأْس الْحَوْل ؟ قَالَ : كَانَ نِسَاء الْجَاهِلِيَّة إذَا مَاتَ زَوْج إحْدَاهُنَّ لَبِسَتْ أَطْمَار ثِيَابهَا , وَجَلَسَتْ فِي أَخَسّ بُيُوتهَا , فَإِذَا حَالَ عَلَيْهَا الْحَوْل أَخَذَتْ بَعْرَة فَدَحْرَجَتْهَا عَلَى ظُهْر حِمَار , وَقَالَتْ : قَدْ حَلَلْت 4006 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن يُونُس , قَالَ : ثنا زُهَيْر بْن مُعَاوِيَة , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن سَعِيد , عَنْ حُمَيْد بْن نَافِع عَنْ زَيْنَب ابْنَة أُمّ سَلَمَة , عَنْ أُمّهَا أُمّ سَلَمَة , وَأُمّ حَبِيبَة زَوْجَيْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَنَّ امْرَأَة مِنْ قُرَيْش جَاءَتْ إلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ : إنَّ ابْنَتِي تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجهَا , وَقَدْ خِفْت عَلَى عَيْنهَا , وَهِيَ تُرِيد الْكُحْل قَالَ : وَقَدْ كَانَتْ إحْدَاكُنَّ تَرْمِي بِالْبَعْرَةِ عَلَى رَأْس الْحَوْل وَإِنَّمَا هِيَ أَرْبَعَة أَشْهُر وَعَشْر " قَالَ حُمَيْد : فَقُلْت لِزَيْنَبِ : وَمَا رَأْس الْحَوْل ؟ قَالَتْ زَيْنَب : كَانَتْ الْمَرْأَة فِي الْجَاهِلِيَّة إذَا هَلَكَ زَوْجهَا عَمَدَتْ إلَى أَشَرّ بَيْت لَهَا فَجَلَسَتْ فِيهِ , حَتَّى إذَا مَرَّتْ بِهَا سَنَة خَرَجَتْ , ثُمَّ رَمَتْ بِبَعْرَةٍ وَرَاءَهَا 4007 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا ابْن الْمُبَارَك , عَنْ مَعْمَر , عَنْ الزُّهْرِيّ , عَنْ عُرْوَة عَنْ عَائِشَة : أَنَّهَا كَانَتْ تُفْتِي الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجهَا أَنْ تُحِدّ عَلَى زَوْجهَا حَتَّى تَنْقَضِي عِدَّتهَا , وَلَا تَلْبَس ثَوْبًا مَصْبُوغًا , وَلَا مُعَصْفَرًا , وَلَا تَكْتَحِل بِالْإِثْمِدِ , وَلَا بِكُحْلٍ فِيهِ طِيب وَإِنْ وُجِعَتْ عَيْنهَا , وَلَكِنْ تَكْتَحِل بِالصَّبْرِ وَمَا بَدَا لَهَا مِنْ الْأَكْحَال سِوَى الْإِثْمِد مِمَّا لَيْسَ فِيهِ طِيب , وَلَا تَلْبَس حُلِيًّا وَتَلْبَس الْبَيَاض وَلَا تَلْبَس السَّوَاد 4008 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُؤَمِّل , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ مُوسَى بْن عُقْبَة , عَنْ نَافِع , عَنْ ابْن عُمَر فِي الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجهَا : لَا تَكْتَحِل , وَلَا تَطِيب , وَلَا تَبِيت عَنْ بَيْتهَا , وَلَا تَلْبَس ثَوْبًا مَصْبُوغًا إلَّا ثَوْب عَصْب تَجَلْبَبَ بِهِ 4009 - حَدَّثَنَا حُمَيْد بْن مَسْعَدَةَ , قَالَ : ثنا سُفْيَان , قَالَ : ثنا ابْن جُرَيْجٍ , عَنْ عَطَاء , قَالَ : بَلَغَنِي عَنْ ابْن عَبَّاس , قَالَ : تُنْهَى الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجهَا أَنْ تَزَّيَّن وَتَطَّيَّب 4010 - حَدَّثَنَا نَصْر بْن عَلِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا عُبَيْد اللَّه , عَنْ نَافِع , عَنْ ابْن عُمَر , قَالَ : إنَّ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجهَا لَا تَلْبَس ثَوْبًا مَصْبُوغًا , وَلَا تَمَسّ طِيبًا , وَلَا تَكْتَحِل , وَلَا تَمْتَشِط وَكَانَ لَا يَرَى بَأْسًا أَنْ تَلْبَس الْبُرْد وَقَالَ آخَرُونَ : إنَّمَا أُمِرَتْ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجهَا أَنْ تَرَبَّص بِنَفْسِهَا عَنْ الْأَزْوَاج خَاصَّة , فَأَمَّا عَنْ الطِّيب وَالزِّينَة وَالْمَبِيت عَنْ الْمَنْزِل فَلَمْ تُنْهَ عَنْ ذَلِكَ , وَلَمْ تُؤْمَر بِالتَّرَبُّصِ بِنَفْسِهَا عَنْهُ ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 4011 - حَدَّثَنَا يَعْقُوب بْن إبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , عَنْ يُونُس , عَنْ الْحَسَن : أَنَّهُ كَانَ يُرَخِّص فِي التَّزَيُّن وَالتَّصَنُّع , وَلَا يَرَى الْإِحْدَاد شَيْئًا 4012 - حَدَّثَنَا حُمَيْد بْن مَسْعَدَةَ , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ ابْن جُرَيْجٍ , عَنْ عَطَاء , عَنْ ابْن عَبَّاس : { وَاَلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَة أَشْهُر وَعَشْرًا } لَمْ يَقُلْ تَعْتَدّ فِي بَيْتهَا , تَعْتَدّ حَيْثُ شَاءَتْ * حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا إسْمَاعِيل , قَالَ : حَدَّثَنَا ابْن جُرَيْجٍ , عَنْ عَطَاء , قَالَ : قَالَ ابْن عَبَّاس : إنَّمَا قَالَ اللَّه : { وَاَلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَة أَشْهُر وَعَشْرًا } وَلَمْ يَقُلْ تَعْتَدّ فِي بَيْتهَا , فَلْتَعْتَدَّ حَيْثُ شَاءَتْ وَاعْتَلَّ قَائِلُو هَذِهِ الْمَقَالَة بِأَنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره إنَّمَا أَمَرَ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا بِالتَّرَبُّصِ عَنْ النِّكَاح وَجَعَلُوا حُكْم الْآيَة عَلَى الْخُصُوص وَبِمَا : 4013 - حَدَّثَنِي بِهِ مُحَمَّد بْن إبْرَاهِيم 6000 السُّلَمِيّ , قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِم , وَحَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن مَعْمَر الْبَحْرَانِيّ , قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عَامِر , قَالَا جَمِيعًا : حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن طَلْحَة , عَنْ الْحَكَم بْن عُتَيْبَة , عَنْ عَبْد اللَّه بْن شَدَّاد بْن الْهَادّ , عَنْ أَسْمَاء بِنْت عُمَيْس , قَالَتْ : لَمَّا أُصِيبَ جَعْفَر قَالَ لِي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " تَسَلَّبِي ثَلَاثًا ثُمَّ اصْنَعِي مَا شِئْت " * حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْم وَابْن الصَّلْت , عَنْ مُحَمَّد بْن طَلْحَة , عَنْ الْحَكَم بْن عُتَيْبَة , عَنْ عَبْد اللَّه بْن شَدَّاد , عَنْ أَسْمَاء , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِهِ قَالُوا : فَقَدْ بَيَّنَ هَذَا الْخَبَر عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ لَا إحْدَاد عَلَى الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجهَا , وَأَنَّ الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله : { يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَة أَشْهُر وَعَشْرًا } إنَّمَا هُوَ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ عَنْ الْأَزْوَاج دُون غَيْره وَأَمَّا الَّذِينَ أَوْجَبُوا الْإِحْدَاد عَلَى الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجهَا , وَتَرْك النَّقْلَة عَنْ مَنْزِلهَا الَّذِي كَانَتْ تَسْكُنهُ يَوْم تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجهَا , فَإِنَّهُمْ اعْتَلُّوا بِظَاهِرِ التَّنْزِيل وَقَالُوا : أَمَرَ اللَّه الْمُتَوَفَّى عَنْهَا أَنْ تَرَبَّص بِنَفْسِهَا أَرْبَعَة أَشْهُر وَعَشْرًا , فَلَمْ يَأْمُرهَا بِالتَّرَبُّصِ بِشَيْءٍ مُسَمًّى فِي التَّنْزِيل بِعَيْنِهِ , بَلْ عَمَّ بِذَلِكَ مَعَانِي التَّرَبُّص قَالُوا : فَالْوَاجِب عَلَيْهَا أَنْ تَرَبَّص بِنَفْسِهَا عَنْ كُلّ شَيْء , إلَّا مَا أَطْلَقْته لَهَا حُجَّة يَجِب التَّسْلِيم لَهَا قَالُوا : فَالتَّرَبُّص عَنْ الطِّيب وَالزِّينَة وَالنَّقْلَة مِمَّا هُوَ دَاخِل فِي عُمُوم الْآيَة كَمَا التَّرَبُّص عَنْ الْأَزْوَاج دَاخِل فِيهَا قَالُوا : وَقَدْ صَحَّ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخَبَر بِاَلَّذِي قُلْنَا فِي الزِّينَة وَالطِّيب أَمَا فِي النَّقْلَة , فَإِنَّ : 4014 - أَبَا كُرَيْب حَدَّثَنَا , قَالَ : ثنا يُونُس بْن مُحَمَّد , عَنْ فُلَيْح بْن سُلَيْمَان , عَنْ سَعْد بْن إسْحَاق بْن كَعْب بْن عُجْرَة عَنْ عَمَّته الْفُرَيْعَة ابْنَة مَالِك أُخْت أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ قَالَتْ : قُتِلَ زَوْجِي وَأَنَا فِي دَار , فَاسْتَأْذَنْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّقْلَة , فَأَذِنَ لِي ثُمَّ نَادَانِي بَعْد أَنْ تَوَلَّيْت , فَرَجَعْت إلَيْهِ , فَقَالَ : " يَا فُرَيْعَة حَتَّى يَبْلُغ الْكِتَاب أَجَله " قَالُوا : فَبَيَّنَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صِحَّة مَا قُلْنَا فِي مَعْنَى تَرَبُّص الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجهَا مَا خَالَفَهُ قَالُوا : وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنْ ابْن عَبَّاس فَإِنَّهُ لَا مَعْنَى لَهُ بِخُرُوجِهِ عَنْ ظَاهِر التَّنْزِيل وَالثَّابِت مِنْ الْخَبَر عَنْ الرَّسُول صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا : وَأَمَّا الْخَبَر الَّذِي رُوِيَ عَنْ أَسْمَاء ابْنَة عُمَيْس عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَمْره إيَّاهَا بِالتَّسَلُّبِ ثَلَاثًا , ثُمَّ أَنْ تَصْنَع مَا بَدَا لَهَا , فَإِنَّهُ غَيْر دَالّ عَلَى أَنْ لَا إحْدَاد عَلَى الْمَرْأَة , بَلْ إنَّمَا دَلَّ عَلَى أَمْر النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إيَّاهَا بِالتَّسَلُّبِ ثَلَاثًا , ثُمَّ الْعَمَل بِمَا بَدَا لَهَا مِنْ لُبْس مَا شَاءَتْ مِنْ الثِّيَاب مِمَّا يَجُوز لِلْمُعْتَدَّةِ لُبْسه مِمَّا لَمْ يَكُنْ زِينَة وَلَا تَطَيُّبًا ; لِأَنَّهُ قَدْ يَكُون مِنْ الثِّيَاب مَا لَيْسَ بِزِينَةٍ وَلَا ثِيَاب تُسْلَب وَذَلِكَ كَاَلَّذِي أَذِنَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا أَنْ تَلْبَس مِنْ ثِيَاب الْعَصْب وَبُرُود الْيَمَن , فَإِنْ ذَلِكَ لَا مِنْ ثِيَاب زِينَة وَلَا مِنْ ثِيَاب تَسَلُّب , وَكَذَلِكَ كُلّ ثَوْب لَمْ يَدْخُل عَلَيْهِ صِبْغ بَعْد نَسْجه مِمَّا يَصْبُغهُ النَّاس لِتَزْيِينِهِ , فَإِنَّ لَهَا لُبْسه , لِأَنَّهَا تَلْبَسهُ غَيْر مُتَزَيِّنَة الزِّينَة الَّتِي يَعْرِفهَا النَّاس فَإِنْ قَالَ لَنَا قَائِل : وَكَيْفَ قِيلَ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَة أَشْهُر وَعَشْرًا وَلَمْ يَقُلْ وَعَشَرَة ؟ وَإِذْ كَانَ التَّنْزِيل كَذَلِكَ أَفَبِاللَّيَالِي تَعْتَدّ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا الْعَشْر أَمْ بِالْأَيَّامِ ؟ قِيلَ : بَلْ تَعْتَدّ بِالْأَيَّامِ بِلَيَالِيِهَا فَإِنْ قَالَ : فَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَكَيْفَ قِيلَ وَعَشْرًا وَلَمْ يَقُلْ وَعَشَرَة , وَالْعَشْر بِغَيْرِ الْهَاء مِنْ عَدَد اللَّيَالِي دُون الْأَيَّام ؟ فَإِنْ أَجَازَ ذَلِكَ الْمَعْنَى فِيهِ مَا قُلْت , فَهَلْ تُجِيز عِنْدِي عَشْر وَأَنْت تُرِيد عَشَرَة مِنْ رِجَال وَنِسَاء ؟ قُلْت : ذَلِكَ جَائِز فِي عَدَد اللَّيَالِي وَالْأَيَّام , وَغَيْر جَائِز مِثْله فِي عَدَد بَنِي آدَم مِنْ الرِّجَال النِّسَاء ; وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَب فِي الْأَيَّام وَاللَّيَالِي خَاصَّة إذَا أَبْهَمَتْ الْعَدَد غَلَّبَتْ فِيهِ اللَّيَالِي , حَتَّى إنَّهُمْ فِيمَا رُوِيَ لَنَا عَنْهُمْ لِيَقُولُون : صُمْنَا عَشْرًا مِنْ شَهْر رَمَضَان , لِتَغْلِيبِهِمْ اللَّيَالِي عَلَى الْأَيَّام ; وَذَلِكَ أَنَّ الْعَدَد عِنْدهمْ قَدْ جَرَى فِي ذَلِكَ بِاللَّيَالِي دُون الْأَيَّام , فَإِذَا أَظْهَرُوا مَعَ الْعَدَد مُفَسَّره أَسْقَطُوا مِنْ عَدَد الْمُؤَنَّث الْهَاء , وَأَثْبَتُوهَا فِي عَدَد الْمُذَّكَّر , كَمَا قَالَ تَعَالَى ذِكْره : { سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْع لَيَالٍ وَثَمَانِيَة أَيَّام حُسُومًا } 69 7 فَأَسْقَطَ الْهَاء مِنْ سَبْع , وَأَثْبَتَهَا فِي الثَّمَانِيَة وَأَمَّا بَنُو آدَم , فَإِنَّ مِنْ شَأْن الْعَرَب إذَا اجْتَمَعَتْ الرِّجَال وَالنِّسَاء ثُمَّ أَبْهَمَتْ عَدَدهَا أَنْ تُخْرِجهُ عَلَى عَدَد الذُّكْرَان دُون الْإِنَاث , وَذَلِكَ أَنَّ الذُّكْرَان مِنْ بَنِي آدَم مَوْسُوم وَاحِدهمْ وَجَمْعه بِغَيْرِ سِمَة إنَاثهمْ , وَلَيْسَ كَذَلِكَ سَائِر الْأَشْيَاء غَيْرهمْ , وَذَلِكَ أَنَّ الذُّكُور مِنْ غَيْرهمْ رُبَّمَا وُسِمَ بِسِمَةِ الْأُنْثَى , كَمَا قِيلَ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى شَاة , وَقِيلَ لِلذُّكُورِ وَالْإِنَاث مِنْ الْبَقَر بَقَر , وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِي بَنِي آدَم فَإِنْ قَالَ : فَمَا مَعْنَى زِيَادَة هَذِهِ الْعَشَرَة الْأَيَّام عَلَى الْأَشْهُر ؟ قِيلَ : قَدْ قِيلَ فِي ذَلِكَ فِيمَا : 4015 - حَدَّثَنَا بِهِ ابْن وَكِيع قَالَ : ثنا أَبِي , قَالَ : ثنا أَبُو جَعْفَر , عَنْ الرَّبِيع , عَنْ أَبِي الْعَالِيَة فِي قَوْله : { وَاَلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَة أَشْهُر وَعَشْرًا } قَالَ : قُلْت : لِمَ صَارَتْ هَذِهِ الْعَشْر مَعَ الْأَشْهُر الْأَرْبَعَة ؟ قَالَ : لِأَنَّهُ يُنْفَخ فِيهِ الرُّوح فِي الْعَشْر 4016 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني أَبُو عَاصِم , عَنْ سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : سَأَلْت سَعِيد بْن الْمُسَيِّب : مَا بَال الْعَشْر ؟ قَالَ : فِيهِ يُنْفَخ الرُّوح

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلهنَّ فَلَا جُنَاح عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسهنَّ بِالْمَعْرُوفِ } يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ : فَإِذَا بَلَغْنَ الْأَجَل الَّذِي أُبِيحَ لَهُنَّ فِيهِ مَا كَانَ حُظِرَ عَلَيْهِنَّ فِي عِدَدهنَّ مِنْ وَفَاة أَزْوَاجهنَّ , وَذَلِكَ بَعْد انْقِضَاء عِدَدهنَّ , وَمُضِيّ الْأَشْهُر الْأَرْبَعَة وَالْأَيَّام الْعَشَرَة , فَلَا جُنَاح عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسهنَّ بِالْمَعْرُوفِ يَقُول : فَلَا حَرَج عَلَيْكُمْ أَيّهَا الْأَوْلِيَاء أَوْلِيَاء الْمَرْأَة فِيمَا فَعَلَ الْمُتَوَفَّى عَنْهُنَّ حِينَئِذٍ فِي أَنْفُسهنَّ مِنْ تَطَيُّب وَتَزَيُّن وَنَقْلَة مِنْ الْمَسْكَن الَّذِي كُنَّ يَعْتَدِدْنَ فِيهِ وَنِكَاح مَنْ يَجُوز لَهُنَّ نِكَاحه بِالْمَعْرُوفِ ; يَعْنِي بِذَلِكَ : عَلَى مَا أَذِنَ اللَّه لَهُنَّ فِيهِ وَأَبَاحَهُ لَهُنَّ وَقَدْ قِيلَ : إنَّمَا عَنَى بِذَلِكَ النِّكَاح خَاصَّة وَقِيلَ إنَّ مَعْنَى قَوْله { بِالْمَعْرُوفِ } إنَّمَا هُوَ النِّكَاح الْحَلَال ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 4017 - حَدَّثَنَا

مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُؤَمِّل , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { فَلَا جُنَاح عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسهنَّ بِالْمَعْرُوفِ } قَالَ : الْحَلَال الطَّيِّب * حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَنْبَسَة , عَنْ مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن , عَنْ الْقَاسِم بْن أَبِي بَزَّة , عَنْ مُجَاهِد : { فَلَا جُنَاح عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسهنَّ بِالْمَعْرُوفِ } قَالَ : الْمَعْرُوف : النِّكَاح الْحَلَال الطَّيِّب * حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : قَالَ ابْن جُرَيْجٍ , قَالَ مُجَاهِد : قَوْله : { فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسهنَّ بِالْمَعْرُوفِ } قَالَ : هُوَ النِّكَاح الْحَلَال الطَّيِّب 4018 - حَدَّثَنِي مُوسَى , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ , قَالَ : هُوَ النِّكَاح 4019 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني اللَّيْث , قَالَ : ثني عُقَيْل , عَنْ ابْن شِهَاب : { فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسهنَّ بِالْمَعْرُوفِ } قَالَ : فِي نِكَاح مَنْ هَوَيْنَهُ إذَا كَانَ مَعْرُوفًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاَللَّه بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِير } يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِذَلِكَ : وَاَللَّه بِمَا تَعْمَلُونَ أَيّهَا الْأَوْلِيَاء فِي أَمْر

مَنْ أَنْتُمْ وَلِيّه مِنْ نِسَائِكُمْ مِنْ عَضْلهنَّ وَإِنْكَاحهنَّ مِمَّنْ أَرَدْنَ نِكَاحه بِالْمَعْرُوفِ , وَلِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أُمُوركُمْ وَأُمُورهمْ , { خَبِير } يَعْنِي ذُو خِبْرَة وَعِلْم , لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْهُ شَيْء .
وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاء أَوْ أَكْنَنتُمْ فِي أَنفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِن لاَّ تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلاَّ أَن تَقُولُواْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا وَلاَ تَعْزِمُواْ عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّىَ يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌسورة البقرة الآية رقم 235
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَا جُنَاح عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَة النِّسَاء } يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِذَلِكَ : وَلَا جُنَاح عَلَيْكُمْ أَيّهَا الرِّجَال فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَة النِّسَاء لِلنِّسَاءِ الْمُعْتَدَّات , مِنْ وَفَاة أَزْوَاجهنَّ فِي عِدَدهنَّ , وَلَمْ تُصَرِّحُوا بِعَقْدِ نِكَاح . وَالتَّعْرِيض الَّذِي أُبِيحَ فِي ذَلِكَ , هُوَ مَا : 4020 - حَدَّثَنَا بِهِ ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد عَنْ ابْن عَبَّاس قَوْله : { وَلَا جُنَاح عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَة النِّسَاء } قَالَ : التَّعْرِيض أَنْ يَقُول : إنِّي أُرِيد التَّزْوِيج , وَإِنِّي لَأُحِبّ امْرَأَة مِنْ أَمْرهَا وَأَمْرهَا , يَعْرِض لَهَا بِالْقَوْلِ بِالْمَعْرُوفِ . 4021 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن مَهْدِيّ , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد , عَنْ ابْن عَبَّاس : { لَا جُنَاح عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَة النِّسَاء } قَالَ : إنِّي أُرِيد أَنْ أَتَزَوَّجَ . 4022 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد , عَنْ ابْن عَبَّاس قَالَ : التَّعْرِيض مَا لَمْ يَنْصِب لِلْخِطْبَةِ . قَالَ مُجَاهِد : قَالَ رَجُل لِامْرَأَةٍ فِي جِنَازَة زَوْجهَا لَا تَسْبِقِينِي بِنَفْسِك , قَالَتْ : قَدْ سَبَقْت . * حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن

الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَة : { وَلَا جُنَاح عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَة النِّسَاء } قَالَ : التَّعْرِيض مَا لَمْ يَنْصِب لِلْخِطْبَةِ . * حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَمْرو , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد , عَنْ ابْن عَبَّاس : { فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَة النِّسَاء } قَالَ : التَّعْرِيض أَنْ يَقُول لِلْمَرْأَةِ فِي عِدَّتهَا : إنِّي لَا أُرِيد أَنْ أَتَزَوَّجَ غَيْرك إنْ شَاءَ اللَّه , وَلَوَدِدْت أَنِّي وَجَدْت امْرَأَة صَالِحَة , وَلَا يَنْصِب لَهَا مَا دَامَتْ فِي عِدَّتهَا . * حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ ابْن عَبَّاس فِي قَوْله : { وَلَا جُنَاح عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَة النِّسَاء } يَقُول : يَعْرِض لَهَا فِي عِدَّتهَا , يَقُول لَهَا : إنْ رَأَيْت أَنْ لَا تَسْبِقِينِي بِنَفْسِك , وَلَوَدِدْت أَنَّ اللَّه قَدْ هَيَّأَ بَيْنِي وَبَيْنك وَنَحْو هَذَا مِنْ الْكَلَام فَلَا حَرْج * حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا آدَم الْعَسْقَلَانِيّ , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد , عَنْ ابْن عَبَّاس فِي قَوْله : { وَلَا جُنَاح عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَة النِّسَاء } قَالَ : هُوَ أَنْ يَقُول لَهَا فِي عِدَّتهَا : إنِّي أُرِيد التَّزْوِيج , وَوَدِدْت أَنَّ اللَّه رَزَقَنِي امْرَأَة وَنَحْو هَذَا , وَلَا يَنْصِب لِلْخِطْبَةِ . 4023 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , عَنْ ابْن عَوْن , عَنْ مُحَمَّد , عَنْ عُبَيْدَة فِي هَذِهِ الْآيَة , قَالَ : يَذْكُرهَا إلَى وَلِيّهَا يَقُول : لَا تَسْبِقِينِي بِهَا 4024 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : { وَلَا جُنَاح عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَة النِّسَاء } قَالَ : يَقُول : إنَّك لَجَمِيلَة , وَإِنَّك لَنَافِقَة , وَإِنَّك إلَى خَيْر . 4025 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يَقُول : لَا تَسْبِقِينِي بِنَفْسِك . * حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْل اللَّه تَعَالَى ذِكْره : { وَلَا جُنَاح عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَة النِّسَاء قُلْ : هُوَ قَوْل الرَّجُل لِلْمَرْأَةِ : إنَّك لَجَمِيلَة وَإِنَّك لَنَافِقَة وَإِنَّك إلَى خَيْر . * حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سُوَيْد , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن الْمُبَارَك , عَنْ مَعْمَر , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : { وَلَا جُنَاح عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَة النِّسَاء } قَالَ : يَعْرِض لِلْمَرْأَةِ فِي عِدَّتهَا فَيَقُول : وَاَللَّه إنَّك لَجَمِيلَة , وَإِنَّ النِّسَاء لَمِنْ حَاجَتِي , وَإِنَّك إلَى خَيْر إنْ شَاءَ اللَّه . 4026 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا آدَم , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ سَلَمَة بْن كُهَيْل , عَنْ مُسْلِم الْبُطَيْن , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : هُوَ قَوْل الرَّجُل : إنِّي أُرِيد أَنْ أَتَزَوَّج , وَإِنِّي إنْ تَزَوَّجْت أَحْسَنْت إلَى امْرَأَتِي , هَذَا التَّعْرِيض . * حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُسْلِم بْن إبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ سَلَمَة بْن كُهَيْل , عَنْ مُسْلِم الْبُطَيْن , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر فِي قَوْله : { وَلَا جُنَاح عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَة النِّسَاء } قَالَ : يَقُول : لَأُعْطِيَنك , لَأُحْسِنَن إلَيْك , لَأَفْعَلَن بِك كَذَا وَكَذَا . 4027 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَهَّاب , قَالَ : سَمِعْت يَحْيَى بْن سَعِيد , قَالَ : أَخْبَرَنِي عَبْد الرَّحْمَن بْن الْقَاسِم , فِي قَوْله : { فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَة النِّسَاء } قَالَ : قَوْل الرَّجُل لِلْمَرْأَةِ فِي عِدَّتهَا يَعْرِض بِالْخِطْبَةِ : وَاَللَّه إنِّي فِيك لَرَاغِب , وَإِنِّي عَلَيْك لَحَرِيص , وَنَحْو هَذَا . 4028 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إسْحَاق , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَهَّاب الثَّقَفِيّ , قَالَ : سَمِعْت يَحْيَى بْن سَعِيد يَقُول : أَخْبَرَنِي عَبْد الرَّحْمَن بْن الْقَاسِم أَنَّهُ سَمِعَ الْقَاسِم بْن مُحَمَّد يَقُول : { فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَة النِّسَاء } هُوَ قَوْل الرَّجُل لِلْمَرْأَةِ : إنَّك لَجَمِيلَة , وَإِنَّك لَنَافِقَة , وَإِنَّك إلَى خَيْر . 4029 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سُوَيْد , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن الْمُبَارَك , عَنْ ابْن جُرَيْجٍ , قَالَ : قُلْت لِعَطَاءٍ : كَيْفَ يَقُول الْخَاطِب ؟ قَالَ : يَعْرِض تَعْرِيضًا وَلَا يَبُوح بِشَيْءٍ , يَقُول : إنَّ إلَيَّ حَاجَة وَأَبْشِرِي , وَأَنْت بِحَمْدِ اللَّه نَافِقَة , وَلَا يَبُوح بِشَيْءٍ . قَالَ عَطَاء : وَتَقُول هِيَ : قَدْ { أَسْمَع مَا تَقُول . وَلَا تَعُدّهُ شَيْئًا , وَلَا تَقُول : لَعَلَّ ذَاكَ . * حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سُوَيْد بْن نَصْر , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن الْمُبَارَك , عَنْ يَحْيَى بْن سَعِيد , قَالَ : ثني عَبْد الرَّحْمَن بْن الْقَاسِم : أَنَّهُ سَمِعَ الْقَاسِم يَقُول فِي الْمَرْأَة يُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجهَا , وَالرَّجُل يُرِيد خِطْبَتهَا , وَيُرِيد كَلَامهَا مَا الَّذِي يَجْمُل بِهِ مِنْ الْقَوْل ؟ قَالَ : يَقُول : إنِّي فِيك لَرَاغِب , وَإِنِّي عَلَيْك لَحَرِيص , وَإِنِّي بِك لَمُعْجَب , وَأَشْبَاه هَذَا مِنْ الْقَوْل . 4030 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ حَمَّاد , عَنْ إبْرَاهِيم فِي قَوْله : { وَلَا جُنَاح عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَة النِّسَاء } قَالَ : لَا بَأْس بِالْهَدِيَّةِ فِي تَعْرِيض النِّكَاح . 4031 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا مُغِيرَة , قَالَ : كَانَ إبْرَاهِيم لَا يَرَى بَأْسًا أَنْ يُهْدِي لَهَا فِي الْعِدَّة إذَا كَانَتْ مِنْ شَأْنه . 4032 - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ إسْرَائِيل , عَنْ جَابِر , عَنْ عَامِر فِي قَوْله : { وَلَا جُنَاح عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَة النِّسَاء } قَالَ : يَقُول : إنَّك لَنَافِقَة , وَإِنَّك لَمُعْجَبَة , وَإِنَّك لَجَمِيلَة , وَإِنْ قَضَى اللَّه شَيْئًا كَانَ . 4033 - حُدِّثْنَا عَنْ عَمَّار , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ قَوْله : { وَلَا جُنَاح عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَة النِّسَاء } قَالَ : كَانَ إبْرَاهِيم النَّخَعِيّ يَقُول : إنَّك لَمُعْجَبَة , وَإِنِّي فِيك لَرَاغِب . 4034 - حَدَّثَنِي يُونُس بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : وَأَخْبَرَنِي - يَعْنِي شُبَيْبًا - عَنْ سَعِيد , عَنْ شُعْبَة , عَنْ مَنْصُور , عَنْ الشَّعْبِيّ أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَة : { وَلَا جُنَاح عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَة النِّسَاء } قَالَ : لَا يَأْخُذ مِيثَاقهَا أَلَّا تَنْكِح غَيْره . 4035 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد فِي قَوْله : { وَلَا جُنَاح عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَة النِّسَاء } قَالَ : كَانَ أَبِي يَقُول : كُلّ شَيْء كَانَ دُون أَنْ يَعْزِم عُقْدَة النِّكَاح , فَهُوَ كَمَا قَالَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره : { وَلَا جُنَاح عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَة النِّسَاء } 4036 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد . قَالَ : ثنا مِهْرَان , وَحَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا زَيْد جَمِيعًا , عَنْ سُفْيَان قَوْله : { وَلَا جُنَاح عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَة النِّسَاء } وَالتَّعْرِيض فِيمَا سَمِعْنَا : أَنْ يَقُول الرَّجُل وَهِيَ فِي عِدَّتهَا : إنَّك لَجَمِيلَة , إنَّك إلَى خَيْر , إنَّك لَنَافِقَة , إنَّك لَتُعْجِبِينِي , وَنَحْو هَذَا , فَهَذَا التَّعْرِيض . 4037 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سُوَيْد , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن الْمُبَارَك , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن سُلَيْمَان , عَنْ خَالَته سَكِينَة ابْنَة حَنْظَلَة بْن عَبْد اللَّه بْن حَنْظَلَة , قَالَتْ : دَخَلَ عَلَيَّ أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بْن عَلِيّ وَأَنَا فِي عِدَّتِي , فَقَالَ : يَا ابْنَة حَنْظَلَة أَنَا مَنْ عَلِمْت قَرَابَتِي مِنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَحَقّ جَدِّي عَلَيَّ وَقِدَمِي فِي الْإِسْلَام . فَقُلْت : غَفَرَ اللَّه لَك يَا أَبَا جَعْفَر أَتَخْطُبُنِي فِي عِدَّتِي , وَأَنْتَ يُؤْخَذ عَنْك ! فَقَالَ : أَوَ قَدْ فَعَلْت ؟ إنَّمَا أُخْبِرك بِقَرَابَتِي مِنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَوْضِعِي , قَدْ دَخَلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أُمّ سَلَمَة وَكَانَتْ عِنْد ابْن عَمّهَا أَبِي سَلَمَة , فَتُوُفِّيَ عَنْهَا , فَلَمْ يَزَلْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُر لَهَا مَنْزِلَته مِنْ اللَّه وَهُوَ مُتَحَامِل عَلَى يَده حَتَّى أَثَّرَ الْحَصِير فِي يَده مِنْ شِدَّة تَحَامُله عَلَى يَده , فَمَا كَانَتْ تِلْكَ خِطْبَة . 4038 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني اللَّيْث , قَالَ : ثني عُقَيْل , عَنْ ابْن شِهَاب : { وَلَا جُنَاح عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَة النِّسَاء } قَالَ : لَا جُنَاح عَلَى مَنْ عَرَضَ لَهُنَّ بِالْخِطْبَةِ قَبْل أَنْ يَحْلُلْنَ إذَا كَنُّوا فِي أَنْفُسهنَّ مِنْ ذَلِكَ . * حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , مَال : أَخْبَرَنِي مَالِك , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن الْقَاسِم , عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ يَقُول فِي قَوْل اللَّه تَعَالَى ذِكْره : { وَلَا جُنَاح عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَة النِّسَاء } أَنْ يَقُول الرَّجُل لِلْمَرْأَةِ وَهِيَ فِي عِدَّة مِنْ وَفَاة زَوْجهَا : إنَّك عَلِيّ لَكَرِيمَة , وَإِنِّي فِيك لَرَاغِب , وَإِنَّ اللَّه سَائِق إلَيْك خَيْرًا وَرِزْقًا , وَنَحْو هَذَا مِنْ الْكَلَام . وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي مَعْنَى الْخِطْبَة . فَقَالَ بَعْضهمْ : الْخِطْبَة : الذِّكْر , وَالْخِطْبَة : التَّشَهُّد . وَكَأَنَّ قَائِل هَذَا الْقَوْل تَأَوَّلَ الْكَلَام : وَلَا جُنَاح عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ ذِكْر النِّسَاء عِنْدهمْ ; وَقَدْ زَعَمَ صَاحِب هَذَا الْقَوْل أَنَّهُ قَالَ : " لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا " , لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ : " وَلَا جُنَاح عَلَيْكُمْ " , كَأَنَّهُ قَالَ : اُذْكُرُوهُنَّ , وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا . وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ : الْخِطْبَة أَخْطِب خِطْبَة وَخَطْبًا , قَالَ : وَقَوْل اللَّه تَعَالَى ذِكْره : { قَالَ فَمَا خَطْبك يَا سَامِرِيّ } 20 95 يُقَال إنَّهُ مِنْ هَذَا . قَالَ : وَأَمَّا الْخِطْبَة , فَهُوَ الْمَخْطُوب مِنْ قَوْلهمْ . خَطَبَ عَلَى الْمِنْبَر وَاخْتَطَبَ . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَالْخِطْبَة عِنْدِي هِيَ " الْفِعْلَة " مِنْ قَوْل الْقَائِل : خَطَبْت فُلَانَة , كَالْجِلْسَةِ مِنْ قَوْله : جَلَسَ , أَوْ الْقَعْدَة مِنْ قَوْله : قَعَدَ . وَمَعْنَى قَوْلهمْ : خَطَبَ فُلَان فُلَانَة سَأَلَهَا خَطْبه إلَيْهَا فِي نَفْسهَا , وَذَلِكَ حَاجَته , مِنْ قَوْلهمْ : مَا خَطْبك ؟ بِمَعْنَى : مَا حَاجَتك وَمَا أَمْرك ؟ . وَأَمَّا التَّعْرِيض فَهُوَ مَا كَانَ مِنْ لَحْن الْكَلَام الَّذِي يَفْهَم بِهِ السَّامِع الْفَهْم مَا يَفْهَم بِصَرِيحِهِ .

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسكُمْ } يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ : { أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسكُمْ } أَوْ أَخْفَيْتُمْ فِي أَنْفُسكُمْ , فَأَسْرَرْتُمُوهُ مِنْ خِطْبَتهنَّ وَعَزْم نِكَاحهنَّ وَهُنَّ فِي عِدَدهنَّ , فَلَا جُنَاح عَلَيْكُمْ أَيْضًا فِي ذَلِكَ إذَا لَمْ تَعْزِمُوا عُقْدَة النِّكَاح حَتَّى يَبْلُغ الْكِتَاب أَجَله . يُقَال مِنْهُ : أَكَنَّ فُلَان هَذَا الْأَمْر فِي نَفْسه , فَهُوَ يُكِنّهُ إكْنَانًا وَكَنَّهُ : إذَا سَتَرَهُ , يَكُنّهُ كَنًّا وَكُنُونًا , وَجَلَسَ فِي الْكِنّ . وَلَمْ يَسْمَع : كَنَنْته فِي نَفْسِي , وَإِنَّمَا يُقَال : كَنَنْته فِي الْبَيْت أَوْ فِي الْأَرْض : إذَا خَبَّأْته فِيهِ , وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى ذِكْره : { كَأَنَّهُنَّ بِيض مَكْنُون } 37 49 أَيْ مَخْبُوء , وَمِنْهُ قَوْل الشَّاعِر : ثَلَاث مِنْ ثَلَاث قُدَامَيَاتٍ مِنْ اللَّائِي تَكُنّ مِنْ الصَّقِيع وَتَكُنّ بِالتَّاءِ هُوَ أَجْوَد وَيَكُنّ , وَيُقَال : أَكْنَتْهُ ثِيَابه مِنْ الْبَرْد , وَأَكَنَّهُ الْبَيْت مِنْ الرِّيح . وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 4039 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسكُمْ } قَالَ : الْإِكْنَان : ذِكْر خِطْبَتهَا فِي نَفْسه لَا يُبْدِيه لَهَا , هَذَا كُلّه حَلّ مَعْرُوف . * حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , ثني حَجَّاج , عَنْ ابْن

جُرَيْجٍ , عَنْ مُجَاهِد , 4040 - حَدَّثَنِي مُوسَى , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ قَوْله : { أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسكُمْ } قَالَ : أَنْ يَدْخُل فَيُسَلِّم وَيَهْدِي إنْ شَاءَ وَلَا يَتَكَلَّم بِشَيْءٍ . 4041 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَهَّاب الثَّقَفِيّ , قَالَ : سَمِعْت يَحْيَى بْن سَعِيد , يَقُول : أَخْبَرَنِي عَبْد الرَّحْمَن بْن الْقَاسِم أَنَّهُ سَمِعَ الْقَاسِم بْن مُحَمَّد يَقُول , فَذَكَرَ نَحْوه . 4042 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد فِي قَوْله : { أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسكُمْ } قَالَ : جَعَلْت فِي نَفْسك نِكَاحهَا وَأَضْمَرْت ذَلِكَ . 4043 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا مِهْرَان , وَحَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا زَيْد جَمِيعًا , عَنْ سُفْيَان : { أَوَأَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسكُمْ } أَنْ يُسِرّ فِي نَفْسه أَنْ يَتَزَوَّجهَا . 4044 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : حَدَّثَنَا هَوْذَة , قَالَ : ثنا عَوْف , عَنْ الْحَسَن فِي قَوْله : { أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسكُمْ } قَالَ : أَسَرَرْتُمْ . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَفِي إبَاحَة اللَّه تَعَالَى ذِكْره مَا أَبَاحَ مِنْ التَّعْرِيض بِنِكَاحِ الْمُعْتَدَّة لَهَا فِي حَال عِدَّتهَا وَحَظْره التَّصْرِيح , مَا أَبَانَ عَنْ افْتِرَاق حُكْم التَّعْرِيض فِي كُلّ مَعَانِي الْكَلَام وَحُكْم التَّصْرِيح مِنْهُ . وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ تَبَيَّنَ أَنَّ التَّعْرِيض بِالْقَذْفِ غَيْر التَّصْرِيح بِهِ , وَأَنَّ الْحَدّ بِالتَّعْرِيضِ بِالْقَذْفِ لَوْ كَانَ وَاجِبًا وُجُوبه بِالتَّصْرِيحِ بِهِ لَوَجَبَ مِنْ الْجُنَاح بِالتَّعْرِيضِ بِالْخِطْبَةِ فِي الْعِدَّة نَظِير الَّذِي يَجِب بِعَزْمِ عُقْدَة النِّكَاح فِيهَا , وَفِي تَفْرِيق اللَّه تَعَالَى ذِكْره بَيْن حُكْمَيْهَا فِي ذَلِكَ الدَّلَالَة الْوَاضِحَة عَلَى افْتِرَاق أَحْكَام ذَلِكَ فِي الْقَذْف .

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { عَلِمَ اللَّه أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ } يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِذَلِكَ : عَلِمَ اللَّه أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَ الْمُعْتَدَّات فِي عِدَدهنَّ بِالْخِطْبَةِ فِي أَنْفُسكُمْ وَبِأَلْسِنَتِكُمْ . كَمَا : 4045 -

حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ يَزِيد بْن إبْرَاهِيم , عَنْ الْحَسَن : { عَلِمَ اللَّه أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ } قَالَ : الْخِطْبَة . 4046 - حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِب سَلَم بْن جُنَادَةَ , قَالَ : ثنا ابْن إدْرِيس , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : { وَلَا جُنَاح عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَة النِّسَاء } قَالَ : ذِكْرك إيَّاهَا فِي نَفْسك . قَالَ : فَهُوَ قَوْل اللَّه : { عَلِمَ اللَّه أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ } * حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي زَائِدَة , عَنْ يَزِيد بْن إبْرَاهِيم , عَنْ الْحَسَن فِي قَوْله : { عَلِمَ اللَّه أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ } قَالَ : هِيَ الْخِطْبَة .

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا } اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى السِّرّ الَّذِي نَهَى اللَّه تَعَالَى عِبَاده عَنْ مُوَاعَدَة الْمُعْتَدَّات بِهِ , فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ الزِّنَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 4047 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا هَمَّام , عَنْ صَالِح الدَّهَّان , عَنْ جَابِر بْن زَيْد : { وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا } قَالَ : الزِّنَا . 4048 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا الْمُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ أَبِي مِجْلَز قَوْله : { وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا } قَالَ : الزِّنَا . * حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا يَحْيَى , قَالَ : ثنا سُلَيْمَان التَّيْمِيّ , عَنْ أَبِي مِجْلَز , * حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ سُلَيْمَان التَّيْمِيّ , عَنْ أَبِي مِجْلَز , مِثْله . 4049 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَهُ : ثنا أَبُو نُعَيْم , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ أَبِي مِجْلَز : { وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا } قَالَ : الزِّنَا . قِيلَ لِسُفْيَان التَّيْمِيّ : ذِكْره ؟ قَالَ : نَعَمْ . 4050 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا الْمُعْتَمِر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ رَجُل , عَنْ الْحَسَن فِي الْمُوَاعَدَة مِثْل قَوْلَة أَبِي مِجْلَز . * حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن إبْرَاهِيم , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : الزِّنَا . * حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا يَحْيَى , قَالَ : ثنا أَشْعَث وَعِمْرَان , عَنْ الْحَسَن , مِثْله . 4051 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن وَيَحْيَى , قَالَا : ثنا سُفْيَان , عَنْ السُّدِّيّ , قَالَ : سَمِعْت إبْرَاهِيم يَقُول : { لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا } قَالَ : الزِّنَا . * حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن حَازِم , قَالَ : ثنا أَبُو نُعَيْم , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ السُّدِّيّ , عَنْ إبْرَاهِيم , مِثْله . 4052 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة فِي قَوْله : { لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا } قَالَ : الزِّنَا . * حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ

: ثنا ابْن أَبِي زَائِدَة , عَنْ يَزِيد بْن إبْرَاهِيم , عَنْ الْحَسَن : { وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا } قَالَ : الزِّنَا . 4054 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سُوَيْد , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن الْمُبَارَك , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , عَنْ الْحَسَن فِي قَوْله : { وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سُرَّا } قَالَ : الْفَاحِشَة . 4054 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إسْحَاق , قَالَ : ثنا أَبُو زُهَيْر , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْن أَبِي طَالِب , قَالَ : أَخْبَرَنَا يَزِيد بْن هَارُونَ , قَالَ : أَخْبَرَنَا جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك : { لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا } قَالَ : السِّرّ : الزِّنَا . 4055 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ ابْن عَبَّاس : { لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا } قَالَ : فَذَلِكَ السِّرّ : الزِّنْيَة , كَانَ الرَّجُل يَدْخُل مِنْ أَجَلّ الزِّنْيَة وَهُوَ يَعْرِض بِالنِّكَاحِ , فَنَهَى اللَّه عَنْ ذَلِكَ , إلَّا مَنْ قَالَ مَعْرُوفًا . * حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَنْصُور , عَنْ الْحَسَن وَجُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك وَسُلَيْمَان التَّيْمِيّ , عَنْ أَبِي مِجْلَز أَنَّهُمْ قَالُوا : الزِّنَا . 4056 - حُدِّثْنَا عَنْ عَمَّار , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع قَوْله : { وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا } لِلْفُحْشِ , وَالْخَضْع مِنْ الْقَوْل . * حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , عَنْ الْحَسَن : { وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا } قَالَ : هُوَ الْفَاحِشَة . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : لَا تَأْخُذُوا مِيثَاقهنَّ وَعُهُودهنَّ فِي عِدَدهنَّ أَنْ لَا يَنْكِحْنَ غَيْركُمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 4057 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ ابْن عَبَّاس : { لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا } يَقُول : لَا تَقُلْ لَهَا إنِّي عَاشِق , وَعَاهِدِينِي أَنْ لَا تَتَزَوَّجِي غَيْرِي , وَنَحْو هَذَا . 4058 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ مُسْلِم الْبُطَيْن , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر فِي قَوْله : { لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا } قَالَ : لَا يُقَاضِهَا عَلَى كَذَا وَكَذَا أَنْ لَا تَتَزَوَّج غَيْره . 4059 - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي ; عَنْ إسْرَائِيل , عَنْ جَابِر ; عَنْ عَامِر وَمُجَاهَد وَعِكْرِمَة , قَالُوا : لَا يَأْخُذ مِيثَاقهَا فِي عِدَّتهَا أَنْ لَا تَتَزَوَّج غَيْره . 4060 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ مَنْصُور , قَالَ : ذُكِرَ فِي عَنْ الشَّعْبِيّ أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَة : { لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا } قَالَ : لَا تَأْخُذ مِيثَاقهَا أَنْ لَا تَنْكِح غَيْرك . * حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَمْرو , عَنْ مَنْصُور , عَنْ الشَّعْبِيّ : { وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا } قَالَ : لَا يَأْخُذ مِيثَاقهَا فِي أَنْ لَا تَتَزَوَّج غَيْره . 4061 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا إسْمَاعِيل بْن سَالِم عَنْ الشَّعْبِيّ , قَالَ : سَمِعْته يَقُول فِي قَوْله : { لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا } قَالَ : لَا تَأْخُذ مِيثَاقهَا أَنْ لَا تَنْكِح غَيْرك , وَلَا يُوجِب الْعُقْدَة حَتَّى تَنْقَضِي الْعِدَّة . * حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مَنْصُور , عَنْ الشَّعْبِيّ : { لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا } قَالَ : لَا يَأْخُذ عَلَيْهَا مِيثَاقًا أَنْ لَا تَتَزَوَّج غَيْره . 4062 - حَدَّثَنِي مُوسَى , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا } يَقُول : أَمْسِكِي عَلَيَّ نَفْسك , فَأَنَا أَتَزَوَّج , وَيَأْخُذ عَلَيْهَا عَهْدًا أَنْ لَا تَنْكِحِي غَيْرِي . 4063 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن زُرَيْعٍ , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا } قَالَ : هَذَا فِي الرَّجُل يَأْخُذ عَهْد الْمَرْأَة وَهِيَ فِي عِدَّتهَا أَنْ لَا تَتَزَوَّج غَيْره , فَنَهَى اللَّه عَنْ ذَلِكَ , وَقَدَّمَ فِيهِ وَأَحَلَّ الْخِطْبَة وَالْقَوْل بِالْمَعْرُوفِ , وَنَهَى عَنْ الْفَاحِشَة , وَالْخَضْع مِنْ الْقَوْل . 4064 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا مِهْرَان , وَحَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا زَيْد جَمِيعًا , عَنْ سُفْيَان : { وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا } قَالَ : أَنْ تُوَاعِدهَا سِرًّا عَلَى كَذَا وَكَذَا عَلَى أَنْ لَا تَنْكِحِي غَيْرِي . 4065 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سُوَيْد , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن الْمُبَارَك , عَنْ مَعْمَر , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : { لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا } قَالَ : مَوْعِدَة السِّرّ : أَنْ يَأْخُذ عَلَيْهَا عَهْدًا وَمِيثَاقًا أَنْ تَحْبِس نَفْسهَا عَلَيْهِ , وَلَا تَنْكِح غَيْره . * حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , بِنَحْوِهِ . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : أَنْ يَقُول لَهَا الرَّجُل : لَا تَسْبِقِينِي بِنَفْسِك . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 4066 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْل اللَّه : { وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا } قَالَ : قَوْل الرَّجُل لِلْمَرْأَةِ : لَا تَفُوتِينِي بِنَفْسِك , فَإِنِّي نَاكِحك . هَذَا لَا يَحِلّ . 4067 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ أَبْنٌ أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : هُوَ قَوْل الرَّجُل لِلْمَرْأَةِ : لَا تَفُوتِينِي . * حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد : { وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا } قَالَ : الْمُوَاعَدَة أَنْ يَقُول : لَا تَفُوتِينِي بِنَفْسِك . * حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سُوَيْد , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن الْمُبَارَك , عَنْ سُفْيَان , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد : { وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا } أَنْ يَقُول : لَا تَفُوتِينِي بِنَفْسِك . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : وَلَا تَنْكِحُوهُنَّ فِي عِدَّتهنَّ سِرًّا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ . 4068 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد فِي قَوْله : { وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا } يَقُول : لَا تَنْكِحُوهُنَّ سِرًّا , ثُمَّ تُمْسِكهَا حَتَّى إذَا حَلَّتْ أَظْهَرَتْ ذَلِكَ وَأَدْخَلَتْهَا . * حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد فِي قَوْله : { وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا } قَالَ : كَانَ أَبِي يَقُول : لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا , ثُمَّ تُمْسِكهَا , وَقَدْ مَلَكَتْ عُقْدَة نِكَاحهَا , فَإِذَا حَلَّتْ أَظَهَرَتْ ذَلِكَ وَأَدْخَلَتْهَا . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْأَقْوَال بِالصَّوَابِ فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , تَأْوِيل مَنْ قَالَ : السِّرّ فِي هَذَا الْمَوْضِع : الزِّنَا ; وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَب تُسَمِّي الْجِمَاع وَغِشْيَان الرَّجُل الْمَرْأَة سِرًّا , لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يَكُون بَيْن الرِّجَال وَالنِّسَاء فِي خِفَاء غَيْر ظَاهِر مُطَّلِع عَلَيْهِ , فَيُسَمَّى لِخَفَائِهِ سِرًّا . مِنْ ذَلِكَ قَوْل رُؤْبَة بْن الْعَجَّاج : فَعَفَّ عَنْ أَسْرَارهَا بَعْد الْعَسَق وَلَمْ يَضَعهَا بَيْن فِرْك وَعَشَق يَعْنِي بِذَلِكَ : عَفَّ عَنْ غِشْيَانهَا بَعْد طُول مُلَازَمَته ذَلِكَ . وَمِنْهُ قَوْل الْحُطَيْئَة : وَيَحْرُم سِرّ جَارَتهمْ عَلَيْهِمْ وَيَأْكُل جَارهمْ أَنْف الْقِصَاع وَكَذَلِكَ يُقَال لَعَلَّ مَا أَخْفَاهُ الْمَرْء فِي نَفْسه سِرّ , وَيُقَال : هُوَ فِي سِرّ قَوْمه , يَعْنِي فِي خِيَارهمْ وَشَرَفهمْ . فَلَمَّا كَانَ السِّرّ إنَّمَا يُوَجِّه فِي كَلَامهَا إلَى أَحَد هَذِهِ الْأَوْجُه الثَّلَاثَة , وَكَانَ مَعْلُومًا أَنَّ أَحَدهنَّ غَيْر مَعْنِيّ بِهِ قَوْله : { وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا } وَهُوَ السِّرّ الَّذِي هُوَ مَعْنَى الْخِيَار وَالشَّرَف , فَلَمْ يَبْقَ إلَّا الْوَجْهَانِ الْآخَرَانِ وَهُوَ السِّرّ الَّذِي بِمَعْنَى مَا أَخْفَتْهُ نَفْس الْمُوَاعِدِينَ الْمُتَوَاعِدِينَ , وَالسِّرّ الَّذِي بِمَعْنَى الْغِشْيَان وَالْجِمَاع . فَلَمَّا لَمْ يَبْقَ غَيْرهمَا , وَكَانَتْ الدَّلَالَة وَاضِحَة عَلَى أَنَّ أَحَدهمَا غَيْر مَعْنِيّ بِهِ صَحَّ أَنَّ الْآخَر هُوَ الْمَعْنِيّ بِهِ . فَإِنْ قَالَ [ قَائِل ] : فَمَا الدَّلَالَة عَلَى أَنَّ مُوَاعَدَة الْقَوْل سِرًّا غَيْر مَعْنِيّ بِهِ عَلَى مَا قَالَ مَنْ قَالَ : إنَّ مَعْنَى ذَلِكَ : أَخْذ الرَّجُل مِيثَاق الْمَرْأَة أَنْ لَا تَنْكِح غَيْره , أَوْ عَلَى مَا قَالَ مَنْ قَالَ : قَوْل الرَّجُل لَهَا : لَا تَسْبِقِينِي نَفْسك ؟ قِيلَ : لِأَنَّ السِّرّ إذَا كَانَ بِالْمَعْنَى الَّذِي تَأَوَّلَهُ قَائِلُو ذَلِكَ , فَلَنْ يَخْلُو ذَلِكَ السِّرّ مِنْ أَنْ يَكُون هُوَ مُوَاعَدَة الرَّجُل الْمَرْأَة وَمَسْأَلَته إيَّاهَا أَنْ لَا تَنْكِح غَيْره , أَوْ يَكُون هُوَ النِّكَاح الَّذِي سَأَلَهَا أَنْ تُجِيبهُ إلَيْهِ بَعْد انْقِضَاء عِدَّتهَا وَبَعْد عَقْده لَهُ دُون النَّاس غَيْره . فَإِنْ كَانَ السِّرّ الَّذِي نَهَى اللَّه الرَّجُل أَنْ يُوَاعِد الْمُعْتَدَّات هُوَ أَخْذ الْعَهْد عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يَنْكِحْنَ غَيْره , فَقَدْ بَطَلَ أَنْ يَكُون السِّرّ مَعْنَاهُ مَا أَخْفَى مِنْ الْأُمُور فِي النُّفُوس , أَوْ نَطَقَ بِهِ فَلَمْ يَطَّلِع عَلَيْهِ , وَصَارَتْ الْعَلَانِيَة مِنْ الْأَمْر سِرًّا , وَذَلِكَ خِلَاف الْمَعْقُول فِي لُغَة مَنْ نَزَلَ الْقُرْآن بِلِسَانِهِ , إلَّا أَنْ يَقُول قَائِل هَذِهِ الْمَقَالَة : إنَّمَا نَهَى اللَّه الرِّجَال عَنْ مُوَاعَدَتهنَّ ذَلِكَ سِرًّا بَيْنهمْ وَبَيْنهنَّ , لَا أَنَّ نَفْس الْكَلَام بِذَلِكَ وَإِنْ كَانَ قَدْ أُعْلِنَ سِرّ . فَيُقَال لَهُ : إنْ قَالَ ذَلِكَ فَقَدْ يَجِب أَنْ تَكُون جَائِزَة مُوَاعَدَتهنَّ النِّكَاح وَالْخِطْبَة صَرِيحًا عَلَانِيَة , إذْ كَانَ الْمَنْهِيّ عَنْهُ مِنْ الْمُوَاعَدَة إنَّمَا هُوَ مَا كَانَ مِنْهَا سِرًّا . فَإِنْ قَالَ إنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ خَرَجَ مِنْ قَوْل جَمِيع الْأُمَّة ; عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ قَيْل أَحَد مِمَّنْ تَأَوَّلَ الْآيَة أَنَّ السِّرّ هَا هُنَا بِمَعْنَى الْمُعَاهَدَة أَنْ لَا تَنْكِح غَيْر الْمُعَاهَد . وَإِنْ قَالَ : ذَلِكَ غَيْر جَائِز . قِيلَ لَهُ : فَقَدْ بَطَلَ أَنْ يَكُون مَعْنَى ذَلِكَ : إسْرَار الرَّجُل إلَى الْمَرْأَة بِالْمُوَاعَدَةِ , لِأَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَحْرُم عَلَيْهِ مُوَاعَدَتهَا مُجَاهَرَة وَعَلَانِيَة , وَفِي كَوْن ذَلِكَ عَلَيْهِ مُحَرَّمًا سِرًّا وَعَلَانِيَة مَا أَبَانَ أَنَّ مَعْنَى السِّرّ فِي هَذَا الْمَوْضِع غَيْر مَعْنَى إسْرَار الرَّجُل إلَى الْمَرْأَة بِالْمُعَاهَدَةِ , أَنْ لَا تَنْكِح غَيْره إذَا انْقَضَتْ عِدَّتهَا ; أَوْ يَكُون إذَا بَطَلَ هَذَا الْوَجْه مَعْنَى ذَلِكَ : الْخُطْبَة وَالنِّكَاح الَّذِي وَعَدَتْ الْمَرْأَة الرَّجُل أَنْ لَا تَعْدُوهُ إلَى غَيْره , فَذَلِكَ إذَا كَانَ , فَإِنَّمَا يَكُون بِوَلِيٍّ وَشُهُود عَلَانِيَة غَيْر سِرّ , وَكَيْفَ يَجُوز أَنْ يُسَمَّى سِرًّا وَهُوَ عَلَانِيَة لَا يَجُوز إسْرَاره ؟ وَفِي بُطُول هَذِهِ الْأَوْجُه أَنْ يَكُون تَأْوِيلًا لِقَوْلِهِ . { وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا } بِمَا عَلَيْهِ دَلَلْنَا مِنْ الْأَدِلَّة وُضُوح صِحَّة تَأْوِيل ذَلِكَ أَنَّهُ بِمَعْنَى الْغِشْيَان وَالْجِمَاع . وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ صَحِيحًا , فَتَأْوِيل الْآيَة : وَلَا جُنَاح عَلَيْكُمْ أَيّهَا النَّاس فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ لِلْمُعْتَدَّاتِ مِنْ وَفَاة أَزْوَاجهنَّ مِنْ خِطْبَة النِّسَاء وَذَلِكَ حَاجَتكُمْ إلَيْهِنَّ , فَلِمَ تُصَرِّحُوا بِالنِّكَاحِ وَالْحَاجَة إلَيْهِنَّ إذَا أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسكُمْ , فَأَسْرَرْتُمْ حَاجَتكُمْ إلَيْهِنَّ وَخِطْبَتكُنَّ إيَّاهُنَّ فِي أَنْفُسكُمْ مَا دُمْنَ فِي عِدَدهنَّ , عَلِمَ اللَّه أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَ خِطْبَتهنَّ وَهُنَّ فِي عِدَدهنَّ . فَأَبَاحَ لَكُمْ التَّعْرِيض بِذَلِكَ لَهُنَّ , وَأَسْقَطَ الْحَرَج عَمَّا أَضْمَرَتْهُ نُفُوسكُمْ حِلْمًا مِنْهُ , وَلَكِنْ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ أَنْ تُوَاعِدُوهُنَّ جِمَاعًا فِي عِدَدهنَّ , بِأَنْ يَقُول أَحَدكُمْ لِإِحْدَاهُنَّ فِي عِدَّتهَا . قَدْ تَزَوَّجْتُك فِي نَفْسِي , وَإِنَّمَا أَنْتَظِر أَنْقِضَاء عِدَّتك , فَيَسْأَلهَا بِذَلِكَ الْقَوْل إمْكَانه مِنْ نَفْسهَا الْجِمَاع وَالْمُبَاضَعَة , فَحَرَّمَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره ذَلِكَ .

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى . { إلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا } قَالَ أَبُو جَعْفَر : ثُمَّ قَالَا تَعَالَى ذِكْره . { إلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا } فَاسْتَثْنَى الْقَوْل الْمَعْرُوف مِمَّا نُهِيَ عَنْهُ , مِنْ مُوَاعَدَة الرَّجُل الْمَرْأَة السِّرّ , وَهُوَ مِنْ غَيْر جِنْسه ; وَلَكِنَّهُ مِنْ الِاسْتِثْنَاء الَّذِي قَدْ ذَكَرْت قَبْل أَنْ يَأْتِي بِمَعْنَى خِلَاف الَّذِي قَبْله فِي الصِّفَة خَاصَّة , وَتَكُون

" إلَّا " فِيهِ بِمَعْنَى " لَكِنْ " , فَقَوْله : { إلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا } مِنْهُ : وَمَعْنَاهُ : وَلَكِنْ قُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا . فَأَبَاحَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره أَنْ يَقُول لَهَا الْمَعْرُوف مِنْ الْقَوْل فِي عِدَّتهَا , وَذَلِكَ هُوَ مَا أَذِنَ لَهُ بِقَوْلِهِ : { وَلَا جُنَاح عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَة النِّسَاء } كَمَا : 4069 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَان , عَنْ سَلَمَة بْن كُهَيْل , عَنْ مُسْلِم الْبُطَيْن , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر : { إلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا } قَالَ : يَقُول : إنِّي فِيك لَرَاغِب , وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ نَجْتَمِع . 4070 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : حَدَّثَنِي مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة عَنْ ابْن عَبَّاس : { إلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا } قَالَ : هُوَ قَوْله : إنْ رَأَيْت أَنْ لَا تَسْبِقِينِي بِنَفْسِك . 4071 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : حَدَّثَنَا سُوَيْد , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن الْمُبَارَك , عَنْ سُفْيَان , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد : { إلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا } قَالَ : يَعْنِي التَّعْرِيض . * حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : حَدَّثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : حَدَّثَنِي حَجَّاج , عَنْ ابْن جُرَيْجٍ , عَنْ مُجَاهِد : { إلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا } قَالَ : يَعْنِي التَّعْرِيض . 4072 - حَدَّثَنِي مُوسَى , قَالَ : حَدَّثَنَا عَمْرو , قَالَ : حَدَّثَنَا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { وَلَا جُنَاح عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَة النِّسَاء } إلَى { حَتَّى يَبْلُغ الْكِتَاب أَجَله } قَالَ : هُوَ الرَّجُل يَدْخُل عَلَى الْمَرْأَة وَهِيَ فِي عِدَّتهَا , فَيَقُول : وَاَللَّه إنَّكُمْ لَأَكْفَاء كِرَام , وَإِنَّكُمْ لَرِعَة , وَإِنَّك لِتُعْجِبِينِي , وَإِنْ يُقَدَّر شَيْء يَكُنْ . فَهَذَا الْقَوْل الْمَعْرُوف . 4073 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : حَدَّثَنَا مِهْرَان , وَحَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : حَدَّثَنَا زَيْد , قَالَا جَمِيعًا : قَالَ سُفْيَان : { إلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا } قَالَ : يَقُول : إنِّي فِيك لَرَاغِب , وَإِنِّي أَرْجُو إنْ شَاءَ اللَّه أَنْ نَجْتَمِع . 4074 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد فِي قَوْله : { إلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا } قَالَ : يَقُول : إنَّ لَك عِنْدِي كَذَا , وَلَك عِنْدِي كَذَا , وَأَنَا مُعْطِيك كَذَا وَكَذَا . قَالَ : هَذَا كُلّه وَمَا كَانَ قَبْل أَنْ يَعْقِد عُقْدَة النِّكَاح , فَهَذَا كُلّه نَسَخَهُ قَوْله : { وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَة النِّكَاح حَتَّى يَبْلُغ الْكِتَاب أَجَله } 4075 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن أَبِي طَالِب , قَالَ : أَخْبَرَنَا يَزِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك : { إلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا } قَالَ : الْمَرْأَة تَطْلُق , أَوْ يَمُوت عَنْهَا زَوْجهَا , فَيَأْتِيهَا الرَّجُل فَيَقُول : احْبِسِي عَلَيَّ نَفْسك , فَإِنْ لِي بِك رَغْبَة , فَتَقُول : وَأَنَا مِثْل ذَلِكَ . فَتَتُوق نَفْسه لَهَا , فَذَلِكَ الْقَوْل الْمَعْرُوف .

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَة النِّكَاح حَتَّى يَبْلُغ الْكِتَاب أَجَله } يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ : { وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَة النِّكَاح } وَلَا تُصَحِّحُوا عُقْدَة النِّكَاح فِي عِدَّة الْمَرْأَة الْمُعْتَدَّة , فَتُوجِبُوهَا بَيْنكُمْ وَبَيْنهنَّ , وَتَعْقِدُوهَا قَبْل انْقِضَاء الْعِدَّة { حَتَّى يَبْلُغ الْكِتَاب أَجَله } يَعْنِي : يَبْلُغْنَ أَجَل الْكِتَاب الَّذِي بَيَّنَهُ اللَّه تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ : { وَاَلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَة أَشْهُر وَعَشْرًا } فَجَعَلَ بُلُوغ الْأَجَل لِلْكِتَابِ . وَالْمَعْنَى : لِلْمُتَنَاكِحِينَ أَنْ لَا يَنْكِح الرَّجُل الْمَرْأَة الْمُعْتَدَّة فَيَعْزِم عُقْدَة النِّكَاح عَلَيْهَا حَتَّى تَنْقَضِي عِدَّتهَا , فَيَبْلُغ الْأَجَل الَّذِي أَجَّلَهُ اللَّه فِي كِتَابه لِانْقِضَائِهَا . كَمَا : 4076 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار وَعَمْرو بْن عَلِيّ , قَالَا : حَدَّثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَان , وَحَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْد الرَّزَّاق , عَنْ الثَّوْرِيّ , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد : { حَتَّى يَبْلُغ الْكِتَاب أَجَله } قَالَ : حَتَّى تَنْقَضِي الْعِدَّة . 4077 - حَدَّثَنِي مُوسَى , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ قَوْله : { حَتَّى يَبْلُغ الْكِتَاب أَجَله } قَالَ : حَتَّى تَمْضِي أَرْبَعَة أَشْهُر وَعَشْر . 4078 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : حَدَّثَنَا يَزِيد , قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة قَوْله : { حَتَّى يَبْلُغ الْكِتَاب أَجَله } قَالَ : حَتَّى تَنْقَضِي الْعِدَّة . 4089 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : حَدَّثَنَا إسْحَاق , قَالَ : حَدَّثَنَا ابْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع , مِثْله . 4080 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي , قَالَ : حَدَّثَنِي عَمِّي , قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ ابْن عَبَّاس : { حَتَّى يَبْلُغ الْكِتَاب أَجَله } قَالَ : تَنْقَضِي الْعِدَّة . * حَدَّثَنِي الْقَاسِم , قَالَ : حَدَّثَنَا

الْحُسَيْن , قَالَ : حَدَّثَنِي حَجَّاج , عَنْ ابْن جُرَيْجٍ , عَنْ عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ عَنْ ابْن عَبَّاس قَوْله : { وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَة النِّكَاح حَتَّى يَبْلُغ الْكِتَاب أَجَله } قَالَ : حَتَّى تَنْقَضِي الْعِدَّة . 4081 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : حَدَّثَنَا إسْحَاق , قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو زُهَيْر , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك قَوْله : { حَتَّى يَبْلُغ الْكِتَاب أَجَله } قَالَ : لَا يَتَزَوَّجهَا حَتَّى يَخْلُو أَجَلهَا . 4082 - حَدَّثَنَا عَمْرو بْن عَلِيّ , قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو قُتَيْبَة , قَالَ : حَدَّثَنَا يُونُس بْن أَبِي إسْحَاق , عَنْ الشَّعْبِيّ فِي قَوْله : { وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَة النِّكَاح حَتَّى يَبْلُغ الْكِتَاب أَجَله } قَالَ : مَخَافَة أَنْ تَتَزَوَّج الْمَرْأَة قَبْل انْقِضَاء الْعِدَّة . * حَدَّثَنَا عَمْرو بْن عَلِيّ , قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَة النِّكَاح حَتَّى يَبْلُغ الْكِتَاب أَجَله } حَتَّى تَنْقَضِي الْعِدَّة . 4083 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : حَدَّثَنَا مِهْرَان , وَحَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ . حَدَّثَنَا زَيْد جَمِيعًا , عَنْ سُفْيَان قَوْله : { حَتَّى يَبْلُغ الْكِتَاب أَجَله } قَالَ : حَتَّى تَنْقَضِي الْعِدَّة .

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّه يَعْلَم مَا فِي أَنْفُسكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّه غَفُور حَلِيم } يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِذَلِكَ : وَاعْلَمُوا أَيّهَا النَّاس أَنَّ اللَّه يَعْلَم مَا فِي

أَنْفُسكُمْ مِنْ هَوَاهُنَّ وَنِكَاحهنَّ وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ أُمُوركُمْ . { فَاحْذَرُوهُ } يَقُول : فَاحْذَرُوا اللَّه وَاتَّقُوهُ فِي أَنْفُسكُمْ أَنْ تَأْتُوا شَيْئًا مِمَّا نَهَاكُمْ عَنْهُ مِنْ عَزْم عُقْدَة نِكَاحهنَّ أَوْ مُوَاعَدَتهنَّ السِّرّ فِي عِدَدهنَّ , وَغَيْر ذَلِكَ مِمَّا نَهَاكُمْ عَنْهُ فِي شَأْنهنَّ فِي حَال مَا هُنَّ مُعْتَدَّات , وَفِي غَيْر ذَلِكَ . { وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّه غَفُور } يَعْنِي أَنَّهُ ذُو سِتْر لِذُنُوبِ عِبَاده وَتَغْطِيَة عَلَيْهَا فِيمَا تُكِنّهُ نُفُوس الرِّجَال مِنْ خِطْبَة ال
لاَّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَاء مَا لَمْ تَمَسُّوهُنُّ أَوْ تَفْرِضُواْ لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَسورة البقرة الآية رقم 236
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { لَا جُنَاح عَلَيْكُمْ إنْ طَلَّقْتُمْ النِّسَاء مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ } يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ { لَا جُنَاح عَلَيْكُمْ } لَا حَرْج عَلَيْكُمْ إنْ طَلَّقْتُمْ النِّسَاء , يَقُول : لَا حَرَج عَلَيْكُمْ فِي طَلَاقكُمْ نِسَاءَكُمْ وَأَزْوَاجكُمْ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ , يَعْنِي بِذَلِكَ : مَا لَمْ تُجَامِعُوهُنَّ . وَالْمُمَاسَّة فِي هَذَا الْمَوْضُوع كِنَايَة عَنْ اسْم الْجِمَاع . كَمَا : 4084 - حَدَّثَنَا حُمَيْد بْن مَسْعَدَةَ , قَالَ : حَدَّثَنَا يَزِيد بْن زُرَيْعٍ , وَحَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَا جَمِيعًا : حَدَّثَنَا شُعْبَة , عَنْ أَبِي بِشْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : قَالَ ابْن عَبَّاس : الْمَسّ : الْجِمَاع , وَلَكِنَّ اللَّه يَكُنِّي مَا يَشَاء بِمَا شَاءَ . 4085 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ حَدَّثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَالَ : الْمَسّ : النِّكَاح . وَقَدْ اخْتَلَفَ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء أَهْل الْحِجَاز وَالْبَصْرَة { مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ } بِفَتْحِ التَّاء مِنْ تَمَسُّوهُنَّ , بِغَيْرِ أَلِف مِنْ قَوْلك : مَسِسْته أَمَسّه مَسًّا وَمَسِيسًا وَمِسِّيسَى مَقْصُور مُشَدَّد غَيْر مُجْرَى . وَكَأَنَّهُمْ اخْتَارُوا قِرَاءَة ذَلِكَ إلْحَاقًا مِنْهُمْ لَهُ بِالْقِرَاءَةِ الْمُجْتَمَع عَلَيْهَا فِي قَوْله : { وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَر } 3 47 وَقَرَأَ ذَلِكَ آخَرُونَ : " مَا لَمْ تُمَاسُّوهُنَّ " بِضَمِّ التَّاء وَالْأَلِف بَعْد الْمِيم إلْحَاقًا مِنْهُمْ ذَلِكَ بِالْقِرَاءَةِ الْمُجْمَع عَلَيْهَا فِي قَوْله : { فَتَحْرِير رَقَبه مِنْ قَبْل أَنْ يَتَمَاسَّا } 58 3 وَجَعَلُوا ذَلِكَ بِمَعْنَى فَعَلَ كُلّ وَاحِد مِنْ الرَّجُل وَالْمَرْأَة بِصَاحِبِهِ مِنْ قَوْلك : مَاسَسْت الشَّيْء مُمَاسَّة وَمِسَاسًا . وَاَلَّذِي نَرَى فِي ذَلِكَ أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ صَحِيحَتَا الْمَعْنَى مُتَّفِقَا التَّأْوِيل , وَإِنْ كَانَ فِي إحْدَاهُمَا زِيَادَة مَعْنَى غَيْر مُوجِبَة اخْتِلَافًا فِي الْحُكْم وَالْمَفْهُوم . وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَجْهَل ذُو فَهْم إذَا قِيلَ لَهُ : مَسِسْت زَوْجَتِي أَنَّ الْمَمْسُوسَة قَدْ لَاقَى مِنْ بَدَنهَا بَدَن الْمَاسّ مَا لَاقَاهُ مِثْله مِنْ بَدَن الْمَاسّ , فَكُلّ وَاحِد مِنْهُمَا - وَإِنْ أَفْرَدَ الْخَبَر عَنْهُ بِأَنَّهُ الَّذِي مَسَّ صَاحِبه - مَعْقُول , كَذَلِكَ الْخَبَر نَفْسه أَنَّ صَاحِبه الْمَسُوس قَدْ مَاسَّهُ , فَلَا وَجْه لِلْحُكْمِ لِإِحْدَى الْقِرَاءَتَيْنِ مَعَ اتِّفَاق مَعَانِيهمَا , وَكَثْرَة الْقِرَاءَة بِكُلِّ وَاحِدَة مِنْهُمَا بِأَنَّهَا أَوْلَى بِالصَّوَابِ مِنْ الْأُخْرَى , بَلْ الْوَاجِب أَنْ يَكُون الْقَارِئ بِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ مُصِيب الْحَقّ فِي قِرَاءَته .

وَإِنَّمَا عَنَى اللَّه تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ : { لَا جُنَاح عَلَيْكُمْ إنْ طَلَّقْتُمْ النِّسَاء مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ } الْمُطَلَّقَات قَبْل الْإِفْضَاء إلَيْهِنَّ فِي نِكَاح قَدْ سُمِّيَ لَهُنَّ فِيهِ الصَّدَاق . وَإِنَّمَا قُلْنَا إنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ , لِأَنَّ كُلّ مَنْكُوحَة فَإِنَّمَا هِيَ إحْدَى اثْنَتَيْنِ إمَّا مُسَمًّى لَهَا الصَّدَاق , أَوْ غَيْر مُسَمَّى لَهَا ذَلِكَ , فَعَلِمْنَا بِاَلَّذِي يَتْلُو ذَلِكَ مِنْ قَوْله تَعَالَى ذِكْره أَنَّ الْمَعْنِيَّة بِقَوْلِهِ : { لَا جُنَاح عَلَيْكُمْ إنْ طَلَّقْتُمْ النِّسَاء مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ } إنَّمَا هِيَ الْمُسَمَّى لَهَا , لِأَنَّ الْمَعْنِيَّة بِذَلِكَ لَوْ كَانَتْ غَيْر الْمَفْرُوض لَهَا الصَّدَاق لَمَا كَانَ لِقَوْلِهِ : { أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَة } مَعْنَى مَعْقُول , إذْ كَانَ لَا مَعْنَى لِقَوْلِ قَائِل : لَا جُنَاح عَلَيْكُمْ إذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاء مَا لَمْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَة فِي نِكَاح لَمْ تُمَاسُّوهُنَّ فِيهِ أَوْ مَا لَمْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَة . فَإِذْ كَانَ لَا مَعْنَى لِذَلِكَ , فَمَعْلُوم أَنَّ الصَّحِيح مِنْ التَّأْوِيل فِي ذَلِكَ : لَا جُنَاح عَلَيْكُمْ إنْ طَلَّقْتُمْ الْمَفْرُوض لَهُنَّ مِنْ نِسَائِكُمْ الصَّدَاق قَبْل أَنْ تُمَاسُّوهُنَّ , وَغَيْر الْمَفْرُوض لَهُنَّ قَبْل الْفَرْض .

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَة } يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ { أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ } أَوْ تُوجِبُوا لَهُنَّ , وَبِقَوْلِهِ : { فَرِيضَة } صَدَاقًا وَاجِبًا . كَمَا : 4086
-

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ ابْن عَبَّاس : { أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَة } قَالَ : الْفَرِيضَة : الصَّدَاق . وَأَصْل الْفَرْض : الْوَاجِب , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : كَانَتْ فَرِيضَة مَا أَتَيْت كَمَا كَانَ الزِّنَاء فَرِيضَة الرَّجْم يَعْنِي كَمَا كَانَ الرَّجْم الْوَاجِب مِنْ حَدّ الزِّنَا , لِذَلِكَ قِيلَ : فَرَضَ السُّلْطَان لِفُلَانٍ أَلْفَيْنِ , يَعْنِي بِذَلِكَ أَوْجَبَ لَهُ ذَلِكَ وَرَزَقَهُ مِنْ الدِّيوَان .

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِع قَدَره وَعَلَى الْمُقْتِر قَدَره } يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ : { وَمَتِّعُوهُنَّ } وَأَعْطُوهُنَّ مَا يَتَمَتَّعْنَ بِهِ مِنْ أَمْوَالكُمْ عَلَى أَقْدَاركُمْ

وَمَنَازِلكُمْ مِنْ الْغِنَى وَالْإِقْتَار . ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَبْلَغ مَا أَمَرَ اللَّه بِهِ الرِّجَال مِنْ ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : أَعْلَاهُ الْخَادِم , وَدُون ذَلِكَ الْوَرِق , وَدُونه الْكِسْوَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 4087 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُؤَمِّل , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ إسْمَاعِيل , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَالَ : مُتْعَة الطَّلَاق أَعْلَاهُ الْخَادِم , وَدُون ذَلِكَ الْوَرِق , وَدُون ذَلِكَ الْكِسْوَة . * حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن إسْحَاق , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ إسْمَاعِيل بْن أُمَيَّة , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ ابْن عَبَّاس بِنَحْوِهِ . 4088 - حَدَّثَنَا أَحْمَد , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ دَاوُد , عَنْ الشَّعْبِيّ قَوْله : { وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِع قَدَره وَعَلَى الْمُقْتِر قَدَره } قُلْت لَهُ : مَا أَوْسَط مُتْعَة الْمُطَلَّقَة ؟ قَالَ : خِمَارهَا وَدِرْعهَا وَجِلْبَابهَا وَمِلْحَفَتهَا . 4089 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ ابْن عَبَّاس قَوْله : { وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِع قَدَره وَعَلَى الْمُقْتِر قَدَره مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ } فَهَذَا الرَّجُل يَتَزَوَّج الْمَرْأَة وَلَمْ يُسَمِّ لَهَا صَدَاقًا ثُمَّ يُطَلِّقهَا مِنْ قَبْل أَنْ يَنْكِحهَا , فَأَمَرَ اللَّه سُبْحَانه أَنْ يُمَتِّعهَا عَلَى قَدْر عُسْره وَيُسْره , فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا مَتَّعَهَا بِخَادِمٍ أَوْ شِبْه ذَلِكَ , وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا مَتَّعَهَا بِثَلَاثَةِ أَثْوَاب أَوْ نَحْو ذَلِكَ . 4090 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , عَنْ دَاوُد , عَنْ الشَّعْبِيّ فِي قَوْله : { وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِع قَدَره وَعَلَى الْمُقْتِر قَدْره } قَالَ : قُلْت لِلشَّعْبِيِّ : مَا وَسَط ذَلِكَ ؟ قَالَ : كِسْوَتهَا فِي بَيْتهَا وَدِرْعهَا وَخِمَارهَا وَمِلْحَفَتهَا وَجِلْبَابهَا . قَالَ الشَّعْبِيّ : فَكَانَ شُرَيْح يُمَتِّع بِخَمْسِمِائَةٍ . * حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَهَّاب , قَالَ : ثنا دَاوُد , عَنْ عَامِر : أَنَّ شُرَيْحًا كَانَ يُمَتِّع بِخَمْسِمِائَةٍ . قُلْت لِعَامِرٍ : مَا وَسَط ذَلِكَ ؟ قَالَ : ثِيَابهَا فِي بَيْتهَا دِرْع وَخِمَار وَمِلْحَفَة وَجِلْبَاب . * حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي عَدِيّ , عَنْ دَاوُد , عَنْ عَمَّار الشَّعْبِيّ أَنَّهُ قَالَ : وَسَط مِنْ الْمُتْعَة ثِيَاب الْمَرْأَة فِي بَيْتهَا دِرْع وَخِمَار وَمِلْحَفَة وَجِلْبَاب . * حَدَّثَنَا عِمْرَان بْن مُوسَى , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَارِث , قَالَ : ثنا دَاوُد , عَنْ الشَّعْبِيّ : أَنَّ شُرَيْحًا مَتَّعَ بِخَمْسِمِائَةٍ . وَقَالَ الشَّعْبِيّ : وَسَط مِنْ الْمُتْعَة دِرْع وَخِمَار وَجِلْبَاب وَمِلْحَفَة . 4091 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إسْحَاق , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع بْن أَنَس فِي قَوْله : { لَا جُنَاح عَلَيْكُمْ إنْ طَلَّقْتُمْ النِّسَاء مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَة وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِع قَدَره وَعَلَى الْمُقْتِر قَدْره مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ } قَالَ : هُوَ الرَّجُل يَتَزَوَّج الْمَرْأَة وَلَا يُسَمِّي لَهَا صَدَاقًا , ثُمَّ يُطَلِّقهَا قَبْل أَنْ يَدْخُل بِهَا , فَلَهَا مَتَاع بِالْمَعْرُوفِ وَلَا صَدَاق لَهَا . قَالَ : أَدْنَى ذَلِكَ ثَلَاثَة أَثَوَاب دِرْع وَخِمَار وَجِلْبَاب وَإِزَار . 4092 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { لَا جُنَاح عَلَيْكُمْ إذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاء مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ } حَتَّى بَلَغَ : { حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ } فَهَذَا فِي الرَّجُل يَتَزَوَّج الْمَرْأَة وَلَا يُسَمِّي لَهَا صَدَاقًا , ثُمَّ يُطَلِّقهَا قَبْل أَنْ يَدْخُل بِهَا , فَلَهَا مَتَاع بِالْمَعْرُوفِ , وَلَا فَرِيضَة لَهَا . وَكَانَ يُقَال : إذَا كَانَ وَاجِدًا فَلَا بُدّ مِنْ مِئْزَر وَجِلْبَاب وَدِرْع وَخِمَار . 4093 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي زَائِدَة , عَنْ صَالِح بْن صَالِح , قَالَ : سُئِلَ عَامِر : بِكُمْ يُمَتِّع الرَّجُل امْرَأَته ؟ قَالَ : عَلَى قَدْر مَاله . 4094 - حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن سَهْل , قَالَ : ثنا مُؤَمِّل , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ سَعْد بْن إبْرَاهِيم , قَالَ : سَمِعْت حُمَيْد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْف يُحَدِّث عَنْ أُمّه قَالَتْ : كَأَنِّي أَنْظُر إلَى جَارِيَة سَوْدَاء حَمَّمَهَا عَبْد الرَّحْمَن أُمّ أَبِي سَلَمَة حِين طَلَّقَهَا قِيلَ لِشُعْبَةَ : مَا حَمَّمَهَا ؟ قَالَ . مَتَّعَهَا . * حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ سَعْد بْن إبْرَاهِيم , عَنْ حُمَيْد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْف عَنْ أُمّه بِنَحْوِهِ , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْف . 4095 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ أَيُّوب , عَنْ ابْن سِيرِينَ , قَالَ : كَانَ يُمَتِّع بِالْخَادِمِ أَوْ بِالنَّفَقَةِ أَوْ الْكِسْوَة . قَالَ : وَمَتَّعَ الْحَسَن بْن عَلِيّ ; أَحْسَبهُ قَالَ : بِعَشَرَةِ آلَاف . 4096 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ أَيُّوب , عَنْ مُسْعَد بْن إبْرَاهِيم : أَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْف طَلَّقَ امْرَأَته , فَمَتَّعَهَا بِالْخَادِمِ . 4097 - حَدَّثَنَا عَنْ عَبْد اللَّه بْن يَزِيد الْمُقْرِئ , عَنْ سَعِيد بْن أَبِي أَيُّوب , قَالَ : ثني عُقَيْل , عَنْ ابْن شِهَاب أَنَّهُ كَانَ يَقُول فِي مُتْعَة الْمُطَلَّقَة : أَعْلَاهُ الْخَادِم , وَأَدْنَاهُ الْكِسْوَة وَالنَّفَقَة , وَيَرَى أَنَّ ذَلِكَ عَلَى مَا قَالَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره : { عَلَى الْمُوسِع قَدْره وَعَلَى الْمُقَتَّر قَدْره } وَقَالَ آخَرُونَ : مَبْلَغ ذَلِكَ إذَا اخْتَلَفَ الزَّوْج وَالْمَرْأَة فِيهِ قَدْر نِصْف صَدَاق مِثْل تِلْكَ الْمَرْأَة الْمَنْكُوحَة بِغَيْرِ صَدَاق مُسَمًّى فِي عَقْده , وَذَلِكَ قَوْل أَبِي حَنِيفَة وَأَصْحَابه . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ مَا قَالَهُ ابْن عَبَّاس وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ مِنْ أَنَّ الْوَاجِب مِنْ ذَلِكَ لِلْمَرْأَةِ الْمُطَلَّقَة عَلَى الرَّجُل عَلَى قَدْر عُسْره وَيُسْره , كَمَا قَالَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره : { عَلَى الْمُوسِع قَدَره وَعَلَى الْمُقْتِر قَدَره } لَا عَلَى قَدْر الْمَرْأَة . وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ وَاجِبًا لِلْمَرْأَةِ عَلَى قَدْر صَدَاق مِثْلهَا إلَى قَدْر نِصْفه لَمْ يَكُنْ لِقَيْلِهِ تَعَالَى ذِكْره : { عَلَى الْمُوسِع قَدَره وَعَلَى الْمُقْتِر قَدَره } مَعْنًى مَفْهُوم , وَلَكَانَ الْكَلَام : وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى قَدْرهنَّ وَقَدْر نِصْف صَدَاق أَمْثَالهنَّ . وَفِي إعْلَام اللَّه تَعَالَى ذِكْره عِبَاده أَنَّ ذَلِكَ عَلَى قَدْر الرَّجُل فِي عُسْره وَيُسْره , لَا عَلَى قَدْره وَقَدْر نِصْف صَدَاق مِثْلهَا مَا يُبَيِّن عَنْ صِحَّة مَا قُلْنَا وَفَسَاد مَا خَالَفَهُ . وَذَلِكَ أَنَّ الْمَرْأَة قَدْ يَكُون صَدَاق مِثْلهَا الْمَال الْعَظِيم , وَالرَّجُل فِي حَال طَلَاقه إيَّاهَا مُقْتِر لَا يَمْلِك شَيْئًا , فَإِنْ قُضِيَ عَلَيْهِ بِقَدْرِ نِصْف صَدَاق مِثْلهَا أَلْزَمَ مَا يَعْجِز عَنْهُ بَعْض مَنْ قَدْ وُسِّعَ عَلَيْهِ , فَكَيْفَ الْمَقْدُور عَلَيْهِ ؟ وَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ بِهِ , كَانَ الْحَاكِم بِذَلِكَ عَلَيْهِ قَدْ تَعَدَّى حُكْم قَوْل اللَّه تَعَالَى ذِكْره : { عَلَى الْمُوسِع قَدَره وَعَلَى الْمُقْتِر قَدَره } وَلَكِنْ ذَلِكَ عَلَى قَدْر عُسْر الرَّجُل وَيُسْره , لَا يُجَاوِز بِذَلِكَ خَادِم أَوْ قِيمَتهَا , إنْ كَانَ الزَّوْج مُوسِعًا , وَإِنْ كَانَ مُقْتِرًا فَأَطَاقَ أَدْنَى مَا يَكُون كِسْوَة لَهَا , وَذَلِكَ ثَلَاث أَثَوَاب وَنَحْو ذَلِكَ , قُضِيَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَإِنْ كَانَ عَاجِزًا عَنْ ذَلِكَ فَعَلَى قَدْر طَاقَته , وَذَلِكَ عَلَى قَدْر اجْتِهَاد الْإِمَام الْعَادِل عِنْد الْخُصُومَة إلَيْهِ فِيهِ . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل قَوْله . { وَمَتِّعُوهُنَّ } هَلْ هُوَ عَلَى الْوُجُوب , أَوْ عَلَى النَّدْب ؟ فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ عَلَى الْوُجُوب يَقْضِي بِالْمُتْعَةِ فِي مَال الْمُطَلِّق , كَمَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِسَائِرِ الدُّيُون الْوَاجِبَة عَلَيْهِ لِغَيْرِهِ وَقَالُوا : ذَلِكَ وَاجِب عَلَيْهِ لِكُلِّ مُطَلَّقَة كَائِنَة مَنْ كَانَتْ مِنْ نِسَائِهِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 4098 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن زُرَيْعٍ , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : كَانَ الْحَسَن وَأَبُو الْعَالِيَة يَقُولَانِ : لِكُلِّ مُطَلَّقَة مَتَاع , دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُل بِهَا وَإِنْ كَانَ قَدْ فَرَضَ لَهَا . 4099 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , عَنْ يُونُس أَنَّ الْحَسَن كَانَ يَقُول : لِكُلِّ مُطَلَّقَة مَتَاع , وَلِلَّتِي طَلَّقَهَا قَبْل أَنْ يَدْخُل بِهَا وَلَمْ يَفْرِض لَهَا . 4100 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَهَّاب , قَالَ : ثنا أَيُّوب , عَنْ سَعِيد عَنْ جُبَيْر فِي هَذِهِ الْآيَة : { وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاع بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ } قَالَ : كُلّ مُطَلَّقَة مَتَاع بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ . * حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , عَنْ أَيُّوب , قَالَ : سَمِعْت سَعِيد بْن جُبَيْر يَقُول . لِكُلِّ مُطَلَّقَة مَتَاع . 4101 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إسْحَاق , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع , قَالَ . كَانَ أَبُو الْعَالِيَة يَقُول : لِكُلِّ مُطَلَّقَة مُتْعَة , وَكَانَ الْحَسَن يَقُول . لِكُلِّ مُطَلَّقَة مُتْعَة . 4102 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو عَامِر , قَالَ : ثنا قُرَّة , قَالَ : سُئِلَ الْحَسَن , عَنْ رَجُل طَلَّقَ امْرَأَته قَبْل أَنْ يَدْخُل بِهَا وَقَدْ فَرَضَ لَهَا , هَلْ لَهَا مَتَاع ؟ قَالَ الْحَسَن : نَعَمْ وَاَللَّه . فَقِيلَ لِلسَّائِلِ , وَهُوَ أَبُو بَكْر الْهُذَلِيّ : أَوْ مَا تَقْرَأ هَذِهِ الْآيَة : { وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْل أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَة فَنِصْف مَا فَرَضْتُمْ } 2 237 ؟ قَالَ : نَعَمْ وَاَللَّه . وَقَالَ آخَرُونَ : الْمُتْعَة لِلْمُطَلَّقَةِ عَلَى زَوْجهَا الْمُطَلِّقهَا وَاجِبَة , وَلَكِنَّهَا وَاجِبَة لِكُلِّ مُطَلَّقَة سِوَى الْمُطَلَّقَة الْمَفْرُوض لَهَا الصَّدَاق . فَأَمَّا الْمُطَلَّقَة الْمَفْرُوض لَهَا الصَّدَاق إذَا طَلُقَتْ قَبْل الدُّخُول بِهَا , فَإِنَّهَا لَا مُتْعَة لَهَا , وَإِنَّمَا لَهَا نِصْف الصَّدَاق الْمُسَمَّى . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 4103 - حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَهَّاب , قَالَ : ثنا عُبَيْد اللَّه , عَنْ نَافِع أَنَّ ابْن عُمَر كَانَ يَقُول : لِكُلِّ مُطَلَّقَة مُتْعَة , إلَّا الَّتِي طَلَّقَهَا وَلَمْ يَدْخُل بِهَا وَقَدْ فَرَضَ لَهَا , فَلَهَا نِصْف الصَّدَاق وَلَا مُتْعَة لَهَا . * حَدَّثَنَا تَمِيم بْن الْمُنْتَصِر , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّه بْن نُمَيْر , عَنْ عُبَيْد اللَّه , عَنْ نَافِع , عَنْ ابْن عُمَر بِنَحْوِهِ . 4104 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي عَدِيّ وَعَبْد الْأَعْلَى , عَنْ سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب فِي الَّذِي يُطَلِّق امْرَأَته وَقَدْ فَرَضَ لَهَا , أَنَّهُ قَالَ فِي الْمَتَاع : قَدْ كَانَ لَهَا الْمَتَاع فِي الْآيَة الَّتِي فِي الْأَحْزَاب , فَلَمَّا نَزَلَتْ الْآيَة الَّتِي فِي الْبَقَرَة , جُعِلَ لَهَا النِّصْف مِنْ صَدَاقهَا إذَا سُمِّيَ , وَلَا مَتَاع لَهَا , وَإِذَا لَمْ يُسَمَّ فَلَهَا الْمَتَاع . * حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي عَدِيّ وَعَبْد الْأَعْلَى , عَنْ سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ سَعِيد نَحْوه . * حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : كَانَ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب يَقُول : إذَا لَمْ يُدْخَل بِهَا جَعَلَ لَهَا فِي سُورَة الْأَحْزَاب الْمَتَاع , ثُمَّ أُنْزِلَتْ الْآيَة الَّتِي فِي سُورَة الْبَقَرَة : { وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْل أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَة فَنِصْف مَا فَرَضْتُمْ } فَنَسَخَتْ هَذِهِ الْآيَة مَا كَانَ قَبْلهَا إذَا كَانَ لَمْ يُدْخَل بِهَا وَكَانَ قَدْ سَمَّى لَهَا صَدَاقًا , فَجُعِلَ لَهَا النِّصْف وَلَا مَتَاع لَهَا . * حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى وَابْن بَشَّار , قَالَا : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ قَتَادَة , عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب , قَالَ : نَسَخَتْ هَذِهِ الْآيَة : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إذَا نَكَحْتُمْ الْمُؤْمِنَات ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْل أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّة تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ } 33 49 الْآيَة الَّتِي فِي الْبَقَرَة . 4105 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار وَابْن الْمُثَنَّى , قَالَا : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ حُمَيْد , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : لِكُلِّ مُطَلَّقَة مُتْعَة , إلَّا الَّتِي فَارَقَهَا وَقَدْ فَرَضَ لَهَا مِنْ قَبْل أَنْ يَدْخُل بِهَا . * حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي الَّتِي يُفَارِقهَا زَوْجهَا قَبْل أَنْ يَدْخُل بِهَا وَقَدْ فَرَضَ لَهَا , قَالَ : لَيْسَ لَهَا مُتْعَة . 4106 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , قَالَ : ثنا أَيُّوب , عَنْ نَافِع , قَالَ : إذَا تَزَوَّجَ الرَّجُل الْمَرْأَة وَقَدْ فَرَضَ لَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْل أَنْ يَدْخُل بِهَا , فَلَهَا نِصْف الصَّدَاق وَلَا مَتَاع لَهَا , وَإِذَا لَمْ يَفْرِض لَهَا فَإِنَّمَا لَهَا الْمَتَاع . 4107 - حَدَّثَنَا يَعْقُوب , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , قَالَ : سُئِلَ ابْن أَبَى نَجِيح وَأَنَا أَسْمَع عَنْ الرَّجُل يَتَزَوَّج , ثُمَّ يُطَلِّقهَا قَبْل أَنْ يَدْخُل بِهَا وَقَدْ فَرَضَ لَهَا , هَلْ لَهَا مَتَاع ؟ قَالَ : كَانَ عَطَاء يَقُول : لَا مَتَاع لَهَا . * حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ أَيُّوب , عَنْ نَافِع , عَنْ ابْن عُمَر فِي الَّتِي فَرَضَ لَهَا وَلَمْ يَدْخُل بِهَا , قَالَ : إنْ طَلَّقْت فَلَهَا نِصْف الصَّدَاق وَلَا مُتْعَة لَهَا . 4108 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ الْحَكَم , عَنْ إبْرَاهِيم , أَنْ شُرَيْحًا كَانَ يَقُول فِي الرَّجُل إذَا طَلَّقَ امْرَأَته قَبْل أَنْ يَدْخُل بِهَا وَقَدْ سَمَّى لَهَا صَدَاقًا , قَالَ : لَهَا فِي النِّصْف مَتَاع . * حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , عَنْ شُعْبَة , عَنْ الْحَكَم , عَنْ إبْرَاهِيم , عَنْ شُرَيْح , قَالَ : لَهَا فِي النِّصْف مَتَاع . وَقَالَ آخَرُونَ : الْمُتْعَة حَقّ لِكُلِّ مُطَلَّقَة , غَيْر أَنَّ مِنْهَا مَا يَقْضِي بِهِ عَلَى الْمُطْلَق , وَمِنْهَا مَا لَا يَقْضِي بِهِ عَلَيْهِ , وَيَلْزَمهُ فِيمَا بَيْنه وَبَيْن اللَّه إعْطَاؤُهَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 4109 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ الزُّهْرِيّ , قَالَ : مُتْعَتَانِ : إحْدَاهُمَا يَقْضِي بِهَا السُّلْطَان , وَالْأُخْرَى حَقّ عَلَى الْمُتَّقِينَ : مَنْ طَلَّقَ قَبْل أَنْ يَفْرِض وَيَدْخُل فَإِنَّهُ يُؤْخَذ بِالْمُتْعَةِ فَإِنَّهُ لَا صَدَاق عَلَيْهِ , وَمَنْ طَلَّقَ بَعْد مَا يَدْخُل أَوْ يُفْرَض فَالْمُتْعَة حَقّ . 4110 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني اللَّيْث , عَنْ يُونُس , عَنْ ابْن شِهَاب : قَالَ اللَّه : { لَا جُنَاح عَلَيْكُمْ إنْ طَلَّقْتُمْ النِّسَاء مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَة وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِع قَدَره وَعَلَى الْمُقَتَّر قَدَره مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ } فَإِذَا تَزَوَّجَ الرَّجُل الْمَرْأَة وَلَمْ يَفْرِض لَهَا , ثُمَّ طَلَّقَهَا مِنْ قَبْل أَنْ يَمَسّهَا وَقَبْل أَنْ يَفْرِض لَهَا , فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا مَتَاع بِالْمَعْرُوفِ يُفْرِض لَهَا السُّلْطَان بِقَدَرٍ , وَلَيْسَ عَلَيْهَا عِدَّة , وَقَالَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره : { وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْل أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَة فَنِصْف مَا فَرَضْتُمْ } فَإِذَا طَلَّقَ الرَّجُل الْمَرْأَة وَقَدْ فَرَضَ لَهَا وَلَمْ يَمْسَسْهَا , فَلَهَا نِصْف صَدَاقهَا , وَلَا عِدَّة عَلَيْهَا . 4111 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحِيم الْبَرْقِيّ , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن أَبِي سَلَمَة , قَالَ : أَخْبَرَنَا زُهَيْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ الزُّهْرِيّ أَنَّهُ قَالَ : مُتْعَتَانِ يَقْضِي بِإِحْدَاهُمَا السُّلْطَان وَلَا يَقْضِي بِالْأُخْرَى , فَالْمُتْعَة الَّتِي يَقْضِي بِهَا السُّلْطَان حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ , وَالْمُتْعَة الَّتِي لَا يَقْضِي بِهَا السُّلْطَان حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ . وَقَالَ آخَرُونَ : لَا يَقْضِي الْحَاكِم وَلَا السُّلْطَان بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عَلَى الْمُطَلَّق , وَإِنَّمَا ذَلِكَ مِنْ اللَّه تَعَالَى ذِكْره نَدْب وَإِرْشَاد إلَى أَنْ تَمَتَّعَ الْمُطَلَّقَة . وَذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 4112 - حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ الْحَكَم : أَنَّ رَجُلًا طَلَّقَ امْرَأَته , فَخَاصَمَتْهُ إلَى شُرَيْح , فَقَرَأَ الْآيَة : { وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاع بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ } 2 241 قَالَ : إنْ كُنْت مِنْ الْمُتَّقِينَ فَعَلَيْك الْمُتْعَة وَلَمْ يَقْضِ لَهَا . قَالَ شُعْبَة : وَجَدْته مَكْتُوبًا عِنْدِي عَنْ أَبِي الضُّحَى . 4113 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ ثنا ابْن عُلَيَّة , عَنْ أَيُّوب , عَنْ مُحَمَّد , قَالَ : كَانَ شُرَيْح يَقُول فِي مَتَاع الْمُطَلَّقَة : لَا تَأْبَ أَنْ تَكُون مِنْ الْمُحْسِنِينَ , لَا تَأْبَ أَنْ تَكُون مِنْ الْمُتَّقِينَ . 4114 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ أَبِي إسْحَاق أَنَّ شُرَيْحًا قَالَ لِلَّذِي قَدْ دَخَلَ بِهَا : إنْ كُنْت مِنْ الْمُتَّقِينَ فَمَتِّعْ . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَكَأَنَّ قَائِلِي هَذَا الْقَوْل ذَهَبُوا فِي تَرْكهمْ إيجَاب الْمُتْعَة فَرْضًا لِلْمُطَلَّقَاتِ إلَى أَنَّ قَوْل اللَّه تَعَالَى ذِكْره : { حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ } وَقَوْله : { حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ } دَلَالَة عَلَى أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ وَاجِبَة وُجُوب الْحُقُوق اللَّازِمَة الْأَمْوَال بِكُلِّ حَال لَمْ يُخَصِّص الْمُتَّقُونَ وَالْمُحْسِنُونَ بِأَنَّهَا حَقّ عَلَيْهِمْ دُون غَيْرهمْ , بَلْ كَانَ يَكُون ذَلِكَ مَعْمُومًا بِهِ كُلّ أَحَد مِنْ النَّاس . وَأَمَّا مُوجِبُوهَا عَلَى كُلّ أَحَد سِوَى الْمُطَلَّقَة الْمَفْرُوض لَهَا الصَّدَاق , فَإِنَّهُمْ اعْتَلُّوا بِأَنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره لَمَّا قَالَ : { وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاع بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ } كَانَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ لَك مُطَلَّقَة مَتَاعًا سِوَى مَنْ اسْتَثْنَاهُ اللَّه تَعَالَى ذِكْره فِي كِتَابه أَوْ عَلَى لِسَان رَسُوله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَلَمَّا قَالَ : { وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْل أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَة فَنِصْف مَا فَرَضْتُمْ } كَانَ فِي ذَلِكَ دَلِيل عِنْدهمْ عَلَى أَنَّ حَقّهَا النِّصْف مِمَّا فَرَضَ لَهَا , لِأَنَّ الْمُتْعَة جَعَلَهَا اللَّه فِي الْآيَة الَّتِي قَبْلهَا عِنْدهمْ لِغَيْرِ الْمَفْرُوض لَهَا , فَكَانَ مَعْلُومًا عِنْدهمْ بِخُصُوصِ اللَّه بِالْمُتْعَةِ غَيْر الْمَفْرُوض لَهَا أَنَّ حُكْمهَا غَيْر حُكْم الَّتِي لَمْ يُفْرَض لَهَا إذَا طَلَّقَهَا قَبْل الْمَسِيس فِيمَا لَهَا عَلَى الزَّوْج مِنْ الْحُقُوق . وَاَلَّذِي هُوَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدِي قَوْل مَنْ قَالَ : لِكُلِّ مُطَلَّقَة مُتْعَة ; لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره قَالَ : { وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاع بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ } فَجَعَلَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره ذَلِكَ لِكُلِّ مُطَلَّقَة وَلَمْ يُخَصِّص مِنْهُنَّ بَعْضًا دُون بَعْض , فَلَيْسَ لِأَحَدٍ إحَالَة ظَاهِر تَنْزِيل عَامّ إلَى بَاطِن خَاصّ إلَّا بِحُجَّةٍ يَجِب التَّسْلِيم لَهَا . فَإِنْ قَالَ قَائِل : فَإِنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره قَدْ خَصَّ الْمُطَلَّقَة قَبْل الْمَسِيس إذَا كَانَ مَفْرُوضًا لَهَا بِقَوْلِهِ : { وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْل أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَة فَنِصْف مَا فَرَضْتُمْ } إذْ لَمْ يَجْعَل لَهَا غَيْر نِصْف الْفَرِيضَة ؟ قِيلَ : إنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره إذَا دَلَّ عَلَى وُجُوب شَيْء فِي بَعْض تَنْزِيله , فَفِي دَلَالَته عَلَى وُجُوبه فِي الْمَوْضِع الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْكِفَايَة عَنْ تَكْرِيره , حَتَّى يَدُلّ عَلَى بُطُول فَرْضه , وَقَدْ دَلَّ بِقَوْلِهِ : { وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاع بِالْمَعْرُوفِ } 2 241 عَلَى وُجُوب الْمُتْعَة لِكُلِّ مُطَلَّقَة , فَلَا حَاجَة بِالْعِبَادِ إلَى تَكْرِير ذَلِكَ فِي كُلّ آيَة وَسُورَة . وَلَيْسَ فِي دَلَالَته عَلَى أَنَّ الْمُطَلَّقَة قَبْل الْمَسِيس الْمَفْرُوض لَهَا الصَّدَاق نِصْف مَا فَرَضَ لَهَا دَلَالَة عَلَى بُطُول الْمُتْعَة عَنْهُ , لِأَنَّهُ غَيْر مُسْتَحِيل فِي الْكَلَام لَوْ قِيلَ : وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْل أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَة فَنِصْف مَا فَرَضْتُمْ وَالْمُتْعَة , فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مُحَالًا فِي الْكَلَام كَانَ مَعْلُومًا أَنَّ نِصْف الْفَرِيضَة إذَا وَجَبَ لَهَا لَمْ يَكُنْ فِي وُجُوبه لَهَا نَفْي عَنْ حَقّهَا مِنْ الْمُتْعَة , وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ اجْتِمَاعهمَا لِلْمُطَلَّقَةِ مُحَالًا - وَكَانَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره قَدْ دَلَّ عَلَى وُجُوب ذَلِكَ لَهَا , وَإِنْ كَانَتْ الدَّلَالَة عَلَى وُجُوب أَحَدهمَا فِي آيَة غَيْر الْآيَة الَّتِي فِيهَا الدَّلَالَة عَلَى وُجُوب الْأُخْرَى - ثَبَتَ وَصَحَّ وُجُوبهمَا لَهَا . هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى أَنَّ الْمُطَلَّقَة الْمَفْرُوض لَهَا الصَّدَاق إذَا طَلُقَتْ قَبْل الْمَسِيس دَلَالَة غَيْر قَوْل اللَّه تَعَالَى ذِكْره : { وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاع بِالْمَعْرُوفِ } 2 241 فَكَيْفَ وَفِي قَوْل اللَّه تَعَالَى ذِكْره : { لَا جُنَاح عَلَيْكُمْ إنْ طَلَّقْتُمْ النِّسَاء مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَة وَمَتِّعُوهُنَّ } الدَّلَالَة الْوَاضِحَة عَلَى أَنَّ الْمَفْرُوض لَهَا إذَا طَلُقَتْ قَبْل الْمَسِيس لَهَا مِنْ الْمُتْعَة مِثْل الَّذِي لِغَيْرِ الْمَفْرُوض لَهَا مِنْهَا ؟ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره لَمَا قَالَ : { لَا جُنَاح عَلَيْكُمْ إنْ طَلَّقْتُمْ النِّسَاء مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَة } كَانَ مَعْلُومًا بِذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ دَلَّ بِهِ عَلَى حُكْم طَلَاق صِنْفَيْنِ مِنْ طَلَاق النِّسَاء : أَحَدهمَا الْمَفْرُوض لَهُ , وَالْآخَر غَيْر الْمَفْرُوض لَهُ ; وَأَنَّهَا الْمُطَلَّقَة الْمَفْرُوض لَهَا قَبْل الْمَسِيس , لِأَنَّهُ قَالَ : { لَا جُنَاح عَلَيْكُمْ إنْ طَلَّقْتُمْ النِّسَاء مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ } ثُمَّ قَالَ تَعَالَى ذِكْره : { وَمَتِّعُوهُنَّ } فَأَوْجَبَ الْمُتْعَة لِلصِّنْفَيْنِ مِنْهُنَّ جَمِيعًا : الْمَفْرُوض لَهُنَّ , وَغَيْر الْمَفْرُوض لَهُنَّ . فَمَنْ ادَّعَى أَنَّ ذَلِكَ لِأَحَدِ الصِّنْفَيْنِ , سُئِلَ الْبُرْهَان عَلَى دَعْوَاهُ مِنْ أَصْلِ أَوْ نَظِير , ثُمَّ عُكِسَ عَلَيْهِ الْقَوْل فِي ذَلِكَ فَلَنْ يَقُول فِي شَيْء مِنْهُ قَوْلًا إلَّا أَلْزَمَ فِي الْآخَر مِثْله . وَأَرَى أَنَّ الْمُتْعَة لِلْمَرْأَةِ حَقّ وَاجِب إذَا طَلُقَتْ عَلَى زَوْجهَا الْمُطَلِّقهَا عَلَى مَا بَيَّنَّا آنِفًا يُؤْخَذ بِهَا الزَّوْج كَمَا يُؤْخَذ بِصَدَاقِهَا , لَا يُبَرِّئهُ مِنْهَا إلَّا أَدَاؤُهُ إلَيْهَا , أَوْ إلَى مَنْ يَقُوم مَقَامهَا فِي قَبْضهَا مِنْهُ , أَوْ بِبَرَاءَةٍ تَكُون مِنْهَا لَهُ . وَأَرَى أَنَّ سَبِيلهَا سَبِيل صَدَاقهَا وَسَائِر دُيُونهَا قَبْله يَحْبِس بِهَا إنْ طَلَّقَهَا فِيهَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْء ظَاهِر يُبَاع عَلَيْهِ إذَا امْتَنَعَ مِنْ إعْطَائِهَا ذَلِكَ . وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ , لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره قَالَ : { وَمَتِّعُوهُنَّ } فَأَمَرَ الرِّجَال أَنْ يُمَتِّعُوهُنَّ , وَأَمْره فَرْض إلَّا أَنْ يُبَيِّن تَعَالَى ذِكْره أَنَّهُ عَنَى بِهِ النَّدْب وَالْإِرْشَاد لِمَا قَدْ بَيَّنَّا فِي كِتَابنَا الْمُسَمَّى بِلَطِيفِ الْبَيَان عَنْ أُصُول الْأَحْكَام , لِقَوْلِهِ : { وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاع بِالْمَعْرُوفِ } 2 241 وَلَا خِلَاف بَيْن جَمِيع أَهْل التَّأْوِيل أَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ : وَلِلْمُطَلَّقَاتِ عَلَى أَزْوَاجهنَّ مَتَاع بِالْمَعْرُوفِ . وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَلَنْ يَبْرَأ الزَّوْج مِمَّا لَهَا عَلَيْهِ إلَّا بِمَا وَصَفْنَا قَبْل مِنْ أَدَاء أَوْ إبْرَاء عَلَى مَا قَدْ بَيَّنَّا . فَإِنْ ظَنَّ ذُو غَبَاء أَنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره إذْ قَالَ : { حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ } و { حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ } أَنَّهَا غَيْر وَاجِبَة لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ وَاجِبَة لَكَانَتْ عَلَى الْمُحْسِن وَغَيْر الْمُحْسِن , وَالْمُتَّقِي وَغَيْر الْمُتَّقِي . فَإِنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره قَدْ أَمَرَ جَمِيع خَلْقه بِأَنْ يَكُونُوا مِنْ الْمُحْسِنِينَ , وَمِنْ الْمُتَّقِينَ , وَمَا وَجَبَ مِنْ حَقّ عَلَى أَهْل الْإِحْسَان وَالتُّقَى , فَهُوَ عَلَى غَيْرهمْ أَوْجَب , وَلَهُمْ أَلْزَم . وَبَعْد , فَإِنَّ فِي إجْمَاع الْحُجَّة عَلَى أَنَّ الْمُتْعَة لِلْمُطَلَّقَةِ غَيْر الْمَفْرُوض لَهَا قَبْل الْمَسِيس وَاجِبَة بِقَوْلِهِ : { وَمَتِّعُوهُنَّ } وُجُوب نِصْف الصَّدَاق لِلْمُطَلَّقَةِ الْمَفْرُوض لَهَا قَبْل الْمَسِيس , قَالَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره فِيمَا أَوْجَب لَهَا . ذَلِكَ ; الدَّلِيل الْوَاضِح أَنَّ ذَلِكَ حَقّ وَاجِب لِكُلِّ مُطَلَّقَة بِقَوْلِهِ : { وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاع بِالْمَعْرُوفِ } وَإِنْ كَانَ قَالَ : { حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ } وَمَنْ أَنْكَرَ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ , سُئِلَ عَنْ الْمُتْعَة لِلْمُطَلَّقَةِ غَيْر الْمَفْرُوض لَهَا قَبْل الْمَسِيس , فَإِنْ أَنْكَرَ وُجُوبه خَرَجَ مِنْ قَوْل جَمِيع الْحُجَّة , وَنُوظِرَ مُنَاظَرَتنَا الْمُنْكَرِينَ فِي عِشْرِينَ دِينَارًا زَكَاة , وَالدَّافِعِينَ زَكَاة الْعُرُوض إذَا كَانَتْ لِلتِّجَارَةِ , وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ . فَإِنْ أَوْجَبَ ذَلِكَ لَهَا , سُئِلَ الْفَرْق بَيْن وُجُوب ذَلِكَ لَهَا , وَالْوُجُوب لِكُلِّ مُطَلَّقَة , وَقَدْ شَرَطَ فِيمَا جَعَلَ لَهَا مِنْ ذَلِكَ بِأَنَّهُ حَقّ عَلَى الْمُحْسِنِينَ , كَمَا شَرَطَ فِيمَا جَعَلَ لِلْآخَرِ بِأَنَّهُ حَقّ عَلَى الْمُتَّقِينَ , فَلَنْ يَقُول فِي أَحَدهمَا قَوْلًا إلَّا أَلْزَمَ فِي الْآخَر مِثْله . وَأَجْمَعَ الْجَمِيع عَلَى أَنَّ الْمُطَلَّقَة غَيْر الْمَفْرُوض لَهَا قَبْل الْمَسِيس , لَا شَيْء لَهَا عَلَى زَوْجهَا الْمُطَلِّقهَا غَيْر الْمُتْعَة . ذِكْر بَعْض مَنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْ الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ : 4115 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب وَيُونُس بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَا : ثنا ابْن عُيَيْنَة , عَنْ عَمْرو بْن دِينَار , عَنْ عَطَاء , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَالَ : إذَا طَلَّقَ الرَّجُل امْرَأَته قَبْل أَنْ يَفْرِض لَهَا وَقَبْل أَنْ يَدْخُل بِهَا , فَلَيْسَ لَهَا إلَّا الْمَتَاع . 4116 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , عَنْ يُونُس , قَالَ : قَالَ الْحَسَن : إنْ طَلَّقَ الرَّجُل امْرَأَته وَلَمْ يَدْخُل بِهَا وَلَمْ يَفْرِض لَهَا , فَلَيْسَ لَهَا إلَّا الْمَتَاع . 4117 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَيُّوب , عَنْ نَافِع , قَالَ : إذَا تَزَوَّجَ الرَّجُل الْمَرْأَة ثُمَّ طَلَّقَهَا وَلَمْ يَفْرِض لَهَا , فَإِنَّمَا لَهَا الْمَتَاع . 4118 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني اللَّيْث , عَنْ يُونُس , عَنْ ابْن شِهَاب , قَالَ : إذَا تَزَوَّجَ الرَّجُل الْمَرْأَة وَلَمْ يَفْرِض لَهَا , ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْل أَنْ يَمَسّهَا وَقَبْل أَنْ يُفْرَض لَهَا , فَلَيْسَ لَهَا عَلَيْهِ إلَّا الْمَتَاع بِالْمَعْرُوفِ . 4119 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْل اللَّه : { لَا جُنَاح عَلَيْكُمْ إنْ طَلَّقْتُمْ النِّسَاء مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَة } قَالَ : لَيْسَ لَهَا صَدَاق إلَّا مَتَاع بِالْمَعْرُوفِ . * حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , بِنَحْوِهِ , إلَّا أَنَّهُ قَالَ : وَلَا مَتَاع إلَّا بِالْمَعْرُوفِ . 4120 - حَدَّثَنِي مُوسَى , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { لَا جُنَاح عَلَيْكُمْ إذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاء مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ } إلَى : { وَمَتِّعُوهُنَّ } قَالَ : هَذَا الرَّجُل تُوهَب لَهُ , فَيُطَلِّقهَا قَبْل أَنْ يَدْخُل بِهَا , فَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْمُتْعَة . 4121 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَة : هُوَ الرَّجُل يَتَزَوَّج الْمَرْأَة وَلَا يُسَمِّي لَهَا صَدَاقًا , ثُمَّ يُطَلِّقهَا قَبْل أَنْ يَدْخُل بِهَا , فَلَهَا مَتَاع بِالْمَعْرُوفِ , وَلَا فَرِيضَة لَهَا . 4122 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إسْحَاق , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع , مِثْله . 4123 - حُدِّثْنَا عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَة } هَذَا رَجُل وَهَبَتْ لَهُ امْرَأَته فَطَلَّقَهَا مِنْ قَبْل أَنْ يَمَسّهَا , فَلَهَا الْمُتْعَة , وَلَا فَرِيضَة لَهَا , وَلَيْسَتْ عَلَيْهَا عِدَّة . وَأَمَّا الْمُوسِع , فَهُوَ الَّذِي قَدْ صَارَ مِنْ عَيْشه إلَى سَعَة وَغِنًى , يُقَال مِنْهُ . أَوْسَع فُلَان فَهُوَ يُوسِع إيسَاعًا وَهُوَ مُوسِع . وَأَمَّا الْمُقْتِر : فَهُوَ الْمُقِلّ مِنْ الْمَال , يُقَال : قَدْ أَقْتَرَ فَهُوَ يُقْتِر إقْتَارًا , وَهُوَ مُقْتَرّ . وَاخْتَلَفَ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة الْقَدَر , فَقَرَأَهُ بَعْضهمْ : { عَلَى الْمُوسِع قَدَره وَعَلَى الْمُقْتِر قَدَره } بِتَحْرِيكِ الدَّال إلَى الْفَتْح مِنْ الْقَدَر , تَوْجِيهًا مِنْهُمْ ذَلِكَ إلَى الِاسْم مِنْ التَّقْدِير , الَّذِي هُوَ مِنْ قَوْل الْقَائِل : قَدَرَ فُلَان هَذَا الْأَمْر . وَقَرَأَ آخَرُونَ بِتَسْكِينِ الدَّال مِنْهُ , تَوْجِيهًا مِنْهُمْ ذَلِكَ إلَى الْمَصْدَر مِنْ ذَلِكَ , كَمَا قَالَ الشَّاعِر . وَمَا صَبَّ رِجْلِي فِي حَدِيد مُجَاشِع مَعَ الْقَدَر إلَّا حَاجَة لِي أُرِيدهَا وَالْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّهُمَا جَمِيعًا قِرَاءَتَانِ قَدْ جَاءَتْ بِهِمَا الْأُمَّة , وَلَا يُحِيل الْقِرَاءَة بِإِحْدَاهُمَا مَعْنًى فِي الْأُخْرَى , بَلْ هُمَا مُتَّفِقَتَا الْمَعْنَى , فَبِأَيِّ الْقِرَاءَتَيْنِ قَرَأَ الْقَارِئ ذَلِكَ , فَهُوَ لِلصَّوَابِ مُصِيب . وَإِنَّمَا يَجُوز اخْتِيَار بَعْض الْقِرَاءَات عَلَى بَعْض لِبَيْنُونَةِ الْمُخْتَارَة عَلَى غَيْرهَا بِزِيَادَةِ مَعْنًى أَوْجَبَتْ لَهَا الصِّحَّة دُون غَيْرهَا ; وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْمَعَانِي فِي جَمِيعهَا مُتَّفِقَة , فَلَا وَجْه لِلْحُكْمِ لِبَعْضِهَا بِأَنَّهُ أَوْلَى أَنْ يَكُون مَقْرُوءًا بِهِ مِنْ غَيْره . فَتَأْوِيل الْآيَة إذًا : لَا حَرَج عَلَيْكُمْ أَيّهَا النَّاس لَأَنْ طَلَّقْتُمْ النِّسَاء , وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ مَا لَمْ تُمَاسُّوهُنَّ , وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مَا لَمْ تُمَاسُّوهُنَّ قَبْل أَنْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ , وَمَتِّعُوهُنَّ جَمِيعًا عَلَى ذِي السَّعَة وَالْغِنَى مِنْكُمْ مِنْ مَتَاعهنَّ حِينَئِذٍ بِقَدْرِ غِنَاهُ وَسَعَته , وَعَلَى ذِي الْإِقْتَار وَالْفَاقَة مِنْكُمْ مِنْهُ بِقَدْرِ طَاقَته وَإِقْتَاره .

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ } يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِذَلِكَ : وَمَتِّعُوهُنَّ مَتَاعًا . وَقَدْ يَجُوز أَنْ يَكُون مَتَاعًا مَنْصُوبًا قَطْعًا مِنْ الْقَدَر , لِأَنَّ الْمَتَاع نَكِرَة , وَالْقَدَر مَعْرِفَة . وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ { بِالْمَعْرُوفِ } : بِمَا أَمَرَكُمْ اللَّه بِهِ مِنْ إعْطَائِكُمْ لَهُنَّ ذَلِكَ بِغَيْرِ ظُلْم , وَلَا مُدَافَعَة مِنْكُمْ لَهُنَّ بِهِ . وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ : { حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ } : مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ الْحَقّ عَلَى الْمُحْسِنِينَ فَلَمَّا دَلَّ إدْخَال الْأَلِف وَاللَّام عَلَى الْحَقّ , وَهُوَ مِنْ نَعْت الْمَعْرُوف , وَالْمَعْرُوف مَعْرِفَة , وَالْحَقّ نَكِرَة ; نُصِبَ عَلَى الْقَطْع مِنْهُ , كَمَا يُقَال : أَتَانِي الرَّجُل رَاكِبًا . وَجَائِز أَنْ يَكُون نُصِبَ عَلَى الْمَصْدَر مِنْ جُمْلَة الْكَلَام الَّذِي قَبْله , كَقَوْلِ الْقَائِل : عَبْد اللَّه عَالِم حَقًّا , فَالْحَقّ مَنْصُوب مِنْ نِيَّة كَلَام الْمُخْبِر كَأَنَّهُ قَالَ : أُخْبِركُمْ بِذَلِكَ حَقًّا . وَالتَّأْوِيل الْأَوَّل هُوَ وَجْه الْكَلَام , لِأَنَّ مَعْنَى الْكَلَام : فَمَتِّعُوهُنَّ مَتَاعًا بِمَعْرُوفٍ حَقًّا عَلَى كُلّ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مُحْسِنًا . وَقَدْ زَعَمَ بَعْضهمْ أَنَّ ذَلِكَ مَنْصُوب بِمَعْنًى أَحَقّ ذَلِكَ حَقًّا , وَاَلَّذِي قَالَهُ مِنْ ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ ظَاهِر التِّلَاوَة , لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره جَعَلَ الْمَتَاع لِلْمُطَلَّقَاتِ حَقًّا لَهُنَّ عَلَى أَزْوَاجهنَّ , فَزَعَمَ قَائِل هَذَا الْقَوْل أَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره أَخْبَرَ عَنْ نَفْسه أَنَّهُ يُحِقّ أَنَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُحْسِنِينَ . فَتَأْوِيل الْكَلَام إذًا : إذْ كَانَ الْأَمْر كَذَلِكَ : وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِع

قَدَره , وَعَلَى الْمُقْتِر قَدْره , مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ الْوَاجِب عَلَى الْمُحْسِنِينَ . وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ : { الْمُحْسِنِينَ } الَّذِينَ يُحْسِنُونَ إلَى أَنْفُسهمْ فِي الْمُسَارَعَة إلَى طَاعَة اللَّه فِيمَا أَلْزَمَهُمْ بِهِ , وَأَدَائِهِمْ مَا كَلَّفَهُمْ مِنْ فَرَائِضه . فَإِنْ قَالَ قَائِل : إنَّك قَدْ ذَكَرْت أَنَّ الْجُنَاح هُوَ الْحَرَج , وَقَدْ قَالَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره : { لَا جُنَاح عَلَيْكُمْ إنْ طَلَّقْتُمْ النِّسَاء مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ } فَهَلْ عَلَيْنَا مِنْ جُنَاح لَوْ طَلَّقْنَا مِنْ بَعْد الْمَسِيس , فَيُوضَع عَنَّا بِطَلَاقِنَا إيَّاهُنَّ قَبْل الْمَسِيس ؟ قِيلَ : قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : " إنَّ اللَّه لَا يُحِبّ الذَّوَّاقِينَ وَلَا الذَّوَّاقَات " . 4124 - حَدَّثَنَا بِذَلِكَ ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي عَدِيّ وَعَبْد الْأَعْلَى , عَنْ سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ شَهْر بْن حَوْشَبٍ , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : " مَا بَال أَقْوَام يَلْعَبُونَ بِح
وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلاَّ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌسورة البقرة الآية رقم 237
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْل أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَة فَنِصْف مَا فَرَضْتُمْ } وَهَذَا الْحُكْم مِنْ اللَّه تَعَالَى ذِكْره إبَانَة عَنْ قَوْله : { لَا جُنَاح عَلَيْكُمْ إنْ طَلَّقْتُمْ النِّسَاء مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَة } وَتَأْوِيل ذَلِكَ : لَا جُنَاح عَلَيْكُمْ أَيّهَا النَّاس إنْ طَلَّقْتُمْ

النِّسَاء مَا لَمْ تُمَاسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَة , فَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ نِصْف مَا كُنْتُمْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ مِنْ قَبْل طَلَاقكُمْ إيَّاهُنَّ , يَعْنِي بِذَلِكَ : فَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ نِصْف مَا أَصَدَقْتُمُوهُنَّ . وَإِنَّمَا قُلْنَا : إنَّ تَأْوِيل ذَلِكَ كَذَلِكَ لِمَا قَدْ قَدَّمْنَا الْبَيَان عَنْهُ مِنْ أَنَّ قَوْله : { أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَة } بَيَان مِنْ اللَّه تَعَالَى ذِكْره لِعِبَادِهِ حُكْم غَيْر الْمَفْرُوض لَهُنَّ إذَا طَلَّقَهُنَّ قَبْل الْمَسِيس , فَكَانَ مَعْلُومًا بِذَلِكَ أَنَّ حُكْم اللَّوَاتِي عَطَفَ عَلَيْهِنَّ بِأَوْ غَيْر حُكْم الْمَعْطُوف بِهِنَّ بِهَا . وَإِنَّمَا كَرَّرَ تَعَالَى ذِكْره قَوْله : { وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْل أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَة } وَقَدْ مَضَى ذِكْرهنَّ فِي قَوْله : { لَا جُنَاح عَلَيْكُمْ إنْ طَلَّقْتُمْ النِّسَاء مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ } لِيَزُولَ الشَّكّ عَنْ سَامِعِيهِ وَاللُّبْس عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْ يَظُنُّوا أَنَّ الَّتِي حُكْمهَا الْحُكْم الَّذِي وَصَفَهُ فِي هَذِهِ الْآيَة هِيَ غَيْر الَّتِي ابْتَدَأَ بِذِكْرِهَا وَذِكْر حُكْمهَا فِي الْآيَة الَّتِي قَبْلهَا .

وَأَمَّا قَوْله : { إلَّا أَنْ يَعْفُونَ } فَإِنَّهُ يَعْنِي : إلَّا أَنْ يَعْفُو اللَّوَاتِي وَجَبَ لَهُنَّ عَلَيْكُمْ نِصْف تِلْكَ الْفَرِيضَة فَيَتْرُكْنَهُ لَكُمْ , وَيَصْفَحْنَ لَكُمْ عَنْهُ , تَفَضُّلًا مِنْهُنَّ بِذَلِكَ عَلَيْكُمْ , إنْ كُنَّ مِمَّنْ يَجُوز حُكْمه فِي مَاله , وَهُنَّ بَوَالِغ رَشِيدَات , فَيَجُوز عَفْوهنَّ حِينَئِذٍ عَمَّا عَفَوْنَ عَنْكُمْ مِنْ ذَلِكَ , فَيَسْقُط عَنْكُمْ مَا كُنَّ عَفَوْنَ لَكُمْ عَنْهُ مِنْهُ . وَذَلِكَ النِّصْف الَّذِي كَانَ وَجَبَ لَهُنَّ مِنْ الْفَرِيضَة بَعْد الطَّلَاق وَقِيلَ الْعَفْو إنْ عَفَتْ عَنْهُ , أَوْ مَا عَفَتْ عَنْهُ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَهُ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 4126 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى . قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ ابْن عَبَّاس : { وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْل أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَة فَنِصْف مَا فَرَضْتُمْ } فَهَذَا الرَّجُل يَتَزَوَّج الْمَرْأَة وَقَدْ سُمِّيَ لَهَا صَدَاقًا , ثُمَّ يُطَلِّقهَا مِنْ قَبْل أَنْ يَمَسّهَا , فَلَهَا نِصْف صَدَاقهَا , لَيْسَ لَهَا أَكْثَر مِنْ ذَلِكَ . 4127 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا

أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْل أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَة فَنِصْف مَا فَرَضْتُمْ أَوْ يَعْفُو الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَة النِّكَاح } قَالَ : إنْ طَلَّقَ الرَّجُل امْرَأَته وَقَدْ فَرَضَ لَهَا فَنِصْف مَا فَرَضَ , إلَّا أَنْ يَعْفُونَ . * حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 4128 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { وَإِذْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْل أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَة فَنِصْف مَا فَرَضْتُمْ } فَنَسَخَتْ هَذِهِ الْآيَة مَا كَانَ قَبْلهَا إذَا كَانَ لَمْ يَدْخُل بِهَا وَقَدْ كَانَ سَمَّى لَهَا صَدَاقًا , فَجَعَلَ لَهَا النِّصْف , وَلَا مَتَاع لَهَا . 4129 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إسْحَاق , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع : { وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْل أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَة فَنِصْف مَا فَرَضْتُمْ } قَالَ : هُوَ الرَّجُل يَتَزَوَّج الْمَرْأَة وَقَدْ فَرَضَ لَهَا صَدَاقًا , ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْل أَنْ يَدْخُل بِهَا , فَلَهَا نِصْف مَا فَرَضَ لَهَا , وَلَهَا الْمَتَاع , وَلَا عِدَّة عَلَيْهَا . 4130 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثنا اللَّيْث عَنْ يُونُس , عَنْ ابْن شِهَاب : { وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْل أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَة فَنِصْف مَا فَرَضْتُمْ } قَالَ : إذَا طَلَّقَ الرَّجُل الْمَرْأَة وَقَدْ فَرَضَ لَهَا وَلَمْ يَمَسّهَا , فَلَهَا نِصْف صَدَاقهَا , وَلَا عِدَّة عَلَيْهَا . ذِكْر مَنْ قَالَ فِي قَوْله : { إلَّا أَنْ يَعْفُونَ } الْقَوْل الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ التَّأْوِيل : 4131 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حِبَّان بْن مُوسَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن الْمُبَارَك , قَالَ : أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْن بِشْر أَنَّهُ سَمِعَ عِكْرِمَة يَقُول : إذَا طَلَّقَهَا قَبْل أَنْ يَمَسّهَا وَقَدْ فَرَضَ لَهَا , فَنِصْف الْفَرِيضَة لَهَا عَلَيْهِ , إلَّا أَنْ تَعْفُو عَنْهُ فَتَتْرُكهُ . 4132 - حُدِّثْنَا عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ , قَالَ : أَخْبَرَنَا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك , يَقُول فِي قَوْله : { إلَّا أَنْ يَعْفُونَ } قَالَ : الْمَرْأَة تَتْرُك الَّذِي لَهَا . 4133 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ ابْن عَبَّاس : { إلَّا إذْ يَعْفُونَ } هِيَ الْمَرْأَة الثَّيِّب أَوْ الْبِكْر يُزَوِّجهَا غَيْر أَبِيهَا , فَجَعَلَ اللَّه الْعَفْو إلَيْهِنَّ إنَّ شِئْنَ عَفَوْنَ فَتَرَكْنَ , وَإِنْ شِئْنَ أَخَذْنَ نِصْف الصَّدَاق . 4134 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { إلَّا إذْ يَنْفُونَ } تَتْرُك الْمَرْأَة شَطْر صَدَاقهَا , وَهُوَ الَّذِي لَهَا كُلّه . * حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 4135 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إسْحَاق , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع قَوْله : { إلَّا إذْ يَنْفُونَ } قَالَ : الْمَرْأَة تَدَع لِزَوْجِهَا النِّصْف . 4136 - حَدَّثَنَا حُمَيْد بْن مَسْعَدَةَ , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن زُرَيْعٍ , قَالَ : ثني عَبْد اللَّه بْن عَوْن , عَنْ مُحَمَّد بْن سِيرِينَ , عَنْ شُرَيْح : { إلَّا أَنْ يَعْفُونَ } قَالَ : إنَّ شَاءَتْ الْمَرْأَة عَفَتْ , فَتَرَكَتْ الصَّدَاق . * حَدَّثَنَا حُمَيْد بْن مَسْعَدَةَ , قَالَ : ثنا بِشْر بْن الْمُفْضِل , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن عَوْن , عَنْ مُحَمَّد بْن سِيرِينَ , عَنْ شُرَيْح , مِثْله . 4137 - حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَهَّاب , قَالَ : ثنا عُبَيْد اللَّه , عَنْ نَافِع قَوْله : { إلَّا أَنْ يَعْفُونَ } هِيَ الْمَرْأَة يُطَلِّقهَا زَوْجهَا قَبْل أَنْ يَدْخُل بِهَا , فَتَعْفُو عَنْ النِّصْف لِزَوْجِهَا . 4138 - حَدَّثَنِي مُوسَى , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { إلَّا أَنْ يَعْفُونَ } أَمَّا " أَنْ يَعْفُونَ " فَالثَّيِّب أَنْ تَدَع مِنْ صَدَاقهَا أَوْ تَدَعهُ كُلّه . 4139 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني اللَّيْث , عَنْ يُونُس , عَنْ ابْن شِهَاب : { إلَّا أَنْ يَعْفُونَ } قَالَ : الْعَفْو إلَيْهِنَّ إذَا كَانَتْ الْمَرْأَة ثَيِّبًا , فَهِيَ أَوْلَى بِذَلِكَ , وَلَا يَمْلِك ذَلِكَ عَلَيْهَا وَلِيّ ; لِأَنَّهَا قَدْ مَلَكَتْ أَمْرهَا , فَإِنْ أَرَادَتْ أَنْ تَعْفُو فَتَضَع لَهُ نِصْفهَا الَّذِي عَلَيْهِ مِنْ حَقّهَا جَازَ ذَلِكَ , وَإِنْ أَرَادَتْ أَخْذه فَهِيَ أَمْلَك بِذَلِكَ . 4140 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ . ثنا حِبَّان بْن مُوسَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن الْمُبَارَك , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , وَقَالَ : وَحَدَّثَنِي ابْن شِهَاب : { إلَّا أَنْ يَعْفُونَ } قَالَ : النِّسَاء . 4141 - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام الرِّفَاعِيّ , قَالَ : ثنا عُبَيْد اللَّه , عَنْ إسْرَائِيل , عَنْ السُّدِّيّ , عَنْ أَبِي صَالِح : { إلَّا أَنْ يَعْفُونَ } قَالَ : الثَّيِّب تَدَع صَدَاقهَا . * حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام , قَالَ : ثنا أَبُو أُسَامَة حَمَّاد بْن زَيْد بْن أُسَامَة , قَالَ : ثنا إسْمَاعِيل , عَنْ الشَّعْبِيّ , عَنْ شُرَيْح : { إلَّا أَنْ يَعْفُونَ } قَالَ : قَالَ : تَعْفُو الْمَرْأَة عَنْ الَّذِي لَهَا كُلّه . قَالَ أَبُو جَعْفَر : مَا سَمِعْت أَحَدًا يَقُول حَمَّاد بْن زَيْد بْن أُسَامَة إلَّا أَبَا هِشَام . 4142 - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام , قَالَ : ثنا عَبَدَة , عَنْ سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب , قَالَ : إنَّ شَاءَتْ عَفَتْ عَنْ صَدَاقهَا , يَعْنِي فِي قَوْله : { إلَّا أَنْ يَعْفُونَ } * حَدَّثَنَا ابْن هِشَام , قَالَا : ثنا عُبَيْد اللَّه , عَنْ إسْرَائِيل , عَنْ أَبِي حُصَيْن , عَنْ شُرَيْح , قَالَ : تَعْفُو الْمَرْأَة وَتَدَع نِصْف الصَّدَاق . 4143 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , عَنْ ابْن جُرَيْجٍ , قَالَ : قَالَ الزُّهْرِيّ : { إلَّا أَنْ يَعْفُونَ } الثَّيِّبَات . * حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , عَنْ ابْن جُرَيْجٍ , قَالَ : قَالَ مُجَاهِد : { إلَّا أَنْ يَعْفُونَ } قَالَ : تَتْرُك الْمَرْأَة شَطْرهَا . 4144 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ ابْن عَبَّاس قَوْله : { إلَّا أَنْ يَعْفُونَ } يَعْنِي النِّسَاء . 4145 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد : { إلَّا أَنْ يَعْفُونَ } إنْ كَانَتْ ثَيِّبًا عَفَتْ . 4146 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ الزُّهْرِيّ قَوْله : { إلَّا أَنْ يَعْفُونَ } يَعْنِي الْمَرْأَة . 4147 - حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن سَهْل , قَالَ : ثنا زَيْد , وَحَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا مِهْرَان جَمِيعًا , عَنْ سُفْيَان : { إلَّا أَنْ يَعْفُونَ } قَالَ : الْمَرْأَة إذَا لَمْ يَدْخُل بِهَا أَنْ تَتْرُك لَهُ الْمَهْر , فَلَا تَأْخُذ مِنْهُ شَيْئًا .

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَوْ يَعْفُو الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَة النِّكَاح } اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِيمَنْ عَنَى اللَّه تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ : { الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَة النِّكَاح } فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ وَلِيّ الْبِكْر , وَقَالُوا : وَمَعْنَى الْآيَة : أَوْ يَتْرُك الَّذِي يَلِي عَلَى الْمَرْأَة عَقْد نِكَاحهَا مِنْ أَوْلِيَائِهَا لِلزَّوْجِ النِّصْف الَّذِي وَجَبَ لِلْمُطَلَّقَةِ عَلَيْهِ قَبْل مَسِيسه , فَيَصْفَح لَهُ عَنْهُ إنْ كَانَتْ الْجَارِيَة مِمَّنْ لَا يَجُوز لَهَا أَمْر فِي مَالهَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 4148 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , عَنْ ابْن جُرَيْجٍ , عَنْ عَمْرو بْن دِينَار , عَنْ عِكْرِمَة , قَالَ : قَالَ ابْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : أَذِنَ اللَّه فِي الْعَفْو وَأَمَرَ بِهِ , فَإِنْ

عَفَتْ فَكَمَا عَفَتْ , وَإِنْ ضَنَّتْ وَعَفَا وَلِيّهَا جَازَ وَإِنْ أَبَتْ . 4149 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ ابْن عَبَّاس : { أَوْ يَعْفُو الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَة النِّكَاح } وَهُوَ أَبُو الْجَارِيَة الْبِكْر , جَعَلَ اللَّه سُبْحَانه الْعَفْو إلَيْهِ , لَيْسَ لَهَا مَعَهُ أَمْر إذَا طَلُقَتْ مَا كَانَتْ فِي حِجْره . 4150 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا الْأَعْمَش , عَنْ إبْرَاهِيم , عَنْ عَلْقَمَة : { الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَة النِّكَاح } الْوَلِيّ . * حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِب , قَالَ : ثنا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ إبْرَاهِيم , قَالَ : قَالَ عَلْقَمَة : هُوَ الْوَلِيّ . * حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام , قَالَ : ثنا وَكِيع , عَنْ سُفْيَان , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ إبْرَاهِيم , عَنْ عَلْقَمَة أَنَّهُ قَالَ : هُوَ الْوَلِيّ . * حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا مَعْمَر , عَنْ حَجَّاج , عَنْ النَّخَعِيّ , عَنْ عَلْقَمَة , قَالَ : هُوَ الْوَفِيّ . 4151 - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام , قَالَ : ثنا عُبَيْد اللَّه , عَنْ بَيَان النَّحْوِيّ , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ إبْرَاهِيم , عَنْ عَلْقَمَة , وَأَصْحَاب عَبْد اللَّه , قَالُوا : هُوَ الْوَلِيّ . * حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام , قَالَ : ثنا وَكِيع , عَنْ سُفْيَان , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ إبْرَاهِيم , عَنْ عَلْقَمَة أَنَّهُ قَالَ : هُوَ الْوَلِيّ . 4152 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا مَعْمَر , عَنْ حَجَّاج , أَنَّ الْأَسْوَد بْن زَيْد , قَالَ : هُوَ الْوَلِيّ . 4153 - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام , قَالَ : ثنا أَبُو خَالِد , عَنْ شُعْبَة , عَنْ أَبِي بِشْر , قَالَ : قَالَ طَاوُس وَمُجَاهَد : هُوَ الْوَلِيّ ثُمَّ رَجَعَا فَقَالَا : هُوَ الزَّوْج . * حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْر , قَالَ : قَالَ مُجَاهِد وَطَاوُس : هُوَ الْوَلِيّ ثُمَّ رَجَعَا فَقَالَا : هُوَ الزَّوْج . * حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام , قَالَ : ثنا ابْن فُضَيْل , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ إبْرَاهِيم , عَنْ عَلْقَمَة , قَالَ : هُوَ الْوَلِيّ . 4154 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ الشَّعْبِيّ , قَالَ : زَوْج رَجُل أُخْته , فَطَلَّقَهَا زَوْجهَا قَبْل أَنْ يَدْخُل بِهَا , فَعَفَا أَخُوهَا عَنْ الْمَهْر , فَأَجَازَهُ شُرَيْح , ثُمَّ قَالَ : أَنَا أَعْفُو عَنْ نِسَاء بَنِي مُرَّة . فَقَالَ عَامِر : لَا وَاَللَّه مَا قَضَى قَضَاء قَطّ أَحَقّ مِنْهُ أَنْ يُجِيز عَفْو الْأَخ فِي قَوْله : { إلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُو الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَة النِّكَاح } فَقَالَ فِيهَا شُرَيْح بَعْد : هُوَ الزَّوْج إنْ عَفَا عَنْ الصَّدَاق كُلّه فَسَلَّمَهُ إلَيْهَا كُلّه , أَوْ عَفَتْ هِيَ عَنْ النِّصْف الَّذِي سُمِّيَ لَهَا , وَإِنْ تَشَاحَّا كِلَاهُمَا أَخَذَتْ نِصْف صَدَاقهَا , قَالَ : { وَأَنْ تَعْفُوَا أَقْرَب لِلتَّقْوَى } 4155 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , قَالَ : ثنا جَرِير بْن حَازِم , عَنْ عِيسَى بْن عَاصِم الْأَسَدِيّ : أَنَّ عَلِيًّا سَأَلَ شُرَيْحًا عَنْ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَة النِّكَاح ؟ فَقَالَ : هُوَ الْوَلِيّ . 4156 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : مُغِيرَة : أُخْبِرْنَا عَنْ الشَّعْبِيّ , عَنْ شُرَيْح أَنَّهُ كَانَ يَقُول : الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَة النِّكَاح : هُوَ الْوَلِيّ . ثُمَّ تَرَكَ ذَلِكَ , فَقَالَ : هُوَ الزَّوْج . * حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا سَيَّار , عَنْ الشَّعْبِيّ : أَنَّ رَجُلًا تَزَوَّجَ امْرَأَة , فَوَجَدَهَا دَمِيمَة , فَطَلَّقَهَا قَبْل أَنْ يَدْخُل بِهَا , فَعَفَا وَلِيّهَا عَنْ نِصْف الصَّدَاق . قَالَ : فَخَاصَمَتْهُ إلَى شُرَيْح , فَقَالَ لَهَا شُرَيْح : قَدْ عَفَا وَلِيّك . قَالَ : ثُمَّ إنَّهُ رَجَعَ بَعْد ذَلِكَ , فَجَعَلَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَة النِّكَاح : الزَّوْج . 4157 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار وَابْن الْمُثَنَّى , قَالَا : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ الْحَسَن , فِي الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَة النِّكَاح , قَالَ : الْوَلِيّ . * حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا هُشَيْم , عَنْ مَنْصُور أَوْ غَيْره , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : هُوَ الْوَلِيّ . * حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام , قَالَ : ثنا ابْن إدْرِيس , عَنْ هِشَام , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : هُوَ الْوَلِيّ . * حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , عَنْ أَبِي رَجَاء , قَالَ : سُئِلَ الْحَسَن , عَنْ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَة النِّكَاح ؟ قَالَ : هُوَ الْوَلِيّ . 4158 - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام , قَالَ : ثنا وَكِيع , عَنْ يَزِيد بْن إبْرَاهِيم , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : هُوَ الَّذِي أَنْكَحَهَا . 4159 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا هُشَيْم , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إبْرَاهِيم , قَالَ : الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَة النِّكَاح , هُوَ الْوَلِيّ . * حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام , قَالَ : ثنا وَكِيع وَابْن مَهْدِيّ , عَنْ سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ إبْرَاهِيم , قَالَ : هُوَ الْوَلِيّ . 4160 - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام , قَالَ : ثنا ابْن مَهْدِيّ , عَنْ أَبِي عَوَانَة , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إبْرَاهِيم وَالشَّعْبِيّ , قَالَا : هُوَ الْوَلِيّ . 4161 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن جُرَيْجٍ , عَنْ عَطَاء , قَالَ : هُوَ الْوَلِيّ . 4162 - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام , قَالَ : ثنا عُبَيْد اللَّه , عَنْ إسْرَائِيل , عَنْ السُّدِّيّ , عَنْ أَبِي صَالِح : { أَوْ يَعْفُو الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَة النِّكَاح } قَالَ : وَلِيّ الْعَذْرَاء . 4163 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , عَنْ ابْن جُرَيْجٍ , قَالَ : قَالَ لِي الزُّهْرِيّ : { أَوْ يَعْفُو الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَة النِّكَاح } وَلِيّ الْبِكْر . 4164 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ ابْن عَبَّاس : { أَوْ يَعْفُو الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَة النِّكَاح } هُوَ الْوَلِيّ . 4165 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن طَاوُس , عَنْ أَبِيهِ , وَعَنْ رَجُل , عَنْ عِكْرِمَة , قَالَ مَعْمَر وَقَالَهُ الْحَسَن أَيْضًا , قَالُوا : الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَة النِّكَاح : الْوَلِيّ . 4166 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ الزُّهْرِيّ , قَالَ : الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَة النِّكَاح : الْأَب . * حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيّ , عَنْ مَنْصُور , عَنْ إبْرَاهِيم عَنْ عَلْقَمَة , قَالَ : هُوَ الْوَلِيّ . 4167 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا الْحِمَّانِيّ , قَالَ : ثنا شَرِيك , عَنْ سَالِم , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : هُوَ الْوَلِيّ . 4168 - حَدَّثَنِي مُوسَى , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَة النِّكَاح } هُوَ وَلِيّ الْبِكْر . 4169 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد فِي الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَة النِّكَاح : الْوَالِد . ذَكَرَهُ ابْن زَيْد , عَنْ أَبِيهِ . 4170 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , عَنْ مَالِك , عَنْ زَيْد وَرَبِيعَة : { الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَة النِّكَاح } الْأَب فِي ابْنَته الْبِكْر , وَالسَّيِّد فِي أَمَته . 4171 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ مَالِك : وَذَلِكَ إذَا طَلُقَتْ قَبْل الدُّخُول بِهَا , فَلَهُ أَنْ يَعْفُو عَنْ نِصْف الصَّدَاق الَّذِي وَجَبَ لَهَا عَلَيْهِ مَا لَمْ يَقَع طَلَاق . 4172 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني اللَّيْث , عَنْ يُونُس , عَنْ ابْن شِهَاب , قَالَ : { الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَة النِّكَاح } هِيَ الْبِكْر الَّتِي يَعْفُو وَلِيّهَا , فَيَجُوز ذَلِكَ , وَلَا يَجُوز عَفْوهَا هِيَ . 4173 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حِبَّان بْن مُوسَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن الْمُبَارَك , قَالَ : أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْن بِشْر أَنَّهُ سَمِعَ عِكْرِمَة يَقُول : { إلَّا أَنْ يَعْفُونَ } أَنْ تَعْفُو الْمَرْأَة عَنْ نِصْف الْفَرِيضَة لَهَا عَلَيْهِ فَتَتْرُكهُ , فَإِنْ هِيَ شَحَّتْ إلَّا أَنْ تَأْخُذهُ فَلَهَا وَلِوَلِيِّهَا الَّذِي أَنْكَحَهَا الرَّجُل , عَمّ أَوْ أَخ أَوْ أَب , أَنْ يَعْفُو عَنْ النِّصْف , فَإِنَّهُ إنْ شَاءَ فَعَلَ وَإِنْ كَرِهَتْ الْمَرْأَة . * حَدَّثَنَا سَعِيد بْن الرَّبِيع الْمُرَادِيّ , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ عَمْرو بْن دِينَار , عَنْ عِكْرِمَة , قَالَ : أَذِنَ اللَّه فِي الْعَفْو وَأَمَرَ بِهِ , فَإِنْ امْرَأَة عَفَتْ جَازَ عَفْوهَا , وَإِنْ شَحَّتْ وَضَنَّتْ عَفَا وَلِيّهَا , وَجَازَ عَفْوه . * حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مَنْصُور , عَنْ إبْرَاهِيم قَالَ : الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَة النِّكَاح : الْوَلِيّ . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَة النِّكَاح : الزَّوْج . قَالُوا : وَمَعْنَى ذَلِكَ : أَوْ يَعْفُو الَّذِي بِيَدِهِ نِكَاح الْمَرْأَة فَيُعْطِيهَا الصَّدَاق كَامِلًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 4174 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو شَحْمَة , قَالَ : ثنا حَبِيب , عَنْ اللَّيْث , عَنْ قَتَادَة , عَنْ خِلَاس بْن عَمْرو , عَنْ عَلِيّ , قَالَ : الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَة النِّكَاح : الزَّوْج 4175 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , قَالَ : ثنا جَرِير بْن حَازِم , عَنْ عِيسَى بْن عَاصِم الْأَسَدِيّ , أَنَّ عَلِيًّا سَأَلَ شُرَيْحًا عَنْ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَة النِّكَاح , فَقَالَ : هُوَ الْوَلِيّ . فَقَالَ عَلِيّ : لَا , وَلَكِنَّهُ الزَّوْج . * حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا إبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا جَرِير بْن حَازِم عَنْ عِيسَى بْن عَاصِم , قَالَ : سَمِعْت شُرَيْحًا قَالَ : قَالَ لِي عَلِيّ : مَنْ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَة النِّكَاح ؟ قُلْت : وَلِيّ الْمَرْأَة . قَالَ : لَا , بَلْ هُوَ الزَّوْج . 4176 - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام الرِّفَاعِيّ , قَالَ : ثنا ابْن مَهْدِيّ , قَالَ : ثنا حَمَّاد بْن سَلَمَة , عَنْ عَمَّار بْن أَبِي عَمَّار , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَالَ : هُوَ الزَّوْج . * حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن حَازِم , قَالَ : ثنا أَبُو نُعَيْم , قَالَ : قُلْت لِحَمَّادِ بْن سَلَمَة , مَنْ الَّذِي بِيَدِهِ عَقَدَهُ النِّكَاح ؟ فَذَكَر عَنْ عَلِيّ بْن زَيْد , عَنْ عَمَّار بْن أَبِي عَمَّار , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَالَ : الزَّوْج . * حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام , قَالَ : ثنا عُبَيْد اللَّه , قَالَ : أَخْبَرَنَا إسْرَائِيل , عَنْ خُصَيْف , عَنْ مُجَاهِد , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَالَ : هُوَ الزَّوْج . 4177 - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام , قَالَ : ثنا ابْن فُضَيْل , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ إبْرَاهِيم , عَنْ ابْن عَبَّاس وَشُرَيْحٍ , قَالَا : هُوَ الزَّوْج . 4178 - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام , قَالَ : ثنا ابْن مَهْدِيّ , عَنْ عَبْد اللَّه بْن جَعْفَر , عَنْ وَاصِل بْن أَبِي سَعِيد , عَنْ مُحَمَّد بْن جُبَيْر بْن مُطْعِم : أَنَّ أَبَاهُ تَزَوَّجَ امْرَأَة ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْل أَنْ يَدْخُل بِهَا , فَأَرْسَلَ بِالصَّدَاقِ وَقَالَ : أَنَا أَحَقّ بِالْعَفْوِ . 4179 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ صَالِح بْن كَيْسَانِ أَنْ جُبَيْر بْن مُطْعِم تَزَوَّجَ امْرَأَة , فَطَلَّقَهَا قَبْل أَنْ يَبْنِي بِهَا وَأَكْمَلَ لَهَا الصَّدَاق , وَتَأَوَّلَ : { أَوْ يَعْفُو الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَة النِّكَاح } 4180 - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام , قَالَ : ثنا ابْن إدْرِيس , عَنْ مُحَمَّد بْن عَمْرو , عَنْ نَافِع , عَنْ جُبَيْر : أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَته قَبْل أَنْ يَدْخُل بِهَا , فَأَتَمَّ لَهَا الصَّدَاق وَقَالَ : أَنَا أَحَقّ بِالْعَفْوِ . 4181 - حَدَّثَنَا حُمَيْد بْن مَسْعَدَةَ , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن زُرَيْعٍ , قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْد اللَّه بْن عَوْن , عَنْ مُحَمَّد بْن سِيرِينَ , عَنْ شُرَيْح : { أَوْ يَعْفُو الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَة النِّكَاح } قَالَ : إنْ شَاءَ الزَّوْج أَعْطَاهَا الصَّدَاق كَامِلًا . * حَدَّثَنَا حُمَيْد , قَالَ : ثنا بِشْر بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن عَوْن , عَنْ مُحَمَّد بْن سِيرِينَ , بِنَحْوِهِ . * حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ أَبِي إسْحَاق , عَنْ شُرَيْح , قَالَ : الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَة النِّكَاح : الزَّوْج . * حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَهَّاب , قَالَ : ثنا دَاوُد , عَنْ عَامِر , أَنَّ شُرَيْحًا قَالَ : الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَة النِّكَاح : الزَّوْج . فَرَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ . * حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِب , قَالَ : ثنا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ إبْرَاهِيم , عَنْ شُرَيْح , قَالَ : الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَة النِّكَاح : هُوَ الزَّوْج . قَالَ : وَقَالَ إبْرَاهِيم : وَمَا يَدْرِي شُرَيْحًا * حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا مَعْمَر , قَالَ : ثنا حَجَّاج , عَنْ شُرَيْح , قَالَ : هُوَ الزَّوْج . * حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : أَخْبَرَنَا الْأَعْمَش , عَنْ إبْرَاهِيم , عَنْ شُرَيْح , قَالَ : هُوَ الزَّوْج . * حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام , قَالَ : ثنا أَبُو أُسَامَة حَمَّاد بْن زَيْد بْن أُسَامَة , قَالَ : ثنا إسْمَاعِيل , عَنْ الشَّعْبِيّ , عَنْ شُرَيْح : { أَوْ يَعْفُو الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَة النِّكَاح } وَهُوَ الزَّوْج . * حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام , قَالَ : ثنا عُبَيْد اللَّه , عَنْ إسْرَائِيل , عَنْ أَبِي حُصَيْن , عَنْ شُرَيْح , قَالَ : { الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَة النِّكَاح } قَالَ : الزَّوْج يُتِمّ لَهَا الصَّدَاق . * حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام , قَالَ : ثنا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ إسْمَاعِيل , عَنْ الشَّعْبِيّ , وَعَنْ الْحَجَّاج , عَنْ الْحَكَم , عَنْ شُرَيْح , وَعَنْ الْأَعْمَش , عَنْ إبْرَاهِيم , عَنْ شُرَيْح , قَالَ : هُوَ الزَّوْج . * حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام , قَالَ : ثنا وَكِيع , قَالَ : ثنا إسْمَاعِيل , عَنْ الشَّعْبِيّ , عَنْ شُرَيْح , قَالَ : هُوَ الزَّوْج إنْ شَاءَ أَتَمَّ لَهَا الصَّدَاق , وَإِنْ شَاءَتْ عَفَتْ عَنْ الَّذِي لَهَا . * حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , عَنْ أَيُّوب , عَنْ مُحَمَّد , قَالَ : قَالَ شُرَيْح : الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَة النِّكَاح : الزَّوْج . * حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , عَنْ ابْن أَيُّوب , عَنْ ابْن سِيرِينَ , عَنْ شُرَيْح : { أَنْ يَعْفُو الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَة النِّكَاح } قَالَ : إنَّ شَاءَ الزَّوْج عَفَا فَكَمُلَ الصَّدَاق . * حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيّ , عَنْ مَنْصُور , عَنْ إبْرَاهِيم , عَنْ شُرَيْح , قَالَ : هُوَ الزَّوْج . 4182 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار وَابْن الْمُثَنَّى , قَالَا : ثنا ابْن أَبِي عَدِيّ , عَنْ عَبْد الْأَعْلَى , عَنْ سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب , قَالَ : الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَة النِّكَاح : قَالَ : هُوَ الزَّوْج . * حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبَدَة , عَنْ سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب : { أَوْ يَعْفُو الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَة النِّكَاح } قَالَ : هُوَ الزَّوْج . 4183 - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام , قَالَ : ثنا ابْن مَهْدِيّ , عَنْ حَمَّاد بْن سَلَمَة , عَنْ قَيْس بْن سَعْد , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : هُوَ الزَّوْج . * حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام , قَالَ : ثنا وَكِيع , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : الزَّوْج . * حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل جَمِيعًا , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { أَوْ يَعْفُو الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَة النِّكَاح } زَوْجهَا أَنْ يُتِمّ لَهَا الصَّدَاق كَامِلًا . * حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب , وَعَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , وَعَنْ أَيُّوب , وَعَنْ ابْن سِيرِينَ , عَنْ شُرَيْح , قَالُوا : الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَة النِّكَاح : الزَّوْج . * حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , عَنْ ابْن جُرَيْجٍ , قَالَ : قَالَ مُجَاهِد : الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَة النِّكَاح : الزَّوْج , { أَنْ يَعْفُو الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَة النِّكَاح } إتْمَام الزَّوْج الصَّدَاق كُلّه . 4184 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , عَنْ ابْن جُرَيْجٍ , عَنْ عَبْد اللَّه بْن أَبِي مُلَيْكَة , قَالَ : قَالَ سَعِيد بْن جُبَيْر : { الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَة النِّكَاح } الزَّوْج . 4185 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَة النِّكَاح : هُوَ الزَّوْج . قَالَ : وَقَالَ مُجَاهِد وَطَاوُس : هُوَ الْوَلِيّ . قَالَ : قُلْت لِسَعِيدٍ : فَإِنَّ مُجَاهَدًا وَطَاوُسًا يَقُولَانِ : هُوَ الْوَلِيّ ؟ قَالَ سَعِيد : فَمَا تَأْمُرنِي إذَا ؟ قَالَ : أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ الْوَلِيّ عَفَا وَأَبَتْ الْمَرْأَة أَكَانَ يَجُوز ذَلِكَ ؟ فَرَجَعَتْ إلَيْهِمَا فَحَدَّثَتْهُمَا , فَرَجَعَا عَنْ قَوْلهمَا وَتَابَعَا سَعِيدًا . * حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام , قَالَ : ثنا حُمَيْد , عَنْ الْحَسَن بْن صَالِح , عَنْ سَالِم الْأَفْطَس , عَنْ سَعِيد , قَالَ : هُوَ الزَّوْج . * حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام , قَالَ : ثنا أَبُو خَالِد الْأَحْمَر , عَنْ شُعْبَة , عَنْ أَبِي بِشْر , عَنْ سَعِيد , قَالَ : هُوَ الزَّوْج , وَقَالَ طَاوُس وَمُجَاهِد : هُوَ الْوَلِيّ , فَكَلَّمْتهمَا فِي ذَلِكَ حَتَّى تَابَعَا سَعِيدًا . * حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ أَبِي بِشْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر وَطَاوُس وَمُجَاهِد , بِنَحْوِهِ . 4186 - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام , قَالَ : ثنا أَبُو الْحُسَيْن , يَعْنِي زَيْد بْن الْحُبَابِ , عَنْ أَفْلَح بْن سَعِيد , قَالَ : سَمِعْت مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ , قَالَ : هُوَ الزَّوْج أَعْطَى مَا عِنْده عَفْوًا . 4187 - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام , قَالَ : ثنا أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ , عَنْ زُهَيْر , عَنْ أَبِي إسْحَاق , عَنْ الشَّعْبِيّ , قَالَ : هُوَ الزَّوْج . 4188 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَهَّاب , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , عَنْ نَافِع , قَالَ : الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَة النِّكَاح : الزَّوْج , { إلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُو الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَة النِّكَاح } قَالَ : أَمَّا قَوْله : { إلَّا أَنْ يَعْفُونَ } فَهِيَ الْمَرْأَة الَّتِي يُطَلِّقهَا زَوْجهَا قَبْل أَنْ يَدْخُل بِهَا , فَإِمَّا أَنْ تَعْفُو عَنْ النِّصْف لِزَوْجِهَا , وَإِمَّا أَنْ يَعْفُو الزَّوْج فَيُكْمِل لَهَا صَدَاقهَا . 4189 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إسْحَاق , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع : { الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَة النِّكَاح } الزَّوْج . 4190 - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ الْمَسْعُودِيّ , عَنْ الْقَاسِم , قَالَ : كَانَ شُرَيْح يُجَاثِيهمْ عَلَى الرَّكْب وَيَقُول : هُوَ الزَّوْج . 4191 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إسْحَاق , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن حَرْب , قَالَ : حَدَّثَنَا ابْن لَهِيعَة , عَنْ عَمْرو بْن شُعَيْب أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَة النِّكَاح الزَّوْج , يَعْفُو , أَوْ تَعْفُو " . 4192 - حُدِّثْنَا عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ الْفَضْل بْن خَالِد , قَالَ : أَخْبَرَنَا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { أَوْ يَعْفُو الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَة النِّكَاح } قَالَ : الزَّوْج . وَهَذَا فِي الْمَرْأَة يُطَلِّقهَا زَوْجهَا وَلَمْ يَدْخُل بِهَا , وَقَدْ فَرَضَ لَهَا , فَلَهَا نِصْف الْمَهْر , فَإِنْ شَاءَتْ تَرَكَتْ الَّذِي لَهَا وَهُوَ النِّصْف , وَإِنْ شَاءَتْ قَبَضَتْهُ . 4193 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا مِهْرَان , وَحَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا زَيْد جَمِيعًا , عَنْ سُفْيَان : { أَوْ يَعْفُو الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَة النِّكَاح } الزَّوْج . 4194 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن أَبِي طَالِب , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن هَارُونَ , قَالَا : أَخْبَرَنَا جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , قَالَ : الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَة النِّكَاح : الزَّوْج . 4195 - حَدَّثَنَا ابْن الْبَرْقِيّ , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن أَبِي سَلَمَة , عَنْ سَعِيد بْن عَبْد الْعَزِيز , قَالَ : سَمِعْت تَفْسِير هَذِهِ الْآيَة : { إلَّا أَنْ يَعْفُونَ } النِّسَاء , فَلَا يَأْخُذْنَ شَيْئًا , { أَوْ يَعْفُو الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَة النِّكَاح } الزَّوْج , فَيَتْرُك ذَلِكَ فَلَا يَطْلُب شَيْئًا . * ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مَنْصُور , قَالَ : قَالَ شُرَيْح فِي قَوْله : { إلَّا أَنْ يَعْفُونَ } قَالَ : يَعْفُو النِّسَاء , { أَوْ يَعْفُو الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَة النِّكَاح } الزَّوْج . وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ , قَوْل مَنْ قَالَ : الْمَعْنِيّ بِقَوْلِهِ : { الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَة النِّكَاح } : الزَّوْج , وَذَلِكَ لِإِجْمَاعِ الْجَمِيع عَلَى أَنَّ وَلِيّ جَارِيَة بَكْر أَوْ ثَيِّب , صَبِيَّة صَغِيرَة كَانَتْ أَوْ مُدْرِكَة كَبِيرَة , لَوْ أَبَرَأَ زَوْجهَا مِنْ مَهْرهَا قَبْل طَلَاقه إيَّاهَا , أَوْ وَهَبَهُ لَهُ , أَوْ عَفَا لَهُ عَنْهُ , أَنَّ إبْرَاءَهُ ذَلِكَ , وَعَفْوه لَهُ عَنْهُ بَاطِل , وَإِنَّ صَدَاقهَا عَلَيْهِ ثَابِت ثُبُوته قَبْل إبْرَائِهِ إيَّاهُ مِنْهُ , فَكَانَ سَبِيل مَا أَبْرَأَهُ مِنْ ذَلِكَ بَعْد طَلَاقه إيَّاهَا سَبِيل مَا أَبْرَأَهُ مِنْهُ قَبْل طَلَاقه إيَّاهَا . وَأُخْرَى أَنَّ الْجَمِيع مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ وَلِيّ امْرَأَة مَحْجُور عَلَيْهَا أَوْ غَيْر مَحْجُور عَلَيْهَا , لَوْ وَهَبَ لِزَوْجِهَا الْمُطَلِّقهَا بَعْد بَيْنُونَتهَا مِنْهُ دِرْهَمًا مِنْ مَالهَا عَلَى غَيْر وَجْه الْعَفْو مِنْهُ عَمَّا وَجَبَ لَهَا مِنْ صَدَاقهَا قَبْله أَنْ وَهَبَتْهُ مَا وَهَبَ مِنْ ذَلِكَ مَرْدُودَة بَاطِلَة , وَهُمْ مَعَ ذَلِكَ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ صَدَاقهَا مَال مِنْ مَالهَا , فَحُكْمه حُكْم سَائِر أَمْوَالهَا . وَأُخْرَى أَنَّ الْجَمِيع مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ بَنِي أَعْمَام الْمَرْأَة الْبِكْر وَبَنِي إخْوَتهَا مِنْ أَبِيهَا وَأُمّهَا مِنْ أَوْلِيَائِهَا , وَإِنَّ بَعْضهمْ لَوْ عَفَا عَنْ مَالهَا , أَوْ بَعْد دُخُوله بِهَا , إنَّ عَفْوه ذَلِكَ عَمَّا عَفَا لَهُ عَنْهُ مِنْهُ بَاطِل , وَإِنَّ حَقّ الْمَرْأَة ثَابِت عَلَيْهِ بِحَالِهِ , فَكَذَلِكَ سَبِيل عَفْو كُلّ وَلِيّ لَهَا كَائِنًا مَنْ كَانَ مِنْ الْأَوْلِيَاء , وَالِدًا كَانَ أَوْ جَدًّا أَوْ أَخًا , لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره لَمْ يُخَصِّص بَعْض الَّذِينَ بِأَيْدِيهِمْ عُقَد النِّكَاح دُون بَعْض فِي جِوَاز عَفْوه , إذَا كَانُوا مِمَّنْ يَجُوز حُكْمه فِي نَفْسه وَمَاله . وَيُقَال لِمَنْ أَبَى مَا قُلْنَا مِمَّنْ زَعَمَ أَنَّ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَة النِّكَاح وَلِيّ الْمَرْأَة , هَلْ يَخْلُو الْقَوْل فِي ذَلِكَ مِنْ أَحَد أَمْرَيْنِ , إذْ كَانَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَة النِّكَاح هُوَ الْوَلِيّ عِنْدك إمَّا أَنْ يَكُون ذَلِكَ كُلّ وَلِيّ جَازَ لَهُ تَزْوِيج وَلِيَّته , أَوْ يَكُون ذَلِكَ بَعْضهمْ دُون بَعْض ؟ فَلَنْ يَجِد إلَى الْخُرُوج مِنْ أَحَد هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ سَبِيلًا . فَإِنْ قَالَ : إنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ , قِيلَ لَهُ : فَأَيّ ذَلِكَ عَنِيَ بِهِ ؟ فَإِنْ قَالَ : لِكُلِّ وَلِيّ جَازَ لَهُ تَزْوِيج وَلِيَّته . قِيلَ لَهُ : أَفَجَائِز لِلْمُعْتِقِ أَمَة تَزْوِيج مَوْلَاته بِإِذْنِهَا بَعْد عِتْقه إيَّاهَا ؟ فَإِنْ قَالَ نَعَمْ , قِيلَ لَهُ : أَفَجَائِز عَفْوه إنْ عَفَا عَنْ صَدَاقهَا لِزَوْجِهَا بَعْد طَلَاقه إيَّاهَا قَبْل الْمَسِيس , فَإِنْ قَالَ نَعَمْ خَرَجَ مِنْ قَوْل الْجَمِيع . وَإِنْ قَالَ لَا قِيلَ لَهُ : وَلِمَ وَمَا الَّذِي حَظَّرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ , وَهُوَ وَلِيّهَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَة نِكَاحهَا , ثُمَّ يَعْكِس الْقَوْل عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ , وَيَسْأَل الْفَرْق بَيْنه , وَبَيْن عَفْو سَائِر الْأَوْلِيَاء غَيْره . وَإِنْ قَالَ لِبَعْضِ دُون بَعْض , سُئِلَ الْبُرْهَان عَلَى خُصُوص ذَلِكَ , وَقَدْ عَمَّهُ اللَّه تَعَالَى ذِكْره فَلَمْ يُخَصِّص بَعْضًا دُون بَعْض , وَيُقَال لَهُ : مَنْ الْمَعْنِيّ بِهِ إنْ كَانَ الْمُرَاد بِذَلِكَ بَعْض الْأَوْلِيَاء دُون بَعْض ؟ فَإِنْ أَوْمَأَ فِي ذَلِكَ إلَى بَعْض مِنْهُمْ , سُئِلَ الْبُرْهَان عَلَيْهِ , وَعُكِسَ الْقَوْل فِيهِ وَعُورِضَ فِي قَوْله ذَلِكَ , بِخِلَافِ دَعْوَاهُ , ثُمَّ لَنْ يَقُول فِي ذَلِكَ قَوْلًا إلَّا أُلْزِمَ فِي الْآخَر مِثْله . فَإِنْ ظَنَّ ظَانّ أَنَّ الْمَرْأَة إذَا فَارَقَهَا زَوْجهَا , فَقَدْ بَطَل أَنْ يَكُون بِيَدِهِ عُقْدَة نِكَاحهَا , وَاَللَّه تَعَالَى ذِكْره إنَّمَا أَجَازَ عَفْو الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَة نِكَاح الْمُطَلَّقَة فَكَانَ مَعْلُومًا بِذَلِكَ أَنَّ الزَّوْج غَيْر مَعْنِيّ بِهِ وَأَنَّ الْمَعْنِيّ بِهِ هُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَة نِكَاح الْمُطَلَّقَة بَعْد بَيْنُونَتهَا مِنْ زَوْجهَا . وَفِي بُطُول ذَلِكَ أَنْ يَكُون حِينَئِذٍ بِيَدِ الزَّوْج , صِحَّة الْقَوْل أَنَّهُ بِيَدِ الْوَلِيّ الَّذِي إلَيْهِ عُقَد النِّكَاح إلَيْهَا . وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ صَحَّ الْقَوْل بِأَنَّ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَة النِّكَاح , هُوَ الْوَلِيّ , فَقَدْ غَفَلَ وَظَنَّ خَطَأ . وَذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ : أَوْ يَعْفُو الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَة نِكَاحه , وَإِنَّمَا أُدْخِلَتْ الْأَلِف وَاللَّام فِي النِّكَاح بَدَلًا مِنْ الْإِضَافَة إلَى الْهَاء الَّتِي كَانَ " النِّكَاح " لَوْ لَمْ يَكُونَا فِيهِ مُضَافًا إلَيْهَا , كَمَا قَالَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره : { فَإِنَّ الْجَنَّة هِيَ الْمَأْوَى } بِمَعْنَى : فَإِنَّ الْجَنَّة مَأْوَاهُ , وَكَمَا قَالَ نَابِغَة بَنِي ذُبْيَان : لَهُمْ شِيمَة لَمْ يُعْطِهَا اللَّه غَيْرهمْ مِنْ النَّاس فَالْأَحْلَام غَيْر عَوَازِب بِمَعْنَى : فَأَحْلَامهمْ غَيْر عَوَازِب . وَالشَّوَاهِد عَلَى ذَلِكَ أَكْثَر مِنْ أَنْ تُحْصَى . فَتَأْوِيل الْكَلَام : إلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُو الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَة النِّكَاح , وَهُوَ الزَّوْج الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَة نِكَاح نَفْسه فِي كُلّ حَال , قَبْل الطَّلَاق وَبَعْده , لِأَنَّ مَعْنَاهُ : أَوْ يَعْفُو الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَة نِكَاحهنَّ . فَيَكُون تَأْوِيل الْكَلَام مَا ظَنَّهُ الْقَائِلُونَ أَنَّهُ الْوَلِيّ : وَلِيّ الْمَرْأَة , لَا أَنَّ وَلِيّ الْمَرْأَة لَا يَمْلِك عُقْدَة نِكَاح الْمَرْأَة بِغَيْرِ إذْنهَا إلَّا فِي حَال طُفُولَتهَا , وَتِلْكَ حَال لَا يَمْلِك الْعَقْد عَلَيْهَا إلَّا بَعْض أَوْلِيَائِهَا فِي قَوْل أَكْثَر مَنْ رَأَى أَنَّ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَة النِّكَاح الْوَلِيّ , وَلَمْ يُخَصِّص اللَّه تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ . { أَوْ يَعْفُو الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَة النِّكَاح } بَعْضًا مِنْهُمْ , فَيَجُوز تَوْجِيه التَّأْوِيل إلَى مَا تَأَوَّلُوهُ , لَوْ كَانَ لِمَا قَالُوا فِي ذَلِكَ وَجْه . وَبَعْد , فَإِنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره إنَّمَا كَنَّى بِقَوْلِهِ : { وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْل أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَة فَنِصْف مَا فَرَضْتُمْ إلَّا أَنْ يَعْفُونَ } عَنْ ذِكْر النِّسَاء اللَّاتِي قَدْ جَرَى ذِكْرهنَّ فِي الْآيَة قَبْلهَا , وَذَلِكَ قَوْله : { لَا جُنَاح عَلَيْكُمْ إنْ طَلَّقْتُمْ النِّسَاء مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ } وَالصَّبَايَا لَا يُسَمَّيْنَ نِسَاء وَإِنَّمَا يُسَمَّيْنَ صَبِيًّا أَوْ جَوَارِي , وَإِنَّمَا النِّسَاء فِي كَلَام الْعَرَب : جَمْع اسْم الْمَرْأَة , وَلَا تَقُول الْعَرَب لِلطِّفْلَةِ وَالصَّبِيَّة وَالصَّغِيرَة امْرَأَة , كَمَا لَا تَقُول لِلصَّبِيِّ الصَّغِير رَجُل . وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , وَكَانَ قَوْله : { أَوْ يَعْفُو الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَة النِّكَاح } عِنْد الزَّاعِمِينَ أَنَّهُ الْوَلِيّ , إنَّمَا هُوَ : { أَوْ يَعْفُو الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَة النِّكَاح } عَمَّا وَجَبَ لِوَلِيَّتِهِ الَّتِي تَسْتَحِقّ أَنْ يُوَلِّي عَلَيْهَا مَالهَا , إمَّا لِصِغَرٍ , وَإِمَّا لِسَفَهٍ , وَاَللَّه تَعَالَى ذِكْره إنَّمَا اخْتَصَّ فِي الْآيَتَيْنِ قَصَص النِّسَاء الْمُطَلَّقَات , لِعُمُومِ الذِّكْر دُون خُصُوصه , وَجَعَلَ لَهُنَّ الْعَفْو بِقَوْلِهِ : { إلَّا أَنْ يَعْفُونَ } كَانَ مَعْلُومًا بِقَوْلِهِ : { إلَّا أَنْ يَعْفُونَ } أَنَّ الْمَعْنِيَّات مِنْهُنَّ بِالْآيَتَيْنِ اللَّتَيْنِ ذِكْرهنَّ فِيهِمَا جَمِيعهنَّ دُون بَعْض , إذْ كَانَ مَعْلُومًا أَنَّ عَفْو مَنْ تَوَلَّى عَلَيْهِ مَاله مِنْهُنَّ بَاطِل . وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَبَيِّن أَنَّ التَّأْوِيل فِي قَوْله : أَوْ يَعْفُو الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَة نِكَاحهنَّ , يُوجِب أَنْ يَكُون لِأَوْلِيَاءِ الثَّيِّبَات الرُّشَّد الْبَوَالِغ مِنْ الْعَفْو عَمَّا وَهَبَ لَهُنَّ مِنْ الصَّدَاق بِالطَّلَاقِ قَبْل الْمَسِيس , مِثْل الَّذِي لِأَوْلِيَاءِ الْأَطْفَال الصِّغَار الْمُوَلَّى عَلَيْهِنَّ أَمْوَالهنَّ السُّفَّه . وَفِي إنْكَار الْمَائِلِينَ إنَّ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَة النِّكَاح الْوَلِيّ , عَفْو أَوْلِيَاء الثَّيِّبَات الرُّشَّد الْبَوَالِغ عَلَى مَا وَصَفْنَا , وَتَفْرِيقهمْ بَيْن أَحْكَامهمْ وَأَحْكَام أَوْلِيَاء الْأُخَر , مَا أَبَانَ عَنْ فَسَاد تَأْوِيلهمْ الَّذِي تَأَوَّلُوهُ فِي ذَلِكَ . وَيَسْأَل الْقَائِلُونَ بِقَوْلِهِمْ فِي ذَلِكَ الْفَرْق بَيْن ذَلِكَ مِنْ
حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلَّهِ قَانِتِينَسورة البقرة الآية رقم 238
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى } يُعْنَى تَعَالَى ذِكْره بِذَلِكَ : وَاظِبُوا عَلَى الصَّلَوَات الْمَكْتُوبَات فِي أَوْقَاتهنَّ , وَتَعَاهَدُوهُنَّ وَالْزَمُوهُنَّ وَعَلَى الصَّلَاة الْوُسْطَى مِنْهُنَّ . وَبِمَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 4210 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إسْحَاق بْن الْحَجَّاج , قَالَ : ثنا أَبُو زُهَيْر , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ عَنْ عَنْ مَسْرُوق فِي قَوْله : { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَات } قَالَ : الْمُحَافَظَة عَلَيْهَا : الْمُحَافَظَة عَلَى وَقْتهَا , وَعَدَم السَّهْو عَنْهَا . * حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن إبْرَاهِيم الْمَسْعُودِيّ , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ جَدّه , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ مُسْلِم , عَنْ مَسْرُوق فِي هَذِهِ الْآيَة : { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَات } فَالْحُفَّاظ عَلَيْهَا : الصَّلَاة لِوَقْتِهَا , وَالسَّهْو عَنْهَا : تَرْك وَقْتهَا . ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي الصَّلَاة الْوُسْطَى , فَقَالَ بَعْضهمْ : هِيَ صَلَاة الْعَصْر . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 4211 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , وَحَدَّثَنَا أَحْمَد بْن إسْحَاق , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد جَمِيعًا , قَالَا : ثنا سُفْيَان , عَنْ أَبِي إسْحَاق , عَنْ الْحَارِث , عَنْ عَلِيّ قَالَ : وَالصَّلَاة الْوُسْطَى " صَلَاة الْعَصْر . 4212 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عُبَيْد الْمُحَارِبِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو الْأَحْوَص , عَنْ أَبِي إسْحَاق , قَالَ : ثني مَنْ سَمِعَ ابْن عَبَّاس وَهُوَ يَقُول : { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى } قَالَ : الْعَصْر . * حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا مُصْعَب بْن سَلَّام , عُنَّ أَبِي حَيَّان , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَلِيّ قَالَ : وَالصَّلَاة الْوُسْطَى " صَلَاة الْعَصْر . * حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , قَالَ : ثنا أَبُو حَيَّان , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَلِيّ , مِثْله . * حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا مُصْعَب عَنْ الْأَجْلَح , عَنْ أَبِي إسْحَاق , عَنْ الْحَارِث , قَالَ : سَمِعْت عَلِيًّا يَقُول : " الصَّلَاة الْوُسْطَى " : صَلَاة الْعَصْر . * حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَنْبَسَة , عَنْ أَبِي إسْحَاق , عَنْ الْحَارِث , قَالَ : سَأَلْت عَلِيًّا عَنْ الصَّلَاة الْوُسْطَى , فَقَالَ : صَلَاة الْعَصْر . 4213 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد

بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الْحَكَم الْمِصْرِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو زُرْعَة وَهْب بْن رَاشِد , قَالَ : أَخْبَرَنَا حَيْوَة بْن شُرَيْح , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو صَخْر أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا مُعَاوِيَة الْبَجَلِيّ مِنْ أَهْل الْكُوفَة يَقُول : سَمِعْت أَبَا الصَّهْبَاء الْبَكْرِيّ يَقُول : سَأَلْت عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب عَنْ الصَّلَاة الْوُسْطَى ؟ فَقَالَ : هِيَ صَلَاة الْعَصْر , وَهِيَ الَّتِي فُتِنَ بِهَا سُلَيْمَان بْن دَاوُد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . 4214 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , قَالَ : أَخْبَرَنَا سُلَيْمَان التَّيْمِيّ , وَحَدَّثَنَا حُمَيْد بْن مَسْعَدَةَ , قَالَ : ثنا بِشْر بْن الْفَضْل , قَالَ : ثنا التَّيْمِيّ , عَنْ أَبِي صَالِح , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة أَنَّهُ قَالَ : " الصَّلَاة الْوُسْطَى " صَلَاة الْعَصْر . * حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سُوَيْد , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن الْمُبَارَك , عَنْ مَعْمَر , عَنْ عَبْد اللَّه بْن عُثْمَان بْن غُنْم , عَنْ ابْن لَبِيبَة , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة : { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى } أَلَا وَهِيَ الْعَصْر , أَلَا وَهِيَ الْعَصْر . 4215 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الْحَكَم , قَالَ : ثنا أَبِي وَشُعَيْب بْن اللَّيْث , عَنْ اللَّيْث , عَنْ يَزِيد بْن الْهَادّ , عَنْ ابْن شِهَاب , عَنْ سَالِم بْن عَبْد اللَّه , عَنْ عَبْد اللَّه , قَالَ : سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول : " مَنْ فَاتَتْهُ صَلَاة الْعَصْر فَكَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْله وَمَاله " فَكَانَ ابْن عُمَر يَرَى لِصَلَاةِ الْعَصْر فَضِيلَة لِلَّذِي قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا أَنَّهَا الصَّلَاة الْوُسْطَى . * حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا مُعْتَمِر , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : زَعَمَ أَبُو صَالِح , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة أَنَّهُ قَالَ : هِيَ صَلَاة الْعَصْر . * حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن وَهْب , قَالَ : ثني عَمِّي عَبْد اللَّه بْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنِي عَمْرو بْن الْحَارِث , عَنْ ابْن شِهَاب , عَنْ سَالِم , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِهِ . قَالَ ابْن شِهَاب : وَكَانَ ابْن عُمَر يَرَى أَنَّهَا الصَّلَاة الْوُسْطَى . 4216 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَفَّانَ بْن مُسْلِم , قَالَ : ثنا هَمَّام , عَنْ قَتَادَة , عَنْ الْحَسَن , عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ قَالَ : الصَّلَاة الْوُسْطَى : صَلَاة الْعَصْر . 4217 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن مَعْمَر , قَالَ : ثنا ابْن عَامِر , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن أَبِي حُمَيْد , عَنْ حُمَيْدَة ابْنَة أَبِي يُونُس مَوْلَاة عَائِشَة , قَالَتْ : أَوْصَتْ عَائِشَة لَنَا بِمَتَاعِهَا , فَوَجَدْت فِي مُصْحَف عَائِشَة : { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى } وَهِيَ الْعَصْر { وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ } 4218 - حَدَّثَنِي سَعِيد بْن يَحْيَى الْأُمَوِيّ , قَالَ : ثنا أَبِي , قَالَ : ثنا ابْن جُرَيْجٍ , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الْمَلِك بْن عَبْد الرَّحْمَن أَنَّ أُمّه أُمّ حُمَيْد بِنْت عَبْد الرَّحْمَن سَأَلَتْ عَائِشَة عَنْ الصَّلَاة الْوُسْطَى , قَالَتْ : كُنَّا نَقْرَؤُهَا فِي الْحَرْف الْأَوَّل عَلَى عَهْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى صَلَاة الْعَصْر وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ " . * حَدَّثَنِي عَبَّاس بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثنا حَجَّاج , قَالَ : قَالَ ابْن جُرَيْجٍ : أَخْبَرَنِي عَبْد الْمَلِك بْن عَبْد الرَّحْمَن عَنْ أُمّه أُمّ حُمَيْد ابْنَة عَبْد الرَّحْمَن أَنَّهَا سَأَلَتْ عَائِشَة فَذَكَرَ نَحْوه , إلَّا أَنَّهُ قَالَ : وَحَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى وَصَلَاة الْعَصْر " . 4219 - حَدَّثَنَا سُفْيَان بْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ مُحَمَّد بْن عَمْرو أَبِي سَهْل الْأَنْصَارِيّ , عَنْ الْقَاسِم بْن مُحَمَّد , عَنْ عَائِشَة فِي قَوْله : { الصَّلَاة الْوُسْطَى } قَالَتْ : صَلَاة الْعَصْر . 4220 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا الْحَجَّاج , قَالَ : ثنا حَمَّاد , عَنْ هِشَام بْن عُرْوَة , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : كَانَ فِي مُصْحَف عَائِشَة : " حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى وَهِيَ صَلَاة الْعَصْر " . 4221 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا وَكِيع , عَنْ دَاوُد بْن قَيْس , قَالَ : ثني عَبْد اللَّه بْن رَافِع مَوْلَى أُمّ سَلَمَة قَالَ : أَمَرَتْنِي أُمّ سَلَمَة أَنْ أَكْتُب لَهَا مُصْحَفًا وَقَالَتْ : إذَا انْتَهَيْت إلَى آيَة الصَّلَاة فَأَعْلِمْنِي ! فَأَعْلَمْتهَا , فَأَمْلَتْ عَلَيَّ : " حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى صَلَاة الْعَصْر " . 4222 - حُدِّثْنَا عَنْ عَمَّار , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : كَانَ الْحَسَن يَقُول : الصَّلَاة الْوُسْطَى صَلَاة الْعَصْر . * حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا الْمُعْتَمِر , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : ثنا قَتَادَة , عَنْ أَبِي أَيُّوب , عَنْ عَائِشَة أَنَّهَا قَالَتْ : الصَّلَاة الْوُسْطَى : صَلَاة الْعَصْر . * حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا يَحْيَى , عَنْ سُلَيْمَان التَّيْمِيّ , عَنْ قَتَادَة , عَنْ أَبِي أَيُّوب , عَنْ عَائِشَة , مِثْله . 4223 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , قَالَ : ثنا عَنْبَسَة , عَنْ الْمُغِيرَة , عَنْ إبْرَاهِيم قَالَ : كَانَ يُقَال : الصَّلَاة الْوُسْطَى : صَلَاة الْعَصْر . * حُدِّثْت عَنْ عَمَّار , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع , قَالَ : ذُكِرَ لَنَا عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب أَنَّهُ قَالَ : الصَّلَاة الْوُسْطَى : صَلَاة الْعَصْر . 4224 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , عَنْ أَبِي بِشْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر : قَالَ : صَلَاة الْوُسْطَى : صَلَاة الْعَصْر . 4225 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا هُشَيْم , عَنْ أَبِي بِشْر , عَنْ سَالِم , عَنْ حَفْصَة , أَنَّهَا أَمَرَتْ رَجُلًا يَكْتُب لَهَا مُصْحَفًا , فَقَالَتْ : إذَا بَلَغْت هَذَا الْمَكَان فَأَعْلِمْنِي ! فَلَمَّا بَلَغَ { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى } قَالَ : اُكْتُبْ صَلَاة الْعَصْر . 4226 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا حَجَّاج بْن الْمِنْهَال , قَالَ : ثنا حَمَّاد بْن سَلَمَة , قَالَ : أَخْبَرَنَا عُبَيْد اللَّه بْن عُمَر عَنْ نَافِع , عَنْ حَفْصَة زَوْج النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا قَالَتْ لِكَاتِبِ مُصْحَفهَا : إذَا بَلَغَتْ مَوَاقِيت الصَّلَاة فَأَخْبِرْنِي حَتَّى أُخْبِرك بِمَا سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ! فَلَمَّا أَخْبَرَهَا قَالَتْ : اُكْتُبْ , فَإِنِّي سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول : " حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى وَهِيَ صَلَاة الْعَصْر " . 4227 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا الْحَجَّاج , قَالَ : ثنا حَمَّاد , عَنْ عَاصِم بْن بَهْدَلَة , عَنْ زِرّ بْن حُبَيْش , قَالَ : صَلَاة الْوُسْطَى : هِيَ الْعَصْر . 4228 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة قَوْله : { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى } كُنَّا نُحَدِّث أَنَّهَا صَلَاة الْعَصْر , قَبْلهَا صَلَاتَانِ مِنْ النَّهَار وَبَعْدهَا صَلَاتَانِ مِنْ اللَّيْل . 4229 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك فِي قَوْله : { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى } قَالَ : أُمِرُوا بِالْمُحَافَظَةِ عَلَى الصَّلَوَات , قَالَ : وَخَصَّ الْعَصْر وَالصَّلَاة الْوُسْطَى ; يَعْنِي الْعَصْر . 4230 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ قَالَ : أَخْبَرَنَا عُبَيْد اللَّه بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { وَالصَّلَاة الْوُسْطَى } هِيَ الْعَصْر . - حُدِّثْت عَنْ عَمَّار , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع , قَالَ : ذُكِرَ لَنَا عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب أَنَّهُ قَالَ : " الصَّلَاة الْوُسْطَى " : صَلَاة الْعَصْر . 4231 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ ابْن عَبَّاس : { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَات } يَعْنِي الْمَكْتُوبَات , { وَالصَّلَاة الْوُسْطَى } يَعْنِي صَلَاة الْعَصْر . * حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن إسْحَاق الْأَهْوَازِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثنا قَيْس , عَنْ أَبِي إسْحَاق , عَنْ رَزِين بْن عُبَيْد , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَالَ : سَمِعْته يَقُولهُ : { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى } قَالَ : صَلَاة الْعَصْر . 4232 - حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن إسْحَاق , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثنا إسْرَائِيل , عَنْ ثَوْر , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : الصَّلَاة الْوُسْطَى : صَلَاة الْعَصْر . * حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن أَبِي طَالِب , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , قَالَ : الصَّلَاة الْوُسْطَى : صَلَاة الْعَصْر . * حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن حَازِم , قَالَ : ثنا أَبُو نُعَيْم , قَالَ : ثنا إسْرَائِيل , عَنْ أَبِي إسْحَاق , عَنْ رَزِين بْن عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت ابْن عَبَّاس يَقُول : هِيَ صَلَاة الْعَصْر . 4233 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي عَدِيّ , قَالَ : أَنْبَأَنَا إسْمَاعِيل بْن مُسْلِم , عَنْ الْحَسَن , عَنْ سَمُرَة , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " الصَّلَاة الْوُسْطَى صَلَاة الْعَصْر " . 4234 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا وَهْب بْن جَرِير , قَالَ : ثنا أَبِي , قَالَ : سَمِعْت يَحْيَى بْن أَيُّوب , يُحَدِّث عَنْ يَزِيد بْن أَبِي حَبِيب , عَنْ مُرَّة بْن مُخَمِّر , عَنْ سَعِيد بْن الْحَكَم , قَالَ : سَمِعْت أَبَا أَيُّوب يَقُول : صَلَاة الْوُسْطَى : صَلَاة الْعَصْر . 4235 - حَدَّثَنَا ابْن سُفْيَان , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ مُبَارَك , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : صَلَاة الْوُسْطَى : صَلَاة الْعَصْر . وَعِلَّة مَنْ قَالَ هَذَا الْقَوْل مَا : 4236 - حَدَّثَنِي بِهِ مُحَمَّد بْن مَعْمَر , قَالَ : ثنا أَبُو عَامِر , قَالَ : ثنا مُحَمَّد , يَعْنِي ابْن طَلْحَة , عَنْ زُبَيْد , عَنْ مُرَّة , عَنْ عَبْد اللَّه , قَالَ : شَغَلَ الْمُشْرِكُونَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَلَاة الْعَصْر حَتَّى اصْفَرَّتْ أَوْ احْمَرَّتْ , فَقَالَ : " شَغَلُونَا عَنْ الصَّلَاة الْوُسْطَى , مَلَأَ اللَّه أَجْوَافهمْ وَقُبُورهمْ نَارًا " . * حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن سِنَان الْوَاسِطِي , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن هَارُونَ , قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن طَلْحَة , عَنْ زُبَيْد عَنْ مُرَّة , عَنْ عَبْد اللَّه , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِهِ , إلَّا أَنَّهُ قَالَ : " مَلَأَ اللَّه بُيُوتهمْ وَقُبُورهمْ نَارًا كَمَا شَغَلُونَا عَنْ الصَّلَاة الْوُسْطَى " . 4237 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى وَمُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَا : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , قَالَ : سَمِعْت قَتَادَة يُحَدِّث , عَنْ أَبِي حَسَّان , عَنْ عُبَيْدَة السَّلْمَانِيّ , عَنْ عَلِيّ قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْم الْأَحْزَاب : " شَغَلُونَا عَنْ الصَّلَاة الْوُسْطَى حَتَّى آبَتْ الشَّمْس , مَلَأَ اللَّه قُبُورهمْ وَبُيُوتهمْ نَارًا " - أَوْ " بُطُونهمْ نَارًا " شَكَّ شُعْبَة فِي الْبُطُون وَالْبُيُوت . * حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ عَاصِم , عَنْ زِرّ , قَالَ : قُلْت لِعُبَيْدَة السَّلْمَانِيّ : سَلْ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب عَنْ الصَّلَاة الْوُسْطَى ؟ فَسَأَلَهُ فَقَالَ : كُنَّا نَرَاهَا الصُّبْح أَوْ الْفَجْر , حَتَّى سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول يَوْم الْأَحْزَاب : " شَغَلُونَا عَنْ الصَّلَاة الْوُسْطَى صَلَاة الْعَصْر , مَلَأَ اللَّه قُبُورهمْ وَأَجْوَافهمْ نَارًا " . * حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ أَبِي الضُّحَى , عَنْ شُتَيْر بْن شَكْل , عَنْ عَلِيّ , قَالَ : شَغَلُونَا يَوْم الْأَحْزَاب عَنْ صَلَاة الْعَصْر , حَتَّى سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول : " شَغَلُونَا عَنْ الصَّلَاة الْوُسْطَى صَلَاة الْعَصْر مَلَأَ اللَّه قُبُورهمْ وَبُيُوتهمْ نَارًا " , أَوْ " أَجْوَافهمْ نَارًا " * حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ الْحَكَم , عَنْ يَحْيَى بْن الْجَزَّار عَنْ عَلِيّ , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ يَوْم الْأَحْزَاب عَلَى فُرْضَة مِنْ فُرَض الْخَنْدَق فَقَالَ : " شَغَلُونَا عَنْ الصَّلَاة الْوُسْطَى حَتَّى غَرَبَتْ الشَّمْس , مَلَأَ اللَّه قُبُورهمْ وَبُيُوتهمْ نَارًا " أَوْ " بُطُونهمْ وَبُيُوتهمْ نَارًا " . * حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِب وَسَعِيد بْن نُمَيْر , قَالَا : ثنا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ مُسْلِم , عَنْ شُتَيْر بْن شَكْل , عَنْ عَلِيّ قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " شَغَلُونَا عَنْ الصَّلَاة الْوُسْطَى صَلَاة الْعَصْر , مَلَأَ اللَّه قُبُورهمْ وَبُيُوتهمْ نَارًا " ثُمَّ صَلَّاهَا بَيْن الْعِشَاءَيْنِ , بَيْن الْمَغْرِب وَالْعِشَاء . * حَدَّثَنَا الْحُسَيْن بْن عَلِيّ الصُّدَّائِيّ , قَالَ : ثنا عَلِيّ بْن عَاصِم , عَنْ خَالِد , عَنْ مُحَمَّد بْن سِيرِينَ , عَنْ عُبَيْدَة السَّلْمَانِيّ , عَنْ عَلِيّ , قَالَ : لَمْ يُصَلِّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَصْر يَوْم الْخَنْدَق إلَّا بَعْد مَا غَرَبَتْ الشَّمْس , فَقَالَ : " مَا لَهُمْ مَلَأَ اللَّه قُلُوبهمْ وَبُيُوتهمْ نَارًا مَنَعُونَا عَنْ الصَّلَاة الْوُسْطَى حَتَّى غَرَبَتْ الشَّمْس " . * حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْن يَحْيَى الضَّرِير , قَالَ : ثنا عُبَيْد اللَّه , عَنْ إسْرَائِيل , عَنْ عَاصِم , عَنْ زِرّ , قَالَ : انْطَلَقْت أَنَا وَعُبَيْدَة السَّلْمَانِيّ إلَى عَلِيّ , فَأَمَرْت عُبَيْدَة أَنْ يَسْأَلهُ عَنْ الصَّلَاة الْوُسْطَى , فَقَالَ : يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ مَا الصَّلَاة الْوُسْطَى ؟ فَقَالَ : كُنَّا نَرَاهَا صَلَاة الصُّبْح , فَبَيْنَا نَحْنُ نُقَاتِل أَهْل خَيْبَر , فَقَاتِلُوا , حَتَّى أَرْهَقُونَا عَنْ الصَّلَاة , وَكَانَ قُبَيْل غُرُوب الشَّمْس , فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " اللَّهُمَّ امْلَأْ قُلُوب هَؤُلَاءِ الْقَوْم الَّذِينَ شَغَلُونَا عَنْ الصَّلَاة الْوُسْطَى وَأَجْوَافهمْ نَارًا " أَوْ " امْلَأْ قُلُوبهمْ نَارًا " قَالَ : فَعَرَفْنَا يَوْمئِذٍ أَنَّهَا الصَّلَاة الْوُسْطَى . * حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ أَبِي حَسَّان الْأَعْرَج , عَنْ عُبَيْدَة السَّلْمَانِيُّ , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب أَنَّ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَوْم الْأَحْزَاب : " اللَّهُمَّ امْلَأْ قُلُوبهمْ وَبُيُوتهمْ نَارًا , كَمَا شَغَلُونَا " - " أَوْ كَمَا حَبَسُونَا عَنْ الصَّلَاة الْوُسْطَى حَتَّى غَرَبَتْ الشَّمْس " . * حَدَّثَنَا سُلَيْمَان بْن عَبْد الْجَبَّار , قَالَ : ثنا ثَابِت بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن طَلْحَة , عَنْ زُبَيْد , عَنْ مُرَّة , عَنْ ابْن مَسْعُود , قَالَ : حَبَسَ الْمُشْرِكُونَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَلَاة الْعَصْر , حَتَّى اصْفَرَّتْ الشَّمْس أَوْ احْمَرَّتْ , فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " شَغَلُونَا عَنْ الصَّلَاة الْوُسْطَى مَلَأَ اللَّه بُيُوتهمْ وَقُلُوبهمْ نَارًا " - أَوْ " حَشَا اللَّه قُلُوبهمْ وَبُيُوتهمْ نَارًا " . 4238 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عِمَارَة الْأَسَدِيّ , قَالَ : ثنا سَهْل بْن عَامِر , قَالَ : ثنا مَالِك بْن مِغْوَل , قَالَ : سَمِعْت طَلْحَة , قَالَ : صَلَّيْت مَعَ مُرَّة فِي بَيْته , فَسَهَا - أَوْ قَالَ : نَسِيَ - فَقَامَ قَائِمًا يُحَدِّثنَا , وَقَدْ كَانَ يُعْجِبنِي أَنْ أَسْمَعهُ مِنْ ثِقَة قَالَ : لَمَّا كَانَ يَوْم الْخَنْدَق - يَعْنِي يَوْم الْأَحْزَاب - قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَا لَهُمْ شَغَلُونَا عَنْ الصَّلَاة الْوُسْطَى صَلَاة الْعَصْر , مَلَأَ اللَّه أَجْوَافهمْ وَقُبُورهمْ نَارًا " . 4239 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن مَنِيع , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَهَّاب , عَنْ ابْن عَطَاء , عَنْ التَّيْمِيّ , عَنْ أَبِي صَالِح , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " صَلَاة الْوُسْطَى صَلَاة الْعَصْر " . 4240 - حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن مُسْلِم الطُّوسِيّ , قَالَ : ثنا عِبَاد بْن الْعَوَّام , عَنْ هِلَال بْن خِبَاب , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَالَ : خَرَجَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غُزَاة لَهُ , فَحَبَسَهُ الْمُشْرِكُونَ عَنْ صَلَاة الْعَصْر حَتَّى أَمْسَى بِهَا , فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " اللَّهُمَّ امْلَأْ بُيُوتهمْ وَأَجْوَافهمْ نَارًا , كَمَا حَبَسُونَا عَنْ الصَّلَاة الْوُسْطَى " . * حَدَّثَنَا مُوسَى بْن سَهْل الرَّمْلِيّ , قَالَ : ثنا إسْحَاق , عَنْ عَبْد الْوَاحِد الْمَوْصِلِيّ , قَالَ : ثنا خَالِد بْن عَبْد اللَّه عَنْ ابْن أَبِي لَيْلَى , عَنْ الْحَكَم , عَنْ مُقْسِم , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَالَ : قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْم الْأَحْزَاب : " شَغَلُونَا عَنْ الصَّلَاة الْوُسْطَى حَتَّى غَابَتْ الشَّمْس , مَلَأَ اللَّه قُبُورهمْ وَبُيُوتهمْ نَارًا " . * حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : أَخْبَرَنَا خَالِد , عَنْ ابْن أَبِي لَيْلَى , عَنْ الْحَكَم , عَنْ مِقْسَم , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَالَ : شَغَلَ الْأَحْزَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْم الْخَنْدَق عَنْ صَلَاة الْعَصْر حَتَّى غَرَبَتْ الشَّمْس , فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " شَغَلُونَا عَنْ الصَّلَاة الْوُسْطَى , مَلَأَ اللَّه قُبُورهمْ وَبُيُوتهمْ نَارًا " أَوْ " أَجْوَافهمْ نَارًا " . 4241 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سُلَيْمَان بْن أَحْمَد الْحَرَشِيّ الْوَاسِطِيَّ , قَالَ : ثنا الْوَلِيد بْن مُسْلِم , قَالَ أَخْبَرَنِي صَدَقَة بْن خَالِد , قَالَ : حَدَّثَنِي خَالِد بْن دِهْقَان , عَنْ جَابِر بْن سَيْلَانِ , عَنْ كَهَيْلِ بْن حَرْمَلَة , قَالَ : سُئِلَ أَبُو هُرَيْرَة عَنْ الصَّلَاة الْوُسْطَى , فَقَالَ : اخْتَلَفْنَا فِيهَا كَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهَا وَنَحْنُ بِفِنَاءِ بَيْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَفِينَا الرَّجُل الصَّالِح أَبُو هِشَام بْن عُتْبَة بْن رَبِيعَة بْن عَبْد شَمْس , فَقَالَ : أَنَا أَعْلَم لَكُمْ ذَلِكَ . فَقَامَ فَاسْتَأْذَنَ عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَدَخَلَ عَلَيْهِ , ثُمَّ خَرَجَ إلَيْنَا فَقَالَ : أَخْبَرَنَا أَنَّهَا صَلَاة الْعَصْر . 4242 - حَدَّثَنِي الْحُسَيْن بْن عَلِيّ الصُّدَّائِيّ , قَالَ : ثنا أَبِي , وَحَدَّثَنَا ابْن إسْحَاق الْأَهْوَازِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد , قَالَا جَمِيعًا : ثنا فُضَيْل بْن مَسْرُوق , عَنْ شَقِيق بْن عُقْبَة الْعَبْدِيّ , عَنْ الْبَرَاء بْن عَازِب , قَالَ : نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة : " حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَات وَصَلَاة الْعَصْر " قَالَ : فَقَرَأْتهَا عَلَى عَهْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا شَاءَ اللَّه أَنْ نَقْرَأهَا , ثُمَّ إنَّ اللَّه نَسَخَهَا , فَأَنْزَلَ : { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ } قَالَ : فَقَالَ رَجُل كَانَ مَعَ شَقِيق : فَهِيَ صَلَاة الْعَصْر ! قَالَ : قَدْ حَدَّثْتُك كَيْفَ نَزَلَتْ , وَكَيْفَ نَسَخَهَا اللَّه , وَاَللَّه أَعْلَم . * حَدَّثَنَا حُمَيْد بْن مَسْعَدَةَ , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن زُرَيْعٍ , وَحَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن بَكْر وَمُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الْأَنْصَارِيّ , قَالَا جَمِيعًا : ثنا سَعِيد بْن أَبِي عَرُوبَة , وَحَدَّثَنَا ! أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا عَبَدَة بْن سُلَيْمَان وَمُحَمَّد بْن بِشْر وَعَبْد اللَّه بْن إسْمَاعِيل , عَنْ سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ الْحَسَن , عَنْ سَمُرَة , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : " الصَّلَاة الْوُسْطَى صَلَاة الْعَصْر " . * حَدَّثَنِي عِصَام بْن رَوَّاد بْن الْجَرَّاح , قَالَ : ثنا أَبِي , قَالَ : ثنا سَعِيد بْن بَشِير , عَنْ قَتَادَة , عَنْ الْحَسَن عَنْ سَمُرَة , قَالَ : أَنْبَأَنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَنَّ الصَّلَاة الْوُسْطَى هِيَ الْعَصْر . 4243 - حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي عَدِيّ , عَنْ شُعْبَة , عَنْ سُلَيْمَان , عَنْ أَبِي الضُّحَى , عَنْ شُتَيْر بْن شَكْل , عَنْ أُمّ حَبِيبَة , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَوْم الْخَنْدَق : " شَغَلُونَا عَنْ الصَّلَاة الْوُسْطَى صَلَاة الْعَصْر حَتَّى غَرَبَتْ الشَّمْس " قَالَ أَبُو مُوسَى : هَكَذَا قَالَ ابْن أَبِي عَدِيّ . 4244 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , عَنْ يُونُس , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى وَهِيَ الْعَصْر " 4245 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن إسْحَاق , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثنا عَبْد السَّلَام , عَنْ سَالِم مَوْلَى أَبِي نَصِير , قَالَ : ثني إبْرَاهِيم بْن يَزِيد الدِّمَشْقِيّ , قَالَ : كُنْت جَالِسًا عِنْد عَبْد الْعَزِيز بْن مَرْوَان , فَقَالَ : يَا فُلَان اذْهَبْ إلَى فُلَان فَقُلْ لَهُ : أَيّ شَيْء سَمِعْت مِنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّلَاة الْوُسْطَى ؟ فَقَالَ رَجُل جَالِس : أَرْسَلَنِي أَبُو بَكْر وَعُمَر وَأَنَا غُلَام صَغِير أَسْأَلهُ عَنْ الصَّلَاة الْوُسْطَى , فَأَخَذَ إصْبَعِي الصَّغِيرَة فَقَالَ : " هَذِهِ الْفَجْر " , وَقَبَضَ الَّتِي تَلِيهَا وَقَالَ : " هَذِهِ الظُّهْر " , ثُمَّ قَبَضَ الْإِبْهَام فَقَالَ : " هَذِهِ الْمَغْرِب " , ثُمَّ قَبَضَ الَّتِي تَلِيهَا ثُمَّ قَالَ : " هَذِهِ الْعِشَاء " , ثُمَّ قَالَ : " أَيّ أَصَابِعك بَقِيَتْ ؟ " فَقُلْت : الْوُسْطَى , فَقَالَ : " أَيّ صَلَاة بَقِيَتْ ؟ " قُلْت : الْعَصْر , قَالَ : " هِيَ الْعَصْر " . 4246 - حُدِّثْت عَنْ عَمَّار بْن الْحَسَن , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع , قَالَ : ذُكِرَ لَنَا أَنَّ الْمُشْرِكِينَ شَغَلُوهُمْ يَوْم الْأَحْزَاب عَنْ صَلَاة الْعَصْر حَتَّى غَابَتْ الشَّمْس , فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " شَغَلُونَا عَنْ الصَّلَاة الْوُسْطَى صَلَاة الْعَصْر حَتَّى غَرَبَتْ الشَّمْس , مَلَأَ اللَّه بُيُوتهمْ وَقُبُورهمْ نَارًا " . * حَدَّثَنَا ابْن الْبَرْقِيّ , قَالَ : ثنا عَمْرو , عَنْ أَبِي سَلَمَة , قَالَ : ثنا صَدَقَة , عَنْ سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ أَبِي حَسَّان , عَنْ عُبَيْدَة السَّلْمَانِيّ , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ يَوْم الْأَحْزَاب : " اللَّهُمَّ امْلَأْ بُيُوتهمْ وَقُبُورهمْ نَارًا كَمَا شَغَلُونَا عَنْ الصَّلَاة الْوُسْطَى حَتَّى آبَتْ الشَّمْس " . 4247 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَوْف الطَّائِيّ , قَالَ : ثني مُحَمَّد بْن إسْمَاعِيل بْن عَيَّاش , قَالَ : ثنا أَبِي , قَالَ : ثني ضَمْضَم بْن زُرْعَة , عَنْ شُرَيْح بْن عُبَيْد , عَنْ أَبِي مَالِك الْأَشْعَرِيّ , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " الصَّلَاة الْوُسْطَى صَلَاة الْعَصْر " . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ الصَّلَاة الْوُسْطَى صَلَاة الظُّهْر . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 4248 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَفَّانِ , قَالَ : ثنا هَمَّام , قَالَ : ثنا قَتَادَة , عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب , عَنْ ابْن عُمَر , عَنْ زَيْد بْن ثَابِت , قَالَ : الصَّلَاة الْوُسْطَى صَلَاة الظُّهْر . * حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الْمَخْزُومِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو عَامِر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ قَتَادَة , عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب , عَنْ ابْن عُمَر , عَنْ زَيْد , يَعْنِي ابْن ثَابِت , مِثْله . * حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ سَعْد بْن إبْرَاهِيم , قَالَ : سَمِعْت حَفْص بْن عَاصِم يُحَدِّث عَنْ زَيْد بْن ثَابِت , قَالَ : الصَّلَاة الْوُسْطَى الظُّهْر . * حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سُلَيْمَان بْن دَاوُد , قَالَ : ثنا شُعْبَة , وَحَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , عَنْ شُعْبَة , قَالَ : أَخْبَرَنِي عُمَر بْن سُلَيْمَان مِنْ وَلَد عُمَر بْن الْخَطَّاب , قَالَ : سَمِعْت عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبَان بْن عُثْمَان , يُحَدِّث عَنْ أَبِيهِ , عَنْ زَيْد بْن ثَابِت , قَالَ : الصَّلَاة الْوُسْطَى هِيَ الظُّهْر . 4249 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْن يَحْيَى بْن أَبِي زَائِدَة , قَالَ : ثنا عَبْد الصَّمَد , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ عُمَر بْن سُلَيْمَان هَكَذَا قَالَ أَبُو زَائِدَة , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبَان , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ زَيْد بْن ثَابِت فِي حَدِيثه رَفَعَهُ : " الصَّلَاة الْوُسْطَى صَلَاة الظُّهْر " . 4250 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن يَزِيد , قَالَ : ثنا حَيْوَة بْن شُرَيْح وَابْن لَهَيْعَة , قَالَا : ثنا أَبُو عُقَيْل زَهْرَة بْن مَعْبَد , أَنَّ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب حَدَّثَهُ أَنَّهُ كَانَ قَاعِدًا هُوَ وَعُرْوَة بْن الزُّبَيْر وَإِبْرَاهِيم بْن طَلْحَة , فَقَالَ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب : سَمِعْت أَبَا سَعِيد الْخُدْرِيّ يَقُول : " الصَّلَاة الْوُسْطَى هِيَ الظُّهْر " , فَمَرَّ عَلَيْنَا عَبْد اللَّه بْن عُمَر , فَقَالَ عُرْوَة : أَرْسِلُوا إلَى ابْن عُمَر فَاسْأَلُوهُ ! فَأَرْسَلُوا إلَيْهِ غُلَامًا فَسَأَلَهُ , ثُمَّ جَاءَنَا الرَّسُول فَقَالَ يَقُول : هِيَ صَلَاة الظُّهْر . فَشَكَكْنَا فِي قَوْل الْغُلَام , فَقُمْنَا جَمِيعًا , فَذَهَبْنَا إلَى ابْن عُمَر , فَسَأَلْنَاهُ , فَقَالَ : هِيَ صَلَاة الظُّهْر . * حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا الْعَوَّام بْن حَوْشَبٍ , قَالَ : ثني رَجُل مِنْ الْأَنْصَار , عَنْ زَيْد بْن ثَابِت أَنَّهُ كَانَ يَقُول : هِيَ الظُّهْر . * حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن إسْحَاق , ثنا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي ذِئْب , وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا آدَم , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي ذِئْب , عَنْ الزِّبْرِقَان بْن عَمْرو , عَنْ زَيْد بْن ثَابِت , قَالَ : الصَّلَاة الْوُسْطَى : صَلَاة الظُّهْر . * حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا الْحَجَّاج , قَالَ : ثنا حَمَّاد , قَالَ : أَخْبَرَنَا عُبَيْد اللَّه , عَنْ نَافِع , عَنْ زَيْد بْن ثَابِت أَنَّهُ قَالَ : الصَّلَاة الْوُسْطَى : هِيَ صَلَاة الظُّهْر . 4251 - حَدَّثَنَا ابْن الْبَرْقِيّ , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي مَرْيَم , قَالَ : أَخْبَرَنَا نَافِع بْن يَزِيد , قَالَ : ثني الْوَلِيد بْن أَبِي الْوَلِيد أَبُو عُثْمَان , قَالَ : ثني عَبْد اللَّه بْن دِينَار , عَنْ عَبْد اللَّه بْن عُمَر أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الصَّلَاة الْوُسْطَى , قَالَ : هِيَ الَّتِي عَلَى أَثَر الضُّحَى . 4252 - حَدَّثَنَا ابْن الْبَرْقِيّ , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي مَرْيَم , قَالَ : ثنا نَافِع بْن يَزِيد , قَالَ : ثني الْوَلِيد بْن أَبِي الْوَلِيد أَنَّ سَلَمَة بْن أَبِي مَرْيَم حَدَّثَهُ أَنَّ نَفَرًا مِنْ قُرَيْش أَرْسَلُوا إلَى عَبْد اللَّه بْن عُمَر يَسْأَلُونَهُ عَنْ الصَّلَاة الْوُسْطَى , فَقَالَ لَهُ : هِيَ الَّتِي عَلَى أَثَر صَلَاة الضُّحَى . فَقَالُوا لَهُ : ارْجِعْ وَاسْأَلْهُ , فَمَا زَادَنَا إلَّا عِيًّا بِهَا ! فَمَرَّ بِهِمْ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَفْلَح مَوْلَى عَبْد اللَّه بْن عُمَر , فَأَرْسَلُوا إلَيْهِ أَيْضًا , فَقَالَ . هِيَ الَّتِي تَوَجَّهَ فِيهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى الْقِبْلَة . * حَدَّثَنِي ابْن الْبَرْقِيّ قَالَ : ثنا ابْن أَبِي مَرْيَم , قَالَ : أَخْبَرَنَا نَافِع , قَالَ : ثني زُهْرَة بْن - مَعْبَد , قَالَ : ثني سَعِيد بْن الْمُسَيِّب : أَنَّهُ كَانَ قَاعِدًا هُوَ وَعُرْوَة وَإِبْرَاهِيم بْن طَلْحَة , فَقَالَ لَهُ سَعِيد : سَمِعْت أَبَا سَعِيد يَقُول : إنَّ صَلَاة الظُّهْر هِيَ الصَّلَاة الْوُسْطَى . فَمَرَّ عَلَيْنَا ابْن عُمَر فَقَالَ عُرْوَة : أَرْسِلُوا إلَيْهِ فَاسْأَلُوهُ ! فَسَأَلَهُ الْغُلَام فَقَالَ : هِيَ الظُّهْر , فَشَكَكْنَا فِي قَوْل الْغُلَام , فَقُمْنَا إلَيْهِ جَمِيعًا , فَسَأَلْنَاهُ , فَقَالَ : هِيَ الظُّهْر . 4253 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عُثْمَان بْن عُمَر , قَالَ : ثنا أَبُو عَامِر , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن قَيْس , عَنْ ابْن أَبِي رَافِع , عَنْ أَبِيهِ - وَكَانَ مَوْلًى لِحَفْصَةَ - قَالَ : اسْتَكْتَبَتْنِي حَفْصَة مُصْحَفًا وَقَالَتْ لِي : إذَا أَتَيْت عَلَى هَذِهِ الْآيَة فَأَعْلِمْنِي حَتَّى أُمْلِيهَا عَلَيْك كَمَا أَقْرَأَنِيهَا ! فَلَمَّا أَتَيْت عَلَى هَذِهِ الْآيَة : { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى } أَتَيْتهَا , فَقَالَتْ : اُكْتُبْ : حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى وَصَلَاة الْعَصْر . فَلَقِيت أُبَيّ بْن كَعْب أَوْ زَيْد بْن ثَابِت , فَقُلْت : يَا أَبَا الْمُنْذِر إنَّ حَفْصَة قَالَتْ كَذَا وَكَذَا . قَالَ : هُوَ كَمَا قَالَتْ , أَوَ لَيْسَ أَشْغَل مَا نَكُون عِنْد صَلَاة الظُّهْر فِي غَنَمنَا وَنَوَاضِحنَا ؟ وَعِلَّة مَنْ قَالَ ذَلِكَ مَا : 4254 - حَدَّثَنَا بِهِ مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , قَالَ : أَخْبَرَنِي عَمْرو بْن أَبِي حَكِيم , قَالَ : سَمِعْت الزِّبْرِقَان يُحَدِّث عَنْ عُرْوَة بْن الزُّبَيْر , عَنْ زَيْد بْن ثَابِت , قَالَ : كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الظُّهْر بِالْهَاجِرَةِ , وَلَمْ يَكُنْ يُصَلِّي صَلَاة أَشَدّ عَلَى أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهَا , قَالَ : فَنَزَلَتْ { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى } وَقَالَ : " إنَّ قَبْلهَا صَلَاتَيْنِ وَبَعْدهَا صَلَاتَيْنِ " . 4255 - حَدَّثَنَا مُجَاهِد بْن مُوسَى , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن هَارُونَ , قَالَ . أَخْبَرَنَا ابْن أَبِي ذِئْب , عَنْ الزِّبْرِقَان قَالَ : إنَّ رَهْطًا مِنْ قُرَيْش مَرَّ بِهِمْ زَيْد بْن ثَابِت , فَأَرْسَلُوا إلَيْهِ رَجُلَيْنِ يَسْأَلَانِهِ عَنْ الصَّلَاة الْوُسْطَى , فَقَالَ زَيْد : هِيَ الظُّهْر . فَقَامَ رَجُلَانِ مِنْهُمْ فَأَتَيَا أُسَامَة بْن زَيْد فَسَأَلَاهُ عَنْ الصَّلَاة الْوُسْطَى , فَقَالَ : هِيَ الظُّهْر , إنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي الظُّهْر بِالْهَجِيرِ , فَلَا يَكُون وَرَاءَهُ إلَّا الصَّفّ وَالصَّفَّانِ , النَّاس يَكُونُونَ فِي قَاتِلَتهمْ وَفِي تِجَارَتهمْ , فَقَالَ رَسُول اللَّه : " لَقَدْ هَمَمْت أَنْ أُحَرِّق عَلَى أَقْوَام لَا يَشْهَدُونَ الصَّلَاة بُيُوتهمْ " قَالَ : فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة : { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى } وَكَانَ آخَرُونَ يَقْرَءُونَ ذَلِكَ : " حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى وَصَلَاة الْعَصْر " . ذِكْر مَنْ كَانَ يَقُول ذَلِكَ كَذَلِكَ . 4256 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ أَبِي بِشْر , عَنْ عَبْد اللَّه بْن يَزِيد الْأَزْدِيّ , عَنْ سَالِم بْن عَبْد اللَّه , أَنَّ حَفْصَة أَمَرَتْ إنْسَانًا فَكَتَبَ مُصْحَفًا , فَقَالَتْ : إذَا بَلَغْت هَذِهِ الْآيَة : { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى } فَآذِنِّي ! فَلَمَّا بَلَغَ آذَنَهَا , فَقَالَتْ : اُكْتُبْ : " حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى وَصَلَاة الْعَصْر " . 4257 - حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَهَّاب , قَالَ : ثنا عُبَيْد اللَّه , عَنْ نَافِع أَنَّ حَفْصَة أَمَرَتْ مَوْلًى لَهَا أَنْ يَكْتُب لَهَا مُصْحَفًا فَقَالَتْ : إذَا بَلَغْت هَذِهِ الْآيَة : { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى } فَلَا تَكْتُبهَا حَتَّى أُمْلِيهَا عَلَيْك كَمَا سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَؤُهَا . فَلَمَّا بَلَغَهَا أَمَرَتْهُ فَكَتَبَهَا : وَحَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى وَصَلَاة الْعَصْر وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ و ; قَالَ نَافِع : فَقَرَأْت ذَلِكَ الْمُصْحَف فَوَجَدْت فِيهِ " الْوَاو " . 4258 - حَدَّثَنَا الرَّبِيع بْن سُلَيْمَان , قَالَ : ثنا أَسَد بْن مُوسَى , قَالَ : ثنا حَمَّاد بْن سَلَمَة , عَنْ عُبَيْد اللَّه بْن عُمَر , عَنْ نَافِع , عَنْ حَفْصَة زَوْج النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا قَالَتْ لِكَاتِبِ مُصْحَفهَا : إذَا بَلَغْت مَوَاقِيت الصَّلَاة فَأَخْبِرْنِي حَتَّى آمُرك مَا سَمِعْت مِنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول . فَلَمَّا أَخْبَرَهَا قَالَتْ : اُكْتُبْ فَإِنِّي سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول : " حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى وَصَلَاة الْعَصْر " . 4259 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا عَبَدَة بْن سُلَيْمَان , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثني أَبُو سَلَمَة , عَنْ عَمْرو بْن رَافِع مَوْلَى عُمَر , قَالَ : كَانَ مَكْتُوبًا فِي مُصْحَف حَفْصَة : " حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى وَصَلَاة الْعَصْر وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ " . * حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الْحَكَم الْمِصْرِيّ , قَالَ : ثنا أَبِي وَشُعَيْب , عَنْ اللَّيْث , قَالَ : ثنا خَالِد بْن يَزِيد , عَنْ ابْن أَبِي هِلَال , عَنْ زَيْد , عَنْ عَمْرو بْن رَافِع , قَالَ : دَعَتْنِي حَفْصَة فَكَتَبْت لَهَا مُصْحَفًا , فَقَالَتْ : إذَا بَلَغْت آيَة الصَّلَاة فَأَخْبِرْنِي ! فَلَمَّا كَتَبَتْ : { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى } قَالَتْ : " وَصَلَاة الْعَصْر " أَشْهَد أَنِّي سَمِعْتهَا مِنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . 4260 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الْحَكَم , قَالَ : ثني أَبِي وَشُعَيْب بْن اللَّيْث , عَنْ اللَّيْث , قَالَ : أَخْبَرَنِي خَالِد بْن يَزِيد , عَنْ ابْن أَبِي هِلَال , عَنْ زَيْد أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ أَبِي يُونُس مَوْلَى عَائِشَة , مِثْل ذَلِكَ . * حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني اللَّيْث , قَالَ : حَدَّثَنِي خَالِد , عَنْ سَعِيد , عَنْ زَيْد بْن أَسْلَم أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ أَبِي يُونُس مَوْلَى عَائِشَة , عَنْ عَائِشَة , مِثْل ذَلِكَ 4261 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا وَهْب بْن جَرِير , قَالَا : أَخْبَرَنَا شُعْبَة , عَنْ أَبِي إسْحَاق , عَنْ عُمَيْر بْن مَرْيَم , عَنْ ابْن عَبَّاس : " حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى وَصَلَاة الْعَصْر " . 4262 - حَدَّثَنَا مُجَاهِد بْن مُوسَى , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن هَارُونَ , مَال : أَخْبَرَنَا عَبْد الْمَلِك بْن أَبِي سُلَيْمَان , عَنْ عَطَاء قَالَ : كَانَ عُبَيْد بْن عُمَيْر يَقْرَأ : وَحَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى وَصَلَاة الْعَصْر وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ " . * حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عُثْمَان بْن عُمَر , قَالَ : ثنا أَبُو عَامِر , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن قَيْس , عَنْ ابْن أَبِي رَافِع , عَنْ أَبِيهِ - وَكَانَ مَوْلَى حَفْصَة - قَالَ : اسْتَكْتَبَتْنِي حَفْصَة مُصْحَفًا وَقَالَتْ : إذَا أَتَيْت عَلَى هَذِهِ الْآيَة فَأَعْلِمْنِي حَتَّى أُمْلِيهَا عَلَيْك كَمَا أُقْرِئْتهَا , فَلَمَّا أَتَيْت عَلَى هَذِهِ الْآيَة : { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى } أَتَيْتهَا , فَقَالَتْ : اُكْتُبْ " حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى وَصَلَاة الْعَصْر " فَلَقِيت أُبَيّ بْن كَعْب أَوْ زَيْد بْن ثَابِت , فَقُلْت : يَا أَبَا الْمُنْذِر إنَّ حَفْصَة قَالَتْ كَذَا وَكَذَا . قَالَ : هُوَ كَمَا قَالَتْ , أَوَ لَيْسَ أَشْغَل مَا نَكُون عِنْد صَلَاة الظُّهْر فِي نَوَاضِحنَا وَغَنَمنَا ؟ وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ الصَّلَاة الْوُسْطَى صَلَاة الْمَغْرِب . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 4263 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن إسْحَاق , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثنا عَبْد السَّلَام , عَنْ إسْحَاق بْن أَبِي فَرْوَة , عَنْ رَجُل عَنْ قَبِيصَة بْن ذُؤَيْب , قَالَ : الصَّلَاة الْوُسْطَى صَلَاة الْمَغْرِب , أَلَا تَرَى أَنَّهَا لَيْسَتْ بِأَقَلِّهَا وَلَا أَكْثَرهَا وَلَا تُقْصَر فِي السَّفَر , وَأَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُؤَخِّرهَا عَنْ وَقْتهَا وَلَمْ يُعَجِّلهَا ؟ قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَوَجَّهَ قَبِيصَة بْن ذُؤَيْب قَوْله الْوُسْطَى إلَى مَعْنَى التَّوَسُّط , الَّذِي يَكُون صِفَة لِلشَّيْءِ يَكُون عَدْلًا بَيْن الْأَمْرَيْنِ , كَالرَّجُلِ الْمُعْتَدِل الْقَامَة , الَّذِي لَا يَكُون مُفْرِطًا طُوله وَلَا قَصِيرَة قَامَته , وَلِذَلِكَ قَالَ : أَلَا تَرَى أَنَّهَا لَيْسَتْ بِأَقَلِّهَا وَلَا أَكْثَرهَا . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ الصَّلَاة الْوُسْطَى الَّتِي عَنَاهَا اللَّه بِقَوْلِهِ : { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى } هِيَ صَلَاة الْغَدَاة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 4264 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَفَّانَ , قَالَ : ثنا هَمَّام , قَالَ : ثنا قَتَادَة , عَنْ صَالِح أَبِي الْخَلِيل , عَنْ جَابِر بْن زَيْد , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَالَ : الصَّلَاة الْوُسْطَى صَلَاة الْفَجْر . 4265 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي عَدِيّ وَعَبْد الْوَهَّاب وَمُحَمَّد بْن جَعْفَر , عَنْ عَوْف , عَنْ أَبِي رَجَاء قَالَ : صَلَّيْت مَعَ ابْن عَبَّاس الْغَدَاة فِي مَسْجِد الْبَصْرَة , فَقَنَتَ بِنَا قَبْل الرُّكُوع وَقَالَ : هَذِهِ الصَّلَاة الْوُسْطَى الَّتِي قَالَ اللَّه : { وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ } * حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , عَنْ عَوْف , عَنْ أَبِي رَجَاء الْعُطَارِدِيّ , قَالَ : صَلَّيْت خَلْف ابْن عَبَّاس , فَذَكَرَ نَحْوه . * حَدَّثَنَا عَبَّاد بْن يَعْقُوب الْأَسَدِيّ , قَالَ : ثنا شَرِيك , عَنْ عَوْف الْأَعْرَابِيّ , عَنْ أَبِي رَجَاء الْعُطَارِدِيّ , قَالَ : صَلَّيْت خَلْف ابْن عَبَّاس الْفَجْر , فَقَنَتَ فِيهَا وَرَفَعَ يَدَيْهِ , ثُمَّ قَالَ : هَذِهِ الصَّلَاة الْوُسْطَى الَّتِي أَمَرَنَا اللَّه أَنْ ن
فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنتُمْ فَاذْكُرُواْ اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَسورة البقرة الآية رقم 239
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا } يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِذَلِكَ : وَقُومُوا لِلَّهِ فِي صَلَاتكُمْ مُطِيعِينَ لَهُ , لِمَا قَدْ بَيَّنَّاهُ مِنْ مَعْنَاهُ , فَإِنْ خِفْتُمْ مِنْ عَدُوّ لَكُمْ أَيّهَا النَّاس , تَخْشَوْنَهُمْ عَلَى أَنْفُسكُمْ فِي حَال الْتِقَائِكُمْ مَعَهُمْ , أَنْ تُصَلُّوا قِيَامًا عَلَى أَرَجُلكُمْ بِالْأَرْضِ , قَانِتِينَ لِلَّهِ , فَصَلُّوا رِجَالًا مُشَاة عَلَى أَرْجُلكُمْ , وَأَنْتُمْ فِي حَرْبكُمْ وَقِتَالكُمْ وَجِهَاد عَدُوّكُمْ , أَوْ رُكْبَانًا عَلَى ظُهُور دَوَابّكُمْ , فَإِنَّ ذَلِكَ يَجْزِيكُمْ حِينَئِذٍ مِنْ الْقِيَام مِنْكُمْ قَانِتِينَ . وَلِمَا قُلْنَا مِنْ أَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ كَذَلِكَ , جَازَ نَصْب الرِّجَال بِالْمَعْنَى الْمَحْذُوف , وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَب تَفْعَل ذَلِكَ فِي الْجَزَاء خَاصَّة لِأَنَّ ثَانِيه شَبِيه بِالْمَعْطُوفِ عَلَى أَوَّله , وَيُبَيِّن ذَلِكَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إنْ خَيْرًا فَخَيْرًا , وَإِنْ شَرًّا فَشَرًّا , بِمَعْنَى : إنْ تَفْعَل خَيْرًا تُصِبْ خَيْرًا , وَإِنْ تَفْعَل شَرًّا تُصِبْ شَرًّا , فَيَعْطِفُونَ الْجَوَاب عَلَى الْأَوَّل لِانْجِزَامِ الثَّانِي بِجَزْمِ الْأَوَّل , فَكَذَلِكَ قَوْله : { فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا } بِمَعْنَى : إنْ خِفْتُمْ أَنْ تُصَلُّوا قِيَامًا بِالْأَرْضِ فَصَلُّوا

رِجَالًا ; وَالرِّجَال جَمْع رَاجِل وَرَجُل . وَأَمَّا أَهْل الْحِجَاز فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ لِوَاحِدِ الرِّجَال رَجُل , مَسْمُوع مِنْهُمْ : مَشَى فُلَان إلَى بَيْت اللَّه حَافِيًا رَجُلًا , وَقَدْ سَمِعَ مِنْ بَعْض أَحِيَاء الْعَرَب فِي وَاحِدهمْ رَجُلَانِ , كَمَا قَالَ بَعْض بَنِي عُقَيْل : عَلِيّ إذَا أَبْصَرْت لَيْلَى بِخَلْوَةٍ أَنْ ازْدَارَ بَيْت اللَّه رَجُلَانِ حَافِيًا فَمَنْ قَالَ رَجُلَانِ لِلذَّكَرِ , قَالَ لِلْأُنْثَى رَجْلَى , وَجَازَ فِي جَمْع الْمُذَكَّر وَالْمُؤَنَّث فِيهِ أَنْ يُقَال : أَتَى الْقَوْم رُجَالَى وَرَجَالَى , مِثْل كُسَالَى وَكَسَالَى . وَقَدْ حُكِيَ عَنْ بَعْضهمْ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأ ذَلِكَ : " فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا " مُشَدَّدَة . وَعَنْ بَعْضهمْ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأ : " فَرِجَالًا " , وَكِلْتَا الْقِرَاءَتَيْنِ غَيْر جَائِزَة الْقِرَاءَة بِهَا عِنْدنَا بِخِلَافِ الْقِرَاءَة الْمَوْرُوثَة الْمُسْتَفِيضَة فِي أَمْصَار الْمُسْلِمِينَ . وَأَمَّا الرُّكْبَان , فَجَمْع رَاكِب , يُقَال : هُوَ رَاكِب وَهُوَ رُكْبَان وَرَكْب وَرَكَبَة وَرِكَاب وَأَرْكُب وَأَرْكُوب , يُقَال : جَاءَنَا أُرْكُوب مِنْ النَّاس وَأَرَاكِيب . وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 4310 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا مُغِيرَة , عَنْ إبْرَاهِيم , قَالَ : سَأَلْته عَنْ قَوْله : { فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا } قَالَ : عِنْد الْمُطَارَدَة يُصَلِّي حَيْثُ كَانَ وَجْهه , رَاكِبًا أَوْ رَاجِلًا , وَيَجْعَل السُّجُود أَخْفَض مِنْ الرُّكُوع , وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ يُومِئ إيمَاء . * حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ مُغِيرَة عَنْ إبْرَاهِيم فِي قَوْله : { فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا } قَالَ : صَلَاة الضِّرَاب رَكْعَتَيْنِ يُومِئ إيمَاء . * حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن إسْحَاق , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد , عَنْ سُفْيَان , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إبْرَاهِيم قَوْله : { فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا } قَالَ : يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ حَيْثُ كَانَ وَجْهه يُومِئ إيمَاء . 4311 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن إسْحَاق , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثنا إسْرَائِيل , عَنْ سَالِم , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر . { فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا } قَالَ : إذَا طَرَدَتْ الْخَيْل فَأَوْمِئْ إيمَاء . 4312 - حَدَّثَنَا أَحْمَد , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ مَالِك , عَنْ سَعِيد , قَالَ : يُومِئ إيمَاء . 4313 - حَدَّثَنَا أَحْمَد , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثنا هُشَيْم , عَنْ يُونُس , عَنْ الْحَسَن : { فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا } قَالَ : إذَا كَانَ عِنْد الْقِتَال صَلَّى رَاكِبًا أَوْ مَاشِيًا حَيْثُ كَانَ وَجْهه يُومِئ إيمَاء . 4314 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْل اللَّه : { فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا } أَصْحَاب مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْقِتَال عَلَى الْخَيْل , فَإِذَا وَقَعَ الْخَوْف فَلْيُصَلِّ الرَّجُل عَلَى كُلّ جِهَة قَائِمًا أَوْ رَاكِبًا , أَوْ كَمَا قَدَّرَ , عَلَى أَنْ يُومِئ بِرَأْسِهِ أَوْ يَتَكَلَّم بِلِسَانِهِ . * حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد بِنَحْوِهِ , إلَّا أَنَّهُ قَالَ : أَوْ رَاكِبًا لِأَصْحَابِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَقَالَ أَيْضًا : أَوْ رَاكِبًا , أَوْ مَا قَدَرَ أَنْ يُومِئ بِرَأْسِهِ , وَسَائِر الْحَدِيث مِثْله . 4315 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن أَبِي طَالِب , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك فِي قَوْله : { فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا } قَالَ : إذَا الْتَقَوْا عِنْد الْقِتَال وَطَلَبُوا , أَوْ طُلِبُوا , أَوْ طَلَبَهُمْ سَبُع , فَصَلَاتهمْ تَكْبِيرَتَانِ إيمَاء أَيّ جِهَة كَانَتْ . * حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك فِي قَوْله : { فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا } قَالَ : ذَلِكَ عِنْد الْقِتَال يُصَلِّي حَيْثُ كَانَ وَجْهه رَاكِبًا أَوْ رَاجِلًا إذَا كَانَ يَطْلُب أَوْ يَطْلُبهُ سَبُع , فَلِيُصَلِّ رَكْعَة يُومِئ إيمَاء , فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَلْيُكَبِّرْ تَكْبِيرَتَيْنِ . 4316 - حَدَّثَنَا سُفْيَان بْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ الْفَضْل بْن دَلْهَم , عَنْ الْحَسَن : { فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا } قَالَ : رَكْعَة وَأَنْت تَمْشِي , وَأَنْت يُوضَع بِك بَعِيرك , وَيَرْكُض بِك فَرَسك عَلَى أَيّ جِهَة كَانَ . 4317 - حَدَّثَنِي مُوسَى , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا } أَمَّا رِجَالًا : فَعَلَى أَرْجُلكُمْ إذَا قَاتَلْتُمْ , يُصَلِّي الرَّجُل يُومِئ بِرَأْسِهِ أَيْنَمَا تَوَجَّهَ , وَالرَّاكِب عَلَى دَابَّته يُومِئ بِرَأْسِهِ أَيْنَمَا تَوَجَّهَ . 4318 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : { فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا } الْآيَة . أَحَلَّ اللَّه لَك إذَا كُنْت خَائِفًا عِنْد الْقِتَال أَنْ تُصَلِّي وَأَنْت رَاكِب وَأَنْت تَسْعَى , تُومِئ بِرَأْسِك مِنْ حَيْثُ كَانَ وَجْهك إنْ قَدَرْت عَلَى رَكْعَتَيْنِ , وَإِلَّا فَوَاحِدَة . 4319 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ ابْن طَاوُس , عَنْ أَبِيهِ : { فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا } قَالَ : ذَاكَ عِنْد الْمُسَايَفَة . 4320 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سُوَيْد , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن الْمُبَارَك , عَنْ مَعْمَر , عَنْ الزُّهْرِيّ فِي قَوْله : { فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا } قَالَ : إذَا طَلَبَ الْأَعْدَاء فَقَدْ حَلَّ لَهُمْ أَنْ يُصَلُّوا قَبْل أَيْ جِهَة كَانُوا رِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا يُومِئُونَ إيمَاء رَكْعَتَيْنِ . وَقَالَ قَتَادَة : تُجْزِي رَكْعَة . 4321 - حُدِّثْت عَنْ عَمَّار , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع فِي قَوْله : { فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا } قَالَ : كَانُوا إذَا خَشَوْا الْعَدُوّ صَلَّوْا رَكْعَتَيْنِ رَاكِبًا كَانَ أَوْ رَاجِلًا . * حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إبْرَاهِيم فِي قَوْله : { فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا } قَالَ : يُصَلِّي الرَّجُل فِي الْقِتَال الْمَكْتُوبَة عَلَى دَابَّته , وَعَلَى رَاحِلَته حَيْثُ كَانَ وَجْهه , يُومِئ إيمَاء عِنْد كُلّ رُكُوع وَسُجُود , وَلَكِنَّ السُّجُود أَخْفَض مِنْ الرُّكُوع , فَهَذَا حِين تَأْخُذ السُّيُوف بَعْضهَا بَعْضًا ; هَذَا فِي الْمُطَارَدَة . * حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُعَاذ بْن هِشَام , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : كَانَ قَتَادَة يَقُول : إنْ اسْتَطَاعَ رَكْعَتَيْنِ وَإِلَّا فَوَاحِدَة يُومِئ إيمَاء , إنْ شَاءَ رَاكِبًا أَوْ رَاجِلًا , قَالَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره : { فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا } 4322 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُعَاذ بْن هِشَام , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ قَتَادَة , عَنْ الْحَسَن , قَالَ فِي الْخَائِف الَّذِي يَطْلُبهُ الْعَدُوّ , قَالَ : إنْ اسْتَطَاعَ أَنْ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ , وَإِلَّا صَلَّى رَكْعَة . 4323 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُعَاذ عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ يُونُس , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : رَكْعَة . 4324 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا شُعْبَة , قَالَ : سَأَلْت الْحَكَم وَحَمَّادًا وَقَتَادَة عَنْ صَلَاة الْمُسَايَفَة , فَقَالُوا : رَكْعَة . 4325 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا شُعْبَة , قَالَ : سَأَلْت الْحَكَم وَحَمَّادًا وَقَتَادَة عَنْ صَلَاة الْمُسَايَفَة , فَقَالُوا : يُومِئ إيمَاء حَيْثُ كَانَ وَجْهه . 4326 - حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , عَنْ حَمَّاد وَالْحَكَم وَقَتَادَة أَنَّهُمْ سُئِلُوا عَنْ الصَّلَاة عِنْد الْمُسَايَفَة , فَقَالُوا : رَكْعَة حَيْثُ وَجْهك . 4327 - حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِب , قَالَ : ثنا ابْن فُضَيْل , عَنْ أَشْعَث بْن سَوَّار , قَالَ : سَأَلْت ابْن سِيرِينَ , عَنْ صَلَاة الْمُنْهَزِم , فَقَالَ : كَيْفَ اسْتَطَاعَ . 4328 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , عَنْ سَعِيد بْن يَزِيد , عَنْ أَبِي نَضْرَة , عَنْ جَابِر بْن غُرَاب , قَالَ : كُنَّا نُقَاتِل الْقَوْم وَعَلَيْنَا هَرَم بْن حَيَّان , فَحَضَرَتْ الصَّلَاة , فَقَالُوا : الصَّلَاة الصَّلَاة ! فَقَالَ هَرَم : يَسْجُد الرَّجُل حَيْثُ كَانَ وَجْهه سَجْدَة . قَالَ : وَنَحْنُ مُسْتَقْبِلُو الْمَشْرِق . 4329 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , عَنْ الْجَرِيرِيّ , عَنْ أَبِي نَضْرَة , قَالَ : كَانَ هَرَم بْن حَيَّان عَلَى جَيْش فَحَضَرُوا الْعَدُوّ , فَقَالَ : يَسْجُد كُلّ رَجُل مِنْكُمْ تَحْت جَيْبه حَيْثُ كَانَ وَجْهه سَجْدَة , أَوْ مَا اسْتَيْسَرَ , فَقُلْت لِأَبِي نَضْرَة : مَا " مَا اسْتَيْسَرَ " ؟ قَالَ : يُومِئ . 4330 - حَدَّثَنَا سَوَّار بْن عَبْد اللَّه , قَالَ : ثنا بِشْر بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَبُو مَسْلَمَةَ , عَنْ أَبِي نَضْرَة , قَالَ : ثني جَابِر بْن غُرَاب , قَالَ : كُنَّا مَعَ هَرَم بْن حَيَّان نُقَاتِل الْعَدُوّ مُسْتَقْبِلِي الْمَشْرِق , فَحَضَرَتْ الصَّلَاة , فَقَالُوا الصَّلَاة , فَقَالَ : يَسْجُد الرَّجُل تَحْت جَيْبه سَجْدَة . 4331 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سُوَيْد بْن نَصْر , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن الْمُبَارَك , عَنْ عَبْد الْمَلِك بْن أَبِي سُلَيْمَان , عَنْ عَطَاء فِي قَوْله : { فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا } قَالَ : تُصَلِّي حَيْثُ تَوَجَّهْت رَاكِبًا وَمَاشِيًا , وَحَيْثُ تَوَجَّهْت بِك دَابَّتك , تُومِئ إيمَاء لِلْمَكْتُوبَةِ . 4332 - حَدَّثَنِي سَعِيد بْن عَمْرو السُّكُونِيّ , قَالَ : ثنا هِبَة بْن الْوَلِيد , قَالَ : ثنا الْمَسْعُودِيّ , قَالَ : ثني يَزِيد الْفَقِير , عَنْ جَابِر بْن عَبْد اللَّه , قَالَ : صَلَاة الْخَوْف رَكْعَة . 4333 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن إسْحَاق , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثنا مُوسَى بْن مُحَمَّد الْأَنْصَارِيّ , عَنْ عَبْد الْمَلِك , عَنْ عَطَاء فِي هَذِهِ الْآيَة , قَالَ : إذَا كَانَ خَائِفًا صَلَّى عَلَى أَيّ حَال كَانَ . 4334 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ مَالِك , وَسَأَلْته عَنْ قَوْل اللَّه : { فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا } قَالَ : رَاكِبًا وَمَاشِيًا , وَلَوْ كَانَتْ إنَّمَا عَنَى بِهَا النَّاس , لَمْ يَأْتِ إلَّا رِجَالًا , وَانْقَطَعَتْ الْأَلِف إنَّمَا هِيَ رِجَال مُشَاة . وَعَنْ : { يَأْتُوك رِجَالًا وَعَلَى كُلّ ضَامِر } قَالَ : يَأْتُونَ مُشَاة وَرُكْبَانًا . قَالَ أَبُو جَعْفَر : الْخَوْف الَّذِي لِلْمُصَلِّي أَنْ يُصَلِّي مِنْ أَجْله الْمَكْتُوبَة مَاشِيًا رَاجِلًا وَرَاكِبًا جَائِلًا : الْخَوْف عَلَى الْمُهِمَّة عِنْد السَّلَّة وَالْمُسَايَفَة فِي قِتَال مَنْ أُمِرَ بِقِتَالِهِ مِنْ عَدُوّ لِلْمُسْلِمِينَ , أَوْ مُحَارِب , أَوْ طَلَب سَبُع , أَوْ جَمَل صَائِل أَوْ سَيْل سَائِل , فَخَافَ الْغَرَق فِيهِ , وَكُلّ مَا الْأَغْلَب مِنْ شَأْنه هَلَاك الْمَرْء مِنْهُ إنْ صَلَّى صَلَاة الْأَمْن . فَإِنَّهُ إذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَلَهُ أَنْ يُصَلِّي صَلَاة شِدَّة الْخَوْف حَيْثُ كَانَ وَجْهه يُومِئ إيمَاء لِعُمُومِ كِتَاب اللَّه : { فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا } وَلَمْ يَخُصّ الْخَوْف عَلَى ذَلِكَ عَلَى نَوْع مِنْ الْأَنْوَاع , بَعْد أَنْ يَكُون الْخَوْف صِفَته مَا ذُكِرَتْ . وَإِنَّمَا قُلْنَا : إنَّ الْخَوْف الَّذِي يَجُوز لِلْمُصَلِّي أَنْ يُصَلِّي كَذَلِكَ هُوَ الَّذِي الْأَغْلَب مِنْهُ الْهَلَاك بِإِقَامَةِ الصَّلَاة بِحُدُودِهَا , وَذَلِكَ حَال شِدَّة الْخَوْف ; لِأَنَّ : 4335 - مُحَمَّد بْن حُمَيْد وَسُفْيَان بْن وَكِيع حَدَّثَانِي , قَالَا : ثنا جَرِير , عَنْ عَبْد اللَّه بْن نَافِع , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ ابْن عُمَر , قَالَ : قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاة الْخَوْف : " يَقُوم الْأَمِير وَطَائِفَة مِنْ النَّاس مَعَهُ , فَيَسْجُدُونَ سَجْدَة وَاحِدَة , ثُمَّ تَكُون طَائِفَة مِنْهُمْ بَيْنهمْ وَبَيْن الْعَدُوّ , ثُمَّ يَنْصَرِف الَّذِينَ سَجَدُوا سَجْدَة مَعَ أَمِيرهمْ , ثُمَّ يَكُونُونَ مَكَان الَّذِينَ لَمْ يُصَلُّوا , وَيَتَقَدَّم الَّذِينَ لَمْ يُصَلُّوا فَيُصَلُّونَ مَعَ أَمِيرهمْ سَجْدَة وَاحِدَة , ثُمَّ يَنْصَرِف أَمِيرهمْ وَقَدْ قَضَى صَلَاته , وَيُصَلِّي بَعْد صَلَاته كُلّ وَاحِد مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ سَجْدَة لِنَفْسِهِ , وَإِنْ كَانَ خَوْف أَشَدّ مِنْ ذَلِكَ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا " 4336 - حَدَّثَنِي سَعِيد بْن يَحْيَى الْأُمَوِيّ , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثنا ابْن جُرَيْجٍ , عَنْ مُوسَى بْن عُقْبَة , عَنْ نَافِع , عَنْ ابْن عُمَر , قَالَ : إذَا اخْتَلَطُوا - يَعْنِي فِي الْقِتَال - فَإِنَّمَا هُوَ الذِّكْر , وَأَشَارَ بِالرَّأْسِ . قَالَ ابْن عُمَر : قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " وَإِنْ كَانُوا أَكْثَر مِنْ ذَلِكَ فَيُصَلُّونَ قِيَامًا وَرُكْبَانًا " . فَفَصَلَ النَّبِيّ بَيْن حُكْم صَلَاة الْخَوْف فِي غَيْر حَال الْمُسَايَفَة وَالْمُطَارَدَة وَبَيْن حُكْم صَلَاة الْخَوْف فِي حَال شِدَّة الْخَوْف وَالْمُسَايَفَة , عَلَى مَا رُوِّينَا عَنْ ابْن عُمَر . فَكَانَ مَعْلُومًا بِذَلِكَ أَنَّ قَوْله تَعَالَى ذِكْره : { فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا } إنَّمَا عَنَى بِهِ الْخَوْف الَّذِي وَصَفْنَا صِفَته . وَبِنَحْوِ الَّذِي رَوَى ابْن عُمَر عَنْ النَّبِيّ رُوِيَ عَنْ ابْن عُمَر أَنَّهُ كَانَ يَقُول : 4337 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , عَنْ أَيُّوب , عَنْ نَافِع , عَنْ ابْن عُمَر أَنَّهُ قَالَ فِي صَلَاة الْخَوْف : يُصَلَّى بِطَائِفَةٍ مِنْ الْقَوْم رَكْعَة وَطَائِفَة تَحْرُس , ثُمَّ يَنْطَلِق هَؤُلَاءِ الَّذِينَ صَلَّى بِهِمْ رَكْعَة حَتَّى يَقُومُوا مَقَام أَصْحَابهمْ , ثُمَّ يُحْيِي أُولَئِكَ , فَيُصَلِّي بِهِمْ رَكْعَة , ثُمَّ يُسَلِّم , وَتَقُوم كُلّ طَائِفَة فَتُصَلِّي رَكْعَة . قَالَ . فَإِنْ كَانَ خَوْف أَشَدّ مِنْ ذَلِكَ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا . وَأَمَّا عَدَد الرَّكَعَات فِي تِلْكَ الْحَال مِنْ الصَّلَاة , فَإِنِّي أُحِبّ أَنْ لَا يَقْتَصِر مِنْ عَدَدهَا فِي حَال الْأَمْن , وَإِنْ قَصَّرَ عَنْ ذَلِكَ فَصَلَّى رَكْعَة رَأَيْتهَا مُجْزِئَة , لِأَنَّ : 4338 - بِشْر بْن مُعَاذ حَدَّثَنِي , قَالَ : ثنا أَبُو عَوَانَة , عَنْ بَكْر بْن الْأَخْنَس , عَنْ مُجَاهِد , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَالَ : فَرَضَ اللَّه الصَّلَاة عَلَى لِسَان نَبِيّكُمْ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَضَر أَرْبَعًا , وَفِي السَّفَر رَكْعَتَيْنِ , وَفِي الْخَوْف رَكْعَة .

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّه كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ } وَتَأْوِيل ذَلِكَ : فَإِذَا أَمِنْتُمْ أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ مِنْ عَدُوّكُمْ أَنْ يَقْدِر عَلَى قَتْلكُمْ فِي حَال اشْتِغَالكُمْ بِصَلَاتِكُمْ الَّتِي فَرَضَهَا عَلَيْكُمْ وَمَنْ غَيْره مِمَّنْ كُنْتُمْ تَخَافُونَهُ عَلَى أَنْفُسكُمْ فِي حَال صَلَاتكُمْ , فَاطْمَأْنَنْتُمْ , فَاذْكُرُوا اللَّه فِي صَلَاتكُمْ وَفِي غَيْرهَا , بِالشُّكْرِ لَهُ وَالْحَمْد وَالثَّنَاء عَلَيْهِ , عَلَى مَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَيْكُمْ مِنْ التَّوْفِيق لِإِصَابَةِ الْحَقّ الَّذِي ضَلَّ عَنْهُ أَعْدَاؤُكُمْ مِنْ أَهْل الْكُفْر بِاَللَّهِ , كَمَا ذَكَرَكُمْ بِتَعْلِيمِهِ إيَّاكُمْ , مِنْ أَحْكَامه , وَحَلَاله , وَحَرَامه , وَأَخْبَار مَنْ قَبْلكُمْ مِنْ الْأُمَم السَّالِفَة , وَالْأَنْبَاء الْحَادِثَة بَعْدكُمْ فِي عَاجِل الدُّنْيَا وَآجِل الْآخِرَة , الَّتِي جَهِلَهَا غَيْركُمْ , وَبَصَّرَكُمْ مِنْ ذَلِكَ وَغَيْره , إنْعَامًا مِنْهُ عَلَيْكُمْ بِذَلِكَ , فَعَلَّمَكُمْ مِنْهُ مَا لَمْ تَكُونُوا مِنْ قَبْل تَعْلِيمه إيَّاكُمْ تَعْلَمُونَ . وَكَانَ مُجَاهِد يَقُول فِي قَوْله : { فَإِذَا أَمِنْتُمْ } مَا : 4339 - حَدَّثَنَا بِهِ أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا وَكِيع , عَنْ سُفْيَان , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد : { فَإِذَا أَمِنْتُمْ } قَالَ : خَرَجْتُمْ مِنْ دَار السَّفَر إلَى دَار الْإِقَامَة . وَبِمِثْلِ الَّذِي قُلْنَا مِنْ ذَلِكَ قَالَ ابْن زَيْد . 4340 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد فِي قَوْله : . { فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّه } قَالَ : فَإِذَا أَمِنْتُمْ , فَصَلُّوا الصَّلَاة كَمَا افْتَرَضَ اللَّه عَلَيْكُمْ إذَا جَاءَ الْخَوْف , كَانَتْ لَهُمْ رُخْصَة . وَقَوْله هَهُنَا { فَاذْكُرُوا اللَّه } قَالَ : الصَّلَاة { كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ } وَهَذَا الْقَوْل الَّذِي ذَكَرْنَا عَنْ مُجَاهِد قَوْل غَيْره أَوْلَى

بِالصَّوَابِ مِنْهُ , لِإِجْمَاعِ الْجَمِيع عَلَى أَنَّ الْخَوْف مَتَى زَالَ فَوَاجِب عَلَى الْمُصَلِّي الْمَكْتُوبَة وَإِنْ كَانَ فِي سَفَر أَدَاؤُهَا بِرُكُوعِهَا وَسُجُودهَا وَحُدُودهَا , وَقَائِمًا بِالْأَرْضِ غَيْر مَاشٍ وَلَا رَاكِب , كَاَلَّذِي يَجِب عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ إذَا كَانَ مُقِيمًا فِي مِصْره وَبَلَده , إلَّا مَا أُبِيحَ لَهُ مِنْ الْقَصْر فِيهَا فِي سَفَره . وَلَمْ يَجْرِ فِي هَذِهِ الْآيَة لِلسَّفَرِ ذِكْر , فَيَتَوَجَّه قَوْله : { فَاذْكُرُوا اللَّه كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ } إلَيْهِ . وإنَّمَا جَرَى ذِكْر الصَّلَاة فِي حَال الْأَمْن وَحَال شِدَّة الْخَوْف , فَعَرَّفَ اللَّه سُبْحَانه وَتَعَالَى عِبَاده صِفَة الْوَاجِب عَلَيْهِمْ مِنْ الصَّلَاة فِيهِمَا , ثُمَّ قَالَ : فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَزَالَ الْخَوْف فَأَقِيمُوا صَلَاتكُمْ وَذِكْرِي فِيهَا وَفِي غَيْرهَا مِثْل الَّذِي أَوْجَبْته عَلَيْكُمْ قَبْل حُدُوث حَال الْخَوْف وَبَعْده . فَإِنْ كَانَ جَرَى لِلسَّفَرِ ذِكْر , ثُمَّ أَرَادَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره تَعْرِيف خَلْقه صِفَة الْوَاجِب عَلَيْهِمْ مِنْ الصَّلَاة بَعْد مَقَامهمْ لَقَالَ : فَإِذَا أَقَمْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّه كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ , وَلَمْ يَقُلْ : فَإِذَا أَمِنْتُمْ . وَفِي قَوْله تَعَالَى ذِكْره : { فَإِذَا أَمِنْتُمْ } الدَّلَالَة الْوَاضِحَة عَلَى صِحَّة قَوْل مِنْ وَجْه تَأْوِيل ذَلِكَ إلَى الَّذِي قُلْنَا فِيهِ , وَخِلَاف قَوْل مُجَاهِد .
وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِّأَزْوَاجِهِم مَّتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِيَ أَنفُسِهِنَّ مِن مَّعْرُوفٍ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌسورة البقرة الآية رقم 240
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاَلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّة لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إلَى الْحَوْل غَيْر إخْرَاج } يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِذَلِكَ : وَاَلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ أَيّهَا الرِّجَال , { وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا } يَعْنِي زَوْجَات كُنَّ لَهُ نِسَاء فِي حَيَاته , بِنِكَاحٍ لَا مِلْك يَمِين . ثُمَّ صُرِفَ الْخَبَر عَنْ ذِكْر مَنْ ابْتَدَأَ الْخَبَر بِذِكْرِهِ , نَظِير الَّذِي مَضَى مِنْ ذَلِكَ فِي قَوْله : { وَاَلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا } إلَى الْخَبَر عَنْ ذِكْر أَزْوَاجهمْ . وَقَدْ ذَكَرْنَا وَجْه ذَلِكَ , وَدَلَّلْنَا عَلَى صِحَّة الْقَوْل فِيهِ فِي نَظِيره الَّذِي قَدْ تَقَدَّمَ قَبْله , فَأَغْنَى ذَلِكَ عَنْ إعَادَته فِي هَذَا الْمَوْضِع . ثُمَّ قَالَ تَعَالَى ذِكْره : { وَصِيَّة لِأَزْوَاجِهِمْ } فَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَ بَعْضهمْ : { وَصِيَّة لِأَزْوَاجِهِمْ } بِنَصْبِ الْوَصِيَّة ; بِمَعْنَى : فَلْيُوصُوا وَصِيَّة لِأَزْوَاجِهِمْ , أَوْ عَلَيْهِمْ وَصِيَّة لِأَزْوَاجِهِمْ . وقَرَأَ آخَرُونَ : " وَصِيَّة وَلِأَزْوَاجِهِمْ " بِرَفْعِ " الْوَصِيَّة " . ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي وَجْه رَفْع الْوَصِيَّة ؟ فَقَالَ بَعْضهمْ : رُفِعَتْ بِمَعْنَى : كُتِبَتْ عَلَيْهِمْ الْوَصِيَّة , وَاعْتَلَّ فِي ذَلِكَ بِأَنَّهَا كَذَلِكَ فِي قِرَاءَة عَبْد اللَّه . فَتَأْوِيل الْكَلَام عَلَى مَا قَالَهُ هَذَا الْقَائِل : وَاَلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا كُتِبَتْ عَلَيْهِمْ وَصِيَّة لِأَزْوَاجِهِمْ , ثُمَّ تَرَكَ ذِكْر " كُتِبَتْ " , وَرُفِعَتْ الْوَصِيَّة وبِذَلِكَ الْمَعْنَى وَإِنْ كَانَ مَتْرُوكًا ذِكْره . وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ : بَلْ الْوَصِيَّة مَرْفُوعَة بِقَوْلِهِ : { لِأَزْوَاجِهِمْ } فَتَأَوَّلَ : لِأَزْوَاجِهِمْ وَصِيَّة . وَالْقَوْل الْأَوَّل أَوْلَى بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ , وَهُوَ أَنْ تَكُون الْوَصِيَّة إذَا رُفِعَتْ مَرْفُوعَة بِمَعْنَى : كُتِبَتْ عَلَيْكُمْ وَصِيَّة لِأَزْوَاجِكُمْ , لِأَنَّ الْعَرَب تُضْمِر النَّكِرَات مَرَافِعهَا قَبْلهَا إذَا أُضْمِرَتْ , فَإِذَا أُظْهِرَتْ بَدَأَتْ بِهِ قَبْلهَا , فَتَقُول : جَاءَنِي رَجُل الْيَوْم , وَإِذَا قَالُوا : رَجُل جَاءَنِي الْيَوْم , لَمْ يَكَادُوا أَنْ يَقُولُوهُ إلَّا وَالرَّجُل حَاضِر يُشِيرُونَ إلَيْهِ بِهَذَا , أَوْ غَائِب قَدْ عَلِمَ الْمُخْبَر عَنْهُ خَبَره , أَوْ بِحَذْفِ " هَذَا " وَإِضْمَاره , إنْ حَذَفُوهُ لِمَعْرِفَةِ السَّامِع بِمَعْنَى الْمُتَكَلِّم , كَمَا قَالَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره : { سُورَة أَنَزَلْنَاهَا } 24 1 و { بَرَاءَة مِنْ اللَّه وَرَسُوله } 9 1 فَكَذَلِكَ ذَلِكَ فِي قَوْله : { وَصِيَّة لِأَزْوَاجِهِمْ } وَأَوْلَى الْقِرَاءَتَيْنِ بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ عِنْدنَا قِرَاءَة مَنْ قَرَأَهُ رَفْعًا لِدَلَالَةِ ظَاهِر الْقُرْآن عَلَى أَنَّ مَقَام الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجهَا فِي بَيْت زَوْجهَا الْمُتَوَفَّى حَوْلًا كَامِلًا , كَانَ حَقًّا لَهَا قَبْل نُزُول قَوْله : { وَاَلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَة أَشْهُر وَعَشْرًا } 2 234 وَقَبْل نُزُول آيَة الْمِيرَاث . وَلِتَظَاهُرِ الْأَخْبَار عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الظَّاهِر مِنْ ذَلِكَ , أَوْصَى لَهُنَّ أَزْوَاجهنَّ بِذَلِكَ قَبْل وَفَاتهنَّ أَوْ لَمْ يُوصُوا لَهُنَّ بِهِ . فَإِنْ قَالَ قَائِل : وَمَا الدَّلَالَة عَلَى ذَلِكَ ؟ قِيلَ : لَمَّا قَالَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره . { وَاَلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّة لِأَزْوَاجِهِمْ } وَكَانَ الْمُوصِي لَا شَكّ إنَّمَا يُوصِي فِي حَيَاته بِمَا يُؤْمَر بِإِنْفَاذِهِ بَعْد وَفَاته , وَكَانَ مُحَالًا أَنْ يُوصِي بَعْد وَفَاته , كَانَ تَعَالَى ذِكْره إنَّمَا جَعَلَ لِامْرَأَةِ الْمَيِّت سُكْنَى الْحَوْل بَعْد وَفَاته ; عِلْمًا بِأَنَّهُ حَقّ لَهَا وَجَبَ فِي مَاله بِغَيْرِ وَصِيَّة مِنْهُ لَهَا , إذْ كَانَ الْمَيِّت مُسْتَحِيلًا أَنْ يَكُون مِنْهُ وَصِيَّة بَعْد وَفَاته . وَلَوْ كَانَ مَعْنَى الْكَلَام عَلَى مَا تَأَوَّلَهُ مَنْ قَالَ : فَلْيُوصِ وَصِيَّة , لَكَانَ التَّنْزِيل : وَاَلَّذِينَ يُحْضِرهُمْ الْوَفَاة وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّة لِأَزْوَاجِهِمْ , كَمَا قَالَ : { كُتِبَ عَلَيْكُمْ إذَا حَضَرَ أَحَدكُمْ الْمَوْت إنْ تَرْك خَيْرًا الْوَصِيَّة } وَبَعْد , فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ وَاجِبًا لَهُنَّ بِوَصِيَّةٍ مِنْ أَزْوَاجهنَّ الْمُتَوَفِّينَ , لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ حِلًّا لَهُنَّ إذَا لَمْ يُوصِ أَزْوَاجهنَّ لَهُنَّ قَبْل وَفَاتهمْ , وَلَكَانَ لِوَرَثَتِهِمْ إخْرَاجهنَّ قَبْل الْحَوْل , وَقَدْ قَالَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره : { غَيْر إخْرَاج } وَلَكِنْ الْأَمْر فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا ظَنَّهُ فِي تَأْوِيله قَارِئُهُ : { وَصِيَّة لِأَزْوَاجِهِمْ } بِمَعْنَى : أَنَّ اللَّه تَعَالَى كَانَ أَمَرَ أَزْوَاجهنَّ بِالْوَصِيَّةِ لَهُنَّ , وَإِنَّمَا تَأْوِيل ذَلِكَ : { وَاَلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا } كَتَبَ اللَّه لِأَزْوَاجِهِمْ عَلَيْكُمْ وَصِيَّة مِنْهُ لَهُنَّ أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ أَنْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ مَنَازِل أَزْوَاجهنَّ حَوْلًا , كَمَا قَالَ تَعَالَى ذِكْره فِي سُورَة النِّسَاء : { غَيْر مُضَارّ وَصِيَّة مِنْ اللَّه } 4 12 ثُمَّ تَرَكَ ذِكْر " كَتَبَ اللَّه " اكْتِفَاء بِدَلَالَةِ الْكَلَام عَلَيْهِ , وَرُفِعَتْ " الْوَصِيَّة " بِالْمَعْنَى الَّذِي قُلْنَا قَبْل . فَإِنْ قَالَ قَائِل : فَهَلْ يَجُوز نَصْب الْوَصِيَّة . . .. لَهُنَّ وَصِيَّة ؟ قِيلَ : لَا , لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا كَانَ يَكُون جَائِزًا لَوْ تَقَدَّمَ الْوَصِيَّة مِنْ الْكَلَام مَا يُصْلِح أَنْ تَكُون الْوَصِيَّة خَارِجَة مِنْهُ , فَأَمَّا وَلَمْ يَتَقَدَّمهُ مَا يَحْسُن أَنْ تَكُون مَنْصُوبَة بِخُرُوجِهَا مِنْهُ , فَغَيْر جَائِز نَصْبهَا بِذَلِكَ الْمَعْنَى . ذِكْر بَعْض مَنْ قَالَ : إنَّ سُكْنَى حَوْل كَامِل كَانَ حِلًّا لِأَزْوَاجِ الْمُتَوَفِّينَ بَعْد مَوْتهمْ عَلَى مَا قُلْنَا , أَوْصَى بِذَلِكَ أَزْوَاجهنَّ لَهُنَّ أَوْ لَمْ يُوصُوا لَهُنَّ بِهِ , وَأَنَّ ذَلِكَ نُسِخَ بِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْأَرْبَعَة الْأَشْهُر وَالْعَشْر وَالْمِيرَاث : 4341 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا الْحَجَّاج بْن مِنْهَال , قَالَ : ثنا هَمَّام بْن يَحْيَى , قَالَ : سَأَلْت قَتَادَة عَنْ قَوْله : - { وَاَلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّة لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إلَى الْحَوْل غَيْر إخْرَاج } ; فَقَالَ : كَانَتْ الْمَرْأَة إذَا تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجهَا كَانَ لَهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَة حَوْلًا فِي مَال زَوْجهَا مَا لَمْ تَخْرُج , ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بَعْد فِي سُورَة النِّسَاء , فَجَعَلَ لَهَا فَرِيضَة مَعْلُومَة الثَّمَن إنْ كَانَ لَهُ وَلَد , وَالرُّبُع إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَد , وَعِدَّتهَا أَرْبَعَة أَشْهُر وَعَشْرًا , فَقَالَ تَعَالَى ذِكْره : { وَاَلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَة أَشْهُر وَعَشْرًا } فَنَسَخَتْ هَذِهِ الْآيَة مَا كَانَ قَبْلهَا مِنْ أَمْر الْحَوْل . 4342 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إسْحَاق , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع . فِي قَوْله : { وَاَلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّة لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إلَى الْحَوْل غَيْر إخْرَاج } الْآيَة . قَالَ : كَانَ هَذَا مِنْ قَبْل أَنْ تَنْزِل آيَة الْمِيرَاث , فَكَانَتْ الْمَرْأَة إذَا تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجهَا , كَانَ لَهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَة حَوْلًا إنْ شَاءَتْ , فَنُسِخَ ذَلِكَ فِي سُورَة النِّسَاء , فَجَعَلَ لَهَا فَرِيضَة مَعْلُومَة : جَعَلَ لَهَا الثَّمَن إنْ كَانَ لَهُ وَلَد , وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَد فَلَهَا الرُّبُع وَجَعَلَ عِدَّتهَا أَرْبَعَة أَشْهُر وَعَشْرًا , فَقَالَ : { وَاَلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَة أَشْهُر وَعَشْرًا } . 4343 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ ابْن عَبَّاس قَوْله : { وَاَلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّة لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إلَى الْحَوْل غَيْر إخْرَاج } فَكَانَ الرَّجُل إذَا مَاتَ وَتَرَكَ امْرَأَته , اعْتَدَّتْ سَنَة فِي بَيْته , يُنْفِق عَلَيْهَا مِنْ مَاله ; ثُمَّ أَنَزَلَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره بَعْد : { وَاَلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَة أَشْهُر وَعَشْرًا } 2 234 فَهَذِهِ عِدَّة الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجهَا , إلَّا أَنْ تَكُون حَامِلًا , فَعِدَّتهَا أَنْ تَضَع مَا فِي بَطْنهَا , وَقَالَ فِي مِيرَاثهَا : { وَلَهُنَّ الرُّبُع مِمَّا تَرَكْتُمْ إنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَد فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَد فَلَهُنَّ الثُّمُن } 4 12 فَبَيَّنَ اللَّه مِيرَاث الْمَرْأَة , وَتَرَكَ الْوَصِيَّة وَالنَّفَقَة . 4344 - حُدِّثْنَا عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ , قَالَ : سَمِعْت عُبَيْد اللَّه بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { وَصِيَّة لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إلَى الْحَوْل غَيْر إخْرَاج } كَانَ الرَّجُل إذَا تُوُفِّيَ أَنْفَقَ عَلَى امْرَأَته فِي عَامه إلَى الْحَوْل , وَلَا تَزَوَّجَ حَتَّى تَسْتَكْمِل الْحَوْل . وَهَذَا مَنْسُوخ , نَسَخَ النَّفَقَة عَلَيْهَا الرُّبُع وَالثُّمُن مِنْ الْمِيرَاث , وَنَسَخَ الْحَوْل أَرْبَعَة أَشْهُر وَعَشْرًا . * وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا إسْحَاق , قَالَ : ثنا أَبُو زُهَيْر , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك فِي قَوْله : { وَاَلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيّه لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إلَى الْحَوْل غَيْر إخْرَاج } قَالَ : الرَّجُل إذَا تُوُفِّيَ أَنْفَقَ عَلَى امْرَأَته إلَى الْحَوْل , وَلَا تُزَوَّج حَتَّى يَمْضِي الْحَوْل , فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره : { وَاَلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَة أَشْهُر وَعَشْرًا } 2 234 فَنَسَخَ الْأَجَل الْحَوْل , وَنَسَخَ النَّفَقَة الْمِيرَاث الرُّبُع وَالثُّمُن . 4345 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ ابْن جُرَيْجٍ , قَالَ : سَأَلْت عَطَاء عَنْ قَوْله : { وَاَلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّة لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إلَى الْحَوْل غَيْر إخْرَاج } قَالَ : كَانَ مِيرَاث الْمَرْأَة مِنْ زَوْجهَا مِنْ رِيعه أَنْ تَسْكُن إنْ شَاءَتْ مِنْ يَوْم يَمُوت زَوْجهَا إلَى الْحَوْل , يَقُول : { فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاح عَلَيْكُمْ } الْآيَة . ثُمَّ نَسَخَهَا مَا فَرَضَ اللَّه مِنْ الْمِيرَاث . قَالَ : وَقَالَ مُجَاهِد : وَصِيَّة لِأَزْوَاجِهِمْ , سُكْنَى الْحَوْل , ثُمَّ نَسَخَ هَذِهِ الْآيَة بِالْمِيرَاثِ . 4346 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد : كَانَ لِأَزْوَاجِ الْمَوْتَى حِين كَانَتْ الْوَصِيَّة نَفَقَة سَنَة , فَنَسَخَ اللَّه ذَلِكَ الَّذِي كُتِبَ لِلزَّوْجَةِ مِنْ نَفَقَة السَّنَة بِالْمِيرَاثِ , فَجَعَلَ لَهَا الرُّبُع أَوْ الثُّمُن , وَفِي قَوْله : { وَاَلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَة أَشْهُر وَعَشْرًا } قَالَ : هَذِهِ النَّاسِخَة . ذِكْر مَنْ قَالَ : كَانَ ذَلِكَ يَكُون لَهُنَّ بِوَصِيَّةٍ مِنْ أَزْوَاجهنَّ لَهُنَّ بِهِ : 4347 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة قَوْله : { وَاَلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا } الْآيَة . قَالَ : كَانَتْ هَذِهِ مِنْ قَبْل الْفَرَائِض , فَكَانَ الرَّجُل يُوصِي لِامْرَأَتِهِ وَلِمَنْ شَاءَ , ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بَعْد , فَأَلْحَقَ اللَّه تَعَالَى بِأَهْلِ الْمَوَارِيث مِيرَاثهمْ , وَجَعَلَ لِلْمَرْأَةِ إنْ كَانَ لَهُ وَلَد الثُّمُن , وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَد فَلَهَا الرُّبُع . وَكَانَ يُنْفِق عَلَى الْمَرْأَة حَوْلًا مِنْ مَال زَوْجهَا , ثُمَّ تَحَوَّلَ مِنْ بَيْته , فَنَسَخَتْهُ الْعِدَّة أَرْبَعَة أَشْهُر وَعَشْرًا , وَنَسَخَ الرُّبُع أَوْ الثُّمُن الْوَصِيَّة لَهُنَّ , فَصَارَتْ الْوَصِيَّة لِذَوِي الْقَرَابَة الَّذِينَ لَا يَرِثُونَ . 4348 - حَدَّثَنِي مُوسَى , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { وَاَلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيّه لِأَزْوَاجِهِمْ } إلَى : { فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسهنَّ مِنْ مَعْرُوف } يَوْم نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة كَانَ الرَّجُل إذَا مَاتَ أَوْصَى لِامْرَأَتِهِ بِنَفَقَتِهَا وَسُكْنَاهَا سَنَة , وَكَانَتْ عِدَّتهَا أَرْبَعَة أَشْهُر وَعَشْرًا , فَإِنْ هِيَ خَرَجَتْ حِين تَنْقَضِي أَرْبَعَة أَشْهُر وَعَشْر انْقَطَعَتْ عَنْهَا النَّفَقَة , فَذَلِكَ قَوْله : { فَإِنْ خَرَجْنَ } وَهَذَا قَبْل أَنْ تَنْزِل آيَة الْفَرَائِض , فَنَسَخَهُ الرُّبُع وَالثُّمُن , فَأَخَذَتْ نَصِيبهَا , وَلَمْ يَكُنْ لَهَا سُكْنَى وَلَا نَفَقَة . 4349 - حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن الْمِقْدَام , قَالَ : ثنا الْمُعْتَمِر , قَالَ : سَمِعْت أَبِي , قَالَ : يَزْعُم قَتَادَة أَنَّهُ كَانَ يُوصِي لِلْمَرْأَةِ بِنَفَقَتِهَا إلَى رَأْس الْحَوْل . ذِكْر مَنْ قَالَ نَسَخَ ذَلِكَ مَا كَانَ لَهُنَّ مِنْ الْمَتَاع إلَى الْحَوْل مِنْ غَيْر بَيِّنَة عَلَى أَيّ وَجْه كَانَ ذَلِكَ لَهُنَّ : 4350 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ حَبِيب , عَنْ إبْرَاهِيم فِي قَوْله : { وَاَلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيّه لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إلَى الْحَوْل } قَالَ : هِيَ مَنْسُوخَة . * حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن الزِّبْرِقَان , قَالَ : ثنا أُسَامَة , عَنْ سُفْيَان , عَنْ حَبِيب بْن أَبِي ثَابِت , قَالَ : سَمِعْت إبْرَاهِيم يَقُول , فَذَكَرَ نَحْوه . 4351 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن وَاضِح , عَنْ حُصَيْن , عَنْ يَزِيد النَّحْوِيّ , عَنْ عِكْرِمَة وَالْحَسَن الْبَصْرِيّ , قَالَا : { وَاَلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّة لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إلَى الْحَوْل غَيْر إخْرَاج } نَسَخَ ذَلِكَ بِآيَةِ الْمِيرَاث , وَمَا فَرَضَ لَهُنَّ فِيهَا مِنْ الرُّبُع وَالثُّمُن , وَنَسَخَ أَجَل الْحَوْل أَنْ جَعَلَ أَجَلهَا أَرْبَعَة أَشْهُر وَعَشْرًا . 4352 - حَدَّثَنَا يَعْقُوب بْن إبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , عَنْ يُونُس , عَنْ ابْن سِيرِينَ , عَنْ ابْن عَبَّاس أَنَّهُ قَامَ يَخْطُب النَّاس هَهُنَا , فَقَرَأَ لَهُمْ سُورَة الْبَقَرَة , فَبَيَّنَ لَهُمْ فِيهَا , فَأَتَى عَلَى هَذِهِ الْآيَة : { إنْ تَرْك خَيْرًا الْوَصِيَّة لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ } 2 180 قَالَ : فَنُسِخَتْ هَذِهِ . ثُمَّ قَرَأَ حَتَّى أَتَى عَلَى هَذِهِ الْآيَة : { وَاَلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا } إلَى قَوْله : { غَيْر إخْرَاج } فَقَالَ : وَهَذِهِ . وَقَالَ آخَرُونَ : هَذِهِ الْآيَة ثَابِتَة الْحُكْم لَمْ يُنْسَخ مِنْهَا شَيْء . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 4353 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْل اللَّه : { وَاَلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَة أَشْهُر وَعَشْرًا } 2 234 قَالَ : كَانَتْ هَذِهِ لِلْمُعْتَدَّةِ تَعْتَدّ عِنْد أَهْل زَوْجهَا وَاجِبًا ذَلِكَ عَلَيْهَا , فَأَنْزَلَ اللَّه : { وَاَلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّة لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إلَى الْحَوْل غَيْر إخْرَاج } إلَى قَوْله : { مِنْ مَعْرُوف } قَالَ : جَعَلَ اللَّه لَهُمْ تَمَام السَّنَة سَبْعَة أَشْهُر وَعِشْرِينَ لَيْلَة وَصِيَّة , إنْ شَاءَتْ سَكَنَتْ فِي وَصِيَّتهَا , وَإِنْ شَاءَتْ خَرَجَتْ , وَهُوَ قَوْل اللَّه تَعَالَى ذِكْره : { غَيْر إخْرَاج فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاح عَلَيْكُمْ } قَالَ : وَالْعِدَّة كَمَا هِيَ وَاجِبَة . * حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 4354 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ ثنا شِبْل , عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ عَطَاء , عَنْ ابْن عَبَّاس أَنَّهُ قَالَ : نَسَخَتْ هَذِهِ الْآيَة عِدَّتهَا عِنْد أَهْله تَعْتَدّ حَيْثُ شَاءَتْ , وَهُوَ قَوْل اللَّه : { غَيْر إخْرَاج } قَالَ عَطَاء : إنْ شَاءَتْ اعْتَدَّتْ عِنْد أَهْله وَسَكَنَتْ فِي وَصِيَّة , وَإِنْ شَاءَتْ خَرَجَتْ لِقَوْلِ اللَّه تَعَالَى ذِكْره : { فَلَا جُنَاح عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسهنَّ } . قَالَ عَطَاء : جَاءَ الْمِيرَاث بِنَسْخِ السُّكْنَى تَعْتَدّ حَيْثُ شَاءَتْ , وَلَا سُكْنَى لَهَا . وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَال عِنْدِي فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ أَنْ يُقَال : إنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره كَانَ جَعَلَ لِأَزْوَاجِ مَنْ مَاتَ مِنْ الرِّجَال بَعْد مَوْتهمْ سُكْنَى حَوْل فِي مَنْزِله , وَنَفَقَتهَا فِي مَال زَوْجهَا الْمَيِّت إلَى انْقِضَاء السَّنَة . وَوَجَبَ عَلَى وَرَثَة الْمَيِّت أَنْ لَا يَخْرُجُوهُنَّ قَبْل تَمَام الْحَوْل مِنْ الْمَسْكَن الَّذِي يَسْكُنهُ , وَإِنْ هُنَّ تَرَكْنَ حَقّهنَّ مِنْ ذَلِكَ وَخَرَجْنَ لَمْ تَكُنْ وَرَثَة الْمَيِّت خُرُوجهنَّ فِي حَرَج . ثُمَّ إنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره نَسَخَ النَّفَقَة بِآيَةِ الْمِيرَاث , وَأَبْطَلَ مِمَّا كَانَ جَعَلَ لَهُنَّ مِنْ سُكْنَى حَوْل سَبْعَة أَشْهُر وَعِشْرِينَ لَيْلَة , وَرَدَّهُنَّ إلَى أَرْبَعَة أَشْهُر وَعَشْر عَلَى لِسَان رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . 4355 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الْحَكَم , قَالَ : ثنا حَجَّاج , قَالَ : أَخْبَرَنَا حَيْوَة بْن شُرَيْح , عَنْ ابْن عَجْلَان , عَنْ سَعِيد بْن إسْحَاق بْن كَعْب بْن عُجْرَة , وَأَخْبَرَهُ عَنْ عَمَّته زَيْنَب ابْنَة كَعْب بْن عُجْرَة , عَنْ فُرَيْعَة أُخْت أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ : أَنَّ زَوْجهَا خَرَجَ فِي طَلَب عَبْد لَهُ , فَلَحِقَهُ بِمَكَانٍ قَرِيب , فَقَاتَلَهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ أَعْبُد مَعَهُ , فَقَتَلُوهُ . فَأَتَتْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ : إنَّ زَوْجهَا خَرَجَ فِي طَلَب عَبْد لَهُ , فَلَقِيَهُ عُلُوج فَقَتَلُوهُ , وَإِنِّي فِي مَكَان لَيْسَ فِيهِ أَحَد غَيْرِي , وَإِنْ أَجْمَع لِأَمْرِي أَنْ أَنْتَقِل إلَى أَهْلِي . فَقَالَ لَهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " بَلْ اُمْكُثِي مَكَانك حَتَّى يَبْلُغ الْكِتَاب أَجَله " وَأَمَّا قَوْله : { مَتَاعًا } فَإِنَّ مَعْنَاهُ : جَعَلَ ذَلِكَ لَهُنَّ مَتَاعًا , أَيْ الْوَصِيَّة الَّتِي كَتَبَهَا اللَّه لَهُنَّ . وَإِنَّمَا نَصَبَ " الْمَتَاع " , لِأَنَّ فِي قَوْله : {

وَصِيَّة لِأَزْوَاجِهِمْ } مَعْنَى مَتَّعَهُنَّ اللَّه , فَقِيلَ مَتَاعًا مَصْدَرًا مِنْ مَعْنَاهُ , لَا مِنْ لَفْظه . وَقَوْله : { غَيْر إخْرَاج } فَإِنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره جَعَلَ مَا جَعَلَ لَهُنَّ مِنْ الْوَصِيَّة مَتَاعًا مِنْهُ لَهُنَّ إلَى الْحَوْل لَا إخْرَاجًا مِنْ مَسْكَن زَوْجهَا , يَعْنِي لَا إخْرَاج فِيهِ مِنْهُ حَتَّى يَنْقَضِي الْحَوْل , فَنَصَبَ " غَيْر " عَلَى النَّعْت لِلْمَتَاعِ كَقَوْلِ الْقَائِل : هَذَا قِيَام غَيْر قُعُود , بِمَعْنَى : هَذَا قِيَام لَا قُعُود مَعَهُ , أَوْ لَا قُعُود فِيهِ . وَقَدْ زَعَمَ بَعْضهمْ أَنَّهُ مَنْصُوب بِمَعْنَى : لَا تُخْرِجُوهُنَّ إخْرَاجًا . وَذَلِكَ خَطَأ مِنْ الْقَوْل , لِأَنَّ ذَلِكَ إذَا نُصِبَ عَلَى هَذَا التَّأْوِيل كَانَ نَصْبه مِنْ كَلَام آخَر غَيْر الْأَوَّل , وَإِنَّمَا هُوَ مَنْصُوب بِمَا نُصِبَ الْمَتَاع عَلَى النَّعْت لَهُ .

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاح عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسهنَّ مِنْ مَعْرُوف } / يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِذَلِكَ : أَنَّ الْمَتَاع الَّذِي جَعَلَهُ اللَّه لَهُنَّ إلَى الْحَوْل فِي مَال أَزْوَاجهنَّ بَعْد وَفَاتهمْ وَفِي مَسَاكِنهمْ وَنَهَى وَرَثَته عَنْ إخْرَاجهنَّ , إنَّمَا هُوَ لَهُنَّ مَا أَقَمْنَ فِي مَسَاكِن أَزْوَاجهنَّ , وَأَنَّ حُقُوقهنَّ مِنْ ذَلِكَ تَبْطُل بِخُرُوجِهِنَّ إنْ خَرَجْنَ مِنْ مَنَازِل أَزْوَاجهنَّ قَبْل الْحَوْل مِنْ قِبَل أَنْفُسهنَّ بِغَيْرِ إخْرَاج مِنْ وَرَثَة الْمَيِّت . ثُمَّ أَخْبَرَ تَعَالَى ذِكْره أَنَّهُ لَا حَرَج عَلَى أَوْلِيَاء الْمَيِّت فِي خُرُوجهنَّ وَتَرْكهنَّ الْحِدَاد عَلَى أَزْوَاجهنَّ ; لِأَنَّ الْمَقَام حَوْلًا فِي بُيُوت أَزْوَاجهنَّ وَالْحِدَاد عَلَيْهِ تَمَام حَوْل كَامِل لَمْ يَكُنْ فَرْضًا عَلَيْهِنَّ , وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ إبَاحَة مِنْ اللَّه تَعَالَى ذِكْره لَهُنَّ إنْ أَقَمْنَ تَمَام الْحَوْل مُحَدَّات , فَأَمَّا إنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاح عَلَى أَوْلِيَاء الْمَيِّت وَلَا عَلَيْهِنَّ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسهنَّ مِنْ مَعْرُوف , وَذَلِكَ تَرْك الْحِدَاد . يَقُول : فَلَا حَرَج عَلَيْكُمْ فِي التَّزَيُّن إنْ تَزَيَّنَّ وَتَطَيَّبْنَ وَتَزَوَّجْنَ , لِأَنَّ ذَلِكَ لَهُنَّ . وَإِنَّمَا قُلْنَا : لَا حَرَج عَلَيْهِنَّ فِي خُرُوجهنَّ , وَإِنْ كَانَ إنَّمَا قَالَ تَعَالَى ذِكْره : { فَلَا جُنَاح عَلَيْكُمْ } لِأَنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ عَلَيْهِنَّ فِي جُنَاح , لَكَانَ عَلَى أَوْلِيَاء الرَّجُل فِيهِ جُنَاح بِتَرْكِهِمْ إيَّاهُنَّ , وَالْخُرُوج مَعَ قُدْرَتهمْ عَلَى مَنْعهنَّ مِنْ ذَلِكَ . وَلَكِنْ لَمَّا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِنَّ جُنَاح فِي خُرُوجهنَّ وَتَرْك الْحِدَاد , وَضَعَ عَنْ أَوْلِيَاء الْمَيِّت وَغَيْرهمْ الْحَرَج فِيمَا فَعَلْنَ مِنْ مَعْرُوف , وَذَلِكَ فِي أَنْفُسهنَّ . وَقَدْ مَضَتْ الرِّوَايَة عَنْ أَهْل التَّأْوِيل بِمَا قُلْنَاهُ . فِي ذَلِكَ قَبْل .

وَأَمَّا قَوْله : { وَاَللَّه عَزِيز حَكِيم } فَإِنَّهُ يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره : وَاَللَّه عَزِيز فِي انْتِقَامه مِمَّنْ خَالَفَ أَمْره وَنَهْيه وَتَعَدَّى حُدُوده مِنْ الرِّجَال وَالنِّسَاء , فَمَنَعَ مَنْ كَانَ مِنْ الرِّجَال نِسَاءَهُمْ

وَأَزْوَاجهمْ مَا فَرَضَ لَهُنَّ عَلَيْهِمْ فِي الْآيَات الَّتِي مَضَتْ قَبْل مِنْ الْمُتْعَة وَالصَّدَاق وَالْوَصِيَّة وَإِخْرَاجهنَّ قَبْل انْقِضَاء الْحَوْل وَتَرْك الْمُحَافَظَة عَلَى الصَّلَوَات وَأَوْقَاتهَا , وَمَنْع مَنْ كَانَ مِنْ النِّسَاء مَا أَلْزَمَهُنَّ اللَّه مِنْ التَّرَبُّص عِنْد وَفَاة أَزْوَاجهنَّ عَنْ الْأَزْوَاج وَخَالَفَ أَمْره فِي الْمُحَافَظَة عَلَى أَوْقَات الصَّلَوَات { حَكِيم } فِيمَا قَضَى بَيْن عِبَاده مِنْ قَضَايَاهُ الَّتِي قَدْ تَقَدَّمَتْ فِي الْآيَات قَبْل قَوْله . { وَاَللَّه عَزِيز حَكِيم } وَفِي غَيْر ذَلِكَ مِنْ أَحْكَامه وَأَقْضِيَته .
الصفحة 1الصفحة 2الصفحة 3الصفحة 4الصفحة 5الصفحة 6الصفحة 7الصفحة 8الصفحة 9الصفحة 10